إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فضل الصلاة والسلام على رسول الله ﷺ والتنبيه على حديث يتداوله البعض في فضل الصلاة على النبي ﷺ وهو منكر جدا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فضل الصلاة والسلام على رسول الله ﷺ والتنبيه على حديث يتداوله البعض في فضل الصلاة على النبي ﷺ وهو منكر جدا

    بسم الله الرحمن الرحيم


    فضل الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
    والتنبيه على حديث متداول في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو منكر جدا
    ــ . ــ

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
    أما بعد: فإن الصلاة على النبي ﷺ من أفضل القربات ومن أهم الطاعات لله رب الأرض والسماوات.
    والصلاة لغة: الدعاء
    وأما الصلاة على النبي ‘ شرعا: فأصحُّ مَا قِيلَ فِي ذلك مَا رواه الْبُخَارِيُّ تعليقا مجزوما به عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ رحمه الله؛ قَالَ: «صَلَاةُ اللَّهِ عَلَى رَسُولِهِ: ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ».
    فإذا وقعت الصلاة من البشر؛ فهي طلب الثناء على النبي ﷺ في الملأ الأعلى.
    وقول أبي العالية، رواه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم في التفسير، (باب: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ})(8/532-فتح)، ووصله ابن إسحاق القاضي في كتابه «فضل الصلاة على النبي ﷺ»(ص82)، وقال الألباني: «إسناده موقوف حسن»
    قال الحافظ في «الفتح»(11/130): «وأولى الأقوال ما تقدم عن أبي العالية: أن معنى صلاة الله على نبيه: ثناؤه عليه وتعظيمه. وصلاة الملائكة وغيره عليه: طلب ذلك له من الله تعالى، والمراد: طلب الزيادة؛ لا طلب أصل الصلاة».
    وأما من فسر صلاة الرب هنا بمعنى: الرحمة. فقد رد المحققون من العلماء هذا القول؛ كالحافظ ابن حجر العسقلاني، وقبله ابن القيم في كتابه "الجلاء"، وقد ساق في بيان ضَعْفِ ذلك خمسة عشر وجهاً.
    ومن أوجه ضعف هذا القول (أي تفسير الصلاة بالرحمة) أن الله عطف الرحمة على الصلوات، والأصل في العطف التغاير، قال تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}[البقرة: 157] فلو كانت الصلاة بمعنى الرحمة لكان معنى الآية (أولئك عليهم رحمات من ربهم ورحمة)، وهذا لا يستقيم! لأن الأصل في الكلام التأسيس لا التوكيد.
    ولكن صلاة الله عليه تتضمن رحمة خاصة لأنها من الصلة، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: «وصلاة الله عليه هي عند كثير من العلماء: ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، يعني: يرفع ذكره في الملأ الأعلى، ويثني عليه، وهي أيضا تتضمن رحمة خاصة؛ لأنها من الصلة، ففيها رحمة أخص من الرحمة العامة» انتهى من «شرح القواعد المثلى» لابن عثيمين (ص:23).
    * * *
    فضل الصّلاة على النّبيّ:

