إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جهد المقل في الذب عن الصحابة رضي الله عنهم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جهد المقل في الذب عن الصحابة رضي الله عنهم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    جهد المقلّ
    في الذّبّ عن الصّحابة

    رضي الله عنهم


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أمّا بعد:
    فقد فجعنا قبل أيام بعض الأشياء التي تتطاول وتتكلّم فيما لا ينبغي لها وتطعن في أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ.
    والذي يطعن في الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم شيء[1] ساقط وحقير لا يذكر ولا يشهر ولكن هناك نقاط لا بد من توضيحها نصحا لله ولرسوله صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ ولعموم المسلمين.
    ـــــــــــــــــــــــــ
    الرّدّ على قول (ذلك الشيء):
    "إنهم استغلوا الدين ووظفوه لطلب السلطة"!
    ـــــــــــــــــــــــــ


    الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم أحسن الناس إسلاما وأصدقهم تدينا، قال الله تعالى: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلمُهَٰجِرِينَ وَٱلأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنهُمۡ وَرَضُواْ عَنهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجرِي تَحتَهَا ٱلأَنهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلفَوۡزُ ٱلعَظِيمُ﴾.
    وقال تعالى: ﴿لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيهِمۡ وَأَثَٰبَهُمۡ فَتحا قَرِيبا﴾.
    عبدالله بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عنْه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ مِن بَعْدِهِمْ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهادَتُهُمْ أيْمانَهُمْ، وأَيْمانُهُمْ شَهادَتَهُمْ»[2].
    وقال ابنُ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: "إن اللهَ نظر في قلوبِ العبادِ، فوجد قلبَ محمدٍ خيرَ قلوبِ العبادِ، فاصطفاه لنفسِه، وابتعثه برسالتِه، ثم نظر في قلوبِ العبادِ بعد قلبِ محمدٍ، فوجد قلوبَ أصحابِه خيرَ قلوبِ العبادِ، فجعلهم وزراءَ نبيِّه، يقاتلون على دينِه، فما رآه المسلمون حسنًا فهو عند اللهِ حسنٌ وما رأوه سيئًا فهو عند اللهِ سيئٌ"[3].
    وقال أيضا: "مَن كان مُستَنًّا فلْيَستَنَّ بمَن قد مات، أولئكَ أصحابُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كانوا خيرَ هذه الأُمَّةِ، أبَرَّها قُلوبًا، وأعمَقَها علمًا، وأقَلَّها تكَلُّفًا، قومٌ اختارهم اللهُ لصُحبةِ نبِيِّه، ونَقْلِ دِينِه، فتشَبَّهوا بأخلاقِهم وطَرائقِهم، فهم كانوا على الهَدْيِ المستقيمِ"[4].

    * * *

    زهد الصّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم في دنيا وخوفهم من النّفاق، عن عوف بن مالك الأشجعي رَضِيَ اللَّهُ عنْه قال: كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ، تِسْعَةً، أوْ ثَمانِيَةً، أوْ سَبْعَةً، فقالَ: «ألا تُبايِعُونَ رَسولَ اللهِ؟»... قالَ: فَبَسَطْنا أيْدِيَنا وقُلْنا: قدْ بايَعْناكَ يا رَسولَ اللهِ، فَعَلامَ نُبايِعُكَ؟ قالَ: «... ولا تَسْأَلُوا النَّاسَ شيئًا»، فَلقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أحَدِهِمْ، فَما يَسْأَلُ أحَدًا يُناوِلُهُ إيَّاهُ[5].
    وعن ثوبان رَضِيَ اللَّهُ عنْه أن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال: «مَن تَكفَّلَ لي أن لا يَسألَ النَّاسَ شيئًا أَتَكفَّلُ لهُ بالجنَّةِ». فَقُلتُ : أَنا. فكانَ لا يَسألُ أَحدًا شَيئًا[6].
    وعن عبدالله بن أبي مليكة رحمه الله قال: أدركت ثلاثينَ من أصحابِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ، كلُّهُمْ يخافُ النفاقَ على نفسهِ[7].
    وخيرهم أبو بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عنْه وخاف على نفسه النفاق، فعن حنظلة بن حذيم الحنفي قال: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقالَ: كيفَ أَنْتَ؟ يا حَنْظَلَةُ قالَ: قُلتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، ... قالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ إنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هذا....الحديث[8].
    وخافه عمر الفاروق رَضِيَ اللَّهُ عنْه على نفسه كذلك فعن حذيفة بن اليمان رَضِيَ اللَّهُ عنْهما قال دُعِيَ عُمرُ لجنازةٍ فخرج فيها أو يريدها فتعلَّقْتُ به فقلتُ: اجلسْ يا أميرَ المؤمنينَ فإنَّهُ أولئِكَ، فقال: نشدتُكَ باللهِ: أنا منهم؟ فقال: لا ولا أبرِّئُ أحدًا بعدَكَ[9].
    هذا مثال والأحاديث كثيرة والمواقف عظيمة.
    فمن كان هذا شأنهم من خوف النّفاق وعدم سؤال الناس لا يكونون طالبين للدنيا بدينهم؟! قاتل الله أهل الهوى.
    * * *

    الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم لم يكونوا طلاب دنيا ولم يستغلوا دينهم، وفي هذه الكلمة العوراء من السّوء:
    - الكذب المحض، فلا يعرف عنهم رضي الله عنهم وأرضاهم هذا، أمّا من كان يتلقى عن الشّيعة وعن موضوع الرّوايات فلا عجب أن ينسب إليهم ذلك والله المستعان.
    - وفيه طعن في عدالتهم وقد اتفق أهل السنة على عدالة الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم كلهم.
    - وطعن فيمن زكاهم الله في كتابة ورضي عنهم واختارهم لصحبة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ وحمل رسالته.
    - وطعن في الذين صحبوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ وجاهدوا معه وصلوا خلفه ومات وهو عليهم راض.
    - وطعن فيمن اتّفقت الأمّة المسلمة على فضلهم وذكرهم بالجميل وكتم ما صدر عنهم ممّا كانوا مجتهدين فيه.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
    الرّدّ على اتّهام (ذلك الشّيء) للصّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم بالعنصريّة لقولهم نحن الأمراء وأنتم الوزراء
    واتّهامهم بمخالفة جوهر الإسلام!
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ


    إجماع الصّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم حجّة قطعيّة مثل القرآن والسّنّة، قال القاضي أبو يعلى رحمه الله: "الإجماع حجة مقطوع عليها، يجب المصير إليها، وتحرم مخالفته، ولا يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ"[10]، والدليل قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً﴾، فالله تعالى توعد على مخالفة سبيل المؤمنين بجهنم، فدل على أنّ اتّباع سبيلهم واجب الاتّباع، يحرم مخالفته. وأوّل من استدلّ بهذه الآية الإمام الشافعي رحمه الله[11].
    ومن الأدلّة أيضا حديث عبدالله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عنْهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال: «إِنَّ اللهَ تعالى لا يجمَعُ أمتي على ضلالَةٍ، و يدُ اللهِ على الجماعَةِ»[12].
    و حديث جابر بن عبدالله رَضِيَ اللَّهُ عنْهما أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال: «لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي يُقاتِلُونَ علَى الحَقِّ ظاهِرِينَ إلى يَومِ القِيامَةِ»[13].
    وإجماع الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم هو الإجماع الوحيد المتفق عليه بين مثبتي الإجماع، وهو إجماع أعلم النّاس وأفقههم، وما علم من إجماعهم هو حقّ يجب المصير إليه.
    - إذا اجتمع الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم على شيء فهو الحجة القاطعة على كون ذلك من الحقّ: فإنّ اتّفق الصّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم على قتال مانعي الزّكاة فذلك دين يتعبّد لله به، وشريعة باقية في النّاس ما بقي اللّيل والنّهار، وإن رغمت أنوف.
    - وإن اتّفق الصّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم على خلافة أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عنْه فذلك الحق الواضح الذي لا شبهة فيه.
    - وإن قال المهاجرون للأنصار رَضِيَ اللَّهُ عنْهم جميعا نحن الأمراء وأنتم الوزراء فهي عقيدة نعتقدها ونرجوا نفعها يوم القيامة.
    وهم لا يجمعون على غير الحقّ لما مر من الأدلّة على أنّ أمّة النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ لا تتّفق على الباطل.

    المفاضلة بين النّاس سنّة كونية ومشيئة إلهية لا تخالف جوهر الإسلام؛ الله هو من فاضل بين عباده فاضل بينهم من جهة أنسابهم وهو أعلم بهم فهو الذي خلقهم، وهذا حكمه ﴿لَا يُسألُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُمۡ يُسألُونَ﴾، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ ٱصطَفَىٰٓ ءَادَمَ وَنُوحََا وَءَالَ إِبرَٰهِيمَ وَءَالَ عِمرَٰنَ عَلَى ٱلعَـٰلَمِينَ﴾، ففضل آل إبراهيم وآل عمران على غيرهم.
    وقال تعالى: ﴿وَلَقَدِ ٱختَرۡنَـٰهُمۡ عَلَىٰ عِلمٍ عَلَى ٱلعَـٰلَمِينَ﴾، ففضل بني إسرائيل في زمن موسى على غيرهم.
    وعن واثلة بن الأسقع اللّيثيّ أبو فسيلة رَضِيَ اللَّهُ عنْه أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال: «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنانَةَ مِن ولَدِ إسْماعِيلَ، واصْطَفَى قُرَيْشًا مِن كِنانَةَ، واصْطَفَى مِن قُرَيْشٍ بَنِي هاشِمٍ، واصْطَفانِي مِن بَنِي هاشِمٍ».14
    فأخبر النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ عن تفضيل الله لكنانة ثمّ تفضيل قريش ثمّ تفضيل بني هاشم ثمّ تفضيل نبيّ الرّحمة صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ.
    ولقد دلّ كتاب الله على تفاضل الصّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم، فالله عز وجل فضل الذين أنفقوا وقاتلوا من قبل الفتح وهو صلح الحديبية، على غيرهم.
    قال سبحانه:﴿لَا يَستَوِى مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبلِ ٱلفَتحِ وَقَـٰتَلَ‌ۚ أُوْلَـٰٓئكَ أَعظَمُ دَرَجَةََ مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعدُ وَقَـٰتَلُواْ‌ۚ وَكُلاََّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلحُسنَىٰ‌ۚ﴾.
    وقد فضّل الله السّابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار رَضِيَ اللَّهُ عنْهم على من بعدهم، فقال تعالى: ﴿وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلمُهَـٰجِرِينَ وَٱلأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحسَـٰنِِ رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنهُمۡ وَرَضُواْ عَنه﴾.
    قال القرطبي رحمه الله: "نَصُّ الْقُرْآنِ عَلَى تَفْضِيلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَهُمُ الَّذِينَ صَلَّوْا إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ، فِي قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَطَائِفَةٍ. وَفِي قَوْلِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ هُمُ الَّذِينَ شَهِدُوا بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَهِيَ بَيْعَةُ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقَالَهُ الشَّعْبِيُّ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: هُمْ أَهْلُ بَدْرٍ"[15].
    وجعل المفاضلة الحاصلة من العنصرية اتهام لله ولرسوله صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ بها، نبرأ إلى الله من ذلك.

