إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التحفة في أداب و أحكام السلام جمع واعدادي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التحفة في أداب و أحكام السلام جمع واعدادي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وبه ثقتي
    {وَمَا تَوْفِيقِى إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}
    * * *
    التّحفة
    في أداب وأحكام السّلام

    ــ . ــ



    إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
    {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.
    {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}.
    {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا}.
    "واتقوا الله وعليكم بالسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء من بعدي الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار". أما بعد:

    فهذه السلسلة المباركة إن شاء الله سأتطرق فيها إلى معرفة بعض الاداب السنية كما جاءت على نبينا عليه الصلاة والسلام وأبتدأ بالأدب الأول وهي تحية الإسلام الا وهي السلام، ووسمت هذا الكتاب: "التحفة في أداب وأحكام السلام".
    قال الامام البخاري: حدثنا يعقوب حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد" متفق عليه.
    قال الامام مسلم: حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد جميعا عن أبي عامر قال عبد حدثنا عبدالملك بن عمرو حدثنا عبدالله بن جعفر الزهري عن سعد بن إبراهيم قال سألت القاسم بن محمد عن رجل له ثلاثة مساكن فأوصى بثلث كل مسكن منها قال يجمع ذلك كله في مسكن واحد ثم قال أخبرتني عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" متفق عليه.
    قال الامام البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني بمكة قال: نا جعفر بن محمد السوسي نا هارون بن موسى ح
    وأخبرنا أبو عبد الله أخبرني يعقوب بن أحمد بن محمد بن محمد الخسروجردي نا داود بن الحسين البيهقي نا هارون بن موسى الفروي المديني نا أنس بن عياض عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "إن الله حجب التوبة عن صاحب كل بدعة". وفي رواية السوسي: "احتجب الله التوبة عن كل صاحب بدعة". روه الطبراني في المعجم الأوسط ومجمع الزوائد وصححه الشيخ الألباني.
    قال الامام ابن بطة العكبري: حدثنا حفص بن عمر، قال : حدثنا أبو حاتم ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا شبابة بن سوار ، عن هشام ، عن نافع ،عن ابن عمر، قال: "كل بدعة ضلالة ، وإن رآها الناس حسنة" الابانة الكبرى لابن بطه وصححه الالباني.
    وقال الامام الشاطبي في الاعتصام: عن ابن الماجشون، قال: سمعت مالكا يقول: "مَن ابْتَدَعَ في الإِسلام بدعة يَراها حَسَنة ؛ فَقَدْ زَعَمَ أَن مُحمّدا -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خانَ الرّسالةَ؛ لأَن اللهَ يقولُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فما لَم يَكُنْ يَوْمَئذ دينا فَلا يكُونُ اليَوْمَ دينا".
    وقال الامام اللالكائي في (شرح أصول أهل السنة): قال الإِمام أَحمد بن حنبل؛ إِمام أَهل السُّنَّة رحمه الله: "أصولُ السنَّة عنْدَنا : التمسك بما كان عَليه أَصْحاب رَسُول الله- صلى الله علَيه وعلى آله وسلَّم- والاقْتداءُ بهم ، وتَرك البدَع ، وكل بدعة فهيَ ضَلالة".
    وقال الامام ابن وضاح في (البدع والنهي عنها): عن الحسن البصري -رحمه الله تعالى- قال: "لو أَن رجُلا أَدركَ السلفَ الأَولَ ثم بُعثَ اليومَ ما عَرَفَ من الإِسلام شيئا- قال: ووضع يده على خدِّه ثم قال: -إِلّا هذه الصلاة- ثم قال: أَما والله ما ذلكَ لمن عاشَ في هذه النكراء ولم يدرك هذا السلف الصالحَ؛ فرأى مبتدعا يدعو إِلى بدعته، ورأى صاحبَ دنيا يدعو إِلى دنياه؛ فعصمهُ الله من ذلكَ، وجعلَ قلبهُ يحنّ إِلى ذلك السَّلف الصالح يَسْأَلُ عن سبيلهم، ويقتص آثارهُم، ويَتّبعُ سبيلهُم، ليعوض أَجرا عَظيما؛ فكذلك فكونوا إِن شاء الله".
    وما أَجمل قول العالم العامل الفضيل بن عياض -رحمه الله تعالى- حيث قال: "اتبعْ طُرقَ الهُدى ولا يَضرك قلَّةُ السالكينَ، وإِياكَ وطُرُقَ الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين" الشاطبي في "الاعتصام".
    وقال الامام ابن القيم: قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- لمن سأله عن مسألةٍ، وقال له: إِن أَباك نهى عنها: "أأَمْرُ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم- أَحَق أَنْ يتبعَ، أَو أَمرُ أَبي؟!"زاد المعاد.
    وقال ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (95/2): "أجمع أهلُ الفقه والآثار مِن جميع الأمصار أنَّ أهلَ الكلام أهلُ بدَع وزيغ، ولا يُعدُّون عند الجميع في جميع الأمصار في طبقات العلماء، وإنَّما العلماء أهلُ الأثر والتفقُّه فيه، ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز".
    وفي كتاب السنّة لمحمد بن نصر المروزي (82) عن عبد الله بن عمر قال: "كلُّ بدعة ضلالة وإن رآها النّاسُ حسنة".
    وفي حلية الأولياء لأبي نعيم (244/10) قال أبو عثمان النيسابوري: "مَن أمَّر السنَّةَ على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة، ومَن أمَّر الهوى على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالبدعة".
    وقال جعفر بن محمد، سمعت قتيبة -رحمه الله- يقول: "إِذا رأَيتَ الرجُلَ يُحبُّ أَهلَ الحديثِ؛ مثل يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي، وأَحمد بن حنبل، وإِسحاق بن راهويه . . . وذكر قوما آخرين؛ فإِنَّهُ على السنة، ومَن خَالفَ هؤلاء فاعلَم أَنَّه مبتدع" اللالكائي في شرح أصول أهل السنة.
    وأقول: "وأزيد الامام المحدث الفقيه الالباني والامام ابن عثيمين والامام ابن باز والامام ربيع المدخلي والامام الفوزان والامام الجامي.......الخ فمن أحبهم فإنه على السنة ومن خالف هؤلاء فاعلم أنه مبتدع.
    عن عبد الله بن المبارك -رحمه الله- قال: "اعْلَمْ- أي أَخي- أَن الموتَ اليومَ كرامة لكلِّ مسلم لقيَ اللهَ عَلى السنة، فإنا للّه وإِنَّا إِليه راجعون؛ فإِلَى اللهِ نَشكوا وَحْشتَنا، وذهابَ الإِخوان، وقلةَ الأعوانِ، وظهورَ البدع، وإِلى الله نَشكو عَظيمَ ما حل بهذهِ الأمةِ من ذهاب العلماء، وأَهل السنة، وظُهور البدع". ابن وضاح في" البدع والنهي عنها".
    قال مُعاذ بن جبل رضي الله عنه: {أَيها النَّاس عَليكُم بالعِلْم قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ، أَلا وإِن رَفْعَهُ ذهابُ أَهْلِه، وَإياكُمْ وَالبِدَع والتبَدع والتنطع، وَعَليكُم بأَمْرِكُم العَتيق} ابن وضاح في "البدع والنهي عنها".
    قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: "كلّ عبادة لم يَتَعبدْ بها أَصْحابُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- فلاَ تَتَعبَّدوا بها؛ فإِن الأَوَّلَ لَمْ يَدع للآخِر مَقالا؛ فاتَّقوا اللهَ يا مَعْشَر القرَّاء ، خُذوا طَريقَ مَنْ كان قَبلكُم" ابن بطه الابانة.
    قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: مَنْ كان مُسْتنّا فَلْيَسْتن بمَنْ قَدْ مَاتَ أولئكَ أَصْحابُ مُحمد -صلى الله عليه وسلم- كانوا خَيرَ هذه الأمَّة، وأَبَرها قُلوبا، وأَعْمقَها عِلْما، وأَقَلّها تَكلفا، قَوم اخْتارَهُمُ اللهُ لِصُحْبَة نَبيه -صلى الله عليه وسلم- ونَقلِ دينه فَتَشبَّهوا بأَخْلاقِهِم وطَرائِقِهم ؛ فَهُمْ كانوا عَلَى الهَدْي المُستقِيم"البغوي شرح السنة.
    قال أَمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لَو كانَ الدِّينُ بالرأْي ، لَكانَ باطنُ الخُفين أَحَقَّ بالمَسْحِ منْ ظاهِرهِما وَلَكِنْ رأَيتُ رَسُولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى ظاهِرهِما" ابن أبي شيبة في المصنف.
    قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "مَا ابْتُدِعَتْ بدْعَةٌ؛ إِلا ازْدادَتْ مضيا، وَلاَ نُزِعَت سنةٌ؛ إِلَّا ازْدادَت هَرَبا" ابن بطه الابانة.
    قال الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: "قِفْ حَيْثُ وَقَفَ القوم، فَإِنَّهُم عَنْ عِلْم وَقَفوا، وببَصر نافذ كفوا، وهُم عَلَى كَشْفِها كانوا أقْوَى، وبالفضْلِ لَو كان فيها أَحْرى، فلئِن قُلتم: حَدَثَ بَعدَهُم؛ فما أَحْدَثهُ إِلا مَنْ خالفَ هَدْيَهُم، ورَغِبَ عَنْ سُنتِهم، وَلَقَدْ وصفوا منه ما يشفي، وتَكلَّموا منهُ بما يَكْفي، فما فوقهُم مُحَسر وما دُونهُم مُقصر، لقد قصرَ عَنْهُم قَومٌ فَجفَوْا وتجَاوزهُم آخرون فَغلَوْا، وَإنهم فيما بين ذلك لَعَلى هُدى مُستقَيم" أورده ابن قدامة في: "لُمْعَة الاعتِقَاد الهادي إِلى سبيل الرشاد".
    قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى: "البِدْعَةُ أَحَب إِلى إِبْليسَ مِن المعصيَة، المعصيَةُ يُتَابُ منها، والبِدْعَةُ لا يتُابُ منها" البغوي شرح السنة.
    قال الإِمام مالك بن أَنس رحمه الله تعالى: "السنَّة سَفينةُ نوح مَن رَكبَها نجَا ومَن تَخَلّفَ عنَها غَرِقَ" مفتاح الجنة في الاعتصام بالسنة للسيوطي.
    قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى: "إِذا بَلغكَ عن رجُلٍ بالمشرق ؛ أَنه صَاحبُ سُنة فابعثْ إِليه بالسلام ؛ فقد قل أَهل السنَّة" اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة".
    قال أَيوب السختياني رحمه الله تعالى: "إِنِّي لأخْبَرُ بموتِ الرجُلِ من أَهلِ السنة؛ فكأنِّي أَفقدُ بعضَ أَعضائي" اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة.
    والله المستعان في هذا العصر الغريب الذي أصبحت البدع سنن والسّنن لا يعرف لها أصل.
    والمصيبة الكبرى في أدعياء اتّباع الأئمّة الأربعة، ولله في خلقه شوؤن. والله أعلم.
    كتبه: أبوعبد الوهاب عمر بن عبد الرحمن الجزائري
    بتاريخ: 13شوال 1418هـ.

