بسم الله الرحمن الرحيم
من مظاهر الغلوّ في أعمال الحجّ والعمرة
من مظاهر الغلوّ في أعمال الحجّ والعمرة
إنّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لّا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله.
أمّا بعد:
فقد جاء النّهي والتّحذير من الغلوّ في الدّين والتّشدد فيه والتّنطّع.
عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((هلك المتنطّعون)) قالها ثلاثاً. أخرجه مسلم (رقم: 2670).
ولا تكاد تجد بابا من أبواب الدّين إلّا وأحدث فيه من أعمال الغلوّ ما أحدث، وهذه جملة من مظاهر الغلوّ في أعمال الحجّ والعمرة، جمعتها تحذيرا من الغلوّ وبيانا للمسلمين أن يقعوا فيها فيهلكوا، ومن مظاهر هذا الغلوّ:
1) الإحرام قبل الميقات تعبدا لله تعالى:
المقصود نيّة الدّخول في النّسك، وليس لبس الإحرام، فمن احتاج لبس الإحرام في البيت أو في المطار خشية أن لا يجد وقتا للبس الإحرام فلا حرج عليه.
عن محمد بن الضّحاك وغيره أنّ رجلا جاء الى مالك بن أنس فقال: من أين أحرم؟
فقال من الميقات الذي وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحرم منه.
فقال الرجل: فإن أحرمت من أبعد منه؟
فقال مالك: لا أرى ذلك.
فقال: ما تكره من ذلك؟
قال: أكره عليك الفتنة.
قال: وأي فتنة في ازدياد الخير؟
فقال مالك فإن الله تعالى يقول: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}[النور: 63] وأيّ فتنة أكبر من من أنّك خصّصت بفضل لم يختصّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية أنّ رجلا قال لمالك بن أنس: من أين أحرم؟
قال: من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأعاد عليه مرارا.
قال: فإن زدت على ذلك؟
قال: فلا تفعل فإنّي أخاف عليك الفتنة.
قال: وما في هذه من الفتنة إنّما هي أميال أزيدها.
قال: فإنّ الله تعالى يقول: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره} الآية.
قال: وأيّ فتنة في هذا؟
قال مالك: وأيّ فتنة أعظم من أن ترى أنّ اختيارك لنفسك خير من اختيار الله ورسوله وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحقّ واتّباعه وإن كان المتمسّك بالحقّ قليلا والمخالف كثيرا لأنّ الحقّ الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم. أخرجه ابن أبي شامة في ((الباعث على إنكار البدع والحوادث)) (ص: 21-22).
2) الاضطباع من عند مواقيت الاحرام:
الذي يشرع أن الاضطباع يكون عند الشروع في الطواف وينتهي بانتهائه، وبعض الحجاج والمعتمرين يظل مضطبعًا حتى ينتهي من مناسك الحج والعمرة، وهذا نوع من التنطع.
3) ترك الاستظلال:
قال العلّامة الألباني رحمه الله في ((مناسك الحج والعمرة)) (ص: 11): ((الاستظلال بالخيمة أو بثوب مرفوع لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم. ونحوه الاستظلال بالمحمل قديما وبالمظلّة (الشّمسية)، والسّيّارة ولومن داخلها حديثا وإيجاب الفدية على ذلك تشدّد لا دليل عليه؛ بل النّظر السّليم لا يفرّق بين الاستظلال بالخيمة الثّابت في السّنّة والاستظلال بالمحمل وما في معناه وهو رواية عن الإمام أحمد كما في منار السبيل (1/ 246). فما تفعله بعض الطّوائف -كالرّوافض الشّيعة- من إزالة سقف السّيارة تنطّع في الدّين لم يأذن به ربّ العالمين)) اهـ.
4) مسح اليدين بعد الوضوء إزالة ما علق من الطّيب الذي وضع على الرّأس قبل الإحرام:
قال العلّامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (7/66): ((مسألة: إذا كان المحرم سوف يتوضّأ، وإذا طيّب رأسه فسوف يمسح رأسه بيديه، وإذا مسح رأسه بيديه لصق شيء من الطّيب بيديه، فهل نقول أعد لنفسك خرقة تضعها في يدك، إذا أردت أن تمسح رأسك حتى لا تمس الطيب؟!
