إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ ) للشيخ أبي عبد الرحمن عبد المجيد جمعة -حفظه الله-

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ ) للشيخ أبي عبد الرحمن عبد المجيد جمعة -حفظه الله-

    بسم الله الرحمن الرحيم



    مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ



    الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له.
    وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله.
    أما بعد:
    فعن عبد الله بن عُمَرَ، قال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ، يقول: «مَن حَالت شفاعتُه دون حدٍّ من حُدود اللهِ، فَقد ضَادَّ اللهَ؛ ومَن خَاصم في باطلٍ وَهو يَعلمه، لم يزلْ في سخطِ الله حتى ينْزعَ عنه؛ ومَن قال في مؤمنٍ ما ليس فيه، أَسْكنه اللهُ رَدْغةَ الخَبَالِ حَتى يَخرجَ مما قَال». رواه أبو داود (3597)؛ وجوّد إسناده المنذري في «الترغيب» (3397)؛ وصحّحه الألباني في «الصحيحة» (437).
    وفي لفظ له (3598): «ومن أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله عزوجل». وصححه الألباني في «الصحيحة» (1021).
    هذا الحديث عظيم، تضمن ثلاث قضايا، من أهمّ قضايا القضاء، والحكم؛ التي لا يثبت العدل، ولا يُرفع الظلم إلا بتحقيقها.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (298/28): «ذكر النبي ﷺ: الحكماء، والشهداء، والخصماء؛ وهؤلاء أركان الحكم».
    القضية الأولى: الشفاعة في حدود الله؛ وتتعلّق بالحكماء.
    القضية الثانية: الخصومة في الباطل؛ وتتعلق بالخصماء.
    القضية الثالثة: التقوّل على المؤمن بما ليس فيه؛ وتتعلّق بالشهداء.

    القضية الأولى: الشفاعة في حدود الله.
    قوله ﷺ: «من حالت» من الحيلولة أي حجبت.
    «شفاعته دون حدّ من حدود الله». والمعنى: مَنْ مَنع بشفاعته من إقامة حدٍّ مِن حُدود الله تعالى، بعد رفعه إلى الإمام؛ سواء بَاشَر بنفسه، أو اتّخذ وُسَطَاء، وشفعاء.
    وهذا بعد بلوغها الإمام؛ فأما قبله، فإنّ الشفاعة فيه جائزة.
    قال تعالى: {من يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا}.
    قال الحَسن البصري: «الشفاعة الحسنة: ما يجوز في الدين الشفاعة فيه؛ والشفاعة السيِّئة: ما لا يجوز الشفاعة فيه»[«شرح أبي داود» لابن رسلان (663/14)].
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (300/28): «فإنّ الشفاعة إعانة الطالب، حتى يصير معه شفْعًا بعد أن كان وِتْرًا؛ فإنْ أعانه على برٍّ، وَتقْوى؛ كانت شفاعة حسنة؛ وإنْ أعانه على إثمٍ، وعُدوان؛ كانت شفاعة سيّئةً. والبرُّ ما أُمرت به، وَالإثم ما نهيت عنه؛ وإنْ كانوا كاذبين، فإنّ الله لا يهدي كيد الخائنين».
    وقوله: «فقد ضادَّ الله». أي: حاربه، وعانده، وخالف أمره، بضدِّ ما أمر الله به مِن إقامة الحد.
    قال ابن رسلان في «شرح أبي داود» (663/14): «أي: خالفه فيما أمر به من إقامة الحد؛ فكأنه صَار ضدًّا له؛ بمخالفته، وردّه حكمه بشفاعته. وهذا الوعيد الشديد، والتهديد الأكيد؛ فيمن يعلم: أنّ فيه حدًّا لله تعالى، ويشفع فيه؛ أو يعلم أنه بلغ الإمام، فأمَّا من لا يعلم؛ فلا إثم عليه إن شاء الله تعالى».
    وسبب ذلك؛ كما قال الطيبي في «شرح المشكاة» (2537/8): «لأن حدود الله، حِمَاه؛ ومَن استباح حِمَى الله، وتعدّى طوره، ونَازع الله تعالى فيما حَمَاه؛ فقد ضادَّ الله».

    القضية الثانية: الخصومة في الباطل.
    قوله: «ومن خاصم في باطل وهو يعلمه». أي: من يجادل في أمرٍ، ويخاصم فيه؛ أو يعين غيره، ويدافع عنه؛ أو ينوب عن أحدٍ في خصومة؛ وهو يعلم كونه باطلًا، غير حقّ؛ كمن يجادل في خصومة؛ ليلبس الحقَّ بالباطل، ويُدحض الحقّ.
    فجَمع بين أمرين؛ أحدهما: المخاصمة في باطل. والثاني: علمه أنه باطل.
    وقوله: «لم يزل في سخط الله تعالى». أي: لا يزال في غضب من الله؛ كما جاء في الرواية الأخرى: «ومَن أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله عز وجل».
    وقوله: «حتى ينزع» أي: يترك، وينتهي عن الخصومة في الباطل؛ وذلك بأن يرجع، ويتوب، ويردّ المظالم، ويستحلّ منها.
    وهو يدخل في التعاون على الإثم، والعدوان؛ فإنّ المعين على الإثم، والعدوان من أهل ذلك.
    ويدخل في قوله تعالى: {وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا}.
    قال ابن القيم في «روضة المحبين» (377): «كلُّ مَن أعَان غيرَه على أمرٍ؛ بقوله، أو فعلِه؛ فقد صار شفيعًا له. والشفاعة للمشفوع له؛ هذا أصلها؛ فإنَّ الشافع يشفع صاحب الحاجة، فيصير له شفعًا في قضائها؛ لعجزه عن الاستقلال بها. فدخل في حكم هذه الآية كلُّ متعاونِين على خيرٍ، أو شَرٍّ؛ بقول، أو عمل. ونظيرها قوله تعالى:{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}».
    ويدخل في عموم قوله تعالى: {وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}.
    قال الزجّاج في «معاني القرآن وإعرابه» (101/2): «أي: لا تكن مخاصمًا، وَلا دَافِعًا عن خَائِن».
    وقال الطبري في «تفسيره» (457/7): «ولا تكُنْ لمن خَان مسلمًا، أو معاهدًا؛ في نفسِه، أو مالِه؛ خَصيمًا تُخاصم عنه, وتدفع عنه؛ مَن طَالبه بحقِّه، الذي خَانَه فيه».
    ففيه وعيد شديد، وتهديد أكيد؛ لمن يخاصم في باطل؛ وهو يعلم.
    قال ابن رجب في «جامع العلوم» (1254/3): «فإذا كان الرجلُ ذا قدرةٍ عند الخصومة -سواء كانت خصومتُه في الدِّين، أو في الدنيا- على أنْ ينتصر للباطل، ويُخيّل للسَّامع أنَّه حقٌّ، ويوهن الحقَّ، ويخرجه في صورة الباطل؛ كان ذلك مِنْ أقبحِ المحرَّمات، ومن أخبث خصال النفاق».