    * * *

    أقول وبالله التوفيق:
    معنى السلام: قال أَبو الهيثم: السَّلامُ والتحية معناهما واحد ومعناهما السَّلامَة من جميع الآفات. "لسان العرب".
    والسلام اسم من أسماء الله تعالى يقول الطبري: هو الذي يسلم خلقه من ظلمه، وهو اسم من أسمائه.

    باب في إفشاء السلام

    قال الامام أبودود: حدثنا أحمد بن أبي شعيب ثنا زهير ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابّوا أفلا أدلّكم على أمر إذافعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم}. قال الشيخ الألباني : صحيح
    قال ابن العربي"من فوائـد إفشاء السلام حصول المحبة بين المتسالمين وكان ذلك لمافيه من إئـتلاف الكلمة لتعم المصلحة بوقوع المعاونة على إقامة شرائـع الدين، وإخزاء الكافرين وهي كلمة إذا سمعت أخلصت القلب الواعي لها عن النفور إلى الاقبال على قائـلها" الفتح.
    قال الطيبيّ: "جعل إفشاء السلام سببا للمحبة والمحبة سببا لكمال الإيمان لأن إفشاء السلام سبب للتحابب والتوادد أو هو سبب الإلفة والجمعية بين المسلمين المسبب لكمال الدين وإعلاء كلمة الاسلام وفي التهاجر والتقاطع التفرقة بين المسلمين وهي سبب لانثلام الدين الوهن في الاسلام" ا هـ.
    وقال الحافظ: "الافشاء الاظهار والمراد نشر السلام بين الناس ليحيوا سنته".
    ونقل النووي عن المتولي أنه قال يُكره إذا لقى جماعة أن يخص بعضهم بالسلام لأن القصد بمشروعية السلام تحصيل الألفة وفي التخصيص إيحاش لغير من خص بالسلام.
    وقال النووي: {السلام أول أسباب التآلف ومفتاح استجلاب المودة وفي إفشائه تمكن ألفة المسلمين بعضهم لبعض وإظهار شعارهم المميز لهم عن غيرهم من أهل الملل مع ما فيه من رياضة النفوس ولزوم التواضع وإعظام حرمات المسلمين قال وفي حديث آخر وبذل السلام للعالم والسلام على من عرفت ومن لم تعرف وهما بمعنى إفشاء السلام قال وفيها لطيفة أخرى وهي أنها تتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء}.
    وعلى المسلم أن يفشي السلام بين الناس لأنه سبب الأمن وطريق إلى الجنة.
    قال الامام البخاري حدثنا مسدد قال حدثنا عبد الواحد عن قنان بن عبد الله النّهميّ عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفشوا السلام تسلموا". قال الشيخ الألباني: حسن.
    وقال أيضا حدثنا محمد بن سلام قال حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعبدوا الرحمن وأطعموا الطعام وأفشوا السلام تدخلوا الجنان" قال الشيخ الألباني: صحيح.

    باب ما جاء في ذكر فضل السلام

    قال الامام الترمذي حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن والحسين بن محمد الجريري البلخي قالا حدثنا محمد بن كثير عن جعفر بن سليمان الضبعي عن عوف عن أبي رجاء عن عمران بن حصين: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {السلام عليكم قال قال النبي صلى الله عليه وسلم عشر ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم عشرون ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال النبي صلى الله عليه و سلم ثلاثون}. قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وفي الباب عن علي وأبي سعيد و سهل بن حنيف، قال الشيخ الألباني: صحيح.
    وقال الامام البخاري في الأدب المفرد حدثنا إسحاق قال أخبرنا عبد الصمد قال حدثنا حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين" قال الشيخ الألباني : صحيح.

    باب صفة السلام

    قال الامام أبودود حدثنا محمد بن كثير أخبرنا جعفر بن سليمان عن عوف عن أبي رجاء عن عمران بن حصين قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليكم فرد عليه السلام ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عشر ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه فجلس فقال: عشرون ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه فجلس فقال: ثلاثون" صحيح أبودود.
    وقال الامام البخاري في الادب المفرد: حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا مخلد قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني زياد عن أبي الزناد قال : "كان خارجة بن زيد بن ثابت يكتب على كتاب زيد إذا سلم قال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ومغفرته وطيب صلواته" قال الشيخ الألباني : صحيح.

    باب: قوله السلام عليك مفردة

    قال الامام البخاري حدثنا إسحق بن منصور أخبرنا عبد الله بن نمير حدثنا عبيد الله عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رجلا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه و سلم جالس في ناحية المسجد فصلّى ثمّ جاء فسلم عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل" متفق عليه.
    قال الامام البخاري في الادب المفرد حدثنا حامد بن عمر قال حدثنا أبو عوانة عن أبي جمرة: "سمعت ابن عباس إذا يسلم عليه يقول وعليك ورحمة الله".
    قال الشيخ الألباني : صحيح
    وقال أيضا: حدثنا عبد الله بن مسلمة قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: "أتيت النبي صلى الله عليه و سلم حين فرغ من صلاته فكنت أول من حياه بتحية الإسلام فقال وعليك ورحمة الله ممن أنت قلت من غفار". قال الشيخ الألباني : صحيح
    وقال في الصحيح حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس رضي الله عنه قال: "بنى النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش بخبز ولحم فأرسلت على الطعام داعيا فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون فدعوت حتى ما أجد أحدا أدعوا فقلت يا نبي الله ما أجد أحدا أدعوه قال: "ارفعوا طعامكم" وبقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى حجرة عائشة فقال: "السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله". فقالت: "وعليك السلام ورحمة الله كيف وجدت أهلك بارك الله لك".

    باب: في قوله السلام عليكم بصيغة الجمع

    قال الامام البخاري حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا ثم قال اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك تحيتك وتحية ذريتك فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن".
    قال الامام أبودود حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن ربعي قال حدثنا رجل من بني عامر أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت فقال ألج فقال: "النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقل له قل السلام عليكم أأدخل فسمعه الرجل فقال السلام عليكم أأدخل فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم فدخل". قال الالباني صحيح

    باب: رد السلام عليه وعلى الملكين

    قال الامام البخاري في الادب المفرد حدثنا مطر قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا بسطام قال سمعت معاوية بن قرة قال: "قال لي أبي: يا بني إذا مر بك الرجل فقال السلام عليكم فلا تقل وعليك كأنك تخصه بذلك وحده ولكن قل السلام عليكم". قال الشيخ الألباني: صحيح وقال الحافظ سنده صحيح
    قال الحافظ في الفتح: "ومن فروع هذه المسألة لو وقع الإبتداء بصيغة الجمع فإنه لا يكفي الرد بصيغة الإفراد لأن صيغة الجمع تقتضي التعظيم فلا يكون امتثل الرد بالمثل فضلا عن الأحسن نبه عليه بن دقيق العيد".

