إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ويعرف لعالمنا حقه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ويعرف لعالمنا حقه

    وَيَعْـرِف لِعَـالِـمِنَا حَقَّـه












    بسم الله الرحمن الرحيم


    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بعثه الله رحمة للعالمين، أما بعد:
    فإن من أعظم نعم الله علينا أن أكرمنا بحضور مجالس أهل العلم عامة منها والخاصة، والأخذ عنهم مشافهة، والدنو منهم مجالسة، فتعلمنا منهم العلم النافع، والأخلاق الحسنة والآداب الفاضلة، فكانت ثمار زرعهم حلوة ماتعة، جزاهم الله عنا خيراً.
    ولقد بذلنا جهداً يسيراً – مع تقصير كثير – في رد شيء من جمائلهم علينا، بأن نؤدي رسالتهم العلمية إلى الناس في غيبتهم، ونتجمل لهم بحسن الخلق وجميل الأدب في حضرتهم.
    إلا أننا في بعض المجالس كنا – ولا زلنا – نتأذى من تصرفات أناس لا يعرفون لأهل العلم قدرهم، لا لشيء إلا لأجل أن الشيخ يلين لهم جانبه ويقربهم منه، فلا يحسنون استغلال هذا الخير، فحسبون – جهلاً منهم – أن حاجز الأدب والاحترام بينهم وبين الشيخ قد رفع، فيعاملونه معاملة لا تليق بطالب مع شيخه، مما قد ينقص من هيبة الشيخ عند بعض الحضور.
    فارتأيت أن أجمع كلمات في باب الأدب مع أهل العلم لعل الله ينفعني وعامة الطلاب وغيرهم بها.

    · أهمية الآداب في القرآن:


    وتتجلى هذه الأهمية في كثير من الآيات والسور، بل إن الله تعالى أنزل سورة كاملة سميت " سورة الآداب " وهي سورة الحجرات، قال ابن كثير –رحمه الله- في تفسيره: هذه آيات أدب الله تعالى بها عباده المؤمنين فيما يعاملون به الرسول -صلى الله عليه وسلم- من التوقير والاحترام والتبجيل والإعظام. ا.هـ
    وما كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الوحي المنزل عليه،فعن سعد بن هشام بن عامر قال: أتيت عائشة فقلت: يا أم المؤمنين أخبريني بخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: " كان خلقه القرآن، أما تقرأ القرآن، قوله تعالى: [ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ] " رواه أحمد ومسلم وأبو داود.


    · عناية السنة النبوية بالأخلاق الحميدة:


    إن ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم لبحر زاخر بالنصوص الحديثية المتنوعة بين:
    - الحث على محاسن الأخلاق والثناء على أصحابها.
    - والنهي عن مساوئ الأخلاق وذم أصحابها.
    عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إليَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقاً » رواه الترمذي.
    عَنْ عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ: « إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ » رواه أبو داود، وعَنْ عَائِشَةَ أيضاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ رَجُلا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: « ائْذَنُوا لَهُ ، فَلَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ »، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَلَانَ لَهُ الْقَوْل. قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قُلْتَ لَهُ الَّذِي قُلْتَ ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ. قَالَ: « يَا عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ » رواه البخاري ومسلم.


    · معرفة قدر العلماء:


