إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرد على عبد القادر حري في دفاعه عن مسألة بتر أثر ابن عباس بالباطل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرد على عبد القادر حري في دفاعه عن مسألة بتر أثر ابن عباس بالباطل

    بسم الله الرحمن الرحيم


    الرّدّ على عبد القادر حرّي
    في دفاعه عن مسألة بتر أثر ابن عبّاس بالباطل


    بلغني كما بلغ غيري ما نُشِر من كلام المدعو عبد القادر حري أصلحه الله، حيث برّر بتر أثر ابن عبّاس -رضي الله عنه- بكون الشّيخ ذكره كاملا في فتوى الإنكار العلني (الأولى) وأنّه في تفنيد الشّبهات اقتصر على محلّ الشّاهد من الحديث.
    وقبل الجواب أرى أن أورد أثر ابن عبّاس -رضي الله عنه- كاملا من جامع العلوم والحكم و مصنّف ابن أبي شيبة وهما الموضعان اللّذان أحالنا إليهما صاحب البتر:
    فأمّا في جامع العلوم والحكم فجاء بهذا اللفظ:
    قال سعيد بن جبير: قلت لابن عباس: آمر السّلطان بالمعروف وأنهاه عن المنكر؟ قال: إن خفت أن يقتلك فلا، ثمّ عدت، فقال لي مثل ذلك، ثمّ عدت، فقال لي مثل ذلك، وقال: إن كنت لا بدّ فاعلا، ففيما بينك وبينه.
    وأمّا في مصنّف ابن أبي شيبة فجاء بهذا اللفظ:
    ... عن سعيد بن جبير قال: قال رجل لابن عباس: آمر أميري بالمعروف؟ قال: إن خفت أن يقتلك فلا تؤنّب الإمام فإن كنت لا بدّ فاعلا ففيما بينك وبينه.
    أمّا الجواب على ذلك التّبرير الذي يستغفل به حرّي عقول من يُصفّقون له فمن وجوه ألخّصها ابتداء في نقاط قبل التّفصيل فيها:
    ١/ مسلك حرّي في التّبرير ليس مسلكا سلفيّا.
    ٢/ الأثر المبتور ورد في فتوى مستقلّة.
    ٣/ الاستدلال بنفس الأثر في تقريرين متناقضين.
    ٤/ سبب بتر الأثر.
    ٥/ تطوّر تقرير الإنكار العلنيّ والتّأصيل له من فتوى لأخرى.
    ٦/ من التّأصيلات العجيبة فيفتوى (تفنيد الشّبهات).
    ٧/ دعوى أنّ ابن عبّاس لم ينف أصل الإنكار العلني.
    ٨/ الإنكار العلنيّ منفيّ في السّنّة.
    ٩/ الختام: نصيحة.

    والآن مع التّفصيل في الرّدّ على حرّي:
    ١/ كلامك يا حرّي يندرج ضمن قاعدة "حمل المجمل على المفصّل من كلام غير المعصوم!" وهي قاعدة باطلة يعتمدها أهل الأهواء في تبرير الأخطاء ...

    ٢/ أنّ الفتويين (فتوى الإنكار العلنيّ، وفتوى تفنيد شبهات المعترضين ..) وإن كانتا فتويين مترابطتين تفصل بينهما في التّرتيب الزّمنيّ فتوى (توضيح إشكال معترض) ضمن سلسلة من خمس فتاوى في التّأصيل للإنكار العلنيّ إلّا أنهّا في تصفيف الموقع فتوى مستقلّة، وهي متاحة لمن هبّ ودبّ على النّت، كثير من المتصفّحين إن لم نقل معظمهم يقرؤونها دون الرّجوع إلى الفتوى الأولى وربمّا يجادلون به، وقد سبق أن حدث مثل هذا مع الشّيخ الألباني رحمه الله إذ جاءه سائل يحاجج بحديث النّهي عن التّحلق يوم الجمعة لإبطال الدّرس بعد الصّلاة فقال له الألبانيّ رحمه الله (قبل الصّلاة) فقال السّائل (في الحديث قبل الصّلاة؟) فقال الشّيخ (نعم)، فقال السّائل (زال الإشكال) فهذا الرّجل أخذ جزءا من الحديث يستدلّ به دون تتمّته فوقع فيما وقع.

