بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه،ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله،وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة،وكل بدعة ضلالة،وكل ضلالة في النار.
أما بعد:
فيا عباد الله،أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى،وبالتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،فإن من فعل ذلك،كان ذلك سببا لفوزه وفلاحه،وسعادته في الدارين.
عباد الله،إن الله سبحانه وتعالى،من حكمته بشرعه وأقواله وما يأمر به،ومن رحمته أن شرع النصيحة بين المسلمين،فالله سبحانه وتعالى يقول،بسم الله الرحمن الرحيم :{ وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }العصر.
فالخسارة منفية عن من يقوم بالتناصح بين أهل الإسلام،وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في سنته،لما في النصيحة من شأن عظيم،في إصلاح المجتمع،فإنه داخل في قوله عز وجل:{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }المائدة.
وداخل في قوله عز وجل:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ }التحريم.
وداخل في قوله تعالى أيضا:{ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران.
روى الإمام مسلم في صحيحه،عن تميم عن أبى رقية رضي الله عنه،قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:الدين النصيحة،قيل:لمن يا رسول الله ؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
هذا الحديث أيها الإخوة،عظمه أهل العلم،فهو حديث عظيم،وهو من الأحاديث التي يدور عليها الإسلام،وذلك لعظم شأن النصيحة،بأن ينصح المرء نفسه،وينصح المرء من حوله،وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم،النصيحة وهي إرادة الخير للمأمور به،جمعها صلى الله عليه وسلم في هذه الأمور الخمس:
فأولها:النصيحة لله،والمراد بالنصيحة لله،عبادته وحده لا شريك له،وتحقيق الإخلاص له عز وجل،وطاعته فيما أمر،والانتهاء عن ما نهى عنه،وتحقيق التوحيد والعبادة،كما أمر الله عز وجل،ولأجله خلق الخلق،{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذريات.
فالنصيحة لله أن تعبد الله عز وجل،وأن تراقب الله عز وجل،وأن تخشى رب العالمين،وأن لا تعصي رب العالمين،وأن تعمل بأمره،هذه النصيحة لله عز وجل،فالعباد ما خلقهم الله إلا لعبادته،وما أرسل المرسلين لهم إلا لتحقيق عبادته وتوحيده،وما أوجد الجنة والنار،إلا لعبادة الله عز وجل،فمن عبد الله وأطاعه،أفلح ونجح،ومن عصى الله خسر دنياه وآخرته.
والنصيحة للكتاب،النصيحة لله قيل: لمن يا رسول الله؟قال:لله وكتابه.
العمل بالقرآن والإيمان به وأنه كلام الله عز وجل،وأنه أنزله الله عز وجل لتلاوته والتعبد به،وتحكيمه في كل صغيرة وكبيرة،وأنه لا صلاح ولا فلاح للعباد إلا بالعمل بكتابه عز وجل.
فالقرآن شفاء للعباد وهدى ورحمة للعباد،وأنزله الله على العباد،وقد أكمل فيه كل شيء،لما فيه تحقيق لانتظام سعادة العباد،فلا خير ولا فلاح للعباد إلا بتحكيم القرآن،والعمل بكتابه،قال عز وجل:{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }المائدة.
وبين الرسول صلى الله عليه وسلم،أنه ترك في الأمة ما إن تمسكوا بهما لن يضلوا بعدهما،كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهُجران القرآن مما يُنافي ذلك،هُجران القرآن عن تلاوته وعن القيام به،وعن العمل به وعن الإستشفاء به،كله داخل في هُجران القرآن.
وأما النصيحة لرسوله،فهي اتباعه والإيمان به صلى الله عليه وسلم.
"لله ولكتابه ولرسوله "
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}الحشر.
وهذا مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله،هو الايمان بكل ما أخبر به،وطاعته فيما أمر والإنتهاء عما نهى عنه وزجر،وألا يُعبد الله إلا بما شرع.
