<بسملة1>
الحمد لله وحده لا شريك له إقرار به و توحيدا . و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما مزيدا . أما بعد :
قال الإمام ابن القيم <رحمه الله> : "فصلوات الله وسلامه على مَن يصدّق كلامُه بعضه بعضاً ، ويشهد بعضه لبعض ، فالاختلاف ، والإشكال ، والاشتباه إنما هو في الأفهام ، لا فيما خرج من بين شفتيه من الكلام ، والواجب على كل مؤمن أن يَكِلَ ما أشكل عليه إلى أصدق قائل ، ويعلم أن فوق كل ذي علم عليم" .[ مفتاح دار السعادة " ( 3 / 383 ) ]
و قال إمام الأئمة إسحاق بن خزيمة <رحمه الله> : "لا أعرف حديثين متضادين ، فمن كان عنده فليأتني به لأؤلف بينهما".[فتح المغيث (3/470)]
و إني لما رأيت بعض إخواننا يُحجم عن ذكر "إن شاء الله" بعد قوله "طهور" -للمريض- ، لفهم الله أعلم به كيف فهموه ، و لكن يغلب على الظن أنهم اعتقدوا دخوله في النهي عن تعليق الدعاء بالمشيئة ، فأحببت أن أنبه على هذا بالجمع بين الحديثين ، ناقلا كلام الأئمة رحمهم الله فيهما ، و الله من وراء القصد ، و هو الهادي إلى سواء السبيل .
الحديث الأول :
عَنِ أَبي هُرَيْرَةَ : عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَقُلْ أَحَدُكُمُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ، ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ ، وَلْيَعْزِمِ مَسْأَلَتَهُ ، إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ، لَا مُكْرِهَ لَهُ . .[متفق عليه (أخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 74) برقم: (6339) و مسلم في "صحيحه" (8 / 64) برقم: (2679)]
الحديث الثاني :
عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ ، فَقَالَ: كَلَّا ، بَلْ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ ، كَيْمَا تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَنَعَمْ إِذًا .[أخرجه البخاري في "صحيحه" (4 / 202) برقم: (3616) في كتاب المناقب - باب علامات النبوة في الإسلام . وغيره]
الجمع :
قال ابن القيم <رحمه الله> : وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى الْمَرِيضِ يَقُولُ لَهُ : ( لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ) وَ رُبَّمَا كَانَ يَقُولُ : ( كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ [1]) .[زاد المعاد ( 476 )]
و قال العيني <رحمه الله> في شرح الحديث الثاني:ويجوز أن يكون الشارع قد علم أنه سيموت من مرضه فقوله ( طهور إن شاء الله ) دعاء له بتكفير ذنوبه ، ويجوز أن يكون أخبر بذلك قبل موته بعد قوله . [عمدة القاري 16/ 149]
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين <رحمه الله> معقبا على كلام الحافظ ابن حجر في شرحه للحديث[2] : و يظهر لي أن الصواب خلاف ما قال الحافظ ، و أن هذه الجملة خبر ، و لكن قيدت بمشيئة لا باعتبار الحكم العام ، لأن الحكم العام أن مثل هذه الأمراض طهور ، لكن باعتبار نسبتها لهذا الشخص المعين ، لأنه قدد لا يصبر فلا تكون طهورا له .[شرحه على صحيح البخاري (9/326)]
وفق الله الجميع لما يحب و يرضى , وصلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
__________________________________________________ ________
[1] حديث أنس بن مالك، أخرجه أحمد في "مسنده" (6 / 2888) برقم: (13823) وأبو يعلى في "مسنده" (7 / 231) برقم: (4232)
[2] نقل الشيخ شرح الحافظ من فتح الباري ثم عقب على كلامه لأن الحافظ رآى أنه دعاء .
الحمد لله وحده لا شريك له إقرار به و توحيدا . و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما مزيدا . أما بعد :
قال الإمام ابن القيم <رحمه الله> : "فصلوات الله وسلامه على مَن يصدّق كلامُه بعضه بعضاً ، ويشهد بعضه لبعض ، فالاختلاف ، والإشكال ، والاشتباه إنما هو في الأفهام ، لا فيما خرج من بين شفتيه من الكلام ، والواجب على كل مؤمن أن يَكِلَ ما أشكل عليه إلى أصدق قائل ، ويعلم أن فوق كل ذي علم عليم" .[ مفتاح دار السعادة " ( 3 / 383 ) ]
و قال إمام الأئمة إسحاق بن خزيمة <رحمه الله> : "لا أعرف حديثين متضادين ، فمن كان عنده فليأتني به لأؤلف بينهما".[فتح المغيث (3/470)]
و إني لما رأيت بعض إخواننا يُحجم عن ذكر "إن شاء الله" بعد قوله "طهور" -للمريض- ، لفهم الله أعلم به كيف فهموه ، و لكن يغلب على الظن أنهم اعتقدوا دخوله في النهي عن تعليق الدعاء بالمشيئة ، فأحببت أن أنبه على هذا بالجمع بين الحديثين ، ناقلا كلام الأئمة رحمهم الله فيهما ، و الله من وراء القصد ، و هو الهادي إلى سواء السبيل .
الحديث الأول :
عَنِ أَبي هُرَيْرَةَ : عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَقُلْ أَحَدُكُمُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ، ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ ، وَلْيَعْزِمِ مَسْأَلَتَهُ ، إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ، لَا مُكْرِهَ لَهُ . .[متفق عليه (أخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 74) برقم: (6339) و مسلم في "صحيحه" (8 / 64) برقم: (2679)]
الحديث الثاني :
عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ ، فَقَالَ: كَلَّا ، بَلْ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ ، كَيْمَا تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَنَعَمْ إِذًا .[أخرجه البخاري في "صحيحه" (4 / 202) برقم: (3616) في كتاب المناقب - باب علامات النبوة في الإسلام . وغيره]
الجمع :
قال ابن القيم <رحمه الله> : وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى الْمَرِيضِ يَقُولُ لَهُ : ( لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ) وَ رُبَّمَا كَانَ يَقُولُ : ( كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ [1]) .[زاد المعاد ( 476 )]
و قال العيني <رحمه الله> في شرح الحديث الثاني:ويجوز أن يكون الشارع قد علم أنه سيموت من مرضه فقوله ( طهور إن شاء الله ) دعاء له بتكفير ذنوبه ، ويجوز أن يكون أخبر بذلك قبل موته بعد قوله . [عمدة القاري 16/ 149]
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين <رحمه الله> معقبا على كلام الحافظ ابن حجر في شرحه للحديث[2] : و يظهر لي أن الصواب خلاف ما قال الحافظ ، و أن هذه الجملة خبر ، و لكن قيدت بمشيئة لا باعتبار الحكم العام ، لأن الحكم العام أن مثل هذه الأمراض طهور ، لكن باعتبار نسبتها لهذا الشخص المعين ، لأنه قدد لا يصبر فلا تكون طهورا له .[شرحه على صحيح البخاري (9/326)]
وفق الله الجميع لما يحب و يرضى , وصلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
__________________________________________________ ________
[1] حديث أنس بن مالك، أخرجه أحمد في "مسنده" (6 / 2888) برقم: (13823) وأبو يعلى في "مسنده" (7 / 231) برقم: (4232)
[2] نقل الشيخ شرح الحافظ من فتح الباري ثم عقب على كلامه لأن الحافظ رآى أنه دعاء .
تعليق