الفرق بين الضرورة والحاجة يتبين بتعريف كل منهما
فالضرورة هي: بلوغ الإنسان حداً إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب الهلاك.
والحاجة هي: الافتقار إلى الشيء الذي إذا توفر للإنسان رفع عنه الحرج والمشقة، وإذا لم يتحقق له لم يحصل له فساد عظيم
مثل الجائع الذي إذا لم يأكل لم يهلك
وقد سعى الإسلام في تشريعه إلى الحفاظ على الضروريات الخمس، وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال
وشرع لذلك تشريعاً عظيماً مداره على الحفاظ على هذه الخمس لدوام حياة الفرد والجماعة،
وعلى تحسينها وتجميلها لتحقيق الرفاهية ولجريانها على السهولة واليسر بعيداً عن العنت والمشقة
ولذا فإنه حرّم على المرء كل ما يضره وأمره بفعل كل ما ينفعه.
ومع ذلك
فليس كل ضرر معتبرٌ، وليست كل مصلحة معتبرةٌ
بل إن المصلحة المعتبرة هي التي حددها الشارع الحكيم وكذلك المفسدة
حتى لا تكون المصالح والمفاسد مبنية على الأمزجة والأهواء
وإلا لساد الهرج والمرج ولدبّ الصراع بين الناس
ومن هنا كان لا بد على العبد إن أراد تحقيق مصلحته أن تكون موافقة لمراد الشارع الحكيم
ولا بد في درء المفسدة عنه أن تكون موافقة لمراد الشارع أيضاً.
والنظر إلى عورة الأجنبية عموماً
سواء كان مباشرة أو في الوسائل الحديثة من تلفاز أو صور فوتوغرافية أو فيديو كليب أو تصوير حصري أو غيرها من وسائل هذا النظر
لا يخلو من أن يحقق مصلحة أو لا.
فأما أن هذه النظرة قد حققت مصلحة، فهو غير وارد
لأن هذه المصلحة المتوهمة ملغاة؛ لأنها مصلحة عاجلة حققت نفعاً مؤقتاً للمكلف من إشباع شهوته وإمتاع نظره
ولكنها قد عارضتها مفسدة أكبر منها؛ وهي المعصية التي لحقت العبد بهذه النظرة التي نهى الله عنها
مع ما يعقب ذلك من حسرة وندامة وألم معنوي بالغ يلحقه بسبب تعديه على حدود الله، قال - تعالى -:
{وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ }
وقد عُلِم عند من له أدنى معرفة بالشريعة أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة
وإذا تعارضت مفسدة في الدنيا مع مفسدة في الآخرة قُدِم درء مفسدة الآخرة.
وأما أن هذه النظرة قد جلبت مفسدة على المكلف فهو أمر واضح
لأن الله قد حرمها، والله لا يحرم إلا ما فيه مفسدة على العبد، قال القرطبي:
(البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ووجب التحذير منه
وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -
" إياكم والجلوس على الطرقات " فقالوا: يا رسول الله مالنا من مجالسنا بُدٌ نتحدث فيها.
فقال " فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقه " قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله. قال :
" غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "
وقال - صلى الله عليه وسلم - لعلي " لا تتبع النظرةَ النظرةَ فإنما لك الأولى وليست لك الثانية)
وقال ابن كثير: (ولما كان النظر داعية إلى فساد القلب كما قال بعض السلف: النظر سهم سم إلى القلب
ولذلك أمر الله بحفظ الفروج كما أمر بحفظ الأبصار التي هي بواعث إلى ذلك، فقال - تعالى -:
{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ })
فالآية قد بيّنت أن الأمر بغض البصر وحفظ الفروج إنما هو لطلب زكاة النفوس
ولا شك أن النظر إلى هذه الصور الخليعة التي تُبَث في الوسائل الحديثة بكل أشكالها ، لا يحقق هذه التزكية المنشودة
فالنظر إليها محرم إذاً كالنظر إلى الخلاعة مباشرة لاشتراكهما في العلة
كما أن الاستثناء في قوله - تعالى -:
{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ}
يدل على أن الأصل هو أن تُخفي المرأة زينتها عن الأجانب
إلا ما لا يمكن إخفاؤه عنهم لتعذره؛ فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها
والآية أيضاً قد نهت النساء عن ضرب الأرض بأقدامهن ليُعلَم ما يُخفين من زينتهن وذلك في قوله - تعالى -:
{ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
فإذا كان هذا لئلا يُعلم ما يُخفين من زينتهن فكيف إذا أظهرن هذا المخفي بالصور أو غيرها؟! فهو بالتحريم أولى
وهذه الآية [فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ]قد بيَّنت حرمة التأسي بالمومسات وأهل الفاحشة
في إِلانة الحديث وترخيمه، ومثله أيضاً التأسي بهن في تبرجهن وسفورهن
وكذا تصويرهن في هذه الوسائل وهُنَّ على هذه الحال المزرية
فإذا حرُم تصويرهن وهُنَّ على هذه الحال فكذا النظر إليهن؛ لأن ما يتم الحرام به فهو حرام.
