إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المختصر النفيس من كتاب إمتاع الجليس شرح عقائد الإيمان للإمام ابن باديس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المختصر النفيس من كتاب إمتاع الجليس شرح عقائد الإيمان للإمام ابن باديس

    بسم الله الرحمن الرحيم

    المختصر النفيس

    من كتاب إمتاع الجليس شرح عقائد الإيمان للإمام ابن باديس
    لشيخنا العلامة:
    أبي عبد المعز محمد علي فركوس
    حفظه الله تعالى


    إن الحمد لله نحمده، و نستعينه و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا، و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لله و من يضلل فلا هادي له.
    و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله.
    أما بعد، فإن من أجلّ أبواب الوحيد وأعظمها قدرا توحيد الأسماء والصفات، لارتباطه بالله عز وجل في ذاته وأسمائه وصفاته، إذ كمال الذات بأسمائها الحسنى وصفاتها العليا، وقد وصف الله تعالى نفسه في كتابه العزيز وعلى لسان نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بأكمل الأوصاف كما يليق بجلاله وعظمتها سبحانه، ليعرِّف العبد بربه، حتى إذا عرفه وحّده وأنس به، واستحى من قربه، وعبده كأنه يراه، لذلك كان أنفع العلوم علم التوحيد، ومنه علم الأسماء والصفات؛ لأن شرف العلم بشرف المعلوم، فالعلم بأسماء الله وصفاته أشرف العلوم.
    وإن ممن خدم هذا العلم العظيمَ الشيخ عبد الحميد ابن باديس رحمه الله تعالى، وبين مذهب السلف في أسماء الله تعالى وصفاته، وقد استقى رحمه الله منابع استدلاله من المصدر القرآني واتخذه وسيلة للكشف عن حقيقة المعرفة بالله تعالى، فألف كتاب "العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية".
    وقد خدم علم هذا الإمام ومصنفاته شيخنا العلامة محمد علي فركوس حفظه الله تعالى تحقيقا وتعليقا وشرحا، ومنه خدمة هذا الكتاب بالشرح والتعليق في كتاب ماتع سماه : "إمتاع الجليس شرح عقائد الإيمان للإمام ابن باديس ومنهجه في تقرير أسماء الله وصفاته" فجزاه الله خيرا.
    وهذه مذكرة على شرح الشيخ محمد فركوس حفظه الله تعالى لهذا الكتاب نسأل الله تعالى أن ينفعنا بها.

    عقائد الإيمان
    [الوجود والقدم والبقاء]
    الوجود

    الله تعالى موجود لذاته، لم يسبِق وجودَه عدم، ووجوده من ذاته لذاته، لا من سبب خارج، ولا لعلة خارجة.
    وهذه من العبارات التي أحدثها الفلاسفة؛ لكن معناها ثابت صحيح :
    قال الله تعالى {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد 3].
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أبي هريرة : "اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء".
    وقد أجمع السلف على هذا.
    أنواع الوجود

    1 _ ما يجب وجوده لذاته : وهو الله تعالى، فهو الموجود الأول الأزلي الغني عما سواه.
    2 _ ما يمتنع وجوده لذاته : وهو المحال، كالجمع بين الضدين، كالبياض والسواد في محل واحد، أو بين النقيضين، ككون الشيء موجودا ومعدوما في آن واحد.
    3 _ ما يكون لذاته جائز الوجود والعدم –الممكن-: وهو المفتقر إلى سبب مؤثر فيه خارج عن ذاته، كالعالَم وسائر أجزائه.

    تنبيه مهم

    وجود الله تعالى الواجب لذاته، ووجود غيره من الكائنات وإن اتفقا في التسمية فإنهما لا يتماثلان في الأعيان، فوجود الله تعالى ليس كوجود غيره، فهو سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى 11]، و{وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص 4].