    قال ابن القيم -رحمه الله- عند قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: « إن العلماء ورثة الأنبياء »: هذا من أعظم المناقب لأهل العلم؛ فإن الأنبياء خير خلق الله، فورثتهم خير الخلق بعدهم.
    ولما كان كل موروث ينتقل ميراثه إلى ورثته، إذ هم الذين يقومون مقامه من بعده ، ولم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أرسلوا به ، إلا العلماء ، كانوا أحق الناس بميراثهم ، وفي هذا تنبيه على أنهم أقرب الناس إليهم ، فإن الميراث إنما يكون لأقرب الناس إلى الموروث ، وهذا كما أنه ثابت في ميراث الدينار والدرهم ، فكذلك هو في ميراث النبوة ، والله يختص برحمته من يشاء ". مفتاح دار السعادة (1/66 )
    عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ » رواه أحمد، وقال سفيان بن عيينة: " أرفع الناس عندالله منزلة من كان بين الله وبين عباده وهم الأنبياء والعلماء ".
    ومما هو معلوم أن مجالس العلم يحضرها الملائكة السياحون، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إن لله ملائكة سياحين يلتمسون مجالس الذكر، فإذا وجدوها تنادوا هلمُّوا إلى حاجتكم فيحيطون بهم إلى عنان السماء، ويسمعون منهم أذكارهم وأعمالهم الطيبة، ثم إذا عرجوا سألهم الله عما وجدوا، وهو أعلم سبحانه وتعالى، فيخبرونه بما شاهدوا » رواه أحمد.
    فلا ينبغي لمن حضر هذه المجالس أن يحدث فيها شيئاً لا يليق بمنزلة الحاضرين، قال الشعبي رحمه الله: " يا طلاب العلم، لا تطلبوا العلم بسفاهة وطيش، اطلبوه بسكينة ووقار وتؤدة " ( روضة العقلاء / 34 ).
    وقال رحمه الله: "إِنَّمَا كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الْعِلْمَ مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ خَصْلَتَانِ: الْعَقْلُ وَالنُّسُكُ، فَإِنْ كَانَ نَاسِكًا وَلَمْ يَكُنْ عَاقِلا، قَالَ: هَذَا أَمْرٌ لا يَنَالُهُ إِلا الْعُقَلاءُ، فَلَمْ يَطْلُبْهُ، وَإِنْ كَانَ عَاقِلا وَلَمْ يَكُنْ نَاسِكًا، قَالَ: هَذَا أَمْرٌ لا يَنَالُهُ إِلا النُّسَّاكُ، فَلَمْ يَطْلُبْهُ "، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: " وَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ يَكُونَ يَطْلُبُهُ الْيَوْمَ مَنْ لَيْسَتْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا: لا عَقْلٌ وَلا نُسُك " رواه الدارمي.
    وقال الإمام الآجري رحمه الله: فَإِذَا أَحَبَّ مُجَالَسَةَ الْعُلَمَاءَ جَالَسَهُمْ بِأَدَبٍ، وَتَوَاضُعٍ فِي نَفْسِهِ، وَخَفَضَ صَوْتَهُ عَنْ صَوْتِهِمْ، وَسَأَلَهُمْ بِخُضُوعٍ، وَيَكُونُ أَكْثَرَ سُؤَالِهِ عَنْ عِلْم مَا تَعَبَّدَهُ اللَّهُ بِهِ، وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ فَقِيرٌ إِلَى عِلْمِ مَا يَسْأَلُ عَنْهُ، فَإِذَا اسْتَفَادَ مِنْهُمْ عِلْمًا أَعْلَمَهُمْ أَنِّي قَدْ أُفِدْتُ خَيْرًا كَثِيرًا، ثُمَّ شَكَرَهُمْ عَلَى ذَلِك.
    وَإِنْ غَضِبُوا عَلَيْهِ لَمْ يَغْضَبْ عَلَيْهِمْ، وَنَظَرَ إِلَى السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ غَضِبُوا عَلَيْهِ، فَرَجَعَ عَنْهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ، لا يَضْجَرُهُمْ فِي السُّؤَالِ، رَفِيقٌ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ، لا يُنَاظِرُهُمْ مُنَاظَرَةً يُرِيهُمْ أَنِّي أَعْلَمُ مِنْكُمْ.
    وَإِنَّمَا هِمَّتُهُ الْبَحْثُ لِطَلَبِ الْفَائِدَةِ مِنْهُمْ، مَعَ حُسْنِ التَّلَطُّفِ لَهُمْ، لا يُجَادِلُ الْعُلَمَاءَ، وَلا يُمَارِي السُّفَهَاءَ، يُحْسِنُ التَّأَنِّي لِلْعُلَمَاءِ مَعَ تَوْقِيرِهِ لَهُمْ، حَتَّى يَتَعَلَّمَ مَا يَزْدَادُ بِهِ عِنْدَ اللَّهِ فَهْمًا فِي دِينِهِ. " ( أخلاق العلماء/51 ).
    روى الخلال أن أحمد جاء إلى وكيع وعنده جماعة من الكوفيين فجلس بين يديه من أدبه وتواضعه . فقيل يا أبا عبد الله إن الشيخ ليكرمك فما لك لا تتكلم ؟ فقال : وإن كان يكرمني فينبغي لي أن أجله وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : ما استأذنت قط على محدث كنت أنتظر ، حتى يخرج إلي ، وتأولت قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ } . ( الآداب الشرعية ج2/ 7 )
    وقال ابن مفلح: وينبغياحترام المعلم والتواضع له، وكلام العلماء في ذلك معروف ويأتي ذلك بعد نحو كراس في الفصول المتعلقة بفضائل أحمد بعد ذلك في الكلام في العلم والعالم وبعد فصول آداب الإنسان فيمن مشى مع إنسان ونحو ذلك.
    وقد قال ابن حزم قبل السبق والرمي في الإجماع : اتفقوا على إيجاب توقير أهل القرآن والإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الخليفة والفاضل والعالم وذكر بعض الشافعية في كتابه فاتحة العلم أن حقه آكد من حق الوالد لأنه سبب لتحصيل الحياة الأبدية ، والوالد سبب لحصول الحياة الفانية وعلى هذا تجب طاعته وتحرم مخالفته ، وأظنه صرح بذلك وينبغي أن يكون فيما يتعلق بأمر العلم لا مطلقا . والله أعلم . " ( الآداب الشرعية ج 1 / 463).


