تغريد
بسم الله الرحمن الرحيم
الخــوراج على العــلماء
أحفاد ذي الخويصرة
الخــوراج على العــلماء
أحفاد ذي الخويصرة
ـــ . ـــ
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فاعلم -وفقك الله- أن الخروج على ولاة الأمر ينقسم إلى قسمين: خروج على السلطان وخروج على العلماء.
وهذا الخروج بشقّيه حدث في صدر هذه الأمّة وزمن النّبوة، تولى كبره ذو الخويصرة حرقوص بن زهير التميمي فخرج على أعلى سلطة وعلى سيّد العلماء؛ بل وسيد الأنبياء والمرسلين.
عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه، قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يقسم، جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي، فقال: اعدل يا رسول الله، فقال: «ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل»، قال عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنقه، قال: "دعه، فإنّ له أصحابا، يحقر أحدكم صلاته مع صلاته، وصيامه مع صيامه، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نضيه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل إحدى يديه، أوقال: ثدييه، مثل ثدي المرأة، أوقال: مثل البضعة تدردر، يخرجون على حين فرقة من الناس"، قال أبو سعيد: أشهد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، وأشهد أنّ عليّا، قتلهم، وأنا معه، جيء بالرّجل على النّعت الذي نعته النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فنزلت فيه: {ومنهم من يلمزك في الصدقات}[التوبة: 58]. متفق عليه.
وخروج ذو الخويصرة شمل القسمين معًا: الخروج باللّسان على السّلطان حيث أنكر إنكارًا علنيّا بحضرة النبي عليه الصلاة والسلام الذي يمثّل الحاكم للدّولة وذلك برميه بالظّلم عندما قال: اعدل، والمراد أنّ هناك ظلمًا في القسمة، كذلك خروجه على العالم والمتمثّل في شخص النبي عليه الصلاة والسلام فهو سيّد العلماء والأنبياء والمرسلين وخروجه فيه أنّ النبي عليه الصلاة والسلام يجهل أحكام المؤلّفة قلوبهم وأحكام الزّكاة وهذا فيه رمي بالجهل.
فالذين يخرجون على الحكام والعلماء أحفاد الخارجي الأوّل ذي الخويصرة الذي هو أوّل من ابتدع بدعة الخروج، وقد رماه أهل العلم بالبدعة فهو ليس بصحابي.
سئل العلامة زيد بن هادي المدخلي رحمه الله: هل يعتبر ذو الخويصرة من الصحابة ؟
فأجاب رحمه الله: لا يعتبر من الصحابة، الصحابة أتباع النبي عليه الصلاة والسلام وإن عاش بينهم، المنحرف والمبتدع لا يعتبر له شيء من فضل الصّحبة ولا يقال صحابي، الصحابة هم أهل الإتباع للنبي عليه الصلاة والسلام والذين صحبوه اتّبعوه على ما جاء به، وأمّا أعداؤه و إن رأوه وكانوا في زمنه إلّا أنّهم ليسوا من أصحابه، نعم". وجوابه منشور على الشبكة على هذا الرابط.https://www.youtube.com/watch?v=bKFuNaFuEYg
وفي الخروج إهانة لمن خُروج عليه من العلماء والأمراء، وقد جاء النهي عن إهانة السلطان والذي يشمل سلطان الأرض وسلطان العلم.
عن زياد بن كسيب العدوي، قال: كنت مع أبي بكرة رضي الله عنه تحت منبر ابن عامر وهو يخطب وعليه ثياب رقاق، فقال أبو بلال: انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق. فقال أبو بكرة رضي الله عنه: اسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله». أخرجه الترمذي في ((الجامع)) وأحمد في ((المسند)) والطياسي في ((المسند)) والبزار في ((المسند)) وابن أبي عاصم في ((السنة)) والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (رقم: 419) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (رقم: 16659). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وصححه الألباني.
ومن صور إهانة العلماء وصفهم بأنهم علماء حيض ونفاس وأنّ فتاويهم لا تخرج عن سراويل المرأة! وكذلك أنهم علماء خرق -قطعة القماش التي تستخدمها المرأة عند الحيض-! وأنهم فقهاء المراحيض ودورات المياه! وأن فتواهم مسيّسة! وأنهّم عملاء السّلطان! وأنهم وهابية أو جامية أو مداخلة! وقديمًا قالوا: الحشوية ومجسّمة.
قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل: "وقد رأيت لأهل الأهواء والبدع والخلاف أسماء شنعة قبيحة يسمّون بها أهل السّنّة يريدون بذلك عيبهم والطّعن عليهم، والوقيعة فيهم، والإزراء بهم عند السّفهاء والجهال، أمّا الجهميّة فإنّهم يسمّون أهل السّنّة المشبّهة، وكذب الجهمية أعداء الله؛ بل هم أولى بالتّشبيه، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق". أخرجه أبو يعلى في ((إبطال التأويلات)) (رقم: 11).
فيا من أهان العلماء وولاة الأمر أبشر بالهوان من الله العزيز القهّار؛ "ومن استخفّ بالعلماء سقطت هيبته".
قال الحافظ ابن عساكر رحمه الله في ((تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري)) (ص: 29): "اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته، أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب، بلاه الله قبل موته بموت القلب" اهـ.
ومن أهان سلطان الأرض أضاع دنياه.
عن ابن المبارك قال: "من استخفّ بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخفّ بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخفّ بالإخوان ذهبت مروءته". أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في ((آداب الصحبة)) (رقم: 51) ومن طريقه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (32/ 444).
والذي يخرج على العلماء في الغالب يضرب بقولهم عرض الحائط حيث أمروا بالسّكون ولزوم البيوت في الفتن وعند الثّورات، ولا تجد من يحرض على الثّورات والخروج على الحاكم إلّا وهو يسفّه العلماء الذين والذي يخرج على العلماء في الغالب يضرب بقولهم بالسّكون ولزوم البيوت في الفتن وعند الثّورات، ولا تجد من يحرّض على الثّورات والخروج على الحاكم إلّا وهو يسفّه العلماء الذين ينصحون بترك المظاهرات وإلقاء السّلاح ولزوم البيت.
وما حال الحدّادية عنّا ببعيد حتىّ وصل بهم الحال إلى تبديع علماء أجلاء ووصفهم بالإرجاء، وبعض السّفهاء وصل بهم الحال إلى تكفير ابن باز وابن عثيمين!
حتى قال شقي من الأشقياء: صب القاز على فتاوى ابن باز، وصبّ البنزين على فتاوى ابن عثيمين.
ومنهم من أحرق فتح الباري لابن حجر العسقلاني وشرح النّووي على مسلم.
وكلّ هؤلاء أتباع ذي الخويصرة الذي هو أوّل من ابتدع بدعة الخروج على العلماء وذلك باعتراضه على سيد الأنبياء والعلماء.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأثنين 11 شوال سنة 1444 هـ
الموافق 1 مايو 2023 ف