إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جُنة طالب العلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جُنة طالب العلم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    جُنة طالب العلم


    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
    أما بعد:
    فكما أن المقاتل يحتاج لسد منيع وحصن حصين ودرع واقي يكون له جُنة من ضربات الأعداء، كذلك طالب العلم في حاجة ماسة لجُنة وهو يسير في طريق يلتمس العلم، بل حاجة الطالب للجُنة أشد من حاجة المجاهد في سبيل الله، وذلك لأن تهاون المجاهد في سبيل الله في حماية نفسه ووقايتها يوصله للجنة وأعلى المنازل، أما طالب العلم إذا فرط في جُنته أصيب في مقتل.
    قال ابن عباس رضي الله عنهما: (إذا أخطأ العالم أن يقول: لا أدري , فقد أصيبت مقاتله). أخرجه الآجري في «أخلاق العلماء» (ص: 115) وابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (رقم: 1580 و 1581) والخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (2/366) (رقم: 1112).
    وعن عقبة بن مسلم قال: صحبت ابن عمر رضي الله عنهما أربعة وثلاثين شهرا فكثيرا ما كان يسأل فيقول: «لا أدري» ثم يلتفت إلي فيقول: (تدري ما يريد هؤلاء؟ يريدون أن يجعلوا ظهورنا جسرا لهم إلى جهنم). أخرجه ابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (رقم: 1585).
    وعن محمد بن عجلان، قال: (لا أدري جُنة العالم، فإذا أغفلها أوشك أن تصاب مقاتله). أخرجه ابن الجوزي في ((تعظيم الفتيا)) (ص: 89).
    وعنه قال: (إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتله). أخرجه ابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (رقم: 1582 و 1583).

    جَهِلْتَ فَعَادَيتَ العُلُوْمَ وأهْلَهَا *** كَذَاكَ يُعَادِي العِلْمَ مَنْ هُوَ جَاهِلُه
    ومَنْ كَانَ يَهْوَى أنْ يُرَى مُتَصَدِّرًا *** ويَكْرَهُ لا أدْرِي أُصِيبَتْ مَقَاتِلُه

    فجُنة طالب العلم (لا أدري) وسترته (لا أعلم) ودرعه الواقي (إسأل غيري)، وإذا لم يمسك نفسه فيما لا يعلم وأطلق للسانه العنان، تقلب في الفتن.
    عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: يا أيها الناس، من علم شيئا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل الله أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}[ص: 86]. متفق عليه.
    قال العلامة حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله في ((تغليظ الملام على المتسرعين إلى الفتيا وتغيير الأحكام)) (ص: 12): ((وقد كان السلف الصالح يتورَّعون عن الفتيا بغير علم، وإذا سُئل أحدهم عمَّا لا علم به؛ لم يأنف أن يقول: لا أعلم هذا، أو يقول: لا أدري، أو يقول: سل عن هذا غيري.
    وهذا بخلاف ما عليه بعض المنتسبين إلى العلم في زماننا؛ فإن كثيرا منهم يتسرعون إلى الفتيا بغير علم، ويأنف أحدهم أن يقول فيما لا يعلمه: لا أعلم هذا، أو: لا أدري، أو يقول: سل عن هذا غيري! ويرون في الإحجام عن إجابة السائل غضاضة عليهم، وما علموا أن الخطر العظيم في التسرع إلى الفتيا بغير علم)) اهـ.

