إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

انقاءات من كتاب لطائف المعارف لابن رجب-رحمه الله-

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [متجدد] انقاءات من كتاب لطائف المعارف لابن رجب-رحمه الله-

    بِسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

    الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أمابعد؛
    فيشرفني أن أنقل لهذا المنتدى الطيب -الذي اسأل الله أن يبارك فيه ويجزي خيرا القائمين عليه- بعض الانتقاءات من كتاب "لطائِف المعارِف فِيمَا لِمواسِمِ العامِ مِن الوظائِف" للإمام ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- الذي يعتبر من الكتب التي يُنصح بقراءتها في هذا الشهر المبارك لِما فيه من الخير والنفع الكثير.

    قال الإمام ابن رجب -رحمه الله- :
    "فإذا اشتدَّ توقانُ النفسِ إلى ما تشتهيهِ معَ قدرتِها عليهِ، ثمَّ ترَكتْهُ للهِ عزَّ وجلَّ في موضعٍ لا يطَّلعُ عليهِ إلا اللهُ، كانَ ذلكَ دليلاً على صحَّةِ الإيمانِ، فإنَّ الصائمَ يعلمُ أنَّ لهُ ربَّا يطَّلِعُ عليهِ في خُلوتِهٍ، وقدْ حرَّمَ عليْهِ أنْ يتناولَ شهواتِهُ المجبولِ على الميلِ إليْها في الخُلوةِ، فأطاعَ ربَّهُ، وامْتَثَلَ أمرَهُ، واجْتَنَبَ نَهيَهُ خَوفًا مِنْ عِقابِهِ، ورَغبَةً في ثوابِهِ، فشكرَ اللهُ تعالَى لهُ ذلكَ، واخْتصَّ لِنفسِهِ عملَهُ هذا مِنْ بينِ سائِرِ أعمالِهِ، و لهذَا قالَ بعدَ ذلكَ: "إنَّهُ إنَّمَا ترَكَ شَهوتَهُ وطعامَهُ وشرابَهُ مِنْ أجْلِي" قالَ بعضُ السَّلفِ: طُوبَى لِمَنْ تركَ شهوةً حاضِرَةً لموعدِ غيبٍ لمْ يرَهُ".
    [ لطائف المعارف ، ٢٨٨]


    يتبع . . .


  • #2
    جاءت في وقتها بارك الله فيك أختي أم معاوية

    تعليق


  • #3
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد :

    قال الإمام ابن رجب -رحمه الله- :

    "..فَإِنَّ الصِيامَ مِن الصَّبْرِ، و قد قال الله تعالى :" إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِساَبٍ " و لِهذَا وَرَدَ عنِ النَّبِي صَلى اللّهُ عليهِ وسَلَم أنّهُ سَمّى شَهْرَ رَمضَان شَهْرَ الصَّبْرِ .
    وفي حديثٍ آخرَ عَنْهُ صَلَى اللهُ عَلَيْه و سَلَم، قَال:" الصَّومُ نِصْفُ الصّبْرِ"
    و الصَّبْرُ ثَلَاثةُ أَنْوَاعٍ : صبرٌ على طاعةِ اللهِ، و صبرٌ عَنْ مَحَارِمِ اللّهِ، و صبْرٌ على أَقْدَارِ اللهِ المُؤْلِمةِ. و تَجْتمِعُ الثلاثة كُلُّها فِي الصَوْمِ ، فإنَّ فيهِ صَبْرًا على طَاعةِ اللهِ، و صَبْرًا عَمَّا حَرَّمَ اللهُ على الصَّائِم مِن الشَّهواتِ ،و صَبْرًا على مَا يَحصُلُ للصًّائِمِ فِيه مِن أَلَمِ الجُوعِ و العَطشِ، و ضعْفِ النفسِ البَدنِ ".

