إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مَنْ نَهى بَعضَ الأُمَّةِ عن الصّلَاةِ خَلفَ بَعْضٍ لأَجلِ ما يَتَنَازعُونَ فِيهِ مِنْ مَوَارِدِ الاِجتهَادِ ؛ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْمُبتدعة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مَنْ نَهى بَعضَ الأُمَّةِ عن الصّلَاةِ خَلفَ بَعْضٍ لأَجلِ ما يَتَنَازعُونَ فِيهِ مِنْ مَوَارِدِ الاِجتهَادِ ؛ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْمُبتدعة




    بسم الله الرحمن الرحيم

    مَنْ نَهَى بَعْضَ الأُمَّةِ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ بَعْضٍ لأَجْلِ
    مَا يَتَنَازعُونَ فِيهِ مِنْ مَوَارِدِ الاِجتهَادِ؛ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ أَهْلِ البِدَعِ
    قَالَ شَيْخُ الإسلامٍ ابنُ تَيْمِيَّةَ (ت:728هـ):"وَقَدِ اتَّفَقَ سَلَفُ الأُمَّــــةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى صَلَاةِ بَعْضِهِم خَلفَ بَعْضٍ ، مَعَ تَنَازُعِهم فِي بَعْضِ فُروعِ الفِقهِ ، وَفِي بَعضِ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ وَمُبْطِلَاتِـهَا ، ومَنْ نَهَى بَعْضَ الأُمَّةِ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ بَعْضٍ لأَجْلِ مَا يَتَنَازعُونَ فِيـــــهِ مِنْ مَوَارِدِ الاِجتهَادِ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ أَهْلِ البِدَعِ وَالضَّلَالِ ، الَّذِينَ قَال الله فيهم:﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ... وَدَلَّتْ نُصُوصُ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعُ سَلَفِ الأُمَّةِ أَنَّ وَليَّ الأَمْرِ - إِمَامَ الصَّلَاة ، وَالَحَاكمَ ، وَأَمِيرَ الْحَرْبِ وَالفَيْءِ ، وَعَامِلَ الصَّدَقَةِ - يُطاعُ فِي مَوَاضِعِ الاِجتِهَادِ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُطِيعَ أَتْبَاعه فِي مَوَارِدِ الاِجتــهَادِ ، بَلْ عَلَيْهِم طَاعَتُهُ في ذَلِكَ ، وَتَرْكُ رَأيِــهِم لِرَأَيْهِ ، فَإنَّ مَصْلَحَةَ الْجَمَاعَةِ وَالاِئتِلَافِ وَمَفْسَدَةَ الفُرقَةِ وَالاِختِلَافِ أَعْظَمُ مِنْ أَمْرِ الْمَسَائِلِ الْجُزْئِيَّةِ ....
    وَشُبْهَةُ هَذَا الْمُتَفِّقِهِ وَأَمْثَالِهِ، مِمَّنْ قَدْ سَـمِعَ بَعْضَ غَلَطَاتِ بَعْضِ الفُقَهَاءِ ، فِيـمَا إِذَا تَرَكَ الإِمَامُ مَا يَعْتَقِدُ الْمَأمُــــومُ وُجُوبَهُ ، أَوْ فَعَلَ مَا يَعْتَقِدُ الْمَأمُومُ فَسَادَهَا بِهِ ، فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ قَدْ يُطْلِقُ القَولَ بِبُطلَانِ صَلاةِ الْمأمومِ مُطلقًا ، وَمِنهُم مَنْ لَا يُصَحِّـــحُ الصَّلَاةَ خَلفَ مَنْ لَا يَأتِي بِالوَاجِبَاتِ ؛ حَتَّى يَعْتَقِدَ وُجُوبِهَا .
    وَهَذِهِ الاِطْلَاقَاتُ خَطأٌ مُخَالِفٌ لِلإِجْـمَاعِ القَدِيمِ ، وَلِنُصُوصِ الأَئِمَّةِ الْمَتبُوعِينَ، مِثالُ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَأمُـومُ خَلفَ مَنْ تَركَ الوُضُوءَ مِنْ خُرُوجِ النَّجَاسَاتِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَينِ ، كَالدَّمِ ، أَوْ خَلْفَ مَنْ تَرَكَ الوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ ، أَوْ تَرَكَ الوُضُــــوءَ مِنَ القَهْقَهَةِ ، وَيَكُونُ الْمَأمُومُ يَرَى وُجُوبَ الوُضُوءِ مِنْ ذَلِكَ، أَو يَكُونُ الإِمَامُ قَدْ تَرَكَ قِرَاءَةَ البَسْمَلَةِ، أَوْ تَرَكَ الِاستِعَاذَةَ، أَوْ تَرَكَ الاِستِفتَاحَ ، أَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَاتِ الاِنتقَالِ ، أَوْ تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ، وَيَكُونُ الْمَأمُومُ يَرَى وُجُوبَ ذَلِك.