    القضية الثالثة: التقوّل على المؤمن بما ليس فيه.
    قوله: «ومن قال في مؤمن». أي تكلّم في مؤمن؛ بما يذمّه، ويَسُوؤه، ويُشِينه، ويُؤذيه، ويَحطُّ مِن شأنِه، وينقص من قدره.
    وقوله: «ما ليس فيه». أي بالكذب، والبهتان، والافتراءِ عليه؛ كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}.
    قال ابن كثير في «تفسيره» (480/6): «وقوله: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا}. أي: ينسبون إليهم ما هم برآء منه؛ لم يعملوه، ولم يفعلوه. {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}. وهذا هو البهت البيّن: أن يُحكى، أو يُنقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه؛ على سبيل العيب والتنقّص لهم».
    وقد قال النبي ﷺ: «وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتَّه».
    وقوله: «رَدْغة الخَبال»: الرَّدغة: عرق أهل النار، أو عصارتهم؛ كما جاء تفسيرها في حديث آخر، وهو قوله ﷺ: «كل مسكر حرام. إنّ الله عز وجل عهد لمن شرب المسكر، أن يسقيه من طينة الخبال. قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار. أو قال: عصارة أهل النار»[رواه النسائي (5709) عن جابر؛ وصححه الألباني في «صحيح النسائي»].
    ورواه أبو داود (3680) عن ابن عباس، ولفظه: «صديد أهل النار». وصححه الألباني في «الصحيحة» (2039).
    ورواه ابن ماجه (3377) عن عبد الله بن عَمْرو، ولفظه: «ردغة الخبال» بدل «طينة الخبال». وقال: «عصارة أهل النار». دون شك؛ وصحّحه الألباني في «صحيح ابن الماجه».
    قال في «النهاية» (215/2): «والرَّدْغة: -بسكون الدال، وفتحها- طِين، ووحْلٌ كثير. وتجمع على: رَدَغٍ ورِدَاغٍ».
    والخبال في الأصل: الفساد. ويكون في الأفعال، والأبدان، والعقول.[كما في المصدر السابق (2/8)].
    والمعنى: أن الله تعالى يعذّبه بعرق أهل النار، وعصارتهم، وصديدهم؛ جزاء وفاقا. فلما أفسد بالقول على المسلم ما ليس فيه؛ عاقبه الله بفساد أهل النار؛ والجزاء من جنس العمل.
    قوله: «حتَّى يخرج مما قال»: أي: يتخلّص من إثم ما قال فيه؛ من الكذب، والافتراء، والبهتان، والأذية، والطعن؛ وذلك بأن يتوب منه، ويستحلَّ ممَّن قالَ فيه ذلك.
    إذا تقرّر هذا؛ فهذه تتمة الردّ على ما تواطؤوا على نشره، في الاستدلال بالمحادثة بقول الزور، وشهادة الزور.

    1- زعمه أن المفتري شاهد.
    هذا غلط؛ وجوابه من وجوه:
    أولها: أنه مخالف لصريح السنة.
    وهو ما روى ابن عباس، أنّ النبي ﷺ، قال: «لو يُعطى الناس بدعواهم، لادّعى ناسٌ دماءَ رجالٍ، وأموالَهم؛ ولكن اليمين على المدّعى عليه» أخرجه البخاري (4552) ومسلم (1711)؛ ورواه البيهقي في «الكبرى» (21243)، ولفظه: «ولكن البينة على المدعى، واليمين على من أنكر». وفي رواية (21245): «البيّنة على المدعى، واليمين على المدّعى عليه». وصححه الألباني في «الإرواء» (2641).
    فقد أعطيت الدعوى للمفتري ابتداء بمجرد دعواه؛ وهو قد ادّعى أموالًا؛ زورا، ونصْبًا، واحتيالًا؛ وذلك بالتواطؤ مع غيره على قول الزور، وشهادة الزور.
    قال ابن القيم في «الطرق الحكمية» (82): «فهذا الحديث نصٌّ في أنَّ أحدًا: لا يُعطى بمجرّد دعواه. ونصٌّ في أنّ الدعوى المتضمّنة للإعطاء: فيها اليمين ابتداء على المدعى عليه».
    وهذا الحديث أصلٌ في الحكم، والقضاء.
    قال ابن دقيق العيد في «شرح الأربعين» (109): «وهذا الحديث أصل من أصول الأحكام؛ وأعظم مرجع عند التنازع، والخصام».
    وقد حَكى ابن المنذر الإجماع، فقال في «الأوسط» (11/7): «أجمع أهل العلم على أن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه».
    وقال الشيخ السعدي في «بهجة قلوب الأبرار» (123): «هذا الحديث عظيم القدر؛ وهو أصل كبير من أصول القضايا، والأحكام؛ فإنّ القضاء بين الناس، إنما يكون عند التنازع: هذا يدّعي على هذا حقًّا من الحقوق؛ فينكره. وهذا يدعي براءته من الحقّ الذي كان ثابتًا عليه. فبيّن صلى الله عليه وسلم أصلًا يفضّ نزاعهم، ويتّضح به المُحقُّ مِن المبطل.
    فمنِ ادّعى عيْنًا من الأعيان، أو دَيْنًا، أو حقًّا من الحقوق، وتوابعها على غيره؛ وأنكره ذلك الغير؛ فالأصل مع المنكر.
    فهذا المُدّعي؛ إنْ أتى ببيّنة، تُثبت ذلك الحقّ؛ ثبت له، وحُكم له به؛ وإنْ لم يأتِ ببينة، فليس له على الآخر إلا اليمين.
    وكذلك من ادّعى براءته من الحقّ الذي عليه، وأنكر صاحب الحق ذلك، وقال: إنه باقٍ في ذمّته؛ فإنْ لم يأتِ مُدّعي الوفاء، والبراءة ببينةٍ؛ وإلا حكم ببقاء الحقّ في ذمّته؛ لأنه الأصل؛ ولكن على صاحب الحق اليمين ببقائه.
    وكذلك دعوى العيوب، والشروط، والآجال، والوثائق؛ كلّها من هذا الباب.
    فعُلم أنّ هذا الحديث تضطر إليه القضاة في مسائل القضاء كلّها؛ لأنّ البينة اسم للمبيِّن الحقّ؛ وهي تتفاوت بتفاوت الحقوق؛ وقد فصلها أهل العلم.
    وقد بيّن صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الحكمّ، وبيَّن الحِكمة في هذه الشريعة الكلية؛ وأنها عين صلاح العباد في دينهم، ودنياهم؛ وأنه: لو يُعطى الناس بدعواهم لكثر الشرّ، والفساد؛ ولادَّعَى رجالٌ دماء قوم، وأموالهم
    ».