    ٣/ أن صاحب الفتوى عندما أورده في الفتوى الأولى (في حكم الإنكار العلني) أورده في الاستدلال على النّصيحة في السّرّ فقال: (والأصل في وعظهم أن يكون سرّا ...) ثمّ أورد جملة من الآثار منها أثر ابن عبّاس كاملا مُحيلا القارئَ إلى "جامع العلوم والحكم" على اللّفظ المذكور في الأعلى، ثمّ أورد في تفنيد الشّبهات الأثر نفسه بلفظيه مبتورين ليوهم القارئ أنّ ابن عبّاس لم ينف الإنكار العلني فبتر محلّ الشّاهد على أنّ ابن عبّاس نفى الإنكار العلنيّ بمفهوم قوله (ففيما بينك وبينه) وليس كما ادّعيت يا حرّي أنّه اقتصر على محلّ الشّاهد.

    ٤ / نسأل حرّي لماذا لم يورد الأثر كاملا في "تفنيد الشّبهات"؟ ولنريحك من تجشّم التّبرير نورد كلام صاحب البتر كاملا مع تعديل بسيط المبنى كبير المعنى، فنورد كلامه مع الأثر كاملا غير مبتور فانظر أصلحك الله كيف يصير قول من تبرّر له: [ولهذا لمَّا قال سعيد بنُ جُبَيْرٍ لابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «آمُرُ السُّلْطَانَ بِالمَعْرُوفِ وَأَنْهَاهُ عَنِ المُنْكَرِ؟» فَقَالَ: «إِنْ خِفْتَ أَنْ يَقْتُلَكَ فَلَا ثم عدت، فقال لي مثل ذلك، ثمّ عدت، فقال لي مثل ذلك، وقال: إن كنت لا بد فاعلا، ففيما بينك وبينه»، وفي روايةٍ أنَّه قال رجلٌ لابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «آمُرُ أَمِيرِي بِالْمَعْرُوفِ؟»، قَالَ: «إِنْ خِفْتَ أَنْ يَقْتُلَكَ فَلَا تُؤَنِّبِ الإِمَامَ فإن كنت لا بد فاعلا ففيما بينك وبينه»، فهو رضي الله عنه لم يَنْفِ أصلَ الإنكار العلنيِّ]، هكذا يصير الكلام متناقضا وبدل أن يلغيَ الباتر قوله هو ويعدل عن مذهبه ألغى قول ابن عبّاس رضي الله عنه، بل وادّعى أنّه لم ينف الإنكار العلنيّ.

    ٥/ الفتوى الأولى (في حكم الإنكار العلني) لم يتلقّها السّلفيّون بالتّشنيع لا المشايخ ولا العوام؛ لأنّه ذكر فيها الإنكار العلني بإطلاق ففهمنا أنّه يقصد بحضرة وليّ الأمر إحسانا للظّنّ به، حتّى أنّ الشّيخ لزهر نفسه دافع عنه في صوتيّة مبثوثة فقال: (الشّيخ فركوس لم يأت بشيء لم يسبقه إليه العلماء) فاعتذر له ومع ذلك عارضه بحديث عياض وأثر أسامة ونقد الاستدلال بأثر معاوية، ثمّ جاء بعد هذه الفتوى (توضيح إشكال معترض) وهذه أيضا لم يكن فيها المسلك الجديد واضحا إذ جاء فيها (...يجوز -أيضًا- إنكارُ المُنكر في غَيبته ...) وهذا الكلام أيضا لا إشكال فيه؛ لأنّه قرّر إنكار المنكر علنا وليس الإنكار على الحاكم فبقي السّلفيّون محسنين الظّنّ إلّا من تفطّن من خلال الاستدلالات بالآثار التي فيها تصريح أو تعريض بالسّلطان مع ما فيها من تشنيع وشدّة منافية لما قرّره من ضوابط (تقريرا عقليّا لا نقليّا)، ثمّ جاءت (تفنيد الشّبهات) التي كانت المنعرج الخطير بما فيها من تأصيلات لا أزيد على ما وصفها به الشّيخ سليمان الرّحيلي وصفا آخر، ومربط الفرس؛ كما يقال في هذا الكلام من تلك الفتوى (... أو كانت علنيَّةً بالمشافهة بحضرَتِه أو بالتّصريح أو التّعريض أو التّلميح في غَيْبته...).