    القديم

    يطلق اسم القديم على الله تعالى من باب الإخبار - باب الإخبار أوسع من باب الأسماء والصفات -، ولا يدخل في أسماء الله تعالى ولا صفاته؛ لم يرد نص من الشرع على صحيته، ويغني عنه اسم الله تعالى "الأول" الوارد في النصوص الشرعية
    ومعناه : هو الذي لم يسبق وجودَه وجودٌ، وهو المتقدم على غيره.
    الباقي

    البقاء صفة ذاتية خاصة بالله تعالى، ومعناها: الدائم الموصوف بالبقاء الذي لا نهاية لوجوده ولا يستولي عليه فناء، فهو الذي لا يلحق وجوده عدم، فلا نهاية لوجوده.
    ومن أدلة صفة البقاء قوله تعالى { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن 27].

    مهم

    اختلف العلماء في عد الباقي من أسماء الله تعالى؛ وسبب ذلك راجع إلى الحكم على الروايات التي سردت أسماء الله تعالى الحسنى.

    [سبق وجوده لكل موجود]

    فهو سبحانه الموجود الذي سبق وجوده كل موجود، فكل ما سواه تعالى محدث مخلوق، كائن بعد أن لم يكن، وما كان وجود إلا بموجده الخالق له، فكان الله تعالى بجميع صفاته العلى وما كان شيء قبله ولا معه، ثم أوجد المخلوقات من العدم.
    من أدلة ذلك :
    1 _ من القرآن :
    قال الله تعالى {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد 3].
    وقال عز وجل {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان 2].
    2 _ من السنة :
    قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أبي هريرة : "اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء".
    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كان الله ولم يكن شيء قبله" رواه البخاري عن عمران بن حصين.

    [غناؤه عن كل موجود]

    لله تعالى الغنى التام المطلق من كل وجه، لا يعتريه نقص ولا يلحقه عيب لكماله سبحانه وتعالى، وغناه ثابت لذاته لا لأمر أوجب ذلك.
    والخلق فقراء محتاجون إلى ربهم بالذات من غير علة، أما ما يذكر من علل الحاجة سواء كانت من الإمكان أو الحدوث و الاحتياج فإنما هي أدلة على الافتقار وليست عللا.
    أدلة كمال غنى الله تعالى :
    1 _ من القرآن :
    قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر 15].
    وقال عز وجل {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} [الأنعام 14].
    وقال تعالى{وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ} [محمد 38].
    وقال تعالى{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [الحديد 24].
    2 _ من السنة :
    روى مسلم عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال : "يا عبادي كلكم جائع، إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار، إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي، فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد، ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر".
    فمن غنى الله تعالى أن لو أعطى الأولين والآخرين من الثقلين ما سألوه مجتمعين ما نقص من ملكه شيء.
    ومن غناه أن لا يزيده شيء من طاعة المخلوقات، ولا ينقصه شيء من فجور الفجار.
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "قال الله عز وجل : يد الله ملأى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار، وقال : أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض، فإنه لم يغض ما في يده، وكان عرشه على الماء" متفق عليه.
    فمن غناه أن ملك الله تعالى ما ينقصه شيء مما ينفقه على الخلق.
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2021-03-22, 07:22 AM.

  • #2
    جزاك الله خيراً أخي يوسف

    تعليق


  • #3
    [عقيدة الإثبات والتنزيه]
    إن علم الأسماء والصفات مع شرفه وفضله، فقد زلت في أبوابه معظم الأقدام، وضلت فيها الأفهام، فافترق الناس إلى مشبه وممثل، وإلى معطل ومؤول، وهدى الله أهل السنة والجماعة، فسد فهمهم على أصلين راسخين :
    _ إثبات بلا تشبيه.
    _ تنزيه بلا تعطيل.
    قواعد في باب الأسماء والصفات
    لأهل السنة قواعد مثلى في باب الأسماء والصفات دلت عليها النصوص الشرعية، منها :
    1 _ أن صفات الله توقيفية، فلا نثبت منها إلا ما أثبته الله لنفسه، أو ما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا ننفي عنه إلا ما نفاه الله تعالى عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، مع إثبات كمال ضده.
    2 _ كل صفة ثبتت بالنقل الصحيح وافقت العقل الصريح ولابد.
    3 _ كل اسم متضمن لصفة ولا عكس.
    4 _ النفي ليس فيه كمال ولا مدح، إلا إذا تضمن إثباتا.
    5 _ الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه وصفاته، بل يطلق عليه منها كمالها.
    6 _ صفات الله تعالى ذاتية وفعلية، فالذاتية ل تنفك عن الذات ولا تتعلق بها مشيئة وقدرة.
    والفعلية تتعلق بها المشيئة والقدرة، وهي لا منتهى لها.
    7 _ القول في الصفات كالقول في الذات، والقول في بعضها كالقول في البعض الآخر.

