إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جنتان وصفان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جنتان وصفان

    بسم الله الرحمن الرحيم

    جنّتان وصَفّان

    إنّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
    أما بعد:
    فلأهمية تسوية الصفوف والترغيب في تسويتها جاءت عدة أحاديث حاثة عليها وأمرة بها.
    والصفوف المتراصة والمستوية صفة لصفوف أهل الجنة عند إقبالهم عليها وسيرهم إليها في جماعات جماعات.
    قال الله تعالى: {وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين * وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين }[الزمر: 73-74].
    قال الإمام ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» (119/7): «وهذا إخبار عن حال السعداء المؤمنين حين يساقون على النجائب وفدا إلى الجنة {زمرا} أي: جماعة بعد جماعة: المقربون، ثم الأبرار، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم كل طائفة مع من يناسبهم: الأنبياء مع الأنبياء والصديقون مع أشكالهم، والشهداء مع أضرابهم، والعلماء مع أقرانهم، وكل صنف مع صنف، كل زمرة تناسب بعضها بعضا» اهـ.
    وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنتم وربع أهل الجنة، لكم ربعها، ولسائر الناس ثلاثة أرباعها؟» ، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «فكيف أنتم وثلثها؟» قالوا: فذاك أكثر قال: «فكيف أنتم والشطر؟» قالوا: فذلك أكثر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهل الجنة يوم القيامة عشرون ومائة صف أنتم منها ثمانون صفا».
    أخرجه أحمد في «المسند» (رقم: 4328) وابن أبي شيبة في «المصنف» (رقم: 31715) وفي «المسند» (رقم: 380) والبزار في «المسند» (رقم: 1999) والطحاوية في «مشكل الآثار» (رقم: 365) والطبراني في «المعجم الكبير» (رقم: 10350 و 10398) وفي «المعجم الأوسط» (رقم: 539) وفي «المعجم الصغير» (رقم: 82) والحاكم في «المستدرك على الصحيحين» وأبو نعيم الأصبهاني في «صفة الجنة» (رقم: 239) وأبو يعلى الموصلي في «المسند» (رقم: 5358). قال محقّقو المسند في (7/ 349): صحيح لغيره.

    قال العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني رحمه الله في «التنوير شرح الجامع الصغير» (4/ 295): «كأنّه بالنّظر إلى اصطفافهم في الموقف أو اصطفاف مساكنهم في الجنّة» اهـ.
    هذا الإصطفاف في الدّار الآخرة يكون عند الإقبال على الجنّة في صفوف منتظمة.
    أمّا في دار الدّنيا والسّير إلى جنّتها وذلك بالإقبال عليها في صفوف مستوية يكون بالدّخول في الصّلاة وكذلك عند الجهاد في سبيل الله عز وجل.
    عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس؛ اسكنوا في الصلاة»، قال: ثمّ خرج علينا فرآنا حلقا فقال: «مالي أراكم عزين»، قال: ثمّ خرج علينا فقال: «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربّها؟» فقلنا يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربّها؟ قال: «يُتمّون الصّفوف الأوّل ويتراصّون في الصّفّ». أخرجه مسلم (رقم: 430).
    وقال الله تعالى: {إنّ الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفّا كأنّهم بنيان مرصوص}[الصف: 4].
    قال العلامة ابن سعدي رحمه الله في «تيسير الكريم الرحمن» (4/...): «هذا حث من الله لعباده على الجهاد في سبيله وتعليم لهم كيف يصنعون وأنه ينبغي لهم أن يصفوا في الجهاد صفا متراصا متساويا، من غير خلل يقع في الصفوف، وتكون صفوفهم على نظام وترتيب به تحصل المساواة بين المجاهدين والتعاضد وإرهاب العدو وتنشيط بعضهم بعضا، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حضر القتال، صف أصحابه، ورتبهم في مواقفهم، بحيث لا يحصل اتكال بعضهم على بعض، بل تكون كل طائفة منهم مهتمة بمركزها وقائمة بوظيفتها، وبهذه الطريقة تتم الأعمال ويحصل الكمال» اهـ.
    فالاقبال على جنة الآخرة في صفوف، والإصطفاف في الصلاة والجهاد دخول لجنة الدنيا وطريق لجنة الآخرة.
    فالصّفان -صفّ الدّنيا وصف الآخرة- موصل للجنّة.
    هذا والله أعلم، وبالله التّوفيق
    وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

    كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    طرابلس الغرب: يوم السبت 17 رمضان سنة 1444 هـ
    الموافق 8 إبريل 2023 ف
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2023-08-19, 10:00 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X