فالنصيحة لرسوله اتباع سنته،والإبتعاد عن البدع،فإن العبادات كلها شرط قبولها بعد الإخلاص،العمل بما ورد عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
فاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم،واتباع سنته والإقتداء به،فلاح وصلاح للعباد.
ولقد وصى النبي صلى الله عليه وسلم أمته بذلك،فقال:" و من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا ،فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ".
فالنصيحة للرسول محبته أيضا،وتقديم أمره والإقتداء به،قال صلى الله عليه وسلم:" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده،والناس أجمعين".
ونصرة سنته من النصيحة،ونشر سنته بين الناس،أن يعمل الإنسان بالسنة ويأمر أهله وأولاده بالسنة،ويُعظم السنة،فهذا من حقوق نبينا صلى الله عليه وسلم علينا،وهو من مقتضى الأيمان به صلى الله عليه وسلم.
وأما الأمر الرابع من النصيحة ،فلأئمة المسلمين، وهم حكام الملمين الذين يجب علينا السمع والطاعة لهم بالمعروف،والدعاء لهم بالصلاح،واتباع أمرهم فيما ليس فيه مخالفة لله ولرسوله،وقد سًل الإمام أحمد أو القاضي العياض وقد قال:لو كنت أعلم أن لي دعوة مستجابة،لجعلتها للسلطان.فقيل له:لما يا أبى عبد الله ؟ أو لما يا أبى علي ؟
فقال:إن أصابت الدعوة أو لو جعلتها لي لم تعُدني،ولكن إذا جعلتها للسلطان أصابتني وأصابت غيري.
فمن حقوق ولاة الأمر الذي شرع في كتابه وسنة نبيه،السمع والطاعة والدعاء لهم،بأن الله يُصلحهم وأن يُصلح بطانتهم.
هذا هو من حقوق ولاة الأمر الذي أمرنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما النصيحة الخامسة فهي لعامة المسلمين،بأن تدلهم على كل ما فيه خير لهم،وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر،وتُبين لهم حق الله وحق رسولهم وحق القرآن عليهم،وتُبين لهم ما فيه سعادة لدينهم ودنياهم وآخرتهم ،يُعلم جاهلهم ويُنصح مُنحرفهم ويُدعى لهم بالخير،ويفرح المسلم لما عند أخيه من خير.
هذا هو حق النصيحة للمسلمين،ينصح الجار جاره والقريب قريبه،والأب ولده وأهله.
فشأن النصيحة شأن عظيم أيها المسلمون،ولهذا اهتم بها رب العالمين في كتابه،واهتم بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ،فعظموا يا عباد الله ما عظمه الله تعالى في كتابه،وما عظمه رسوله صلى الله عليه وسلم.
فإن في ذلك يا عباد الله الخير والفلاح،وإذا انتشر شأن النصيحة بين المسلمين،فإن شأن الشيطان يضعف عن إغواءات بني آدم،ولكن اليوم نرى هذا الأمر قد ضعف بين الناس،بل حتى أنه ضعف بين الأب وأبنائه،وبين الأب وأهله،وبين الجار وجاره،وبين القريب وقريبه.
ترى الناس يتركون بعضهم بعضا،فلا يتآمرون بالمعروف ولا يتناهون عن المنكر،يقول الواحد منهم لا دخل لي في شأن الناس،وهذا أمر باطل،وهذا من الخيانة والغش للمسلمين،بل إنك يا عبد الله مأمور بالتناصح،ومأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولقد توعدنا رسولنا صلى الله عليه وسلم،إن لم يُحيي المسلمون مبدأ التناصح بينهم،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بينهم،ليصيبهم عذاب من الله عز وجل،فالله عز وجل يقول:{ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الأنفال.
ونهانا أن نكون كأهل الكتاب الذين تركوا التناصح بينهم،وتركوا والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بينهم،فالله سبحانه وتعالى يقول:{ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران.
