إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نصيحة الأكابر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نصيحة الأكابر

    بسم الله الرحمن الرحيم

    نصيحة الأكابر



    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أما بعد:
    فمن أفضل ما يهدى: النصيحة؛ هي كنز عظيم، لا يستغني عنها الكبير والصغير والذكر والأنثى والمسلم والكافر، فكم من نصيحة صادقة انتفع بها أقوام.
    والمسلم الصّادق ينصح ويقبل النصيحة.
    وللنصيحة مكانة عالية ورتبة رفيعة في الإسلام.
    عن تميم الداري رضي الله عنه، أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ، إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ، إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ". قالوا: لِمَن يا رسولَ للهِ؟ قال: "للهِ، ولكِتابِه، ولنَبيِّهِ، ولأئمَّةِ المؤمِنينَ وعامَّتِهم". أخرجه مسلم.

    فهذا سيّد ولد آدم -عليه الصّلاة والسّلام- يقبل النّصيحة.
    عن أمّ سلمة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها-: لمّا كتب رسولُ اللهِ ﷺ القضيَّةَ بينه وبين مُشركي قريشٍ، وذلك بالحديبيةِ عامَ الحُديبيةِ، قال لأصحابِه: قومُوا فانحروا واحلِقوا، قال: فواللهِ ما قام منهم رجلٌ، حتى قال ذلك ثلاثَ مراتٍ، فلما لم يقمْ منهم أحدٌ، قام فدخل على أمِّ سلمةَ، فذكر ذلك لها، فقالت أمُّ سلمةَ: يا نبيَّ اللهِ ! اخرُجْ ثم لا تُكلِّمْ أحدًا منهم بكلمةٍ، حتى تنحرَ بُدْنَكَ وتدعوَ حلّاقَكَ فتحلقَ ! فقام فخرج فلم يكلِّمْ منهم أحدًا، حتى فعل ذلك، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضُهم يحلِقُ بعضًا، حتى كاد بعضُهم يقتلُ بعضًا غمًّا. أخرجه ابن جرير الطبري في ((تفسيره)) والحديث متواتر.

    وهذه بعض الصور العطرة من الكبار؛ قبلوا نصيحة من هو أقلّ منهم رتبة ودونهم في المنزلة:
    هذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وكان أفضل الأمّة في خلافته يستجيب لنصيحة النّاصح.
    عن عبد الله بن عبّاس -رضي الله عنهما- قال: قَدِم عُيَينَة بن حِصنٍ، فَنزَل على ابنِ أَخِيه الحُرِّ بن قَيسٍ، وكان من النَّفَر الذين يُدنِيهِم عمر -رضي الله عنه-، وكان القُرَّاء أصحاب مَجلِس عُمر -رضي الله عنه- ومُشاوَرَتِه كُهُولا كانوا أو شُبَّانًا، فقال عيينة لابن أَخِيه: يَا ابن أخي، لك وَجْه عند هذا الأمير فَاسْتَأذِن لِي عليه، فَاسْتَأذَن فَأَذِن لَه عُمر، فَلَمَّا دَخَل قال: هي يا ابن الخطَّاب، فَوالله مَا تُعطِينَا الجَزْلَ ولا تَحكُمُ فِينَا بِالعَدلِ، فغضب عمر -رضي الله عنه- حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِه، فقال له الحُرُّ: يا أمير المؤمنين، إنَّ الله تعالى قال لِنَبِيِّه -صلى الله عليه وسلم-: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}، وإِنَّ هذا مِن الجَاهِلِين، والله مَا جَاوَزَها عُمر حِين تَلاَهَا، وكان وَقَّافًا عند كِتَاب الله -تعالى-. أخرجه البخاري.
    وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنَ المُهَاجِرِينَ، منهمْ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، فَبيْنَما أنَا في مَنْزِلِهِ بمِنًى، وهو عِنْدَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، في آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، إذْ رَجَعَ إلَيَّ عبدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: لو رَأَيْتَ رَجُلًا أتَى أمِيرَ المُؤْمِنِينَ اليَومَ، فَقَالَ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، هلْ لكَ في فُلَانٍ؟ يقولُ: لو قدْ مَاتَ عُمَرُ لقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا، فَوَاللَّهِ ما كَانَتْ بَيْعَةُ أبِي بَكْرٍ إلَّا فَلْتَةً فَتَمَّتْ، فَغَضِبَ عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: إنِّي -إنْ شَاءَ اللَّهُ- لَقَائِمٌ العَشِيَّةَ في النَّاسِ، فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ. قَالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلتُ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لا تَفْعَلْ؛ فإنَّ المَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وغَوْغَاءَهُمْ؛ فإنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ علَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ في النَّاسِ، وأَنَا أخْشَى أنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وأَنْ لا يَعُوهَا، وأَنْ لا يَضَعُوهَا علَى مَوَاضِعِهَا، فأمْهِلْ حتَّى تَقْدَمَ المَدِينَةَ؛ فإنَّهَا دَارُ الهِجْرَةِ والسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بأَهْلِ الفِقْهِ وأَشْرَافِ النَّاسِ، فَتَقُولَ ما قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعِي أهْلُ العِلْمِ مَقَالَتَكَ، ويَضَعُونَهَا علَى مَوَاضِعِهَا.فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا واللَّهِ -إنْ شَاءَ اللَّهُ- لَأَقُومَنَّ بذلكَ أوَّلَ مَقَامٍ أقُومُهُ بالمَدِينَةِ. ... الحديث. أخرجه البخاري.

    فهذان عبد الرحمن بن عوف والحر بن قيس؛ كما هو معلوم أقل رتبة من عمر بن الخطاب ونصحاه واستجاب بل ظاهر نصح الحر بن قيس كان في الملاء للحاجة.
    ومن تتبع آثار السلف في هذا الباب لجمع كراسا.
    فلا يثرّب على من وجه النصيحة لمن هو أكبر رتبة منه، فسلفنا الصالح كانوا يبذلون النصيحة لمن هو أكبر قدرا منهم، وكان الكبار يقبلون نصيحة الناصحين.
    هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

    كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    المدينة النبوية: يوم الأربعاء ١٠ شوال سنة ١٤٤٣ هـ
    لموافق لـ: ١١ مايو سنة ٢٠٢٢ ف
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-07-30, 11:54 PM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X