    · مواقف مؤسفة:


    يقف الحليم حيراناً تجاه تصرفات بعض من ظن نفسه قد بلغ المنزلة بكثرة مخالطته للشيخ، إذ زيادة على غفلته عن تحصيل الأدب الشرعي يُظهر سوء خلقه ولا يخفيه.
    - عدم احترام مجلس الشيخ:
    فتجده ساهيا لاهياً غير آبه لكلام الشيخ، مظهراً بلسان حاله أنه غير مهتم في هذا المجلس إلا بالمكوث، أما المادة العلمية فهو غير معني بها لأنه – في نظره – من خاصة الخاصة، وفقد فقه من العلم ما لم يدركه غيره، وما هذا منه إلا لجهله بحقيقة التعلم، فَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ « فَجَلَسَ، وَجَلَسْنَا، كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ » رواه ابن ماجه وغيره.
    فلم يكن من فعل الصحابة -رضي الله عنهم- اللهو والسهو أثناء جلوسهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه إليهم.
    قال عطاء بن أبي رباح: " إن الرجل ليحدثني بالحديث، فأنصت له كأني لم أسمع هذا الحديث من قبل، وقد سمعته قبل أن يولد ". ( الآداب الشرعية ج 2 / 163 )


    - عدم احترام الشيخ بعد المجلس:
    ترى هذا الصنف من الناس لا يعير اهتماما إلا لسقطة الشيخ وخطأه، فيحفظه حفظاً لا يُنسى، فإذا انصرف من المجلس حدث الناس بذلك الخطأ، ولسان حاله يقول قد بلغت من العلم منزلة أدركت بها ما فات الشيخ.
    قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: " وإذا بدا لك خطأ من الشيخ، أو وهم فلا يسقطه ذلك من عينك، فإنه سبب لحرمانك من علمه، ومن ذا الذي ينجو من الخطأ سالماً؟ " حلية طالب العلم.
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وعلى كل حال لا ينبغي للإنسان أن يسقط الشيخ من عينه لأجل خطأ من ألف إصابة " شرح الحلية.
    ومن صور التنكر عدم نسبة العلم إلى معلمه، وعدم اعترافه له بالجميل، بل إنه ينقل قول شيخه في المسائل مفصلاً وينسبه إلى نفسه تشبعاً بما لم يعط، وإلى الله المشتكى.



    · العالم إنما هو بشر


    يعتقد بعض الناس ممن أكثر أو أقل من ملازمة العلماء أن العالم لا يصح في حقه أن يتصرف في أموره مثل البشر، بل ينبغي دائماً أن يتميز عنهم في كل شؤونه، فإن هو ضحك أو مازح أو تكلم في أمور الدنيا كان ذلك منقصاً من قدره في العلم، وهذا -وأيم الله- لضرب من ضروب الجهل، والله المستعان.
    عن حنظلة الأسيديقال -وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال:لقينيأبو بكرفقال: كيف أنت ياحنظلة؟قال: قلتنافقحنظلة.قال سبحان الله ما تقول؟ قال: قلت نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا، قالأبو بكر:فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أناوأبو بكرحتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت:نافقحنظلةيا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندكعافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم،ولكن ياحنظلةساعة وساعة -ثلاث مرات-. » رواه مسلم.

    فهل يرى هذا الصنف من الناس أن للعلماء مقاماً أرفع من مقام الصحابة، وفي مقدمتهم – أبو بكر – فيكون خيراً منهم ؟


    · الخاتمة: نصح العسل


    إن الناظر في السنة النبوية يجد زاخرة بالأحاديث التي تبين اعتناء النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه وتقديم ذوي الفضل منهم وتقريبهم منه كل حسب منزلته، فكثيراً ما نقرأ في السنن: " دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- أو خرج أو أقبل أو صعد أحداً ... ومعه أبو بكر وعمر "، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قدم في الدفن في شهداء غزوة أحد أكثرهم قرآناً، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « لكل نبي حواري وحواري الزبير » رواه البخاري ومسلم.
    وإنا لنرجو من علمائنا ومشايخنا أن يحذوا هذا الحذو في انتقاء من يقربونهم إليهم، فهذا أسلم من أن يؤتوا من قبلهم.
    وقد أحسن من قال:
    ومن يجالس ردي الطبع يَرْدَ به *** كصاحب الكير إن يَسلم مجالسه
    والمرء يخبث بالأشرار يصحبهم *** فالماء صَفْـوٌ طهورٌ فـي إصالته
    ونالَهُ دنس من عرضه الكدرِ *** من نَتْنِهِ لم يُوَقَّ الحرق والشـرر
    ولو غدى أحسن الأخلاق والسِّيَر *** حتى يُجاوِرُه شيء من الكــدر