وحذرنا فقال بعد ذلك،فقال:{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ }آل عمران.
{ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ }،أي أولئك المجتمعين على السنة،أولئك الذين يتناصحون،أولئك الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
{وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}آل عمران.
ولقد حذرنا نبينا أيضا صلى الله عليه وسلم،فقال:" لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن أن يُنزل الله عليكم عقوبة ثم تدعون فلا يُستجاب لكم".
فهذا أمر عظيم يا عباد الله،فلنتب إلى الله من هذا الأمر الذي انتشر بين الناس،ترك النصيحة وترك الأمر بالمعروف وترك النهي عن المنكر.
أسأل الله عز وجل أن يرزقني وإياكم،الفقه في الدين والعمل بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
عباد الله،إن عقوبات الله عز وجل،إذا غضب رب العالمين تتنوع،والله عز وجل يُرسل آياته للعباد عظة وعبرة،ليتذكر المؤمنون وليعتبر المؤمنون بما حولهم،من آيات يرسلها الله عز وجل،يُخوف الله بها عباده.
عباد الله،إن الكسوف والخسوف والزلازل،هي آيات وعظات وعبر،لينتبه العباد عن معاصيهم وفجورهم وعنادهم لرب العالمين.
إنما حدث بالأسبوع الماضي من الزلزلة التي حصلت،وجاءنا أثرها ولمس الناس زلزلتها،هي والله من ذلك.
وقد بين العلماء،بأن الزلازل هي من عقوبات الله عز وجل،ولاحظوا يا عباد الله،إن الله من رحمته بكم أن أرسل لكم طرف منها،وزلزلة خفيفة منها،رحمة بكم وتنبيها لكم.
زُلزلت الأرض زلزلة خفيفة في عهد عمر،فقال رضي الله عنه:والله إن لم تتوبوا فلت أُساكنكم.
فالزلازل يا عباد الله،مما يراه رب العالمين،من كفر وشرك وعناد وطغيان،والله يحذرنا يا عباد الله.
والمسلمون اليوم عصو رب العالمين،فتش نفسك يا عبد الله،فتشوا مجتمعاتكم.
وأعظم ذلك إنحراف القلوب،في المعتقد وفي سوادها وغلها،وحسدها وأمراضها،وانظروا إلى مساجدكم،من أعظم مظاهر عناد رب العالمين،ما نراه بالمساجد ترك الصلوات والنوم عن صلاة الفجر،لا يُصلي كثير من المسلمين،إلى غير ذلك من الفجور الذي نسمعه هنا وهناك، من زنا وخمور و إنحراف و فجور وربا،كل ذلك مما يُغضب الله عز وجل.
إن الواجب على المسلمين،أن يتوبوا إلى الله توبة نصوحة،,ان يرجعوا إلى ربهم وربنا رؤوف رحيم،ومن مظاهر رحمته بنا،أن أرسل لنا طرفا من هذه الزلزلة،في حين أن الزلزلة التي وقعت في دار تلك البلاد،قتلت ما قتلت،ودمرت ما دمرت،,انتم أرسل الله لكم طرفا منها حركة بسيطة،والله تنبيها من الله لنا،ورحمة منه لنا،كأن الله يقول إن لم تعودوا سيكون مآلكم مآلهم.
يا عباد الله،إن الله غني عنا ومع ذلك يتودد لنا،فيقول:{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر.
فيا من تركت الصلاة تذكر هذه الآية،يا من اتبعت الفواحش والمنكرات تذكر هذه الآية،يا من قطعت الرحم تذكر هذه الآية،يا من تأكل الربا تذكر هذه الآية،ألا تريدون الجنة وتهربون من النار ؟
اللهم نجنا من النار وعذابها يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل.
ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
والحمد لله رب العالمـين.
ـــــــــــــــــــــــ
انتهى
تفريغ أم صهيب السلفية
مصدر التفريغ:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه،ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله،وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة،وكل بدعة ضلالة،وكل ضلالة في النار.