    ولما كانت الفتوى توقيع عن الله تعالى، والإستحسان في الدين تشريع، علم خطورة القول على الله عز وجل من غير علم.
    قال الله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}[الإسراء: 36].
    وقال الله عز وجل: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}[الأعراف: 33].
    قال العلامة ابن القيم في كتابه ((إعلام الموقعين)) (2/ 73-74): ((وقد حرم اللَّه -سبحانه- القول عليه بلا علم في الفتيا والقضاء، وجعله من أعظم المحرمات، بل جعله في المرتبة العليا منها، فقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[الأعراف: 33] فرتَّبَ المحرماتِ أربعَ مراتبَ، وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنَّى بما هو أشد تحريمًا وهو الإثم والظلم، ثم ثلَّثَ بما هو أعظم تحريمًا منهما وهو الشرك به سبحانه، ثم ربَّع بما هو أشد تحريمًا من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعمُّ القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه، وصفاته، وأفعاله، وفي دينه وشرعه. وقال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النحل: 116 - 117].
    فتقدم عليهم سبحانه بالوعيد على الكذب عليه في أحكامه، وقولهم لما لم يحرمه: هذا حرام، ولما لم يحله: هذا حلال، وهذا بيان منه سبحانه أنه لا يجوز للعبد أن يقول: هذا حلال وهذا حرام؛ إلا لما علم أنَّ اللَّه سبحانه أحَلّه أو حرمه.
    وقال بعض السلف: ليتَّقِ أحَدُكم أن يقول: أحل اللَّه كذا، وحرم كذا، فيقول اللَّه له: كذبت، لم أحل كذا، ولم أحرم كذا؛ فلا ينبغي أن يقول لما لا يعلمُ ورودَ الوحي المبين بتحليله وتحريمه: أحَلّه اللَّه، وحرَّمه اللَّه، لمجرد التقليد أو بالتأويل)) اهـ.
    وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام)) (10/ 109): ((وهكذا الفتيا بغير علم خطرها شديد، ولهذا جعلها الله -تعالى- من المحرمات؛ بل من أصول المحرمات التي حرمت في جميع الشرائع؛ وهي خمسة، قال تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}[الأعراف: 33]، فجعلها من هذه الأصول، حتى قال بعض العلماء: أن القول على الله بلا علم أشد مما سبقه؛ لأن الإشراك لا يفسد به إلا صاحبه، لكن القول على الله بغير علم تفسد به أمم؛ ولهذا يجب الحذر من الفتيا بغير علم، ويمر بنا أشياء غريبة جداً)) اهـ.
    وعبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: ((إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعا، ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناس جهال، يستفتون فيفتون برأيهم، فيضلون ويضلون)). متفق عليه.
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((من أفتي بفتيا بغير علم، كان إثم ذلك على من أفتاه)). أخرجه أحمد في ((المسند)) (رقم: 8266 و 8776) وأبو داود في ((السنن)) (رقم: 3657) وابن ماجه في ((السنن)) (رقم: 53) والحاكم في ((المستدرك على الصحيحين)) (رقم: 349) والدارمي في ((المسند)) (رقم: 161) وإسحاق بن راهوية في ((المسند)) (رقم: 334) والطحاوي في ((مشكل الآثار)) (رقم: 410) وابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (رقم: 1625 و 1889 و 1990 و 1991) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (رقم: 20324 و 20353) وفي ((المدخل إلى السنن الكبرى)) (رقم: 789) والخطيب البغدادي في ((الفقيه والمتفقه)) (2/ 328) وابن بشران في ((أماليه)) (رقم: 5) وحسنه الألباني.
    كل هذه النصوص تحذر من الفتيا بغير علم والقول على الله بالتخرص والظن، ولا يجرء على الفتيا والقول على الله بلا علم إلا صاحب الشبر الذي قتله الغرور والتعالم والكبر وحب الظهور والزعامة.
    وقد قيل: (العلم ثلاثة أشبار، من حصل الشبر الأول تكبر، ومن حصل الشبر الثاني تواضع، ومن حصل الشبر الثالث علم أنه لا يعلم).

    من هنا كانت الوصية أن يتسلح طالب العلم ويتجهز بجُنة لا أعلم ولا أدري.
    عن محمد بن عجلان قال: (جنة العالم يورث العلم جلساءه، لا أدري). أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في ((تاريخ أصبهان)) وأبو الشيخ الأصبهاني في ((طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها)).
    وعن مالك بن أنس قال: (جنة العالم لا أدري إذا أغفلها أصيبت مقاتله). أخرجه ابن عبد البر في ((الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء)) (ص: 37) وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (8/ 363) بلفظ: (جنة العالم قوله لا أدري فإذا أضاعها أصيبت مقاتله).
    جُنَّةُ العالمِ لا أدري *** إذا ما احتاج جُنَّهْ
    فَإذَا مَا تَرَكَ الجُنَّةَ *** بَانَتْ فيهِ جنّهْ
    فَالزَمْ الجُنَّةَ تَسْلَمْ *** إِنَّمَا الجُنَّةُ جَنَّهْ