الجواب: لا، بل هذا تنطع في الدين ولم يرد، وكذا لا يمسح رأسه بعود أو جلد، إذا يمسحه بيده وسوف يعلق الطيب بيده، فعلى المذهب أنه يجب عليه أن يغسل يديه من هذا الطيب فورا؛ وذلك حتى يذهب ريحه؛ لكن الذي يظهر لي أن هذا مما يعفى عنه، فالمحرم لم يبتدئ الطيب، وهذا طيب مأمور به، والمشقة في غسل يده غسلا تذهب معه الرائحة، لا ترد به الشريعة)) اهـ.
5) من احتاج لحك رأسه ينقره خوفا من تساقط الشعر:
قال العلّامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (7/122): ((لا يحرم على المحرم أن يحك رأسه، إلا إن حكه ليتساقط الشعر فهو حرام، لكن من حكه بدافع الحكة ثم سقط شيء بغير قصد، فإنه لا يضره، وقيل: لعائشة ـ رضي الله عنها ـ: ((إن قوما يقولون بعدم حك الرأس؟ قالت: لو لم أستطع أن أحكه بيدي لحككته برجلي))، وهذا منها ـ رضي الله عنها ـ من المبالغة في الحل. ورأيت كثيرا من الحجاج إذا أراد أن يحك رأسه، نقر بأصبعه على رأسه خوفا من أن يتساقط شعره، وهذا من التنطع)) اهـ.
6) ابتداء الطواف قبل الحجر الأسود احتياطًا:
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (7/235): ((وقوله: ((فيحاذي الحجر الأسود بكله)): يدل على أنه لا ينبغي أن يتقدم نحو الركن اليماني، فيبتدئ من قبل الحجر فإن هذا بدعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ابتدأ طوافه من الحجر الأسود، فكونك تبتدئ من قبل الحجر بدعة وتنطع في دين الله، فلا ينبغي أن يخطو الإنسان خطوة واحدة قبل الحجر الأسود، بل يبتدئ من الحجر)) اهـ.
7) الزحام من أجل استلام وتقبيل الحجر الأسود:
قال العلامة الألباني رحمه الله عند ذكر بدع الطواف في ((مناسك الحج والعمرة)) (ص: 48): ((المزاحمة على تقبيله ومسابقة الإمام بالتسليم في الصلاة لتقبيله)) اهـ.
8) تسمية الحجر الأسود بالحجر الأسعد:
قال العلّامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (7/232): ((والحجر الأسود هو الذي في الركن الشرقي الجنوبي من الكعبة، ويوصف بالأسود لسواده، ويخطئ من يقول الحجر الأسعد، فإن هذه تسمية بدعية، فإن اسمه الحجر الأسود، لكن من العوام من يقول: الحجر الأسعد، فيجعل هذا الحجر من السعداء، بل أسعد السعداء، لأن الأسعد اسم تفضيل محلى بـ ((أل)) يدل على أنه لا أحد يساميه في السعادة، وهذا من الغلو بلا شك، بل نقول الحجر الأسود كما هو أسود، وإذا لقبناه بوصفه لم يكن في ذلك إهانة له ولا إذلال له)) اهـ.
9) تقبيل الركن اليماني والإشارة إليه:
قال العلّامة الألباني رحمه الله في ((مناسك الحج والعمرة)) (ص: 21): ((ويستلم الركن اليماني بيده في كل طوفة ولا يقبله فإن لم يتمكن من استلامه لم تشرع الإشارة إليه بيده)) اهـ.
10) التبرك بالحجر الأسود أو الركن اليماني:
قال العلّامة ابن عثيمين رحمه الله في ((فقه العبادات)) (ص: 330): ((فإن المقصود بالتمسح بالحجر الأسود أو بمسحه وتقبيله: تعظيم الله عز وجل؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استلم الحجر قال: ((الله أكبر)) ، إشارة إلى أن المقصود بهذا تعظيم الله عز وجل، وليس المقصود التبرك بمسح هذا الحجر، قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: والله إني لأعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك، ما قبلتك، هذا الظن الخاطئ من بعض الناس، وهو أنهم يظنون أن المقصود بمسح الركن اليماني والحجر الأسود التبرك، أدى ببعضهم إلى أن يأتي بابنه الصغير فيمسح الركن أو الحجر بيده ثم يمسح ابنه الصغير أو طفله بيده التي مسح بها الحجر أو الركن اليماني، وهذا من الاعتقاد الفاسد الذي يجب أن ينهى عنه، وأن يبين للناس أن مثل هذه الأحجار لا تضر ولا تنفع، وأن المقصود بمسحها: تعظيم الله عز وجل، وإقامة ذكره، والاقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم)) اهـ.