    [أركان الإيمان بأسماء الله تعالى]
    إن الإيمان بأسماء الله تعالى الحسنى لا يتم إلا بثلاثة أركان :
    الركن الأول : الإيمان بالاسم، ويتضمن ثلاثة أمور :
    1 _ إثبات الاسم حقيقة.
    2 _ تنزيه الله تعالى عن مماثلة المخلوقات، فإنَّ اتفاق بعض الأسماء وتماثلها لا يعني تماثل المسميات.
    3 _ الإيمان بأن أسماء الله تعالى كلها حسنى، وهي متضمنة لصفات كاملة الحسن، لا نقص فيها من أي وجه.
    فائدة : الحسن في أسماء الله تعالى يكون :
    • إما باعتبار كل اسم على انفراده.
    • أو باعتبار ضمه إلى غيره، فيجتمع الحسن مع غيره.
    الركن الثاني : الإيمان بما دل عليه الاسم من معنى، ويتضمن :
    1 _ الإيمان بأن كل اسم من أسماء الله الحسنى له معنى معلوم يخصه من جهة اللفظ غير معنى الاسم الآخر، وهو غير معلوم من جهة الكيفية.
    2 _ الإيمان بأن أسماء الله أعلام وأوصاف، أعلام باعتبار دلالتها على الذات، وأوصاف باعتبار دلالتها على المعنى.
    الركن الثالث : الإيمان بالآثار المترتبة على الاسم الدال على الوصف المتعدي، أما الاسم الدال على الوصف اللازم فلا علاقة له بالركنين السابقين.
    والمراد بالأثر هو الحكم والمقتضى، فظهور مقتضى الاسم الدال على الوصف المتعدي من صفات الكمال المقدس والملك التام.

    تعليق


    • #4
      جزاك الله خيرا وبارك فيك أخي يوسف

      تعليق


    • #5
      [لا تحيط العقول به]
      إن العقول تعجز عن الإحاطة بذات الله وأسمائه وصفاته؛ لكمال عظمته وجلاله؛ ولأن الإنسان محدود في علمه وقدرته، وليس من الله تعالى شيء محدود، ولا يحيط المحدود بغير المحدود.
      قال الله تعالى {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه 110].
      وقال عز وجل {وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء 85].
      روى مسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك".
      روى ابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما قال عبد قط، إذا أصابه هم أو حزن : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي..." الحديث. صححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح التغريب والترهيب (1822).
      تنبيه مهم : عجز الخلق عن الإحاطة بذات الله تعالى لا يلزم منه عدم رؤية الله تعالى، ولا عدم العلم به ولا عدم الثناء عليه.

      [إطلاق الحد على الله تعالى]
      إطلاق السلف لفظ الحد على الله تعالى ليس من باب الصفات، بل من باب الإخبار، واستعملوه في النفي والإثبات.
      فمن جهة النفي، فالمعنى : أن الله تعالى غير مدرك بالإحاطة؛ لعجز الخلق عن ذلك، وعن أن يحدوا الخالق أو يقدروه أو يبلغوا صفته.
      فهو نفي إحاطة علم البشر به أن يحدوه أو يصفوه على ما هو عليه إلا بما أخبر به عن نفسه سبحانه.
      وأما من جهة الإثبات، فمعناه : إثبات علو الله تعالى على خلقه واستوائه على عرشه وانفصاله عن خلقه وعدم اختلاطه بهم أو الحلول فيهم.
      فحد الله تعالى لا يعلمه إلا هو سبحانه.

