إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نصيحة غالية في تقديم المحفوظات بعضِها على بعض ابن الجوزي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نصيحة غالية في تقديم المحفوظات بعضِها على بعض ابن الجوزي

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

    قال ابن الجوزي في كتابه "الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ " :

    أَوَّلُ مَا يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ مُقَدِّمَةٌ فِي الاعْتِقَادِ تَشْتَمِلُ عَلَى الدَّلِيلِ عَلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، وَيُذْكَرُ فِيهَا مَا لا بُدَّ مِنْهُ ، ثُمَّ يَعْرِفُ الْوَاجِبَاتِ ثُمَّ حِفْظَ الْقُرْآنِ ثُمَّ سَمَاعَ الْحَدِيثِ.

    وَلا بُدَّ مِنْ حِفْظِ مُقَدِّمَةٍ فِي النَّحْوِ يَقُومُ بِهَا اللِّسَانُ ، وَالْفِقْهُ عُمْدَةُ الْعُلُومِ ، وَجَمْعُ الْعُلُومِ مَمْدُوحٌ إِلا أَنَّ أَقْوَامًا أَذْهَبُوا الأَعْمَارَ فِي حِفْظِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِهَا غَرِيبُ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَمَا يُفَضَّلُ عَنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَذْمُومٍ غَيْرَ أَنَّ غَيْرَهُ أَهَمُّ مِنْهُ.

    وَإِنَّ أَقْوَامًا أَذْهَبُوا أَزْمَانَهُمْ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ فَاشْتَغَلُوا بِمَا غَيْره أَصْلَح مِنْهُ مِنَ الشَّوَاذِّ الْمَهْجُورَةِ ، وَالْعُمْرُ أَنْفَسُ مِنْ تَضْيِيعِهِ فِي هَذَا.

    وَإِنَّ أَقْوَامًا أَذْهَبُوا أَعْمَارَهُمْ فِي طُرُقِ الْحَدِيثِ ، وَلَعَمْرِي إِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ إِلا أَنَّ تَقْدِيمَ غَيْرِ ذَلِكَ أَهَمُّ.

    فَنَرَى أَكْثَرَ هَؤُلاءِ الْمَذْكُورِينَ لا يَعْرِفُونَ الْفِقْهَ الَّذِي هُوَ أَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ ، وَمَتَى أَمْعَنَ طَالِبُ الْحَدِيثِ فِي السَّمَاعِ وَالْكِتَابَةِ ذَهَبَ زَمَانُ الْحِفْظِ ، وَإِذَا عَلَتِ السِّنُّ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحِفْظِ الْمُهِمِّ ، وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ شَرَفَ الْفِقْهِ فَانْظُرْ إِلَى مَرْتَبَةِ الأَصْمَعِيِّ فِي اللُّغَةِ ، وَسِيبَوَيْهِ فِي النَّحْوِ ، وَابْنِ مَعِينٍ فِي مَعْرِفَةِ الرِّجَالِ ، كَمْ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَرْتَبَةِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْفِقْهِ.

    ثُمَّ لَوْ حَضَرَ شَيْخٌ مُسِنٌّ لَهُ إِسْنَادٌ لا يَعْرِفُ شَيْئًا مِنَ الْفِقْهِ بَيْنَ يَدَيْهِ شَابٌّ مُتَفَقِّهٌ فَجَاءَتْ مَسْأَلَةٌ : سَكَتَ الشَّيْخُ ، وَتَكَلَّمَ الشَّابُّ ، وَهَذَا يَكْفِي فِي فَضْلِ الْفِقْهِ.

    وَلَقَدْ تَشَاغَلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ بِعُلُومِ الْحَدِيثِ ، وَأَعْرَضُوا عَنِ الْفِقْهِ ، فَلَمَّا سُئِلُوا عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الأَحْكَامِ افْتُضِحُوا.

    أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ ، أَخْبَرَنَا الْخَطِيبُ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْبَرْقَانِيَّ يَقُولُ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ الْفَقِيهُ : كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بْنِ صَاعِدٍ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : أَيُّهَا الشَّيْخُ مَا تَقُولُ فِي بِئْرٍ سَقَطَتْ فِيهَا دَجَاجَةٌ فَمَاتَتْ ؟ هَلِ الْمَاءُ طَاهِرٌ أَمْ نَجِسٌ ؟ فَقَالَ يَحْيَى : وَيْحَكِ كَيْفَ سَقَطَتِ الدَّجَاجَةُ فِي الْبِئْرِ ؟ قَالَتْ : لَمْ تَكُنْ مُغَطَّاةً ، فَقَالَ : أَلا غَطَّيْتِهَا حَتَّى لا يَقَعَ فِيهَا شَيْءٌ.

    قَالَ الأَبْهَرِيُّ : قُلْتُ : يَا هَذِهِ إِنْ كَانَ الْمَاءُ تَغَيَّرَ وَإِلا فَهُوَ طَاهِرٌ.

    وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ : بَلَغَنِي أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ وَهُوَ يُحَدِّثُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ مِقْدَارُ أَلْفِ نَفْسٍ ، فَقَالَتْ : بِصدقة أزاري فَقَالَ : بِكَمِ اشْتَرَيْتِهِ.

    قَالَتْ : بِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا.

    فَلَمَّا مَرَّتْ قَالَ : آه ، آه أَمَرْنَاهَا بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ ، وَلَوِ اتَّسَعَ الْعُمُرُ لأَمَرْتُكَ بِاسْتِقْصَاءِ كُلِّ عِلْمٍ إِذِ الْكُلُّ مَمْدُوحٌ ، فَلَمَّا قَصُرَ الْعُمُرُ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْمُهِمِّ وَالأَفْضَلِ .
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X