إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من فتح له باب خير فليلزمه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من فتح له باب خير فليلزمه

    بسم الله الرحمن الرحيم


    من فُتح له باب خير فليلزمه


    إنّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لّا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله.
    أمّا بعد:
    فاعلم -رحمك الله- أنّ لزوم باب من أبواب الخير فضل من الله ونعمة، وكلّما زدت بابا من الخير زاد فضل الله عليك.
    قال الله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[النور: 21].
    وأعمال نوافل البرّ كثيرة والطّاعات متنوّعة ومتعدّدة وأبواب الخير لا يحصيها إلّا الله عزوجل.
    وأهل الصّلاح والخير يضربون في كلّ باب بسهم، فمنهم من هو ملازم لباب من أبواب الطّاعة؛ لأنّ الله تعالى فتح له فيه.
    وقليل من يفتح له في كلّ الأبواب، منهم: أبو بكر الصّديق رضي الله عنه.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((من أنفق زوجين في سبيل الله، نودي من أبواب الجنّة: يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصّلاة دعي من باب الصّلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصّيام دعي من باب الرّيّان، ومن كان من أهل الصّدقة دعي من باب الصّدقة))، فقال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله؛ ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلّها؟
    قال: ((نعم؛ وأرجو أن تكون منهم)). متفق عليه.
    قال العلّامة ابن عبد البرّ رحمه الله في ((التمهيد)) (7/ 184-185): ((أعمال البرّ لا يفتح في الأغلب للإنسان الواحد في جميعها وأنّ من فُتح له في شيء منها حرم غيرها في الأغلب وأنّه قد تفتح في جميعها للقليل من النّاس وأنّ أبا بكر الصّديق رضي الله عنه من ذلك القليل)) اهـ.
    وقال العلّامة ابن رشد رحمه الله في ((المقدمات الممهدات)) (1/ 51): ((والله تبارك وتعالى قد قسم بين عباده الأعمال وتفضّل عليهم بالثّواب)) اهـ.
    ومن جميل ما يذكر.
    قال ابن عبد البرّ رحمه الله في ((التمهيد)) (7/ 185): ((وممّا يشبه ما ذكرنا ما جاوب به مالك رحمه الله العمريّ العابد وذلك أنّ عبد الله بن عبد العزيز العمريّ العابد كتب إلى مالك يحضّه إلى الانفراد والعمل ويرغب به عن الاجتماع إليه في العلم؛ فكتب إليه مالك أنّ الله عزوجل قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فربّ رجل فتح له في الصّلاة ولم يفتح له في الصّوم، وآخر فتح له في الصّدقة ولم يفتح له في الصّيام، وآخر فتح له في الجهاد ولم يفتح له في الصّلاة، ونشر العلم وتعليمه من أفضل أعمال البرّ، وقد رضيت بما فتح الله لي فيه من ذلك، وما أظنّ ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير ويجب على كلّ واحد منّا أن يرضى بما قسم له، والسّلام. هذا معنى كلام مالك لأنّي كتبته من حفظي وسقط عنّي في حين كتابتي أَصلي منه)) اهـ.
    فليس الكلّ يحسن الكلّ، ومن يسّر الله عليه بابا قد لا يتيسّر لغيره، فلا يلزم غيره فيما فتح له فيه، والمرء قد لا يحسن بابا من أبواب الخير بل أبوابا وغيره يحسن تلك الأبواب.
    قال ابن تيمية رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)) (10/ 428-429): ((فإنّ من النّاس من يرى أنّ العمل إذا كان أفضل في حقّه لمناسبة له ولكونه أنفع لقلبه وأطوع لربّه يريد أن يجعله أفضل لجميع النّاس ويأمرهم بمثل ذلك. والله بعث محمّدا بالكتاب والحكمة وجعله رحمة للعباد وهديا لهم يأمر كلّ إنسان بمّا هو أصلح له فعلى المسلم أن يكون ناصحا للمسلمين يقصد لكلّ إنسان ما هو أصلح له. وبهذا تبيّن لك أنّ من النّاس من يكون تطوّعه بالعلم أفضل له، ومنهم من يكون تطوّعه بالجهاد أفضل، ومنهم من يكون تطوّعه بالعبادات البدنيّة -كالصّلاة والصّيام- أفضل له، والأفضل المطلق ما كان أشبه بحال النّبيّ صلى الله عليه وسلم باطنا وظاهرا. فإنّ خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمّد صلى الله عليه وسلم. والله سبحانه وتعالى أعلم)) اهـ.
    وفي معنى ما ذكر ورد حديث لا يصحّ.
    عن حكيم بن عمير، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من فتح له باب من الخير فلينتهزه، فإنّه لا يدري متى يغلق عنه».
    أخرجه ابن المبارك في ((الزهد والرقائق)) وعنه هناد بن السري في ((الزهد)) ومن طريق ابن المبارك أحمد في ((الزهد)) والقضاعي في ((مسند الشهاب)).
    قال الصنعاني رحمه الله في ((التنوير شرح الجامع الصغير)) (10/ 234-235): ((من رزق من شيء) أي فتح له باب رزقه من أي كسب (فليلزمه) يلزم الوجه الذي قدر له منه رزقه فإن الله جاعل له فيه البركة لأن ما فتح عليه من الرزق إلا وهو تعالى قد قيض له ذلك وكذلك من فتح له باب من الخير كالعلم فلا يفوت طلبه. (هب عن أنس) رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه محمد بن عبد الله الأنصاري اتهم بالوضع عن فروة بن يونس الكلابي وقد ضعفه الأزدي عن هلال بن جبير، قال الذهبي: فيه جهالة)) اهـ.

    تنبيه:
    هذا الفتح من الله سبحانه وتعالى للعبد في باب من أبواب الخير هو رزق طيب، فيغتر بعضهم بتوفيق الله له في باب فيدخل في باب آخر لا يحسنه فيفسد أكثر ممّا يصلح وقد يكون الفساد خالصا فهذا بمنزلة الكسب الخبيث.
    فلا يدخل المرء نفسه فيما لا يحسن وليعرف قدره.
    وقد قيل: رحم الله امرءًا عرف قدر نفسه.
    وقيل أيضًا: وإذا تكلّم المرء في غير فنّه أتى بالعجائب.
    خلق الله للحروب رجالًا ... ورجالًا لقصعةٍ وثريدِ

    فما بل أقوام يستحوا أن يدلوا بدلوهم أمام أرباب التّخصّصات الدّنيويّة، ولا يستحوا من الله أن يتكلّموا في دينه فيما ليس لهم به علم، غير قيل وقال!
    هذا والله أعلم، وبالله التّوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
    كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    عنابة الجزائر: يوم الأحد 4 صفر سنة 1445 هـ
    الموافق لـ: 20 أغسطس سنة 2023 ف
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2023-08-31, 09:46 AM.

  • #2
    جزاك الله خيرا أخي عز الدين

    تعليق


    • #3
      آمين وإياك أخي الكريم بلال.

      تعليق

      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
      يعمل...
      X