      [صفة الحياة]
      الحياة من صفات الله تعالى، وهي صفة ذاتية لله، هي حياة كاملة أبدية، لم يسبقها عدم ولا يلحقها موت أو فناء، ولا يعتريها نقص ولا آفة.
      أدلة صفة الحياة :
      1 _ من القرآن :
      قال الله تعالى {اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة 255].
      وقال تعالى {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه 111].
      وقال عز وجل {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان 58].
      2 _ من السنة :
      روى مسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : "اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، اللهم إني أعوذ بعزتك، لا إله إلا أنت، أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون".
      وروى الحاكم في المستدرك ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل به هم أو غم قال : "يا حي، يا قيوم، برحمتك أستغيث" حسنه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (4791).

      [صفة القدرة]
      القدرة من صفات الله تعالى، وهي من صفاته الذاتية الثابتة لله تعالى، والله تعالى له القدرة التامة، فلا يعتريه عجز ولا نصب ولا فتور، ومن آثارها إيجاد الموجودات وتدبيرها وإحكامها.
      أدلة صفة القدرة :
      1 _ من القرآن :
      قال الله تعالى {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} [الأنعام 65].
      وقال تعالى {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات 23].
      وقال تعالى {إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة 20].
      وقال عز وجل {أَلَيْسَ ذَٰلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ} [القيامة 40].
      2 _ من السنة :
      روى مسلم عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل باسم الله ثلاثا، وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر".
      وروى أيضا عن أبي مسعود البدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اعلم، أبا مسعود، أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام".

      تعليق


      • #6
        بارك الله فيك أخي يوسف، ووفقك الله لكل خير.
        اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
        وسيم بن أحمد قاسيمي -غفر الله له-

        تعليق


        • يوسف صفصاف
          يوسف صفصاف تم التعليق
          تعديل التعليق
          آمين وإياك أخي الحبيب

