إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الـنَّــهْــيُ عَـنِ الــفَسَــادِ فِي الأَرْض

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الـنَّــهْــيُ عَـنِ الــفَسَــادِ فِي الأَرْض

    الـنَّــهْــيُ عَـنِ الــفَسَــادِ فِي الأَرْض

    خُطْبَةُ عِيدِ الفِطْر



    إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَديثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْي هَدْي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلَاَلَةٍ فِي النَّارِ.
    أَمَّا بَعْدُ: فَالْحَمْدُ للَّهِ الْقَائِلِ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ:﴿ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾، فَإِنّهَا لَنِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ أَنْ وَفَّقَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى إتْمَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ صِيَامًا وَقِيَامًا وَذِكْرًا لَهُ سُبْحَانهُ، وَحَرِيٌّ بِمَنْ اِتَّقَى اللَّهَ وَأَطَاعَهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَنْ يَفْرَحَ بِهَذَا الْفَضْلَ الْعَظِيمَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ:« لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِِ يفرَحهُما: إذاَ أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطَرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَقَالَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى:﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾، فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ وَاشْكُرُوهُ عَلَيهَا يَزِدْكُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ..


    عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا الْعِيدَ هُوَ يَوْمُ إِظْهَارِ شَعِيرَةٍ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، يُظْهِرُ الْمُؤْمِنُ فِيهَا فَرَحهُ بِالطَّاعَةِ وَشُكْرَهُ لِلنِّعْمَةِ، وَلَيْسَ عِيدُنَا عِيدَ بَطَرٍ وَلَا رِيَاءٍ وَلَا سُمْعَة، وَلَا عِيدَ اِسْتِكْبَارٍ وَلَا فَسَادٍ وَلَا مَعْصِيَةٍ..
    وَكَيْفَ يَفْرَحُ مَنْ كَانَ لِرَبِّهِ عَاصِيًا، وَلِأبويِهِ عَاقًّا، وَلِإِخْوَتِهِ هَاجِرًا، وَلِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ مُخاصِمًا ؟

    عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أكْرَمَكُمْ بِهَذَا الْيَوْمِ، فَاسْتَكْمِلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ وَصِلُوا أَرْحَامكُمْ صِلَةً لَا نِيَّةَ لِلْقَطْعِ بَعْدهَا، وَلَا تَجْعَلُوهَا خَاصَّةً بِيَوْمِ عِيدٍ، وَاحْذَرُوا قَطِيعَةَ الرَّحِمِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ:﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (*) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ﴾. [ محمد: ٢٣/٢٢]


    أَيّهَا الْمُسْلِمُونَ، اِعْلَمُوا أَنَّ صَلَاَح الْعَبْدِ هُوَ فِي تَوْحِيدِهِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَلَا يَصْرِفُ شَيْئًا مِنَ الْعِبَادَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِذَلِكَ يُحَقِّقُ مَعْنَى لَا إلَهَ إلا اللَّهُ، فَهُوَ يَقُولُ بِلِسَانِهِ لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلا اللَّهُ، وَيُحَقِّقُ ذَلِكَ بِأَقْوَالِهِ وَبِجوَارحِهِ، فَلَا يَسْجَدُ إِلاَّ لِلَّه، وَلَا يَذْبَحُ إِلاَّ لِلَّه، وَلَا يَدْعُو إِلاَّ اللَّه، وَلَا يُحِبُّ مَعَ اللَّهِ أحَدًا مِثْلَ حُبِّهِ لِلَّه..
    وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، مُوَافِقًا لِسُنَّةِ نَبِيِّهِ عَلَيهِ أفْضَل الصَّلاَةِ .
    فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ أَتَى عَلَى رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ سَاجِدٌ يَبْكِي فِي سُجُودِهِ وَيَدْعُو رَبَّهُ، فَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ: " أَنْتَ أَنْتَ!، لَوْ كَانَ هَذَا فِي بَيْتِكَ.." [ السير ٤/٧٥ ]
    وَهَذَا مِنْ حِرْصِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمْ عَلَى الْإِخْلاَصِ بِإِخْفَاءِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ.

    عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ الْعَاقِلَ مِنَ النَّاسِ هُوَ مَنْ يَسْعَى لِتَخْلِيصِ نَفْسِهِ مِنَ النَّارِ، فَلاَ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَعْدَ رَمَضَان، بَلْ عَلَيهِ أَنْ يُسَدِّدَ وَيُقَارِبَ وَيَسْأَلَ رَبَّهُ الْعَفْوَ وَالتَّوْفِيق.
    وَإِيَّاكُمْ وَالْحِرْصَ عَلَى الدُّنْيَا فَإِنّهَا دَارُ فَنَاءٍ لَا دَارُ بَقَاءٍ، فَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَال: " طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ عَشَاءً وَلَمْ يَجِدْ غَدَاءً، وَوَجَدَ غَدَاءً وَلَمْ يَجِدْ عَشَاءً، وَاللهُ عَنْهُ رَاضٍ " [ الزهد الكبير للبيهقي: ١٨٠ ].
    فَلَيِسَتِ الْمَنْزِلَةُ عِنْدَ اللَّهِ بِكَثْرَةِ الْمَال، وَإِنَّمَا الْأَكْرَمُ عِنْدَ اللَّهِ الأَتْقَى لَهُ سُبْحَانهُ.

    وَإِيَّاكُمْ وَطُولَ الْأَمَد- يَرَى الْإِنْسَانُ أَنَّ الْمُدَّةَ طَوِيلَةٌ فِي الْعِبَادَة- فَإِنَّ ذَلِكَ مَدْعَاةٌ لِقَسْوَةِ الْقَلْبِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ رَفَعَ الْحَرَجَ عَنْ أُمَّةِ الْإِسْلاَمِ فَلَمْ يُكَلِّفْهَا إِلاَّ مَا تُطِيق، وَقَدْ أَعَطَاهَا فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ الْأَجْرَ الْعَظِيمَ، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ فَعَمِلَتْ الْيَهُودُ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ، فَعَمِلَتْ النَّصَارَى، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ، فَأَنْتُمْ هُمْ، فَغَضِبَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلًا وَأَقَلَّ عَطَاءً؟ قَالَ هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟ قَالُوا لَا، قَالَ فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ » رواه البخاري.
    فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى نِعْمَةِ الْإِسْلاَمِ وَاطْلُبُوا ثَبَاتَهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلّ.


    مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ، يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ فِي عُلَاهُ: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ وَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ الْعِبَادَ هُمْ سَبَبُ مَا يَحْدُثُ فِي حَيَاتِهِمْ مِنَ الْبَلَايَا وَالْمِحَن.
    قَالَ الْإمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: "ومِنْ عُقُوبَاتِ الذُّنُوبِ: أَنَّهَا تُزِيلُ النِّعَمَ، وَتُحِلُّ النِّقَمَ، فَمَا زَالَتْ عَنِ الْعَبْدِ نِعْمَةٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَلَا حَلَّتْ بِهِ نِقْمَةٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: مَا نَزَلَ بَلَاءٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَلَا رُفِعَ إِلَّا بِتَوْبَةٍ.
    وَقَدْ قَالَ الله تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [سُورَةُ الشُّورَى: 30]. وَقَالَ: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 53].
    فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ نِعَمَهُ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى أَحَدٍ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُغَيِّرُ مَا بِنَفْسِهِ، فَيُغَيِّرُ طَاعَةَ اللَّهِ بِمَعْصِيَتِهِ، وَشُكْرَهُ بِكُفْرِهِ، وَأَسْبَابَ رِضَاهُ بِأَسْبَابِ سُخْطِهِ، فَإِذَا غَيَّرَ غُيِّرَ عَلَيْهِ، جَزَاءً وِفَاقًا، وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ، فَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْصِيَةَ بِالطَّاعَةِ، غَيَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ بِالْعَافِيَةِ، وَالذُّلَّ بِالْعِزِّ.
    وَقَالَ تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [سُورَةُ الرَّعْدِ: ١١ ].
    وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ الْإِلَهِيَّةِ، عَنِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: « وَعِزَّتِي وَجَلَالِي، لَا يَكُونُ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي عَلَى مَا أُحِبُّ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى مَا أَكْرَهُ، إِلَّا انْتَقَلْتُ لَهُ مِمَّا يُحِبُّ إِلَى مَا يَكْرَهُ، وَلَا يَكُونُ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي عَلَى مَا أَكْرَهُ، فَيَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى مَا أُحِبُّ، إِلَّا انْتَقَلْتُ لَهُ مِمَّا يَكْرَهُ إِلَى مَا يُحِبُّ » [ الجواب الكافي: ١٧٩/١٨٠ ].

