تغريد
بسم الله الرحمن الرحيم
من صور تواضع الكبار/ يُقال مفيدة
من صور تواضع الكبار/ يُقال مفيدة
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
ترجم الإمام الذهبي رحمه الله لنفسه في كتابه المعجم المختص بالمحدثين في حرف الذال ص 98 فقال :
الذَّهَبِيُّ: الْمُصَنِّفُ، مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ قَايِمَازَ ابْنِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ التُّرْكُمَانِيُّ الْفَارِقِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ الْمُقْرِئُ الْمُحَدِّثُ، مُخَرِّجُ هَذَا الْمُعْجَمِ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّ مِائَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو زَكَرِيَّا ابْنُ الْمِصْرِيِّ , وَابْنُ أَبِي الْخَيْرِ , والْقُطْبُ بْنُ عَصْرُونَ , وَالْقَاسِمُ الْأَرْبِلِيُّ , وَعِدَّةٌ.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْقَوَّاسِ، بِالْعَلِيكِ مِنَ التَّاجِ ابْنِ عُلْوَانَ وَبِالْقَاهِرَةِ مِنَ الدِّمْيَاطِيِّ، وَبِالْقَرَافَةِ مِنَ الْأَبْرَقُوهِيِّ، وَبِالثَّغْرِ مِنَ الْغَرَّافِيِّ، وَبِمَكَّةَ مِنَ التَّوْزَرِيِّ، وَبِحَلَبَ مِنْ سُنْقُرٍ الْمُزَنِيِّ، وَبِنَابُلْسَ مِنَ الْعِمَادِ ابْنِ بَدْرَانَ.
وَجَمَعَ تَوَالِيفَ ,يُقَالُ مُفِيدَةٌ , وَالْجَمَاعَةُ يَتَفَضَّلُونَ وَيُثْنُونَ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَخْبَرَ بِنَفْسِهِ فِي الْعِلْمِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ، وَإِذَا سَلِمَ لِي إِيمَانِي فَيَا فَوْزِي. أهـ
فرحم الله الإمام الذهبي وسقاه من سلسبيل الجنة .
يقول هذا الكلام وهو الشيخ الحافظ الكبير و مؤرخ الإسلام وشيخ المحدثين صاحب التصانيف الكثيرة الجليلة التي لا تكاد تخلو مكتبة طالب علم منها بل لا يكاد يستغني عنها طالب علم إطلاقا.
قال ابن تغري بردي في المنهل الصافي بعد ترجمة حسنة: "وله أوراد هائلة وتصانيف كثيرة مفيدة، منها: تاريخ الإسلام الكبير في أحد وعشرين مجلدا، ومختصره سير النبلاء في عدة مجلدات كثيرة، ومختصر العبر في خبر من غبر، ومختصر آخر سماه الدول الإسلامية ومختصره الصغير المسمى بالإشارة ومختصره أيضا وسماه الإعلام بوفيات الإعلام، واختصر تهذيب الكمال للمزي وسماه تذهيب التهذيب، واختصر أيضا منه مجلدا سماه الكاشف، وله ميزان الاعتدال في نقد الرجال، والمغنى في الضعفاء مختصره، ومختصر آخر قبله، والنبلاء في شيوخ السنة مجلد والمقتنى في سر الكنى، وطبقات الحفاظ مجلدين، وطبقات مشاهير القراء مجلد، والتاريخ الممتع في ستة أسفار، والتجريد في أسماء الصحابة، ومشتبه النسبة، واختصر أطراف المزي واختصر تاريخ بغداد للخطيب، واختصر تاريخ ابن السمعاني، واختصر وفيات المنذري والشريف النسابة، واختصر سنن البيهقي على النصف من حجمها مع المحافظة على المتون، واختصر تاريخ دمشق في عشر مجلدات، واختصر تاريخ نيسابور للحاكم، واختصر المحلى لابن حزم واختصر الفاروق لشيخ الإسلام الأنصاري وهذبه، واختصر كتاب جواز السماع لجعفر الأدفوي واختصر الزهد للبيهقي، والقدر له، والبعث له، واختصر الرد على الرافضة لابن تيمية مجلد، واختصر العلم لابن عبد البر، واختصر سلاح المؤمن في الأدعية، وصنف الروع والأدجال في بقاء الدجال، وكتاب كسر وثن رتن الهندي، وكتاب الزيادة المضطرة، وكتاب سيرة الحلاج، وكتاب الكبائر وكتاب تحريم أدبار النساء، كبيرة وصغيرة، وكتاب العرش، وكتاب أحاديث الصفات، وجزء في فضل آية الكرسي، وجزء في الشفاعة، وجزءان في صفة النار، ومسئلة السماع جزء، ومسئلة الغيب وكتاب رؤية الباري، وكتاب الموت وما بعده، وطرق أحاديث النزول، وكتاب اللباس، وكتاب الزلازل ومسئلة دوام النار، وكتاب التمسك بالسنن، وكتاب التلويح بمن سبق ولحق، وكتاب مختصر في القراءات، وكتاب هالة البدر في أهل بدر، وكتاب تقويم البلدان، وكتاب ترجمة السلف، ودعاء المكروب، وجزء صلاة التسبيح، وفضل الحج وأفعاله، وكتاب معجم شيوخه الكبير، والمعجم الأوسط، والمعجم الصغير، والمعجم المختص، وله عدة تصانيف أضربت عنها لكثرتها" [شذرات الذهب 3/153]
أما عن منزلة تصانيفه وجلالتها فقد قال الحافظ ابن حجر :" ورغب الناس في تواليفه ورحلوا إليه بسببها وتداولوها قراءة ونسخا وسماعا " [الدرر الكامنة ص 3/427]
وقال تلميذه الحسيني يتحدث عن كتبه " وقد سار بجملة منها الركبان في أقطار البلدان" [ذيل تذكرة الحفاظ 36]
أما في دنيا الناس اليوم فإنك ترى وتسمع العجب في هذا الباب، من انتحال لكتب ورسائل برمتها، وتنتيف للكتب ونفخها -بالترف العلمي والتطويل الذي ليس من وراءه طائل- وهم مع هذا من أعظم الناس كبرا و أشدهم تيها وعجبا والله المستعان.
قال الشيخ بكر رحمه الله : "فهذا التغرير شيء لا تسأل عنه فقد بلغ فيه العبث مبلغا جاوز طوره وازدحمت عليه ممارسات المتأكلين وتكسرت منهم النصال على النضال من كتبيين ووراقين ومحققين .... في فوضى لا نعلم لها على وجه الأرض من رادع لكن لعل التنبيه ينفع من كان له من نفسه وازع " [التعالم 70]
والتكلم في هذا الموضوع يطول وحسبنا ما أشرنا إليه حتى يعرف كل منا قدره "فالتأليف المقبول لا بد أن يكون بقلم من اتسعت مداركه وطال جده وطلبه ، والصنعة بصانعها الحاذق ومعلمها البارع " [التعالم 76]
ولعلنا نختم بكلام ذهبي للإمام الذهبي رحمه الله قال:" ينبغي للعالم أن يتكلم بنية وحسن قصد فإن أعجبه كلامه فليصمت وإن أعجبه الصمت فلينطق ولا يفتر عن محاسبة نفسه فإنها تحب الظهور والثناء " [4/494]
ولعل هذا هو السر في رفعة القوم وتلقي الناس لمصنفاتهم بالقبول والله المستعان، وزن مقالاتك أخي الموفق بهذا الميزان الذهبي من كلام الامام الذهبي وإلا فاقصر واعط القوس باريها.
تعليق