    الثاني: أنه مخالف للأصول؛ وهو أن الأصل براءة ذمّة المُدّعى عليه من كلّ حقّ. لهذا كان جانبه قويًّا؛ فطولب باليمين؛ لأنها حجة ضعيفة؛ بخلاف المدّعي؛ فإنّ جانبه ضعيف؛ لأن يدّعي خلاف الظاهر؛ لهذا طولب بالبينة.
    وفي هذا رد على المفتري في قوله: «وهو المنكر كالعادة». وهذا من جهله؛ فإن المنكر جانبه قويّ؛ لأنه يتمسك بالأصل؛ وهو براءة الذمة.
    وإنما كانت عادتي أن أكون المنكر؛ لأنه في كل مرة ابتلى بأمثاله؛ من النصابين، والمحتالين.
    قال أبو الخطاب في «التمهيد في أصول الفقه» (265/4-266): «واحتج: بأن الشرع جعل البينة في جنبة المدعي؛ لأنه يريد الإثبات؛ ولم يجعلها على المنكر؛ لأنه نافٍ.
    والجواب: أنه ليس كذلك؛ لأنّ المنكر؛ إنِ ادَّعَى عليه عينًا في يده؛ فيَدُه بيّنة؛ وإنِ ادّعى عليه دينًا؛ فدليل العقل له بيّنة على براءة ذمّته، حتى يظهر ما يشغلها؛ وهو يحلف مع ذلك تقوية لدليلِه، حتى يجوز له أن يدعُوَ الحاكمَ إلى الحكم بثبوتِ العيْن له دون المدّعي، وبراءة ذمته من الدين؛ فكذلك النافي للحكم؛ لا يجوز له أن يدعو الناس إلى قوله، ومذهبه إلا بطريقة؛ فأمّا إذا قال: لا أعلم أنّ هذا الحكم ثابت؛ فاتّبعوني. لم يلتفت إليه؛ كما لا يلتفت الحاكم إلى من قال: هذه العين لي، فاحكم لي بها. وأشار إلى عين في الطريق، ليست في يده، ولا يد غيره؛ فإنّ الحاكم لا يَحكم له، بل يقول: ما بيّنتك على ذلك؟
    ».

    الثالث: أنه مخالف لأصول الحكم والقضاء؛ فقد تقرر: أن دعوى التهم، والدعوى المتناقضة، والدعوى الكيدية؛ مرفوضة غير مسموعة؛ فلا يكون فيها الرجل مدّعيا؛ فكيف يكون شاهدًا؟!
    ناهيك عن كون المفتري؛ ثبت بالدليل القاطع، والبينة الواضحة على أنه كاذب، متهم، مختلس، محتال!

    الرابع: أنه مخالف لما قرّره الفقهاء: أنّ مِن موانع قبول الشهادة: أن يكون خصمًا، وأن يجرّ لنفسه نفعًا، وأن يدفع عن نفسه ضررًا؛ لأجل التهمة.
    فكيف يتحوّل المفتري مِن مُدّعٍ إلى شاهد؟! وقد ثبت عنه النصب، والاحتيال؛ بالدليل القاطع، والبينة الصريحة.
    بل كيف يكون مدّعيًا، وشاهدًا في آنٍ واحد؟! بل هذا مخالف للسنة، لحديث ابن عباس السابق.
    قال ابن المنذر في «الأوسط» (281/7): «قال شريح: لا أجيز شهادة خصم، ولا شريك، ولا مريب، ولا دافع مغرم.
    وقال الزهري: مضت السنة في الإسلام: بأن لا تجوز شهادة خصم؛ يخاصم من قريب، أو بعيد. وكان ربيعة يرد شهادة الخصم، الذي يجرّ إلى نفسه
    ».
    ونقل الإجماع على عدم قبول شهاد الخصم، فقال في «الإجماع» (264): «وأجمعوا على أنّ الخصومة؛ إذا كانت قائمة بين الشاهد، والخصم: ألا تقبل لشهادته».

