إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاستشفاء بالعلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاستشفاء بالعلم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الاستشفاء بالعلم

    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله.
    أما بعد:
    فاعلم -وفقك الله- أنّ للعلم فوائد جليلة وثمرات عظيمة تعود على المسلم بالخير في الدنيا والآخرة، ومن هذه الفوائد والثمرات أنه يستشفى به، لأن العلم يقرب إلى الله تعالى فتنشرح به النفس وتزكو وتفرح، فيقوى القلب فيكون سببًا لقهر المرض.
    قال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((زاد المعاد)) (4/ 13) : ((بل هاهنا من الأدوية التي تشفي من الأمراض ما لم يهتد إليها عقول أكابر الأطباء، ولم تصل إليها علومهم وتجاربهم وأقيستهم، من الأدوية القلبية والروحانية، وقوة القلب واعتماده على الله، والتوكل عليه والالتجاء إليه، والانطراح والانكسار بين يديه، والتذلل له، والصدقة، والدعاء، والتوبة والاستغفار، والإحسان إلى الخلق، وإغاثة الملهوف، والتفريج عن المكروب. فإن هذه الأدوية قد جربتها الأمم على اختلاف أديانها ومللها فوجدوا لها من التأثير في الشفاء ما لا يصل إليه علم أعلم الأطباء ولا تجربته ولا قياسه)) اهـ.
    والتداوي بالعلم والاستشفاء به أمر مجرب عرفته النفوس العالية وأدركته الأرواح السامية.
    قال ابن مخلد: كان الرمادي إذا مرض يستشفي بأن يسمعوا عليه الحديث. ذكره الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (12/ 390)
    وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((روضة المحبين ونزهة المشتاقين)): ((وحدثني شيخنا قال ابتدأني مرض فقال لي الطبيب إن مطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض فقلت له لا أصبر على ذلك وأنا أحاكمك إلى علمك أليست النفس إذا فرحت وسرت قويت الطبيعة فدفعت المرض فقال بلى فقلت له فإن نفسي تسر بالعلم فتقوى به الطبيعة فأجد راحة فقال هذا خارج عن علاجنا أو كما قال)) اهـ.
    ويذكر عن العلامة زكريا الأنصاري رحمه الله أنه كان يستشفي من مرضه بمطالعة كتب العلم، وعنه أخذ جمال الدين القاسمي.
    وقال العلامة ابن جماعة رحمه الله في «تذكرة السامع والمتكلم» (ص: 57): «وكان بعضهم لا يترك الاشتغال لعُرُوضِ مَرَضٍ خفيفٍ، أو أَلَمٍ لطيفٍ، بل كان يستشفي بالعلم ويشتغل قدر الإمكان كما قيل:
    إذا مَرِضنا تداوينا بذِكرِكُمُ ... ونتركُ الذِّكرَ أحيانًا فننتكس)) اهـ.

    فالعلم دواء لهذا صور الجرجاني أنه لا فرق بين منع الدواء ومنع العلم.
    قال العلامة الجرجاني رحمه الله في «دلائل الإعجاز» (ص: 9): «ولا فرقَ بينَ مَن أعدمَك الدواءَ الذي تَسْتَشفي به من دائَك، وتَسْتبقي به حشاشةَ نَفْسك، وبينَ مَن أعدمَكَ العلْمَ بأنَّ فيه شفاءً، وأن لك فيه استبقاء)) اهـ.

    فكما أن العلم دواء للجهل فهو علاج ناجع للأمراض النفسية والعضوية، جرب تجد.
    هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    ـــــــــ . ـــــــــ
    كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    طرابلس الغرب: يوم الأربعاء 22 ربيع الآخر سنة 1444 هـ
    الموافق 16 نوفمبر 2022 ف
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2023-01-08, 08:24 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X