إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأصل القويم في التفرقة بين صفات أهل الحق والمنتسبين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأصل القويم في التفرقة بين صفات أهل الحق والمنتسبين

    بسم الله الرحمن الرحيم


    الأصل القويم في التفرقة
    بين صفات أهل الحق والمنتسبين

    ــــ . ــــ




    إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[آل عمران:١٠٢ ].
    ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[النساء:١ ].
    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: ٧٠ و٧١ ].

    أمّا بعد:
    فإنّ النّاظر في حال الدّعوة السّلفيّة من السّلفيّين والمنتسبين إليهم والمندسّين في هذه الأحداث الأخيرة، ليحتار ويتعجّب ممّا بلغ إليه القوم من الخلط والجهل والظّلم والافتراء.
    فأصبح النّاس يتجادلون ويتراشقون في مسائل هي من المسلَّمات الشّرعيّة والثّوابت القطعيّة؛ التي لا يشكّ فيها إلّا مَفتون، ولا يرتاب فيها إلّا أهل الادّعاء أو من تشبّع بما لم يعط.
    فأدّت الحاجة إلى أن يتميّز أصحاب المنهج الواضح، والعقيدة الصّحيحة والمواقف المشرّفة من حيث العلم والاعتقاد وتوظيف هذه العقيدة توظيفا عمليّا صحيحا، موافقا للأصول؛ كما كان السّلف الصّالح والأئمّة الفحول.
    فأردنا أن نبيّن أوصاف أهل الحقّ والثّبات، ونحثّ على الاقتداء بهم؛ كما نحذّر من أصحاب الصّعفقة والهوى، الذين أكثروا التّحريش والطّعن والافتراء في مشايخنا البررة الفضلاء، وأعلام السّنّة في بلدنا -ولا نزكي على الله أحدا-؛ ليحذرهم النّاس ويبتعدون عنهم ويفرّون منهم؛ تبرئة للذّمة.
    فأوّلا نذكر أوصاف أهل الخير والثّبات، الذين وُفّقوا إلى الهدى بما تقتضيه الأحكام وسبيل الاهتداء. فسلكوا الطّريق السّويّ والسّبيل النّقيّ، بعد استنصاحهم بأهل العلم الكبار والفضلاء، وهم الذين حكّموا الأصول الشّرعيّة التي جعلتهم يُصيبون المطلوب ويظفرون بالمبتغى الذي هو الحقّ لا ريب، والأسباب التي أدّت إلى هذا نذكر منها على سبيل الاختصار الأوصاف الدّقيقة التي ميّزتهم عن غيرهم:
    - تجرّدوا من الأسماء والعواطف والتّبعيّة وأخلصوا النّيّة لربّ البريّة في البحث عن الحقّ، فوُفقوا إليه وتجلّى لهم وظهر جزاء وفاقا.
    - تجنّبوا تعظيم الأسماء وابتعدوا عن الحميّة والعصبيّة، واعتقدوا أنّ العلماء لا يخلون من البشريّة، فيصيبون ويُخطئون فيقبلون منهم الحقّ ويردّون عليهم الخطأ؛ لأنّ الخطأ وارد لا محال، ففي الصحيحين عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ" فيحفظون لهم المكانة ولا يذكرونهم إلا بخير.
    - حكموا بقاعدة اليقين لا يزول بالشّكّ، فمن ثبتت عدالته باليقين واستفاض حاله واشتهر بالعلم والفضل والمكانة لا يتغيّر هذا الوصف فيه إلّا بتفصيل لا يحتمل الشّكّ والرّيب؛ أي الصّحيح الصّريح الذي لا يحتمل التّأويل ويبلغ درجة اليقين مع استيفاء أحكام الشّريعة من حيث الحجّة والبرهان.
    - يعتقدون أنّ نصائح العلماء بعضهم لبعض ليست كنصائح غيرهم من عامّة النّاس. فلابدّ أن تكون ثمّة مجالس للمناقشة والمطارحة، وهذا يكون إذا جهل العالم بالخطأ الذي نسب إليه، كأن يرى النّاقد هذا خطأ الذي نقل إليه والمنتقد يقول هذا صواب ليس بخطأ فلا يكون الحكم إلّا بعد إثبات الخطأ من حيث العلم.
    - هؤلاء الأفاضل بقوا على الأصل وهو الثّناء على جميع المشايخ مع الاعتقاد أنّهم يصيبون ويخطئون، لكن أهل المنهج الحقّ يفرّقون بين أخطاء علماء أهل السّنّة والجماعة، الذين ينطقون في استدلالهم بالحديث والأثر. فيردّ خطأهم وتحفظ كرامتهم اعتقادا منهم أنّ كلّ ابن آدم خطّاء.
    وبين من وقع في بدعة من بدع أهل الأهواء؛ حين انطلق من أصول وقواعد مبتدعة؛ كقاعدة الاحتواء. فهذا غير الأوّل؛ فتردّ عليه بدعته ويحذّر منه مخافة الاغترار به.
    - يعتقدون ما نسب إلى المشايخ هم منه برآء، وذلك للذي قدّموه من أدلّة ودحضوا الافتراء. حتّى جاؤوا بالحكم الأعلى الذي هو طلب المباهلة، وهو في الأصل يبرأ الذّمة ويغلق الأفواه؛ لكن:
    لقد أسمعت لو ناديت حيّا :::: ولكن لا حياة لمن تنادي

