إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إرشاد الحائر وقمع العنيد الفاجر بتوجيه مقولة الإمام أحمد: إصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إرشاد الحائر وقمع العنيد الفاجر بتوجيه مقولة الإمام أحمد: إصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر

    بسم الله الرحمن الرحيم

    إرشاد الحائر
    وقمع العنيد الفاجر بتوجيه مقولة الإمام أحمد:
    "إصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر"
    ـــ . ـــ

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
    فقد بلي الناس في هذه الأيام بمن تأثر بفكر الخوارج والسرورية ونسبوه زورا وبهتانا لبعض علماء أهل السنة وأغلب من نسب إليهم هذا القول الباطل الأموات منهم وقد بين كثير من أهل السنة كذب هؤلاء الصعافقة الفجرة على العلماء، ومع ذلك فهم لا يرعوُون؛ لأنهم لا يستحيون.
    ومما روجوا له أخيرا بغية نصرة مذهبهم الباطل؛ قول إمام أهل السنة الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "اصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر".
    وجعلوا كلام الإمام أحمد رحمه الله مستندا لهم فيما يروّجون له من جواز الإنكار العلني على السّلاطين في غيبتهم بغية التوصل إلى الخروج على الحكام بالسيف وإدخال الأمة في نفق الفتنة العامة، وإن دثروه بدثار النصيحة وإنكار المنكر، والواقع أكبر شاهد، وعما قليل يظهر الوجه الحقيقي لهؤلاء السروريين المتسترين.
    وجواب ما جاء في كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى من وجهين:

    الوجه الأول:
    أن يقال: إن الإمام أحمد رحمه الله تعالى نحسبه رجلا صالحا وإماما جليلا من أئمة السنة، ليس بمعصوم وكلامه عرضة للخطأ وقد يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه، وقد يُلقي الشيطان كلمة الباطل على لسان الرجل الصالح، قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: وأحذركم زيغة الْحَكِيمِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَقُولُ الضَّلَالَةُ عَلَى لِسَانِ الْحَكِيمِ، وَقَدْ يَقُولُ الْمُنَافِقُ كَلِمَةَ الْحَقِّ.
    قال يزيد بن عميرة قلت لِمُعَاذٍ: مَا يُدْرِينِي - رَحِمَك اللَّهُ - أَنَّ الْحَكِيمَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ ، وَأَنَّ الْمُنَافِقَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الْحَقِّ؟
    فقال رضي الله عنه: اجْتَنِبْ مِنْ كَلَامِ الْحَكِيمِ الْمُشْبِهَاتِ وفي رواية المشتهرات، الَّتِي يُقَالُ مَا هَذِهِ، وَلَا يُثْنِيَك وفي رواية ينئينك ذَلِكَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَعَلَّهُ يُرَاجِعُ، وَتَلق الْحَقَّ إذَا سَمِعْته، فَإِنَّ عَلَى الْحَقِّ نُورًا.
    وإن هذه والله لوصية عظمية من صحابي جليل من أخذ بها فقد أخذ بسبب من أسباب النجاة من الفتن، والله الهادي إلى سبيل الرشاد.
    وعلى هذا فمهما بلغ من هو ليس بمعصوم فكلامه قد يرد فيه الخطأ، وقد بين معاذ رضي الله عنه كيف تعرف زلة الحكيم بقوله: اجتنب من كلام الحكيم المشبهات التي يقال ما هذه؟
    فلله دره ما كان أفقهه، يريد رضي الله عنه ما يستنكره أهل القلوب السليمة والفطر السوية أهل البصيرة في الدين الذين لهم علم بسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ولهم علم بما يضادها وما يخالفها من كلام المفتونين.
    وعلى رأس هؤلاء الأخيار الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، ثم أتباعهم بإحسان من العلماء الربانيّين، ومن سار على طريقتهم واقتفى آثارهم من المسلمين، قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} التوبة (100).
    فكل ما اشتبه على المرء حكمه وأشكل عليه أمره ومجته نفسه السوية، فهو داخل في قول معاذ رضي الله عنه: اجتنب من كلام الحكيم المشبهات التي يقال ما هذه؟
    فما بالك إذا خالفت كلمة الحكيم نصا أو ظاهره أو ما علم من الإسلام حكمه وظهر للناس ضرره، وبانت سوء عاقبته، فلا يلتفت إلى قوله والحال هذه ولا يعبأ به.
    واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته، أنه لا يعتمد كلام الحكيم الذي زل فيه من بعد ما تبين بعده عن الشرع ومخالفته له إلا من أراد بالأمة شرا، وكاد لهم ليصرفهم عن الصراط المستقيم. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
    وقد تكلم العلماء في هذه الأيام عما يثار من مسائل دخيلة على الإسلام وأهله، واستنكروها وبينوا أنها ليست من منهج أهل السنة، فمنهم:
    الشيخ عبد الرحمن محي الدين حفظه الله
    الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله
    الشيخ محمد العمير حفظه الله
    الشيخ صالح السحيمي حفظه الله
    الشيخ محمد بازمول حفظه الله
    الشيخ عبد المجيد جمعة حفظه الله
    الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله
    الشيخ لزهر سنيقرة حفظه الله
    وغيرهم جزاهم الله خيرا وبارك في أعمارهم ونفع الأمة بعلومهم.

