بسم الله الرحمن الرحيم
رأي الشيخ عبد المحسن العبَّاد
في طريقة نصيحة الحُكَّام
رأي الشيخ عبد المحسن العبَّاد
في طريقة نصيحة الحُكَّام
ــ . ــ
قال الشيخ العلَّامة عبد المحسن العبَّاد البدر -حفظه اللهُ- في كتابه «الردُّ على الرِّفاعي والبُوطي» (ص: 21 ـ 23):
[بيانُ الطَّرِيقَةِ النَّافِعَةِ لِنُصْحِ الحُكَّامِ]
«إِنَّ النُّصْحَ لِلْوُلاَةِ -وَغَيْرِهِمْ- يَكُونُ نَافِعًا؛ إِذَا كَانَ سِرًّا وَبِالرِّفْقِ وَاللِّينِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لِلنَّبِيَّيْنِ الكَرِيمَيْنِ مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمِ: ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ»، رواه مسلم.
[الاستدلال بالأثر]
وفي «الصَّحيحيْن» -واللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ- عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قِيلَ لِأُسَامَةَ -هُوَ ابْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: لَوْ أَتَيْتَ فُلاَنًا -هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَكَلَّمْتَهُ، قَالَ: إِنَّكُمْ لَتُرَوْنَ أَنِّي لاَ أُكَلِّمُهُ إِلاَّ أُسْمِعُكُمْ؟ إِنِّي أُكَلِّمُهُ فِي السِّرِّ، دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا، لاَ أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ».
قَالَ الحَافِظُ فِي شَرْحِهِ: «أَيْ: كَلَّمْتُهُ فِيمَا أَشَرْتُمْ إِلَيْهِ؛ لَكِنْ عَلَى سَبِيلِ الْمَصْلَحَةِ وَالْأَدَبِ، فِي السِّرِّ، بِغَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِي مَا يُثِيرُ فِتْنَةً أَوْ نَحْوَهَا».
[إِثْبَاتُ الشَّيْخِ عَبْدِ المُحْسِنِ العَبَّاد لحديث عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ]
وَثَبَتَ في «مُسْنَدِ الإمامِ أحْمَدَ»، و«السُّنَّةِ» لابن أبي عاصم، و«مستدرك الحاكم» عَنْ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ، فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً، وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ، فَيَخْلُوَ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ».
أَمَّا إِذَا خَلاَ النُّصْحُ مِنَ الرِّفْقِ وَلَمْ يَكُنْ سِرًّا؛ بَلْ كَانَ عَلاَنيَةً، فَإِنَّهُ يَضُرُّ، وَلاَ يَنْفَعُ.
[الاِسْتِدْلاَلُ بِالنَّظَرِ]
وَمِنَ المَعْلُومِ أَنَّ أَيَّ إِنْسَانٍ؛ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ نَقْصٌ؛ يُحِبُّ أَنْ يُنْصَحَ بِرِفْقٍ وَلِينٍ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سِرًّا.
فَعَلَيْهِ أَنْ يُعَامِلَ النَّاسَ، بِمِثْلِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُعَامِلُوهُ بِهِ، فَفِي «صحيح مسلمٍ» في حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ؛ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ، وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ».
[النُّصْحُ المشروع والمفيد]
وَالنُّصْحُ بِالطَّرِيقَةِ الأُولَى هُوَ المَشْرُوعُ، وَهُوَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ النَّفْعُ وَالفَائِدَةُ، وَلاَ أَحَدَ يَمْنَعُ هَذَا، بَلْ لاَ يُسْتَطَاعُ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الأُمُورِ الخَفِيَّةِ....
[الطريقة الممنوعة في النصح]
وَأَمَّا إِذَا كَانَ النُّصْحُ صَدَرَ مِنْ أَفْرَادٍ فِي نُفُوسِهِمْ شَيْءٌ عَلَى مَنْ زَعَمُوا نُصْحَهُ، فَكَتَبُوا نَصِيحَةً بِذَلِكَ، وَجَمَعُوا تَوْقِيعَاتٍ عَلَيْهَا، ثُمَّ وَصَلَتْ إِلَى إِذَاعَةِ لُنْدُن، وَإِلَى رُوَيْبِضَاتِ الزَّمَنِ فِي لُنْدُن، قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَى مَنْ أُرِيدَ نُصْحُهُ؛ فَهَذَا النُّصْحُ غَيْرُ سَائغٍ، وَلاَ لَوْمَ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِكَوْنِهِ غَيْرَ سَائِغٍ.
[طريقة العلماء وطلبة العلم السلفيين في النُّصْح]
والعُلَمَاءُ -الَّذِينَ زَعَمَ الكَاتِبُ نُصْحَهُمْ- وَكَذَا طَلَبَةُ العِلْمِ فِي بِلاَدِهِمْ يَنْصَحُونَ لِوَلاَةِ الأُمُورِ -فِي بِلاَدِهِمْ وَغَيْرِ بِلاَدِهِمْ-، بِالطَّرِيقَةِ الأُولَى المَشْرُوعَةِ، دُونَ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ». اهـ باختصار يسير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: ما بين معكوفين عناوين توضيحية ليست في الكتاب.
تعليق