    ٦/ من التّأصيلات العجيبة التي حيّرت العلماء هذا البتر لأثر ابن عبّاس رضي الله عنه، ومنها أيضا تأويله لأثر أسامة رضي الله عنه تأويلا لم يسبق إليه حيث زعم أنّ قول أسامة رضي الله عنه: (دون أن أفتح بابا لا أكون أوّل من فتحه) زعم أنّه باب الهلكة؛ أمّا ما عليه العلماء فهو كما قال ابن حجر في الفتح: (قال عياض: مراد أسامة أنّه لا يفتح باب المجاهرة بالنّكير على الإمام)، وقال ابن بطّال؛ كما في شرح صحيح البخاري: (يريد ألا أكون أوّل من يفتح باب الإنكار على الأئمّة علانيّة).
    فجِدْ لنا يا حرّي تبريرا لهذا التّأويل ولا تقل: إنّه اجتهد! فإنّا نذكّرك بقول أحمد -رحمه الله-؛ كما في سير الأعلام: (إيّاك أن تقول في مسألة ليس لك فيها إمام)، ثمّ كيف يستبدل فهم السّلف بفهم الخلف ؟!

    ٧/ قال صاحب التّفنيد بعد أنّ بتر أثر ابن عبّاس بلفظيه: (فهو رضي الله عنه لم يَنْفِ أصلَ الإنكار العلنيِّ، وإنَّما قيَّده بجواز الأمن مِنَ القتل والتّهلكة والتَّأنيب والفتنة ...) وهذه مغالطة واضحة فالذي قيّده ابن عبّاس رضي الله عنه بالأمن من القتل والتّهلكة والتّأنيب والفتنة هو الإنكار في حدّ ذاته دون تخصيص صفته فنهاه عن الإنكار على أميره سواء سرّا أو علنا إذا خاف القتل (إن خفت أن يقتلك فلا ...) ثمّ قال: (إن كنت لا بدّ فاعلا ففيما بينك وبينه) فهنا وجّهه إلى الطّريقة الصّحيحة في النّصح إن هو أصرّ عليه وهي الطّريقة التي أمر بها نبيّنا صلى الله عليه وسلم ونهى عن خلافها.

    ٨/ هبْ أنّ ابن عبّاس لم ينف أصل الإنكار العلني، ألم ينفه وينه عنه من هو خير من ابن عبّاس وهو نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم القائل كما في حديث عياض: (من نصح لذي سلطان فلا يبده علانيّة)؟! فنهى عن الإنكار العلني ولم يقيّده بأيّ قيد، ثمّ بيّن الطّريقة الشّرعيّة الصّحيحة للنّصح: (بل يأخذ بيده فيخلو به)، ثمّ بيّن أنّه ليس له أن يزيد على ذلك وأنّ من نصح سرّا فقد برئت ذمّته سواء قُبل منه أو لم يُقبل (فإن قُبل منه فذاك وإلّا كان قد أدّى الذي عليه).

    ٩/ ختاما:
    أنصحك يا حرّي علانيّة في غيبتك ليستفيد من هذه النّصيحة الغالية كلّ من بلغته:
    قال ابن رجب -رحمه الله- في الكتاب الذي أحيل إليه في أثر ابن عبّاس المبتور: ((وهاهنا أمر خفيّ ينبغي التّفطّن له، وهو أنّ كثيراً من أئمّة الدّين قد يقول قولا مرجوحا ويكون مجتهدا فيه، مأجورا على اجتهاده فيه، موضوعا عنه خطؤه فيه، ولا يكون المنتصر لمقالته تلك بمنزلته في هذه الدّرجة؛ لأنّه قد لا ينتصر لهذا القول إلّا لكون متبوعه قد قاله، بحيث إنّه لو قاله غيره من أئمّة الدّين، لما قبله ولا انتصر له، ولا والى من وافقه، ولا عادى من خالفه، وهو مع هذا يظنّ أنّه إنّما انتصر للحقّ بمنزلة متبوعه، وليس كذلك، فإنّ متبوعه إنمّا كان قصده الانتصار للحقّ، وإن أخطأ في اجتهاده، وأمّا هذا التّابع، فقد شاب انتصاره لما يظنّه الحقّ إرادة علوّ متبوعه، وظهور كلمته، وأن لا ينسب إلى الخطأ، وهذه دسيسة تقدح في قصد الانتصار للحقّ، فافهم هذا، فإنّه فهم عظيم، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)). [جامع العلوم والحكم (ص 477)]
    نسأل الله أن يقبضنا إليه غير مفتونين
    وآخر دعوانا أن الحمد لله
    ربّ العالمين

    كتبه:
    أبو مريم بوعلام بن محمّد
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-11-20, 06:56 PM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X