    [ لطائف المعارف، ص٢٨٣]

    وقال -رحمه الله- :
    "لمَّا عَلِمَ المُؤْمنُ الصّائمُ أَنَّ رِضَا مَولاَهُ فِي تَركِ شَهوَتِهِ، قدَّمَ رِضا مَولاهُ عَلى هَواهُ، فَصَارَتْ لَذّّتُهُ فِي تَركِ شَهوتِهِ لِلّهِ، لإِيمانِهِ باطلاعِ اللّهِ عليهِ. و ثَوابُهُ و عِقابُه أعظمُ مِن لَذَّتِهِ في تناولِها في الخَلْوَةِ ، إِيثَاراً لِرضَا ربِّه على هَوَى نفسِهِ، بَلْ المُؤمِنُ يَكْرَهُ ذلك فِي خلوتِه أشدَّ مِن كَرَاهتِه لِأَلمِ الضَّرْبِ".

    [لطائف المعارف ، ص ٢٨٨]


    يتبع . . .

    تعليق


    • #4
      بسم الله الرحمن الرحيم

      بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم أما بعد :

      قال الإمام ابن رجب -رحمه الله- :

      "قالَ بعْضُ السّلفِ:"صُمِ الدّنيَا و اجْعَل فِطرَكَ الموت".
      الدّنيا كلّها شهرُ صيامِ المتقينَ ، يَصُمونَ فيه عنِ الشَّهواتِ المُحرّماتِ، فإذا جاءَهم الموتُ فقد انقضى شهرُ صِيامِهم واستَهلُّوا عيدَ فِطرِهم .

      وَ قَد صُمتُ عَن لذّاتِ دهريَ كُلّها ••• وَ يَومَ لِقاَكُم ذَاكَ فِطرُ صِيامِي

      مَن صاَمَ اليَومَ عن شهواتِه أفطَرَ عليها بعدَ مماتِه ، و من تعجَّل ما حُرِّم عليه قبلَ وفاتِه عُوقبَ بِحِرمانِه في الآخرةِ و فواتِهِ .

      [لطائف المعارف ،ص٢٧٨].

      وقال أيضا -رحمه الله- :

      "وَ اعْلَم أَنَّ المُؤْمِنَ يَجْتَمِعُ لَهُ فِي شَهْرِ رَمَضانَ جِهَادَان لِنَفْسِهِ، جِهَادٌ بِالنهارِ عَلى الصِّيَامِ، وَ جِهَادٌ بِالليلِ عَلى القِيَامِ. فَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ هَذَيْنِ الجِهَادَيْنِ، وَ وَفَّى بِحُقُوقِهِمَا، وَ صَبَرَ عَلَيْهِمَا، وُفِّيَ أَجْرُهُ بِغَيرِ حِسَابٍ...عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ . وَيَقُولُ الْقُرْآنُ : مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ . قَالَ : فَيُشَفَّعَانِ".

      [لطائف المعارف،ص٣١٩].


      يتبع بإذن الله . . .

      تعليق


      • #5
        بسم الله الرحمن الرحيم

        قال الإمام ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- :

        "قَالَ بَعْضُ السَّلفِ: أَهْوَنُ الصِّيامِ تَركُ الشرابِ و الطعامِ . وَقَالَ جابِر : " إِذا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَ بَصَرُكَ و لِسَانُكَ عنِ الكَذِبِ و المَحَارِمِ، وَدَعْ أَذَى الجارِ ، وَليَكُنْ عَليْكَ وَقاَرٌ وَسكينةٌ يَوْمَ صَوْمِكَ، وَلاَ تَجْعَلْ يَوْمَ صَومِكَ وَيومَ فِطْرِكَ سواءٌ" .

        إِذَا لَمْ يَكُن في السَّمْعِ مِنِّي تَصَاوُنٌ ••• وَفِي بَصَرِي غَضٌّ وَ فِي منطِقِي صَمْتُ

        فَحَظّي إِذًا مِن صَوْمِي الجُوعُ وَ الظَّما ••• فَإِنْ قُلْتُ إِنِّي صُمْتُ يَومِي فَمَا صُمْتُ

        [لطائف المعارف؛ ص٢٩٢].

