إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مِـنَ النَّـــصِـيــحَة الدعـــاءُ لِوَلِيِّ الأمــــرِ بالصَّلاح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مِـنَ النَّـــصِـيــحَة الدعـــاءُ لِوَلِيِّ الأمــــرِ بالصَّلاح

    بسم الله الرحمن الرحيم


    مِنَ النَّصِيحَة
    الدعاءُ لِوَلِيِّ الأمرِ بالصَّلاح


    اعلم -رحمني الله وإيّاك وهداني للحقّ وأدخلني الجنّة وجعلها مثواي ومثواك-، أنَّ النّصحية لوليّ الأمر مـن أصول أهل السّنّة والجماعة، فقد أورد مسلم في صحيحه عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ". قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ:"لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ"(1)

    قال الشّيخ العلّامة محمّد آدم الإثيوبي رحمه الله مُعلِّقا على هذا الحديث في البحر المحيط الثّجّاج: ​​​​​​​"معنى النّصيحة لهم معاونتهم على الحقّ، وطاعتهم فيه، وأمرهم به، وتنبيههم وتذكيرهم برفقٍ ولطفٍ، وإعلامهم بما غَفَلوا عنه، ولم يبلغهم من حقوق المسلمين، وترك الخروج عليهم، وتأليف قلوب النّاس لطاعتهم.
    قال الخطابيّ رحمه الله تعالى: "ومن النّصيحة لهم الصّلاة خلفهم، والجهاد معهم، وأداء الصّدقات إليهم، وترك الخروج بالسّيف عليهم إذا ظهر منهم حَيْفٌ، أو سُوءُ عشرة، وأن لا يُغَرُّوا بالثّناء الكاذب عليهم، وأن يُدْعَى لهم بالصّلاح"، وهذا كلّه على أنّ المراد بأئمّة المسلمين الخلفاء وغيرهم ممّن يقوم بأمور المسلمين، من أصحاب الولايات، وهذا هو المشهور". اهـ

    وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: "وأمّا النّصيحة لأئمّة المسلمين: فحبُّ صلاحهم ورشدهم وعدلهم، وحبّ اجتماع الأمّة عليهم، وكراهة افتراق الأمّة عليهم، والتّدين بطاعتهم في طاعة الله عزوجل، والبغض لمن رأى الخروج عليهم، وحبُّ إعزازهم في طاعة الله عزّوجل". انتهى(2).

    وصح عن أحمد والفُضيل بن عياض والكلام له "لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسّلطان"(3)، ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى(4) وأسنده أبو نعيم في "حليته" إلى الفضيل بن عياض فقال: حدّثنا محمّد بن ابراهيم، ثنا أبو يعلى، ثنا عبد الصّمد بن يزيد البغدادي -ولقبه من دونه- قال سمعت الفضيل بن عياض يقول: لو أنّ لي دعوة مستجابة ما صيّرتها إلّا في الإمام .
    قيل له: وكيف ذلك يا أبا عليّ؟ قال: متى ما صيّرتها في نفسي لم تحزني ومتى صيّرتها في الإمام فصلاح الإمام صلاح العباد والبلاد.
    قيل: وكيف ذلك يا أبا عليّ؟ فسّر لنا هذا. قال: أمّا صلاح البلاد فإذا أمن النّاس ظلم الإمام عمروا الخرابات ونزلوا الأرض، وأمّا العباد فينظر إلى قوم من أهل الجهل فيقول: قد شغلهم طلب المعيشة عن طلب ما ينفعهم من تعلّم القرآن وغيره، فيجمعهم في دار خمسين خمسين أقلّ أو أكثر، يقول للرّجل: لك ما يصلحك، وعلم هؤلاء أمر دينهم، وانظر ما أخرج الله عزوجل من فيهم ممّا يزكّى الأرض فردّه عليهم. قال: فكان صلاح العباد والبلاد، فقبل ابن المبارك جبهته وقال: يا معلّم الخير من يحسن هذا غيرك. انتهى(5)