    وأما الوجه الثاني:
    فيقال في توجيه كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى:
    بمعرفة القصة ومتى قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى كلمته ولمن قالها يزول الإشكال ويرتفع اللبس وتستبين سبيل الأشرار السروريين.
    قال ابن مفلح رحمه الله تعالى: قال حنبل: اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله وقالوا له:
    إن الأمر قد تفاقم وفشا يعنون إظهار القول بخلق القرآن وغير ذلك ولا نرضى بإمرته ولا سلطانه، فناظرهم في ذلك وقال عليكم بالإنكار بقلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر.
    وقال ليس هذا صواب، هذا خلاف الآثار.
    وقال المروذي: سمعت أبا عبد الله يأمر بكف الدماء وينكر الخروج إنكارا شديدا.
    وقال في رواية إسماعيل بن سعيد الكف: لأنا نجد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «ما صلوا فلا» خلافا للمتكلمين في جواز قتالهم كالبغاة قال القاضي: والفرق بينهما من جهة الظاهر والمعنى، أما الظاهر فإن الله تعالى أمر بقتال البغاة بقوله تعالى: {وإن طائفتان}[الحجرات: 9].
    وفي مسألتنا أمر بالكف عن الأئمة بالأخبار المذكورة، وأما المعنى فإن الخوارج يقاتلون بالإمام وفي مسألتنا يحصل قتالهم بغير إمام فلم يجز كما لم يجز الجهاد بغير إمام انتهى كلامه. انتهى من الآداب الشرعية
    فانظر يا رعاك الله إلى ما حصل ولمن قال الإمام أحمد كلمته تلك، قالها في مجلسه مع علماء بلده الذين ناظروه في الخروج على الواثق، فنهاهم عن ذلك وصدهم عنه وبيّن وجه ضرره وعظيم مفسدته.
    ووافقهم على فجور الواثق وظلمه لأنه واقع معاش لا سبيل إلى إنكاره، وبين أن الواجب عليهم من مراتب الإنكار الإنكار بقلوبهم لأن إنحراف السلطان ظاهر وبغيه على أهل السنة باد، فهو من قتل بعض علمائهم وسجن بعضهم وضرب آخرين ومع ذلك ينهاهم الإمام أحمد عن الخروج عليه ويقول رحمه الله تعالى: هذا خلاف الآثار، فهو رحمه الله تعالى لم تحركه العواطف، ولا حمله الانتقام على مخالفة الآثار.
    وهو الذي أوذي في الله أذى كبيرا، فجزاه الله عنا خير ما يجزي عالما عن أمته إنه جواد كريم.
    وأما اليوم فلا يضرب السلطان عالما ولا يسجنه ولا يمتحنه، بل يأمر بما يرى فيه مصلحة وهو دون ما تقدم بمراحل فينهى عن الاجتماع في مكان عام، أو يأمر بغلق مكتبة فترى في هذه الوسائل السب والشتم والدعاء على ولاة الأمر، فما ظنكم لو آذى السلطان مقدسهم ومتبوعهم لآل الأمر إلى الخروج بالسيف والله المستعان.
    وعودا إلى ما تقدم في قصة الإمام أحمد رحمه الله تعالى، يقال:
    لو تأملت يا أخي الكريم لتبيّنت لك في هذه القصّة عدة أمور منها:
    ١- الكلمة قيلت في حق فاجر ظالم بشهادة الإمام أحمد رحمه الله.
    ٢- أنها قيلت لعلماء بغداد.
    ٣- قيلت في سياق النهي عن الخروج على السلطان وقد استجاب العلماء لذلك.
    ٤- الإمام أحمد لا بد له من ذلك لأنه واقع كما تقدم ولو لم يوافق على ظلم السلطان وجوره وهو بصدد الكلام عنه إذ ما عقد المجلس إلا لأجل هذا، لعد مميعا كاتما للحق، وهذا من حسن توفيق الله له.
    ٥- أنها قيلت في نطاق ضيق جدا، ولو لم يذكر من حضر المجلس كلمة الإمام أحمد رحمه الله تلك لما علمت إلى يوم الدين.
    ٦- وهي مرشدة المهتدين وقاصمة ظهر المبطلين أن العبارة المذكورة أخبر عنها بعد انقضاء ولاية الواثق بدليل قول حنبل رحمه الله تعالى:
    اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله.
    فهذا إخبار عما جرى في المجلس المذكور أيام المحنة، بعد انقضاء ولاية الواثق، وما كان لحنبل ولا غيره أن يتسبب في أذية الإمام أحمد بذكر مقولته في الواثق وهو قائم على ما علمت. فتنبه
    ومن قال بخلاف هذا فهو مطالب بذكر تاريخ خروج كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى، ومن عرف حرص أولئك الأئمة على استتباب الأمن والنهي عن الخوض في الفتن، يجزم بما تقدم، وهذا المتبادر إلى الذهن المظنون بأولئك الأئمة الأعلام والله أعلم.
    من المعلوم أن العلماء قد يرفع بعضهم إلى بعض أفعال بعض ولاة الأمر ونوابهم بغرض المشاورة أو طلب نصيحتهم، وبيان الحق لهم ويتكلمون فيما بينهم بما لا يجوز أن يذكر للعامة.
    قال شيخ الإسلام عبد العزيز بن باز رحمه الله:
    الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
    أما إنكار المنكر بدون ذكر الفاعل: فينكر الزنا وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله، فذلك واجب لعموم الأدلة. انتهى من المجموع٢١٠ /٨ ومع هذا فالقوم يكذبون على هذا الإمام الجليل. والله المستعان
    فتأمل قوله رحمه الله تعالى: أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
    فهذا حاصل بين العلماء ومنه ما ورد في قصة الإمام أحمد رحمه الله ولو ذكر كل من حضر مجلسا كهذا إقرار عالم على تخطئة ولي أمر لعد جل العلماء من المحرضين على ولاة أمورهم. والله المستعان
    وهذا لا يقوله عاقل فضلا عن صاحب سنة. والله أعلم
    فإذا عرفت هذا تبين لك مكر هؤلاء الصعافقة السفلة بأهل السنة، فهم يجعلون فعل الإمام أحمد رحمه الله كفعلهم، ويزعمون أن الإنكار العلني على السلاطين أمام العامة وفي وسائل التواصل ومن على المنابر من منهج أهل السنة وأنها طريقة أحمد رحمه الله وغيره وهذا من الكذب الكبار. والله المستعان
    هذا ولا يغرنك أن المبطلين ينشرون مقطعا لأحد علماء السنة فيه نصرة ما يروجون له فإن الحق يعرف بدلائله لا بمنزلة قائله.
    وليعرض عليه ما في هذه الكلمات عله يفيدنا بتعليق أو يحدث توبه.
    والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
    والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
    وكتب: أبو عبد الرحمن عمر مكي كان الله له.
    صبيحة الأربعاء ٢ ربيع الأول ١٤٤٤ من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-10-12, 02:39 PM.