    باب
    من السنة رد السلام إذا كان فرد رد عليه مفرد وإذا كان جماعة رد بصيغة الجمع

    وقد مرفي ذلك عدة أحاديث ذكرناها وقد قال شيخنا محمد بن صالح العثيمين في أحد الأشرطة بعنوان أدب طلب العلم أن رد السلام يكون حسب العدد إن كان واحد فبصيغة الافراد وإن كان إثنان فبصيغة المثنى وغير ذلك.
    وأقول الرد يكون على المشهود بالعين وذلك لما أخرجه البخاري في الادب المفرد بسند صحيح قال حدثنا عبد الله قال حدثني الليث قال حدثني يونس عن بن شهاب أنه قال قال أبو سلمة إن عائشة رضي الله عنها قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عايش هذا جبريل وهو يقرأ عليك السلام قالت فقلت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى ما لا أرى تريد بذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم" قال الشيخ الألباني: صحيح

    باب: منتهى السلام
    باب جواز قوله وعليه السلام ورحمة الله

    قال الامام مسلم في "صحيحه" حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبدالرحيم بن سليمان ويعلى بن عبيد عن زكرياء عن الشعبي عن أبي سلمة عن عائشة أنها حدثته:
    "أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لها: إن جبريل يقرأ عليك السلام قالت فقلت وعليه السلام ورحمة الله".

    باب: جواز زيادة وعليه السلام ورحمة الله وبركاته

    قال الامام الترمذي حدثنا علي بن المنذر الكوفي حدثنا محمد بن فضيل عن زكريا بن أبي زائدة عن عامر الشعبي حدثني أبو سلمة أن عائشة حدثته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: "إن جبريل يقرئك السلام قالت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته". قال الالباني صحيح

    باب: جواز زيادة وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته وطيب صلواته

    قال الامام البخاري في الادب المفرد: حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا مخلد قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني زياد عن أبي الزناد قال: "كان خارجة بن زيد بن ثابت يكتب على كتاب زيد إذا سلم قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ومغفرته وطيب صلواته". قال الشيخ الألباني: صحيح.

    باب قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا}
    باب مايجزئه من التحية

    قال الحافظ: في الفتح: "واتفق العلماء على أن الرد واجب على الكفاية وجاء عن أبي يوسف أنه قال يجب الرد على كل فرد فرد"، وقال: "وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على أن الابتداء بالسلام سنة...." ثم قال: "وقع في كلام القاضي عبد الوهاب فيما نقله عنه عياض قال لا خلاف أن ابتداء السلام سنة أو فرض على الكفاية فان سلم واحد من الجماعة أجزأ عنهم قال عياض معنى قوله فرض على الكفاية مع نقل الإجماع على أنه سنة أن إقامة السنن وإحيائها فرض على الكفاية".
    وقال: "واتفقوا على أن من سلم لم يجزئ في جوابه إلا السلام ولا يجزئ في جوابه صبحت بالخير أو بالسعادة ونحو ذلك واختلف فيمن أتى في التحية بغير لفظ السلام هل يجب جوابه أم لا وأقل ما يحصل به وجوب الرد أن يسمع المبتديء وحينئذ يستحق الجواب ولا يكفي الرد بالإشارة بل ورد الزجر عنه"، وقال: "ولو أتى بالسلام بغير اللفظ العربي هل يستحق الجواب فيه ثلاثة أقوال للعلماء ثالثها يجب لمن يحسن بالعربية وقال بن دقيق العيد الذي يظهر أن التحية بغير لفظ السلام من باب ترك المستحب وليس بمكروه إلا إن قصد به العدول عن السلام إلى ما هو أظهر في التعظيم من أجل أكابر أهل الدنيا ويجب الرد على الفور فلو أخر ثم استدرك فرد لم يعد جوابا قاله القاضي حسين وجماعة وكأن محله إذا لم يكن عذر ويجب رد جواب السلام في الكتاب ومع الرسول ولو سلم الصبي على بالغ وجب عليه الرد ولو سلم على جماعة فيهم صبي فأجاب أجزأ عنهم في وجه".انتهى من الفتح بتصرف.

    باب: في أفضل الناس البادئ بالسلام وأن ردالسلام فرض

    قال الامام البخاري في الادب المفرد: قال بن جريج فأخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول: "الماشيان إذا اجتمعا فأيهما بدأ بالسلام فهو أفضل" قال الشيخ الألباني: صحيح.
    قال الامام الترمذي: حدثنا علي بن حجر أخبرنا قران بن تمام الأسدي عن أبي فروة يزيد بن سنان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة قال: "قيل يا رسول الله الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام: فقال: أولاهما بالله" قال أبو عيسى: هذا حديث حسن قال الالباني صحيح.
    قال الحافظ في الفتح: "واتفق العلماء على أن الرد واجب على الكفاية وجاء عن أبي يوسف أنه قال يجب الرد على كل فرد فرد". وقال النووي في شرح الصحيح: "اعلم أن ابتداء السلام سنة ورده واجب فان كان المسلم جماعة فهو سنة كفاية فى حقهم اذا سلم بعضهم حصلت سنة السلام فى حق جميعهم فان كان المسلم عليه واحدا تعين عليه الرد وان كانوا جماعة كان الرد فرض كفاية فى حقهم فاذا رد واحد منهم سقط الحرج عن الباقين والأفضل أن يبتدئ الجميع بالسلام وأن يرد الجميع وعن أبى يوسف أنه لابد أن يرد الجميع ونقل بن عبدالبر وغيره إجماع المسلمين على أن ابتداء السلام سنة وأن رده فرض".

    باب: يسلّم الراكب على الماشي

    قال الامام مسلم حدثني عقبة بن مكرم حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج ح وحدثني محمد بن مرزوق حدثنا روح حدثنا ابن جريج أخبرني زياد أن ثابتا مولى عبد الرحمن بن زيد أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير" متفق عليه

    باب: تسليم الماشي على القاعد

    قال الامام البخاري حدثنا محمد أخبرنا مخلد أخبرنا ابن جريج قال أخبرني زياد أنه سمع ثابتا مولى عبد الرحمن بن زيد أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير" متفق عليه

    باب: هل يسلم الماشي على الراكب

    قال الامام البخاري في الادب المفرد: حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سليمان بن كثير عن حصين عن الشعبي: أنه لقي فارسا فبدأه بالسلام، فقلت تبدأه بالسلام؟ قال: "رأيت شريحا ماشيا يبدأ بالسلام" قال الشيخ الألباني : صحيح

    باب: يسلم القليل على الكثير

    قال الامام مسلم: حدثني عقبة بن مكرم حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج ح وحدثني محمد بن مرزوق حدثنا روح حدثنا ابن جريج أخبرني زياد أن ثابتا مولى عبدالرحمن بن زيد أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: "قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير"متفق عليه.

    باب: يسلّم الصّغير على الكبير من التّوقير

    قال الامام البخاري: حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير".
    قال الحافظ في الفتح: "قال ابن بطال عن المهلب تسليم الصغير لأجل حق الكبير لأنه أمر بتوقيره والتواضع له.... ونقل بن دقيق العيد عن بن رشد أن محل الأمر في تسليم الصغير على الكبير إذا التقيا فإن كان أحدهما راكبا والاخر ماشيا بدأ الراكب وان كانا راكبين أو ماشيين بدأ الصغير..."

    باب: من خرج يسلم ويسلم عليه

    قال الامام مالك: في الموطا وحدثني عن مالك عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة: "أن الطفيل بن أبي بن كعب أخبره أنه كان يأتي عبد الله بن عمر فيغدو معه إلى السوق قال فإذا غدونا إلى السوق لم يمر عبد الله بن عمر على سقاط ولا صاحب بيعة ولا مسكين ولا أحد إلا سلم عليه قال الطفيل فجئت عبد الله بن عمر يوما فاستتبعني إلى السوق فقلت له وما تصنع في السوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع ولا تسوم بها ولا تجلس في مجالس السوق قال وأقول اجلس بنا هاهنا نتحدث قال فقال لي عبد الله بن عمر يا أبا بطن وكان الطفيل ذا بطن إنما نغدو من أجل السلام نسلم على من لقينا" قال الشيخ الألباني في الادب المفرد: صحيح.

    باب: التسليم إذا جاء المجلس

    قال الامام البخاري في الادب المفرد حدثنا أبو عاصم عن بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذاجاءأحدكم المجلس فليسلم فإن رجع فليسلم فإن الأخرى ليست بأحق من الأولى" قال الشيخ الألباني : صحيح.

    باب: التسليم إذا قام من المجلس

    قال الامام البخاري في الادب المفرد حدثنا أبو عاصم عن بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم المجلس فليسلم فإن رجع فليسلم فإن الأخرى ليست بأحق من الأولى" قال الشيخ الألباني : صحيح

    باب: حق من سلم إذا قام

    قال الامام البخاري في الادب المفرد حدثنا مطر بن الفضل قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا بسطام قال: "سمعت معاوية بن قرة قال قال لي أبي: يا بني إن كنت في مجلس ترجو خيره فعجلت بك حاجة فقل سلام عليكم فإنك تشركهم فيما أصابوا في ذلك المجلس وما من قوم يجلسون مجلسا فيتفرقون عنه لم يذكر الله إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار" قال الشيخ الألباني: صحيح موقوف.

