إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تذكير السوي و زجر الغوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تذكير السوي و زجر الغوي


    الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد :

    من المعلوم أن السلفية دين الله و دين الله لا يقبل الخبث ، فهي تنفث خبثها كما ينفث الكير خبث الحديد ، فمهما تصنّع المرء الخير و تظاهر بالصلاح و الغيرة على دين الله إلاّ و انكشف حاله و لو بعد حين . و هذا هو صنيع المنافقين . قال تعالى ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ [سورة محمد الآية: 30] . قال السعدي رحمه الله تعالى : سيماهم أي بعلاماتهم التي هي كالوسم في وجوههم. و القَوْلِ : أي: لا بد أن يظهر ما في قلوبهم، ويتبين بفلتات ألسنتهم، فإن الألسن مغارف القلوب، يظهر منها ما في القلوب من الخير والشر .
    وإذا الذئــــــــــاب استنعجـــــــــــت لك مرة *** فحـــــــــذار مـــــنــــــها أن تعود ذئــــابا
    فــــــالذئب أخبث ما يكون إذا اكتسى *** مـــــــن جــــــــــــلد أولاد النعاج ثيابا

    فلا خير في عيش يخوننا فيه الأصحاب ، و كنا قد حُذِّرنا منهم فلم نسمع لمن أراد لنا التنبيه كلاما . عملا بنصيحة الشيخ ربيع شفاه الله تعالى : " تلطف بمن ترى أنه سلفي لكن فيه ضعف ، لا تقابلوه بالجفوة و القسوة و العنف و الشدة ." إهـ. إلاّ أنه من عرف الناس استراح. والحياة فعلا هي مدرسة ، وكلّما كان الدرس أشد وقعا كان لك منه حظ.

    و لعلّ آخر الناس طعنا و كذبا . هو ذاك الصّاحب الذي صدّقته دون أيّما دفاع منه حين كذّبه الناس بل أقرب المقربين منه ، و أمّنته يوم خوّنوه و اتهموه بالسرقة ، بل أذكر يومها ما تركت أخا و لا مقربا من الشيخ الوالد أبي عبد الله أزهر سنيقرة حفظه الله تعالى إلاّ و اتصلت عليه معتذرا له . فحقُ ما كان بيننا من صحبة أوجب عليّ فيه كتمان الأسرار بيننا ، و ستر العيوب و الثناء عليه و الذّب عنه في غيبته ، و ما ترددت يوما في نصحه . فكنت له العون على من أسماهم بالخصوم و كم من أخ بسببه رماني . فحق الصحبة يا رفيق كان يملي عليّ السكوت و عدم تبليغ ما يسوؤك ، لكن وقد أصبحت تكذب بين الناس و تطعن فيمن فتح لك بيته و عرّفك على أغلى الناس و أقربهم إليه ، حتى ظن من رآك يومها أنك الإبن الأصغر المدلل عنده . تطعن فيه و لا كرامة ، فحقَ القولُ فيك :
    وإخـوانٍ حســـبتهمُ دروعاً *** فكانــوها, ولكــنْ للأعادي
    وخلتـهمُ ســـهاماً صائباتٍ *** فكــانوها , ولكـنْ في فؤادي

    و معلوم من الدين أن الكذب و الغدر و الخيانة و الفجور في الخصومة خصال أربع عدّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا اجتمعت في امرئ كان منافقا خالصا ، قال عليه الصلاة و السلام : " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ". فكيف و قد اجتمعت الصفات الأربع فيك الآن و العياذ بالله. و لا يخفى على أحد شنيع ما صنعت ، و لا يشك عاقل في جرم ما فعلت ، و لو خفي على المفتي الأولَ حفظه الله تعالى الكيفية فهو معذور أفتى بما ظهر له ، قال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم : " إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ فَأَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا" . إلا أن الطريقة لم تخفى على الثاني عدوك الحميم ، مجروحك الذي زكاك وشكر لك . فصرت مثله :
    عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه *** فكلّ قرينٍ بالمقارن مـقـتـدى

    فلا خير فيك ، ما لم تعد و تغلق ما كنت أخبرتنيه أنك ستغلقه و إلا هي الكذبة و الخيانة الثانية التي أسجلها عنك
    ولا خـيـرَ فـي خلٍّ يخونُ خليلهُ *** ويـلـقـاهُ من بعدِ المودَّة ِ بالجفا

    فكن شجاعا ، و انتصر لنفسك بالصدق و دع الجهالة و الفجور لغيرك ممن شهدت بكذبهم ، و طعنك فيهم قائم . و إلا وجبت علينا نصرة من تعديت و اعتديت عليهم بالغدر و الكذب و الخيانة ، و ما تعديك و فجورك في الخصومة إلا ما تجده في نفسك الجهولة الظلومة ، قال تعالى : ﴿ وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [سورة الأنعام الآية: 54].

    وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.



    عين مران ، ليلة الأحد ١٦ ذو القعدة ١٤٣٩ﻫ
    الموافق لـ : ٢٩ يوليو ٢٠١٨
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X