إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفقيه الأجلّ الحافظ أبو بكر بن العربي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفقيه الأجلّ الحافظ أبو بكر بن العربي

    الفقيه الأجلّ الحافظ أبو بكر بن العربي
    علم الأعلام الطاهر الأثواب، الباهر الألباب، الذي أنسى ذكاء إياس وترك التقليد للقياس، وأنتج الفرع من الأصل، وغدا في يد الإسلام، أمضى من النصل، سقى الله به الأندلس بعدما أجدبت من المعارف، ومدّ عليها منه الظّل الوَارِف، وكساها رونق نبله، وسَقاها ريِّق وِبله، وكان أبوه بإشبيلية بدراً في فَلكها، وصدراً في مجلس ملكها، واصطفاه مُعتمد بني عَبَّاد، اصطفاء المأمون لابن أبي دُؤاد وولاّه الولايات الشريفة، وبوَّأه المُنِيفَة، فلما أقفرت حِمص من مُلكهم وخَلت، وألقتهم منها وتخلّت، رحل به إلى المشرق، وحلّ فيه محلّ الخائف الفَرِق، فجال في أكنافه، وأجال قِداح الرجاء في استقبال العزّ واستئنافه، فلم يستردّ ذاهباً، ولم يجد كمعتمده باذلاً له وواهباً، فعاد إلى الرواية والسّماع، (وما استفاد) من آمال تلك الأطماع، وأبو بكر إذ ذاك في ثرى الذكاء قضيب ما دوّح، وفي روض الشباب زهر ما صوَّح، فألزمه مجالس العلم رائِحاً وغادياً، ولازمه سائِقاً إليها وحادِياً، حتى استقرّت به مجالسه، واطّردت له مقايسه، فجدّ في طلبه، واستجدّ به أبوه متمزّق أربه فأدركه حِمَامه، ووارته هناك رِجَامُه، وبقي أبو بكر مُتفرِّداً، وللطلب مُتجرِّداً، حتى أصبح في العلم وحيداً، ولم تجد عنه رياسته مَحيداً، فكّر إلى الأندلس فحلّها والنّفوس إليه متطلّعة ولأنبائه متسمّعة، فناهيك من حضوة لقي، ومن عزة سُقي، ومن رفعة سما إليها ورقي، وحسبك من مفاخر قلّدها، ومن محاسن أُنسٍ نبتها فيها وخلّدها وقد أثبت من بديع نظمه ما يهز أعطافاً، وتردّه الإفهام نُطافاً، فمن ذلك قوله يتشوّق إلى بغداد، ويُخاطب فيها أهل الوِداد:
    أمِنْكَ سَرَى واللّيلُ يَخْدَعُ بالفَجْرِ ... خيالُ حَبيبٍ قد حَوَى قَصَبَ الفَخْرِ
    جلا ظُلَم الظَّلْماءِ مشرقُ نورِه ... ولم يخبط الظَّلْماء بالأنْجمِ الزُّهْرِ
    ولم يرض بالأرض البسطة مَسْحَبا ... فصار على الجوزاءِ إلى فلك يَسْري
    وحثَّ مَطَايا قد مَطَاها بعِزَّة ... فأوطأها قسراً على قُنَّة النَّسْرِ
    فصارت ثِقَالاً بالجلالة فَوْقَها ... وسارت عِجَالا تتقي ألَمَ الزَّجْرِ
    وجرّت على ذَيْل المجرّةِ ذَيَلَها ... فمن ثم يبدو ما هنالك لمن يَسْري
    ومرّت على الجوزاء توضع فوقها ... فآثر ما مرّت به كلف البَدْرِ
    وساقت أريج الخُلْد من جنة العُلا ... فدع عنك رَمْلاً بالأُنَيْعِمِ يَسْتَذري
    فما حَذَرَتْ قَيْسَاً ولا خيل عامرٍ ... ولا أضمرت خوفاً لقاء بني ضَمْرِ
    سقى الله مِصْراً والعِراقَ وأهْلَها ... وبغدادَ والشامين مُنْهَمِلَ القَطْرِ

    من كتاب مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس
    المؤلف: أبي نصر الفتح بن محمد بن عبيد الله بن خاقان ابن عبد الله القيسي الإشبيلي
    (480 - 528 هـ = 1087 - 1134 م)
    التعديل الأخير تم بواسطة أم ياسمين السلفية; الساعة 2015-11-11, 11:50 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X