11) التبرك بأستار الكعبة:
قال العلّامة ابن عثيمين رحمه الله في ((مجموع فتاواه ورسائله)) (22/ 417-418): ((التبرك بثوب الكعبة والتمسح به من البدع؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولما طاف معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنه- بالكعبة وجعل يمسح جميع أركان البيت أنكر عليه عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- فأجاب معاوية ليس شيء من البيت مهجور، فرد عليه ابن عباس بقوله (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، وقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح الركنين) يعنى الحجر الأسود والركن اليماني، وهذا دليل على أننا نتوقف في مسح الكعبة وأركانها على ما جاءت به السنة؛ لأن هذه هي الأسوة الحسنة في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأمّا الملتزم الذي بين الحجر الأسود والباب، فإنّ هذا قد ورد عن الصّحابة -رضي الله عنهم- أنّهم قاموا به فالتزموه يدعون، والله أعلم)) اهـ.
12) استلام الرّكنين الشّاميين:
عن أبي الشّعثاء أنّه قال: ((ومن يتّقي شيئا من البيت؟)) وكان معاوية يستلم الأركان، فقال له ابن عبّاس رضي الله عنهما: إنّه لا يُستلم هذان الرّكنان، فقال: ((ليس شيء من البيت مهجورا)) وكان ابن الزّبير رضي الله عنهما ((يستلمهنّ كلهنّ))أخرجه البخاري.
(هذان الركنان) اللذان يليان الحجر ويسميان الشاميين لأنهما باتجاه الشام.
وأنّ أبا الطفيل البكري، حدثه أنّه، سمع ابن عباس، يقول: ((لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستلم غير الركنين اليمانيين))
أخرجه مسلم.
وعن أبي الطفيل، قال: كنت مع ابن عباس، ومعاوية لا يمر بركن إلا استلمه، فقال له ابن عباس: ((إنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يستلم إلا الحجر الأسود، والركن اليماني))، فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورا. أخرجه الترمذي وأحمد والحاكم وعبد الرزاق والطبراني؛ وصححه الألباني.
قال العلّامة الألباني رحمه الله عند ذكر بدع الطوف في ((مناسك الحج والعمرة)) (ص: 49): ((تقبيل الركن اليماني. تقبيل الركنين الشاميين والمقام واستلامهما. التمسح بحيطان الكعبة والمقام)) اهـ.
13) الرّمل في الأشواط السبعة:
من غلو بعضهم يرمل في جميع الأشواط السبعة.
14) الرمل في طواف الإفاضة –الزيارة– وطواف الوداع:
الرمل من خصائص الطّواف الذي يعقبه سعي؛ كطواف العمرة وطواف القدوم، ومن الغلو بعضهم يرمل في غيره من طواف الإفاضة – الزيارة – أو طواف الوداع.
15) رمل النساء في طواف:
الرمل من خصائص الرجال كما أن الاضطباع من خصائصهم أيضًا، ومن غلو النساء الرمل في الطواف سواء في طواف العمرة أو طواف القدوم أو طواف الإفاضة -الزّيارة- أو طواف الوداع.
قال ابن المنذر رحمه الله في ((الإجماع)) (ص: 55): ((وأجمعوا ألا رَمَلَ على النساء حول البيت، ولا في السعي بين الصفا والمروة)) اهـ.
16) القبض حال الطّواف:
قال العلّامة الألباني رحمه الله في ((مناسك الحج والعمرة)) (ص: 49): ((وضع اليمنى على اليسرى حال الطّواف)) اهـ.
17) استقبل القبلة عند شرب ماء زمزم والاغتسال بها:
قال العلّامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (7/348): ((قال بعضهم: ويستقبل القبلة، ولكن هذا ضعيف لأن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم ولم يرد عنه أنه استقبل القبلة ولا أنه رفع يديه يدعو بعد ذلك.
فإن قال قائل: هل يفعل شيئا آخر كالرش على البدن وعلى الثوب، أو أن يغسل به أثوابا يجعلها لكفنه، كما كان الناس يفعلون ذلك من قبل؟
فالجواب: لا، فنحن لا نتجاوز في التبرك ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا نتجاوز إليه، فما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذنا به وإلا فلا)) اهـ.