أما بعد:
فيا عباد الله،أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى،وبالتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،فإن من فعل ذلك،كان ذلك سببا لفوزه وفلاحه،وسعادته في الدارين.
عباد الله،إن الله سبحانه وتعالى،من حكمته بشرعه وأقواله وما يأمر به،ومن رحمته أن شرع النصيحة بين المسلمين،فالله سبحانه وتعالى يقول،بسم الله الرحمن الرحيم :{ وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }العصر.
فالخسارة منفية عن من يقوم بالتناصح بين أهل الإسلام،وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في سنته،لما في النصيحة من شأن عظيم،في إصلاح المجتمع،فإنه داخل في قوله عز وجل:{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }المائدة.
وداخل في قوله عز وجل:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ }التحريم.
وداخل في قوله تعالى أيضا:{ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران.
روى الإمام مسلم في صحيحه،عن تميم عن أبى رقية رضي الله عنه،قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:الدين النصيحة،قيل:لمن يا رسول الله ؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
هذا الحديث أيها الإخوة،عظمه أهل العلم،فهو حديث عظيم،وهو من الأحاديث التي يدور عليها الإسلام،وذلك لعظم شأن النصيحة،بأن ينصح المرء نفسه،وينصح المرء من حوله،وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم،النصيحة وهي إرادة الخير للمأمور به،جمعها صلى الله عليه وسلم في هذه الأمور الخمس:
فأولها:النصيحة لله،والمراد بالنصيحة لله،عبادته وحده لا شريك له،وتحقيق الإخلاص له عز وجل،وطاعته فيما أمر،والانتهاء عن ما نهى عنه،وتحقيق التوحيد والعبادة،كما أمر الله عز وجل،ولأجله خلق الخلق،{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذريات.
فالنصيحة لله أن تعبد الله عز وجل،وأن تراقب الله عز وجل،وأن تخشى رب العالمين،وأن لا تعصي رب العالمين،وأن تعمل بأمره،هذه النصيحة لله عز وجل،فالعباد ما خلقهم الله إلا لعبادته،وما أرسل المرسلين لهم إلا لتحقيق عبادته وتوحيده،وما أوجد الجنة والنار،إلا لعبادة الله عز وجل،فمن عبد الله وأطاعه،أفلح ونجح،ومن عصى الله خسر دنياه وآخرته.
والنصيحة للكتاب،النصيحة لله قيل: لمن يا رسول الله؟قال:لله وكتابه.
العمل بالقرآن والإيمان به وأنه كلام الله عز وجل،وأنه أنزله الله عز وجل لتلاوته والتعبد به،وتحكيمه في كل صغيرة وكبيرة،وأنه لا صلاح ولا فلاح للعباد إلا بالعمل بكتابه عز وجل.
فالقرآن شفاء للعباد وهدى ورحمة للعباد،وأنزله الله على العباد،وقد أكمل فيه كل شيء،لما فيه تحقيق لانتظام سعادة العباد،فلا خير ولا فلاح للعباد إلا بتحكيم القرآن،والعمل بكتابه،قال عز وجل:{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }المائدة.
وبين الرسول صلى الله عليه وسلم،أنه ترك في الأمة ما إن تمسكوا بهما لن يضلوا بعدهما،كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهُجران القرآن مما يُنافي ذلك،هُجران القرآن عن تلاوته وعن القيام به،وعن العمل به وعن الإستشفاء به،كله داخل في هُجران القرآن.
وأما النصيحة لرسوله،فهي اتباعه والإيمان به صلى الله عليه وسلم.
"لله ولكتابه ولرسوله "
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}الحشر.
وهذا مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله،هو الايمان بكل ما أخبر به،وطاعته فيما أمر والإنتهاء عما نهى عنه وزجر،وألا يُعبد الله إلا بما شرع.