    فَالصَّوَابُ الْمَقطُوعُ بِهِ صِحَّةُ صَلَاةِ بَعْضِ هَؤُلَاءِ خَلفَ بَعْضٍ ، وَهَذَا مَذْهَبُ الأَئِمَّةِ ، وَإنْ كَانَ قَدْ يُحكَى عَنْ بَعْضِهِم خِلَافٌ فِي بَعْضِ ذَلِكَ ، فَهَذَا الشَّافِعِيُّ - رَضِي الله عَنْهُ - كَانَ دَائِمًا يُصَلِي خَلْفَ أَئِمَّة الْمَدِينَةِ وَأَئِمَّةِ مِصرَ، وَكَانُوا إِذْ ذَاكَ مَالِكِيَّةً ، لَا يَقْرَأُونَ البَسْمَلَةَ سِرًّا ، وَلَا جَـهْرًا ، وَلَوْ سَـمِعَ الشَّافِعيُّ مَنْ يَطْعَنُ فِي صَلَاتِه خَلْفَ مَشَايِخِهِ مَالِكٍ وَأَقْرَانِهِ، وَهُوَ دَائِمًا يَفْعَلُ ذَلِكَ ؛ لَحَكَمَ عَلَيْهِ بِالضَّلَالِ، وَعَدَّهُ هُوَ وَسَائِرُ الأُمَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ خِلَافًا لِلإِجْمَاعِ ... وَكَذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ ـ فِيـمَا أَظُنُّ- لَمَّا حَجَّ مَعَ هَارُونِ الرَّشِيدِ ، فَاحْتَجَمَ الْخَلِيفَةُ ، فَأَفْتَاهُ مَالِكٌ أَنَّهُ لَا يَتَوَضّأُ ، وَصَــلَّى بِالنَّاسِ ، فَقِيلَ لأَبي يُوسُفَ : أَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ ؟! فَقَالَ : سُبحَانَ اللهِ ! أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ !؟ يُرِيدُ بِذَلِك أَنَّ تَرْكَ الصَّـــــــلَاةَ خَلْفَ وُلَاةِ الأُمُورِ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ البِدَعِ ، كَالرَّافِضَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ .
    فَهَذِهِ النُّصُـوصُ وَأَمْثَالُهَا عَنْ هَؤُلَاءِ الأَئِمَّةِ تُخالِف مَنْ يُطْلِقُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ أَنَّ الإِمَامَ إِذَا تَرَك مَا يَعْتَقِدُ الْمَأمُومُ وُجُوبَه لَم يَصِحَّ اقتِدَاؤُهُ بِهِ ، يُوضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَ عَامَّة أَئِمَّة الإِسْلَامِ -مِثْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ - أَنَّ الإِمَامَ إِذَا تَرَكَ الطَّهَارَةِ نَاِسيًا ، مِثْلُ أَنْ يُصِلِي وَهُوَ جُنُبٌ أَوْ مُحْدِثٌ نَاسٍ لِحَدَثِه ، ثُمَّ تَذكَّرَ بَعْدَ صَلَاتِهِ ؛ فَإِنَّ صَلَاةَ الْمَأمُومِ صَـحِيحَةٌ ، وَلَا قَضَاءِ عَلَيْهِ ، وَهَذَا هُوَ الْمَأثُورُ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِثْلُ عمر بن الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بن عَفَّانِ وَغَيْرِهمَا مِنَ الصَّحَابَةِ .
    فَالإِمَامُ إِذَا كَانَ مُخْطِئًا في نَفْسِ الأَمْرِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ النَّاسِي ، وَقَدْ دَلَّ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ أَنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِهَذِهِ الأُمَّـــــةِ عَنِ الْخَطَأِ وَالنِّسيَانِ، فَإِذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْمَأمُومِ تَصِحُّ خَلفَ إِمَامٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الإِعَـــادَةُ ؛ فَخَلْفَ إِمَامِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الإعَادَةُ أَوْلَى ، وَذَلِك أَنَّ صَــــلَاةَ الْمَأمُومِ إِنْ لَم تَكُنْ مُرْتبَطِةً بِصَلَاةِ الإِمَامِ، بَلْ كَلٌّ مِنهُم يُصَلِّي لِنَفْسِهِ ؛ فَلَا مَحذُورَ ، وَإِنْ كَانَتْ مُرْتبَطَةً ؛ فَالإمَامُ مَعْفوٌّ عَنهُ فِي مَوَارِدِ الاِجتهَادِ، فَصَلَاتُهُ أَيْضًا بِاجْتِهادٍ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْمَأمُومِ .
    وَإنَّمَا غَلِطَ الغَالِطُ في هَذَا الأَصْلِ بِحَيْثُ يَتوهَّمُ أَنَّ الْمَأمُومَ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ صَلَاةِ الإِمَامِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّهُ إِذَا صَلَّى بِاجْتِهَادِهِ السَّائِغِ ؛ لَم يَكُن فِي هَذِهِ الْحَالِ مَحكُومًا بِبُطْلَانِ عِبَادَتِهِ ، بَلْ بِصِحَّتِهَا ، كَـمَا يُـحكَمُ بِصِحَّةِ حُكمِهِ فِي مِوَارِدِ الاِجتهَادِ ؛ حَتّى يُمْنَعَ نَقْضُه.
    فَأَمَّا فِعْلُ الْمَحْــظُورَاتِ نَاسِيًا فَأَسْهَلُ ، فَإِنَّ أكثَرَ الأَئِمَّةِ - مِثْلَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْـمدَ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْهِ - لَا يَرَوْنَ الكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ ، وَلَا يُوجِبُ الإِعَادَةَ ، فَالإِمَامُ إِذَا فَعَلَ مَحْظُــــورًا مُتَأَوِّلاً ؛ فَالْمُخْطِىءُ كَالنَّاسِي ، وَإذَا لَمْ تَجِبِ الإِعَادَةُ عَلَيْهِ فَكَيْفَ لَا يَصِحُّ الائتِمَامُ بِهِ ؟ وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ فِي صَـحِيحِهِ عَن أَبي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ الله عَنْه ـ أَنّ رَسُـــــولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "يُصلُّونَ لَكُم ، فَإنْ أَصَابُوا فَلَكُم، وَإِنْ أَخْطَأُوا فَلَكُم وَعَلَيهِم "اهـ .
