إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جمع من أقوال العلماء في حكم تمني الموت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جمع من أقوال العلماء في حكم تمني الموت

    <بسملة1>
    جمع من أقوال العلماء في حكم تمني الموت
    عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يتمنينّ أحدكم الموت لضرر أَصَابَهُ. فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي" مُتَّفَقٌ عليه


    قال الشيخ السعدي رحمه الله في كتابه بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
    هذا نهي عن تمني الموت للضر الذي ينزل بالعبد، من مرض أو فقر أو خوف، أو وقوع في شدة ومهلكة، أو نحوها من الأشياء. فإن في تمني الموت لذلك مفاسد.
    منها: أنه يؤذن بالتسخط والتضجر من الحالة التي أصيب بها، وهو مأمور بالصبر والقيام بوظيفته. ومعلوم أن تمني الموت ينافي ذلك.
    ومنها: أنه يُضعف النفس، ويحدث الخَوَر والكسل. ويوقع في اليأس، والمطلوب من العبد مقاومة هذه الأمور، والسعي في إضعافها وتخفيفها بحسب اقتداره، وأن يكون معه من قوة القلب وقوة الطمع في زوال ما نزل به. وذلك موجب لأمرين: اللطف الإلهي لمن أتى بالأسباب المأمور بها، والسعي النافع الذي يوجبه قوة القلب ورجاؤه.
    ومنها: أن تمنى الموت جهل وحمق؛ فإنه لا يدري ما يكون بعد الموت، فربما كان كالمستجير من الضر إلى ما هو أفظع منه، من عذاب البرزخ وأهواله.
    ومنها: أن الموت يقطع على العبد الأعمال الصالحة التي هو بصدد فعلها والقيام بها، وبقية عمر المؤمن لا قيمة له. فكيف يتمنى انقطاع عملٍ، الذَّرةُ منه خير من الدنيا وما عليها.
    وأخص من هذا العموم: قيامه بالصبر على الضر الذي أصبه. فإن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب.
    ولهذا قال في آخر الحديث: "فإن كان لا بد فاعلاُ فليقلك اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خير لي" فيجعل العبد الأمر مفوضاً إلى ربه الذي يعلم ما فيه الخير والصلاح له، الذي يعلم من مصالح عبده ما لا يعلم العبد، ويريد له من الخير ما لا يريده، ويلطف به في بلائه كما يلطف به في نعمائه.
    واستثنى كثير من أهل العلم من هذا، جواز تمني الموت خوفاً من الفتنة. وجعلوا من هذا قول مريم رضي الله عنها: {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} [مريم: 23] . كما استثنى بعضهم تمني الموت شوقاً إلى الله. وجعلوا منه قول يوسف صلّى الله عليه وسلم: {أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف:101] . وفي هذا نظر؛ فإن يوسف صلّى الله عليه وسلم لم يتمن الموت. وإنما سأل الله الثبات على الإسلام، حتى يتوفاه مسلماً، كما يسأل العبد ربه حسن الخاتمة. والله أعلم.


    قال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله تعالى في شرحه لرياض الصالحين
    في هذا الحديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم الإنسان أن يتمني الموت لضر نزل به. وذلك أن الإنسان ربما ينزل به ضر يعجز عن التحمل ويتعب؛ فيتمني الموت، يقول: يارب أمتني، سواء قال ذلك بلسانه أو بقلبه. فنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به)) . فقد يكون هذا خيرا له.
    ولكن إذا أصبت بضر فقل: اللهم أعني على الصبر عليه، حتى يعنيك الله فتصبر، ويكون ذلك لك خيرا.
    أما أن تتمنى الموت فأنت لا تدري، ربما يكون الموت شرا عليك لا يحصل به راحة، كما قال الشاعر:
    ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
    الإنسان ربما يموت فيموت إلى عقوبة- والعياذ بالله- وإلى عذاب القبر، وإذا بقي قي الدنيا فربما يستعتب ويتوب ويرجع إلى الله فيكون خيرا له؛ فإذا نزل بك ضر فلا تتمن الموت، وإذا كان الرسول - عليه الصلاة والسلام- نهي أن يتمنى الإنسان للضر الذي نزل به، فكيف بمن يقتل نفسه إذا نزل به الضر، كما يوجد من بعض الحمقى الذين إذا نزلت بهم المضائق خنقوا أنفسهم أو نحروها أو أكلوا سما أو ما اشبه ذلك، فإن هؤلاء ارتحلوا من عذاب إلى أشد منه، لم يستريحوا، لكن- والعياذ بالله- انتقلوا من عذاب إلى أشد. لأن الذي يقتل نفسه يعذب بما قتل به نفسه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، إن قتل نفسه بحديدة- خنجر أو سكين أو مسمار أو غير ذلك - فإنه يوم القيامة في جهنم يطعن نفسه بهذه الحديدة التي قتل بها نفسه. وإن قتل نفسه بسم فإنه يتحساه في نار جهنم، وإن قتل نفسه بالتردي من جبل فإنه ينصب له جبل في جهنم يتردى من أبد الآبدين وهلم جرا!

