إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المقشقشات خمس سور في القرآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المقشقشات خمس سور في القرآن

    بسم الله الرّحمن الرّحيم


    المقشقشات
    خمس سور في القرآن



    إنّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لّا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله.
    أمّا بعد:
    ففي كتاب الله تعالى سور أطلق بعض أهل العلم عليهم اسم المقشقشة، وبعد البحث تبيّن أنّها خمس سور، وهي غاية في الأهميّة، فيحتاج إلى تدبّرها، والوقوف عند معانيها، وكلّها غير سورة واحدة شرع الإتيان بها في اليوم واللّيلة أكثر من مرّة.
    والمقشقشات من السّور خمس في القرآن الكريم؛ وهي:
    • براءة.
    • الكافرون.
    • الإخلاص.
    • الفلق.
    • النّاس.
    هذه هي السّور المقشقشة، والملاحظ أنّها من قصار السّور غير سورة براءة، وكثير من عامّة المسلمين يحفظونها أو يحفظون بعضها، وما هذا إلّا تسهيل من الله تعالى للاستفادة من معانيها وللوقوف على زواجرها وللتّذكير بما دلّت عليه الذي هو التّوحيد والإخلاص والبراءة ممّا يضادّه ويخدش حماه.
    والقشّ: مصدر قششت الشَّيْء أقشّه قشّا، إِذا استوعبته؛ وَيُقَال: قششت الشَّيْء بيَدي قشا، إِذا حككته بِيَدِك حَتَّى يتحاتّ.
    والقشقشة: تهيّؤ البرء.
    ويقال: قد تقشقش المريض: إذا أفاق وبرأ.
    وتقشقش الجرح: تعرض قرحه للبرء وجفّت.
    ويقال: قشقش البعير: إذا رمى بجربته.
    ويُقَشْقِشُ القطران الجَرَبُ فيُبرئه.
    وهذه السّور المقشقشة تبرء من أمراض خطيرة وأدواء فتاكة، وإن كان القرآن كلّه مشقشق لجميع الأمراض غير أنّه خصّت هذه السّور بهذه التّسمية.

    أوّلا: سورة براءة.
    هذه السّور تقشقش النّفاق، أي: تبرئ منه وتفضح أهله.
    عن زيد بن أسلم رضي الله عنه؛ أنّ رجلا قال لعبد الله: "سورة التّوبة"، فقال ابن عمر رضي الله عنه: "وأيّتهنّ سورة التّوبة"، فقال: "براءة".
    فقال ابن عمر: "وهل فعل بالنّاس الأفاعيل إلّا هي ما كنّا ندعوها إلّا المقشقشة". أخرجه أبو الشّيخ وابن مردويه؛ كما في (الدّرّ المنثور في التّفسير بالمأثور) (4/ 121).
    فالذي يظهر أنّها سمّيت سورة براءة بالمقشقشة؛ لأنّها تقشقش من النّفاق؛ أي: تبرئ منه فتُخلي قلبه من النّفاق فهي تخلّص من آمن بما فيها من النّفاق وتحثّه على البراءة من المنافقين.
    ثانيا: سورة الكافرون.
    سمّيت بهذا؛ لأنّها تقشقش الشّرك والكفر وتقشقش الولاء للمشركين والكافرين، فهي تبرئ قارءها من الأوضار ومن جميع دواعي الكفر والنّفاق.
    عن أبي عمرو بن العلاء، قال: "كانت {قل يا أيّها الكافرون} تسمّى المقشقشة، أي أنّها تبرئ من الشّرك". أخرجه البيهقي في (شعب الإيمان) (رقم: 2292).
    فهي تبرئ من الشّرك. وبهذا نعتها النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الحديث المعروف الذي جاء فيه أنّها تقرأ قبل النّوم.
    عن فروة بن نوفل الأشجعيّ، عن أبيه رضي الله عنه قال: دفع إليّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم ابنة أمّ سلمة، وقال: "إنّما أنت ظئري"، قال: فمكثت ما شاء الله ثمّ أتيته، فقال: "ما فعلت الجارية أو الجويريّة"، قال: قلت: "عند أمّها"، قال: "فمجيء ما جئت"، قال: قلت: "تعلّمني ما أقول عند منامي"، فقال: "اقرأ عند منامك {قل يا أيّها الكافرون} ثمّ نم على خاتمتها فإنّها براءة من الشّرك). أخرجه أحمد في (المسند) وأبو داود في (السنن) والترمذي في (جامعه) والنسائي في (السنن) وابن حبان في (صحيحه) والحاكم في (المستدرك) وصححه الألباني.
    قال العلّامة عبد الرّزاق بن عبد المحسن البدر حفظه الله في (فقه الأدعية والأذكار): "ليكون آخر ما نام عليه هو إعلان التّوحيد والبراءة من الشّرك، ولا ريب أنّ من قرأها وفهم ما دلّت عليه وعمل بما تقتضيه، فقد برئ من الشّرك ظاهرا وباطنا، وقد كان بعض السّلف يسمّيها: المقشقشة، يقال: قشقش فلان، إذا برئ من مرضه، فهي تبرئ صاحبها من الشّرك" اهـ.
    فهذه السّورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون، وهي آمرة بالإخلاص لله تعالى، وتقشقش الولاء للمشركين والكافرين.