        وقال -رحمه الله- واعِظًا :

        "لمَّا سُلسِل الشيْطاَنُ فِي شهْرِ رمضانَ. وَخَمَدَتْ نِيرَانُ الشَّهواتِ بالصِّيامِ، انعزَل سُلطانُ الهَوى، وَصارتْ الدولةُ لِحاكم العَقْلِ بالعَدْلِ، فَلَمْ يبْقَى للعاصِي عُذْر!!

        ٌ يَا غُيُومَ الغَفْلةِ عنِ القلوبِ تقشَّعِي، يَا شُمُوسَ التَّقوى و الإيمانِ اطلعِي، يَا صحائِفَ أعماَلِ الصَّالِحين ارتَفِعِي، يَا قلوبَ الصّائِمين اخْشَعِي !

        [لطائف المعارف-رحمه الله-ص٣٠٣].

        يتبع بإذن الله . . .

        تعليق


        • #6
          بسم الله الرحمن الرحيم

          الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتّبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :

          قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في باب الجود والقرآن في شهر رمضان :

          "وَ كَانَ جُودُهُ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَمَ يَتَضاعَفُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَلى غَيْرِهِ مِنَ الشُهُورِ، كَمَا أَنَّ جُودَ رَبِّهِ يَتَضَاعَفُ فِيهِ أَيْضًا •••

          ••• قَالَ الشَافِعِي رَضِي اللهُ عَنْهُ :" أُحِبُّ لِلرَجُلِ الزِّيَادَةَ بِالجُودِ فِي شَهْرِ رَمَضانَ اقْتِداءً بِرَسُولِ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَمَ، وَ لِحاجَةِ النَّاسِ فِيهِ إِلَى مَصَالِحِهم، وَ لِتَشَاغُلِ كَثِيرٍ مِنهُم بالصَّوْمِ وَ الصَّلاَةِ عَن مَكَاسِبِهِم.

          [لطائف المعارف، ص٣٠٩/ ص٣١٥].

          وقال -رحمه الله- : " شَهْرُ رَمَضَانَ يَجُودُ اللهُ فِيهِ عَلَى عِبَادِهِ بِالرّحْمةِ وَ المَغفِرَةِ وَ العِتقِ مِن النارِ، لَا سِيَمَا فِي لَيلَةِ القَدْرِ، وَ الله تَعَالى يَرْحَمُ عِبَادَهُ الرُّحَمَاءَ، كَمَا قَالَ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَمَ: "إنَّمَا يرْحَمُ اللهُ مِن عِبادِهِ الرُّحَمَاء"

          فَمَنْ جَادَ عَلَى عِبادِ اللهِ جَادَ اللهُ عَليْهِ بالعَطَاءِ وَ الفَضْلِ ، و الجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ .

          [لطائف المعارف، ص٣١١].


          "وَ الصِّيَامُ وَ الصَّلاَةُ وَ الصّدَقةُ تُوصِلُ صَاحِبَها إِلَى اللهِ عزَّ وَجلَّ..
          قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الصَّلاَةُ تُوصِلُ صَاحِبَهَا إِلَى نِصْفِ الطَريقِ،
          وَالصِّيَامُ يُوصِلُهُ إِلَى بَابِ المَلِكِ، وَ الصَّدًقَةُ تَأْخُذُ بِيَدِهِ فَتُدْخِلْهُ عَلَى المَلِكِ ".

          [لطائف المعارف ،ص٣١٢].


          يتبع بإذن الله . . .