      • #7
        [صفة الإرادة]
        من صفات الله تعالى المشيئة والإرادة المطلقة، وهما صفتان ذاتيتان ثابتتان، فالله تعالى لم يزل متصفا بهما.
        من أدلة صفة المشيئة والإرادة :
        1 _ من القرآن :
        قال الله تعالى {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ } [آل عمران 26].
        وقال تعالى {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة 253].
        وقال تعالى {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير 29].
        وقال تعالى {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [هود 107].
        وقال تعالى {وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} [المائدة 41].
        وقال {فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام 125].
        وقال عز وجل {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة 185].
        2 _ من السنة :
        روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول : "إذا أراد الله بقوم عذابا، أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم".
        وله عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله عز وجل إذا أراد رحمة أمة من عباده، قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطا وسلفا بين يديها، وإذا أراد هلكة أمة، عذبها ونبيها حي، فأهلكها وهو ينظر، فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه وعصوا أمره".
        وروى أيضا عن أنس بن مالك -ورفع الحديث- أنه قال : "إن الله عز وجل قد وكل بالرحم ملكا، فيقول : أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة، فإذا أراد الله أن يقضي خلقا قال : قال الملك : أي رب ذكر أو أنثى؟ شقي أو سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه".
        وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إنما بقاؤكم فيمن سلف من الأمم، كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، أوتي أهل التوراة التوراة، فعملوا بها حتى انتصف النهار ثم عجزوا، فأعطوا قيراطا قيراطا، ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل، فعملوا به حتى صليت العصر ثم عجزوا، فأعطوا قيراطا قيراطا، ثم أوتيتم القرآن ، فعملتم به حتى غربت الشمس ، فأعطيتم قيراطين قيراطين ، فقال أهل الكتاب : هؤلاء أقل منا عملا وأكثر أجرا، قال الله : هل ظلمتكم من حقكم شيئا؟ قالوا : لا، قال : فهو فضلي أوتيه من أشاء".
        [أنواع الإرادة]
        تتنوع إرادة الله تعالى باعتبار تعلقها بالمراد ووقوعها إلى نوعين :
        1 _ الإرادة الكونية القدرية : وهي المشيئة المطلقة الشاملة لجميع الحوادث، وهي مستلزمة الوقوع.
        من أدلتها :
        قول الله تعالى {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة 253].
        وقوله تعالى {وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [هود 34].
        2 _ الإرادة الشرعية : وهي متعلقة بالأمر الذي أرده من عبده أن يفعله، وهي متضمنة للمحبة، ولا تستلزم الوقوع، إلا إذا تعلقت بالإرادة الكونية القدرية.
        من أدلتها :
        قول الله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة 185].
        وقوله تعالى {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء 27].
        [صور اجتماع وافتراق الإرادتين من حيث التلعق والوقوع]
        الإرادة الكونية والشرعية من حيث تعلقها بالمراد ووقوعها، قد تجتمع وقد تفترق، ولها أربعة صور :
        1 _ ما تعلقت به الإرادة الشرعية والكونية : وهو ما وقع من الأعمال الصالحة، فالله أراده شرعا وكونا.
        2 _ ما تعلقت به الإرادة الشرعية فقط : وهو ما أمر الله به من الأعمال الصالحة، فقد تقع وقد لا تقع.
        3 _ ما تعلقت به الإرادة الكونية فقط : وهو ما قدره الله تعالى وشاءه من الحوادث التي لم يأمر، كالمعاصي، فهو لم يرضها ولم يحبها، ولو لم يردها كونا ما وقعت.
        4 _ ما لم تتعلق به الإرادتان : فهو ما لم يكن من أنواع المباحات والمعاصي.
        [الفرق بين الإرادتين]
        الإرادة الكونية :
        • لا تستلزم محبة الله تعالى ورضاه.
        • ولا تستلزم الأمر.
        • وتستلزم الوقوع.
        • وقد لا تكون مقصودة لذاتها وإنما لغيرها.
        الإرادة الشرعية :
        • تستلزم محبة الله تعالى ورضاه.
        • وتستلزم الأمر.
        • ولا تستلزم الوقوع.
        • وتكون مقصودة لذاتها.
        [المخالفون لأهل السنة في صفتي الإرادة والمشيئة]
        خالف طوائف من أهل البدع والضلال أهلَ السنة في المعتقد السليم في صفتي المشيئة والإرادة.
        فالقدرية أثبتوا الإرادة الشرعية، وأنكروا الإرادة الكونية، زعما منهم أن الله تعالى لا يحب الكفر والمعاصي، فلا تدخل تحت تقديره، إذ الأمر يستلزم الإرادة؛ فكل ما أمر الله به فقد أراده والله لم يأمر بهذه، فهو غير مريد لها؛ لأنه لا يحبها.
        وأما الجبرية فأثبتوا الإرادة الكونية وأنكروا الإرادة الشرعية، زعما منهم أن الكفر والمعاصي مرادة محبوبه له، والله جبرهم عليها؛ لأن الأمر عندهم يستلزم الإرادة، وإن كان الله لم يأمر بها إلا أنه أرادها وقدرها.
        وهدى الله أهل السنة للحق الذي ضلت فيه الطائفتان.

        تعليق


        • #8
          بوركت أخي الفاضل يوسف على هذا الجهد الله اسأل أن يثبتك ، ويجعل عملك خالصا لوجهه الكريم .