    ومن المشايخ من طلب أن تقدّم له الأخطاء كي يرجع عنها، وهذا هو اعتقادنا فيهم، رجّاعين للحقّ ولا يعتزّون بالإثم لِما عهدناه منهم. تربّينا منهم على الصّدع بالحقّ والرّجوع عن الخطأ شهادة لا تزكيّة لهم فهم أهل لذلك، ولا نزكّي على الله أحدا.
    - اعتقادهم أنّ تخطئة العلماء تدور على الأجر، ومكانتهم محفوظة ومرموقة عملا بالقاعدة الذّهبية التي قالها الامام مالك -رحمه الله-: كلّ يؤخذ من قوله ويُردّ إلّا صاحب هذا القبر، وأشار إلى قبر الرّسول صلى الله عليه وسلم.
    - الرّدود عندهم أصل وثيق للمحافظة على هذه الملّة. فالله جل وعلا أخبرنا بأنّه حافظ للذّكر؛ كما قال جل وعلا: ﴿إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ[الحجر: ٩]. فالقرآن ذِكر تكفّل الله بحفظه ولم يكله إلى غيره.
    والسّنّة كذلك ذكر فسخر الله لها العلماء الجهابذة ليحفظوها ويصفُّوها ممّا هو ليس منها، فليس هذا الأمر بالجديد والغريب يا أهل الاحتواء والتّميّع.
    - أهل الثّبات لا يطعنون ألبتّة في العلماء الذين شهد لهم بالخير والسّابقة، استصحاب للأصل؛ بل يدعون الله أن ينصرهم ويُثبّتهم ويوفّقهم إلى الرّأي السّديد الذي يخدم الدّين ويجمع الرّعيّة على الحقّ.
    - يُفرّقون بين مسائل الخلاف ما كان جائزا مستساغا منها، وماكان ممنوعا أي غير سائغ ولا مشروع .
    فأمّا الخلاف السّائغ فإنّهم يأخذون بالأدلّة الصّريحة التي يرون أنّها راجحة ويحفظون مكانة أصحاب القول الآخر الذين يعتقدون أنّ قولهم مرجوح ولا يرفعون ألوية الولاء والبراء في مسألة الخلاف السّائغ .
    أمّا الغير سائغ فيتبرّؤون فيه من كلّ مخالف مهما بلغ كعبه وعلا فضله.
    - هم يسعون دوما وأبدا للإصلاح وجمع الكلمة بين أهل السّنّة والجماعة مع تحقيق قاعدة التّصفيّة والتّربيّة. فيقولون للمسيء أسأت وللمصيب أصبت ولا تأخذهم في الله لومة لائم بالاحترام والتّقدير والأدب.
    - هم يعرفون قدر أنفسهم بمثل هذه المسائل التي لا يتكلّم فيها إلّا أهلها؛ لأنّها متعلّقة بالأكابر وتستوجب الإحاطة في هذا الباب بجميع المسائل ثبوتا وعدما؛ صحّة وضعفا، وما أشبه ذلك.
    - يعتقدون أنّ النّقولات للجزئيّات العلميّة للمشايخ هي وسيلة لتنزيل الأحكام الشّرعيّة. فإذا نُقل شيء منها للشّيخ فأبدى وجهة نظره فيها فلا تُعدّ غيبة أو مجالس سريّة؛ لأنّ النّقد للمقولة ليس للقائل فعند النّصح والتّوجيه للقائل فثمّة تتحقّق قاعدة السّرّ بالسّرّ والعلن بالعلن.
    فالذين اتّصفوا بهذه الصّفات السّلفيّة الطّيّبة النّيّرة هم الذين عُرفوا بالاشتغال بالعلم الشّرعيّ والتّواصل الدّائم بالعلماء ،للاستنارة والاسترشاد بأفهامهم مع الاعتقاد أنّه يحتجّ لهم لا بهم فالعصمة إلّا لمن عصمه الله.