          تعليق


          • #7
            بسم الله الرحمن الرحيم

            الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، أما بعد:

            قال الإمام ابن رجب الحنبلي في " لطائف المعارف " حول عبادة الصيام :

            "..الصِّيَامُ سِرٌّ بَيْن العبدِ وَربِّهِ لاَ يَطَّلِعُ عَليْهِ غَيْرُه لأنَّه مُركَبٌ مِن نِيَّةٍ باطِنةٍ لاَ يَّطلِعُ عَليْهاإِلاَّ اللهُ. وَتركٍ لِتناولِ الشهواتِ التي يُستخفَي بِتناوُلِها فِي العادةِ، وَلِذلكَ قِيل: لاَ تَكْتُبه الحَفَظَةُ. وَقِيل: إنَّه ليْسَ فِيه رِياءٌ ... فإِنَّ مَنْ تَركَ مَا تَدْعُوهُ نفْسُه إليهِ للهِ عزَّوجلَّ حيْثُ لاَ يَطَّلِعُ عليْهِ غيْرُ مَنْ أَمرَهُ وَنهاهُ، دلَّ علَى صحةِ إيمانِهِ.. وَاللهُ تعالَى يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ يُعَامِلُوهُ سِرًّا بَيْنَهم وبَيْنَه وَأَهْلُ مَحَبَّتِهِ يُحِبُّونَ أَنْ يُعامِلُوه سِرًّا بَيْنَهم وَبَيْنَه بِحيْثُ لاَ يَطَّلِعُ علَى مُعاملتِهم إِيَّاهُ سِواهُ، حتَّى كانَ بَعْضُهم يَوَدُّ لَوْ تمكَّنَ مِنْ عبادةٍ لاَ تَشْعُرُ بِها الملائكةُ الحَفَظَةُ".

            ( ص٢٩٠).

            يتبع بإذن الله . . .

            تعليق


            • #8
              بسم الله الرحمن الرحيم

              الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله ، أما بعد :

              انتصف الشهر المبارك ولم يبق منه إلا القليل و ما هي إلا موعظة و ذكرى لمن زاده قليل .. نسأل الله التوفيق و السداد و الإخلاص في القول و العمل ، يقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله في اللطائف :

              "هَذَا -عبادَ الله- شهْرُ رمضَانَ قد انتَصَفَ، فَمَنْ مِنْكُم حاسبَ فِيه نَفْسَهُ للهِ وانتَصف؟ مَنْ مِنْكم قام فِي هذا الشَهْرِ بِحقِّهِ الذي عرفْ؟ مَنْ مِنْكم عَزَمَ قَبْلَ غَلْقِ أَبْوَابِ الجنَّةِ أَنْ يَبْنِيَ لَهُ فِيها غُرُفًا مِنْ فَوقِها غُرف؟
              أَلاَ إِنَّ شَهرَكُم قَدْ أَخَذَ فِي النُّقْصِ، فَزيِدوا أَنْتُم فِي العَمَلِ، فَكأنَّكم بِه وقَدْ انصَرَفَ.
              فَكُلُّ شَهْرٍ فَعَسَى أن يَكونَ مِنْه خلفٌ. وأَمّا شَهْرُ رمضانَ فَمِن أيْنَ لَكم مِنه خلف ؟!
              [ ٣٣٨ص].

              أما عن عناية السلف الصالح بالقرآن في هذا الشهر المبارك كانت عظيمة لعظم شأنه، يقول رحمه الله :

              "قَالَ عبْد الحَكَم :" كَانَ مَالِكٌ إِذَا دَخَل رَمضَانُ نَفَرَ مِن قِرَاءةِ الحديثِ وَمُجالَسةِ أَهلِ العِلمِ، وَأَقْبَلَ على تِلاوةِ القرآنِ مِنَ المُصْحَفِ. وَقَالَ عبد الرَزاق : كَان سُفْيَان الثَوْرِي إِذَا دَخَل رمضَانُ تَركَ جَمِيعَ العِبَادَةِ وَأَقْبَلَ عَلى تِلاوَةِ القرآنِ .
              وَكانَتْ عَائِشة رَضِي اللهُ عنْهَا تَقْرَأُ فِي المُصْحَفِ أَوَّلَ النهَار فِي شَهْرِ رَمضانَ، فَإِذَا طَلَعَتْ الشَمْس نَامَتْ. "

              [لطائف المعارف ص ٣١٨]

              يتبع بإذن الله . . .

