إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

«الصبر على العلم والاحسان للعلماء ووجوب تصويبهم إن بدت منهم الاخطاء»

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • «الصبر على العلم والاحسان للعلماء ووجوب تصويبهم إن بدت منهم الاخطاء»

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الصّبر على العلم والإحسان إلى العلماء
    ووجوب تصويبهم إن بدت منهم الأخطاء
    ـــ . ـــ

    إنّ طلب العلم من أجلّ المهمّات وأنفع الأعمال التي يتقرب بها إلى ربّ البريات، فتحصيله يحتاج إلى جهد وعناء وتعب وشقاء والرحلة فيه إلى مختلف الأرجاء، فليس من قعد كمن سافر وقصد، ولسلفنا روائع ما كانوا عليه من الرّحلة في طلب العلم.
    قال الشيخ الإثيوبي -رحمه الله- في "البحر المحيط الثّجّاج": "فإن ذكر سيرهم تُنَشِّط طلاب العلم، وتحثّهم على الرحلة في طلب العلم، وتَحَمّل المشاقّ، وذلك لمعرفتهم مَدَى جُهد المحدّثين في طلب الحديث خاصة، فإنهم كانوا يرحلون في طلب حديث واحد إلى البلدان النائية مع ما يلقَونه في خلال سفرهم من الكدّ والتعب والمشاقّ الكثيرة، فقد عقد الإمام البخاريّ في "صحيحه" "باب الرحلة في طلب العلم"، ورحل جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، إلى عبد الله بن أُنيس -رضي الله عنهم- في حديث واحد، ثم أخرج خروج موسى -ﷺ- في طلب الخضر- عَلَيْهِ السَّلَامُ-.
    وألّف الخطيب البغداديّ المتوفّى سنة (463 هـ) كتابًا سمّاه "الرحلة في طلب الحديث"، وأورد فيه ما جاء عن الصحابة، فمن بعدهم في ذلك، فأجاد وأفاد، وقد أوردت جملًا مستحسنةً في "شرح سنن ابن ماجه"، فعليك بالاستفادة منه، وبالله تعالى التوفيق
    ".

    فكانوا إذا قدِموا العلماء برحوا أماكنهم واجتهدوا في الطلب، وخير مثال ما كان عليه الصحابة -رضي الله عنهم- أيضًا من الحرص في طلب العلم، وحضور مجالسه، فكلما وجدوا فُرصة انتهزوها، واغتنموها، وصرفوها فيه، ولو كان ذلك على سبيل التناوب، وقد عقد الإمام البخاريّ لذلك بابًا في "كتاب العلم من صحيحه"، فقال: "باب التناوب في العلم"، ثم أخرج بسنده عن عبد الله بن عباس، عن عمر، قال: "كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أُمَيَّة بن زيد، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينزل يومًا، وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك ... " الحديث.

    قال ابن رسلان -رَحِمَهُ اللَّهُ-: سؤال الفضل عند الخروج موافق لقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا في لْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} يعني الرزق الحلال، وقيل: {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} هو طلب العلم، والوجهان متقاربان؛ فإن العلم من رزق اللَّه تعالى؛ لأن الرزق لا يختص بقوت البدن، بل يدخل فيه قوت الأرواح، والأسماع، وغيرها، وقيل: فضل اللَّه عيادة المريض، وزيارة أخ صالح. "المنهل العذب" (3/ 74 - 75).

    فلما كانت الهجرة في طلب العلم مهمّة للطّالب بغية التّرقي في سلم أفضل المكاسب فلذلك أهل العلم جُعلوا بعد مرتبة الانبياء لحملهم السرج لإنارة سبيل المسلمين.
    فإنّ لطلب العلم فضيلة، والأدب مع العالِم شرط واجب، كذا حرمة المشايخ، وتَرْك الاعتراض عليهم، وتأويل ما لم يُفهم ظاهره من أقوالهم، وأفعالهم، والوفاء بعهودهم، والاعتذار عند المخالفة، على غرار اليوم نجد التّطاول عليهم والطّعن فيهم وفي أعراضهم وتتبّع عوراتهم وأخطائهم وزلّاتهم ونشر الإشاعات عنهم بغية الإسقاط.
    وعلماؤنا نبّهوا وحثّوا على الإحسان وترك مساوئ الأخلاق لاجتناب الخذلان، قال ابن المبارك -رحمه الله-: «من استخفَّ بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخفَّ بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخفَّ بالإخوان ذهبت مروءته» (سير أعلام النبلاء» للذهبي (8/ 405))

    هذا وإن العالم بشر يصيب ويخطئ لكن لو علم هؤلاء الأذناب أن العالم إذا اخطأ يرد عليه بأدب لما وصل الحال كما هو الآن.
    فمن أطلق عدم الإنكار على المشايخ فقد زلّ، كما قال علماؤنا وهذا غير مقبول؛ بل ذلك مقيَّد في المحتمَلات، وما يَقبل التّأويل، وأمّا منهيّات الشّرع الظّاهرة، فلا يسع الطّالب أن يسكت عليها؛ بل يُنكرها، لكن بلطف واستفسار، لا بعنف واستهتار؛ حفظًا لمنصب العلماء، فتفطّن، واستيقظ، ولا شكّ أنّ تبيين الأخطاء يكون ممّن لهم أهلية وعرفوا بالعلم أيضا حتّى يكون النّصح آكد، فإنّ هذا ممّا زلّت به أقدام كثير ممن يُنسب إلى العبادة والزّهد؛ بل مما نقرؤه في كتب المتصوّفين المتأخّرين أنّهم يقولون: إنّ من شَرْط الطّريقة أن يكون المريد بين يدي شيخه كالميّت بين يدي الغاسل، وأن لا يُنْكِر على شيخه شيئًا يراه منه، ولو كان من المنكَرات الشرعيّة، فإنّه إنْ فَعَل ذلك انقطع عنه المدد من شيخه.

    وهذا انسلاخ عن الشّريعة، وخروج عن حدود الله تعالى، فإنّ إنكار المنكر شعبة من شُعَب الإيمان، فقد أخرج مسلم، وأبو داود، والترمذيّ، والنسائيّ، وابن ماجه، عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -ﷺ -: "من رأى منكم منكرًا، فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع
    فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان
    "، والله تعالى أعلم.
    كتبه:
    أبو عبد الرّحمٰن محمّد بن عمار
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-07-19, 06:29 PM.

  • #2
    بوركت أخي الكريم

    تعليق

الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X