وقوله - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
ولا شك أن مثل هذه الصور الخليعة ونشرها داخل في معنى إشاعة الفاحشة؛ فإن مثل هذا الفعل من القبح بمكان
هذا على القول بأن الفاحشة هي الفعل القبيح، وأما على القول الثاني فإن هذه الصور تستوي في تحريمها مع القول السيئ في الحرمة
لأن ما يفتن المرء عن طريق آذانهم مثلُ الذي يفتنهم عن طريق أبصارهم
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
" لا تباشر المرأةُ المرأةَ فتنعتُها لزوجها كأنه ينظر إليها "
وهذا الحديث قد دل على حرمة أن تصف المرأةُ محاسنَ المرأةِ ومفاتنَها لزوجها أو غيره
وقد اعتبر الحديث وصفها هذا مشبهاً بالنظر إليها
وبالأولى منه في الحكم أن تصورها له أو لغيره في هذه الوسائل الحديثة ، فهو بذلك ينظر إليها ويراها رأي العين
وإذا كان الحديث قد ذكر مجرد التخيل المحدود بوقت قصير، فكيف بالتخيل المصحوب بالمشاهدة ولوقت أطول غالباً؟!!!
(منقول)
فالضرورة هي: بلوغ الإنسان حداً إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب الهلاك.
والحاجة هي: الافتقار إلى الشيء الذي إذا توفر للإنسان رفع عنه الحرج والمشقة، وإذا لم يتحقق له لم يحصل له فساد عظيم
مثل الجائع الذي إذا لم يأكل لم يهلك
وقد سعى الإسلام في تشريعه إلى الحفاظ على الضروريات الخمس، وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال
وشرع لذلك تشريعاً عظيماً مداره على الحفاظ على هذه الخمس لدوام حياة الفرد والجماعة،
وعلى تحسينها وتجميلها لتحقيق الرفاهية ولجريانها على السهولة واليسر بعيداً عن العنت والمشقة
ولذا فإنه حرّم على المرء كل ما يضره وأمره بفعل كل ما ينفعه.
ومع ذلك
فليس كل ضرر معتبرٌ، وليست كل مصلحة معتبرةٌ
بل إن المصلحة المعتبرة هي التي حددها الشارع الحكيم وكذلك المفسدة
حتى لا تكون المصالح والمفاسد مبنية على الأمزجة والأهواء
وإلا لساد الهرج والمرج ولدبّ الصراع بين الناس
ومن هنا كان لا بد على العبد إن أراد تحقيق مصلحته أن تكون موافقة لمراد الشارع الحكيم
ولا بد في درء المفسدة عنه أن تكون موافقة لمراد الشارع أيضاً.
والنظر إلى عورة الأجنبية عموماً
سواء كان مباشرة أو في الوسائل الحديثة من تلفاز أو صور فوتوغرافية أو فيديو كليب أو تصوير حصري أو غيرها من وسائل هذا النظر
لا يخلو من أن يحقق مصلحة أو لا.
