بسم الله الرحمن الرحيم
مقطع بليغ أرجو الله أن ينفعنا به!
وهو من كتاب: "أدب الدين والدّنيا"*:
"اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لِنَافِذِ قُدْرَتِهِ وَبَالِغِ حِكْمَتِهِ، خَلَقَ الْخَلْقَ بِتَدْبِيرِهِ وَفَطَرَهُمْ بِتَقْدِيرِهِ، فَكَانَ مِنْ لَطِيفِ مَا دَبَّرَهُ وَبَدِيعِ مَا قَدَّرَهُ، أَنَّهُ خَلَقَهُمْ (مُحْتَاجِينَ) وَفَطَرَهُمْ (عَاجِزِينَ) لِيَكُونَ :
بِالْغِنَى مُنْفَرِدًا!
وَبِالْقُدْرَةِ مُخْتَصًّا!
حَتَّى يُشْعِرَنَا بِقُدْرَتِهِ أَنَّهُ (خَالِقٌ)
وَيُعْلِمَنَا بِغِنَاهُ أَنَّهُ (رَازِقٌ)!
فَنُذْعِنَ بِطَاعَتِهِ رَغْبَةً وَرَهْبَةً!
وَنُقِرَّ بِنَقَائِصِنَا عَجْزًا وَحَاجَةً!
ثُمَّ جَعَلَ الْإِنْسَانَ أَكْثَرَ حَاجَةً مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ! لِأَنَّ مِنْ الْحَيَوَانِ مَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ عَنْ جِنْسِهِ، وَالْإِنْسَانُ مَطْبُوعٌ عَلَى الِافْتِقَارِ إلَى جِنْسِهِ. وَاسْتِعَانَتُهُ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لِطَبْعِهِ، وَخِلْقَةٌ قَائِمَةٌ فِي جَوْهَرِهِ!
وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28] .
يَعْنِي عَنْ الصَّبْرِ عَمَّا هُوَ إلَيْهِ مُفْتَقِرٌ، وَاحْتِمَالِ مَا هُوَ عَنْهُ عَاجِزٌ.
وَلَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ حَاجَةً مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ كَانَ أَظْهَرَ عَجْزًا! لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الشَّيْءِ افْتِقَارٌ إلَيْهِ، وَالْمُفْتَقِرُ إلَى الشَّيْءِ عَاجِزٌ بِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ:
(اسْتِغْنَاؤُك عَنْ الشَّيْءِ خَيْرٌ مِنْ اسْتِغْنَائِك بِهِ).
وَإِنَّمَا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى الْإِنْسَانَ بِكَثْرَةِ الْحَاجَةِ وَظُهُورِ الْعَجْزِ (نِعْمَةً عَلَيْهِ وَلُطْفًا بِهِ)!
لِيَكُونَ ذُلُّ الْحَاجَةِ وَمُهَانَةُ الْعَجْزِ يَمْنَعَانِهِ مِنْ طُغْيَانِ الْغِنَى وَبَغْيِ الْقُدْرَةِ!
لِأَنَّ الطُّغْيَانَ مَرْكُوزٌ فِي طَبْعِهِ إذَا اسْتَغْنَى، وَالْبَغْيَ مُسْتَوْلٍ عَلَيْهِ إذَا قَدَرَ.
وَقَدْ أَنْبَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ عَنْهُ فَقَالَ:
{كَلا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى}{أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6-7] .
ثُمَّ لِيَكُونَ أَقْوَى الْأُمُورِ شَاهِدًا عَلَى نَقْصِهِ!
وأوْضَحَهَا دَلِيلًا عَلَى عَجْزِهِ!
وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَبِ لِابْنِ الرُّومِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
أَعَيَّرْتَنِي بِالنَّقْصِ وَالنَّقْصُ شَامِـــــــــــــــــلٌ ......... وَمَنْ ذَا الَّذِي يُعْطَى الْكَمَالَ فَيَكْمُلُ
وَأَشْهَـــــــــــدُ أَنِّي نَاقِـــــــــــــــــصٌ غَيْرَ أَنَّــــــــنِي ... .....إذَا قِيسَ بِي قَــــــــــــــــــوْمٌ كَثِيرٌ تَقَلَّلُــــــــــــــــــــــــوا
تَفَاضَلَ هَذَا الْخَلْقُ بِالْفَضْلِ وَالْحِجَا .........فَفِي أَيِّمَا هَذَيْنِ أَنْتَ مُفَضَّــــــــــــــــــــــــــــــــلُ
وَلَوْ مَنَحَ اللَّهُ الْكَمَـــــــــــــــــــــالَ ابْنَ آدَمَ .........لَخَلَّـــــــــــــــــدَهُ وَاَللَّهُ مَا شَاءَ يَفْعَــــــــــــــــلُ"
انتهى المراد.