    باب: في الرجل يفارق الرجل ثم يلقاه أيسلم عليه؟

    وباب إذا حال بين المسلم وأخيه جدار أو شجرة وغيرها ثم لقيه فليسلم عليه:
    قال الامام أبودود حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ثنا ابن وهب قال أخبرني معاوية بن صالح عن أبي موسى عن أبي مريم عن أبي هريرة قال: "إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجرثم لقيه فليسلم عليه أيضا".
    قال معاوية وحدثني عبد الوهاب بن بخت عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مثله سواء. قال الشيخ الألباني: صحيح موقوفا ومرفوعا.

    باب: في السلام على الصبيان

    قال الامام مسلم حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن سيار عن ثابت البناني عن أنس بن مالك: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على غلمان فسلم عليهم" وفى رواية: "مر بصبيان فسلم عليهم".
    قال النووي: "واتفق العلماء على استحباب السلام على الصبيان ولو سلم على رجال وصبيان فرد السلام صبى منهم هل يسقط فرض الرد عن الرجال ففيه وجهان لأصحابنا أصحهما يسقط..... ونص عليه الشافعي ولو سلم الصبى على رجل لزم الرجل رد السلام هذا هو الصواب الذى أطبق عليه الجمهور".
    قال الحافظ في الفتح: "قال بن بطال في السلام على الصبيان تدريبهم على آداب الشريعة وفيه طرح الأكابر رداء الكبر وسلوك التواضع ولين الجانب قال أبو سعيد المتولى في التتمة من سلم على صبي لم يجب عليه الرد لان الصبي ليس من أهل الفرض وينبغي لوليه أن يأمره بالرد ليتمرن على ذلك ولو سلم على جمع فيهم صبي فرد الصبي دونهم لم يسقط عنهم الفرض وكذا قال شيخه القاضي حسين ورده المستظهري".
    باب: تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال

    قال الامام البخاري في الادب المفرد حدثنا موسى قال حدثنا مبارك قال سمعت الحسن يقول: "كن النساء يسلمن على الرجال" قال الشيخ الألباني: حسن
    قال الامام البخاري حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أن أبا مرة مولى أم هانئ بنت أبي طالب أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول: "ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره فسلّمت عليه فقال: "من هذه". فقلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب فقال: مرحبا بأم هانئ .....} الصحيح.
    وقال الحليمي: "كان النبي صلى الله عليه وسلم للعصمة مأمونا من الفتنة فمن وثق من نفسه بالسلامة فليسلم والا فالصمت اسلم".
    قال ابن عبد البرفي الاستذكار: "سئل مالك هل يسلم على المرأة فقال أما المتجالة فلا أكره ذلك وأما الشابة فلا أحب ذلك".
    وقال أبو عمر: "اختلف السلف والخلف في السلام على النساء فقال منهم قائلون لا يسلم الرجال على النساء إذا لم يكن منهم ذوات محرم وممن قال ذلك الكوفيين قالوا لما يسقط عنهن الأذان والإقامة والجهر بالقراءة في الصلاة سقط عنهن رد السلام فلا يسلم عليهن".
    وقال آخرون جائز أن يسلم الرجل على المرأة المتجالة دون الشابة التي يخشى من ردها الفتنة.
    قال أبو عمر: "قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سلم على النساء وفيه الأسوة الحسنة".
    ويقول شيخنا محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعليقا على قول الحسن البصري: "ولقد ثبت سلامه صلى الله عليه وسلم على النساء كما في حديث أسماء. كما ثبت سلام أم هانئ عليه في الباب الذي قبله. وهي ليست من محارمه ،فهذا كله ثابت عنه صلى الله عليه وسلم فهذاهو الأصل، وأما الآثار فهي مختلفة فبعضها تطلق الجواز ولا تفرق بين الشابة والعجوز، فهي على الأصل وبعضها تمنع مطلقا. وبعضها تجيزه على العجوز دون الشابة، وبعضهم يفرق تفريقا آخر، فيمنع تسليم الرجال على النساء مطلقا ويجيز لهن السلام عليهم مطلقا كما في آثر الحسن.
    والذي يتبين لي والله أعلم البقاء على الأصل ،ولأنه داخل في عموم الأدلة الآمرة بإفشاء السلام مع مرعاةقاعدة [دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة] ما أمكن وإليه جنح الحليمي والبيهقي والعسقلاني.
    وإن مما يحسن التذكير به أن المنع مطلقا مع مافيه من المخالفة للاصل والعموم كما تقدم ، فهوممالا يعقل إلا إن افترض عدم جوازمكالمة الرجل المرأة عندالحاجة أو العكس، وهذا مما لا يقوله عاقل وإذا كان كذلك فالبدء بالسلام أمر لا بدمنه في هذه الحالة. وأما في غيرها فهوموضع الخلاف. وقد تبين الصواب منه إن شاء الله تعالى
    " انتهى تعليقه على الادب المفرد.

    باب من كره تسليم الخاصة

    قال الامام البخاري في الادب المفرد: "حدثنا أبو نعيم عن بشير بن سلمان عن سيار أبي الحكم عن طارق قال: كنا عند عبد الله جلوسا فجاء آذنه قد قامت الصلاة فقام وقمنا معه فدخلنا المسجد فرأى الناس ركوعا في مقدم المسجد فكبر وركع ومشينا وفعلنا مثل ما فعل فمر رجل مسرع فقال عليكم السلام يا أبا عبد الرحمن فقال صدق الله وبلغ رسوله فلما صلينا رجع فولج على أهله وجلسنا في مكاننا ننتظره حتى يخرج فقال بعضنا لبعض أيكم يسأله قال طارق أنا أسأله فسأله فقال عن النبي صلى الله عليه و سلم قال بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة وقطع الأرحام وفشو العلم وظهور الشهادة بالزور وكتمان شهادة الحق" قال الشيخ الألباني : صحيح.
    قال الامام مسلم حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا محمد بن رمح بن المهاجر أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبدالله بن عمرو أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف".
    قال النووي: "تسلم على من لقيته ولا تخص ذلك بمن تعرف وفي ذلك إخلاص العمل لله واستعمال التواضع وإفشاء السلام الذي هو شعار هذه الأمة" انتهى
    قال الحافظ في الفتح: "وفيه من الفوائد أنه لو ترك السلام على من لم يعرف احتمل أن يظهر أنه من معارفه فقد يوقعه في الاستيحاش منه قال وهذا العموم مخصوص بالمسلم فلا يبتدئ السلام على كافر قلت قد تمسك به من أجاز ابتداء الكافر بالسلام ولا حجة فيه لأن الأصل مشروعية السلام للمسلم فيحمل قوله من عرفت عليه وأما من لم تعرف فلا دلالة فيه بل ان عرف أنه مسلم فذاك وإلا فلو سلم احتياطا لم يمتنع حتى يعرف أنه كافر وقال بن بطال في مشروعية السلام على غير المعرفة استفتاح للمخاطبة للتأنيس ليكون المؤمنون كلهم أخوة فلا يستوحش أحد من أحد وفي التخصيص ما قد يوقع في الإستيحاش ويشبه صدود المتهاجرين المنهي عنه" أهـ.

    باب: التسليم ثلاثا

    قال الامام البخاري حدثنا إسحق أخبرنا عبد الصمد حدثنا عبد الله بن المثنى حدثنا ثمامة بن عبد الله عن أنس رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم سلم ثلاثا وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا"
    قال الحافظ في الفتح: "وقول الإسماعيلي أن السلام انما يشرع تكراره إذا اقترن بالاستئذان والتعقب عليه وأن السلام وحده قد يشرع تكراره إذا كان الجمع كثيرا ولم يسمع بعضهم وقصد الاستيعاب وبهذا جزم النووي في معنى حديث أنس وكذا لو سلم وظن أنه لم يسمع فتسن الاعاده فيعيد مرة ثانية وثالثة ولا يزيد على الثالثة وقال بن بطال هذه الصيغة تقتضي العموم ولكن المراد الخصوص وهو غالب أحواله كذا قال وقد تقدم من كلام الكرماني مثله وفيه نظر وكان بمجردها لا تقتضي مداومة ولا تكثيرا لكن ذكر الفعل المضارع بعدها يشعر بالتكرار واختلف فيمن سلم ثلاثا فظن أنه لم يسمع فعن مالك له أن يزيد حتى يتحقق وذهب الجمهور وبعض المالكية إلى أنه لا يزيد اتباعا لظاهر الخبر وقال المازري اختلفوا فيما إذا ظن أنه لم يسمع هل يزيد على الثلاث فقيل لا وقيل نعم وقيل إذا كان الاستئذان بلفظ السلام لم يزد وان كان بغير لفظ السلام زاد".
    باب: فضل من دخل بيته بسلام

    قال الامام البخاري في الادب المفرد حدثنا محمد بن مقاتل قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا بن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول: "إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تحية من عند الله مباركة طيبة قال ما رأيته إلا توجيه قوله وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" قال الشيخ الألباني: صحيح

    باب: في الرجل يقول: فلان يقرئك السلام

    قال الامام البخاري حدثنا أبو نعيم حدثنا زكرياء قال سمعت عامرا يقول حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة رضي الله عنها حدثته : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "إن جبريل يقرئك السلام". قالت: وعليه السلام ورحمة الله.
    قال الحافظ في الفتح: "قال النووي: "في هذا الحديث مشروعية إرسال السلام ويجب على الرسول تبليغه؛ لأنه أمانة وتعقب بأنه بالوديعة أشبه والتحقيق أن الرسول إن التزمه أشبه الأمانة وإلا فوديعة والودائع إذا لم تقبل لم يلزمه شيء قال وفيه إذا أتاه شخص بسلام من شخص أو في ورقة وجب الرد على الفور ويستحب أن يرد على المبلغ كما أخرج النسائي عن رجل من بني تميم أنه بلغ النبي صلى الله عليه و سلم سلام أبيه فقال له وعليك وعلى أبيك السلام وقد تقدم في المناقب أن خديجة لما بلغها النبي صلى الله عليه و سلم عن جبريل سلام الله عليها قالت إن الله هو السلام ومنه السلام وعليك وعلى جبريل السلام ولم أر في شيء من طرق حديث عائشة أنها ردت على النبي صلى الله عليه و سلم فدل على أنه غير واجب".