    فالدّعاء لوليّ الأمر بالصّلاح والفلاح وحسن البطانة من عقيدة أهل السّنّة والجماعة.
    قال البربهاريّ في شرح السّنّة: "إذا رأيت الرّجل يدعو للسّلطان بالصّلاح فاعلم أنّه صاحب سنّة إن شاء الله"(6).
    وفي موضع آخر قال: "أُمرنا أن ندعو لهم بالصّلاح ولم نؤمر أن ندعو عليهم وإن ظلموا وجاروا؛ لأنّ ظلمهم وجورهم على أنفسهم وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين"(7).

    ونقل الخلّال في سنّته عن الإمام أحمد بن حنبل أنّه كان يقول: "وإنّي لأدعو له -أي: للأمير- بالتّسديد والتّوفيق في اللّيل والنّهار، والتّأييد، وأرى له ذلك واجباً عليّ"(8).

    وقال أبو عثمان إسماعيل الصّابوني رحمه اللهفي عقيدته: "يرون الدّعاء لهم بالإصلاح والتّوفيق والصّلاح"(9).

    فمن مقتضيات النّصيحة لولّاة الأمور الدّعاء لهم، قال ابن باز: "من مقتضى البيعة النّصح لوليّ الأمر، ومن النّصح الدّعاء له بالتّوفيق والهداية وصلاح النّية والعمل وصلاح البطانة"(10).
    ولا ينبغي للمسلم الدّعاء عليهم -وإن جاروا وظلموا- بل يصبر ويحتسب.
    قال الشّيخ صالح الفوزان في التّعليقات المختصرة على متن العقيدة الطّحاوية: "لا يجوز الدّعاء عليهم؛ لأنّ هذا خروج معنويّ، مثل الخروج عليهم بالسّلاح، وكونه دعا عليهم؛ لأنّه لا يرى ولايتهم، فالواجب الدّعاء لهم بالهدى والصّلاح، لا الدّعاء عليهم، فهذا أصل من أصول أهل السّنّة والجماعة، فإذا رأيت أحدا يدعو على ولاة الأمور، فاعلم أنّه ضالّ في عقيدته، وليس على منهج السّلف.
    وبعض النّاس قد يتّخذ هذا من باب الغيرة والغضب لله عزوجل، لكنّها غيرة وغضب في غير محلّهما؛ لأنهّم إذا زالوا حصلت المفاسد.
    قال الإمام الفضيل بن عياض -رحمه الله- ويروي ذلك عن الإمام أحمد يقول: "لو أنّي أعلم أنّ لي دعوة مستجابة لصرفتها للسّلطان.
    والإمام أحمد صبر في المحنة، ولم يثبت عنه أنّه دعا عليهم أو تكلّم فيهم، بل صبر وكانت العاقبة له، هذا مذهب أهل السّنّة والجماعة.
    فالذين يدعون على ولاة أمور المسلمين ليسوا على مذهب أهل السّنّة والجماعة، وكذلك الذين لا يدعون لهم، وهذا علّامة أنّ عندهم انحرافاً عن عقيدة أهل السّنّة والجماعة.
    وبعضهم ينكر على الذين يدعون في خطبة الجمعة لولاة الأمور، ويقولون: هذه مداهنة، هذا نفاق، هذا تزلّف.
    سبحان الله! هذا مذهب أهل السّنّة والجماعة، بل من السّنّة الدّعاء لولاة الأمور؛ لأنّهم إذا صلحوا صلح النّاس، فأنت تدعو لهم بالصّلاح والهداية والخير، وإن كان عندهم شرّ، فهم ما داموا على الإسلام فعندهم خير، فما داموا يُحَكِّمون الشّرع، ويقيمون الحدود، ويصونون الأمن، ويمنعون العدوان عن المسلمين، ويكفّون الكفّار عنهم، فهذا خير عظيم، فيدعى لهم من أجل ذلك.
    وما عندهم من المعاصي والفسق، فهذا إثمه عليهم، ولكن عندهم خير أعظم، ويُدعى لهم بالاستقامة والصّلاح فهذا مذهب أهل السّنّة والجماعة، أمّا مذهب أهل الضّلال وأهل الجهل؛ فيرون هذا من المداهنة والتّزلّف، ولا يدعون لهم، بل يدعون عليهم.