    وهذه نصوص المذاهب


    1- عند الحنفية
    قال الجصاص في «شرح مختصر الطحاوي» (55/8): «قال أبو جعفر: (ولا يحكم بشهادة خصم، ولا جار إلى نفسه، ولا دافع عنها، ولا بشهادة أعمى). والأصل فيه: ما حدثنا ابن قانع قال: حدثنا حامد بن محمد حدثنا شريح حدثنا مروان عن يزيد أبي خالد عن الزهري عن عروة عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يجوز في الإسلام شهادة مجرب عليه شهادة زور، ولا خائن، ولا خائنة، ولا ذي غمر لأخيه، ولا القانع لأهل البيت، ولا ظنين، ولا قرابة».
    فدلّ هذا الخبر على أنّ من شأن الشهادة ردّها بالتّهمة، والشبهة؛ لأن الوجوه المذكورة في الخبر مما رد به الشهادة؛ إنما هي جهات التهمة.
    وأيضًا: فالخصم إنما يريد تصحيح دعواه بشهادته لنفسه؛ فهذه شهادة لنفسه؛ وكذلك الجار إلى نفسه، والدافع عنها
    ».
    2- عند المالكية
    قال ابن عبد البر في «الكافي» (892/2): «وإذا اتهم العدل، لم تقبل شهادته؛ لما جاء في الأثر: لا تقبل شهادة خصم، ولا ظنين، ومن ظهرت عليه محبة قبول شهادته، والحرص البين في نفوذها؛ فهو عند مالك ظنين. لما كان العدل يتّهم بالجرّ إلى نفسه، والدفع عنها؛ لقول الله عز وجل في الإنسان {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}».
    قال الخرشي في «شرح خليل» (191/7): «ولا إنْ دفع؛ كشهادة بعض العاقلة بفسق شهود القتل. (ش) يعني: أنّ من موانع الشهادة: الدفعَ بها عن نفسه ضررًا؛ كشهادة بعض عاقلة القاتلَ خطأً بفسق الشهود، الذين شهدُوا بالقتل المذكور؛ ولو كان هذا الشاهد فقيرا؛ لا يلزمه من الدية شيء؛ فإنّ شهادتَه، لا تصح».
    وقال العدوي في «حاشيته» (347/2): «لا تجوز شهادة (جارٍّ لنفسه نفعا)؛ مثل: أن يشهد لشريكه في شيء من مال الشرلا تجوز شهادة (جارٍّ لنفسه نفعا)؛ مثل: أن يشهد لشريكه في شيء من مال الشركة... (و) كذا (لا) تجوز شهادة (دافع عنها) أي عن نفسه (ضررا) مثل أن يكون لرجل على آخر دين، فادّعى عليه رجلٌ آخر بدين، فشهد له هذا أنه قضاه دينه؛ فهذا يتّهم أن يكون دفع عن نفسه المخاصمة. (و) كذا (لا) تجوز شهادة (وصي ليتيمه) هذا داخل في قوله: ولا جارّ لنفسه؛ لأنه يجرّ بشهادته لنفسه مالًا، يتصرف فيه. إنما كرره ليرتب عليكة... (و) كذا (لا) تجوز شهادة (دافع عنها) أي عن نفسه (ضررا) مثل أن يكون لرجل على آخر دين، فادّعى عليه رجلٌ آخر بدين، فشهد له هذا أنه قضاه دينه؛ فهذا يتّهم أن يكون دفع عن نفسه المخاصمة. (و) كذا (لا) تجوز شهادة (وصي ليتيمه) هذا داخل في قوله: ولا جارّ لنفسه؛ لأنه يجرّ بشهادته لنفسه مالًا، يتصرف فيه. إنما كرره ليرتب عليه».
    3- عند الشافعية:
    قال العمراني في «البيان في فروع الشافعي» (307/13): «مسألة: لا تقبل شهادة من يجر بشهادته لنفسه نفعا؛ أو يدفع عنها ضررا: ولا تقبل شهادة من يجر إلى نفسه نفعا بشهادته، ولا شهادة من يدفع عن نفسه ضررا بشهادته؛ لما روى ابن عمر: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تقبل شهادة خصم، ولا ظنين، ولا ذي غمر على أخيه»، و(الظنين): المتهم، ومن جر إلى نفسه نفعا. بشهادته أو درأ عنها ضررا متهم، فلم تقبل شهادته».
    وقال في «المجموع» (232/20): «ولا تقبل شهادة جارٍّ إلى نفسه نفعا، ولا دافع عن نفسه ضررا؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تقبل شهادة خصم، ولا ظنين، ولا ذي إحنة». والظنين: المتهم، والجارّ إلى نفسه نفعا، والدافع عنها ضررا: متهمان؛ فإن شهد المولى لمكاتبه بمال لم تقبل شهادته؛ لأنه يثبت لنفسه حقًّا؛ لأن مال المكاتب يتعلق به حق المولى.
    وإن شهد الوصي اليتيم والوكيل للموكل فيما فوض النظر فيه إليه لم تقبل لانهما يثبتان لأنفسهما حق المطالبة والتصرف
    ».
    4- عند الحنابلة
    قال ابن قدامة في «المغني» «174/14»: «مسألة؛ قال: (ولا تقبل شهادة خصم، ولا جارّ إلى نفسه، ولا دافع عنها).
    أما الخصم، فهو نوعان؛ أحدهما: كل من خاصم في حقّ؛ لا تقبل شهادته فيه؛ كالوكيل؛ لا تقبل شهادته فيما هو وكيلٌ فيه؛ ولا الوصي فيما هو وصيٌّ فيه؛ ولا الشريك فيما هو شريك فيه؛ ولا المضارب بمال، أو حقّ للمضاربة.
    ولو غصب الوديعة من المودع، وطالب بها؛ لم تقبل شهادته فيها؛ وكذلك ما أشبه هذا؛ لأنه خصم فيه؛ فلم تقبل شهادته به
    ...».
    وقوله: «إن لي وقفتين ...».
    جوابه من وجوه:
    أولها: أنه نسي الوقفة الكبرى؛ وهي وقوفه بين يدي الله تعالى؛ يحاسبه على كل صغيرة، وكبيرة؛ فليعد لذلك اليوم جوابًا عن قوله الزور، وشهادته بالزور. {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون}،{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيه (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيه (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيه (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيه (37)}، {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُون (88) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم}.
    قال تعالى: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِين (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُون (3) أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون (4) لِيَوْمٍ عَظِيم (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين (6)}.
    إذا كان هذا في المطففين في الميزان؛ فما بالك فيمن يقول الزور، ويشهد الزور؛ فهو أولى بهذا الوعيد الشديد.
    قال الشيخ السعدي في «تفسيره» (915): «وإذا كان هذا الوعيد، على الذين يبخسون الناس؛ بالمكيال، والميزان؛ فالذي يأخذ أموالهم قهرًا، أو سرقة؛ أولى بهذا الوعيد؛ من المطفّفين.