    - يصدعون بالحقّ بما تقرّره الشّريعة المفضية إلى عدم الظّلم المبنيّ على حبّ الخير لجميع النّاس، يذبّون عن أهله من غير تعصّب ولا تقديس تأسيّا بأهل السّنّة الذين هم خير الناس للنّاس أعلم النّاس بالحقّ وأرحم النّاس على الخلق.
    - حقّقوا قاعدة: اشتغل بالحقّ يثبّتك الله عليه؛ لقوله جل وعلا: ﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعطَىٰ وَٱتَّقَىٰ، وَصَدَّقَ بِٱلحُسنَىٰ، فَسَنُيسِّرُهُۥ لِليسرَىٰ[الليل ٥-٧]، وقوله أيضا: ﴿وَالَّذينَ اهتَدَوا زادَهُم هُدًى وَآتاهُم تَقواهُم[محمد: ١٧].
    وقوله صلى الله عليه وسلم كما في النسائي من حديث شداد بن الهاد "إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ" فكان هذا جزاء وفاقا فهم دوما مواقفهم طيّبة جليّة واضحة.
    - لا سرائر خفيّة عندهم ولا عداوة دنيويّة بينهم فالشّرع أولى عندهم من كلّ شيء حتّى أنفسهم فبقوا يعرفون ما كانوا يعرفون وينكرون ما كانوا ينكرون .
    - ينكرون التّعصّب وبثّ الفرقة والاحتواء لجميع المخالفين والمميّعين؛ ومن يجلب التّزكيّات للطّاعنين المعادين الذين عرفوا بالعداء والشّراسة على إخوانهم السّلفيّين. ويعرفون ما كانوا يعرفون من الذّبّ عن الحقّ والاشتغال بالدّعوة على بصيرة تبعا لأهل العلم الواضحين، والتّحذير من المندّسين المخالفين وأصحاب الاحتواء والمميّعين. مع حبّهم للتّوابين والرّاجعين وهم مع هؤلاء ينسون كلّ عداء قديم كان أو جديد لما في هذا من المصلحة وهي الاجتماع على الحقّ، والاعتصام به الذي هو الأصل الوثيق. إستحابة لأمر الله جل وعلا؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا وَاذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ[آل عمران: ١٠٣] .
    فالإجتماع عند أهل الحقّ يكون بالحقّ ولأجل الحقّ ولا يكون على حساب الحقّ أبدا .
    والوصيّة في مثل هذه الأحداث العمل بقاعدة جرّد الأسماء وأثبت الأحكام، فتجريد الأسماء يمنع من العواطف والحميّة الخفيّة والدّسائس القديمة. وإثبات الأحكام الشّرعيّة هو الاهتداء الحقيقيّ بمنهج سيّد البريّة.
    والله من وراء القصد وهو عالم بكلّ خفيّة.


    يتبع...
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-06-13, 07:50 PM.

  • #2
    بارك الله فيك

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك أخي على هذا المقال الطيب ، الذي أبرزت فيه أصول المنهج السلفي عند أهل السنة والجماعة التي أجمع عليها العلماء قاطبة .

        تعليق


        • #5
          بارك الله فيك أخي على هذا المقال وجزاك الله خيرا

          تعليق

          الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
          يعمل...
          X