إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لا تُعطِّلوا الدعوة من فضلكم بالتَّسرُّع في تبديع الجُهَّال وأشباه العوام فهم محلُّ دعوتنا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لا تُعطِّلوا الدعوة من فضلكم بالتَّسرُّع في تبديع الجُهَّال وأشباه العوام فهم محلُّ دعوتنا

    الحمد لله رب العالمين و بعد: فقد ابتليت الدعوة السلفية في هذه السنين الأخيرة ببعض الشباب المتحمِّس الغيور على دينه ومنهجه، وهم على هذه الغيرة يشكرون، إلا أن الذي يلزمهم هو ضبطُ غيرتهم بالضوابط الشرعية، و الأصول السلفية المرعية .
    و من هذه الحماسات غير المنضبطة لهؤلاء الشباب تعجُّلهم في إصدار الأحكام على بعض المخالفين من الجهلة المُغرَّر بهم، والملبَّس عليهم، حيث تجدهم يتسرَّعون في هجرهم و التحذير منهم و إلحاقهم بأهل البدع، من غير بذلٍ منهم لأدنى جهدٍ في مناقشتهم وتبصيرهم وإزالة الشبهات عنهم، فضلًا عن الصبر عليهم، فلا يُفرٍّقون بين الجاهل المُغرَّر به، وبين المتعصِّب المعاند، وهذا التصرف منهم مع ما فيه من المخالفة لمنهج السلف،آيلٌ من غير شعور منهم إلى قاعدة الحدادية « كلُّ من وقعَ في بدعةٍ فهو مبتدع» .
    والحق الذي يدل عليه منهج أهل السنة، والذي ينبغي لنا جميعًا أن نسير عليه في هذا الباب، هو التفريق بين أَتْباعِ المبتدع، فإنَّ منهم من هو جاهلٌ بحاله مخدوع مُلبَّسٌ عليه، لا يعرف حقيقة ما عليه متبوعه من الضلال والانحراف، فلِجَهلِه يرى بأن متبوعَه هو صاحب الحق، وأنه مظلوم من قبل من تكلم فيه وحذَّر منه من العلماء .
    و قسمٌ آخر من أتباع المبتدع عرفوا حقيقة ما عليه متبوعُهم من الانحراف، ومع ذلك ناصروه ودافعوا عنه، وردُّا أقوال علماء السنة فيه، تعصُّبًا له، ولاختلاف دافع هؤلاء وهؤلاء في اتِّباعهم للمبتدع، فرَّق أهل السنة في معاملة الفريقين، فألحقوا الفريق الثاني بالمبتدع في الحكم والمعاملة، بينما اجتهدوا في مناقشة و تبصير المخدوعين المُغرَّرِ بهم، وإقامة الحجة عليهم، ولم يتسرَّعوا في تبديعهم .
    سئل العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: هل يلحق أتباع المبتدع بالمبتدع ؟
    فأجاب حفظه الله: نعم، يُلحقون به؛ إذا ناصروه وأيَّدوه ودافعوا عنه هم جُندُه، وهو واحدٌ منهم، مثل جند فرعون (وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا ) [الأحزاب:67-68]، فالأ‌تباع، هم الضعفاء؛ الذين يخدعهم أهل الباطل، ويقودونهم إلى مخالفة الحق ومحاربة أهله، هـؤلا‌ء لهم حكم سادتهم .
    لـكـن أنتم إذا رأيتم بعض الناس مخدوعين فلا‌ بأس أن تُبصِّروهم وتُبيِّنوا لهم الحق، وإذا استمرَّ في الا‌لتصاق بسادتهم فـيُلحقون بهم »[ من "شريط مفرغ "بعنوان: « المنهج التمييعي و قواعده »] .
    و قال العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله: « إن كان يعرف المبتدع، ويحبُّه، و يُواليه، فهذا مبتدع، فهذا هو الفصل في هذه القضية، يَعرف أن هذا مبتدع ويناصره ويحارب أهل السنة والجماعة هذا مبتدع .. لاشك.
