إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

احذروا فتنة العالم الفاجر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • احذروا فتنة العالم الفاجر


    بسم الله الرحمن الرحيم


    احْذَرُوا فِتنَة العَالِمِ الفَاجِر


    الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على نبيّنا الأمين وعلى صحبه الكرام الصّادقين إلى يوم الدّين؛ أمّا بعد:
    اعلم رحمك الله؛ أنَّ العلماء السّابقين كان الواحد منهم يتثب في تلقِّي العلم أيّما تثبت، في نَقَلته ورواته، وخاصّة بعد أن ظهرت الفتن وكثُر الابتداع في الدين، ولهذا قال محمد بن سيرين: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد؛ فلما وقعت الفتنة قالوا: سمُّوا لنا رجالكم؛ فيُنظَر إلى أهل السنَّة فيؤخذ حديثهم، ويُنظَر إلى أهل البدع ولا يؤخذ حديثهم» أخرجه مسلم في ممقدّمته

    وقال ابن سيرين أيضاً: «اتقوا الله يا معشر الشباب! وانظروا عمن تأخذون هذه الأحاديث؛ فإنها دينكم» الجرح والتعديل2/15.
    وهذا ما تعلناه من علمائنا أن العلم يؤخذ من أهله، وأهله العدول الثقات الأمناء، فمن رضي لنفسه غير الأمين الثقة كأنما لعب بدينه، ولا شك أنّ اتّباع أهل الضّلال مفسدة جليّة، وتقليد العالم الفاجر واتبعاعه في زيغه لهو أعظم بلية، فعن سفيان الثوري رحمه الله قال: يقال: « تعوذوا بالله من فتنةِ العابد الجاهل، وفتنة العالم الفاجر، فإنَّ فتنتهما فتنةٌ لكلِّ مفتون » أخلاق العلماء للآجري ص63

    وقال ابنُ القيم رحمه الله: «فإنَّ الناس إنَّما يقتدون بعلمائهم وعُبَّادهم؛ فإذا كان العلماءُ فجرةً والعبَّادُ جهلةً عمَّت المصيبةُ بهما وعظمت الفتنةُ على الخاصة والعامّة» مفتاح دار السعادة لابن القيم (1/160).

    وقال أيضا رحمه الله في "إغاثة اللهفان"وقال: «فتنة الشبهات مِن ضَعفِ البصيرة، وقلة العلم، ولا سيما إذا اقترن بذلك فسادُ القصد، وحصولُ الهوى، فهنالك الفتنة العظمى، والمصيبة الكبرى» إغاثة اللهفان (ج2/ 165).

    وقال أيضا: «وكانوا يقولون: "احذروا فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون".
    وأصل كل فتنة إنما هو من تقديم الرأى على الشرع، والهوى على العقل».
    إلى أن قال رحمه الله: «فإن الرشد هو العلم بما ينفع، والعمل به. والرشد والهدى إذا أفرد كل منها تضمن الآخر، وإذا قرن أحدهما. فالهدى هو العلم بالحق. والرشد هو العمل به وضدهما الغَى واتباع الهوى» إغاثة اللّهفان (ج2 ص168)

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وصاحب الهوى يُعمِيه الهوى ويُصِمُّه، فلا يستحضر ما لله ورسوله في ذلك، ولا يطلبه، ولا يرضى لرضا الله ورسوله، ولا يغضب لغضب الله ورسوله، بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه، ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه، ويكون مع ذلك معه شبهة دين، وقد نُقِلَ عن سلفنا الصالح قولهم: «احذروا من الناس صِنفين: صاحبَ هوًى قد فَتَنَهُ هواه، وصاحب دنيا أعْمَتْهُ دنياه»" اقتضاء الصراط المستقيم 119/1.