    وقال أبو هلال العسكري: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ عِسْلٌ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيُّ قَالَ: أَذِنَ هِشَامٌ إِذْنًا عَامًّا، فَدَخَلَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَضَى حَاجَتَهُمْ، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّ مَجْلِسَهُ خَلا مِنْهُمْ أَقْبَلَ عَلَى جُلَسَائِهِ، فَقَالَ: مَنِ الَّذِي يَقُولُ: أَخَذْنَ الْقُرُونَ فَعَكَفْنَهَا كَعَكْفِ الْعَسِيفِ غَرَابِيبَ مِيلا ؟ قَالَ: فَسَكَتَ الْقَوْمُ، وَقَدْ تَخَلَّفَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي حَاجَةٍ لَهُ كَالمختَفِي، فَقَالَ لِلَّذِي يَلِيهِ: قُلْ: امْرُؤُ الْقَيْسِ.
    فَقَالَ: امْرُؤُ الْقَيْسِ.
    فَقَالَ: مَا يَعْنِي؟ فَقَالَ الرَّجُلُ يُلَقِّنُهُ: قُلِ: الْقَرْعُ.
    فَقَالَ: الْقَرْعُ.
    فَضَحِكَ هِشَامٌ، وَجَعَلَ يَضْرِبُ بِرِجْلِهِ، فَقَالَ لِلْعِرَاقِيِّ: أَهَكَذَا هُوَ؟ قَالَ: لا.
    قَالَ: فَلِمَنِ الشِّعَرُ ؟ قَالَ : لِكُثَيرٍ.
    قَالَ : يَصِفُ مَاذَا ؟ قَالَ : يَصِفُ شُعُورَ النِّسَاءَ.
    فَقَالَ : مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا ؟ قَالَ : تَدَنِّي هَؤُلاءِ وَتَقَصِّينَا ! وَهَذَا يَقُولُهُ كُثَيرٌ ، يَصِفُ أَخْذَ النِّسَاءِ ضَفَائِرِهِنَّ ، وَوَضْعَهَنَّ ، كَمَا يَعَمَلُ الْعَسِيفُ بِالْعِنَبِ ، إِذَا علقَ عَنَاقِيدَهُ ، وَشَبَّهَ الْعَنَاقِيدَ بِالْغَرَابِيبِ السَّودِ.
    قَالَ : فَقَضَى حَاجَتَهُ ، وَأَجَازَهُ.
    فَانْظُرْ كَيْفَ سَخِرَ الْعِرَاقِيُّ مِنَ الشَّامِيِّ ، لَمَّا تَبَيَّنَ مِنْ جَهْلِهِ ، وَكَيْفَ فَنَّدَ رَأْيَ الْخَلِيفَةِ فِي إِدْنَاءِ الْجُهَّالِ ، وَإِقْصَاءِ الْعُلَمَاءِ ، وَلَعَمْرِي إِنَّ ذَلِكَ لَسُبَّةٌ .( الحث على طلب العلم ).

    وإني لأعتذر في هذا الموجز من كل تقصير أو تصرف غير لائق إلى مشايخنا الكرام، أدام الله عليهم العافية.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.




    وكتب
    أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي
    البُلَيْـــدة
    23 ذو الحجة 1434
    التعديل الأخير تم بواسطة ضيف; الساعة 2013-10-31, 09:01 PM.

  • #2
    بوركت أخي المفيد أبا حاتم أسأل الله أن يحفظك و يرعاك

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا يا أخي
      غفر الله له

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا، مقال طيب.

        تعليق


        • #5
          الإخوة الأكارم جزاكم الله خيراً وبارك فيكم..

          وجعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه..

          تعليق


          • #6
            جزاك الله خيرا أخي الكريم على هذا المقال الطيب
            وقد رأيت من ينتقص الشيخ فركوس لأجل أمر مباح فيقول أحدهم على وجه التنقيص للشيخ: رأيت الشيخ واضعا إحدى رجليه على الأخرى وهو راكب في السيارة؟؟؟؟
            فهل هذا مما ينتقد على الشيخ -حفظه الله- فضلا عن أن يكون منقصة له، وقد روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن زيد المازني رصي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد مستلقيا على ظهره واضعا إحدى رجليه على الأخر، وروى تعليقا عن سعيد بن المسيب أن عمر وأبا بكر كانا يفعلان ذلك، وروى الحميدي عن ابن مسعود: أن عثمان كان يفعل ذلك، فهل شيء فعله النبي صلى اللله عليه وسلم و الخلفاء الراشدون المهديون: أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ينتقد على فعله الشيخ فركوس حفظه الله، فيالله العجب. ما أحمقه من نقد...

            تعليق


            • #7
              الله المستعان!

              تعليق

              الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
              يعمل...
              X