    ودلّت الآية الكريمة، على أنّ الإنسان؛ كما يأخذ من الناس الذي له، يجب عليه أن يعطيهم كلّ ما لهم؛ من الأموال، والمعاملات؛ بل يدخل في عموم هذا الحجج، والمقالات؛ فإنه؛ كَما أنّ المتناظرين، قد جرت العادة: أنّ كلّ واحد منهما، يحرص على مَا لَهُ منَ الحُجج؛ فيجب عليه أيضا أن يبيّنَ ما لخَصمِه منَ الحجج التي لا يعلمها، وأن ينظر في أدلة خصمه؛ كما ينظر في أدلّته هو.
    وفي هذا الموضع، يعرف إنصاف الإنسان من تعصّبه، وَاعْتسافه؛ وتواضعه من كبره؛ وعقله من سفهه. نسأل الله التوفيق لكلّ خير.
    ثم توعّد تعالى المطففين، وتعجّب من حالهم، وإقامتهم على ما هم عليه! فقال: {أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون (4) لِيَوْمٍ عَظِيم (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين (6)}. فالذي جَرَّأهم على التطفيف عدمُ إيمانهم باليوم الآخر؛ وإلَّا؛ فلَوْ آمنوا به، وَعرفوا أنهم يقُومُون بين يدي الله؛ يحاسبهم على القليل، والكثير؛ لأقلعوا عن ذلك، وتابوا منه»
    .
    الثاني: أننا نحمد الله تعالى، أنه كَشف ما كان يُخطِّطون له، ويسعَون إليه جاهدين؛ حتى انتهكوا بسببه الحُرمات، وارتكبوا المحرمات؛ من التزوير، والكذب، والبهتان، وقول الزور، وشهادة الزور، والفجور في الخصومة، والاتّهام بالباطل، والطعن في الأعراض، وغيرها من المنكرات؛ حتى يصلوا إلى هذه التهمة.
    الثالث: أنّ العبرة بالدليل؛ وليس بالتزوير، وقول الزور، وشهادة الزور، وتزييف الحقائق، وتلبيس الحقّ بالباطل.
    والدَّعاوي إن لم تقيموا عليها بيِّناتٍ أصحابُها أدْعيَاءُ
    وقد قامت الأدلة القاطعة، والبيّنة الواضحة؛ على أنه ثبت عَن المفتري تجارتُه باسمي، واحتياله عليَّ، وعلى المحسنين، وأنه كاذب، محتال.
    الرابع: أن هذه الشهادة، التي كتبوها؛ بالزور، والبهتان؛ سيُسألون عنها يوم القيامة. قال تعالى: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُون}، وقال سبحانه: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون}[يس: 65]، وقال عز وجل: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
    وروى أنس بن مالك، قال: «كنَّا عند رسول الله ﷺ، فضحك، فقال: «هل تدرون ممَّ أضحك؟! قال: قلنا: الله، ورسوله أعلم. قال: من مخاطبة العبد ربه. يقول: يا رب، ألم تجرني من الظلم؟! قال: يقول: بلى. قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني. قال: فيقول: كَفَى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهُودًا. قال: فيُختم على فِيهِ، فيقال لأركانه: انْطِقِي. قال: فتنطق بأعماله. قال: ثم يُخَلَّى بينه وبين الكلام. قال: فيقول: بُعْدًا لَكُنَّ، وسُحْقًا. فعَنْكُنَّ كنتُ أناضل»[رواه مسلم (2969)].
    الخامس: أن هذه التهمة، بُنِيت على التزوير، وقول الزور، وشهادة الزور. وما بُنِي على باطل، فهو باطل؛ وما بني على فاسد، فهو فاسد؛ وما بني على حرام، فهو حرام.
    السابع: أن هذه التغريدة، تضمنت الخصومة بالباطل، والقول على المؤمن بما ليس فيه. وقد علمت -أخي القارئ- جزاء من يفعل ذلك.
    الثامن: أنّ تواطأهم على فعلهم الشنيع؛ قد أوقعهم في عدّة منكرات؛ منها:
    أولا: التلبيس، والتدليس، والغش، والغلط، والتمويه؛ والتغرير، ونحو ذلك؛ وكلّ ذلك محرم.
    قال تعالى: {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ}.
    وقال ﷺ: «منْ غشَّنا فليس منا»[رواه مسلم (101) عن أبي هريرة].
    ثانيا: الكذب؛ وقد اتّفق أهل العلم على أنه من الكبائر؛ وأنه لا تقبل شهادة الكاذب. لهذا اشترطوا العدالة في الشاهد؛ لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}.
    قال ابن قدامة في «المغني» (125/14): «وأجمعوا على أنه يُشترط كَوْنُهم مسلمِين، عدولًا؛ ظاهرًا، وباطنًا».
    ويتبيّن من هذا: أن الفاسق، لا تقبل شهادته. والكذب من أخسّ صفات الفسق؛ فيكون الكاذب ساقط العدالة؛ لا تقبل شهادته، ولا يقبل قوله.
    قال ابن قدامة في «المغني» (43/14): «إنّ معرفة العدالة، شرط في قبول الشهادة؛ بجميع الحقوق».
    وقال في موضع آخر (258/14): «إنّ شهادة الفاسقين مُجمَعٌ على ردِّها؛ وقد نصَّ الله تعالى على التبيّن فيها، فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}.
    وأمر بإشهاد العدول، وقال سبحانه: {وأشهدوا ذوي عدل منكم}.
    واعتبر الرضى بالشهداء، فقال تعالى: {ممن ترضون من الشهداء}
    ».
    وقد ذكر ابن القيم الحكمة في عدم قبول شهادة الكاذب، فقال في «أعلام الموقعين» (235/2): «فصل: وأقوى الأسباب في ردّ الشهادة، والفُتيا، والرواية: الكذبُ؛ لأنه فسادٌ في نفس آلة الشَّهادة، والفتي،ا والرواية؛ فهو بمثابة شهادة الأعمى على رؤية الهلال، وشهادة الأصم -الذي لا يسمع- على إقرار المقرِّ؛ فإن اللسان الكذوب بمنزلة العُضو الذي قد تعطّل نَفْعُه؛ بل هو شرٌّ منه، فشرُّ ما في المَرْء لِسانٌ كَذوبٌ؛ ولهذا يجعل اللَّه سبحانه شعارَ الكاذب عليه يوم القيامة، وشعارَ الكاذب على رسوله: سَوَاد وجوههم.
    والكذبُ له تأثير عظيم في سواد الوجه، ويكسوه بُرْقُعًا من المقْت؛ يراه كلُّ صادق؛ فسيما الكاذب في وجهه؛ يُنادي عليه لمن له عينان.
    والصادق يرزقه اللَّه مَهَابة، وجَلالة؛ فمن رآه هابه، وأحبّه؛ والكاذب يرزقه إهانة، ومَقْتًا؛ فمن رآه مَقَته، واحتقره؛ وباللَّه التوفيق، وإليه ننيب
    ».
    ثالثا: شهادة الزور؛ وشاهد الزور؛ لا يقبل قولُه، ولا تُعتبر شهادته؛ باتّفاق أهل العلم؛ فهو ساقط العدالة.
    فقد قال عمر بن الخطاب في رسالته إلى أبي موسى الأشعري -المعروفة برسالة القضاء، ومعاني الأحكام-: «المسلمون عدول بينهم بعضهم على بعض إلا مجلودًا في حدٍّ، أو مجرَّبًا في شهادة زور...». أخرجه الدارقطني (4471-4472) والبيهقي في «الكبرى» (20489-20492)؛ وصححه الألباني في «الإرواء» (2619).