    فإذا كانت الوصية للعالم أن يدخل في حصن لا أدري ويتقي بلا أعلم ويتجهز بإسأل غير، فطالب العلم من باب أولى وأولى أن تكون هذه الأدرع جُنة له.
    قال الإمام الآجري رحمه الله في ((أخلاق العلماء)) (ص: 111-112): ((وأما الحجة للعالم يسأل عن الشيء لا يعلمه , فلا يستنكف أن يقول: لا أعلم , إذا كان لا يعلم , وهذا طريق أئمة المسلمين من الصحابة , ومن بعدهم من أئمة المسلمين , اتبعوا في ذلك نبيهم صلى الله عليه وسلم , لأنه كان إذا سئل عن الشيء بما لم يتقدم له فيه علم الوحي من الله عز وجل فيقول: لا أدري , وهكذا يجب على كل من سئل عن شيء لم يتقدم فيه العلم أن يقول: الله أعلم به , ولا علم لي به , ولا يتكلف ما لا يعلمه , فهو أعذر له عند الله , وعند ذوي الألباب)) اهـ.
    وقال العلامة سليمان الرحيلي حفظه الله في «المقدمات للبيت الفقهي» (ص: ٨٣): «ينبغي على طالب العلم ألا يتكلم إلا بعلم، وتكون الجُنّة عنده لا أدري، أيّا كان، ما دام أنه لا يعلم العلم الذي يبرأ به أمام الله، فإنه يقول: لا أدري، فإما أن يطلب المهلة من السائل، يقول: أمهلني يوما أراجع، أو نحو ذلك، ولقد رأينا الشيخ ابن باز رحمه الله مرارا، يسأله السائل عن مسألة، فيقول: راجعني الأسبوع القادم! وهو إمام الدنيا في زمنه رحمه الله، لكنه يراجع المسألة، فينبغي على طلاب العلم أن ينتبهوا لهذه القضية، وهو أن جُنّة طالب العلم أن يتمسك بلا أدري ما دام أنه لا أدري، ولا يقول إلا بعلم» اهـ.
    من هنا كان عليه الصلاة والسلام أعلم الناس بربه، يقف عن الجواب عند ما لم ينزل عليه فيه وحي، حتى يأتيه جبريل بالوحي من الله تعالى.
    عن ابن وهب قال قال لي مالك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام المسلمين وسيد العالمين يسأل عن الشيء فلا يجيب حتى يأتيه الوحي من السماء. أخرجه ابن حزم في ((الإحكام في أصول الأحكام)) (6/ 57 و 8/35) وابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (رقم: 1578).
    وقد بوب الإمام البخاري في ((صحيحه)) (باب ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل مما لم ينزل عليه الوحي فيقول: لا أدرى، أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحي، ولم يقل برأى ولا قياس؛ لقوله تعالى: {بما أراك الله}) ثم ساق فقط حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما التالي.
    عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: مرضت فجاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، وأبو بكر، وهما ماشيان فأتاني وقد أغمي علي، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صب وضوءه علي، فأفقت، فقلت: يا رسول الله، - وربما قال سفيان فقلت: أي رسول الله - كيف أقضي في مالي؟ - كيف أصنع في مالي؟ - قال: فما أجابني بشيء حتى نزلت: «آية الميراث».متفق عليه.
    وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث بالمدينة، وهو يتوكأ على عسيب، فمر بنفر من اليهود، فقال بعضهم: سلوه عن الروح؟ وقال بعضهم: لا تسألوه، لا يسمعكم ما تكرهون، فقاموا إليه فقالوا: يا أبا القاسم حدثنا عن الروح، فقام ساعة ينظر، فعرفت أنه يوحى إليه، فتأخرت عنه حتى صعد الوحي، ثم قال: " {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي}[الإسراء: 85].متفق عليه.
    وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبته إلى ركبتيه ووضح كفيه على فخذيه.
    وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا.
    قال: صدقت.
    فعجبا له يسأله ويصدقه.
    قال: أخبرني عن الإيمان؟
    قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره.
    قال: صدقت.
    قال: فأخبرني عن الإحسان؟
    قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
    قال: فأخبرني عن الساعة؟
    قال: ما المسئول بأعلم من السائل.
    قال: فأخبرني عن اماراتها.
    قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان.
    ثم انطلق فلبث مليا.
    ثم قال: يا عمر، أتدري من السائل؟
    قلت: الله ورسوله أعلم.
    قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم. أخرجه مسلم، وله شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري.
    وعن أبي أمامة التيمي، قال: كنت رجلا أكري في هذا الوجه وكان ناس يقولون لي إنه ليس لك حج فلقيت ابن عمر فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إني رجل أكري في هذا الوجه وإن ناسا يقولون لي: إنه ليس لك حج، فقال ابن عمر: أليس تحرم وتلبي وتطوف بالبيت وتفيض من عرفات وترمي الجمار قال: قلت: بلى، قال: فإن لك حجا، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مثل ما سألتني عنه، فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبه حتى نزلت هذه الآية {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم}[البقرة: 198] فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ عليه هذه الآية وقال: «لك حج». أخرجه أبو داود في «السنن» (رقم: 1733) وأحمد في «المسند» (رقم: 6434) وابن أبي شيبة في «المصنف» والحاكم في «المستدرك» والطيالسي في «المسند» والدارقطني في «السنن» والبيهقي في «الكبرى» وصححه الألباني.
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أدري أتبع كان لعينا أم لا، وما أدري أذو القرنين كان نبيا أم لا، وما أدري الحدود كفارة لأهلها أم لا؟» أخرجه الحاكم في «المستدرك» وابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (رقم: 1553) والبيهقي في «الكبرى» وابن شاهين في «ناسخ الحديث ومنسوخه».
    وفي رواية عند أبي داود بلفظ: «ما أدري أتبع لعين هو أم لا، وما أدري أعزير نبي هو أم لا». قال الألباني: صحيح.

    وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أي البلدان شر؟ قال: فقال: «لا أدري» فلما أتاه جبريل عليه السلام قال: «يا جبريل، أي البلدان شر؟» قال: لا أدري حتى أسأل ربي عز وجل. فانطلق جبريل عليه السلام، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم جاء، فقال: يا محمد، إنك سألتني أي البلدان شر، فقلت: لا أدري، وإني سألت ربي عز وجل: أي البلدان شر؟ فقال: أسواقها. أخرجه أحمد في «المسند» (رقم: 16744) والحاكم في «المستدرك» أبو يعلى في «المسند» (رقم: 7403) والطبراني في «المعجم الكبير» (رقم: 1545 و 1546) والبزار في «المسند» (رقم: 1252) والحارث في «المسند» كما في « إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» (رقم: 1726) والخطيب البغدادي في « الفقيه والمتفقه » (2/ 361) وأحمد بن حمدان الحراني في « صفة الفتوى والمفتي والمستفتي» (ص: 9) وابن الجوزي في « تعظيم الفتيا» (رقم: 22) وحسنه الألباني.
    قال الله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}[ص: 86].
    وقال الله عز وجل: {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم}[الأحقاف: 9].

    فإنه ينبغي على طالب العلم أن لا يستنكف عن قول لا أدري، فهذا رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول لا أدري، ولو جميع من أخباره عليه الصلاة والسلام في هذا الباب لكانت كراسا، لأنه أعلم الناس وأخشاهم لله، فالعلم الخشية.
    قال العلامة ابن جماعة رحمه الله في ((تذكرة السامع والمتكلم)) (ص: 68): ((واعلم أن قول المسئول: لا أدري، لا يضع من قدره كما يظنه بعض الناس الجهلة؛ بل يرفعه؛ لأنه دليل عظيم على عظم محله، وقوة دينه، وتقوى ربه، وطهارة قلبه، وكمال معرفته، وحسن تثبته)) اهـ.

