إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هڪذا يُنتَزع العِلمُ من العباد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هڪذا يُنتَزع العِلمُ من العباد

    بسم الله الرحمن الرحيم

    هكذا يُنتَزع العِلمُ من العباد

    اعلم رحمك الله ورعاك أن العلم من أعظم الأمور التي يتقرب بها لله عز وجل، فإن طلبه جهاد لما فيه من المشقة والتعب والبلاء والمحن، لذلك نصّت الشريعة الاسلامية على العناية بطالب العلم والمتعلم عناية بالغة، وردت فيها نصوص وآثار كثيرة عن سلف هذه الأمة، وقد خصّت من طلاب العلم العلماء لما لهم من دور فعّال ومهم في نفع العباد والبلاد، فبصلاحهم تصلح الأمة وترتقي، فهم كالسّرج المنيرة في الطرق الحالكة يهدون بأذن الله الحيارى ومن ضلوا السبيل.
    وبفقدهم تنطفئ تلك السرج فما تجد على الطريق من مرشد، فتضيع مصالح العباد ويلحقون بركب الشيطان الذي توعد الانسان بالتضليل والافساد.

    جاء في تفسير ابن كثير: وَقَوْلُهُ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها}:
    قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْ لَمْ يروا أنا نفتح لمحمد ﷺ الْأَرْضَ بَعْدَ الْأَرْضِ.
    وَقَالَ أيضا في رواية: خرابها بموت علمائها وفقهائها وَأَهْلِ الْخَيْرِ مِنْهَا، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: هُوَ مَوْتُ الْعُلَمَاءِ.
    وَفِي هَذَا الْمَعْنَى رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمِصْرِيِّ الْوَاعِظِ سَكَنَ أَصْبَهَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ طَلْحَةُ بْنُ أَسَدٍ الْمَرْئِيُّ بِدِمَشْقَ، أَنْشَدَنَا أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّىُّ بِمَكَّةَ قال: أنشدنا أحمد بن غزال لنفسه: الطويل
    الْأَرْضُ تَحْيَا إِذَا مَا عَاشَ عَالِمُهَا ::: مَتَى يَمُتْ عَالِمٌ مِنْهَا يَمُتْ طَرَفُ
    كَالْأَرْضِ تَحْيَا إِذَا مَا الْغَيْثُ حَلَّ بِهَا ::: وَإِنْ أَبَى عَادَ فِي أَكْنَافِهَا التَّلَفُ

    وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى، وَهُوَ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ عَلَى الشِّرْكِ قَرْيَةً بَعْدَ قرية، كقوله: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى﴾»(1) انتهى بتصرف يسير.

    وقد روى البخاري في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا"(2)

    قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: « هذا الحديث بيّن كيفيةَ رفع العلم، وظهور الجهل، وهو نصّ في أن رفع العلم لا يكون بمحوه من الصدور، بل بموت العلماء، وبقاء الجهّال الذين يتعاطون مناصب العلماء في الفتيا والتعليم، يُفتون بالجهل، ويُعلّمونه، فينتشر الجهل، ويظهر، وقد ظهر ذلك، ووُجد على نحو ما أخبر - ﷺ -، فكان ذلك دليلًا من أدلّة نبوّته، وخصوصًا في هذه الأزمان، إذ قد وَليَ المدارس والفتيا كثيرٌ من الجهّال والصبيان، وحُرِمها أهل ذلك الشأن » (3) انتهى .

    قال ابن بطّال رحمه الله: « معناه: إن الله لا ينزع العلم من العباد بعد أن يتفضّل به عليهم، ولا يسترجع ما وَهَبَ لهم من العلم المؤدّي إلى معرفته، وبَثّ شريعته، وإنما يكون انتزاعه بتضييعهم العلم، فلا يوجد من يَخلُف من مضى، فأنذر -ﷺ- بقبض الخير كله.
    وكان تحديث النبي -ﷺ- بذلك في حجة الوداع، كما رواه أحمد، والطبراني من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه -، قال: لمّا كان في حجة الوداع قال النبي -ﷺ-: "خُذُوا العلم قبل أن يُقبَض، أو يُرفع"، فقال أعرابي: كيف يُرفَع؟ فقال: "ألا إنّ ذَهَاب العلم ذَهابُ حَمَلته"، ثلاث مرات.
    وقال ابن الْمُنَيِّر: مَحْوُ العلم من الصدور جائز في القدرة، إلا أن هذا الحديث دَلّ على عدم وقوعه».(3) انتهى

    قال الآجري رحمه الله: «فما ظنُّكم -رحمكم الله- بطريقٍ فيه آفاتٌ كثيرةٌ، ويحتاج الناس إلى سلوكه في ليلةٍ ظلماءَ، فإن لم يكن فيه مصباحٌ وإلَّا تحيَّروا، فقيَّض الله لهم فيه مصابيحَ تُضيء لهم، فسلكوه على السلامة والعافية، ثمَّ جاءت طبقاتٌ مِن الناس لا بدَّ لهم مِن السلوك فيه فسلكوا، فبينما هم كذلك إذ طفئت المصابيح فبَقُوا في الظلمة فما ظنُّكم بهم؟ هكذا العلماء في النَّاس، لا يعلم كثيرٌ مِن الناس كيف أداءُ الفرائض، وكيف اجتنابُ المحارم، ولا كيف يُعْبَد اللهُ في جميع ما يَعبده به خَلْقُه، إلَّا ببقاء العلماء، فإذا ماتَ العلماء تحيَّر الناس، ودرس العلمُ بموتهم وظهر الجهل، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، مصيبةٌ ما أعظمَها على المسلمين» (5) انتهى.
    لذلك يا أخي عضّ على ما بقي من حملة ميراث النبيّ ﷺ أيما عضّ، فإنهم والله أخيار يبثون العلم والخير للعباد ليل نهار.

    كتبه:
    أبو عبد الرحمن محمد بن عمار
    في السبت 2 جمادى الاولى 1444 هجري
    الموافق لـ 26 نوفمبر 2022 نصراني

    ـــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) تفسير ابن كثير (4/ 405)
    (2) رواه البخاري في كِتَاب: الْعِلْم | بَابٌ: كَيْفَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ ؟
    (3) المفهم ( 6/ 705)
    (4) أفاده الشيخ محمد آدم الإتيوبي في البحر المحيط الثجاج (653/41).
    (5) أخلاق العلماء للآجرِّي (٢٩)
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-11-28, 11:29 AM.

  • #2
    جزاك الله خيرا أخي أبا عبد الرحمان وإن مما زاد الوضع فسادا؛ التحامل على حملة الشريعة من أهل السنة السلفيين، فحتى القلة الباقية منهم لم يرقُب فيها قطاع الطرق إِلًّا ولا ذِمةً فصدوا الناس عن الانتفاع بعلومهم بتهم باطلة جائرة، ولكن لا تزال -بإذن الله- طائفة ظاهرة على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتيَ أمر الله وهم على ذلك.

    تعليق

    الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
    يعمل...
    X