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة» (71/6): «ورسالة عُمَرَ المَشهورة في القضاء إلى أبي موسى الأشعري؛ تداولها الفقهاء، وبنَوا عليها، واعتمدوا على ما فيها؛ من الفقه، وأصول الفقه».
    وقال ابن القيم في «أعلام الموقعين» (68/1): «وهذا كتاب جليل، تلقّاه العلماء بالقبول، وبنَوا عليه أصولَ الحكم والشهادة؛ والحاكم، والمفتي؛ أحوج شيء إليه، وإلى تأمّله، والتفقّه فيه».
    وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميه ابن القيم: أنّ شاهد الزور، لا تقبل شهادته، ولو مرة واحدة.
    وقال في «منهاج السنة» (427/2): «لهذا ترد شهادة الشاهد للكذبة الواحدة، وإن لم تكن كبيرة في أحد قولي العلماء، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد.
    ولو تاب شاهد الزور من الكذب هل تقبل شهادته؟ فيه قولان للعلماء، والمشهور عن مالك أنها لا تقبل
    ».
    وقال في «إعلام الموقعين» (228/2) في تعليقه على رسالة عمر: «وقوله: «إلا مُجربًّا عليه شهادة زور». يدلّ على أنّ المرّة الواحدة من شهادة الزور، تستقل بردّ الشهادة».
    وحكى ابن قدامة الاتفاق على تعزير شاهد الزور، والتشهير به، فقال في المغني (14/ 262): «فمتى ثبت عند الحاكم عن رجلٍ؛ أنه شهد بزُورٍ عمدًا؛ عَزَّرَه، وشَهَّرَه».
    قال: «لأنه قول عمر رضي اللَّه عنه؛ ولم نعرف له في الصحابة مخالفًا
    ».
    ونصّ الأئمة الأربعة على تعزيره، والتشهير به في المجامع.
    1- قول أبي حنيفة
    قال في «فتح القدير» (474/7 وما بعدها): «إذا ثبت كونه شاهد زور؛ فقال أبو حنيفة رحمه الله: يُعزّر بتشهيره على الملإ في الأسواق، ليس غير. وقالَا: (يعني محمد بن الحسن، وأبا يوسف): نوجعه ضربا، ونحبسه. فصار معنى قوله: «ولا أعزره». لا أضرّ به. فالحاصل: الاتفاق على تعزيره غير أنه اكتفى بتشهير حاله في الأسواق؛ وقد يكون ذلك أشدّ عليه من الضرب خفية. أو هما أضافَا إلى ذلك الضرب، والحبس».
    وقال الكاساني في «بدائع الصنائع» (289/6): «قول الزور؛ جناية ليس فيها -فيما سوى القذف- حدٌّ مقدّر؛ فتُوجب التعزير؛ بلا خلاف بين أصحابنا؛ وإنما اختلفوا في كيفية التعزير؟
    قال أبو حنيفة -عليه الرحمة-: تعزيره: تشهيرٌ؛ فيُنادى عليه في سوقه، أو مسجد حيِّه؛ ويحذر الناس منه، فيقال: «هذا شاهد الزور، فَاحْذَرُوه».
    وقال أبو يوسف، ومحمد -رحمهما الله-: يضمّ إليه ضرب أسواط. هذا إذا تاب، فأمّا إذا لم يَتُبْ، وأصرَّ على ذلك، بأن قال: إني شهدت بالزور، وأنا على ذلك قائم. فإنه يُعزَّر بالضرب بالإجماع.
    احتجَّا بما رُوي عن سيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه ضرب شاهد الزور، وسخم وجهه
    ».
    2- قول مالك
    وقال مالك: «وإذا ظهر الإمام على شَاهدِ الزّور، ضَرَبه بقدر رأيه، وطاف به في المجالس
    قال ابن القاسم: يريد بقوله في المجالس: المسجد الجامع.
    قال مالك: ولا تُقبل له شهادة أبدًا، وإنْ تاب، وحسنت حاله.
    قال ابن وهب: وقد كتب عمر بن الخطاب إلى عامله بالشام: «وإذا أخذتم شاهد الزور، فاجلدوه أربعين جلدة، وسخموا وجهه، وطوفوا به حتى يعرفه الناس».
    ويقال: يسجنه ويحلق رأسه
    ». «الجامع لمسائل المدونة» (543/17) «تهذيب المدونة» (616/3).
    وفي «النوادر والزيادات» (8/389) لابن أبي زيد القيرواني: «في شاهد الزور، وعقوبته، وهل تُقبل شهادته بعد توبته؟ من المجموعة: روى ابن وهب عن مالك في شاهد الزور؛ قال: يجلد، ويطاف به، ويُشهَّر.
    قال عنه ابن نافع: ويوقف، ولا أريد النداء. قيل: هل يطاف به؟ قال: ما أريد أن أتكلّم به.
    قال عنه: يُضرب، ويحبس، ثم يضرب، ويُفضح، ويشار به.
    قال عنه ابن كنانة: يُجلد نكَالًا، ويُكشف عن ظهره، ويشهّر به؛ إذا شهد بصريح الزور؛ فأما إن نسي، أو شبه ذلك، ولم يتعمّد، فلا شيء عليه.
    قال ابن المواز عن مالك: يُفضح، ويُوجع أدبًا، ويُشار به، ويُسجن.
    ابن حبيب: رُوي عن عمر: أنه ضَرب شاهدَ الزور أربعين سوطًا، وسَخَم وجْهَه، وطَاف به في الأسواق.
    وروي عن شريح، أنه: نزع عمامته، وخفقه خفقات، وعرفه أهل المسجد، وأهل سوقه.
    قال ابن الماجشون: يضرب بالسيوط، ويطاف به بالأسواق، والجماعات، والإشهار؛ ولا أرى الحلق، والتسخيم. كره ذلك مالك، وأصحابه، رواه مطرف عن مالك.
    قال محمد بن عبد الحكم: إذا ثبت عليه أنه يشهد بالزور، ويأخذ على الشهادات الجعل؛ رأيت: أن يُطاف به، ويشهر في المسجد في الحلق، وحيثما يعرف به جماعة الناس، ويضرب ضربا مُوجعًا، ولا يحلق لحيته ورأسه، وليكتب القاضي بشأنه، وما ثبت عنده: كتابًا، وينسخه نسخا، يرفعها عند الثقات، ولا يقبل شهادته أبدا؛ وإذا كان ظاهرَ العدالة؛ إذْ لا تعرف توبة مثل هذا أبدا.
    قال ابن نافع في المجموعة عن مالك: ولا تقبل شهادته أبدا؛ إذا ظهر عليه. قال ابن نافع: وإنْ تَاب.
    وفي كتاب ابن المواز عن القاسم: بأنه تقبل شهادته. وأظنّه لمالك.
    وتعرف توبته بالصلاح، والتزيد في الخير.
    ورُوي عن ابن القاسم قولٌ آخر: أنه إذا اطّلع عليه بذلك، فلا تقبل له شهادة أبدًا. قاله سحنون في المجموعة: وهو كالزنديق.
    قال في موضع آخر: ولا تقبل توبته إلا أن يأتي تائبًا قبل الظهور عليه.
    ابن حبيب عن ابن الماجشون: إن كان عند الناس ظاهر الفضل، والعدل حتى اطّلع عليه بذلك؛ سقطت شهادته أبدًا، وإن تاب؛ وأما من لم يكن ممن يُعرف بالفضل؛ فهذا إذا ظهرت توبته، جازت شهادته؛ لأنه عاد إلى أفضل مما كان عليه.
    قال أصبغ: وينبغي في شاهد الزور؛ أن يَكتب عليه الإمام بذلك كتابًا؛ لئلَّا يُنسى ذلك؛ فتجوز شهادته.
    ومن العتبية: روى أبو زيد عن ابن القاسم: قيل له: هل تقبل شهادة شاهد الزور؟ قال: إن عُرف منه تزيد في الخير، والإقبال؛ جازت شهادته