    وقد روى الدّارميّ في مسنده عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ، قال: قال لِي عُمَرُ (بن الخطاب): «هل تَعْرِفُ ما يَهْدِمُ الْإِسْلَامَ ؟» قال: قُلْتُ: لَا، قال: «يَهْدِمُهُ زَلَّةُ الْعَالِمِ، وَجِدَالُ الْمُنَافِقِ بِالْكِتَابِ وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّينَ» رواه الدارمي في مسنده 220

    ولهذا كثيرا ما يعجبني كلام عبد الله ابن مسعود وحق أن يكتب بالذهب حيث وصّى فقال: «لا يقلِّدن أحدكم دينَه رجلًا، فإن آمَنَ آمَنَ، وإن كَفَرَ كَفَرَ، فإن كنتم لا بد مُقتدين، فاقتدوا بالميت، فإن الحيَّ لا يؤمَن عليه الفتنة» رواه الطَّبراني (9/152)

    ومما ينسب إليه أيضا قوله: «مَن كانَ مُسْتَنًّا، فَلْيَسْتَنَّ بمن قد ماتَ، فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفِتْنَةُ، أولئك أصحابُ محمد ﷺ، كانوا أفضلَ هذه الأمة: أبرَّها قلوبًا، وأعمقَها علمًا، وأقلَّها تكلُّفًا، اختارهم الله لصحبة نبيِّه، ولإقامة دِينه، فاعرِفوا لهم فضلَهم، واتبعُوهم على أثرهم، وتمسَّكوا بما استَطَعْتُم من أخلاقِهم وسيَرِهم، فإنهم كانوا على الهُدَى المستقيم» .والأثر رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2/947 ـ رقم 1810) وغير واحد من علماء السّلف.

    فلا تقلدنّ دينك رجلا غير أمين فهذا قد خان الأمانة العلميّة وكفى به إثما أن تغشّ المسلمين وهذا من أعظم الغشّ ولا ريب، فقد روى مسلم في صحيحه؛ "أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ مَرَّ علَى صُبْرَةِ طَعامٍ فأدْخَلَ يَدَهُ فيها، فَنالَتْ أصابِعُهُ بَلَلًا فقالَ: ما هذا يا صاحِبَ الطَّعامِ؟ قالَ أصابَتْهُ السَّماءُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعامِ كَيْ يَراهُ النَّاسُ، مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي".
    فهذا نبيّنا ﷺ حذر الرجل من خيانة إخوانه في ما يدخل جوفهم من طعام، فكيف الحال بمن دسّ في الدين سموم أهل الباطل وأضرابهم، فهذا من أعظم الغش والخيانة.

    فمن اعتصم بالكتاب والسّنّة هداه الله إلى صراطه المستقيم، إي والله؛ ومن جانبهما بفرض رأيه وقياسه الفاسد و خان الأمانة العلميّة وحشى في كتاباته الأباطيل من بطون كتب أهل الانحراف، ولم ينسب القول لقائله ونهب وسرق! وقوّل الصحابة مالم يقولوا وبتر أقوالهم وكذا فعل مع العلماء، وهذا كي يهرب من صنيعه، وقد طبّق حرفيا قاعدة "اعتقد ثم استدل" ففي الغالب لو تتبعنا حجج أهل الباطل نراها دعاوى لا يقوم عليها دليل، بل حججهم ترد عليهم، وكما قال شيخ الاسلام في "العبودية": «وأصل ضلال من ضلّ هو تقديم قياسه على النّص المنزل من عند الله، واختياره الهوى على اتّباع أمر الله » العبودية ص 67

    بالله عليكم إنّ هذا يسعى للتفريق وللدعوة بالتمزيق، فقد رمى أهل الحق بقبيح الأوصاف، هذا بعدما أكلت سياط أهل السنة باطله وما جاء به من الإنحراف ... فكان الجزاء من جنس العمل! فأنكر ما كان يعرف! فصار يضرب خبط عشواء يستنجد بقواعد باطلة، حتى إذا ما بُين له الحق كابر وعاند وانتقص العلماء الجبال، أما ترى أنّ أمره انقلب من حال إلى حال!

    وكما قال سلفنا؛ إذا أراد المرء معرفة شيء من الدّين والكلام فيه، نظر فيما قاله الله ورسوله فمنه يتعلّم وبه يتكلّم وفيه ينظر وتفكّر وبه يستدلّ.

    والحقّ واحد ولا يتناقض، والحقّ أحقّ أن يتّبع، نسأل الله أن يهدي من ضلّ عن الجادّة، ويبصرهم بالحقّ ويرزقهم الاتّباع.

    قال أبو الدّرداء -رضي الله عنه-: إني لآمركم بالأمر و ما أفعله ، ولكن لعلّ الله يأجرني فيه سير أعلام النّبلاء 4/19

    والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وآله وصحبه أجمعين.
    كتبه العبد الضّعيف الظّالم نفسه:
    أبو أنس محمّد بن عمار
    -غفر الله له ولوالديه-
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2024-06-04, 06:17 PM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X