بسم الله الرحمن الرحيم
ألا ترضى أن يصل شيّخك ومعلمك إلى مرتبة الربانيين ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
نرى أحيانا هلعا وخوفا واضطرابا في صفوفنا، لطعن المبتدعة أو المتعالمين أو العلمانيين بالكذب والبهتان والسفه والظلم وبالجمع بين سوء الفهم والقصد ممن يزعم النقد، في علماء السنة وشيوخها، أخي الحبيب اعلم أنه (بطعن هؤلاء وصبر العلماء) تأتي المنحة الربانية والجزاء الحسن، ويأتي النصر كما قال تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا} [سورة الأنعام، الآية: 34]، يقول الشيخ ابن عثيمين " وكلما قويت الأذية قرب النصر، وليس النصر مختصاً بأن ينصر الإنسان في حياته ويرى أثر دعوته قد تحقق بل النصر يكون ولو بعد موته بأن يجعل الله في قلوب الخلق قبولاً لما دعا إليه وأخذاً به وتمسكاً به فإن هذا يعتبر نصراً لهذا الداعية وإن كان ميتاً" شرح الأصول الثلاثة.
ويقول الإمام بن القيم موضحا ومجليا لهذه المرتبة.
"جهاد النفس أربع مراتب:
إحداها: أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به.
الثانية: أن يجاهدها على العمل به بعد علمه.
الثالثة: أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه.
الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله الله، فإذا أستكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين".
ثم يقول رحمه الله: وتمعن فيها أخي الحبيب " فإن السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانيا حتى يعرف الحق ويعمل به ويعلمه، فمن علم وعمل وعلم فذاك يدعى عظيما في ملكوت السماوات." زاد المعاد (3/9)[/size]
فصبرا إخواننا فإن الحق منصور بإذن الله عزوجل.
وفي الأخير أذكر كل متعالم وبخاصة في هذه الأيام يا من تزعم نصح مشايخنا وعلى رأسهم الشيخ فركوس حفظه الله هل جمعت بين حسن القصد والفهم في ردودك أم ضيعتهما ؟ هل وفقت للتفريق بين النصح والتعيير ؟ وظاهر حالك لم توفق لذلك والله المستعان قال ابن القيم رحمه الله:«النصيحةُ: إحسانٌ إلى مَنْ تنصحُه بصورةِ الرحمةِ له والشفقةِ عليه والغيرةِ له وعليه؛ فهو إحسانٌ محضٌ يَصْدُرُ عن رحمةٍ ورِقَّةٍ، ومُرادُ الناصحِ بها وجهُ اللهِ ورِضاهُ والإحسانُ إلى خَلْقه؛ فيتلطَّفُ في بَذْلِها غايةَ التلطُّف، ويحتمل أَذَى المنصوحِ ولَائِمَتَه، ويُعامِلُه مُعامَلةَ الطبيبِ العالمِ المُشْفِقِ للمريض المُشْبَعِ مرضًا، وهو يحتمل سُوءَ خُلُقِه وشَرَاسَتَه ونفرتَه، ويتلطَّفُ في وصولِ الدواء إليه بكُلِّ مُمْكِنٍ؛ فهذا شأنُ الناصح.
وأمَّا المُؤنِّبُ فهو: رجلٌ قَصْدُه التعييرُ والإهانةُ وذَمُّ مَنْ أنَّبَهُ وشَتْمُه في صورةِ النصح؛ فهو يقول له: «يا فَاعِلَ كذا وكذا، يا مُسْتَحِقًّا الذمَّ والإهانةَ» في صورةِ ناصحٍ مُشْفِقٍ.
وعلامةُ هذا: أنه لو رأى مَنْ يُحِبُّه ويُحْسِنُ إليه على مِثْلِ عَمَلِ هذا أو شرٍّ منه لم يَعْرِضْ له ولم يَقُلْ له شيئًا، ويَطْلُبُ له وجوهَ المَعاذير، فإِنْ غُلِبَ قال: «وأنَّى ضُمِنَتْ له العصمةُ؟ والإنسانُ عُرْضَةٌ للخطإ، ومَحَاسِنُه أَكْثَرُ مِنْ مَساويه، واللهُ غفورٌ رحيمٌ»، ونحو ذلك.
فيا عجبًا، كيف كان هذا لِمَنْ يُحِبُّه دون مَنْ يبغضه؟ وكيف كان حَظُّ ذلك منك التأنيبَ في صورة النصح، وحظُّ هذا منك رجاءَ العفوِ والمغفرةِ وطَلَبَ وجوهِ المَعاذير؟» من كتابه الروح
أخوكم أبو صهيب منير الجزائري.
تعليق