18) السّعي الشّديد في كلّ المسعى بين الصّفا والمروة:
قال العلّامة النووي رحمه الله في ((الإيضاح في مناسك الحج والعمرة)) (ص: 254-255): ((ثم ينزل من الصفا متوجها إلى المروة فيمشي حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر المعلق بفناء المسجد على يساره قدر ستة أذرع ثم يسعى سعيا شديدا حتى يتوسط بين الميلين الأخضرين اللذين أحدهما في ركن المسجد والآخر متصل بدار العباس رضي الله عنه ثم يترك شدة السعي ويمشي على عادته حتى يصل المروة فيصعد)) اهـ.
19) سعي المرأة الشّديد بين العلمين في المسعى:
قال ابن المنذر رحمه الله في ((الإجماع)) (ص: 55): ((وأجمعوا ألا رَمَلَ على النساء حول البيت، ولا في السعي بين الصفا والمروة)) اهـ.
وقال العلّامة ابن باز رحمه الله في ((التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب)) (ص: 46): ((وأما المرأة فلا يشرع لها الإسراع بين العلمين لأنها عورة وإنما المشروع لها المشي في السعي كله)) اهـ.
20) التّطوّع بالسّعي بين الصّفا والمروة من غير الحجّ والعمرة:
ومن الغلوّ التّعبّد لله بالتّطوّع بالسّعي بين الصّفاء والمروة يعني في غير الحجّ والعمرة.
قال العلّامة الألباني رحمه الله في ((مناسك الحج والعمرة)) (ص: 49): ((وضع اليمنى على اليسرى حال الطواف)) اهـ.
21) الإحرام لمن في مكّة بالحجّ يوم التّروية من الكعبة أو من الميزاب:
قال العلّامة ابن باز رحمه الله في ((التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب)) (ص: 50): ((فإذا كان يوم التّروية وهو الثّامن من ذي الحجّة استحبّ للمحلين بمكّة ومن أراد الحج من أهلها الإحرام بالحج من مساكنهم، لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أقاموا بالأبطح وأحرموا بالحج منه يوم التروية عن أمره صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يذهبوا إلى البيت فيحرموا عنده أو عند الميزاب)) اهـ.
22) عمل طواف الوداع عند الخروج لمنى:
قال العلّامة ابن باز رحمه الله في ((التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب)) (ص: 50-51): ((وكذا لم يأمرهم بطواف الوداع عند خروجهم إلى منى، ولو كان ذلك مشروعا لعلمهم إياه، والخير كله في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم)) اهـ.
23) الوقف في اليوم الثّامن من ذي الحجّة على عرفات احتياطًا:
قال العلّامة الألباني رحمه الله في ((مناسك الحج والعمرة)) (ص: 51): ((الوقوف على جبل عرفة في اليوم الثامن ساعة من الزمن احتياطا خشية الغلط في الهلال.
ثمّ قال: رحيلهم في اليوم الثّامن من مكّة إلى عرفة رحلة واحدة)) اهـ.
24) الصّعود على جبل الرّحمة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)) (26/ 133): ((وعرفة كلّها موقف ولا يقف ببطن عرنة وأمّا صعود الجبل الذي هناك فليس من السّنّة ويسمّى جبل الرّحمة ويقال له "إلال" على وزن هلال وكذلك القبّة التي فوقه التي يقال لها: قبّة آدم لا يستحب دخولها ولا الصّلاة فيها. والطّواف بها من الكبائر وكذلك المساجد التي عند الجمرات لا يستحب دخول شيء منها ولا الصلاة فيها. وأما الطواف بها أو بالصخرة أو بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم وما كان غير البيت العتيق فهو من أعظم البدع المحرمة)) اهـ.
وقال العلّامة الألباني رحمه الله عند ذكر بدع عرفة في ((مناسك الحج والعمرة)) (ص: 52): ((الصعود إلى جبل الرحمة في عرفات)) اهـ.