    باب: إذا دخل المسجد والناس يصلون يسلم
    باب: رد السلام إشارة بالاصبع

    قال الامام أبو داود حدثنا يزيد بن خالد بن موهب وقتيبة بن سعيد أن الليث حدثهم عن بكير عن نابل صاحب العباء عن ابن عمر عن صهيب أنه قال: "مررت برسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد إشارة وقال ولا أعلمه إلا قال إشارة بإصبعه وهذا لفظ حديث قتيبة". قال الشيخ الألباني: صحيح.
    باب يرد السلام باليد وجعل بطنه يده أسفل وجعل ظهره يده إلى فوق:
    قال النووي في شرح مسلم: "هذه الأحاديث فيها فوائد منها تحريم الكلام في الصلاة سواء كان لمصلحتها أم لا وتحريم رد السلام فيها باللفظ وأنه لا تضر الاشارة بل يستحب رد السلام بالاشارة وبهذه الجملة قال الشافعي والاكثرون قال القاضي عياض قال جماعة من العلماء برد السلام في الصلاة نطقا منهم أبو هريرة وجابر والحسن وسعيد بن المسيب وقتادة واسحاق وقيل يرد في نفسه وقال عطاء والنخعي والثوري يرد بعد السلام في الصلاة وقال أبو حنيفة رضي الله عنه لا يرد بلفظ ولا اشارة بكل حال وقال عمر بن عبد العزيز ومالك وأصحابه وجماعة يرد اشارة ولا يرد نطقا ومن قال يرد نطقا كأنه لم يبلغه الاحاديث وأما ابتداء السلام على المصلى فمذهب الشافعي رحمه الله تعالى أنه لا يسلم عليه فان سلم لم يستحق جوابا وقال به جماعة من العلماء وعن مالك رضي الله عنه روايتان احداهما كراهة السلام والثانية جوازه قوله صلى الله عليه و سلم ان في الصلاة شغلا معناه ان المصلى وظيفته أن يشتغل بصلاته فيتدبر ما يقوله ولا يعرج على غيرها فلا يرد سلاما ولا غيره قوله حدثنا هريم هو بضم الهاء وفتح الراء قوله تعالى وقوموا لله قانتين قيل معناه مطيعين وقيل ساكتين قوله أمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام فيه دليل على تحريم جميع أنواع كلام الآدميين وأجمع العلماء على أن الكلام فيها عامدا عالما بتحريمه بغير مصلحتها وبغير انقاذها وشبهه مبطل للصلاة وأما الكلام لمصلحتها فقال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأحمد رضي الله عنهم والجمهور يبطل الصلاة وجوزه الاوزاعي وبعض أصحاب مالك وطائفة قليلة وكلام الناسي لا يبطلها عندنا وعند الجمهور ما لم يطل وقال أبو حنيفة رضي الله عنه والكوفيون يبطل وقد تقدم بيانه وفي حديث جابر رضي الله عنه رد السلام بالاشارة وأنه لا تبطل الصلاة بالاشارة ونحوها من الحركات اليسيرة وأنه ينبغي لمن سلم عليه ومنعه من رد السلام مانع أن يعتذر إلى المسلم ويذكر له ذلك المانع".
    وقال الامام أبو داود حدثنا الحسين بن عيسى الخراساني الدامغاني ثنا جعفر بن عون ثنا هشام بن سعد ثنا نافع قال سمعت عبد الله بن عمر يقول: "خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى قباء يصلي فيه قال فجاءته الأنصار فسلموا عليه وهو يصلي قال فقلت لبلال كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي ؟ قال يقول هكذا وبسط كفه وبسط جعفر بن عون كفه وجعل بطنه أسفل وجعل ظهره إلى فوق". قال الشيخ الألباني : حسن صحيح
    وللفائدة أذكركلاما للشيخ الالباني: "فينبغي أن تعلم أن إفشاء السلام المأمور به دائرته واسعة جدا،ضيقها بعض الناس جهلا بالسنة، أو تهاملا في العمل بها. فمن ذلك السلام على المصلي، فإن كثيرا من الناس يظنون أنه غير مشروع، بل صرح النووي في الأذكاربكراهته، مع أنه صرح في "شرح مسلم": "أنه يستحب رد السلام بالإشارة" وهو السنة. فقد جاءت أحاديث كثيرة في سلام الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فأقرهم على ذلك، ورد عليهم السلام، وقد ذهب إلى الحديث الإمامان أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه فقال المروزي في "المسائل" (ص 22): "قلت (يعني لأحمد) : يسلم على القوم وهم في الصلاة؟ قال: نعم، فذكر قصةبلال حين سأله ابن عمر، كيف كان يرد؟ قال: كان يشير، قال إسحاق: كما قال ":واختار هذا بعض محققي المالكية فقال القاضي أبو بكر بن العربي في " العارضة "(2 / 162) :" قد تكون الإشارة في الصلاة لرد السلام لأمر ينزل بالصلاة، وقد تكون في الحاجة تعرض للمصلي. فإن كانت لرد السلام ففيها الآثار الصحيحة كفعل النبي صلى الله عليه وسلم في قباء وغيره. وقد كنت في مجلس الطرطوشي، وتذاكرناالمسألة، وقلنا الحديث واحتججنا به، وعامي في آخر الحلقة، فقام وقال:ولعله كان يرد عليهم نهيا لئلا يشغلوه! فعجبنا من فقهه! ثم رأيت بعد ذلك أن فهم الراوي أنه كان لرد السلام قطعي في الباب، على حسب ما بيناه في أصول الفقه".ومن العجيب أن النووي بعد أن صرح في الأذكار بكراهة السلام على المصلي قال مانصه:" والمستحب أن يرد عليه في الصلاة بالإشارة، ولا يتلفظ بشيء ".
    أقول: ووجه التعجب أن استحباب الرد فيه أن يستلزم استحباب السلام عليه
    والعكس بالعكس، لأن دليل الأمرين واحد، وهو هذا الحديث وما في معناه،
    فإذا كان يدل على استحباب الرد، فهو في الوقت نفسه يدل على استحباب الإلقاء،فلو كان هذا مكروها لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو بعدم الإشارةبالرد، لما تقرر أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. وهذا بين ظاهر
    والحمد لله
    ".(الصحيحة1\185-186).
    باب من سلم إشارة والكراهة في ذلك

    قال الامام الترمذي حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا من تشبه بغيرنا لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالأكف" قال أبو عيسى هذا حديث إسناده ضعيف وروى ابن المبارك هذا الحديث عن ابن لهيعة فلم يرفعه قال الشيخ الألباني صحيح بشواهده وقال الحافظ في الفتح أخرجه النسائي بسند جيد عن جابر رفعه.
    وقال الحافظ: "قال النووي لا يرد على هذا حديث أسماء بنت يزيد مر النبي صلى الله عليه و سلم في المسجد وعصبة من النساء قعود فألوى بيده بالتسليم فإنه محمول على أنه جمع بين اللفظ والإشارة وقد أخرجه أبو داود من حديثها بلفظ فسلم علينا انتهى والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حسا وشرعا وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس وكذا السلام على الأصم".
    قال الامام البخاري في "الادب المفرد" حدثنا خلاد قال حدثنا مسعر عن علقمة بن مرثد عن عطاء بن أبي رباح قال: "كانوا يكرهون التسليم باليد أو قال كان يكره التسليم باليد" قال الشيخ الألباني: صحيح
    قال الحافظ في الفتح: "واتفقوا على أن من سلم لم يجزئ في جوابه إلا السلام ولا يجزئ في جوابه صبحت بالخير أو بالسعادة ونحو ذلك واختلف فيمن أتى في التحية بغير لفظ السلام هل يجب جوابه أم لا وأقل ما يحصل به وجوب الرد أن يسمع المبتديء وحينئذ يستحق الجواب ولا يكفي الرد بالإشارة بل ورد الزجر عنه".

    باب ما جاء في السلام قبل الكلام

    قال الامام الترمذي: حدثنا الفضل بن الصباح بغدادي حدثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "السلام قبل الكلامقال أبو عيسى هذا حديث منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه وسمعت محمدا يقول عنبسة بن عبد الرحمن ضعيف في الحديث ذاهب ومحمد بن زاذان منكر الحديث وقال الشيخ الالباني حسن صحيح الترمذي والصحيحة.