    أما إنسان ما عرف أنه مبتدع فلا تُبدِّعه، فلا تطلق عليه هذه القاعدة، الذي تدرُسه وتعرف أنه يوالي المبتدع وينافع عنه ويحارب أهل السنة من أجله ولأجل هذا الباطل ، هذا مبتدع ضالّ، أما إنسان لا يعرف أن هذا مبتدع فانصحه وبيِّن له أنه مبتدع، فإن انتهى وإلا فألحقه بصاحبه المبتدع »[انظر كتاب الشيخ " عون الباري بشرح السنة للبربهاري "(2/891) ] .
    وفي " السنة للخلال "(5/131) عن مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ[أحمد بن حنبل] قِيلَ لَهُ: فَالْوَاقِفَةُ؟ قَالَ: « أَمَّا مَنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ، فَإِنَّهُ يُبَصَّرُ، وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ وَيُبْصِرُ الْكَلَامَ، فَهُوَ مِثْلُهُمْ »انتهى .
    فالذي يُلحق بالمبتدع عند أهل السنة كما دلت عليه النقولات السابقة عن أئِمتِنا، هو المجادل المعاند المتعصب بغير وجه حق، أما المُلبَّس عليه والمخدوع فهذا عندهم يُناصح ويُعلَّم، ويُناقش حتى تزول عنه سحابة الشُّبه، وهذا هو ميدان الدعوة الحقيقي، فما بال بعض إخواننا لا يُفرِّقون بين الفريقين؟
    وهذا الصنيع يفعله في نظري صِنفان من إخواننا المتحمِّسين:
    الصنف الأول: من قلَّت بضاعتهم العلمية، وضَعُفَت بصيرتهم بأصول الدعوة السلفية، فعجزوا عن مقارعة الحجة بالحجة، وفرُّوا من المناقشة العلمية، فما حيلتهم إذًا لتغظية هذا العجز العلمي؟ هو الحكم على مثل هؤلاء الجهال المُغرَّر بهم بالبدعة، ومِن ثمَّ مُعامَلتُهم معاملة أهل الأهواء، بالهجر والتحذير، الذي يستحيل معه نصيحة، أو سعيٌ في كشف شبهة، إذِ العلاقة قد انقطعت، وظنَّ المساكين أنهم بتصرُّفهم هذا الذي تنصَّلوا به من مسؤولياتهم، قد حلُّو المشكلة، وبرِئت ذممهم، وأراحوا أنفسهم مِن عِبءٍ ثقيلٍ كانوا سيتحمَّلونه، وهذا من الغلط بمكان، إذ هو مسلكٌ قاضٍ على الدعوة، ومٌعطِّلٌ لها، كيف وهؤلاء الجهال والمخدوعين هم محلُّ دعوتنا؟ .
    سئل العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: ما نصيحة شيخنا لبعض الإخوة الذين لا يفرقون بين دعوة العامي الذي وقع في البدعة، وبين الداعية إلى البدعة وما هو منهج السلف في ذلك؟
    فأجاب:« السلف فرَّقوا بين الدعاة وغيرهم، الدعاة عاملوهم بشدة، هجروهم وقاطعوهم ولم يأخذوا عنهم العلم، وإذا تمادى في دعوته إلى الباطل أغروا به ولاة الأمور فيقتلونه، إلى آخر ما عاملوا به أولئك الضلال .
    وأما السَّاكت والعامي فهذا له معاملة أخرى.. . نترفَّق بعوامهم، ندعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة ونبين لهم.. .، فهذا الجاهل الذي ترى أنه على بدعة علِّمه، وبيِّن له خطأه، وبين له أن هذا العمل بدعة، بالحجة والبرهان، فلعل الله أن يهديه على يديك، ولا تسبق الأحكام البيان، قدم البيان ثم بعدها إذا عاند واستكبر وأبى عند ذلك عامله بما يستحق من أحكام وغيرها »[ "مجموعة كتب ورسائل الشيخ " (14/163) ] .
    فالأساس هو البيان وهداية الناس ودعوتهم وإنقاذهم من الضلال، لا العجلة في الهجر والتحذير وإصدار الأحكام، فإن هذه بضاعة المفلسين، وهي معاملةٌ قد يُواجَهُ السَّلفيُّ بمثلها، فما أسْهَلها .