    المهاجرون أمراء والأنصار وزراء رَضِيَ اللَّهُ عنْهم جميعا؛ هذه الكلمة قالها أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عنْه ففي حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عنْها الطّويل عند البخاري: "ثُمَّ تَكَلَّمَ أبو بَكْرٍ، فَتَكَلَّمَ أبْلَغَ النَّاسِ، فَقَالَ في كَلَامِهِ: نَحْنُ الأُمَرَاءُ وأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ، فَقَالَ حُبَابُ بنُ المُنْذِرِ: لا واللَّهِ لا نَفْعَلُ، مِنَّا أمِيرٌ، ومِنكُم أمِيرٌ، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: لَا، ولَكِنَّا الأُمَرَاءُ، وأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ، هُمْ أوْسَطُ العَرَبِ دَارًا، وأَعْرَبُهُمْ أحْسَابًا، فَبَايِعُوا عُمَرَ، أوْ أبَا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أنْتَ؛ فأنْتَ سَيِّدُنَا، وخَيْرُنَا، وأَحَبُّنَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخَذَ عُمَرُ بيَدِهِ فَبَايَعَهُ، وبَايَعَهُ النَّاسُ"[16].
    وأهل السّنّة يقدِّمون المهاجرينَ علَى الأنصارِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهم جميعا، لأنَّه اجتمع في المهاجرين وصف الهجرةُ، ووصف النّصرةُ، فقال تعالى: ﴿لِلفُقَرَآءِ ٱلمُهَـٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمۡ وَأَموَٰلِهِمۡ يَبتَغُونَ فَضلاََ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضوَٰنََا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤ‌ۚ أُوْلَـٰٓئكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ﴾.
    كما أن العشرةَ المبشرينَ بالجنّةِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهم كلُّهم مِنَ المُهاجرينَ.
    وقبلهم نبينا صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ فهو من المهاجرين، فعن عبد الله بن زيد رَضِيَ اللَّهُ عنْه أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال:«لولا الهجرةُ لكنتُ امرءًا من الأنصارِ»[17].
    وهذا ما دل عليه كتاب الله، فقد قدم الله ذكرهم على ذكر الأنصار في كتابه، قال تعالى:
    فقال تعالى: ﴿وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلمُهَـٰجِرِينَ وَٱلأَنصَارِ﴾.
    فقال تعالى: ﴿لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِىِّ وَٱلمُهَـٰجِرِينَ وَٱلأَنصَارِ﴾.
    فقال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَـٰهَدُواْ بِأَموَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَـٰٓئكَ بَعضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعضِِ‌ۚ﴾.
    فقال تعالى: ﴿لِلفُقَرَآءِ ٱلمُهَـٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمۡ وَأَموَٰلِهِمۡ يَبتَغُونَ فَضلاََ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضوَٰنََا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤ‌ۚ أُوْلَـٰٓئكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَـٰنَ مِن قَبلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيهِمۡ﴾.
    وقد ذكر الله المهاجرين في آيات كثيرة وحدهم، وهذا يدلّ على تفضيلهم، ولا يدلّ على نقصان فضل الأنصار ففضلهم عظيم؛ كما دلّت عليه الأحاديث الصّحيحة.
    فعن البراء بن عازب رضي الله عنه أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال: «الأنْصارُ لا يُحِبُّهُمْ إلَّا مُؤْمِنٌ، ولا يُبْغِضُهُمْ إلَّا مُنافِقٌ، فمَن أحَبَّهُمْ أحَبَّهُ اللَّهُ، ومَن أبْغَضَهُمْ أبْغَضَهُ اللَّهُ»[18].

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الرّدّ على اتّهام (ذلك الشّيء) للنّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ بالعنصريّة
    فقد صرّح أن جعل الخلافة في قريش من العنصرية
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الله جل وعلا هو من جعل الخلافة في قريش؛ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «فإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ هذا الأمْرَ في قُرَيْشٍ، لا يُعَادِيهِمْ أحَدٌ إلَّا كَبَّهُ اللَّهُ في النَّارِ علَى وجْهِهِ، ما أقَامُوا الدِّينَ»[19].
    وعن عبدالله بن عمر، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: «لا يَزالُ هذا الأمْرُ في قُرَيْشٍ ما بَقِيَ منهمُ اثْنانِ»[20].
    وعن أبي بكر الصديق وسعد بن عبادة الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عنْهما أنّ النّبي صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال: «قريشٌ وُلاةُ هذا الأمرِ، فبَرُّ الناسِ تَبعٌ لِبَرِّهمْ، وفاجِرُهمْ تبَعٌ لفاجِرِهمْ»[21].
    وعن جابر بن سمرة رَضِيَ اللَّهُ عنْه أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال: «إنَّ هذا الأمْرَ لا يَنْقَضِي حتَّى يَمْضِيَ فِيهِمِ اثْنا عَشَرَ خَلِيفَةً»، قالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ بكَلامٍ خَفِيَ عَلَيَّ، قالَ: فَقُلتُ لأَبِي: ما قالَ؟ قالَ: «كُلُّهُمْ مِن قُرَيْشٍ»[22].
    عَن أبي سعيدٍ الخدريِّ رَضِيَ اللَّهُ عنْه عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قالَ: «هل في البيتِ إلَّا قرشيٌّ؟» فقالوا: لا، إلَّا ابنُ أختٍ لنا. قال: «ابنُ أختِ القومِ منهُم»، ثمَّ قال صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: «إنَّ هذا الأمرَ في قُرَيشٍ ما إذا استُرْحِموا رحِموا، وإذا حَكَموا عَدَلوا، وإذا قَسَموا أَقسَطوا، ومن لَم يفعَلْ ذلكَ منهم؛ فعليهِ لعنةُ اللهِ والملائكةِ والنَّاسِ أجمعينَ»[23].
    هذا كلام نبينا صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ وهو وحي من ربّنا: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلهَوَىٰٓ إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحىُُ يُوحَىٰ﴾.
    فهل يظنّ ذلك الشّيء أنّ الله موصوف بغير الكمال تعالى الله عن ذلك، أو يظنّ أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ موصوف بقبيح قوله، حاشا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ من ظنّه القبيح.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــ
    الرّدّ على قول (ذلك الشّيء):
    "إن مانعي الزّكاة منعوها لأنهّم كانوا مناصرين لعليّ"!
    ـــــــــــــــــــــــــــــــ

    وهذا يدلّ على جهله المطبق بالتاريخ واعتماده على المصادر الشّيعيّة! فإنّ الشّيعة هم وحدهم من يقولون: "إنّ حروب الرّدّة كانت حروبًا ضدّ المسلمين المخلصين الذين امتنعوا من قبول الخلفاء الغاصبين"! وهذا إفك مفترى؛ لم يقل به أهل السّنّة أهل الصّدق والأمانة، ولكن قال به أهل الرّفض أهل الكذب والخيانة، أكذب خلق الله.
    قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ، وَالرِّوَايَةِ، وَالْإِسْنَادِ عَلَى أَنَّ الرَّافِضَةَ أَكْذَبُ الطَّوَائِفِ، وَالْكَذِبُ فِيهِمْ قَدِيمٌ، وَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ يَعْلَمُونَ امْتِيَازَهُمْ بِكَثْرَةِ الْكَذِبِ... وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: لَمْ أَرَ أَحَدًا أَشْهَدَ بِالزُّورِ مِنَ الرَّافِضَةِ، وَقَالَ مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ: يَكْتُبُ عَنْ كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً إِلَّا الرَّافِضَةَ، فَإِنَّهُمْ يَكْذِبُونَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ: سَمِعْتُ شَرِيكًا يَقُولُ: أَحْمِلُ الْعِلْمَ عَنْ كُلِّ مَنْ لَقِيتُ إِلَّا الرَّافِضَةَ، فَإِنَّهُمْ يَضَعُونَ الْحَدِيثَ، وَيَتَّخِذُونَهُ دِينًا"[24].
    قال شيخ الإسلام رحمه الله: "فَقَوْلُ الْقَائِلِ: "سَمَّوْا بَنِي حَنِيفَةَ أَهْلَ الرِّدَّةِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الزَّكَاةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوا إِمَامَتَهُ"، مِنْ أَظْهَرِ الْكَذِبِ وَالْفِرْيَةِ"[25].
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
    الرّدّ على اتّهام (ذلك الشّيء) لأبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عنْه بعدم براءة نيّته من طلب السّلطة واستغلال الدّين لذلك وقتل المسلمين
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ


    أبو بكر الصّديق رَضِيَ اللَّهُ عنْه خير هذه الأمّة بعد نبيّها صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كُنَّا نُخَيِّرُ بيْنَ النَّاسِ في زَمَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ؛ فَنُخَيِّرُ أبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمْ"[26].
    وفي لفظ قال: "كُنَّا في زَمَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ لا نَعْدِلُ بأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه أحَدًا"[27].
    وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ بَعَثَهُ علَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فأتَيْتُهُ فَقُلتُ: أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ»، فَقُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: «أبُوهَا»[27].
    وعن أنس رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا، وأَبُو بَكْرٍ، وعُمَرُ، وعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بهِمْ، فَقَالَ: «اثْبُتْ أُحُدُ؛ فإنَّما عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهِيدَانِ»[29].
    وعن عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عنْه أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي، وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا»[30]. وفي لفظ البخاري: «إنَّ مِن أمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ في صُحْبَتِهِ ومَالِهِ أبَا بَكْرٍ»[31].
    عن أبو الدرداء قال: "... فَقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: «إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إلَيْكُمْ فَقُلتُمْ: كَذَبْتَ، وقَالَ أبو بَكْرٍ: صَدَقَ، ووَاسَانِي بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَهلْ أنتُمْ تَارِكُوا لي صَاحِبِي؟» مَرَّتَيْنِ، فَما أُوذِيَ بَعْدَهَا"[32].
    وعن جابر بن عبدالله رَضِيَ اللَّهُ عنْه كانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه يقولُ: "أبو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وأَعْتَقَ سَيِّدَنَا. يَعْنِي بلَالًا"[33].
    عن محمّد بن الحنفية قال: قلت لأبي: أيّ الناس خيرٌ بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ؟ قال: أبو بكر، قلت: ثمّ من؟ قال: عمر، وخشيت أن يقول عثمان فقلت: ثمّ أنت؟ قال: ما أنا إلاّ رجلٌ من المسلمين.
    وممّا نزل فيه من القرآن قوله تبارك وتعالى: ﴿ثَانِىَ ٱثنَينِ إِذهُمَا فِى ٱلغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَـٰحِبِهِۦ لَا تَحزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا‌ۖ﴾، وقوله: ﴿وَٱلَّذِى جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦۤ‌ۙ أُوْلَـٰٓئكَ هُمُ ٱلمُتَّقُونَ﴾، وقوله: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتقَى ٱلَّذِى يُؤۡتِى مَالَهُۥ يَتَزَكَّىٰ وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُۥ مِن نِّعمَةِِ تُجزَىٰٓ إِلَّا ٱبتِغَآءَ وَجهِ رَبِّهِ ٱلأَعلَىٰ وَلَسَوۡفَ يَرۡضَىٰ﴾.
    وفضائل الصّديق كثيرة جدّا تستغرق المجلدات ولكن اقتصرت على هذا لبيان شيء منها، ولأنّ المقام لا يحتمل أكثر من ذلك، وهي موجودة معروفة مظانّها لمن أرادها.
    فإن كان خير رجل في هذه الأمّة وخير رجل بعد الأنبياء صَلَّى اللَّهُ عَليهِم وسلَّمَ في كلّ الأمم التي خلقها الله، إن كان ذا نيّة سيّئة، وغير بريء من إرادة السّوء، فأيّ خيريّة في هذه الأمّة إن كان هذا خيرها، نعوذ بالله من قولة السّوء.

    * * *

    أبو بكر الصّديق رضي الله عنه أرحم هذه الأمّة بها؛ عن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عنْه قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: «أَرْحَمُ هذه الأمةِ بها أبو بكرٍ».الحديث[34].
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مَنَعَ أَحَدًا حَقَّهُ، وَلَا ظَلَمَ أَحَدًا حَقَّهُ[35] لَا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ وَلَا بَعْدَ مَوْتِهِ".
    قالَ ابنُ الدَّغِنَةِ لأبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عنْه: "إنَّ مِثْلَكَ لا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ، فإنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ"[36].
    ومن رحمته، قالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه في أسارى بدر: "يا نَبِيَّ اللهِ، هُمْ بَنُو العَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ منهمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً علَى الكُفَّارِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلإِسْلَامِ"[37].
    وعن عبد الله بن عباس رَضِيَ اللَّهُ عنْهما أنَّ النّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال لأَبِي بكرٍ وعمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما: «ألا أخبرُكُما بمَثَلِكُما في الملائكةِ ومَثَلِكُما في الأنبياءِ، مَثلكَ يا أبا بكرٍ في الملائكةِ مَثَلُ ميكائيلَ ينزلُ بالرحمةِ ومَثَلكَ في الأنبياءِ مَثل إبراهيمَ إذْ كذَّبَهُ قومُه وصنعوا به ما صنَعُوا قال: ﴿فمَن تَبِعَنِي فإنه منِّي ومَن عصانِي فإنكَ غفورٌ رحيمٌ﴾»[38]. وقال: «إنَّ اللهَ ليُلينُ قلوبَ رجالٍ فيه، حتى تكونَ أليَنَ مِن اللَّبَنِ،... ومَثلُكَ يا أبا بَكرٍ كمَثلِ عيسى، قال: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ»[39].
    فكيف يكون أرحم هذه الأمّة بها وهو متعطّش للسّلطة بحسب قول (هذا الشّيء).