          تعليق


          • #9
            [صفة العلم]
            من صفات الله تعالى العلم، وهو صفة ذاتية لله سبحانه، فهو من لوازم نفسه المقدسة، وعلمه تعالى أزلي، يعلم في الأزل ما سيكون، ويعلم سبحانه السرائر والخفايا التي لا يدركها الخلق.
            أدلة صفة العلم :
            تتنوع أدلة ثبوت صفة علم الله تعالى من أدلة شرعية وعقلية.
            أ _ أما الشرعية :
            1 _ فمن القرآن :
            قول الله تعالى {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الأنفال 43].
            وقوله تعالى {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف 76].
            وقوله عز وجل {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة 116].
            وقوله {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق 12].
            2 _ ومن السنة :
            روى البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول : "إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب...".
            روى الشيخان عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم يقص ما وقع بين موسى والخضر عليهما السلام : "فلما انتهيا إلى الصخرة، إذا رجل مسجى بثوب، أو قال تسجى بثوبه، فسلم موسى، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام؟ فقال : أنا موسى، فقال : موسى بني إسرائيل؟ قال : نعم، قال : هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا قال : إنك لن تستطيع معي صبرا، يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم علمكه لا أعلمه، قال : ستجدني إن شاء الله صابرا، ولا أعصي لك أمرا...".
            ب _ الأدلة العقلية :
            • أن إيجاد الأشياء يستحيل مع الجهل، بل يستلزم العلم، والله تعالى هو الموجد لكل الأشياء.
            • أن إحكام المخلوقات وإتقانها يستلزم العلم.
            • أن من المخلوقات ما هو عالم وهو صفة كمال فيه، ومعطي الكمال وهو الله تعالى أولى به.
            [المخالفون لأهل السنة في صفة العلم]
            خالف أهل السنة طوائف من أهل البدع، وهم :
            غلاة القدرية، المنكرون علم الله تعالى السابق للأشياء قبل وقوعها، وهذا المذهب قد اندثر لتفاهته.
            وخالف المعتزلة، فلا يثبتون العلم وإنما ينفون عن الله الجهل، ونفي الجهل ليس فيه إثباتا للعلم، أما إثبات العلم ففيه نفي للجهل، وهو صفة مدح وصفة كمال.
            [صفتا السمع والبصر]
            من صفات الله تعالى السمع والبصر، وهما صفتان ذاتيتان من صفات الكمال الثابتة لله تعالى.
            وسمع الله تعالى وبصره حقيقة، وهما من لوازم ذاته المقدسة، على ما يليق به سبحانه.
            والله تعالى سمعه غير محدود، يدرك به جميع الأصوات مهما أسرها الخلق.
            وبصر الله تعالى نافذ في جميع المخلوقات، وتنكشف به جميع المبصرات فلا يغيب عنه شيء.
            أدلة صفتي السمع والبصر :
            1 _ من القرآن :
            قال الله تعالى {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف 80].
            وقال تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى 11].
            وقال عز وجل {نَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء 58].
            وقال أيضا {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة 1].
            2 _ من السنة :
            روى الشيخان عن أبي موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم".
            [المخالفون لأهل السنة في صفتي السمع والبصر]
            خالف طوائف من أهل البدع أهل السنة في صفتي السمع والبصر، فخالف المعطلة فنفوا عن الله تعالى السمع والبصر كما فعلت المعتزلة.
            ومنهم من حرف؛ بأن جعلهما بمعنى العلم، فسميع بصير بمعنى : يعلم الأصوات ولا تخفى عليه المبصرات.
            ومنهم من أثبت الترادف بينهما لدلالتهما على الذات، فهي عندهم أعلام محضة لا تدل على معاني الكمال.
            والحق الذي عليه أهل السنة أن الله تعالى سميع بصير حقيقة على الوجه اللائق به، وسمعه وبصره ليسا كسمع وبصر المخلوقات.

            تعليق


            • #10
              [صفة العين]
              من صفات الله تعالى العين التي يبصر بها، وهي صفة ذاتية خبرية ثابتة لله تعالى، وقد أجمع أهل السنة أن لله تعالى عينين يليقان بكمال جلالته وعظمته.
              أدلة صفة العين :
              1 _ من القرآن :
              قال الله تعالى {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي} [طه 39].
              وقال عز وجل {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هود 37].
              وقال تعالى {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} [الطور 48].
              وقال عز وجل {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ} [القمر 14].
              2 _ من السنة :
              روى الشيخان عن أنس رضي الله عنه، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإن بين عينيه مكتوب كافر".
              والعور فقد إحدى العينين، أو ذهاب نورها.
              [صفة الكلام]
              من صفات الله تعالى الكلام، وهو صفة ذاتية وفعلية، فذاتية باعتبار أنها صفة لازمة لذاته، متصفا بها أزلا وأبدا.
              وفعلية باعتبار آحاده، فالله تعالى يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء، ويكلم من شاء من خلقه.
              أدلة صفة الكلام :
              1 _ من القرآن :
              قال الله تعالى {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة 6].
              وقال تعالى {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا} [النساء 164].
              وقال تعالى {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف 143].
              وقال تعالى {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [الأنعام 115].
              2 _ من السنة :
              روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "يقول الله : يا آدم، فيقول : لبيك وسعديك، فينادى بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار".
              روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الله يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة، فيقولون : لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك، فيقول : هل رضيتم؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك، فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك، فيقولون : يا رب وأي شيء أفضل من ذلك ، فيقول : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا".
              ولمسلم عن عدي بن حاتم، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان".
              3 _ الإجماع :
              فقد أجمع أهل السنة والجماعة على إثبات صفة الكلام لله تعالى على الوجه اللائق به.
              [أنواع كلام الله تعالى]