    وقال أيضا رحمه الله:
    وَمِنْ تَأْثِيرِ مَعَاصِي اللَّهِ فِي الْأَرْضِ مَا يَحِلُّ بِهَا مِنَ الْخَسْفِ وَالزَّلَازِلِ، وَيَمْحَقُ بَرَكَتَهَا، وَقَدْ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى دِيَارِ ثَمُودَ، فَمَنَعَهُمْ مِنْ دُخُولِ دِيَارِهِمْ إِلَّا وَهُمْ بَاكُونَ، وَمِنْ شُرْبِ مِيَاهِهِمْ، وَمِنَ الِاسْتِسْقَاءِ مِنْ آبَارِهِمْ، حَتَّى أَمَرَ أَنْ لَا يُعْلَفَ الْعَجِينُ الَّذِي عُجِنَ بِمِيَاهِهِمْ ، لِتَأْثِيرِ شُؤْمِ الْمَعْصِيَةِ فِي الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ شُؤْمِ تَأْثِيرِ الذُّنُوبِ فِي نَقْصِ الثِّمَارِ وَمَا تُرْمَى بِهِ مِنَ الْآفَاتِ.
    وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ فِي ضِمْنِ حَدِيثٍ قَالَ: وُجِدَتْ فِي خَزَائِنِ بَعْضِ بَنِي أُمَيَّةَ، حِنْطَةٌ، الْحَبَّةُ بِقَدْرِ نَوَاةِ التَّمْرَةِ، وَهِيَ فِي صُرَّةٍ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا: كَانَ هَذَا يَنْبُتُ فِي زَمَنٍ مِنَ الْعَدْلِ، وَكَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ الْآفَاتِ أَحْدَثَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِمَا أَحْدَثَ الْعِبَادُ مِنَ الذُّنُوبِ.
    قال: وَأَخْبَرَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِ الصَّحْرَاءِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْهَدُونَ الثِّمَارَ أَكْبَرَ مِمَّا هِيَ الْآنَ، وَكَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ الْآفَاتِ الَّتِي تُصِيبُهَا لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهَا، وَإِنَّمَا حَدَثَتْ مِنْ قُرْبٍ. اهـ [ الجواب الكافي: ١٦١/١٦٠ ].

    وَقَدْ نَهَى رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْفسَادِ فِي الْأَرْضِ فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ مِنْ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ [الأعراف: ٥٦]، وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: ١٤٢]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: ٧٧]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ المُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾ [الشعراء: ١٥٢] .

    وَاعْلَمُوا جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْمُصْلِحِينَ، أَنَّ صُوَرَ الْفسَادِ كَثِيرَة وَأَشْكَالَهُ مُتَعَدِّدَة، وَأَنَّ بَعْضَهَا أَخْطَرُ مِنْ بَعْض:
    • فَأَخْطَرُ مَظَاهِرِ الْفسَادِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَأعْظَمُهَا [ الشِّرْكُ بِاللَّهِ تَعَالَى]
    قَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ وَصِيَّةِ الْحَكِيمِ لُقْمانَ لِاِبْنِهِ: ﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: ١٣ ]، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ- أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: « أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ » رواه البخاري ومسلم.

    • وَمِنْ أَعَظْمِ مَظَاهِرِ الْفسَاد: اِنْتِشَارُ[ السِّحْرِ وَالشَّعْوَذَةِ]

    وَهَذَا الْأَمْرُ مَعَ كَوْنِهِ كُفْراً بِاللَّهِ تَعَالَى كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ الْعَظِيم، مَعَ ذَلِكَ نَجِدُهُ- فِي غَالِبِ الأَحْيَانِ- هُوَ السَّبَبَ فِيمَا يَقَعُ مِنْ جَرَائِمَ وَمُنْكَرَاتٍ فِي الْمُجْتَمَع، فَانْتَشَرَتْ بِسَبَبِهِ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ مِنْ آفَاتٍ اِجْتِمَاعِيَّة وَمُنْكَرَاتٍ لَا أَخْلاَقِيَّة، مِنِ اِنْتِهَاكٍ لِلأَعْرَاضِ وَالْحُرُمَات وَعُدْوَانٍ عَلَى الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالْمُمْتَلَكَات، وَقَتْلٍ وَتَمْريضٍ لِلْأَنْفُسِ البَرِيئَات.