    * * *

    أبو بكر الصّديق رَضِيَ اللَّهُ عنْه لم يكن طالب سلطة وملك؛ بل كان زاهدا؛ قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وَهَؤُلَاءِ لَمْ يُقَاتِلُوهُمْ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُؤَدُّوهَا إِلَى الصِّدِّيقِ، فَإِنَّهُمْ لَوْ أَعْطَوْهَا بِأَنْفُسِهِمْ لِمُسْتَحِقِّيهَا. وَلَمْ يُؤَدُّوهَا إِلَيْهِ لَمْ يُقَاتِلْهُمْ. هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا. وَقَالُوا: إِذَا قَالُوا: نَحْنُ نُؤَدِّيهَا بِأَنْفُسِنَا وَلَا نَدْفَعُهَا إِلَى الْإِمَامِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ قِتَالُهُمْ. فَإِنَّ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُقَاتِلْ أَحَدًا عَلَى طَاعَتِهِ، وَلَا أَلْزَمَ أَحَدًا بِمُبَايَعَتِهِ. وَلِهَذَا لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَتِهِ سَعْدٌ لَمْ يُكْرِهْهُ عَلَى ذَلِكَ"[40].
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِحَالِهِمَا يَقُولُونَ: أَزْهَدُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ الزُّهْدَ الشَّرْعِيَّ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ لَهُ مَالٌ يَكْتَسِبُهُ فَأَنْفَقَهُ كُلَّهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَتَوَلَّى الْخِلَافَةَ، فَذَهَبَ إِلَى السُّوقِ يَبِيعُ وَيَتَكَسَّبُ، فَلَقِيَهُ عُمَرُ وَعَلَى يَدِهِ أَبْرَادٌ، فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟ فَقَالَ: أَظَنَنْتَ أَنِّي تَارِكٌ طَلَبَ الْمَعِيشَةِ لِعِيَالِي، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ أَبَا عُبَيْدَةَ وَالْمُهَاجِرِينَ، فَفَرَضُوا لَهُ شَيْئًا فَاسْتَحْلَفَ عُمَرَ وَأَبَا عُبَيْدَةَ، فَحَلَفَا لَهُ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَخْذُ دِرْهَمَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ، ثُمَّ تَرَكَ مَالَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَمَرَ عَائِشَةَ أَنْ تَرُدَّ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ مَا كَانَ قَدْ دَخَلَ فِي مَالِهِ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَوَجَدَتْ جَرْدَ قَطِيفَةٍ لَا يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَحَبَشِيَّةً تُرْضِعُ ابْنَهُ، أَوْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، وَبَعِيرًا نَاضِحًا، فَأَرْسَلَتْ بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَهُ: أَتَسْلُبُ هَذَا عِيَالَ أَبِي بَكْرٍ؟ فَقَالَ: كَلَّا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، لَا يَتَأَثَّمُ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فِي حَيَاتِهِ، وَأَتَحَمَّلُهُ أَنَا بَعْدَ مَوْتِهِ"[41].

    * * *

    وقوف أبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عنْه موقفا لم يقفه أخد غيره حفظ الله به الإسلام؛

    * ارتدت قبائل بأكملها.
    * منع من منع الزكاة من العرب.
    * اضطراب الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم بموت النبي صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ.
    * جيش أسامة رَضِيَ اللَّهُ عنْه الذي عقده النبي صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ.
    * الخطر محدق بالمدينة من اليهود والأعراب المرتدين وأهل النّفاق فيها.
    قضايا عظام تتبلبل فيها أهل الحلم حتى عمر الملهم، ولكن الله ثبت الصّديق وساسها بحزم وعلم، وثبت قاعدة الإسلام وأرجع الأمور إلى نصابها.
    فعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عنْها قالت :" قبض النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ فارتدّت العرب واشرأبّ النّفاق بالمدينة فلو نزل بالجبال الرّواسي ما نزل بأبي هاضها؛ فوالله ما اختلفوا في نقطة إلّا طار أبي بحظها وعنائها في الإسلام"[42].
    قال شيح الإسلام: "فَقِيَامُهُ بِقِتَالِ الْمُرْتَدِّينَ وَمَانِعِي الزَّكَاةِ، وَتَثْبِيتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ تَجْهِيزِ أُسَامَةَ، مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهُ أَعْظَمُ النَّاسِ طُمَأْنِينَةً وَيَقِينًا، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ قَدْ نَزَلَ بِكَ مَا لَوْ نَزَلَ بِالْجِبَالِ لَهَاضَهَا، وَبِالْبِحَارِ لَغَاضَهَا، وَمَا نَرَاكَ ضَعُفْتَ فَقَالَ: مَا دَخَلَ قَلْبِي رُعْبٌ بَعْدَ لَيْلَةِ الْغَارِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ لَمَّا رَأَى حُزْنِي - أَوْ كَمَا قَالَ - قَالَ: لَا عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَكَفَّلَ لِهَذَا الْأَمْرِ بِالتَّمَامِ"[43].
    وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: "أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَوْمَ الْمِحْنَةِ، وَأَبُو بَكْرٍ يَوْمَ الرِّدَّةِ، وَعُمَرُ يَوْمَ السَّقِيفَةِ، وَعُثْمَانُ يَوْمَ الدَّارِ، وَعَلِيٌّ يَوْمَ صِفِّينَ"[44].
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وَمِنْ أَعْظَمِ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ الْأُمَّةِ -أَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ- أَنَّهُ قَاتَلَ الْمُرْتَدِّينَ"[45].
    عن وكيع قال: "لولا أبو بكر الصديق ذهب الإسلام"[46].
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قوله تعالى:" ﴿فَسَوۡفَ يَأۡتِى ٱللَّهُ بِقَوۡمِِ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥۤ﴾، وهم الذين قاتلوا أهل الرّدّة وإمامهم أبو بكر"[47].

    * * *

    حبّ أبي بكر الصّديق رَضِيَ اللَّهُ عنْه سنة نعلّمها لأولادنا؛ وذلك لأنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ كما روى عبدالله بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عنْه عنه: «المَرْءُ مع مَن أحَبَّ»[48]. ونحن نحب أن نكون مع الصديق رَضِيَ اللَّهُ عنْه.
    وعَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: "حُبُّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَمَعْرِفَةُ فَضْلِهِمَا مِنَ السُّنَّةِ"[49].
    وقال عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرٍ اللُّؤْلُؤِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: حُبُّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ سُنَّةٌ؟ قَالَ: لَا، فَرِيضَةٌ[50].
    عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: "كَانَ السَّلَفُ يُعَلِّمُونَ أَوْلَادَهُمْ حُبَّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَمَا يُعَلِّمُونَ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ"[51].
    فواجب على كل مسلم أن يعرف ذويه مقام الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم ويعلمهم حبهم والترضي عليهم وأن يحذرهم من الأشياء التي تطعن في خير الناس وأمنِّهم على الأمة بعدهم.
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    الرّدّ على (ذلك الشّيء) الذي سمّى الزّكاة طقسا!
    ــــــــــــــــــــــــــــ

    نحن لا نسمي العبادة طقوسا؛ بل نسميها كما سماها الله شعائر، وعبادات ومناسك، وفرائض، قال الله تعالى: ﴿ٱلصَّفَا وَٱلمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ فَمَنۡ﴾، وقال: ﴿لَا تُحِلُّواْ شَعَٰائِرَ ٱللَّهِ﴾، وقال: ﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰائِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى ٱلقُلُوبِ﴾، وقال: ﴿وَٱلبُدۡنَ جَعَلنَٰاهَا لَكُم مِّن شَعَٰائِرِ ٱللَّهِ﴾.
    وسمّى الله الزّكاة فريضة فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلفُقَرَآءِ وَٱلمَسَـٰكِينِ وَٱلعَـٰمِلِينَ عَلَيهَا وَٱلمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِى ٱلرِّقَابِ وَٱلغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبنِ ٱلسَّبِيلِ‌ۖ فَرِيضَةََ مِّنَ ٱللَّهِ‌ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمُُ﴾.
    وجعلها دينا فقال: ﴿وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعبُدُواْ ٱللَّهَ مُخلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ‌ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ﴾.
    وجعلها تزكية وطهارة فقال: ﴿خُذۡ مِنۡ أَموَٰلِهِمۡ صَدَقَةََ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾.
    أمّا كلمة طقس فيستعملها أهل الصّليب، ففي المعجم الوسيط: "والطّقْسُ عند النّصارى: نظام الخدمة الدّينيّة أو شعائرها واحتفالاتها".
    والزّكاة شعيرة عظيمة وركن من أركان الإسلام يجب احترامها وتكريم ذكرها وتنزيه الشّريعة عن التّعابير الدّخيلة القبيحة الموهمة للمعاني الباطلة.
    واستعمال كلمة الطّقوس للشّعائر الدّينيّة يشعر بأنّها أوضاع بشرية، ويقلّل من إلزاميتها في نفس السّامع، ولم نسمع أحدا يقولها من أهل العلم إلّا في مقام الذّمّ للأوضاع البشريّة أو المماراسات الضّالّة والأحوال الشّيطانيّة.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الرّدّ على قول (ذلك الشيء) أنّ حروب الرّدّة كانت سياسيّة وتخطئة من قاموا بها
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    حروب الرّدّة ومانعي الزّكاة أعظم نصرة للإسلام بعد وفاة النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ؛ بل هي من أعظم مناقب هذا الصّحابيّ الجليل والرّجل العظيم الذي حفظ الله به الدّين ووقفته هذه أعظم من كلّ وقفة وعمله أجل من كلّ عمل عمل بعده.
    قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وكان من أعظم فضائل الصّديق رضي الله عنه عندهم: أن ثبّته الله عند قتالهم، ولم يتوقّف كما توقّف غيره، فناظرهم حتّى رجعوا إلى قوله[52].
    وقد مدحه أهل السّنّة لقيامه ذلك المقام، وبالغوا في الثّناء عليه أبلغ الثّناء لحفظه حوزة الدّين وبيضة المسلمين، إذ لولاه لضاع الدّين في بدايته، وتشتّت أمره في مهده، ولكان حاله كحال النّصرانيّة في أوّل أمرها.
    ولكن الله سلّم وألهم الخليفة الرّاشد حكما رشيدا قمع به الرّدّة، وكسر به قرن النّفاق، وردّ الأمور إلى نصابها وثبت ملك الإسلام ووطد ركائز الدّين، وأكمل طريق الفتوحات، فرحمه الله رحمة واسعة ورضي عليه رضوانا سابغا، وألحقنا به في جنّة عدن.
    أمّا الأشياء الحقيرة التي تذمّ النّاس بفضائلها، وتزدري عظيم جهاد العظماء، فلا حيلة لنا فيهم غير الدّعاء، لعلّ الله يهدي ضالّا أو يكف شرّه وأذاه.
    فيا لله العجب كيف يجعل أعظم موقف وقفه الصديق سوءة في حقة، إنا لله وإنا إليه راجعون.
    حروب الردة ومانعي الزكاة كانت حروبا دينية لا سياسية
    وذلك من جهات:
    - أنّ سببها كان تثبيت الدّين والدّفاع عن ركائزه الكبرى.
    - أنّها وقعت بأقوى إجماع وهو إجماع الصّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم كلّهم وهو ما يجعلها تشريعا في نفسها.
    - أنّ قتال مانعي الزّكاة دلّ عليه الكتاب والسّنّة.
    فقد قال الله تعالى: ﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡ‌ۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورُُ رَّحِيمُُ﴾. فجعل الله تَرْكِ قتالِهم وتخلِيةِ سَبيلِهم بثلاثةِ شُروطٍ؛ وهي: التّوبة بدخول الإسلامِ، وإقامُ الصَّلاةِ، وإيتاءُ الزَّكاةِ.
    وعن عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عنْهما أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال: «أُمِرْتُ أنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، ويُؤْتُوا الزَّكاةَ، فإذا فَعَلُوا، عَصَمُوا مِنِّي دِماءَهُمْ، وأَمْوالَهُمْ إلَّا بحَقِّها، وحِسابُهُمْ علَى اللَّهِ»[53].
    وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنْه قال: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ واسْتُخْلِفَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه بَعْدَهُ، وكَفَرَ مَن كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، قالَ عُمَرُ لأبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما: كيفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وقدْ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: «أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فمَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ ونَفْسَهُ، إلَّا بحَقِّهِ وحِسَابُهُ علَى اللَّهِ»، فَقالَ: واللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بيْنَ الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ، فإنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، واللَّهِ لو مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ علَى مَنْعِهِ، فَقالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: فَوَاللَّهِ ما هو إلَّا أنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قدْ شَرَحَ صَدْرَ أبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أنَّه الحَقُّ[54].
    وقد شهد الصّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم والتّابعون وعلماء الإسلام كلّهم إلى يوم النّاس هذا أن وقفة أبي بكر الصّديق رَضِيَ اللَّهُ عنْه في وجه المرتدّين ومانعي الزّكاة كانت وقفة لله، من أجل حفظ الإسلام ونصرته، ولم يشكّك في ذلك إلّا أعداء دين الإسلام من الرّافضة واليهود والنّصارى وممّن يخدمهم من المنافقين.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الرّدّ على قول (ذلك الشيء) أن أخذ الزّكاة كإنسياسة لا تديّنا
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    أخذ الزكاة شعيرة دينية وليست وظيفة سياسية؛ فالله هو من قال: ﴿خُذۡ مِنۡ أَموَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيهِمۡۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٞ لَّهُمۡۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. فأمر الله بالشّيء المحبوب إليه يجعله عبادة وقربة.
    عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عنْه إلى اليَمَنِ، فَقالَ: «ادْعُهُمْ إلى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ»[55].
    وعن بَهْزِ بنِ حَكيم، عن أبيه، عن جدِّه، معاوية بن حيدة القشيري رَضِيَ اللَّهُ عنْه أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال:«في كلِّ إبلٍ سائمةٍ مِن كلِّ أربعينَ ابنةُ لبونٍ، لا تفرَّقُ إبلٌ عن حِسابِها، مَن أعطاها مؤتَجرًا لَهُ أجرُها، ومن مَنعَها فإنَّا آخِذوها، وشَطرَ إبلِهِ عزمةً من عَزماتِ ربِّنا، لا يحلُّ لآلِ محمَّدٍ منها شيءٌ»[56].
    فقوله "عَزْمةً مِن عزَماتِ ربِّنا"، أي: حقًّا مِن حُقوقِه، وواجبًا مِن واجباتِه.
    وقول النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ هذا دلّ على أنّ أخذ الزّكاة عبادة؛ كما أنّ أدائها من معطيها عبادة أيضا.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الرّدّ على قول (ذلك الشّيء) أنّ أبا بكر الصّديق رَضِيَ اللَّهُ عنْه قتل المسلمين
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    أبو بكر الصّديق رضي الله عنه لم يقاتل المسلمين؛ والذين قاتلهم صنفان ليسوا صنفا واحدا:
    - أهل الرّدّة.
    - مانعو الزّكاة.
    وأمّا أهل الرّدّة فليسوا مسلمين بلا شكّ، وأمّا مانعو الزّكاة فإنّهم كفروا بامتناعهم عن أدائها، قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وَقَدْ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُمْ عَلَى قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانُوا يُصَلُّونَ الْخَمْسَ وَيَصُومُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُبْهَةٌ سَائِغَةٌ فَلِهَذَا كَانُوا مُرْتَدِّينَ وَهُمْ يُقَاتَلُونَ عَلَى مَنْعِهَا وَإِنْ أَقَرُّوا بِالْوُجُوبِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ بِقَوْلِهِ: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾ وَقَدْ سَقَطَتْ بِمَوْتِهِ"[57].
    وقيل: إنّهم مسلمون قاتلهم قتال البغاة؛ كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام رحمه الله[58].
    والصّحيح: الأوّل وأنّهم كفّار؛ لأنّهم إذ منعوها وقاتلوا عليها دلّ على جحودهم إيّاها، فأمّا إذا منعها ولم يقاتل عليها فإنّها تؤخذ منه ويؤدَّب ولا يكفر، ولكن إن منعها وقاتل عليها فإنّه يكفر؛ لأنّ هذا دليل على جحوده.
    وعلى فرض كونّهم مسلمين فإنّ قتال أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عنْه لهم قتال حقّ دلّت عليه النّصوص والإجماع؛ كما بيّنا، ولا يقال: إنّه قتل المسلمين؛ بل قاتل من يجب قتاله وهذا فرضه وقد قام به على أكمل وجه وأتمّ طريقة جازاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الرّدّ على (ذلك الشّيء) في جرأته على الصّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم واستخفافه بأمرهم
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الصّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم لا يذكرون إلّا بالجميل؛ عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنْه أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال:«لا تَسُبُّوا أصْحابِي، لا تَسُبُّوا أصْحابِي، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ لو أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما أدْرَكَ مُدَّ أحَدِهِمْ، ولا نَصِيفَهُ»[59].
    وعن عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عنْه أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال:«إذا ذُكِرَ أصحابي فأمسِكوا»[59].
    عن جابر بن سمرة رَضِيَ اللَّهُ عنْه قال: خطبنا عمر بن الخطاب بالجابية، فقال: إنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قام فينا مقامي فيكم، فقال: «احفَظوني في أصحابي»[61].
    وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عنْهما أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال: «من سَبَّ أَصحابي فعَليهِ لعنةُ الله والملائِكةِ والنَّاسِ أجمعينَ»[62].
    "ومن السّنّة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ كلّهم أجمعين، والكفّ عن الذي شجر بينهم، فمن سبّ أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ أو واحداً منهم، فهو مبتدع رافضيّ، حبّهم سنّة والدّعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة، وخير هذه الأمّة بعد نبيّها صَلّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ أبو بكر ثمّ عمر ثمّ عثمان ثمّ عليّ رضوان الله عليهم، خلفاء راشدون مهديون"[63].
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ويمسكون عما شجر من الصّحابة ويقولون: إنّ هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كاذب ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه. والصّحيح منه هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإمّا مجتهدون مخطئون. وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السّوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتّى إنّهم يغفر لهم من السّيّئات ما لا يغفر لمن بعدهم؛ لأنّ لهم من الحسنات التّي تمحو السّيّئات ممّا ليس لمن بعدهم... ثمّ القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة والنّصرة والعلم النّافع والعمل الصّالح.
    ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنّهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله"[64].

    اتّهام من يذكر الصّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم بسوء بالزّندقة؛ وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، إِذَا رَأَيْتَ رَجُلًا يَذْكُرُ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ بِسُوءٍ فَاتَّهِمْهُ عَلَى الْإِسْلَامِ.
    وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: "سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَنَقَّصَ مُعَاوِيَةَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ: أَيُقَالُ لَهُ رَافِضِيٌّ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَجْتَرِ عَلَيْهِمَا إِلَّا وَلَهُ خَبِيئَةُ سُوءٍ، مَا انْتَقَصَ أَحَدٌ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَلَهُ دَاخِلَةُ سُوءٍ"[65].
    وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: "بَيْنَا أَنَا عَلَى جَبَلٍ بِالشَّامِ إِذْ سَمِعْتُ هَاتِفًا يَقُولُ: مَنْ أَبْغَضَ الصِّدِّيقَ فَذَاكَ زِنْدِيقٌ، وَمَنْ أَبْغَضَ عُمَرَ فَإِلَى جَهَنَّمَ زُمَرَ، وَمَنْ أَبْغَضَ عُثْمَانَ فَذَاكَ خَصْمُهُ الرَّحْمَنُ، وَمَنْ أَبْغَضَ عَلِيَّ فَذَاكَ خَصْمُهُ النَّبِيُّ، وَمَنْ أَبْغَضَ مُعَاوِيَهْ، سَحَبَتْهُ الزَّبَانِيَهْ، إِلَى جَهَنَّمَ الْحَامِيَهْ، وَيُرْمَى بِهِ فِي الْهَاوِيَهْ"[66].
    وقال أبو زرعة الرّازي رحمه الله: "إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَنْتَقِصُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ فَاعْلَمْ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ عِنْدَنَا حَقٌّ، وَالْقُرْآنَ حَقٌّ، وَإِنَّمَا أَدَّى إِلَيْنَا هَذَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ أَنْ يُجَرِّحُوا شُهُودَنَا لِيُبْطِلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَالْجَرْحُ بِهِمْ أَوْلَى وَهُمْ زَنَادِقَةٌ"[67].
    قال الإمام البربهاري: "واعلم أنّه من تناول أحدا من أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم، فاعلم أنّه إنّما أراد محمّدا صلى الله عليه وسلم، وقد آذاه في قبره"[68].
    قال الإمام مالك رحمه الله: "إنّما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه؛ حتى يقال رجل سوء، ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين"[69].
    وقال الإمام أبو نعيم رحمه الله: "فَلَا يَتَّبِعُ هَفَوَاتِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَلَلَهُمْ وَيَحْفَظُ عَلَيْهِمْ مَا يَكُونُ مِنْهُمْ فِي حَالِ الْغَضَبِ وَالْمَوْجِدَةِ إِلَّا مَفْتُونُ الْقَلْبِ فِي دِينِهِ"[70].
    ــــــــــــــــــــــــــ
    نصيحة إلى (ذلك الشيء) وغيره من الأشياء
    ــــــــــــــــــــــــــ


    فلينظر ما يلفظ به، فإنه: ﴿مَّا يَلفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيهِ رَقِيبٌ عَتِيدُُ﴾.
    ولربمّا لم يلق لهذه الكلمة بالا، فعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنْه أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قال: «وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ»[71].
    فإن رآى غيرة أهل السّنّة على أعراض الصّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم فوالله لله أغير عليهم منّا.
    ولأن كان آذاه هجمة المدافعين عنهم، فإنه: ﴿وَلَعَذَابُ ٱلأَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبقَىٰٓ﴾، ﴿وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأۡسََا وَأَشَدُّ تَنكِيلاََ﴾.
    ولإن استغرب سرعة هبتهم في الذّود عن الكرام البررة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم، فإنه:﴿قُلِ ٱللَّهُ أَسرَعُ مَكرًا‌ۚ إِنَّ رُسُلَنَا يَكتُبُونَ مَا تَمكُرُونَ﴾.
    فليعلم أنّه بين يدي الله موقوف، وبعد ذلك مسؤول، فليعدّ للسّؤال جوابا.

    والحمد لله ربّ العالمين
    والصّلاة والسّلام على نبيّه الكريم
    وأصحابه الطّيّبين وأهل بيته الطّاهرين
    انتهى.



    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1كتبت "رجل" ثمّ محوتها لمّا تذكّرت كلمة الشّيخ تقي الدّين الهلالي رحمه الله أنّ الرّجال هم الصّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنْهم.
    2 صحيح البخاري 6429.
    3 شرح الطحاوية 469، وحسن الألباني هذا الأثر.
    4 شرح السنة للبغوي (214/1).
    5 صحيح مسلم 1043.
    6 صحيح الترغيب 813.
    7 فتح الباري لابن رجب (177/1).
    8 صحيح مسلم 2750.
    9 الصحيح المسند 304.
    10 العدة (1058/4).
    11 أحكام القرآن للإمام الشافعي 50.
    12 صحيح الجامع 1848.
    13 صحيح مسلم 1923.
    14 صحيح مسلم 2276.
    15 تفسير القرطبي (236/8).
    16 صحيح البخاري 3667.
    17 صحيح البخاري 7245.
    18صحيح البخاري 3783.
    19صحيح البخاري 7139.
    20صحيح البخاري 7140.
    21صحيح الجامع 4391.
    22صحيح مسلم 1821.
    23صحيح الترغيب 2258.
    24منهاج السنة النبوية (59/1).
    25منهاج السنة النبوية (495/4).
    26صحيح البخاري 3655.
    27صحيح البخاري 3697.
    28صحيح البخاري 3662.
    29صحيح البخاري 3675.
    30متفق عليه واللفظ لمسلم، صحيح مسلم 2383.
    31صحيح البخاري 3654.
    32صحيح البخاري 3661.
    33صحيح البخاري 3754.
    34صححه الشيخ ربيع بن هادي المدخلي بجمع طرقه في كتابه دراسة أقوال العلماء في حديث (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر... )
    35منهاج السنة النبوية (247/4).
    36صحيح البخاري 2297.
    37صحيح مسلم 1763.
    38ذخيرة الحفاظ (775/2) وفيه ضعف.
    39مسند الإمام أحمد (139/6).
    40منهاج السنة النبوية (495/4).
    41منهاج السنة النبوية (480/4).
    42رواه عبد الله بن أحمد في زوائده على الفضائل، الفضائل (98/1).
    43منهاج السنة النبوية (455/4).
    44البداية والنهاية (406/14).
    45منهاج السنة النبوية (324/8).
    46رواه عبد الله في زوائده على الفضائل، الفضائل(138/1).
    47مجموع الفتاوى (416/4).
    48صحيح البخاري 6168.
    49شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (1312/7).
    50المصدر السابق.
    51شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (1313/7).
    52الدرر السنية في الأجوبة النجدية (418/9).
    53صحيح مسلم 22.
    54صحيح البخاري 7284.
    55صحيح البخاري 1395.
    56صحيح النسائي 2448.
    57مجموع الفتاوى (519/28).
    58مجموع الفتاوى (513/28).
    59صحيح مسلم 2540.
    60السلسلة الصحيحة 34.
    61السلسلة الصحيحة 1116.
    62السلسلة الصحيحة 2340.
    63 طبقات الحنابلة (30/1).
    64العقيدة الواسطية.
    65البداية والنهاية (450/11).
    66البداية والنهاية (451/11).
    67الكفاية للخطيب البغدادي 49.
    68شرح السنة للبربهاري 120.
    69الصارم المسلول 580.
    70تثبيت الإمامة وترتيب الخلافة لأبي نعيم 343.
    71صحيح البخاري 6478.
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-08-26, 10:38 PM.

  • #2
    نفعتني نفعك الله يا اخي , مقال في المستوى زادك الله من فضله

    تعليق

    الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
    يعمل...
    X