    ولا يُفهم من كلامي هذا أنِّي أزجُّ بصغار الطلبة والمبتدئين وأشباه العوام، و أُقحمهم في مناظرة أصحاب الشُّبه، ومناقشتهم، فإن هذا ليس إليهم، و لستُ أعنيهم بمقالي هذا، بل إن أمثال هؤلاء ليس لهم إلا الهجر الوقائي للمعاندين والمتأثرين على حدِّ السواء، حتى لا تنتقل إليهم العدوى، ولكن ليس معنى هذا أنهم يتهجَّمُون على أولئك بالتبديع والتَّحذير .
    وأمَّا مقالي فهو مُوجَّهٌ رأسًا لطلبة العلم، المتمكِّنين منهم والمستفيدين، الذين لهم أهلية لمثل هذا، أن يُشمِّروا عن ساعد الجدّ في دعوة الناس وتبصير الجهال والمخدوعين منهم .
    قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله: « السلفيون قسمان :
    * سلفي قوي، يستطيع أن يبلغ دعوة الله في أهل البدع وفي الأحزاب ـ بارك الله فيك ـ بالحجة والبرهان، ويؤثر فيهم ولا يؤثرون فيه، فهذا واجبه أن يختلط بهؤلاء ويدعوهم، لا لأجل أكل، ولأجل شرب، ولا مداهنة، ولا شيء من أمور الدين، ولا إقرار على باطل، إنما يحصِّلهم في المساجد يدعوهم، يحصلهم في الأسواق يدعوهم، يركب معه في سيارة يدعوه، يركب معه في طائرة يدعوه، يركب في قطار يدعوه .
    يدعو لأنه لابد من الاختلاط بهؤلاء ـ ما له فكة منهم ـ لأن أهل البدع والأهواء أغلبية ساحقة و السلفيُّون كالشعرة البيضاء في الثور الأسود ـ بارك الله فيكم ـ فرغم أنفه يختلط بهؤلاء، لكن ما واجبه ؟
    واجبه تبليغ دعوة الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فهذا: إذا جلس في بيته بحجة هجران أهل البدع! فهذا موَّت الدعوة!!
    فمثلا: إنسان جاهل ضعيف الشخصية إذا سمع أدنى شبهة أخذته، فهذا ينبغي أن ينجو من أهل الشبه والبدع، ويبتعد عنهم، لا يجالسهم، لكن إذا امتحنك إنسان وسلم عليك، فقل: وعليك السلام؛ لكن؛ أن تجالسهم وتُؤاكلهم، وتضاحكهم، وتجلس إليهم: فأنت في هذا مخطئ؛ لأن ما فعلته مخالف للمنهج السلفي، ومخالف للسنة.. .
    السلفيون الذين قبلنا قد انتشروا كذلك بين أهل البدع، وأثَّرُوا فيهم، وأدخلوا الألوف في حظيرة المنهج السلفي، فمن كان مناظرًا قويًّا، وقوي الشخصية، أو عالمًا أقام الحجة ودعا هؤلاء بالحكمة والموعظة الحسنة، وسترون آثار هذا .
    والضعيف؛ لا والله لا يخالط، في الجملة؛ لكن إذا امتُحن بالسلام عليه فليسلِّم؛ ولا شيء عليه، وإلا فماذا يصنع ؟ لكن لا يخالط ولا يجالس »["المرجع السابق"(1/488-490) ] .
    الصنف الثاني: وأما الصنف الثاني من إخواننا المتحمِّسين للأحكام، المتعجِّلين في استخدام الكيّ، فهم بعض الشَّباب الذين يريدون بتصرُّفاتهم هذه إظهار صلابَتِهم في المنهج، وأنهم سلفيوُّن أَقْحَاح، حيث ولجهلهم ظنُّوا أن الشدَّة هي عنوان الثَّبات والاستقامة، فَغَاب أسلوب الحكمة واللِّين في دعوتهم، فأتعبوا الدعوة السلفية بفِتَنِهم ومشاكِلهم .
    وهذا آخر التنبيه الذي أردتُ، فإن أصبتُ فمِن الله وحدهُ، وإن أخطأتُ فمِني ومن الشيطان، والله ورسوله ومنهج السلف منه براء، ولم أُرِد بهذا إلا النُّصح والإصلاح ما استطعت، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