فالنصيحة لرسوله اتباع سنته،والإبتعاد عن البدع،فإن العبادات كلها شرط قبولها بعد الإخلاص،العمل بما ورد عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
فاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم،واتباع سنته والإقتداء به،فلاح وصلاح للعباد.
ولقد وصى النبي صلى الله عليه وسلم أمته بذلك،فقال:" و من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا ،فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ".
فالنصيحة للرسول محبته أيضا،وتقديم أمره والإقتداء به،قال صلى الله عليه وسلم:" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده،والناس أجمعين".
ونصرة سنته من النصيحة،ونشر سنته بين الناس،أن يعمل الإنسان بالسنة ويأمر أهله وأولاده بالسنة،ويُعظم السنة،فهذا من حقوق نبينا صلى الله عليه وسلم علينا،وهو من مقتضى الأيمان به صلى الله عليه وسلم.
وأما الأمر الرابع من النصيحة ،فلأئمة المسلمين، وهم حكام الملمين الذين يجب علينا السمع والطاعة لهم بالمعروف،والدعاء لهم بالصلاح،واتباع أمرهم فيما ليس فيه مخالفة لله ولرسوله،وقد سًل الإمام أحمد أو القاضي العياض وقد قال:لو كنت أعلم أن لي دعوة مستجابة،لجعلتها للسلطان.فقيل له:لما يا أبى عبد الله ؟ أو لما يا أبى علي ؟
فقال:إن أصابت الدعوة أو لو جعلتها لي لم تعُدني،ولكن إذا جعلتها للسلطان أصابتني وأصابت غيري.
فمن حقوق ولاة الأمر الذي شرع في كتابه وسنة نبيه،السمع والطاعة والدعاء لهم،بأن الله يُصلحهم وأن يُصلح بطانتهم.
هذا هو من حقوق ولاة الأمر الذي أمرنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما النصيحة الخامسة فهي لعامة المسلمين،بأن تدلهم على كل ما فيه خير لهم،وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر،وتُبين لهم حق الله وحق رسولهم وحق القرآن عليهم،وتُبين لهم ما فيه سعادة لدينهم ودنياهم وآخرتهم ،يُعلم جاهلهم ويُنصح مُنحرفهم ويُدعى لهم بالخير،ويفرح المسلم لما عند أخيه من خير.
هذا هو حق النصيحة للمسلمين،ينصح الجار جاره والقريب قريبه،والأب ولده وأهله.
فشأن النصيحة شأن عظيم أيها المسلمون،ولهذا اهتم بها رب العالمين في كتابه،واهتم بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ،فعظموا يا عباد الله ما عظمه الله تعالى في كتابه،وما عظمه رسوله صلى الله عليه وسلم.
فإن في ذلك يا عباد الله الخير والفلاح،وإذا انتشر شأن النصيحة بين المسلمين،فإن شأن الشيطان يضعف عن إغواءات بني آدم،ولكن اليوم نرى هذا الأمر قد ضعف بين الناس،بل حتى أنه ضعف بين الأب وأبنائه،وبين الأب وأهله،وبين الجار وجاره،وبين القريب وقريبه.
ترى الناس يتركون بعضهم بعضا،فلا يتآمرون بالمعروف ولا يتناهون عن المنكر،يقول الواحد منهم لا دخل لي في شأن الناس،وهذا أمر باطل،وهذا من الخيانة والغش للمسلمين،بل إنك يا عبد الله مأمور بالتناصح،ومأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولقد توعدنا رسولنا صلى الله عليه وسلم،إن لم يُحيي المسلمون مبدأ التناصح بينهم،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بينهم،ليصيبهم عذاب من الله عز وجل،فالله عز وجل يقول:{ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الأنفال.
ونهانا أن نكون كأهل الكتاب الذين تركوا التناصح بينهم،وتركوا والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بينهم،فالله سبحانه وتعالى يقول:{ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران.