    وعلى هذا درج الصحابة الكرام رضوان الله عليهم والأئمة الأعلام، فقد كانوا مقتدين بسيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم ومرشدين لمن بعدهم إليه من الأنام، فهذه نماذج عطرة من آثارهم أسوقها للعظة والأعتبار والتأسي والإقتداء:
    قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت على الله ما لا أعلم).
    أخرجه مالك في «الموطأ» رواية أبي مصعب الزهري (رقم: 2079) والطبري في «جامع البيان» (1/72) وأبو عبيدة القاسم بن سلام في « فضائل القرآن » (ص: 375) والمستغفري في « فضائل القرآن » (رقم: 111 و 112) وابن حزم في « الإحكام في أصول الأحكام » (6/ 41).
    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في « فتح الباري » (13/ 271): ((وأخرجه الطبري من وجهين آخرين عن الزهري وقال في آخره اتبعوا ما بين لكم في الكتاب وفي لفظ ما بين لكم فعليكم به وما لا فدعوه وأخرج عبد بن حميد أيضا من طريق إبراهيم النخعي عن عبد الرحمن بن زيد أن رجلا سأل عمر عن فاكهة وأبا فلما رآهم عمر يقولون أقبل عليهم بالدرة ومن وجه آخر عن إبراهيم النخعي قال قرأ أبو بكر الصديق وفاكهة وأبا فقيل ما الأب فقيل كذا وكذا فقال أبو بكر إن هذا لهو التكلف أي أرض تقلني أو أي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم وهذا منقطع بين النخعي والصديق وأخرج أيضا من طريق إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن الأب ما هو فقال أي سماء تظلني فذكر مثله وهو منقطع أيضا لكن أحدهما يقوي الآخر)) اهـ.
    وعن ابن سيرين قال: لم يكن أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم أهيب لما لا يعلم من أبي بكر رضي الله عنه، ولم يكن أحد بعد أبي بكر أهيب لما لا يعلم من عمر رضي الله عنه وإن أبا بكر نزلت به قضية فلم يجد في كتاب الله منها أصلا ولا في السنة أثرا فاجتهد رأيه، ثم قال: «هذا رأيي فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني وأستغفر الله). أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (رقم: 1555) وابن حزم في «الإحكام في أصول الأحكام» (6/ 50) والبلاذري في « أنساب الأشراف » (10/ 68) وابن سعد في « الطبقات الكبرى » (3/ 178) وابن عساكر في « تاريخ دمشق » (30/ 327).
    وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه خرج عليهم وهو يقول: (ما أبردها على الكبد، ما أبردها على الكبد).
    فقيل له: وما ذاك؟
    قال: (أن تقول للشيء لا تعلمه: الله أعلم). أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (رقم: 1569).
    وعن رزين أبو النعمان، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: (إذا سئلتم عما لا تعلمون، فاهربوا)، قال: وكيف الهرب يا أمير المؤمنين؟ قال: (تقولون: الله أعلم). أخرجه الدارمي في «المسند» (رقم: 183).
    وعن الشعبي، قال: قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إياكم وأرأيت وأرأيت، فإنما هلك من كان قبلكم بأرأيت وأرأيت، ولا تقيسوا شيئا بشيء فتزل قدم بعد ثبوتها، وإذا سئل أحدكم عما لا يعلم فليقل: لا أعلم فإنه ثلث العلم). أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (رقم: 8550) والهروي في ((ذم الكلام وأهله)) (رقم: 278). إسناده ضعيف؛ لأن فيه انقطاعه الشعبي لم يسمع من ابن مسعود؛ فإنه لم يسمع منه.
    قال ابن أبي حاتم رحمه الله في ((المراسيل)) (ص: 160): ((سمعت أبي يقول لم يسمع الشعبي من عبد الله بن مسعود والشعبي عن عائشة مرسل إنما يحدث عن مسروق عن عائشة)) اهـ.
    وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رجلا سأله عن مسألة فقال: لا علم لي بها، فلما أدبر الرجل، قال ابن عمر: (نعم ما قال ابن عمر، سئل عما لا يعلم فقال: لا علم لي به). أخرجه الدارمي في «المسند» (رقم: 185) والحاكم في «المستدرك» (رقم: 6378).
    وعنه، قال: (العلم ثلاثة: كتاب ناطق, وسنة ماضية, ولا أدري).
    أخرجه الطبراني في «الأوسط» (رقم: 1001) والهروي في «ذم الكلام وأهله» (رقم: 514 و 515) وابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (رقم: 1387) والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (3/ 392) وقوام السنة في «الترغيب والترهيب» (رقم: 2140) وابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» (1/ 288) وابن حزم في «أحكام الإحكام» (8/ 29 - 30) والخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (2/366) (رقم: 1111) وفي «تاريخ بغداد» (5/ 40) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (17/ 318).
    قال الألباني في «الضعيفة» (8/ 412): «فالحديث ثابت عن ابن عمر موقوفاً عليه، وقد رفعه بعضهم من طريق أبي حذافة المدني المتقدم.
    أخرجه هكذا الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (3/ 28)، وقال عقبه: هذا لم يصح مسنداً، ولا هو مما عد في مناكير أبي حذافة السهمي، فما أدري كيف هذا؟! وكأنه موقوف» اهـ.