              يتنوع كلام الله تعالى، فيوصف :
              • بالقول، كما في قوله تعالى {سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} [يس 58].
              • وبالحديث، كما في قوله تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} [الزمر 23].
              • وبالمناداة، كما في قوله تعالى {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [الأعراف 22].
              • وبالمناجاة، كما في قوله تعالى {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم 58].

              [أقسام كلام الله تعالى]

              كلام الله تعالى حروف وكلمات، منها الكونية ومنها الشرعية.
              1 _ فالكلمات الكونية، هي ما يكون بها الكائنات، مثل قوله تعالى {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [البقرة 117].
              وقوله تعالى {إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [آل عمران 47].
              2 _ وأما الشرعية، فهي كلام الله المنزل على رسله، المتضمن للأخبار والشرائع، وهي تامة بوصفي الصدق والعدل {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الأنعام 115] صدقا في الأقوال، وعدلا في الأحكام.

              [المخالفون لأهل السنة في صفة الكلام]

              خالف طوائف من أهل البدع أهلَ السنة في إثبات صفة الكلام.
              فالجهمية والمعتزلة أنكروا صفة كلام الله تعالى.
              والكلابية والأشاعرة ذهبوا إلى إنكار كون الكلام حقيقي، بل هو عندهم معنى قائم بالذات لا يتعلق بالقدرة والمشيئة.
              غير أن الكلابية يرون أن كلام الله أربعة معان : الأمر والنهي والالخبر والاستخبار، وأن الحروف والأصوات حكاية عن كلامه سبحانه.
              بينما الأشاعرة يرون أن كلامه معنى معنى واحد لا ينسقم وليس له أبعاض أو أجزاء، فالأمر هو عين النهي ، وهكذا.

              تعليق


              • #11
                فصل
                [الصفات الاختيارية]
                من صفات الله تعالى استواءه على عرشه، وهو صفة فعلية خبرية متعلقة بمشيئته وقدرته، على الوجه اللائق بجلاله، استواء ليس كاستواء المخلوقين.
                من أدله صفة الاستواء :
                1 _ من القرآن :
                قال الله تعالى {ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ} وهذه الآية وردت في ستة مواضع من القرآن، في : [الأعرف 54] [يونس 3] [الرعد 2] [الفرقان 59] [السجدة 4] [الحديد 4].
                وقال تعالى {الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ} [طه 6].
                2 _ من السنة :
                روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي".
                3 _ الإجماع :
                فقد أجمع الصحابة، وأئمة السلف على إثبات صفة الاستواء لله جل وعلا.

                [معاني الاستواء في لغة العرب]
                الاستواء في كلام العرب نوعان :
                • مطلق.
                • مقيد.
                فالمطلق ما لم يكن مقيدا بحرف، مثل قوله تعالى {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ} [القصص 14]، وهذا معناه كمل وتم.
                وأما المقيد فله ثلاثة أضرب :
                1. إذا عدي بـ "إلى" كقوله تعالى {إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [البقرة 29]، وقوله {ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فصلت 11]، وهذا معناه العلو والارتفاع بإجماع السلف.
                2. إذا عدي بـ "على" ومعناه العلو والارتفاع بإجماع أهل اللغة، كقوله تعالى :
                • {لِتَسْتَوُوا عَلَىٰ ظُهُورِهِ} [الزخرف 13].
                • {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود 44].
                • { فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ} [الفتح 29].
                1. إذا قرن بواو المعية التي تعدي الفعل إلى المفعول معه، نحو : استوى الماء والخشبة، بمعنى ساواها.