              تعليق


              • #9
                بسم الله الرحمن الرحيم

                الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول لله وآله وصحبه ومن اتّبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :

                قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في اللطائف :

                "إِخْوانِي المعوَّلُ على القَبُولِ لَا على الإجْتِهادِ، و الاعْتِبَار بِبَرِّ القلوب لاَ بِعمَلِ الأبْدانِ.
                رُبَّ قائِمٍ حظُّه مِن قِيامِه السَّهرُ، كَمْ مِن قائِمٍ محرومٍ، ومِن نائِمٍ مرحومٍ، هَذا نَامَ و قَلبُه ذاكِرٌ، وهَذا قَامَ و قَلبُه فَاجِر .

                إنّ المَقاديرَ إِذا سَاعَدَتْ ** ألْحَقَتِ النَّائِم بِالقَائمِ

                لكنَّ العَبْدَ مَؤْمورٌ بِالسّعي فِي اكتِسابِ الخيْراتِ والاجْتِهادِ فِي الأعمالِ الصالحاتِ، وكُلٌ مُيَسَرٌ لِما خُلِقَ لَهُ. أَمّا أَهل السعادَة فَيُيَسَرُون لِعَمَلِ أهلِ السعادَةِ، وأمّا أهْلُ الشَّقاوةِ فَيُيَسَرُون لِعَمَل أهْلِ الشقاوَةِ. "فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى "

                فالمُبَادرةَ المُبَادرةَ إِلى اغْتِنَامِ العَمَلِ فِيما بَقِيَ مِنَ الشَهْرِ، فَعَسَى أَن يُسْتَدْرَكَ بِهِ مَا فَاتَ مِن ضَيَاعِ العُمُرِ ./[ص٣٥١ ].

                " وَفِي المُوَطَأ أَنَّ عُمَر بن الخطابِ كاَنَ يُصلي مِن الليلِ مَاشاءَ اللهُ أَنْ يُصَلِي، حَتّى إِذَا نَصِفَ الليْلُ أيقظَ أهْلَهُ للصَّلاةِ، يَقُولُ لَهُم : الصلاة الصلاة و يتلو الآية "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا".

                كَانَتْ امرأةُ الحبيبِ أَبِي مُحَمد تَقُولُ لَه بِاللَيْلِ : قَدْ ذَهَبَ الليلُ وَبَيْن أَيْدِينا طريقٌ بَعيدٌ وَزَادُنا قَليلٌ، وَقَوافِلُ الصَالحِينَ قَدْ سَارت قُدامنا، وَنَحْنُ قَدْ بَقِينَا ..

                يَا نَائِمًا بِالليلِ كَمْ تَرْقُدُ ** قُمْ يَا حَي قَدْ دَنا المَوْعِدُ

                /[ص٣٤٢].


                ____________

                من الأمور التي يعتنى بها في هذا الشهر المبارك التوبة إلى الله والمبادرة إليها..
                فلطالما كان رمضان محطة للتائبين و غنيمة للمنيبين لله عزّوجل ..
                وليحذر المؤمن من الغفلة عن هذا الشأن !