25) التقاط الحصيات من حين الوصول إلى مزدلفة ولجميع أيّام الرّمي وهي سبعين حصاة:
قال العلّامة ابن باز رحمه الله في ((التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب)) (ص: 61-62): ((وما يفعله بعض العامة من لقط حصى الجمار من حين وصوله إلى مزدلفة قبل الصلاة واعتقاد كثير منهم أن ذلك مشروع فهو غلط لا أصل له، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أن يلتقط له الحصى إلا بعد انصرافه من المشعر إلى منى ومن أي موضع لقط الحصى أجزأه ذلك، ولا يتعين لقطه من مزدلفة بل يجوز لقطه من منى والسنة التقاط سبع في هذا اليوم يرمي بها جمرة العقبة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم أما في الأيام الثلاثة فيلتقط من منى كل يوم إحدى وعشرين حصاة يرمي بها الجمار الثلاث)) اهـ.
26) الاغتسال وغسل الحصيات:
قال العلّامة الألباني رحمه الله عند بدع الرّمي في ((مناسك الحج والعمرة)) (ص: 54): ((الغسل لرمي الجمار. [و] غسل الحصيات قبل الرمي)) اهـ.
وقال العلّامة ابن باز رحمه الله في ((التّحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب)) (ص: 62): ((ولا يستحب غسل الحصى بل يرمي به من غير غسل لأن ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه)) اهـ.
27) رمي الجمرات بحجارة كبيرة:
عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة جمع: ((هلم القط لي)) فلقطت له حصيات هن حصى الخذف، فلمّا وضعهنّ في يده، قال: ((نعم بأمثال هؤلاء، وإيّاكم والغلوّ في الدّين، فإنمّا هلك من كان قبلكم بالغلوّ في الدّين)). أخرجه أحمد في ((المسند)) (رقم: 1851 و 3248) والنسائي في ((السنن))، وصححه الألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم)) (1/ 329): ((والنصارى أكثر غلوا في الاعتقادات والأعمال من سائر الطوائف، وإياهم نهى الله عن الغلو في القرآن، في قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}[النساء: 171].
وسبب هذا اللّفظ العامّ: رمي الجمار، وهو داخل فيه، فالغلوّ فيه: مثل الرّمي بالحجارة الكبار، ونحو ذلك. بناء على أنّه قد أبلغ من الحصى الصّغار.
ثم علل ذلك: بأن ما أهلك من قبلنا إلا الغلو في الدين)) اهـ.
28) الرّمي بغير الحصيات:
قال العلّامة الألباني رحمه الله عند بدع الرّمي في ((مناسك الحج والعمرة)) (ص: 54): ((رمي الجمرات بالنعال وغيرها)) اهـ.
29) السّبّ والشّتم عند رمي الجمرات ظنًّا أنّهم يرمون الشّيطان:
قال العلّامة ابن عثيمين رحمه الله في ((المنهج لمريد الحج والعمرة)) (ص: 36): ((وليتجنب ما يحدثه كثير من الناس من الكلام الذي لا يليق بالمشاعر كقول بعضهم إذا رمى الجمرات رمينا الشيطان، وربما شتم المشعر أو ضربه بنعل ونحوه مما ينافي الخضوع والعبادة، ويناقض المقصود برمي الجمار وهو إقامة ذكر الله عز وجل)) اهـ.
30) بعد الطّواف الوداع الخروج من المسجد الحرام على القهقرى:
قال العلّامة الألباني رحمه الله في ((مناسك الحج والعمرة)) (ص: 55): ((الخروج من المسجد الحرام بعد الطواف الوداع على القهقرى)) اهـ.
هذا ما تيسّر جمعه من صور الغلوّ، واعلم رحمك الله أنّ من شدّد على نفسه ففيه شبه من النّصارى الضّالّين.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((لا تشدّدوا على أنفسكم فيشدّد عليكم، فإنّ قوما شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصّوامع والدّيار {ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم}[الحديد: 27])). أخرجه أبو داود في ((السنن)) (رقم: 4904) وأبو يعلى الموصلي في ((المسند)) (رقم: 3694) والضياء في ((المختارة)) (رقم: 2178). قال البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة)) (4/ 259): إسناد صحيح. وضعفه الألباني ثم أودعه ((الصحيحة)) (رقم: 3124).
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
✍كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم السبت 24 ذي القعدة سنة 1445 هـ
الموافق لـ: 1 يونيو سنة 2024 ف
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم السبت 24 ذي القعدة سنة 1445 هـ
الموافق لـ: 1 يونيو سنة 2024 ف