    وقال أبو داود رضي الله عنه: (قول الرجل فيما لا يعلم: لا أعلم نصف العلم).
    ذكره ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (رقم: 1586).
    وعن القاسم بن محمد، قال: «ما نعلم كل ما نسأل عنه ولأن يعيش الرجل جاهلا بعد أن يعرف حق الله تعالى عليه خير له من أن يقول ما لا يعلم). أخرجه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (2/ 184).
    وعن أيوب، قال: سمعت القاسم، سئل قال: «إنا والله ما نعلم كل ما تسألون عنه، ولو علمنا ما كتمناكم، ولا حل لنا أن نكتمكم». أخرجه الدارمي في ((المسند)) (رقم: 113) وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (2/ 184).
    وعن عبد الله بن يزيد بن هرمز قال: (ينبغي للعالم أن يورث جلساءه من بعده: لا أدري، حتى يكون أصلا منه في أيديهم، حتى إذا سئل أحدهم عما لا يعلم، قال: لا أدري). أخرجه أبو زرعة الدمشقي في ((التاريخ)) (ص: 422) والفسوي في ((التاريخ والمعرفة)) (1/ 655) والخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (2/ 367) والبيهقي في «المدخل» (رقم: 809) وابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (رقم: 1564).
    وقال العلامة القاضي عياض رحمه الله في «ترتيب المدارك وتقريب المسالك» (1/ 183-185): «قال ابن أبي أويس: سئل مالك مرة عن نيف وعشرين مسألة، فما أجاب منها إلا في واحدة. وربما سئل عن مائة مسألة، فيجيب منها في خمس أو عشر، ويقول في الباقي: لا أدري.
    قال أبو مصعب:
    قال لنا المغيرة: تعالوا نجتمع ونستذكر كل ما بقي علينا مما نريد أن نسأل عنه مالكاً، فمكثنا نجمع ذلك، وكتبناه في قنواق، ووجه به المغيرة إليه، وسأله الجواب، فأجابه في بعض، وكتب في الكثير منه: لا أدي.
    فقال المغيرة: يا قوم! لا والله، ما رفع الله هذا الرجل إلا بالتقوى، من كان منكم يسأل عن هذا فيرضى أن يقول: لا أدري.
    قال ابن وهب: سألت مالكاً في ثلاثين ألف مسألة، نوازل في عمره، فقال في ثلثها، أو في شطرها، أو ما شاء الله منها: لا أحسن ولا أدري.
    وقال: لو ملأ رجل صحيفة من قول مالك: لا أدري لفعل قبل أن يجيب في مسألة.
    قال مصعب: وجهني أبي بمسألة، ومعي صاحبها، إلى مالك، يقصها عليه فقال: ما أحسن فيها جواباً، سلوا أهل العلم.
    قال ابن أبي حسان: سئل مالك عن اثنين وعشرين مسألة بحضرتي فما أجاب إلا في اثنتين، بعد أن أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
    وكان الرجل يسأله عن المسألة فيقول: العلم أوسع من هذا.
    وقال بعضهم له: إذا قلت أنت يا أبا عبد الله: لا أدري، فمن يدري؟ قال: ويحك! ما عرفتني! وما أنا؟ وأي شيء منزلتي حتى أدي ما لا تدرون؟ ثم أخذ يحتج بحديث ابن عمر، وقال: هذا ابن عمر يقول: لا أدري، فمن أنا؟ وإنما أهلك الناس العجب وطلب الرئاسة، وهذا يضمحل عن قليل.
    وقال مرة أخرى: قد ابتلى عمر بن الخطاب بهذه الأشياء فلم يجب فيها. وقال ابن الزبير: لا أدري، وابن عمر: لا أدري.
    وقال مصعب: سئل مالك عن مسألة فقال: لا أدري، فقال له السائل: إنها مسألة خفيفة سهلة، وإنما أردت أن اعلم بها الأمير، وكان السائل ذا قدر، فغضب مالك وقال: مسألة خفيفة سهلة؟! ليس في العلم شيء خفيف؛ أما سمعت قول الله تعالى: {إنا سنلقي عليل قولاً ثقيلاً}؟ فالعلم كله ثقيل، وبخاصة ما يسأل عنه يوم القيامة.
    قال بعضهم: ما سمعت قط أكثر قولاً من مالك لا حول ولا قوة إلا بالله، ولو نشاء أن ننصرف بألواحنا مملوءة بقوله: لا أدري، {إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين} الآية لفعلنا.
    وقال له ابن القاسم: ليس بعد أهل المدينة أعلم بالبيوع من أهل مصر، فقال مالك: ومن أين علموها؟ قال: منك، قال مالك: ما أعلمها أنا، فكيف يعلمونها؟» اهـ.
    وعن محمد بن عبد الحكم قال: سألت الشافعي عن المُتْعَةِ: أكان يكون فيها طلاق أو ميراث أو نفقة تجب أو شهادة؟ قال: لا والله ما ندري. أخرجه البيهقي في «مناقب الشافعي» (2/ 152).
    وعن الشعبي قال: (لا أدري نصف العلم). أخرجه الدارمي في «المسند» (رقم: 505) والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (رقم: 810) والهروي في «ذم الكلام وأهله» (رقم: 505 و 516 و 795) والخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (2/368).
    وسئل الشعبي عن شيء، فقال: (لا أدري). فقيل: ألا تستحي من قولك لا أدري، وأنت فقيه أهل العراق؛ فقال: (لكن الملائكة لم تستح حين قالت: {لا علم لنا إلا ما علمتنا). أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 370 ) (رقم: 1123) وابن الجوزي في «تعظيم الفتيا» (ص: 86) (رقم: 26) وذكره ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (رقم: 1558).
    وعن الصلت بن بهرام قال: (ما رأيت رجلا بلغ مبلغ الشعبي أكثر يقول لا أدري منه). أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (25/ 365).
    قد كان لا أدري لهم في دينهم *** تلبية بل كانت عمود نصابه

