إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دب فيكم داء الجمود

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دب فيكم داء الجمود

    دب فيكم داء الجمود

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
    أما بعد:
    فإن من الصفات التي ينكرها أهل العلم على بعض الفرق في سياق الذم صفة الجمود .
    وبعض من ينتسبون إلى مذهب السلف رحمهم الله - إن لم يكن كثير منهم - عندهم هذا الجمود المذموم ،وقد يصل بهم الحال أن يكونوا أشد جمودا من أصحاب المذاهب والفرق الضالة.
    والجُمُود هو: توقف النشاط ويقصد به هنا توقف إعمال الدهن والفكر والأخذ بأقوال الرجال حتى وإن ظهر الحجج القاطعة.
    وهذا الجمود تجده في عدة مسائل:
    في الفقه.
    وفي الدعوة.
    وفي مسائل الجرح والتعديل.
    وفي مسائل المنهج.
    فتجد عندهم الشدة والقسوة ، وربما يصل الحال ببعضهم أن يشتم ويسب، والناظر في هذه المعارك على برامج التواصل- التقاطع - لا يخفى عليه.
    هل تعلم أن بعض الناس يذمون الجمود المذهبي والتعصب لأهل المذاهب الفقهية الأربعة - الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية - وهو حق، وفي المقابل يجمد على قول ابن باز والألباني وابن عثيمين.
    بل يزداد الأمر سوءا حين تصادَم الأدلة الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بأقوال العلماء ، وكأن كلامَ العالم كلامُ معصوم .
    ما معنى أن تدلي بقول لأهل العلم المعاصرين مجردا عن الدليل ويعترض عليه بقول عالم آخر من غير حجة ولا برهان.
    وما الفرق بين قول متعصبة المذاهب وهذا اختيار أصحابنا وهذا قول أئمتنا من غير ذكر آية أو حديث.
    بل يزداد الطين بله عند مصادمة الأدلة بأقول العلماء، وكأن كلام العلم معصوم.
    ومسائل العلم تبنى على الكتاب والسنة.
    ولله در القائل
    العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة هم أولى العرفان
    ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين قول فلانِ
    وفي مسائل الدعوة من الناس من يتقلد قولا لبعض أهل العلم ويجمد عليه وفي المقابل يوجد قول آخر، وكلا القولين لهما حظ من النظر.
    فلماذا الإلزام في مسائل اختلف فيها علماؤنا وفي مسائل يسوغ فيها الاختلاف ؟
    أما مسائل الجرح والتعديل ففيها من الجمود ما الله به عليم.
    قال الشيخ: هم ليس عندهم ذرة دليل.
    فقيل لهم : هذه الأدلة رآها الناس حتى العميان منهم وانتشرت في الآفاق.
    قالوا: الشيخ قال ليس عندهم أدلة.
    بل إن الأمر ساء و تعدى ذلك، حتى دُعي إلى التمسك بأقوال الشيخ لأنها العروة الوثقى، وعليك بالشيخ كي لا تضيع.
    ألم تر أن هذا الإرهاب الفكري غطى على العقول والأبصار حتى لم تعد ترى ما لاح في الأفق وسطعت شمسه بعد ظلمة.
    وأيضا في مسائل الجرح والتعديل الجمود على التزكية وكأنها صك غفران وأن التزكية لا يأتيها التبديل والتغيير ولا يطرأ عليها النسخ - وكأن من نال تزكية من العالم صار معصوما بها -، وهذا منهج خطير جدا، فتمسكن حتى تتحصل على التزكية ثم اعبث كما تشاء.
    أما مسائل المنهج فتجد بعضهم يغمز إخوانه القائلين بأن الليبرالية أشد خطراً من الإخوان المسلمين - لأن قول الشيخ الذي لا محيد عنه أن الإخوانالمسلمين أشد خطرا من اللبراليين.
    طيب وشيخ الشيخ يقول بعكس هذا القول وأن الليبراليين أخطر.
    فلماذا باؤكم تجر وباؤنا لا تجر؟
    ولماذا الكيل بمكيالين والوزن بميزانين؟
    فهذا الجمود لعب على الحبلين وأكل بشدقين.
    وأيضا من المسائل المنهجية أن بعضهم صدر عنه كلام فيه طعن في الصحابة رضوان الله عليهم وحين روجع في هذا الكلام احتج بأن مثل قوله جاء عن غيره من العلماء.
    وما قصة رمي بعض الصحابة بالغثائية عنا ببعيد.
    واعلم أن هذا العبث يُضر بالدعوة

    الحقة التى كان عليها الصحابة الكرام ومن سلف من الأخيار.
    لهذا ينبغي علينا الحذر من الجمود في جميع المسائل.
    والأمَرُّ من هذا ما إذا طال هذا الجمود الذين يحسبون على طلب العلم وينتسبون إلى أهله ، فحينما يعجز أحدهم عن مقارعة الحجة ومواجهة الأدلة و يتحيّر في مجابهة البراهين الساطعة والأدلة الواضحة يفر إلى هذا الجمود المذموم بقوله إن هذا هو رأي الشيخ، وكأن كلام الشيخ وحي منزل.
    وأنا لا أقول هذا كلام من نسج الخيال ولا عن رؤى في المنام بل هي حقيقة أبصرتها عيون جعلت الحجة شعارها والدليل دثارها وردت الجمود بقول مستند على دليل معصوم حق معقول.
    والأخطر من هذا كله أن هناك من يقعد قواعد الخوارج ويحشد الأقوال التي تنصر مذهبه ومذهب السروريين بأن الإنكار العلني في غيبة الحاكم وان هذا قول للشيخ ويرد النصوص التي تأمر بالصبر على جور الحكام الظلمة والمسأثرين بالأموال، وكذلك يرد بأن النصيحة تكون في السر، وأن هذا رأي لمشايخ معاصرين.
    ورمي عالم كبير ومن علماء العصر بل أحد المجددين لما اندرس من معالم هذا الدين ورميه بالإرجاء ثم الاتكاء على أنه قول فلان.
    وأن الحاكمية جوهر للتوحيد وأن قول لعلان.
    ألا ترى أن هذا جمودا يفسد المرء ويجعله كلما زلت به قدم بحث وفتش عن الأقوال الشاذة والآراء المخالفة.
    ومن تتبع هذه السقطات اجتمع فيه الشر.
    لهذا الجمود خطير جدا يهوي بصاحبه في مستنقع البدع كما أوقع كثيرا من صوفية العصر وممن قبلهم في الشرك والكفر.
    و البدع أول ما تكون صغيرة ثم تُغذى بالجمود والمخالفة حتى تصير كبيرة فتهوي بصاحبها إلى النار وبئس القرار.

    هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

    ✍️ كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    مكة المكرمة: يوم الأحد 28 رمضان سنة 1445 هـ
    الموافق لـ: 7 أبريل 2024 ف
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X