                يقول ابن رجب رحمه الله في باب التوبة من كتاب اللطائف:

                " قالَ بعضُ السلفِ : أَصْبِحُوا تائِبِين، وَأَمْسُوا تائِبين .
                يُشِير إٍلى أنَّ المُؤمنَ لا ينْبَغِي أن يُصْبِحَ وَيُمْسي إلاَّ على تَوبَةٍ، فإنًّه لاَ يَدْرِي مَتَى يفجأهُ المَوْتُ صباحًا أَوْ مساءً. فَمَنْ أَصْبحَ أَوْ أَمْسَى علَى غَيْرِ تَوْبةٍ، فَهو علَى خَطَرٍ، لأنَّهُ يُخْشَى أَنْ يلقَى الله غيرَ تائِبٍ، فَيُحْشَرَ فِي زُمْرَةِ الظالِمِين، قَالَ اللهُ تعَالَى :"وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".

                تُبْ مِنْ خَطاياكَ و أبْكِ خشيةً ** مَا أَثبتَ مِنْها عليْكَ فِي الكُتُبِ

                /[ص٥٨٤].


                وقال رحمه الله واعظاً :

                "الحَذرَ الحَذرَ مِنَ المَعَاصِي ! فَكَمْ سَلَبَتْ مِن نِعمٍ، وَكَمْ جَلَبَتْ مِنْ نِقَمْ، وَ كَمْ خَرَبتْ مِن دِيارٍ، وَكَمْ أخلَتْ دِيارًا مِن أهلِها، فَما بَقِيَ مِنْهم دَيّارٌ، كَمْ أَخَذَتْ مِن العُصَاةِ بالثَارِ، كَمْ مَحَتْ لَهُم مِن آثَارٍ.

                يَا صَاحِب الذَّنْبِ لا تأمَنْ عَوَاقِبَهُ عَوَاقِبُ الذّنبِ تُخشَى وَهْيَ تُنْتَظَرُ
                فَكُلُّ نَفْسٍِ سَتُجْزَى بالذي كَسَبَتْ وَلَيْسَ لِلْخَلْقِ مِن دَيَّانِهم وَزَرُ.

                أَيْن حَالُ هؤلاءِ الحمْقَى كَان َ دَهْرُهم كلُّه رمضانَ، لَيْلُهم قِيامٌ ونهارُهَم صِيامٌ.

                /[ص٢٧٧].


                يتبع بإذن الله . . .
                التعديل الأخير تم بواسطة أم معاوية العاصمية; الساعة 2020-05-12, 02:04 PM.

                تعليق


                • #10
                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله أما بعد :

                  قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في اللطائف:

                  "النبي صلَى الله عليهِ وسلمَ كان يُوقِظ أهلهُ للصّلاةِ في ليالي العشْرِ دونَ غيرِه من الليالي ..
                  قال سفيان الثوريّ :" أحبُ إليَّ إِذا دخلَ العشرُ الأواخرُ أن يتهجَّدَ بالليلِ، ويجتهدَ فِيه، و يُنهِضَ أهلَهُ وولدَهُ إلى الصّلاةِ إن أطاقُوا ذلك.
                  وقدْ صحَّ عن النبي صلَى الله عليهِ و سلمَ أنَّهُ كان يطرقُ فاطمةَ وعليًّا ليْلاً ويقول: "ألا تقومانِ فتُصلِّيان"
                  و كان يُوقِظ عائشة رضيَ الله عنْهَا بالليلِ إذا قضَى تهجُّدَه و أرادَ أَن يوتِرَ".
                  [ص٣٤١].

                  "يُستَحبُّ في الليالي التي تُرجَى فيها ليلةُ القدرِ التنظُّفُ والتزيُّن، والتطيّب بالغُسلِ والطّيب واللباس الحَسَن .. وقال ابن عُمر : "اللهُ أحقُّ أَنْ يُتزَّين لَهُ ".
                  ولا يكملُ التزيُّن الظاهر إلا بتزينِ الباطنِ، بالتوبةِ والإنابةِ إلى الله تعالى، وتطهيرهِ مِن أدناسِ الذنوبِ وأوضارِها.

                  [ص ٣٤٧].


