إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

منشأ انحراف الأتباع : الخلل في تصور أحداث فتنة الجزائر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • منشأ انحراف الأتباع : الخلل في تصور أحداث فتنة الجزائر

    بسم الله الرحمن الرحيم


    منشأ انحراف الأتباع
    الخـلل في تصـوّر الأحـداث
    ــــــــــــــــــ

    الحمد لله وكفى وصلاةٌ على المصطفى، وبعد:
    إنّ وقوع الأتباع المُغيَّبين في شراك هذا المنهج الهجين المنحرف سببه أو بالأحرى أعظم أسبابه: الخلل في تصوّر المسائل على حقيقتها والنّظرة السّطحيّة للوقائع الحاصلة في هذه الفتنة؛ الذي أدّى بهم إلى اختزال الفتنة في قضيّة واحدة وحيدة ألا وهي "الطعن في الشيخ" و "إسقاط الشيخ"! وجعلوها القضيّة المحوريّة التي يدور عليها رحى الخلاف؛ بل يظنّون أنّ الصّعافقة الأوائل ما سقطوا إلّا لطعنهم في شيخهم، وهذا جهل عريض بواقع الفتن!

    فركّز المتبوعون على هذه المسألة وأقنعوا الأتباع أنّ هناك مؤامرة كبرى تحاك على "الشيخ" بإرادة إسقاطه!
    وبهذه الدّعوى جُنّد صغار الأسنان والعقول، الضّعاف منهجيّا، وحديثوا عهد باستقامة، وحتّى العوام، لنصرة شيخهم -زعموا- وأُلزموا باتّخاذ "الموقف الشرعي"!