    وَهَذاَ نَصٌّ صَرِيــحٌ فِي أَنّ الإمَــامَ إِذَا أَخْطَأ كَانَ خَطَؤُه عَلَيْه ، لَا عَلَى الْمَأمُومِ ، وَالْمُجْتَهِدُ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونُ أَخْـطأَ بِتَرْكِ وَاجِب اِعْتَقدَ أَنَّهُ لَيْسَ وَاجِبًا ، أَوْ فِعْلِ مَحظُورٍ اِعْتَقَدَ أَنَّهُ لَيْسَ مَحظُورًا ، وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ يُؤمِنُ بِالله وَاليَومِ الآخِرِ أَنْ يُخَالفَ هَذا الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ الصَّرِيـحَ بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَهُ .... وَهَذِهِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ الصَّريـحَةُ قَدِ اتَّصَلَ بِــــهَا الإجـمَاعُ القَدِيمُ ، وعُمِلَ بِهَا زَمَنَ القُرُونِ الثَّلَاثَةِ الفَاضِلَةِ فِي جَـمِيعِ الأَمْصَارِ.
    فَإِنَّهُ قَد كَانَ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ مَنْ يَقْرَأ البَسْمَلةَ سِرًّا، وَمَنْ يَقْرَأ بِهَا جَهْرًا، وَمَنْ لَا يَقْرَأُ بِهَا سِرًّا وَلَا جَـهْرًا ، وَكُلٌّ مِنهُم يُصلِّي خَلْفَ الآخَـــرِ ، وَإِنْ كَانَ يُرَجِّحُ قَوْلَهُ، وَمِنْ أَجْوَدِ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ يَرى الْجَهْرَ بِالبَسْمَلَةِ : حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَتَركَ قِرَاءَةَ البَسْمَلَةِ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى فِي أَوَّلِ الفَاتِحَةَ وَأَوَّلِ السُّورَة حَتَّى هَتَفَ بِهِ الصَّحَابَةُ ؛ فَقَرَأَهَا فِي الرَّكَعَةِ الثَّانِيَّة .
    وَقَدِ اعْتَمَدَ الشَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا الأَثَرِ فِي "الأُمِّ"، وَفِيهِ إِجْمَاعُ أُولَئِكَ الصَّحَابَةِ عَلَى الصَّلَاةِ خَلْفَه وَإنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ ذَلِكَ، وَإنْ كَانُوا قَدْ أَنْكَرُوا تَرْكَهُ، وَمَنْ قَالَ مِنَ الْمُتَفِّقَهَةِ أَتبَاعِ الْمَذَاهِبِ : إِنَّه لَا يَصِحُّ اقتدَاؤُه بِمَنْ يُخَالِفُهُ إِذَا فَعَلَ أو تَرَكَ شَيْئًا يَقْدَحُ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ الْمَأمُومِ ؛ فَقَوَدُ مَقَالَتِه يُوقِعُه في مَذْهَبِ أَهْلِ الفُرْقَةِ وَالبِدْعَةِ، مِنَ الرَّوَافِضِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِج ...
    وَلِهَذَا آلَ الأَمْــــرُ بِبَعْضِ الضَّالّينَ إِلَى أَنَّه لَا يُصَلِّي خَلَفَ مَنْ يَرفَــــعُ يَدَيْهِ فيِ الْمَوَاطِنِ الثَّلَاثَةِ وَالآخَرُ لَا يَرَى الصَّلَاةَ خَلفَ مَنْ تَرَكَ الرَّفعَ أَوَّلَ مَرَّةً، وَآخَرُ لَا يُصِلِّي خَلْفَ مَنْ يَتْوَضَّأُ مِنَ الْمَيَاهِ القَلِيلَةِ ، وَآخَــــرُ لَا يُصَلِّي خَلْفَ مَنْ لَا يَتَحَرَّزُ مِنْ يَسِيرِ النَّجَاسَةِ الْمَعْفْو عَنـهَا عِنْدَهُ ، إِلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الضَّلَالَاتِ الَّتِي تُوجِبُ أَيْضًا أَنْ لَا يُصَلِّيَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ الوَاحِدِ بَعْضُهُم خَلْفَ بَعْضٍ ...
    وَالوَاجِبُ عَلَى وُلَاةِ الأُمُورِ الْمَنْعُ مِنَ هَذِهِ البِدَعِ الْمُضِـــلَّة ، وَتَأْدِيبُ مَنْ يُظهِر شَيْئًا مِنْ هَذه الْمَقَالَاتِ الْمُنكَرَةِ، وَإِنْ غَلَطَ فِيهَا غَالِطُونَ، فَمَوَارِدُ النِّزَاعِ إِذَا كَانَ فِي إِظْهَارِهَا فَسَادٌ عَامٌ ؛ عُوقِبَ مَنْ يُظْهِرهَا ، كَمَا يُعَاقَبُ مَن يَشْرَبُ النَّبِيذَ مُتَأَوِّلاً ، وَكَـمَا يُعَاقَبُ البُغَاةُ الْمَتَأُوِّلُونَ، لِكفِّ الْجمَاعَةِ وَإنَّ النَّاسَ بَعْضُهُم عَنِ البَعْضِ .
    وَهَذِهِ الأُصُولُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا هَذَا الوَاجِبُ: ( أَنَّ مَوَارِدَ الاِجتِهَادِ مَعْفُوٌّ فِيهَا عَنِ الأَئِمَّةِ ، وَأَنَّ الاِجْتِمَاعَ وَالائتِلَافَ مِمَّا تَجِبُ رِعَايَتُهُ ، وأنَّ عُقُوبَاتِ الْمُعْتَدِينِ مُتَعَيِّنَةٌ ) هِي مِنْ أَجِلِّ أُصُولِ الإِسْلَامِ " اِنْتهَى كَلَامُ شَيخِ الإسْلَامِ مِنْ كِتَابِه (جامع المسائل 5/273 إلى 279)