    والغيرة ليست في الدّعاء عليهم، فإن كنت تريد الخير؛ فادعُ لهم بالصّلاح والخير، فالله قادر على هدايتهم وردّهم إلى الحقّ، فأنت هل يئست من هدايتهم؟ هذا قنوط من رحمة الله، وأيضاً الدّعاء لهم من النّصيحة، كما قال عليه الصلاة والسّلام: "الدّين النّصيحة، الدّين النّصيحة،الذين النّصيحة" قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم"، فهذا أصل عظيم يجب التّنبّه له، وبخاصّة في هذه الأزمنة. انتهى(11).

    فمن امتنع عن الدّعاء للحكاّم وولّاة الأمور فقد خالف عقيدة السّلف رحمهم الله، واليوم تجد من يُشار إليه بالبنان -على أنّه مجدّد لهذا الزّمان زعموا- يمتنعُ عن الدّعاء لوليّ الأمر وهذا حاله حال الجاهل، كما قال ابن باز رحمه الله في المُعرض عن الدّعاء لوليّ الأمر: "هذا من جهله وعدم بصيرته، الدّعاء لوليّ الأمر من أعظم القربات ومن أفضل الطّاعات ومن النّصيحة للّه ولعباده ... يدعو للنّاس! والسّلطان أولى مَنْ يُدْعَى له؛ لأنّ صلاحه صلاح للأمّة فالدّعاء له من أهم الدّعاء"(12).

    فهذه عقيدة السّلف رحمهم الله في الدّعاء لوليّ الأمر بالصّلاح والفلاح وحسن البطانة، فكيف ينظر لغير هديهم وخلاف طريقتهم، فاللّهمّ وفّق وليّ أمرنا لمّا فيه صلاح البلاد والعباد، والله الموفق وهو الهادي إلى سبيل الرّشاد.
    كتبه: أبو أنس محمد بن عمار
    الخميس15 صفر 1445هجري
    الموافق لـ 31 أوت نصراني


    _____________
    (1) أخرجه مسلم في كتاب الايمان: بابٌ: بيان أنّ الدّين النّصيحة، رقم الحديث55 جـ 1 ص53.
    (2) البحر المحيط الثّجّاج في شرح صحيح مسلم بن الحجّاج، محمّد الإثيوبي، جـ 2 ص 301.
    (3) حلية الأولياء، أبو نعيم، جـ8 ص 91.
    (4) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، جـ 28 ص391.
    (5) حلية الأولياء، أبو نعيم، جـ8 ص 91.
    (6) شرح السّنّة، البربهاري، ص 113.
    (7) نفس المصدر، ص 114.
    (8) السُّنة، الخلاّل ص 14.
    (9)عقيدة السّلف أصحاب الحديث، اسماعيل الصّابوني، ص106.
    (10) مجموع فتاوى ابن باز، جـ8 ص210.
    (11) التّعليقات المختصرة على متن العقيدة الطّحاوية، صالح الفوزان ص 171 - 172.
    (12) مجموع فتاوى ابن باز. جـ8 ص210.
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2023-09-02, 10:08 AM.

  • #2
    و الله تعالى اعلم و صل الله على نبينا محمد وعلى اهله وصحبه
    سبحانك اللهم و بحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك و اتوب اليك

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا و وفقك الله

      تعليق

      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
      يعمل...
      X