وحذرنا فقال بعد ذلك،فقال:{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ }آل عمران.
{ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ }،أي أولئك المجتمعين على السنة،أولئك الذين يتناصحون،أولئك الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
{وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}آل عمران.
ولقد حذرنا نبينا أيضا صلى الله عليه وسلم،فقال:" لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن أن يُنزل الله عليكم عقوبة ثم تدعون فلا يُستجاب لكم".
فهذا أمر عظيم يا عباد الله،فلنتب إلى الله من هذا الأمر الذي انتشر بين الناس،ترك النصيحة وترك الأمر بالمعروف وترك النهي عن المنكر.
أسأل الله عز وجل أن يرزقني وإياكم،الفقه في الدين والعمل بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
عباد الله،إن عقوبات الله عز وجل،إذا غضب رب العالمين تتنوع،والله عز وجل يُرسل آياته للعباد عظة وعبرة،ليتذكر المؤمنون وليعتبر المؤمنون بما حولهم،من آيات يرسلها الله عز وجل،يُخوف الله بها عباده.
عباد الله،إن الكسوف والخسوف والزلازل،هي آيات وعظات وعبر،لينتبه العباد عن معاصيهم وفجورهم وعنادهم لرب العالمين.
إنما حدث بالأسبوع الماضي من الزلزلة التي حصلت،وجاءنا أثرها ولمس الناس زلزلتها،هي والله من ذلك.
وقد بين العلماء،بأن الزلازل هي من عقوبات الله عز وجل،ولاحظوا يا عباد الله،إن الله من رحمته بكم أن أرسل لكم طرف منها،وزلزلة خفيفة منها،رحمة بكم وتنبيها لكم.
زُلزلت الأرض زلزلة خفيفة في عهد عمر،فقال رضي الله عنه:والله إن لم تتوبوا فلت أُساكنكم.
فالزلازل يا عباد الله،مما يراه رب العالمين،من كفر وشرك وعناد وطغيان،والله يحذرنا يا عباد الله.
والمسلمون اليوم عصو رب العالمين،فتش نفسك يا عبد الله،فتشوا مجتمعاتكم.
وأعظم ذلك إنحراف القلوب،في المعتقد وفي سوادها وغلها،وحسدها وأمراضها،وانظروا إلى مساجدكم،من أعظم مظاهر عناد رب العالمين،ما نراه بالمساجد ترك الصلوات والنوم عن صلاة الفجر،لا يُصلي كثير من المسلمين،إلى غير ذلك من الفجور الذي نسمعه هنا وهناك، من زنا وخمور و إنحراف و فجور وربا،كل ذلك مما يُغضب الله عز وجل.
إن الواجب على المسلمين،أن يتوبوا إلى الله توبة نصوحة،,ان يرجعوا إلى ربهم وربنا رؤوف رحيم،ومن مظاهر رحمته بنا،أن أرسل لنا طرفا من هذه الزلزلة،في حين أن الزلزلة التي وقعت في دار تلك البلاد،قتلت ما قتلت،ودمرت ما دمرت،,انتم أرسل الله لكم طرفا منها حركة بسيطة،والله تنبيها من الله لنا،ورحمة منه لنا،كأن الله يقول إن لم تعودوا سيكون مآلكم مآلهم.
يا عباد الله،إن الله غني عنا ومع ذلك يتودد لنا،فيقول:{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر.
فيا من تركت الصلاة تذكر هذه الآية،يا من اتبعت الفواحش والمنكرات تذكر هذه الآية،يا من قطعت الرحم تذكر هذه الآية،يا من تأكل الربا تذكر هذه الآية،ألا تريدون الجنة وتهربون من النار ؟
اللهم نجنا من النار وعذابها يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل.
ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
والحمد لله رب العالمـين.
ـــــــــــــــــــــــ
انتهى
تفريغ أم صهيب السلفية
مصدر التفريغ: