إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

«ذِكْرُ شُــرُوط الصّدِيــق وحُقُوقِــه »

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • «ذِكْرُ شُــرُوط الصّدِيــق وحُقُوقِــه »

    بسم الله الرحمن الرحيم

    شُــرُوط الصّدِيــق وحُقُوقِــه


    الحمد لله على منّه وكرمه وعلى عظيم إحسانه وإعطائه، والصلاة على نبيّ الأمة المبعوث من رب العالمين؛ خير البشر أجمعين، وسيد المرسلين، وعلى آله وأتباعه أجمعين. أما بعد:
    فإن الأخوّة والصحبة أمرها عظيم وتحصيلها واجب وضرورة، وقاية من الوحدة والعزلة المنبوذة، فإن في الصحبة التقوي والسند، وفي عدمها يصير الانسان كخيمة بلا عمد، فمتى أتت العواصف كانت ثمة القواصف، فكان لزاما الانتقاء الأحسن من الرفقاء والأصدقاء، ولهذا وددت مشاركة فائدة كتذكرة ولمن خالط الناس يجعلها تبصرة، فإن الصاحب ساحب.

    قال أبو القاسم محمد بن أحمد ابن جزي الكلبي الغرناطي -عفا الله عنه- فِي (آدَاب الصُّحْبَة):
    "اخْتلفت مَذَاهِب النَّاس فِي صُحْبَة النَّاس:
    فَمنهمْ من اخْتَار الصُّحْبَة لقصد النَّفْع والانتفاع ولفضل الْأُخوّة فِي الله تَعَالَى.
    وَمِنْهُم من اخْتَار الانقباض وَالْعُزْلَة؛ لِأَنَّهَا أقرب إِلَى السَّلامَة؛ وَلِأَنّ شُرُوط الصُّحْبَة قلّ مَا تُوجد.

    وَالنَّاس ثَلَاثَة أَصْنَاف:
    أصدقاء وَقَلِيل مَا هم، ومعارف وهم أضرّ النَّاس عَلَيْهِ وَمن لَا يعرفك وَلَا تعرفه فقد سلمت مِنْهُ وَسلم مِنْك.

    فَـأَمـا الصّديـق فشـروطـه سَبْعَة:
    الأول: أَن يكون سنّيا فِي اعْتِقَاده .
    الثَّانِي: أَن يكون تقيا فِي دينه، فَإِنَّهُ إِن كَانَ بدعيّا أَو فَاسِقًا رُبمَا جرّ صَاحبه إِلَى مذْهبه أَو ظنّ النَّاس فِيهِ ذَلِك، فَإِنّ الْمَرْء على دين خَلِيله .
    الثَّالِث: أَن يكون عَاقِلا، فصحبة الأحمق بلَاء .
    الرَّابِع: أَن يكون حسن الْخلق، فَإِن كَانَ سيّء الْخلق لم تؤمن عداوته، وتختبره بِأَن تغضبه فَإِن غضب فاترك صحبته.
    الْخَامِس: أَن يكون سليم الصَّدْر فِي الْحُضُور والغيبة لَا حقودا وَلَا حسودا وَلَا مرِيدا للشّرّ وَلَا ذَا وَجْهَيْن.
    السَّادِس: أَن يكون ثَابت الْعَهْد غير ملول وَلَا متلول.
    السَّابِع: أَن يقوم بحقوقك كَمَا تقوم بحقوقه، فَلَا خير فِي صُحْبَة من لَا يرى لَك من الْحق مثل الَّذِي ترى لَهُ .

    وَحُقُوق الصّديق سَبْعَة:
    الأول: الْمُشَاركَة فِي المَال حَتَّى لَا يخْتَصّ أَحدهمَا بِشَيْء دون الآخر.
    الثَّانِي: الْإِعَانَة بِالنَّفسِ فِي قَضَاء الْحَاجَات وَتَقْدِيم حَاجته على حَاجَتك.
    الثَّالِث: الْمُوَافقَة لَهُ على أَقْوَاله والمساعدة لَهُ على أغراضه من غير مُخَالفَة وَلَا مُنَازعَة فَإِن الْمُخَالفَة توجب الْبغضَاء.
    الرَّابِع: الْعَفو عَن هفوات الصّديق والإغضاء عَن عيوبه فَمن طلب صديقا بِلَا عيب بَقِي بِلَا صديق.
    الْخَامِس: النَّصِيحَة لَهُ فِي دينه ودنياه.
    السَّادِس: الخلوص فِي مودته ظَاهرا وَبَاطنا حَاضرا وغائبا والنتصار لَهُ فِي غيبته.
    السَّابِع: الدُّعَاء لَهُ بِظهْر الْغَيْب". اهـ من: [القوانين الفقهية -291].

    انتقاها
    أبو عبد الرحمن محمد بن عمار
    الأحد 16 المحرم 1444 هـ
    الموافق لـ 14 أغسطس 2022 م
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-08-15, 07:20 AM.

  • #2
    جزاك الله خيرا أخي الكريم ونفع بك
    ما معنى: «لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي»؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
    أما بعد: فلفظ الحديث الثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي ومعناه: لا تتخذ الفساق أصحابًا، وإنما تتخذ الأخيار أهل الصفات الحميدة.. أهل المحافظة على الصلوات، الذين يحفظون ألسنتهم وجوارحهم عن محارم الله، هذا معنى ذلك: لا تصاحب إلا مؤمنًا والمؤمن من أظهر عمل الخير، القلوب لا يعلم ما فيها إلا الله ، وليس للناس إلا الظاهر، فمن أظهر الاستقامة على دين الله بالمحافظة على الصلوات وأداء حق الله وترك محارم الله، فهذا يقال له: مؤمن، ويقال له: مسلم ويقال له: متقٍ أيضًا حسب ما ظهر من أعمال، أما القلوب فإلى الله ، لا يعلم ما فيها إلا الله، وإنما يؤخذ الناس بما أظهروا من الأعمال، وقول النبي ﷺ: التقوى ها هنا يعني: أن أصل التقوى في القلب، متى صلح القلب صلحت الجوارح، ومتى فسد القلب فسدت الجوارح، فالنبي ﷺ يشير إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يعتني بقلبه، وأن يجتهد في صلاح قلبه وطهارته حتى تصلح أعماله وأقواله.
    كما في الحديث الآخر يقول ﷺ: إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم وفي اللفظ الآخر يقول ﷺ: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب متفق على صحته، فالقلب هو الأساس، فمتى عمر بتقوى الله ومحبته وخشيته سبحانه وخوفه منه، والنصح له ولعباده استقامت الجوارح على دين الله وعلى فعل ما أوجب الله وعلى ترك ما حرم الله.
    وقوله: ولا يأكل طعامك إلا تقي أي: لا تدع إلى طعامك إلا الأخيار، لا تدع الفساق والكفار، قال العلماء: هذا فيما يختار، يختاره الإنسان ويتخذه عادة له، أما الضيوف فلهم شأن آخر، الضيوف لا مانع من أن يقدم لهم الطعام وإن كانوا ليسوا أتقياء، وإن كانوا فجارًا وإن كانوا كفارًا، فالنبيﷺ كان يقدم عليه الضيوف من الكفرة وغير الكفرة فيطعمهم ويكرمهم عليه الصلاة والسلام، تأليفًا لهم على الإسلام، وقد قال عليه الصلاة والسلام: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه فإكرام الضيف مأمور به شرعًا ولو كان غير المسلم، وفي إكرامه دعوة إلى الإسلام، وتوجيه له إلى الخير؛ ليعرف محاسن الإسلام ومكارم الأخلاق.
    أما أن تتخذ أصحابًا ليسوا مسلمين يأكلون طعامك ويصحبونك فلا، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر الصحيح: مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك -يعني: يعطيك - وإما أن تبتاع منه - تشتري منه- وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، أما نافخ الكير فإما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة ويقول ﷺ: المرء على دين خليله -يعني: صاحبه- فينظر أحدكم من يخالل فالمؤمن ينظر في أصحابه وأخلائه ويختار الأخيار الطيبين أهل الصلاة .. أهل الاستقامة .. أهل السمعة الحسنة؛ حتى يعينوه على طاعة الله وحتى يستشيرهم فيما يشكل عليه، وحتى يتعاون معهم في الخير، ولا يتخذ أهل الفسق والكفر أصحابًا وأولياء؛ لأنهم يضرونه ويجرونه إلى أباطيلهم؛ ولهذا قال ﷺ: لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي يعني: حسب الاستطاعة وفي الاختيار.
    أما إذا هجم الضيف فإن الإنسان يكرم الضيف بما يليق بمقامه، ويدعوه إذا كان فاجرًا أو كافرًا يدعوه إلى الخير ينصح له، يدعوه إلى طاعة الله والاستقامة على دينه إن كان فاسقًا، يدعوه إلى الإسلام إن كان كافرًا، وقد جاء وفد ثقيف إلى النبي ﷺ في المدينة وهم كفار فأكرمهم ودعاهم إلى الله  حتى أسلموا، فالضيف له شأن آخر.
    وكذلك قد يدعى الإنسان إلى وليمة فيجتمع بأناس لا خير فيهم فلا يضره ذلك؛ لكونه لم يقصد صحبتهم، وإنما جمعه معهم الطعام كما يجمعه معهم السوق والمساجد ونحو ذلك، وهم فساق.
    فالحاصل أن الشيء الذي ينهى عنه هو أن يتخذ الفاجر أو الكافر صاحبًا وصديقًا يأكل طعامه ويزوره ويتزاور معه ونحو ذلك، أما ما قد يعرض للإنسان من مجيء الضيف إليه، أو اتصاله بغير مسلم لدعوته إلى الله، أو لشراء حاجة منه، فقد اشترى النبي ﷺ من الكفرة واشترى من اليهود حاجات عليه الصلاة والسلام، وقد دعاه اليهود فأكل طعامهم، وأحل الله لنا طعامهم، فهذه أمور ينبغي أن يعلمها المؤمن، وأن تكون منه على بينة حتى لا ينهى عما أذن الله فيه، وحتى لا يحرم ما أحل الله ، والله المستعان.
    الشيخ ابن باز رحمه الله من برنامج نور على الدرب.

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك

      تعليق

      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
      يعمل...
      X