    فراحوا -أوّل الفتنة- يُلقون التّهمة على كلّ شيخ أو طالب علم، لم يوافق شيخهم في فتاواه أو قد يعيقهم في المشروع الجديد، فاستعملوا له "الفزاعة": "هو يطعن في الشيخ"، "يريد إسقاط الشيخ"!!
    ومن لم يثبت طعنه يقينا، قالوا "سيؤول به الحال إلى الطّعن"!
    فالمتبوع يدّعي والتّابع يصدّق!
    فعلى إثر دعوى "الطّعن" و"إرادة الإسقاط"، خرجت "شهادة للتّاريخ" التي جعلها الأتباع شعارا لهم، ولو استطاعوا لعلّقوها على أستار الكعبة، كأنّ ما فيها وحيٌ منزّل من السّماء؛ إذا ناقشت أحدهم، جعل يردّد ما فيها كأنّما يهذي كالسّكران! مع أنّ جملة ما فيها: تُهمّ عارية عن الأدلّة ودعاوى بلا بيِّنات! فأحدثت فوضى منهجيّة وشرخا في الصّفّ السّلفيّ قلّ نظيره!
    وبدعوى "الطّعن" ووهم"الإسقاط"، طعنوا في المشايخ وطلبة العلم السّلفيّين في الجزائر دون تورّع، وأسقطوهم واحدا تلو الآخر دون حجج منتهضة، ولا دلائل مقنعة، وإنمّا الدّعاوى الكاذبة وشهادات الزّور، وتُهمٌ ليست بتُهم، ومؤاخذات لم يُسبق مثيلها في علم الجرح والتّعديل؛ فهان عليهم إسقاط الجميع ظلما من أجل رفعة مُقدَّسهم.
    فلمّا تطوّرت الأحداث وتسارعت وطفت أمور غرائب على السّطح لم تكن في الحسبان، وبانت الأمور على حقيقتها، وليقضي الله أمرا كان مفعولا، خرج المشايخ عن صُماتهم -بعد أن كانوا يحسنون به الظّنّ وبعد أن صبروا- وردّوا على الأخطاء وبيّنوا الانحرافات في المسائل المنهجيّة -خاصة- دفاعا عن حياض المنهج، حينها أثبت المتعصّبةُ المقدّسةُ الطّعنَ، وكلّ تخطأة للمُقدَّس هي "طعنٌ" في قاموس المُقدِّس!
    هنالك تيقّنوا واطمأنّوا إلى مذهبهم: "الحمد لله ظهر الحقّ، قلنا لكم سيطعنون في الشّيخ"!!
    فتلك نقطة مرجعيّة رسمها المتعصِّب وجعلها نبراسا يميّز بها بين الحقّ والباطل؛ كأنّه يقول: إذا ثبت الطّعن فنحن على الحقّ!!
    فلمّا وصل إليها وتحقّقت في نظره، ظنّ المسكين أنّه صاحب الحقّ، واتّضحت عنده الرّؤية !! ولكنّها رؤية بعين عوراء في ظلام دامس.
    وهكذا أخطأ المسكين الطّريق بسبب الخلل في التّصوّر واختزال الفتنة في قضيّة "الطّعن في الشّيخ وإرادة إسقاطه"!
    فيقال له: على رسلك تمهّل! أتظنّ الأمر بهذه البساطة ؟!
    هذه نظرتك السّطحيّة العوراء من زاوية واحدة ...
    "ابتعد قليلا كي ترى أكثر"
    انظر نظرة شاملة واسعة، نظرة بعيدة عميقة؛ إذا كنت سلفيا أثريا منصفا، متجردا عن العواطف والأهواء، ستجعلك هذه النظرة الشمولية للأحداث تدرك أن الأمر أكبر من "الطعن في الشيخ" -إذ الطعن ثابت من طرفه أيضا: (في المشايخ، في اللّجنة، في الألباني، في العباد وغيرهم) فقل لي بربك: ما الفرق بين الطعن في شيخك والطعن في غيره من المشايخ والعلماء الآخرين إذا كان بغير حق؟!
    فلو أعملنا قواعدك وكان الطعن خطأ منهجيا دائما؛ ما تكون النتيجة؟! لك أن تجيب. -ثم إذا كان هذا الذي تسميه طعنا، هو في حقيقة الأمر: بيان للحق وردٌ على الغالط، فهو جائز لا مناص منه.
    قال الشيخ محمد بن هادي حفظه الله: «أمّا قولك "الطعن القبيح"، فبيان الحق والرّدّ على الغالطين ليس بطعن، ولو قدّرنا أنه طعن، تسمونه طعنا، وليكن كما تقولون، فهو من باب الطعن الجائز للمصلحة العُظمى، وهي ردع الناس أن يتّبعوا المُبطل».[صوتية على اليوتيوب].
    فالقضية المحورية -لو كنت تفقه- ليست هي "الطعن في الشيخ وإرادة إسقاطه"، وإنما هي "الطعن في المنهج وإرادة تبديله وتصحيح- بل تحريف- مساره ! "
    ألم تسمع بهذا ؟!
    ألم تشعر به ؟!
    ألم تر أصولا سلفية تُمسّ بل تُهدم؟!
    ألم تر فتاوى وتأصيلات تغيرت؟!
    ألم تر المتشابهات تُتبع والمحكمات تُترك؟!
    ألم تر نصوصا تُرد ويُداس عليها، وأخرى تؤوَّل وتُبتر وتُحرف، وإجماعات تُدعى، وأفهام جديدة تطرح لم تُعهد!!
    إن لم يكن هذا انحرافا فما هو الانحراف؟!
    وإن لم تر كل هذا فقد منعك التعصب والتقديس الذي أُشربتَه حتى الثّمالة، وكما قيل:

    حُجبت ونــور الحق أبلــجُ واضــــحُ ::: فلا الصدرُ مشروحٌ ولا السعي ناجـــحُ

    والأدهى إذا كان هذا الانحراف في قضايا كانت منتهية عند السّلفيين، بل كانت -عندك- يوما ما من الفوارق بين أهل السّنّة وأهل البدعة! مثل الإنكار العلني في غياب الحاكم الذي هو أصل من أصول الخوارج القعديّة، مناقض لأصل من أصول أهل السّنّة؛ كما قرّره الأئمّة جيلا بعد جيل، قال الشيخ أحمد بازمول حفظه الله: «النّصيحة لوليّ الأمر سرّاً أصل من أصول المنهج السّلفيّ الذي خالفه أهل الأهواء والبدع؛ كالخوارج»[السنة فيما يتعلق بولي الأمة صـ ١٤٢].
    فيا أيّها المتعصّب للباطل، رأينا غيرتك على شيخك! فأين غيرتك على منهجك؟ أين غيرتك على سنّة نبيّك؟ أم أنّ شيخك أغلى وأثمن؟! لكن كما قال الشّيخ خالد أبو عبد الأعلى حفظه الله: «كأنّ هؤلاء يقولون بلسان حالهم: شيوخنا أغلى علينا من ديننا، فنحن نقبل الطّعن في أصول السّنّة ولا نقبل الطّعن في شيوخنا» [الحدود الفاصلة صـ ٣٨].
    فلمّا تغيّر المنهج تحت غطاء "تصحيح المسار" تغيّرت الفتاوى تبعا! حتّى قال بعض العلماء: صرت أتعجّب من تأصيلاته الأخيرة!!
    ووصف آخر -من الأكابر- فتاويه بـ: الإجرامية!!
    هنا! قف مليَّا فإن الخطب جسيم! وكفانا بكاء وصراخا وعويلا : "يطعنون في الشيخ!" "يريدون إسقاط الشيخ!"
    وقارع الحجّة بالحجة لا بالضّجة!
    وتخلّص من ربقة التّعصّب والتّقديس خيرا لك! فقد أعمى هذا التّقديس المُقزّز بصرك وبصيرتك!
    هنا ! حريٌّ أن يقال لك "صرت تعرف ما كنت تنكر وتنكر ما كنت تعرف"! وهذه علامة وقوعك في الفتنة؛ لأنَّنا نتكلّم عن أصول ثوابت لا تتغيّر ولا تتبدّل، أمّا البشر فيتغيّرون ويزلّون ويضلّون وينحرفون! والمعصوم من عصمه الله، فلا عبرة بمدح الأمس إن تغيّر الممدوح! ولا يعدّ القدح بعد المدح تلوّنا إذا انتفت علّة المدح، والحكم يدور مع علّته وجودا وعدما.
    فيا طالب الحقّ -إن كنت كذلك-؛ اختر لنفسك سبيلا تسلكه، وطريقا واحدا تطرقه في حياتك السّلفيّة: إمّا سلامة منهجك، وإمّا سلامة شيخك الذي تتعصّب له، ولن يتحقّق الأمران معا إلّا برجوع شيخك -وفقه الله لذلك-، فالخطأ في الأصول شأنه خطير، وخاصّة إذا كابر وعاند المخطئ فيها بعد البيان؛ بل زاد التّشنيع على غيره -كأنّه هو صاحب الحقّ-! فلا كرامة هنا تُحفظ.
    قال العلامة الفوزان: «خطأ العالم يختلّف: إن كان عنده خللٌ في العقيدة، وضلالٌ في العقيدة، فهذا يجب أنه ينبّه على هذا، فإن تراجع وإلّا يُترك ويُبتعد عنه». [صوتية على اليوتيوب]
    فهل ترضى بتغيير منهجك من أجل شيخك الذي تغيَّر؟!
    هل تعبّدك الله باتّباع نبيّك أم باتّباع شيخك الذي انحرف؟!
    قال تعالى {وَيوۡمَ ينَادِيهِمۡ فَيقُولُ مَاذَاۤ أَجَبتُمُ ٱلمُرۡسَلِينَ} وليس "ماذا أجبتم الشيوخ"!!
    ثمّ ألا تعلم أنّ الحيّ لا تؤمن عليه الفتنة؟!
    ألم يكفك أنّه لم يوافق شيخك ولا عالم واحد، داخل البلد وخارجه؟!
    ألا تعلم أنّ شيخك سيموت، وتبقى السّلفيّة الحقّة -التي خالفتها عن هوىً وتعصب-؛ ويبقى من تعصّب له بعد ذلك، مخالفا متروكا منبوذا! ولك في الفتن السّابقة عبرة!
    والحقّ؛ أنّ المرء لا يتعصّب إلّا للحقّ -الذي هو كلام الله وكلام رسوله ﷺ-.
    فلا تُسْلم زمام قلبك لغير المعصوم، و لا تقدّم رأي أحد -كائنا من كان- على سنّته وطريقته!
    وهذا أيضا من الأصول السّلفيّة التي خالفتها ! أتدري؟!
    نسـأل الله تبارك وتعالى أن يثبّـتنا على الإسـلام والسّـنّة
    وأن ينقذنا من براثن البدعة والضّلالة والانحراف
    إنّه ولي ذلك والقادر عليه
    والله تعالى أعلم
    وصلى الله على نبيّنا محمد
    وعلى آله وصحبه
    أجمعين
    *


    ـــــــــــــــــــــــــــ
    تنبيه: هذا الكلام موجّه للأتباع الذين لا يعون خطورة ما هم عليه وما جُنّدوا له، أمّا المتبوعون فقد رُدّ عليهم بما يكفي، وتكلّم أهل العلم تصريحا وتلميحا.

    كتبه
    الفقير إلى ربّ البريَّـات:
    خالد أبو عبد الرحمن التّلمســـاني
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2023-01-29, 05:07 PM.

  • #2
    جزاك الله خيرا

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا أخي خالد

      تعليق

      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
      يعمل...
      X