إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ذِكرُ سبَبِ نزول قول الله تعالى ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مذاكرة] ذِكرُ سبَبِ نزول قول الله تعالى ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾

    بسم الله الرّحمن الرّحيم

    ذكرُ سبَب نُزُولِ قَولِ اللهِ تعالى:
    ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾



    اختلف أهل العلم في سبب نزول قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} الآية [البقرة: 115] على أقوال:

    أحدها: هذا الذي ذكره ابن عمر رضي اللَّه عنهما في حديث الباب(1) أنها نزلت في صلاة النّافلة على الرّاحلة، وهو الأرجح كما يأتي.

    الثاني: أنها نزلت فيمن صلى إلى غير القبلة في ليلة مظلمة، أخرج الترمذيّ بسنده عن عبد اللَّه بن عامر بن ربيعة، عن أبيه رضي اللَّه عنه، قال: كنا مع النبيّ في سفر في ليلة مظلمة، فلم ندر أين القبلة؟ فصلى كلّ رجل منا على حياله، فلمّا أصبحنا ذكرنا ذلك للنبيّ ، فنزلت {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، لكنّ الحديث ضعيف؛ لأن في سنده الأشعث السمّان، وهو ضعيف، قال الترمذي: يضعف في الحديث، وشيخه عاصم بن عبيد اللَّه أيضًا ضعيف.
    قال البخاريّ: منكر الحديث.
    وقال ابن معين: ضعيف لا يحتج به.
    وقال ابن حبان: منكر الحديث.

    الثالث: أنها نزلت في النّجاشيّ لمّا صلى عليه النبيّ حين مات، أخرج ابن جرير بسنده عن قتادة: أن النبيّ قال: "إنّ أخًا لكم قد مات فصلوا عليه"، قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم؟ قال: فنزلت {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ} الآية [آل عمران: 199]، قال قتادة: فقالوا: إنّه كان لا يصلي إلى القبلة، فأنزل اللَّه {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} الآية [البقرة: 115].
    قال الحافظ ابن كثير: وهذا غريب واللَّه تعالى أعلم. انتهى (2).
    قال شيخنا محمد آدم الاتيوبي رحمه الله في "البحر المحيط الثّجاج" -معلقا على السبب الثالث-: وهو أيضًا مرسل، فهو ضعيف، واللَّه تعالى أعلم.

    الرابع: أنها نزلت لما أنكرت اليهود تحويل القبلة إلى الكعبة بعدما كانت إلى بيت المقدس، فقالوا: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}[البقرة: 142] فردّ اللَّه عليهم بقوله: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ} يعني: أن له أن يتعبد عباده بما شاء، فإن شاء وجّههم إلى بيت المقدس، وإن شاء إلى الكعبة، {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)}[الأنبياء].

    الخامس: أنّ الآية منسوخة بقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: 144]، ذكره ابن عباس رضي اللَّه عنهما.

    السادس: أنها محكمة، والمعنى: أينما كنتم من شرق وغرب، فثمّ وجه اللَّه الذي أمركم باستقباله، وهو الكعبة، روي هذا عن مجاهد، والضحاك.

    السابع: ما رُوي عن مجاهد، وابن جبير: لما نزلت {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر: 60] قالوا: إلى أين؟ فنزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة: 115].

    الثامن: ما رُوي عن ابن عمرو النخعي: أينما تولوا في أسفاركم، ومنصرفاتكم فثمّ وجه اللَّه.

    التاسع: قيل: هي متصلة بقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} الآية [البقرة: 114]، فالمعنى أن بلاد اللَّه أيها المؤمنون تَسَعُكم، فلا يمنعكم تخريب مَن خَرَّب مساجد اللَّه أن تولوا وجوهكم نحو قبلة اللَّه أينما كنتم من أرضه.

    العاشر: أنها نزلت حين صدّ النبيّ عن البيت الحرام عام الحديبية، فاغتمّ المسلمون لذلك.

    فهذه عشرة أقوال في هذه الآية ملخصة من "تفسير القرطبيّ" رَحِمَهُ اللَّهُ، وزيادة من "تفسير ابن كثير"(3).

    قال شيخنا محمد آدم الإيثيوبي رحمه الله في "البحر المحيط الثجاج 148/15" : "أرجح الأقوال عندي قولُ من قال: إنها نزلت في الصلاة النافلة في السفر؛ لحديث ابن عمر رضي اللَّه عنهما المذكور في هذا الباب، فإنه نصّ صحيح قاطع للنزاع، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.


    انتقاء
    أبو أنس محمد بن عمار


    ـــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) أورده مسلم في صحيحه -كِتَابٌ : الْمَسَاجِدُ وَمَوَاضِعُ الصَّلَاةِ - بَابٌ : صَلَاةُ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا - بَابٌ : جَوَازُ صَلَاةِ النَّافِلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ من حديث نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يُصَلِّي سُبْحَتَهُ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ نَاقَتُهُ .
    (2) "تفسير ابن كثير" 1/ 162
    (3) راجع: "تفسير القرطبيّ" 2/ 79 - 83، و"تفسير ابن كثير" 1/ 228 - 231.
    التعديل الأخير تم بواسطة إدارة الإبانة السلفية; الساعة 2023-03-09, 08:45 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X