وهو من كتاب: "أدب الدين والدّنيا"*:
"اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لِنَافِذِ قُدْرَتِهِ وَبَالِغِ حِكْمَتِهِ، خَلَقَ الْخَلْقَ بِتَدْبِيرِهِ وَفَطَرَهُمْ بِتَقْدِيرِهِ، فَكَانَ مِنْ لَطِيفِ مَا دَبَّرَهُ وَبَدِيعِ مَا قَدَّرَهُ، أَنَّهُ خَلَقَهُمْ (مُحْتَاجِينَ) وَفَطَرَهُمْ (عَاجِزِينَ) لِيَكُونَ :
بِالْغِنَى مُنْفَرِدًا!
وَبِالْقُدْرَةِ مُخْتَصًّا!
حَتَّى يُشْعِرَنَا بِقُدْرَتِهِ أَنَّهُ (خَالِقٌ)
وَيُعْلِمَنَا بِغِنَاهُ أَنَّهُ (رَازِقٌ)!
فَنُذْعِنَ بِطَاعَتِهِ رَغْبَةً وَرَهْبَةً!
وَنُقِرَّ بِنَقَائِصِنَا عَجْزًا وَحَاجَةً!
ثُمَّ جَعَلَ الْإِنْسَانَ أَكْثَرَ حَاجَةً مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ! لِأَنَّ مِنْ الْحَيَوَانِ مَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ عَنْ جِنْسِهِ، وَالْإِنْسَانُ مَطْبُوعٌ عَلَى الِافْتِقَارِ إلَى جِنْسِهِ. وَاسْتِعَانَتُهُ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لِطَبْعِهِ، وَخِلْقَةٌ قَائِمَةٌ فِي جَوْهَرِهِ!
وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28] .
يَعْنِي عَنْ الصَّبْرِ عَمَّا هُوَ إلَيْهِ مُفْتَقِرٌ، وَاحْتِمَالِ مَا هُوَ عَنْهُ عَاجِزٌ.
وَلَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ حَاجَةً مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ كَانَ أَظْهَرَ عَجْزًا! لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الشَّيْءِ افْتِقَارٌ إلَيْهِ، وَالْمُفْتَقِرُ إلَى الشَّيْءِ عَاجِزٌ بِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ:
(اسْتِغْنَاؤُك عَنْ الشَّيْءِ خَيْرٌ مِنْ اسْتِغْنَائِك بِهِ).
وَإِنَّمَا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى الْإِنْسَانَ بِكَثْرَةِ الْحَاجَةِ وَظُهُورِ الْعَجْزِ (نِعْمَةً عَلَيْهِ وَلُطْفًا بِهِ)!
لِيَكُونَ ذُلُّ الْحَاجَةِ وَمُهَانَةُ الْعَجْزِ يَمْنَعَانِهِ مِنْ طُغْيَانِ الْغِنَى وَبَغْيِ الْقُدْرَةِ!
لِأَنَّ الطُّغْيَانَ مَرْكُوزٌ فِي طَبْعِهِ إذَا اسْتَغْنَى، وَالْبَغْيَ مُسْتَوْلٍ عَلَيْهِ إذَا قَدَرَ.
وَقَدْ أَنْبَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ عَنْهُ فَقَالَ:
{كَلا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى}{أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6-7] .
ثُمَّ لِيَكُونَ أَقْوَى الْأُمُورِ شَاهِدًا عَلَى نَقْصِهِ!
وأوْضَحَهَا دَلِيلًا عَلَى عَجْزِهِ!
وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَبِ لِابْنِ الرُّومِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
أَعَيَّرْتَنِي بِالنَّقْصِ وَالنَّقْصُ شَامِـــــــــــــــــلٌ ......... وَمَنْ ذَا الَّذِي يُعْطَى الْكَمَالَ فَيَكْمُلُ
وَأَشْهَـــــــــــدُ أَنِّي نَاقِـــــــــــــــــصٌ غَيْرَ أَنَّــــــــنِي ... .....إذَا قِيسَ بِي قَــــــــــــــــــوْمٌ كَثِيرٌ تَقَلَّلُــــــــــــــــــــــــوا
تَفَاضَلَ هَذَا الْخَلْقُ بِالْفَضْلِ وَالْحِجَا .........فَفِي أَيِّمَا هَذَيْنِ أَنْتَ مُفَضَّــــــــــــــــــــــــــــــــلُ
وَلَوْ مَنَحَ اللَّهُ الْكَمَـــــــــــــــــــــالَ ابْنَ آدَمَ .........لَخَلَّـــــــــــــــــدَهُ وَاَللَّهُ مَا شَاءَ يَفْعَــــــــــــــــلُ"
انتهى المراد.
* للماورديّ.. رحمه الله.