  • #2
    جزاك الله خيرا أخي الفاضل أبا عبد الرحمن وبارك فيك

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا

      تعليق


      • #4
        جزاكما الله خيرا أخوي الكريمين

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا

          تعليق


          • #6
            وفقكم الله جل وعلا

            تعليق


            • #7
              بارك الله فيك أخي الكريم
              ظهر لي وجه في كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى والله أعلم بالصواب.
              والوجه هو:
              أن الإمام في مقام يصبر الناس فيه، وهذه كلمة خرجت مخرج العموم، فلم يعين بالبر أحدا ولم يعين بالفاجر أحدا،
              فهي خرجت مخرج المثل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان رضي الله عنه: «إنما أنتَ كما قال الأولُ كلُّ الصيدِ في جوفِ الفِرَا» قالها يطيب نفسه بها. فهل يقول عاقل أنه شبهه بالفرا أو أن أبا سفيان رضي بتشبيهه بالفرا وهو الحمار، طبعا لا يقال ذلك لأن هذا مثل. [والحديث مرسل إسناده جيد]
              كذلك كلمة الإمام أحمد هي مثل، ومعناها أن الصبر يريح الطرف المظلوم، إما بموته فيستريح أو بموت الظالم فيستراح منه.
              وليس معناه إسقاط اسم الفاجر على الأمير كما أنه ليس مراد النبي صلى الله عليه وسلم إسقاط اسم الحمار على أبي سفيان رضي الله عنه.
              ولا يمكن أن يحمل على إرادة الإمام أحمد وصف الحاكم بالفاجر معلنا بالنكير عليه، إلا عند من لا يعرف الإمام، وكيف كان يدعوا للمعتصم وكيف جعله في حل.
              هذا الوجه الذي ظهر لي والله أعلم بالصواب.





              تعليق

              الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
              يعمل...
              X