  • #2
    ..... أهل البدع والأهواء أغلبية ساحقة و السلفيُّون كالشعرة البيضاء في الثور الأسود

    .( وهاذا ما يلاحظ اليوم كثيرا للأسف ) : ......حيث ولجهلهم ظنُّوا أن الشدَّة هي عنوان الثَّبات والاستقامة، فَغَاب أسلوب الحكمة واللِّين في دعوتهم، فأتعبوا الدعوة السلفية بفِتَنِهم ومشاكِلهم .

    بارك الله فيك و جزاك خيرا
    أخي ابراهيم موفق بإذن الله
    كلمات غالية و نافعة بإذن الله

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك و فيما كتبت .. إن الحكمة نعمة عظيمة يؤتيها الله من يشاء من عباده

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا

        تعليق


        • #5
          رحمك الله يا شيخ إبراهيم.

          تعليق


          • #6
            مقال طيّب جدا رفع الله قدرك أيّها الفاضل.

            تعليق


            • #7
              جزاك الله خيرا أخي الفاضل إبراهيم على مقالك الطيِّب، دمت مفيدا لإخوانك.

              تعليق


              • #8
                جزاكم الله خيرا
                هنا فتوى أخرى للشيخ ربيع مؤيد لكلامك

                قال فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله:

                (إن أهل البدع الآن كثير يملئون الأرض والعياذ بالله! فنحن لا نهجر الجميع إنما هم محل دعوتنا؛ ندعوهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأما الرءوس المدبرة والدعاة إلى الباطل في صحفهم ومجلاتهم وكتبهم وأشرطتهم ومحاضراتهم وندواتهم ومواقعهم، هؤلاء يحاربون ويحذر منهم ولا يجالسون ولا يقرأ لهم ولا يستفاد منهم.

                وعوامهم المساكين المخدوعون هؤلاء ندعوهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وهذا الكلام يؤيده كلام كثير من أئمة السنة ومعاملتهم؛ أنهم يدعون العوام إلى الله -تبارك وتعالى- ولا يهجرونهم كما يهجرون أئمة السوء وأئمة الشر وأئمة الضلال.

                افهموا هذا!؛ حتى لا يفهم بعضكم أن كل من وقع في بدعة بت هجره لا كلام معه ولا دعوة ولا شيء! لا، الدعوة قائمة حتى للكفار ولليهود والنصارى، والدعوة قائمة لأهل البدع أيضا لكن لا يتميع الإنسان فيذهب يداخلهم ويأنس إليهم حتى يضيع؛ تخلص لله عز وجل وتحاول إنقاذ هذا الذي وقع في الضلال بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرض الجيد المقرون بالحجة والبرهان؛ فإن هذا سبب من أسباب الهداية؛ وقد حصل به هداية الكثير في كثير من البلدان.

                جاء الإمام محمد بن عبدالوهاب والدنيا مظلمة فجاهد بالدعوة إلى الله -تبارك وتعالى- وهدى الله على يديه الكثير؛ كانوا قبوريين وخرافيين وضالين واهتدوا على يديه، وشيخ الإسلام ابن تيمية كذلك، وأئمة الدعوة في الهند من السلفيين؛ جاءوا والدنيا مظلمة ونشروا هذه الدعوة فاستجاب لهم الملايين، قال تعالى:
                {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين}
                [النحل:(125).
                ----------------------------
                مجموع كتب ورسائل وفتاوى فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله:
                (351-352/2).

                تعليق


                • #9
                  جزاك الله خيرًا أخانا الفاضل إبراهيم على هذا المقال الطيب

                  تعليق


                  • #10
                    يرفع عساه ينفع
                    مقال جميل

                    تعليق

                    الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
                    يعمل...
                    X