    ثالثا: سورة الإخلاص.
    الذي يظهر أن تسميتها بهذا الاسم؛ لأنّها تقشقش الشّرك والكفر وتخصّ قشقشت الشّرك في أسماء الله وصفاته والكفر بأسماء الله تعالى وصفاته، وما يقع فيهما من تحريف وتمثيل وتكيف وتعطيل، وتقشقش دين اليهود المحرّف الذين ادّعوا أنّ عزير ابن الله وتقشقش دين النّصارى المحرّف الذين ادّعوا أنّ عيسى ابن الله وتقشقش دين المشركين الذين الذين ادعوا أنّ الملائكة بنات الله.
    قال الأصمعي كما في (مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيميّة) (28/ 436): وكان يقال لسورتي الإخلاص: المقشقشتان؛ لأنّهما يبرءان من النّفاق.
    وقال ابن دريد في جمهرة اللّغة (1/ 44): وَكَانَت {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و{قل هُوَ الله أحد} تسمّيان فِي صدر الْإِسْلَام: المقشقشتين.

    رابعا: سورة الفلق.
    والذي يظهر أنّ تسميتها بالمقشقشة؛ لأنّها تقشقش السّحر وتبرئُ المؤمن منه بإذن الله، فتنظِّفه من السّحر والولاء للسّحرة، وتقشقش الإصابة من العين التي مصدرها الحسد في الغالب، والبراءة من الحاسدين.

    خامسا: سورة النّاس.
    والذي يظهر أنّها سمّيت بالمقشقشة؛ لأنّها تقشقش وساوس الشّياطين.
    قال أبو الحسن علم الدّين عَليّ بن محمّد السَّخاويّ رحمه الله في (جمال القرّاء وكمال الإقراء) (1/ 202): (ثمّ سورة الفلق، ثمّ سورة النّاس ويقال لهما: المعوّذتان، والمشقشقتان، من قولهم: شقشق البعير إذا هدر، وشقشق العصفور، وخطيب مشقشق، وخطيب ذو شقشقة، والشّقشقة: التي يخرجها البعير من فيه إذا هاج كالرّئة شبّه الخطيب بالفحل)) اهـ.

    فهذه السّور المقشقشات الخمس من عرفها حصل له البرء من الشّرك والكفر والنّفاق والسّحر والشّياطين، فهي براءة من الشّرك والكفر الذي يسلم صاحبه من تلك الأمراض، ومعلوم أن المقصود أن تكون براءة من كل شرك وكفر ونفاق اعتقادي وعملي وأكبر وأصغر والبراءة من شياطين الجن والإنس وكذلك البراءة من سحر التأثير والتخيل.
    وهذه المقشقشات التي تقشقش من الشّرك والكفر والنّفاق والسّحر ووساوس الشّياطين؛ كما يقشقش المريض من المرض الذي هو أعظم أمراض القلوب، فهذه السّور شفاء -بإذن الله- من هذه الأمراض.
    ولأهميّة المقشقشات من سور قصار المفصّل شرع الإتيان بها وتكرارها في اليوم واللّيلة.
    فسورة الكافرون شُرعت في سنّة الفجر وسنّة المغرب والوتر وركعتي الطّواف وفي ركعتين بعد الوتر أحيانا، وشرع أن يختم بها المسلم اليوم واللّيلة فتكون في أذكار النّوم.
    أمّا سورة الإخلاص فهي تشارك سورة الكافرون -وسمّيتا بسورتي الإخلاص- هذه السّورة شاركت في سنّة الفجر وسنّة المغرب والوتر وركعتي الطّواف وفي أذكار النّوم.
    وسورة الإخلاص من أذكار الصّباح والمساء ومن أذكار أدبار الصّلوات.
    والمعوّذتان سورة الفلق والنّاس فشاركتا سورتي الإخلاص -الكافرون والإخلاص- في صلاة الوتر وأذكار النّوم.
    وشاركتا سورة الإخلاص فقط في أذكار الصّباح والمساء وفي أذكار أدبار الصّلوات.
    وبداية اليوم بثلاث سور من السّور المقشقشة بداية تبعث على البراءة من الشّرك والكفر والنّفاق ومن السّحر واستعاذة من العين ووساوس الشّيطان ليكون المرء نظيفا من هذه الأمراض ويلمس ويشعر بالسّعادة التي يجنيها من توحيد الله وإخلاص العبادة له والبراءة من الشّرك والكفر والنّفاق وأهلهم، واشتركتا سورتي الإخلاص في بداية اليوم بهما في سنّة الفجر وختمه بهما في سنّة المغرب.
    وما ختم هذه المقشقشات الأربعة -الكافرون الإخلاص والمعوّذتان سورة الفلق والنّاس- اليوم واللّيلة عند أذكار النّوم؛ إلّا براءة من أخطر الأمراض وأعتى الأدواء.
    ولمّا كان الاستعداد للنّوم الذي هو الموت الأصغر بالبراءة من هذه الأمراض الفتّاكة تذكر للمسلم أن يتبرّأ من الشّرك والكفر والنّفاق والسّحر الذي هو كفر قبل أن يرحل من هذه الدّنيا و يفجأه الموت ويبغته هادم اللّذّات.
    فهذه المقشقشات حصن حصين يحتاجه المرء للولوج إليه في صباحه ومسائه وعند نومه؛ بل وبعد عبادته -أدبار الصّلوات-، وما شرع لنا أن نأتيَ بهذه السّور إلّا لتحصين التّوحيد وحماية جنابه من أخطر الأمراض.
    هذا والله أعلم، وبالله التّوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
    ✍كتبه
    عزّالدّين بن سالم بن الصّادق أبوزخّار
    طرابلس الغرب: يوم الأحد 4 جمادى الأخر سنة 1445 هـ
    الموافق لـ: 17 ديسمبر سنة 2023
    ف
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2023-12-18, 09:27 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X