    والقول على الله بغير علم من أكبر الكبائر، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُوْلُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُوْنَ}[الأَعْرَاف:33].
    وقال الله عز وجل: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُوْلًا}[الإِسْرَاء: 36].
    قال العلامة ابن باز رحمه الله كما في «مجموع فتاوى» (27/ 437): «ومن أعظم الجرائم الفتوى بغير علم، فكم ضل بها من ضل، وهلك بها من هلك، ولا سيما إذا كانت الفتوى معلنة على رءوس الأشهاد وممن قد يغتر به بعض الناس فإن الخطر بذلك عظيم والعواقب وخيمة وعلى المفتي بغير علم مثل آثام من تبعه» اهـ.
    إذا ما قتلت الشيء علمًا فقل به *** ولا تقل الشيء الذي أنت جاهله
    فمن كان يهوى أن يرى متصدرًا *** ويكره لا أدري أصيبت مقاتله

    تنبيه:
    قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام)) (13/ 218): ((الإنسان إذا كان لا يعلم يقول: الله ورسوله أعلم؛ وهو أحسن من قوله لا أعلم، وإن كان لا بأس بها، وهي -كما قيل- نصف العلم، لكن إذا قال: الله ورسوله أعلم، كان هذا ألطف في الجواب، وفيه إسناد العلم إلى عالمه وهو الله -عز وجل- ورسوله صلى الله عليه وسلم)) اهـ.
    تنبيه آخر:
    بعدما وضعت هذا العنوان: (جُنة طالب العلم) وأخذت أبحث في هذا الموضوع وجدت هذا العنوان ذكرها صاحب كتاب ((حلية طالب العلم)) (ص: 184) وقال: ((جنة العالم (لا أدرى) ، ويهتك حجابه الاستنكاف منها وقوله: يقال ….
    وعليه، فإن نصف العلم (لا أدرى) ، فنصف الجهل (يقال) و (أظن)) اهـ.

    إِذا لَم تَكُن عالِماً بِالسُؤالِ *** فَتَركُ الجَوابِ لَهُ أَسلَمُ
    فَإِن أَنتَ شَكَّكتَ فيما سُئِلـ *** ـتَ فَخيرُ جَوابِكَ لا أَعلَمُ

    فهذه تذكرة لنفسي ولإخواني طلاب العلم خاصة الجدد وممن لم ترسخ قدمه أن لا نخطئ قول لا أدري فيما لا ندري، وأن لا نكلف أنفسنا فوق طاقتها، ولنعلم أننا بين يدي الله واقفون وعن أعمالنا وأقوالنا محاسبون، ولنضع بين أعيننا قول الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: 18].
    هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    طرابلس الغرب: يوم الأربعاء 18 صفر سنة 1444 هـ
    الموافق 14 سبتمبر 2022 ف
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-10-25, 07:08 PM.

  • #2
    جزاك الله خيرا

    تعليق


    • #3
      آمين وإياك أخي الكريم بلال.

      تعليق

      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
      يعمل...
      X