    فأقول: إذا كان النبي- عليه الصلاة والسلام- نهى أن يتمن الإنسان الموت للضر الذي نزل به، فإن أعظم من ذلك أن يقتل الإنسان نفسه ويبادر الله بنفسه، نسأل الله العافية.
    تمني الموت استعجال من الإنسان بأن يقطع الله حياته، وربما يحرمه من خير كثير، ربما يحرمه من التوبة وزيادة الأعمال الصالحة، ولهذا جاء في الحديث: ((ما من ميت يموت إلا ندم، فإن كان محسنا ندم أن لا يكون ازداد، وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون استعتب)) أي: استعتب من ذنبه وطلب العتبى، وهي المعذرة.
    فإن قال قائل: كيف يقول ((اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني ما علمت الوفاة خيرا لي؟)).

    نقول: نعم؛ لأن الله سبحانه يعلم ما سيكون، أما الإنسان فلا يعلم، كما قال الله ( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) (النمل: من الآية65) ( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت) (لقمان: من الآية34) فأنت لا تدري قد تكون الحياة خيرا لك، وقد تكون الوفاة خيرا لك.

    فإن قال قائل: إنه قد جاء تمني الموت من مريم ابنة عمران حيث قالت: ( يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا) (مريم: من الآية23) ، فكيف وقعت فيما فيه النهي؟
    فالجواب عن ذلك أن نقول:
    أولا: يجب أن نعلم أن شرع من قبلنا إذا ورد شرعنا بخلافه فليس بحجة، لأن شرعنا نسخ كل ما سبقه من الأديان.

    ثانيا: أن مريم لم تتمن الموت، لكنها تمنت الموت قبل هذه الفتنة ولو بقيت ألف سنة، المهم أن تموت بلا فتنة، ومثله قول يوسف عليه الصلاة والسلام ( أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني
    بالصالحين) (يوسف: من الآية101) ليس معناه سؤال الله أن يتوفاه، بل هو يسأل أن يتوفاه الله علي الإسلام، وهذا لا باس به، كأن يقول: اللهم توفني على الإسلام وعلى الإيمان وعلى التوحيد والإخلاص، أو توفني وأنت راض عني وما أشبه ذلك.
    فيجب معرفة الفرق بين شخص يتمني الموت من ضيق نزل به، وبين شخص يتمني الموت على صفة معينة يرضاها الله عز وجل!.
    فالأول: هو الذي نهي عنه الرسول عليه الصلاة والسلام.
    والثاني: جائز
    وإنما نهي النبي - عليه الصلاة والسلام- عن تمني الموت لضر نزل به؛ لأن من تمنى الموت لضر نزل به ليس عنده صبر، الواجب أن يصبر الإنسان علي الضر، وأن يحتسب الأجر من الله عز وجل، فإن الضرر الذي يصيبك من هم أو غم أو مرض أو أي شيء مكفر لسيئاتك، فإن احتسبت الأجر كان رفعة لدرجاتك. وهذا الذي ينال الإنسان من الأذى والمرض وغيره لا يدوم، لابد أن ينتهي، فإذا انتهى وأنت تكسب حسنات باحتساب. الأجر على الله عز وجل ويكفر عنك من سيئاتك بسببه؛ صار خيرا لك، كما ثبت عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال: ((عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خير له)) ، فالمؤمن على كل حال هو خير، في ضراء أو في سراء.