    ».
    وقال ابن عبد البر في «الكافي» (916/2): «ولا تجوز الشهادة في مثال ذلك؛ ويُؤدَّب شاهد الزور، ويُطاف به، ويُشهَّر أمرُه، ولا تُقبل شهادتُه بعده».
    3- قول الشافعي
    قال الشافعي في «الأم» (134/7): «وإذا أقرّ الرجل، بأنْ قد شهد بزور، أو عَلم القاضي يقينًا؛ أنه قد شهد بزُورٍ: عَزَّرَه، ولا يبلغ به أربعين، ويُشهِّر بأمرِه؛ فإنْ كان مِن أهل المسجد، وقفه في المسجد؛ وإنْ كان مِن أهل القبيلة، وقفه في قبيلته، وإنْ كان سُوقيًّا، وقفه في سُوقه؛ وقال: إنا وجدنا هذا شاهدَ زُور؛ فاعْرفُوه، وَاحذروه».
    وجاء في «المجموع» (231/20): «ومَن شهد بالزور؛ فَسَق، ورُدَّت شهادتُه؛ لأنها من الكبائر».
    4- قول أحمد
    قال الكوسج في «مسائله» (2917): «قلت: شاهد الزور ما يصنع به؟ قال: يُقام للناس، ويُعرَّف، ويُؤدَّب».
    قال إسحاق (وهو ابن راهويه): كما قال. إنْ كان مِن التُّجار، بعثه إلى سوقه؛ وإنْ كان منَ العرب، فإلى حَيِّه؛ كمَا فَعَل شُريح. وهذا إذا تحقّق تعمده لذلك
    ».
    وقال ابن هانئ في «مسائله» (1333): «سمعتُ أبا عبد اللَّه، يقول في شَاهد الزور: يُطاف به في حيِّه، ويُشهَّر أمرُه، ويؤدَّب أيضًا؛ ما به بأس».
    وقال مُهَنّا: «قال أحمد في شاهد الزور: يُبعث به في محلّته، يقولون: هذَا فُلان، يشهد الزُّور؛ أعرفوه. قيل له: ثم يضرب؟ قال: نعم. قيل له: نصف الحدّ؟ قال: لا أقُلْ. قيل له: يُسوَّدُ وجْهُه؟ قال: قَد رَوَى عَن عُمر رضي اللَّه عنه أن سَوَّد وجْهَ شاهِدِ الزُّور. قِيل له: فتَرى أنت أن يُسوَّد وجْهُه؟ قال: لا أدري. وكأنّه كَرِه تسوِيدَ الوجْه».
    وقال أبو يعلى في «الأحكام السلطانية» (283) -تعليقًا عليه-: «فقد نصّ على أنه يُنادى بذنبه، ويُطاف به، ويُضرب مع ذلك؛ وتوقَّف عن تسْوِيد وجْهِه».
    وقال ابنُ قدامة في «المغني» (260/14): «قال: ومَن شهد بشهادة زور؛ أُدِّب، وأُقيم للناس في المواضع، التي يشتهر: أنه شاهدُ زُورٍ. إذا تحقَّق تعمّدُه لذلك.
    وَجملة ذلك: أنّ شهادة الزور مِن أكبر الكبائر، قد نهى الله عنها في كتابه، مع نهيه عن الأوثان، فقال تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور} [الحج: 30]
    ».
    وقال المارداوي في «الإنصاف» (30/94): «قوله: (وإذا علم الحاكم بشاهد الزور؛ إمّا بإقراره؛ أو عَلِم كذبه، وتعمّده: عَزَّرَه، وطَاف به في المواضع، التي يشتهر فيها، فيُقال: إنَّا وَجَدْنا هذا شاهدَ زُور، فَاجْتنبُوه. بلا نزاع. وللحاكم فعْلُ ما يَراه من أنواع التعزير به. نقل حنبل: ما لم يخالف نصًّا. وقال المصنف: أو يخالف معنى نصٍّ.
    قال ابن عقيل، وغيره: وله أن يجمع بين عقوبات، إن لم يرتدع إلا به. ونقل مهنا: كراهة تسويد الوجه
    ».
    وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ فقد سُئل عن امرأة؛ لها أب، وأخ، ووكيل أبيها؛ في النكاح؛ وغيره حاضر؛ فذهبت إلى الشهود، وغَيَّرت اسْمَها، وَاسْمَ أبِيها، وادَّعَت أنَّ لها مُطَلِّقًا، يريد تجدِيدَ النكاح، وأحضرت رجلًا أجنبيًّا، وذكرت أنه أخُوها؛ فكَتَبَتِ الشّهُودُ كتابَهَا على ذلك؛ ثم ظَهر ما فعلته، وثبت ذلك بمجلس الحكم؟
    فممّا أجابه، قال: «... وأمّا المُعرِّفُون بهم، فيعاقبون على شهادة الزور: بالنَّسَب لها، والتزوِيجِ، والتطْلِيق، وعدم وليٍّ حاضر. وينبغي أن يبالغ في عقوبة هؤلاء؛ فإنَّ الفقهاء؛ قد نصُّوا على أنّ شاهدَ الزور؛ يُسوّد وجْهُه؛ بما نقل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه كان يسوّد وجهه. إشارةً إلى سواد وجْهِه بالكذب. وأنه كان يركبه دابة مقلوبًا إلى خلف. إشارة إلى أنه قلب الحديث. ويُطاف به، يشهّره بين الناس: أنه شاهد زور.
    وتعزير هؤلاء، ليس يختصّ بالحاكم؛ بل يعزّره الحاكم، والمحتسب، وغيرُهما من ولاة الأمور، القادرين على ذلك. ويتعيّن ذلك في مثل هذه الحال، التي ظهر فيها فساد كثير في النساء، وشهادة الزور كثيرة؛ فإن النبي ﷺ، قال: «إنّ الناس إذا رأوا المنكر، فلم يغيّروه؛ أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه». والله أعلم
    ».
    وقال في كتاب «الاستقامة» (1/354): «ولهذا يُوصف الكذّاب بسواد الوجه؛ كما يوصف الصادق ببياض الوجه. كما أخبر الله بذلك. ولهذا رُوي عن عمر بن الخطاب: أنه أَمر بتعزيز شَاهدِ الزور: بأن يسوّد وجهه، ويركب مقلوبًا على الدابة. فإنّ العقوبة من جنس الذنب؛ فلمّا اسْودَّ وجهه بالكذب، وقَلَّب الحديثَ؛ سَوَّد وجْهَه، وقُلِّب في ركُوبه».
    والمباشر لشهادة الزور أشد من المتسبب فيها، قال العز بن عبد السلام في «قواعد الأحكام» (1/24): «والحكم بغير الحقّ كبيرة؛ فإنّ شاهد الزور متسبِّبٌ، متوسّل؛ والحاكم مباشر؛ فإذا جعل التسبّب كبيرةً، فالمباشرة أكبر من تلك الكبيرة.
    ولو شهد اثنان بالزور على قتلٍ، مُوجبٍ للقصاص، فسَلَّم الحاكم المشهودَ عليه إلى الوالي، فقتله؛ وكلّهم عالمون بأنهم ظالمون. فشهادة الزور كبيرة، والحكم أكبر منها؛ ومباشرة القتل أكبر من الحكم؛ والوقوف على تساوي المفاسد، وتفاوتها: عزّة؛ ولا يهتدي إليها إلا من وفّقه الله تعالى. والوقوف على التساوي أعزّ من الوقوف على التفاوت؛ ولا يمكن ضبط المصالح، والمفاسد إلا بالتقريب.
    ولا يلزم من النص على كون الذنب كبيرة، أن يكون مساويًا لغيره من الكبائر؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن من الكبائر أن يشتم الرجل والديه. قالوا: يا رسول الله، وكيف يشتم الرجل والديه؟! فقال. نعم! يسبّ أبا الرجل، فيسب أباه؛ ويسبّ أمه، فيسبّ أمّه». رواه مسلم في الصحيح. جعل صلى الله عليه وسلم التسبّب إلى سبِّهما منَ الكبائر؛ وهذا تنبيهٌ على أنّ مباشرة سبِّهما أكبر من التسبّب إليه
    ».