                [المخالفون لأهل السنة والجماعة]
                خالف طوائف من أهل البدع أهل السنة في صفة استواء الله تعالى.
                فخالف الجهمية والمعتزلة، ومتأخرو الأشاعرة، فقالوا أن معنى استواء الله تعالى هو الاستيلاء، واستدلوا ببيت لا يصح الاحتجاج به من شاعر نصراني الأخطل، حيث قال :
                استوى بشر على العراق من غير سيف أو دم مهراق
                والرد على هذا من وجوه :
                • أن هذا البيت طعن فيه أئمة اللغة.
                • أن الاستيلاء يكون على الشيء المستعصي من قبل الاستيلاء عليه، وعرش الله لم يكن ممتنعا عليه.
                وخالف طائفة من المفوضة الذين فوضوا المعنى والكيفية، وهذا قول كثير من الأشاعرة، وهو مذهب البيهقي وآخر قولي الرزاي.
                وخالف المشبهة من الروافض والكرامية وغيرهم، فأثبتوا استواء الله تعالى وتعمقوا في كيفيته حتى شبهوه بخلقه.
                واستواء الله تعالى ثابت كما يليق بجلاله، ويختص به ولا يلزمه شيء من اللوازم الباطلة.

                تعليق


                • #12
                  [صفة النزول]
                  من صفات الله تعالى نزوله سبحانه إلى السماء الدنيا، وهو صفة فعلية خبرية متعلقة بمشيئته وقدرته، ونزوله حقيقة كما يليق به جل جلاله.
                  أدلة صفة نزول الله تعالى :
                  1 _ من السنة :
                  روى الشيخان في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول : من يدعوني، فأستجيب له من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له".
                  2 _ الإجماع :
                  اتفق السلف على إثبات صفة النزول حقيقة كما يليق بالله تعالى، وإجرائها على ظاهرها.

                  [المخالفون لأهل السنة في صفة النزول]
                  خالف طوائف من أهل البدع أهل السنة في إثبات صفة نزول الله تعالى.
                  فقالت المعطلة : أن المعنى نزول أمره سبحانه ورحمته.
                  وقالت المشبهة : أن ينزل مثل نزول المخلوقين، تعالى الله عن ذلك.
                  وأهل السنة وسط بين ذلك، فيثبتون النزول من غير تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل.

                  [مسألة خلو العرش]
                  إن كان أهل السنة متفقون على إثبات صفة النزول لله تعالى، إلا أنهم اختلفوا في مسألة خلو العرش.
                  وما عليه الجمهور من أهل السنة أن الله تعالى ينزل ولا يخلو منه العرش، وبه قال أحمد وإسحاق وحماد وغيرهم.
                  وهذه المسألة مرتبطة بمسألة : أفعال الله الاختيارية هل هي بحركة أم لا؟
                  وعدم التعرض لهذه المسألة بنفي أو إثبات، والإمساك عن الأمرين هو الأحق بالصواب والاتباع.

                  [خاتمة]
                  جزا الله الإمام ابن باديس خيرا، وشطر الله تعالى جهوده في نشر العلم الصافي والعقيدة السليمة، في وقت كان الأعداء يضيقون ويحاربون الدين وحملته، فإن االمستدمر الفرنسي لما دخل أرض الجزائر أراد طمس الهوية الدينية والعربية، مع ذلك صمد هؤلاء الجبال في وجه كل الصعوبات التي تلقوها، ونشروا العقيدة الصحيحة والتوحيد الصافي.
                  وشيخنا العلامة محمد علي فركوس حفظه الله تعالى خير خلف لخير سلف، خدم علوم هذا الإمام، ويسرها ليستفيد منها الأنام، فجزاه الله عنا كل خير.
                  وسبحانك الله وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب أليك.
                  وصلى الله على آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.

                  كتبه :
                  أبو البراء يوسف صفصاف.

                  تعليق

                  الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
                  يعمل...
                  X