    باب التسليم قبل الأستئذان

    قال الامام الترمذي حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا روح بن عبادة عن ابن جريج أخبرني عمرو بن أبي سفيان أن عمرو بن عبد الله بن صفوان أخبره أن كلدة بن حنبل أخبره: "أن صفوان بن أمية بعثه بلبن ولبأ وضغابيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي قال: فدخلت عليه ولم أسلم ولم استأذن فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ارجع فقل السلام عليكم أأدخل؟" وذلك بعد ما أسلم صفوان".
    قال عمرو وأخبرني بهذا الحديث أمية بن صفوان ولم يقل سمعته من كلدة قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن جريج ورواه أبو عاصم أيضا عن ابن جريج مثل هذا .
    (وضغابيس) هو حشيش يؤكل .(اللبأ) هو أوّل ما يحلب عند الولادة. قال الشيخ الألباني: صحيح
    باب يُسمع إذا سلم

    قال الامام البخاري في الأدب المفرد حدثنا خلاد بن يحيى قال حدثنا مسعر عن ثابت بن عبيد قال: أتيت مجلسا فيه عبد الله بن عمر، فقال: إذا سلمت فأسمع فإنها تحية من عند الله مباركة طيبة". قال الشيخ الألباني : صحيح
    قال الحافظ في الفتح: "قال النووي أقله أن يرفع صوته بحيث يسمع المسلم عليه فإن لم يسمعه لم يكن آتيا بالسنة ويستحب أن يرفع صوته بقدر ما يتحقق أنه سمعه فإن شك استظهر ويستثنى من رفع الصوت بالسلام ما إذا دخل على مكان فيه إيقاظ ونيام فالسنة فيه ما ثبت في صحيح مسلم عن المقداد قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان".

    باب التّسليم على النّائم

    قال الإمام البخاري في الأدب المفرد حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال حدثنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن المقداد بن الأسود
    قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم: "يجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان" رواه مسلم والترمذي قال الشيخ الألباني : صحيح
    قال النووي في شرح مسلم: "هذا فيه آداب السلام على الايقاظ فى موضع فيه نيام أو من فى معناهم وأنه يكون سلاما متوسطا بين الرفع والمخافتة بحيث يسمع الايقاظ ولايهوش على غيرهم".

    باب لا يسلّم على الفاسق والمبتدع

    قال الإمام البخاري في الأدب المفرد حدثنا محمد بن محبوب ومعلى وعارم قالوا حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن الحسن قال: "ليس بينك وبين الفاسق حرمة". قال الشيخ الألباني: صحيح.
    قال العظيم آبادي في عون المعبود: "قال الطيبي المختار أن المبتدع لا يبدأ بالسلام ولو سلم على من لايعرفه فظهر ذميا أو مبتدعا يقول استرجعت سلامي تحقيرا له".
    "ويمنع الكفر ابتداء السلام على ما قاله القاضي أبو محمد وتمنع البدعة من السلام وقال سحنون يمنع من مجالسة أهل الأهواء والسلام عليهم تأديبا لهم" المنتقى شرح الموطأ.
    وقال الحافظ في الفتح: "وقد ذهب الجمهور إلى أنّه لا يسلم على الفاسق ولا المبتدع قال النووي فان اضطر إلى السلام بأن خاف ترتب مفسدة في دين أو دنيا إن لم يسلم سلم وكذا قال بن العربي وزاد وينوى أن السلام اسم من أسماء الله تعالى فكأنه قال الله رقيب عليكم وقال المهلب ترك السلام على أهل المعاصي سنة ماضية وبه قال كثير من أهل العلم في أهل البدع وخالف في ذلك جماعة كما تقدم في الباب قبله وقال ابن وهب يجوز ابتداء السلام على كل أحد ولو كان كافرا واحتج بقوله تعالى وقولوا للناس حسنا وتعقب بأن الدليل أعم من الدعوى وألحق بعض الحنفية بأهل المعاصي من يتعاطى خوارم المروءة ككثرة المزاح واللهو وفحش القول والجلوس في الأسواق لرؤية من يمر من النساء ونحو ذلك وحكى بن رشد قال قال مالك لا يسلم على أهل الأهواء قال بن دقيق العيد ويكون ذلك على سبيل التأديب لهم والتبري منهم وأما الحكم الثاني فاختلف فيه أيضا فقيل يستبرأ حاله سنة وقيل ستة أشهر وقيل خمسين يوما كما في قصة كعب وقيل ليس لذلك حد محدود بل المدار على وجود القرائن الدالة على صدق مدعاه في توبته ولكن لا يكفي ذلك في ساعة ولا يوم ويختلف ذلك باختلاف الجناية والجاني وقد اعترض الداودي على من حده بخمسين ليلة أخذا من قصة كعب فقال لم يحده النبي صلى الله عليه و سلم بخمسين وإنما أخر كلامهم إلى أن أذن الله فيه يعني فتكون واقعة حال لا عموم فيها وقال النووي وأما المبتدع ومن اقترف ذنبا عظيما ولم يتب منه فلا يسلم عليهم ولا يرد عليهم السلام كما قال جماعة من أهل العلم واحتج البخاري لذلك بقصة كعب بن مالك انتهى والتقييد بمن لم يتب جيد لكن في الاستدلال لذلك بقصة كعب نظر فإنه ندم على ما صدر منه وتاب ولكن أخر الكلام معه حتى قبل الله توبته وقضيته أن لا يكلم حتى تقبل توبته ويمكن الجواب بأن الاطلاع على القبول في قصة كعب كان ممكنا وأما بعده فيكفي ظهور علامة الندم والإقلاع وأمارة صدق ذلك قوله اقترف أي اكتسب وهو تفسير الأكثر وقال أبو عبيدة الاقتراف التهمة قوله وقال عبد الله بن عمر ولا تسلموا على شربة الخمر".

    باب من ترك السلام على المُتخلٌّق وأصحاب المعاصي

    قال الامام الطبراني في المعجم الأوسط حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قال نا زكريا بن يحيى اللؤلؤي قال نا القاسم بن الحكم العرني قال نا سعيد بن عبيد عن علي بن ربيعة عن علي قال: "مر النبي صلى الله عليه و سلم بقوم فيهم رجل متخلق فسلم عليهم وأعرض عن الرجل فقال له الرجل يا رسول الله سلمت عليهم وأعرضت عني فقال إن بين عينيك حمرة" قال الهيثمي في مجمع الزوائدرجاله ثقات وقال الالباني في صحيح الادب المفرد حسن. وقال الشيخ الألباني عقب الحديث وذلك لأنه تشبه بالنساء بسببتخلقه بالخلوق والخلوق هو نوع من أنواع الطيب يتخذ من الزعفران وتغلب عليه أحيانا الحمرة والصفرة.
    وقد مر قول المهلب من أن ترك السلام على أهل المعاصي سنة ماضية، وبه قال: كثير من أهل العلم في أهل البدع.

    باب إذا كتب الذّميّ فسلم يردّ عليه

    قال الامام البخاري في الأدب المفرد حدثنا يحيى بن بشر قال حدثنا الحكم بن المبارك قال حدثنا عباد يعني بن عباد عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي قال: "كتب أبو موسى إلى دهقان يسلم عليه في كتابه فقيل له أتسلم عليه وهو كافر قال: إنه كتب إلي فسلم علي فرددت عليه". قال الألباني صحيح.

    باب لا يبدأ أهل الذّمة بالسّلام

    قال الامام ابن ماجه حدثنا أبو بكر حدثنا ابن نمير عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي عبد الرحمن الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني راكب غدا إلى اليهود فلا تبدءوهم بالسّلام، فإذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم". قال الشيخ الالباني صحيح.

    باب من سلم على الذمي إشارةً

    قال الامام البخاري في الأدب المفرد حدثنا صدقة قال أخبرنا حفص بن غياث عن عاصم عن حماد عن إبراهيم عن علقمة قال: "إنما سلم عبد الله على الدّهاقين إشارة". قال الشيخ الألباني : صحيح
    الدهاقين: جمع دُهقان بكسر الدال وضمها: رئيس القرية ومن له مال وعقار.