فأما أن هذه النظرة قد حققت مصلحة، فهو غير وارد
لأن هذه المصلحة المتوهمة ملغاة؛ لأنها مصلحة عاجلة حققت نفعاً مؤقتاً للمكلف من إشباع شهوته وإمتاع نظره
ولكنها قد عارضتها مفسدة أكبر منها؛ وهي المعصية التي لحقت العبد بهذه النظرة التي نهى الله عنها
مع ما يعقب ذلك من حسرة وندامة وألم معنوي بالغ يلحقه بسبب تعديه على حدود الله، قال - تعالى -:
{وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ }
وقد عُلِم عند من له أدنى معرفة بالشريعة أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة
وإذا تعارضت مفسدة في الدنيا مع مفسدة في الآخرة قُدِم درء مفسدة الآخرة.
وأما أن هذه النظرة قد جلبت مفسدة على المكلف فهو أمر واضح
لأن الله قد حرمها، والله لا يحرم إلا ما فيه مفسدة على العبد، قال القرطبي:
(البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ووجب التحذير منه
وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -
" إياكم والجلوس على الطرقات " فقالوا: يا رسول الله مالنا من مجالسنا بُدٌ نتحدث فيها.
فقال " فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقه " قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله. قال :
" غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "
وقال - صلى الله عليه وسلم - لعلي " لا تتبع النظرةَ النظرةَ فإنما لك الأولى وليست لك الثانية)
وقال ابن كثير: (ولما كان النظر داعية إلى فساد القلب كما قال بعض السلف: النظر سهم سم إلى القلب
ولذلك أمر الله بحفظ الفروج كما أمر بحفظ الأبصار التي هي بواعث إلى ذلك، فقال - تعالى -:
{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ })
فالآية قد بيّنت أن الأمر بغض البصر وحفظ الفروج إنما هو لطلب زكاة النفوس
ولا شك أن النظر إلى هذه الصور الخليعة التي تُبَث في الوسائل الحديثة بكل أشكالها ، لا يحقق هذه التزكية المنشودة
فالنظر إليها محرم إذاً كالنظر إلى الخلاعة مباشرة لاشتراكهما في العلة
كما أن الاستثناء في قوله - تعالى -:
{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ}
يدل على أن الأصل هو أن تُخفي المرأة زينتها عن الأجانب
إلا ما لا يمكن إخفاؤه عنهم لتعذره؛ فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها
والآية أيضاً قد نهت النساء عن ضرب الأرض بأقدامهن ليُعلَم ما يُخفين من زينتهن وذلك في قوله - تعالى -:
{ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
فإذا كان هذا لئلا يُعلم ما يُخفين من زينتهن فكيف إذا أظهرن هذا المخفي بالصور أو غيرها؟! فهو بالتحريم أولى
وهذه الآية [فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ]قد بيَّنت حرمة التأسي بالمومسات وأهل الفاحشة
في إِلانة الحديث وترخيمه، ومثله أيضاً التأسي بهن في تبرجهن وسفورهن
وكذا تصويرهن في هذه الوسائل وهُنَّ على هذه الحال المزرية
فإذا حرُم تصويرهن وهُنَّ على هذه الحال فكذا النظر إليهن؛ لأن ما يتم الحرام به فهو حرام.
وقوله - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
ولا شك أن مثل هذه الصور الخليعة ونشرها داخل في معنى إشاعة الفاحشة؛ فإن مثل هذا الفعل من القبح بمكان
هذا على القول بأن الفاحشة هي الفعل القبيح، وأما على القول الثاني فإن هذه الصور تستوي في تحريمها مع القول السيئ في الحرمة
لأن ما يفتن المرء عن طريق آذانهم مثلُ الذي يفتنهم عن طريق أبصارهم
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
" لا تباشر المرأةُ المرأةَ فتنعتُها لزوجها كأنه ينظر إليها "
وهذا الحديث قد دل على حرمة أن تصف المرأةُ محاسنَ المرأةِ ومفاتنَها لزوجها أو غيره
وقد اعتبر الحديث وصفها هذا مشبهاً بالنظر إليها
وبالأولى منه في الحكم أن تصورها له أو لغيره في هذه الوسائل الحديثة ، فهو بذلك ينظر إليها ويراها رأي العين
وإذا كان الحديث قد ذكر مجرد التخيل المحدود بوقت قصير، فكيف بالتخيل المصحوب بالمشاهدة ولوقت أطول غالباً؟!!!
(منقول)
تعليق