                  وقال رحمه الله واعظًا عن ليلة القدر:

                  "يا ليلةَ القدرِ للعابدين اشهَدِي، يا أقدَامَ القانِتين اركعِي لِربِّكِ واسجُدِي، يا ألسِنَةَ السَّائلين جُدِّي في المسألةِ و اجتهِدي ..
                  ليلةُ القدر عندَ المحبِّين ليلةُ الحُظوَةِ بِأنسِ مولاهُم و قُربِهِ، و إنّما يفرُّون من ليالي البُعْدِ والهجرِ.

                  و ليلةٍ بتُّ بأكنافها ** تعدِلُ عندي ليلةَ القدرِ
                  كانت سلاماً لسروري بها ** بالوصلِ حتى مطلعِ الفجرِ

                  ‏يا مَن ضَاعَ عُمْرُه فِي لاَ شَيْء،استَدْرِك مَا فَاتَكَ فِي لَيْلَة القَدْرِ فإنًّها تُحسَبُ بالعمرِ" .

                  [ ٣٤٩- ٣٥٠].


                  يتبع بإذن الله . . .


                  تعليق


                  • #11
                    بسم الله الرحمن الرحيم

                    ما الأفضل في ليلة القدر ، الدعاء أم الصلاة ؟

                    قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله :

                    "وأما العملُ في ليلةِ القدرِ فقد ثبتَ عن النبي صلَى الله عليهِ وسلم أنّه قال:"مَن قام ليلةَ القَدْرِ إيمانًا و احتساباً غُفِرَ لَهُ ما تقدَّم من ذَنْبِهِ ".
                    وقِيامها إنَّما هو إِحياؤُها بالتهجُّدِ فيها و الصَّلاةِ . وقد أمرَ عائِشة بالدعاءِ فيها أيضًا.
                    قال اسفيان الثوريُّ :" الدّعاء في تلك الليلة أحبّ إليّ مِن الصّلاة " .. و مرادُه أنَّ كثرةَ الدُّعاءِ أفضَلُ مِن الصّلاةِ التي لا يَكثُر فيها الدُّعاء، و إن قرأ و دَعَا كان حسنًا.

                    [لطائف المعارف /ص٣٦٧].



                    يتبع بإذن الله . . .

                    تعليق


                    • #12
                      بسم الله الرحمن الرحيم

                      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما بعد؛

                      قالتْ عائِشة رضيَ الله عنها للِنبيِّ صلىَ الله عليهِ وسلمَ : أَرأيتَ إِنْ وَافقْتُ لَيْلةَ القَدْرِ، ما أقُولُ فيها؟ قال : قُولي "اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي".

                      العَفْوُّ مِن أَسماءِ الله تعالى، وهو المُتَجاوز عَن سيِّئات عِبادِه، الماحِي لآثارِها عنْهُم.
                      فيُحِبُّ أن يَعْفُوَ عن عِبادِهِ، و يُحبُّ من عِبادِهِ أن يَعْفُوَ بعضُهُم عن بعضٍ، فإذا عَفَا بعضُهم عن بَعْضٍ عامَلَهُم بِعَفْوِهِ، وعَفْوُه أحَبُّ إليه من عُقُوبتِهِ.

                      [لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي رحمه الله ؛ ص٣٧٠].

                      ____________

                      إقبال العِباد على باب الملك الديّان في أواخر الشهر المبارك ؛

                      "المحبُّون تطولُ عليهم الليالي فيعدوُّنها عَدًّا لانتظارِ ليالي العَشْرِ في كُلِّ عامٍ، فإذا ظفِروا بها نالوا مطلوبَهُم و خدمُوا محبوبَهم..
                      ريّاحُ هذه الأسحار تحمِلُ أنينَ المُذْنِبين، و أنفاسَ المُحبِّين، وقصَصَ التَّائبين، ثم تعودُ برّدِ الجواب بلا كتاب..
                      فإِذا وردَ بريدُ بَرْدِ السَّحر يحمِلُ ملطَّفاتِ الأَلطافِ، لم يفهمها غيرُ مَن كُتِبَت إليه ".