    • وَمِنْ مَظَاهِرِ الْفسَادِ فِي الْأَرْضِ[ العَمَلُ بِالْبِدْعَةِ فِي دِينِ اللَّهِ ]

    قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ﴾ [سورة المائدة : ٣ ].

    وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّم: « مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنهُ فَهُوَ رَدٌّ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
    قَالَ الْإمَامُ مَالِكٌ رحمَهُ اللَّه: " مَنِ ابْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- خَانَ الرِّسَالَةَ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ﴾ ، فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا، فَلَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا. " اهـ [ الاعتصام: ١/٦٤ ]
    فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ خَطَرِ الْبِدْعَةِ إِلاَّ أَنَّهُ تَعَدٍّ عَلَى حَقِّ اللَّهِ فِي التَّشْرِيع وَاِتِّهَامٌ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ بِكِتْمَانِ الْحَقِّ وَعَدَمِ التَّبْلِيغ لَكَانَ كَافِيًا لِلْعَاقِلِ أَنْ يَفِرَّ مِنَ الْبِدْعَةِ فِرَارَهُ مِنَ الْأَسَد.

    • وَمِنْ مَظَاهِرِ الْفسَادِ فِي الْأَرْضِ اِنْتِشَارُ[ التَّبَرُّج بَيْنَ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ]

    وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخَاطِبًا زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ وَهُنَّ أََطْهَرُ النِّسَّاء: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ﴾ [ الأحزاب ٣٣ ].
    وَذَلِكَ لِمَا فِي التَّبَرُّجِ مِنْ خَطَرٍ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ، فَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ » رواه البخاري ومسلم.
    وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ سَلَّمَ: « إنَّ الدُّنيا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُم فِيهَا لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فإنَّ أوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاء » رواه مسلم.
    وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم: « سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، عَلَى رُءُوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ؛ الْعَنُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ » أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي المُعْجَمِ الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِي، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ لِمُسْلِم: « لاَ يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ».

    • وَكَذَلِكَ مِنْ مَفَاسِدِ هَذَا الزَّمَانِ مَا صِرْنَا نَرَاهُ مِنْ[ تَشَبُّهِ بَعْضِ الشَّبَابِ بِالنِّسَاءِ]

    مِنْ وَضْعِ الْأَسَاوِرِ فِي أَيْدِيهِمْ وَالسَّلاَسِلِ فِي رِقَابِهِمْ بَلْ وَالْأَقْرَاطِ فِي آذَانِهِمْ!، وَقَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ فَاعِلَ ذَلِكَ، كَمَا فِي حَديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنهُمَا قَال: « لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ سَلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ » رواه البخاري.
    فَكَيْفَ يُؤَمِّلُ النَّاسُ نَزُولَ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ عَلَى بَلْدَةٍ يَلْعَنُ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- كَثِيرًا مِنْ سَاكِنِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيا بِسَبَبِ مُخَالَفَتِهِمْ لِأَمْرِ اللَّهِ وَاِتِّبَاعِ مَا يُسْخِطُهُ جَلَّ فِي عُلاَه، فَاِحْذَرُوا نِقْمَةَ اللَّهِ وَعَذَابَهُ.

    • وَمِنْ مَظَاهِرِ الْفسَادِ فِي الْأَرْضِ[ تَعَاطِي الرِّشْوَةِ] لِأَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ

    وَهِي مَا يُبْذَلُ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَجْلِ إِبْطَالِ حَقٍّ أَوْ إِحْقَاقِ بَاطِلٍ، فَهَذِهِ كَبِيرَةٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، اِسْتَحَقَّ فَاعِلُهَا الطَّرْدَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [ البقرة: ١٨٨ ].
    وَفِي الْحَديثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو- رَضِيَ اللَّه عَنهُمَا- قَالَ: « لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- الرَّاشِيَ والمُرتشيَ » رواه أبو داود وغيره.
    وَقَدْ اِنْتَشَرَ فِي زَمَانِنَا أُنَاسٌ ظَلَمَة مَنَعُوا النَّاسَ حُقُوقَهُمْ، وَفِي ذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ بِجَوَازِ دَفْعِ الْمَالِ مِنْ أَجَلْ أَخْذِ حَقٍّ أَوْ إِبْطَالِ بَاطِلٍ، بِخِلاَفِ الرِّشْوَةِ الَّتِي تُؤْخَذْ مِنْ أَجْلِ إِبْطَال حَقٍّ أَوْ إِحْقَاقِ بَاطِلٍ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ رحمَهُ اللَّه:" إِذَا أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً لِيَكُفَّ ظُلْمَهُ عَنهُ أَوْ لِيُعْطِيَهُ حَقَّهُ الْوَاجِب، كَانَتْ هَذِهِ الْهَدِيَّةُ حَرامًا عَلَى الآخِذِ، وَجَازَ لِلدَّافِعِ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَيْهِ"[ الْفَتَاوَى الْكُبْرَى: ١٧٤/٤].
    وَقَالَ الْعَلاَّمَةُ ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ:" أَمَّا الرِّشْوَةُ الَّتِي يَتَوَصَّلُ بِهَا الْإِنْسَانُ إِلَى حَقِّهِ، كَأَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْحُصُولُ عَلَى حَقِّهِ إلا بِشَيْءٍ مِنَ الْمَال، فَإِنَّ هَذَا حَرَامٌ عَلَى الآخِذِ وَلَيْسَ حَرامًا عَلَى الْمُعْطِي، لِأَنَّ الْمُعْطِيَ إِنَّمَا أَعْطَى مِنْ أَجْلِ الْوُصُولِ إِلَى حَقِّهِ، لَكِنَّ الآخِذَ الَّذِي أَخَذَ تِلْكَ الرِّشْوَةَ هُوَ الْآثِمُ لِأَنّهُ أَخَذَ مَا لَا يَسْتَحِق " [ فتاوى للموظفين والعمال: ١٧ ]

    • وَمِنْ مَظَاهِرِ الْفسَادِ فِي الْأَرْضِ[ التَّعَامُلُ بِالرِّبَا] وَالْمُجَاهَرَةُ بِذَلِكَ

    قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة: ٢٧٩/٢٧٨ ].
    فَقَدْ تَوَعَّدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آكَلَ الرِّبَا بِالْحَرْبِ فِي الدُّنْيَا، وَبِالْعَذَابِ الشَّدِيدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَال تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ [البقرة: ٢٧٥ ].
    وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَال: « لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ ».

    • وَمِنْ مَظَاهِرِ الْفسَادِ فِي الْأَرْضِ [ الخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ وَلِيِّ الأَمْرِ ]

    وَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِطَاعَتِهِمْ فَقَال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [ النساء ٥٩ ].
    وَقَدْ حَذَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَغَبَّةِ الْخُرُوجِ عَلَيهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَوْف بْنِ مَالِكٍ الأشْجَعِيِّ -رضي الله عنه- قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم، يَقُولُ: « خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُـحِبُّونَهُمْ وَيُــحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ » قَالُوا: قُلْنَا يَا رَسُولَ الله، أَفَلا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟، قَالَ: « لا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاةَ، لا مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاةَ، أَلا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ الله، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ الله، وَلا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ ».
    وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَــالَ: « مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِر، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَــــاهِلِيَّـــــةً » رواه البخاري ومسلم.
    وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، عَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ ، فَإِنَّهَا حَبْلُ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ ، وَمَا تَكْرَهُونَ فِي الْجَمَاعَةِ خَيْرٌ مِمَّا تُحِبُّونَ فِي الْفُرْقَةِ " رواه الآجري في [ الشريعة ص/١٣].
    وَقَدْ حَدَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ عَنْ ذَلِكَ وَهُمْ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدهُ، فَعَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ- رَضِيَ اللَّه عَنهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: « إِنَّهَا سَتَكُونُ بَـعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُـنْــكِرُونَهَا » قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ قَالَ: « تُؤَدُّونَ الْـحَقَّ الَّذِي عَـلَيْـكُمْ وَتَسْأَلُونَ الله الَّذِي لَــــكُمْ » رواه البخاري ومسلم.
    قَالَ الشَّيْخُ الْعَلاَّمَةُ اِبْنُ عُثَيْمِينَ- رَحِمَهُ اللَّهُ- مُعَلِّقًا عَلَى هَذَا الْحَديثِ:" إِنّهُ يَسْتَوْلِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ وُلاَةٌ يَسْتَأْثِرُونَ بِأَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ يَصْرِفُونَهَا كَمَا شَاءُوا وَيَمْنَعُونَ الْمُسْلِمِينَ حَقَّهُمْ فِيهَا، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَعَدَمُ الْإِثَارَةِ وَعَدَمُ التَّشْوِيشِ عَلَيْهِمْ، وَاِسْأَلُوا الْحَقَّ الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللَّه " [ شرح رياض الصالحين ١/١٢٧ ].