    باب كيف الرد على أهل الذمة؟

    قال الامام مسلم حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن عبيدالله بن أبي بكر قال سمعت أنسا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ح وحدثني إسماعيل بن سالم حدثنا هشيم أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر عن جده أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم".متفق عليه
    قال ابن عبد البر في التمهيد: "فهذا الوجه المعمول به في السلام على أهل الذمة والرد عليهم ولا أعلم في ذلك خلافا".
    قال النووي في شرح مسلم: "فمذهبنا تحريم ابتدائهم به ووجوب رده عليهم بأن يقول وعليكم أو عليكم فقط... وبهذا الذي ذكرناه عن مذهبنا قال أكثر العلماء وعامة السلف وذهبت طائفة إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام روى ذلك عن بن عباس وأبي أمامة وبن أبي محيريز وهو وجه لبعض أصحابناحكاه الماوردى لكنه قال يقول السلام عليك ولايقول عليكم بالجمع".
    قال الشيخ ابن عثيمين في شرحه لرياض الصالحين: "فالذي ينبغي لك كلما لقيك أحد من إخوانك المسلمين أن تسلم عليه، أما غير المسلم فلا تسلم عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا وجدتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه" فاليهودي والنصراني والمشرك والملحد والمرتد كالذي لا يصلي، والمبتدع بدعة يكفر بها، كل هؤلاء لا يحل ابتداء السلام عليهم، ولو كانوا أقرب الناس إليك، لكن إذا سلموا فرد عليهم بمثل ما سلموا به، إذا قالوا: أهلاً ومرحباً، فقل أهلاً ومرحباً، وإذا قالوا: السلام عليكم قل: وعليكم السلام، وإذا شككت هل هو يقول: السلام عليكم، أو يقول السام عليكم، فقل: وعليكم.
    بل إذا لم تتيقن إنه قال: السلام عليكم باللام فقل: وعليكم، وذلك أن اليهود كانوا يمرون بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيسلمون عليه لكن يقولون: السام عليكم يدعمونها، والسام يعني الموت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن اليهود إذا لقوكم قالوا: السام عليكم، فقولوا: وعليكم" أي: إن كانوا يدعون لنا بالسلام فلعيهم السلام، وإن كانوا يدعون علينا بالموت فعليهم الموت، وهذا من العدل
    {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً}(النساء:86) ولهذا ذكر ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "أحكام أهل الذمة" أنهم إذا قالوا: السلام عليكم بكلام بين فلك أن تقول: عليكم السلام"
    قال الشيخ أبي يحيى زكريا الانصاري في فتح العلام: "وفيه أي حديث لاتبدأو تحريم ابتدائهم بالسلام لأنه مودةلهم وهي محرمة علينا، وسائر المشركين كاليهود والنصارى في ذلك بل أولى". أ هـ
    قال الشيخ محمد ناصرالدين الالباني في السلسلة الصحيحة في تعليقه على حديث لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام: "جمعنا مجلس فيه طائفة من أصحابنا أهل الحديث فورد سؤال عن جواز بدء غير المسلم بالسلام، فأجبت بالنفي محتجا بهذا الحديث، فأبدى أحدهم فهما للحديث مؤدّاه أن النهي الذي فيه إنما هو إذا لقيه في الطريق وأما إذا أتاه في حانوته أو منزله فلا مانع من بدئه بالسلام! ثم جرى النقاش حوله طويلا. وكل يدلي بما عنده من رأي، وكان من قولي يومئذ: أن قوله: لا تبدؤوا مطلق، ليس مقيدا بالطريق وأن قوله: "وإذا لقيتم أحدهم في طريق ..." لا يقيده، فإنه من عطف الجملةعلى الجملة، ودعمت ذلك بالمعنى الذي تضمنته هذه الجملة، وهو أن اضطرارهم إلى أضيق الطرق إنما هو إشارة إلى ترك إكرامهم لكفرهم، فناسب أن لا يبادؤوا من أجل ذلك بالسلام لهذا المعنى، وذلك يقتضي تعميم الحكم.هذا ما ذكرته يومئذ، ثم وجدت ما يقويه ويشهد له في عدة روايات:
    الأولى: قول راوي الحديث سهيل بن أبي صالح: "خرجت مع أبي إلى الشام، فكان أهل الشام يمرون بأهل الصوامع فيسلمون عليهم، فسمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ... " فذكره. أخرجه أحمد (2 / 346) وأبو داود بسند صحيح على شرط مسلم. فهذا نص من راوي الحديث -وهو أبو صالح واسمه ذكوان تابعي ثقة، أن النهي يشمل الكتابي ولو كان في منزله ولم يكن في الطريق. وراوي الحديث أدرى بمرويه من غيره، فلا أقل من أن يصلح للاستعانة به على الترجيح. ولا يشكل على هذا لفظ الحديث عند البخاري في " أدبه " (1111)، وأحمد في "مسنده " (2 / 444): "إذا لقيتم المشركين في الطريق، فلاتبدؤوهم بالسلام واضطروهم إلى أضيقها". فإنه شاذ بهذا اللفظ، فقد أخرجه البخاري أيضا (1103) ومسلم وأحمد (2 / 266، 459) وغيرهما من طرق عن سهيل بن أبي صالح باللفظ المذكور أعلاه.
    الثانية: عن أبي عثمان النهدي قال: "كتب أبو موسى إلى رهبان يسلم عليه في كتابه، فقيل له: أتسلم عليه وهو كافر؟ ! قال: إنه كتب إلي، فسلم علي ورددت عليه". أخرجه البخاري في " أدبه " (1101) بسند جيد. ووجه الاستدلال به، أن قول القائل "أتسلم عليه وهو كافر" يشعر بأن بدأ الكافر بالسلام كان معروفا عندهم أنه لا يجوز على وجه العموم وليس خاص بلقائه في الطريق، ولذلك استنكر ذلك السائل على أبي موسى وأقره هذا عليه ولم ينكره بل اعتذر بأنه فعل ذلك ردا عليه لا مبتدئا به، فثبت المراد.
    الثالثة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كتب إلى هرقل ملك الروم وهو في الشام لم يبدأه بالسلام، وإنما قال فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: من محمدبن عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى ...أخرجه البخاري ومسلم وهو في "الأدب المفرد" (1109). فلو كان النهي المذكور خاصا بالطريق لبادأه عليه السلام بالسلام الإسلامي، ولم يقل له: "سلام على من اتبع الهدى".
    الرابعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد الغلام اليهودي قال له: أسلم... الحديث، فلم يبدأه بالسلام. وهو حديث صحيح رواه البخاري وغيره وهومخرج في "الإرواء " (1272). فلو كان البدء الممنوع إنما هو إذا لقيه في الطريق لبدأه عليه السلام بالسلام لأنه ليس في الطريق كما هو ظاهر. ومثله.
    الخامسة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء عمه أبا طالب في مرض موته لم يبدأه أيضا بالسلام، وإنما قال له: "يا عم قل لا إله إلا الله" ...الحديث أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في "الإرواء" (1273). فثبت من هذه الروايات أن بدأ الكتابي بالسلام لا يجوز مطلقا سواء كان في الطريق أو في المنزل أو غيره.
    فإن قيل: فهل يجوز أن يبدأه بغير السلام من مثل قوله: كيف أصبحت أو أمسيت أوكيف حالك ونحو ذلك؟ فأقول: الذي يبدو لي والله أعلم الجواز، لأن النهي المذكور في الحديث إنما هو عن السلام وهو عند الإطلاق إنما يراد به السلام الإسلامي المتضمن لاسم الله عز وجل، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينهم". أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (989) وسيأتي (1894).
    ومما يؤيد ما ذكرته قول علقمة: "إنما سلم عبد الله (يعني ابن مسعود) على الدهاقين إشارة". أخرجه البخاري (1104) مترجما له بقوله: "من سلم على الذمي إشارة". وسنده صحيح.
    فأجاز ابن مسعود ابتداءهم في السلام بالإشارة لأنه ليس السلام الخاص بالمسلمين، فكذلك يقال في السلام عليهم بنحو ما ذكرنا من الألفاظ.
    وأما ما جاء في بعض كتب الحنابلة مثل "الدليل" أنه يحرم بداءتهم أيضا بـ"كيف أصبحت أو أمسيت؟" أو "كيف أنت أو حالك؟" فلا أعلم له دليلا من السنةبل قد صرح في شرحه "منار السبيل" أنه قيس على السلام! أقول: ولا يخفى أنه قياس مع الفارق، لما في السلام من الفضائل التي لم ترد في غيره من الألفاظ المذكورة. والله أعلم.
    مسألة أخرى جرى البحث فيها في المجلس المشار إليه، وهي: هل يجوز أن يقال في رد السلام على غير المسلم: وعليكم السلام؟ فأجبت بالجواز بشرط أن يكون سلامه فصيحا بينا لا يلوي فيه لسانه، كما كان اليهود يفعلونه مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بقولهم: السام عليكم. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجابابتهم بـ "وعليكم" فقط، كما ثبت في "الصحيحين" وغيرهما من حديث عائشة. قلت: فالنظر في سبب هذا التشريع، يقتضي جواز الرد بالمثل عند تحقق الشرط المذكور، وأيدت ذلك بأمرين اثنين:
    الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: "إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول: السام عليك، فقولوا: وعليك" أخرجه الشيخان، والبخاري أيضا في "الأدب المفرد" (1106). فقد علل النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "فقولوا: وعليك" بأنهم يقولون: السام عليك، فهذا التعليل يعطي أنهم إذا قالوا: "السلام عليك" أن يرد عليهم بالمثل: "وعليك السلام"، ويؤيده الأمرالآتي وهو:
    الثاني: عموم قوله تعالى: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منهاأو ردوها} فإنّها بعمومها تشمل غير المسلمين أيضا. هذا ما قلته في ذلك المجلس. وأزيد الآن فأقول: ويؤيد أن الآية على عمومها أمران:
    الأول: ما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1107) والسياق له وابن جرير الطبري في "التفسير" (10039) من طريقين عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: "ردوا السلام على من كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ذلك بأن الله يقول: {وإذا حييتم بتحية ... } الآية ". قلت: وسنده صحيح لولا أنه من رواية سماك عن عكرمة وروايته عنه خاصة مضطربةولعل ذلك إذا كانت مرفوعة وهذه موقوفة كما ترى، ويقويها ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لو قال لي فرعون: "بارك الله فيك" قلت: وفيك. وفرعون قد مات. أخرجه البخاري في "أدبه" (113) ، وسنده صحيح على شرط مسلم.
    والآخر: قول الله تبارك وتعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}. فهذه الآية صريحة بالأمر بالإحسان إلى الكفار المواطنين الذين يسالمون المؤمنين ولا يؤذونهم والعدل معهم ومما لا ريب فيه أن أحدهم إذا سلم قائلابصراحة: " السلام عليكم "، فرددناه عليه باقتضاب: " وعليك " أنه ليس من العدل في شيء بله البر لأننا في هذه الحالة نسوي بينه وبين من قد يقول منهم
    " السام عليكم "، وهذا ظلم ظاهر. والله أعلم
    ". انتهى كلامه رحمه الله ونقلته كامل نظرا للفوائد الجمة التي يحويها.

    باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين:

    قال الامام مسلم حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ومحمد بن رافع وعبد بن حميد (واللفظ لابن رافع) (قال ابن رافع حدثنا وقال الآخران أخبرنا عبدالرزاق) أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة أن أسامة بن زيد أخبره: "أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حمارا عليه إكاف تحته قطيفة فدكية وأردف وراءه أسامة وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج وذاك قبل وقعة بدر حتى مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود فيهم عبدالله بن أبي وفي المجلس عبدالله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبدالله بن أبي أنفه بردائه ثم قال لا تغبروا علينا فسلم عليهم النبي صلى الله عليه و سلم......"الخ متفق عليه.
    قال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح: "قال النووي لو مر على جماعة فيهم مسلمون أو مسلم وكفار فالسنة أن يسلم عليهم بقصد المسلمين أو المسلم".
    وقال أبو العلا محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري في تحفة الأحوذي: "قال النووي السنة إذا مر بمجلس فيه مسلم وكافر أن يسلم بلفظ التعميم ويقصد به المسلم".
    وقال ابن العربي: "ومثله إذا مر بمجلس يجمع أهل السنة والبدعة وبمجلس فيه عدول وظلمة وبمجلس فيه محب ومبغض ذكره الحافظ في الفتح".

    باب كيف يُكتب إلى أهل الكتاب

    قال الامام البخاري حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن أخبرنا عبد الله أخبرنا يونس عن الزهري قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس أخبره أنّ أبا سفيان بن حرب أخبره: "أن هرقل أرسل إليه في نفر من قريش وكانوا تجارا بالشام فأتوه فذكر الحديث قال ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم السلام على من اتبع الهدى أما بعد".
    قال الامام النووي في صحيح مسلم: "هذا دليل لمن يقول لا يبتدأ الكافر بالسلام وفي المسألة خلاف فمذهب الشافعي وجمهور أصحابه وأكثر العلماء أنه لا يجوز للمسلم أن يبتدئ كافرا بالسلام وأجازه كثيرون من السلف وهذا مردود بالأحاديث الصحيحة في النهي... وجوزه آخرون لاستئلاف أو لحاجة إليه أو نحو ذلك" انظر تفصيل الشيخ الألباني السابق.

    باب إذا سلّم على النّصراني ولم يعرف ردّ سلامه

    قال الامام البخاري في الادب المفرد حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان عن أبي جعفر الفراء عن عبد الرحمن قال: "مر ابن عمر بنصراني فسلم عليه فرد عليه فأخبر أنه نصراني فلما علم رجع إليه فقال رد علي سلامي" قال الشيخ الألباني: حسن.
    قال بدر الدين العيني الحنفي في عمدة القاري شرح صحيح البخاري، قال ابن العربي: "وإن سلم على رجل ظنه مسلما فإذا هو كافر استحب أن يرد سلامه فيقول رد علي سلامي والمقصود من ذلك أن يوحشه ويظهر له أن ليس بينهما إلفة".

    باب ما جاء في كراهية التّسليم على من يبول

    قال الإمام النسائي في سننه أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا زيد بن الحباب وقبيصة قالا أنبأنا سفيان عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر قال: "مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه السلام". قال الألباني: حسن صحيح.
    قال العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: "قال الطبري أن ذلك منه كان على وجه التأديب للمسلم عليه أن لا يسلم بعضهم على بعض على الحدث وذلك نظير نهيه وهم كذلك أن يحدث بعضهم بعضا بقوله لا يتحدث المتغوطان على طوفهما يعني حاجتهما فإن الله يمقت على ذلك".

    باب كراهية أن يقول: عليك السلام.

    قال الامام أبوداود حدثنا مسدد ثنا يحيى عن أبي غفار ثنا أبو تميمة الهجيمي وأبو تميمة اسمه طريف بن مجالد عن أبي جري جابر بن سليم قال: "رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه لايقول شيئا إلا صدروا عنه قلت من هذا ؟ قالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت عليك السلام يارسول الله مرتين قال: "لاتقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت قل السلام عليك". قال الشيخ الألباني : صحيح
    قال النووي في شرح مسلم: "ويكره أن يقول المبتدى عليكم السلام فان قاله استحق الجواب على الصحيح المشهور وقيل لايستحقه".
    قال ابن بطال في شرحه للبخاري: "فالاختيار فى التسليم والأدب فيه تقديم اسم الله تعالى على اسم المخلوق".

    باب من يبخل بالسلام

    قال الامام البخاري في الادب المفرد حدثنا إسماعيل بن أبان قال حدثنا علي بن مسهر عن عاصم عن أبي عثمان عن أبي هريرة قال: "أبخل الناس الذي يبخل بالسلام وإن أعجز الناس من عجز بالدعاء" قال الشيخ الألباني: صحيح الإسناد موقوفا وصح مرفوعا.
    قال البيهقي في الكبرى: "(أخبرنا) أبو طاهر الفقيه أنبأ أبو بكر محمد بن الحسين القطان ثنا ابراهيم بن الحارث ثنا يحيى بن أبى بكير ثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله، ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لفلان في حائطي عذقا وقد آذانى وشق على مكان عذقه فارسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: بعني عذقك الذى في حائط فلان، قال: لا، قال: فهبه لى، قال: لا، قال: فبعنيه بعذق في الجنة، قال: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأيت ابخل منك الا الذى يبخل بالسلام".

    باب قوله: "حيّاك الله" أو "صباح الخير" "أنعمت مساء" وغير ذلك

    قال عبد الرؤوف المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير: "قال ابن دقيق العيد: فيظهر أن التحية بغير لفظ السلام من باب ترك المستحب لا مكروه إلا إن قصد به العدول عن السلام إلى ما هو أظهر في التعظيم من أجل أكابر أهل الدنيا وكان تحية من قبلنا السجود لمن يلقونه فحرم علينا السجود لغير الله وأعطينا مكانه السلام فهو من خصوصياتنا على ما اقتضاه هذا الخبر قال في شرح رسالة ابن أبي زيد: كان للناس في جاهليتهم ألفاظ يتلاقون بها ويتراحبون بها التماسا منهم للبقاء على أحسن الحالات والبعد عن الآفات سيما في حق من لم يتمكن من أسباب الدنيا فلا يشتهي إلا دعوة تقتضي بقاءه على حاله أو كلمة يسمعها يتفاءل بها لذلك كقول بعضهم عم صباحا عم مساء ابق ببقاء الليالي فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "السلام تحية لملتنا" يعني به أن الملتمس من كلمات مرت هو البقاء على صفة محبوبة مشتهاة عند الأنام وأفضل من ذلك كله الاتصاف بالسلامة المبعدة عن الظلامة ولذلك سمى الله به الجنة بقوله: {والله يدعو إلى دار السلام} وقال الإمام الرازي: عادة العرب قبل الإسلام إذا لقي بعضهم بعضا أن يقولوا: حياك الله واشتقاقه من الحياة كأنه يدعو له بالحياة فلما جاء الإسلام أبدل الله ذلك بالسلام. وقال الراغب: أصل التحية الدعاء بطول الحياة ثم استعملت في كل دعاء وكانت العرب إذا لقي بعضهم بعضا يقول: حياك الله، ثم استعملها الشرع في السلام قالوا: في السلام مزية على التحية لأنه دعاء بالسلامة من الآفات الدينية والدنيوية وهي مستلزمة بطول الحياة وليس في الدعاء بطولها ذلك". وقد مر كلام الحافظ في باب ما يجزئه من التحية انظره وذكر المناوي حديث السلام تحية لملتنا فهو موضوع انظر: "السلسلة الضعيفة" لشيخنا الالباني تحت رقم 3734

    باب قولك مرحبا

    قال الامام البخاري في الادب المفرد حدثنا أبو نعيم قال حدثنا زكريا عن فراس عن عامر عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله". قال الشيخ الألباني: صحيح
    وقال الامام مسلم: "حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن أبي النضر أن أبا مرة مولى أم هانئ بنت أبي طالب أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره بثوب قالت فسلمت فقال من هذه؟ قلت أم هانئ بنت أبي طالب قال مرحبا بأم هانئ......"الخ.
    * * *
    إلى هنا ينتهي الكتاب وسبحانك اللهم وبحمدك
    أشهد أن لا إله الا أنت
    أستغفرك وأتوب
    إليك
    *
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-03-29, 09:47 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X