                      [لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي رحمه الله ص ٣٦٨].



                      يتبع بإذن الله . . .

                      تعليق


                      • #13
                        بسم الله الرحمن الرحيم

                        الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، أما بعد :

                        ١- اهتمام السلف الصالح بقَبول العمل والخوف من ردّه


                        قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله :

                        "كان السّلفُ الصَّالِح يجتهدون في إتمامِ العمَلِ وإِكمالِه وإِتقانِه، ثم يهتمُّون بعد ذلك بِقَبولِه، و يخافون مِن رَدِّهِ، و هؤلاء الذين "يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ"
                        رُوِي عن علي رضي الله عنه، قال: كونوا لِقَبُول العَمَلِ أشدَّ اهتمامًا منكم بالعملِ، ألم تسمعوا الله عزَّوجل يقول: "إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ".

                        [لطائف المعارف /ص٣٧٥].


                        ____________


                        ٢- ولتكملوا العدّة!

                        "لمَّا كَانت المغفِرةٌ والعِتقُ مِن النارِ كل منهما مرتَبًا على صيامِ رمضانَ وقيامِه، أمر الله سبحانه و تعالى عندَ إكمال العِدة َّوبتكبيرهِ وشكرِهِ، فقال:"وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"
                        فشُكرُ مَن أنعمَ على عباده بتوفيقِهم للصِّيامِ، وإعانتهم عليه، ومَغْفرَته لهُم به، وعِتقِهم من النَّار، أن يذكُروه ويشكُروه ويتّّقوه حقَّ تُقاتِهِ".

                        [لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي رحمه الله ص ٣٨١].



                        يتبع بإذن الله . . .

                        تعليق


                        • #14
                          بسم الله الرحمن الرحيم

                          الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله أما بعد؛

                          مضى الشهر و لم يبق منه إلا الختام .. طوبى لمن فاز فيه و نال رضا الرحمن

                          قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في اللطائف :

                          "يا شهرَ رمضانَ ترفّق، دموعُ المحبِّين تُدْفَق، قلوبُهم من ألم الفراق تشَقَّق، عسى وقفةٌ للوداع تطفى، من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعةُ توبةٍ و إقلاعٍ ترفو من الصِّيام كل ماتخرَّق، عسى منقطِعٌ عن رَكْب المقبولين يَلحق، عسى من استوجب النار يُعتق ..

                          عسى و عسى من قبلِ وقتِ التفرُّق إلى كلِّ ماترجو من الخير ترتقي
                          فيجبر مكسور و يقبلُ تائبٌ و يعتق خطًّاء و يسْعدُ من شقِي"

                          [ ص٣٨٨].


                          "قلوبُ المتّقين إلى هذا الشهر تحنُّ ومن ألمِ فراقِه تئِنُّ.

                          دهاك الفراق فما تصنع أتصبر للبين أم تجزع

                          إذا كنت تبكي وهم جيرة فكيف تكون إذا ودعوا

                          كيف لا تجري للمؤمن على فراقِه دموعٌ وهو لا يدري هل بقي له في عمرِه إليه رجوعٌ.

                          تذكرت أياما مضت ولياليا خلت فجرت من ذكرهن دموع

                          ألا هل لها يوما من الدهر عودة ** وهل لي إلى يوم الوصال رجوع

                          [ص ٣٨٦].

                          _______

                          تمّت بفضل الله الانتقاءات من كتاب لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي والحمد لله رب العالمين .




                          لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف لابن رجب الحنبلي رحمه الله / تحقيق ياسين محمد السّواس/ الطبعة الخامسة (١٤٢٠ -١٩٩٩ ) / دار ابن كثير.

                          تعليق

                          الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
                          يعمل...
                          X