    • وَيَنْجُرُ عَنْ هَذَا الْفَسَادِ فسَادٌ آخَرُ لَا يَقِلُّ خُطُورَةً عَنهُ، أَلَا وَهُوَ[ زَعْزَعَةُ اِسْتِقْرَارِ الْبِلَادِ وَأَمْنِهَا]

    وَنِعْمَةُ الْأَمْنِ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ اِمْتَنَّ اللَّهُ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ فَقَالَ سُبْحَانهُ: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [ النحل: ١١٢ ].
    وَمِنْ أَسْبَابِ اِنْتِشَارِ الْعَبَثِ بِأَمْنِ الْبِلَادِ وَاسْتِقْرَارِهَا وَسَائِلُ الْإعْلاَمِ الَّتِي تَعْمَلُ عَلَى تَحْرِيضِ الْمُوَاطِنِينَ عَلَى الْحُكَّامِ لِيُصْبِحُوا أدَاةَ تَدْمِيرٍ وَتَخْرِيبٍ لِلْبِلاَد، فَيَجِدُوا مِنهُمْ مَادَّةً دَسِمَةً يَبُثُّونَهَا عَبْرَ قَنَوَاتِهِمْ وَصُحُفِهِمْ الْخَبِيثَة. فَاحْذَرُوا عِبَاد اللَّهِ مِنْ كُلُّ أَنْوَاعِ الْفسَادِ أَنْ تَكُونُوا مِنْ أهْلِهَا أَوْ تُعِينُوهُمْ أَوْ تَرْضَوْا بِعَمَلِهِمْ، فَإِنَّ عَاقِبَةَ الْمُفْسِدِينَ وَخِيمَةٌ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ.



    أَيُّهَا النَّاس، اِحْذَرُوا الرُّكونَ إِلَى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: ﴿ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [ لقمان: ٣٣ ].
    وَلَا تَكُونُوا عِبَاد اللَّهِ مِمَّنِ اِسْتَهْوَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَأَلْهَتْهُمْ بِالدُّنْيَا عَنِ الدِّينِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: ﴿ اِقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 1].
    قَالَ الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ -رَحِمَهُ الله-: " لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا مِنْ ذَهَبٍ يَفْنَى وَالْآخِرَةُ مِنْ خَزَفٍ يَبْقَى لَكَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَخْتَارَ خَزَفًا يَبْقَى عَلَى ذَهَبٍ يَفْنَى، فَكَيْفَ وَقَدِ اِخْتَرْنَا خَزَفًا يَفْنَى عَلَى ذَهَبٍ يَبْقَى؟! " [ الإحياء: ٢٠٧/٣ ].


    مَعَاشِرَ الْمُسْلِّمِين، وَنَحْنُ فِي يَوْمِ عِيدٍ إِيَّاكُمْ وَمُصَافَحَةَ النِّسَاءِ، فَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: « لَأنْ يُطعَنَ في رأسِ أَحَدِكُم بمِخيَطٍ من حديدٍ خيرٌ لهُ مِنْ أن يَمَسَّ امرأةً لا تَحِلُّ لهُ » رَوَاهُ المُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِي.
    وَلَا يُضِلَّنَّكُمْ عَدُوُّ اللَّهِ إبْلِيسُ وَذُرِّيَّتَهُ، فَيُخْتَمَ لَكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ بِمَعْصِيَةٍ وَيُفْتَحَ لَكُمْ يَوْمُ عِيدِكُمْ بِمَعْصِيَةٍ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يَرَى فِي زَوْجَةِ عَمِّهِ أَوْ خَالِهِ أَوْ أَيٍّ مِنْ أَقَارِبِهِ بَأْساً، وَهَذَا خِلَاَفٌ مَا كَانَ عَلَيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَهُمْ أَتْقَى النَّاس، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:« كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُبَايِعُ النِّسَاءَ بِالْكَلاَمِ بِهَذِهِ الْآيَة:﴿ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا﴾، قَالَتْ: وَمَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ إِلاَّ امْرَأَةً يَمْلِكُهَا » رواه البخاري.
    وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُتَأَسِّيًا فَلْيَتَأَسَّ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَبَرَّ هَذِهِ الأُمَّةِ قُلُوبًا وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا وَأَقْوَمَهَا هَدْيًا وَأَحْسَنَهَا حَالا، قَوْمًا اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ وَاتَّبِعُوهُمْ فِي آثَارِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ " رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي جَامِعِ بَيَانِ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ، وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وآله وَسَلَّمَ مِنْ أَحْرَصِ النَّاسِ عَلَى الْاِبْتِعَادِ عَنْ مَوَاطِنِ الشُّبُهَاتِ وَأَمَاكِنِ الْفِتَن ، فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ »، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمُو؟ قَالَ: « الْحَمُو الموتُ » رواه البخاري ومسلم، وَالمَقْصُودُ بِالحَمُو فِي الحَدِيث: أَقَارِبُ الزَّوْجِ مِثْلُ أَخِيهِ، وَعَمِّهِ، وَخَالِه، وَأَمَّا أَبُوهُ فَهُوَ مِنَ المَحَارِم.
    وَاحْذَرِي يَا أَمَةَ اللَّه أَنْ يَحْمِلَكَ الْخَجَلُ عَلَى مُصَافَحَةِ الرِّجَالِ كِبَارًا كَانُوا أَوْ شُبَّاناً، وَاِسْتَهْدِي بِاللَّهِ، وَاكْتَفِي بِطَيِّبِ الكَلاَمِ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ: عِيدُكُمْ مُبَارَك، تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنكُمْ، وَصَحَا عِيدكُمْ، وَنَحوهَا مِنَ الْعِبَارَاتِ الَّتِي أَلِفَهَا النَّاسُ فِي غَيْرِ مُخَالَفَةِ شَرَعَ اللَّه.

    جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولَو الْأَلْبَابَ.

    رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا الْأَعْمَالَ الصَّالِحَات وَتَجَاوَزْ عَنَّا مَا كَانَ مِنَ التَّقْصيرِ وَالسَّيِّئَات، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكُ وَالْمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمَناً مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.

    رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنكَ رَحْمَة إِنَّكَ أَنْتَ الْوهَابُ.

    اللَّهُمَّ لاَ تَدَعْ لَنا ذَنْباً إِلاَّ غَفَرْتَهُ، وَلاَ هَمّاً إِلاَّ فَرَّجْتَهُ، وَلاَ كَرْباً إِلاَّ نَفَّسْتَهُ، وَلاَ مَيْتاً إِلاَّ رَحِمْتَهُ، وَلاَ مَرِيضاً إِلاَّ شَفَيْتَهُ، وَلاَ دَيْناً إِلاَّ قَضَيْتَهُ، وَلاَ غَائِباً إِلاَّ حَفِظْتَهُ وَرَدَدْتَّهُ، ولاَ ضَالاًّ إِلاَّ هَدَيْتَهُ، وَلاَ مَظْلُوماً إِلاَّ نَصَرْتَه، وَلاَ ظَالِماً إِلاَّ خَذَلْتَهُ، وَلاَ عَسِيراً إِلاَّ يَسَّرْتَهُ، وَلاَ وَلَداً إِلاَّ أَصْلَحْتَهُ، وَلاَ عَيْباً إِلاَّ سَتَرْتَهُ، وَلاَ حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ هِيَ لَكَ رِضاً وَلَنا فِيها صَلاَحٌ إِلاَّ أَعَنْتَنا عَلَى قَضَائِهَا وَيَسَّرْتَهَا لَنا، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

    اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاَةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِمَا فِيهِ صَلاَحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ هَيِّئْ لَهُم الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ الَّتِي تَدُلُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَتَحُثُّهُمْ عَلَيهِ، وَجَنِّبْهُمْ بِطَانَةَ السُّوءِ، وَوَفِّقْهُمْ لِلصَّوَاب.
    اللَّهُمَّ اجْعَلْ وِلاَيَتَنَا فِيمَن خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ.

    رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمْ كَمَا رَبَّوْنَا صِغَارًا، اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَى المُسْلِمِين وَارْحَمْ مَوْتَاهُمْ وَعَافِ مُبْتَلاَهُمْ.

    وَصَلِّ اللَّهُمِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
    وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين.



    أَعَدَّ مَادَّتَهَا وَأَلْقَاهاَ
    أَبُو حَـــاتِم البُلَيْـــدِي
    ١ شوال ١٤٣٨ﻫ

  • #2
    جزاك الله خيرا ونفع بك ، نصحت فصدقت ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون

    تعليق


    • #3
      آمين وإياك أخي عبد الباسط

      تعليق

      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
      يعمل...
      X