    قصة، وعِبرة


    قال ابن القيم في «أعلام الموقعين» (2/232): «قال الحَسن بن زيادٍ اللؤْلؤي: ثنا أبو حنيفة، قال: «كُنّا عند محارب بن دِثار، فتقدّم إليه رجلان، فادَّعى أحدُهما على الآخر مالًا، فجَحَده المُدَّعَى عليه، فسأله البيّنة؛ فجاء رجل فشهد عليه، فقال المشهود عليه: لا واللَّه الذي لا إله إلا هو، ما شهد عليّ بحقٍّ، وما علمته إلا رجلًا صالحًا، غير هذه الزلّة؛ فإنّه فَعَلَ هذَا لحقدٍ، كان في قلبه عَلَيَّ، وكَان محاربٌ متكئًا، فاستوى جالسًا، ثم قال: يا ذا الرجُلُ، سمعتُ ابنَ عمر يقول: سمعتُ رسول اللَّه ﷺ، يقول: «ليأتينّ على الناس يومٌ تشيب فيه الوِلْدان، وتَضَع الحوامل ما في بطونها، وتضرب الطير بأذنابها، وتضع ما في بطونها من شدّة ذلك اليوم، ولا ذنب عليها، وإنْ شاهد الزور، لا تقار قدماه على الأرض حتى يُقْذَفَ به في النار». فإنْ كنْتَ شهدتَ بحقِّ؛ فاتَّقِ اللَّه، وأقم على شهادتك؛ وإنْ كنتَ شهدتَ بباطلٍ؛ فاتَقِ اللَّه، وغطِّ رأسك، واخرُج من ذلك الباب. فغطّى الرجل رأسه، وخرج من ذلك الباب».
    * * *

    وكتب:
    عبد المجيد جمعة
    ليلة الجمعة 29 شعبان 1443
    من هجرة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.
    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-04-03, 06:19 PM.

  • #2
    جزى الله خيرا شيخنا عبد المجيد جمعة

    تعليق


    • #3
      جزى الله شيخنا الفاضل

      تعليق


      • #4
        قال تعالى : {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ¤ وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا}

        إلاّ أنّه يا شيخنا الحبيب عندما يمرض قلب العبد يفسد اعتقاده كما تفسد إرادته . لأجل ذلك قال السعدي رحمه الله تعالى: فالذي جَرَّأهم على التطفيف عدمُ إيمانهم باليوم الآخر؛ وإلَّا؛ فلَوْ آمنوا به، وَعرفوا أنهم يقُومُون بين يدي الله؛ يحاسبهم على القليل، والكثير؛ لأقلعوا عن ذلك، وتابوا منه...

        فنعوذ بالله أن نكون من من يذكر فلا يتعظ. ومن الحور بعد الكور

        تعليق


        • #5
          فضيلة الشيخ عبدالمجيد جمعة حفظ الله مهجته ... مقال ماتع ومفيد. سلمت يمينك شيخنا الفاضل.

          تعليق


          • #6
            نسأل الله -عزّ وجلّ- أن يجمع شمل مشايخنا الأفاضل ، وأن يوحّد كلمتهم أقوى من ذي قبل ، وأن يفضح المتاجرين بقضيتهم لينالوا عرضا فانيا من الدنيا ؛ بل تبعة يوم القيامة.

            تعليق


            • #7
              سلمت يمينك شيخنا ووالدنا، جزاك الله خيرا.

              تعليق


              • #8
                جزاكم الله خيرا شيخنا الحبيب أبا عبد الرحمن وبارك فيكم
                التعديل الأخير تم بواسطة إدارة الإبانة السلفية; الساعة 2022-04-03, 12:56 PM.

                تعليق


                • #9
                  جزاك الله خيرا شيخنا الكريم ونفع الله بك العباد والبلاد

                  تعليق

                  الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
                  يعمل...
                  X