    وقال الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام
    الحديث دليل على النهي عن تمني الموت للوقوع في بلاء ومحنة أو خشية ذلك من عدو أو مرض أو فاقة أو نحوها من مشاق الدنيا؛ لما في ذلك من الجزع وعدم الصبر على القضاء وعدم الرضا وفي قوله: " لضر نزل به " ما يرشد إلى أنه إذا كان لغير ذلك من خوف أو فتنة في الدين فإنه لا بأس به، وقد دل له حديث الدعاء «إذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون» أو كان تمنيا للشهادة كما وقع ذلك لعبد الله بن رواحة وغيره من السلف وكما في قول مريم: {يا ليتني مت قبل هذا} [مريم: 23] فإنها إن تمنت ذلك لمثل هذا الأمر المخوف من كفر وشقاوة من شقي بسببها وفي قوله: " فإن كان متمنيا " يعني إذا ضاق صدره وفقد صبره عدل إلى هذا الدعاء، وإلا فالأولى له أن لا يفعل ذلك.


    وقال صاحب طرح التثريب في شرح التقريب (المقصود بالتقريب: تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد) أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم العراقي (المتوفى: 806هـ)
    وقد يستثنى من النهي صورة أخرى، وهي ما إذا فعل ذلك شوقا إلى الله ورسوله فلا بأس به، وقد فعله جماعة من السلف، وروى عن ابن مسعود أنه قال: " ليأتين عليكم زمان يأتي الرجل إلى القبر فيقول يا ليتني مكان هذا ليس به حب الله، ولكن من شدة ما يرى من البلاء "، وهذا في حكم المرفوع لأنه لا يقال مثله من قبل الرأي فظهر بذلك أن تمني الموت والدعاء به جائز إن كان لمصلحة دينية، وهو خوف الفتنة في دينه أو الشوق إلى الله ورسوله إن كان في ذلك المقام، ومكروه فيما عدا ذلك، وفي حديث معاذ مرفوعا «، وإذا أردت بالناس فتنة فتوفني إليك غير مفتون» ، وقال تعالى حكاية عن مريم - عليها السلام - {يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا} [مريم: 23].

    وقال إن قلت إذا كانت الآجال مقدرة لا يزداد فيها، ولا ينقص منها فما الذي يؤثر تمني الموت في ذلك، وما الحكمة من النهي عنه قلت هذا هو المعنى المقتضي للنهي عنه لأنه عبث لا فائدة فيه، وفيه مراغمة المقدور، وعدم الرضا به مع ما تقدم من كون المؤمن لا يزيده عمره إلا خيرا.


    وقال صاحب حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي الحنبلي النجدي (المتوفى: 1392هـ)
    وتمنى الموت: .
    أي ويكره تمني الموت لضر نزل به من مرض، أو ضيق دنيا أو غير ذلك، لحديث «لا يتمنى أحدكم الموت، ولا يدع به من قبل أن يأتيه إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا» رواه مسلم، ولأحمد وغيره «وإن من السعادة أن يطول عمر العبد، حتى يرزقه الله الإنابة» وعن بعض السلف: إن كان من أهل الجنة فالبقاء خير له، وإن كان من أهل النار فما يعجله إليها


    قال القرطبي رحمه الله في تفسيره : الجامع لأحكام القرآن
    قال قتادة: لم يتمن الموت أحد، نبي ولا غيره إلا يوسف عليه السلام، حين تكاملت عليه النعم وجمع له الشمل اشتاق إلى لقاء ربه عز وجل. وقيل: إن يوسف لم يتمن الموت، وإنما تمنى الوفاة على الإسلام، أي إذا جاء أجلي توفني مسلما، وهذا قول الجمهور. وقال سهل بن عبد الله التستري: لا يتمنى الموت إلا ثلاث: رجل جاهل بما بعد الموت، أو رجل يفر من أقدار الله تعالى عليه، أو مشتاق محب للقاء الله عز وجل.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X