    تَنْبيهَانِ مُهِمَّانِ
    التّنْبِيهُ الأَوّلُ: على سببٍ من أسباب بركة العلم ، وهو عزو الفوائد لِمصدرها ، وَإنَّ هذه الفائدة العزيزة والقاعدة النَّفيسة ذكرها الشيخ الفاضل "سـمير مرابيع" ـ وفقه الله ـ في مَجلس عقده في مدينة الصبحة ولاية الشلف حرسها الله ، ثمَّ نشرته الإبانة على حسابها التويتر .
    التّنْبِيهُ الثَّانِي : على وُجُوبِ الفَرْقِ بَيْن القَوْل وَالقَائِل ، قَالَ ابنُ عُثَيْمِين (ت:1421هـ):" وَالْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ عَلَى الأَوصَـــافِ لاَ يَنْطَبِقُ عَلَى الأَشْخَاصِ ، إِلاَّ بِتَحَقُّقِ شُرُوطِ انْطِبَاقِهِ ، وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ .... فَدُعَاءُ القَبْرِ شِـرْكٌ ، لَكنْ لاَ يُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَعَـلَهُ: هَذَا مُشْـرِكٌ ؛ حَتىَّ نَعْرِفَ قِيَامَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، أَوْ نَقُولُ : هَذَا مُشْـرِكٌ بِاعِتِبَارِ ظَاهِرِ حَالِهِ "اهـ([1]).


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
    ([1])( القول المفيد على كتاب التوحيد 1/52 ) ص 20 للعلامة محمد بن صالح العثيمين (المتوفى: 1421هـ)
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-06-07, 10:49 PM.

  • #2
    جزاك الله وجزى شيخنا سمير خير الجزاء على هذه الفائدة النفيسة

    تعليق

    الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
    يعمل...
    X