    سأقتصر على بعض الفضائل الواردة في فضل الصلاة على النبي ﷺ لأنّ الغرض إنمّا هو التّذكير:
    • قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:56] .
    فتأمل ما في هذه الآية من خبر وأمر وتأكيد: إن الله وملائكته -في السماء وفي الأرض ولا يحصي عدد الملائكة إلا الله- يصلون على النبي، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} أي ادعوا الله أن يثني عليه في الملإ الأعلى، وأن يسلمه تسليما تاما في حياته وبعد مماته، يسلمه من الآفات الجسدية في حياته وبعد مماته فلا يعتدى على قبره، ويسلمه من الآفات المعنوية بمعنى أن تسلم شريعته من أن يقضي عليها قاض أو ينسخها ناسخ.
    • ومن أدلة فضل الصلاة على النبي ﷺ ما جاء عنْ عبداللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنَّهُ سمِع رسُول اللَّه ﷺ يقُولُ: «مَنْ صلَّى عليَّ صلاَةً، صلَّى اللَّه علَيّهِ بِهَا عشْرًا» رواهُ مسلم.
    فإذا قلت يا عبد الله: اللهم صل وسلم على نبينا محمد، صلى الله عليك بها عشرا!
    • وعن ابن مسْعُودٍ رضي الله عنه أنَّ رسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: «أَوْلى النَّاسِ بِي يوْمَ الْقِيامةِ أَكْثَرُهُم عَليَّ صَلاَةً» رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.
    • وتتأكد فضيلة الصلاة على النبي ﷺ يوم الجمعة فعن أوس بن أوسٍ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: «إنَّ مِن أَفْضلِ أيَّامِكُمْ يَوْمَ الجُمُعةِ، فَأَكْثِرُوا عليَّ مِنَ الصلاةِ فِيهِ، فإنَّ صَلاتَكُمْ معْرُوضَةٌ علَيَّ»، فقالوا: يَا رسول اللَّه، وكَيْفَ تُعرضُ صلاتُنَا عليْكَ وقدْ أرَمْتَ؟ قال: يقولُ: بَلِيتَ، قالَ: «إنَّ اللَّه حَرم عَلَى الأرْضِ أجْساد الأنْبِياءِ». رواهُ أَبُو داود بإسنادٍ صحيحِ.
    النبي ﷺ أمر أن نكثر من الصلاة عليه يوم الجمعة وأخبر بأن صلاتنا معروضة عليه فقالوا يا رسول الله كيف تعرض عليك وقد أرَمْتَ أي بَلِيتَ فقالك «إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» أما غير الأنبياء فإنها تأكلهم لكن قد يكرم الله تعالى بعض الموتى فلا تأكلهم الأرض، وإن بقوا، ولكننا لا نتيقن أن أحدا لا تأكله الأرض إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ففي هذه الأحاديث الثلاثة الترغيب في كثرة الصلاة على النبي ﷺ وتتأكد فضيلة الصلاة عليه يوم الجمعة.
    حكم الصلاة على النبي ﷺ.
    اختلف العلماء رحمهم الله هل تجب الصلاة على النبي ﷺ في العمر مرة أو بأسباب أو لا تجب والصحيح أنها تجب بأسباب وإلا فالأصل أنها مستحبة والصلاة عليه واجبة في مواضع منها:
    - إذا ذكر اسمه عندك فصل عليه لأن جبريل أتى إلى النبي ﷺ وقال: «رغم أنف امرئ ذكرتَ عنده فلم يصل عليك».
    - تجب الصلاة على النبي أيضا عند كثير من العلماء في الصلاة في التشهد الأخير فعند كثير من العلماء أنها ركن لا تصح الصلاة إلا به وعند بعضهم أنها سنة وعند بعضهم أنها واجب والاحتياط أن لا يدعها الإنسان في صلاته[1].

    وصية جامعة من العلامة الألباني رحمه الله في الحث على «الصلاة على النبي ﷺ» والعمل بالأحاديث الثابتة في ذلك، قال رحمه الله في مقدّمة تخريجه وتحقيقه لكتاب «فضل الصلاة على النبي ﷺ» للإمام إسماعيل بن إسحاق القاضي المالكي (ت 282 رحمه الله):
    «فإن وصيتي إليك أيها المسلم، أن تقرأ هذا الكتاب، وتعملَ بما فيه من الأحاديثِ الثابتةِ عنه، لتحظى بالحياة الطيبة، وتسعد في الدنيا والآخرة، وجملة ذلك:
    • أن تكثرَ من الصلاةِ عليه -ﷺ- في سائرِ أوقاتكَ، فإنَّك تنال بها عند الله صلاةً منه عليك، ويرفعُ درجتَك، ويُكثرُ في حسناتِكَ، ويمحو من سيئاتِكَ، ويكفيك هم الدنيا والآخرة.
    • وصل عليه حيثما كنت، فإن سلامك يبلغه وإن كان لا يسمعه، فإن لله ملائكة سيَّاحين يبلِّغونه سلام من سلَّم عليه، خصوصية خصه بها ربنا تبارك وتعالى دون العالمين.
    • وخُصَّ يوم الجمعة بالإكثار منها، فإنها تُعرض عليه، وهو في قبره لم تأكل الأرض جسده الشريف، فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء.
    • وصلِّ عليه بصورة أخص وآكد كلما ذكر، فإنك إن لم تفعل كنت عنده بخيلاً، ولو كنت بالمال أكرم من حاتم الطائي.
    • وإياك أن تنسى وتترك الصلاة عليه ﷺ، فيميل بك ذلك عن طريق الجنة.
    • وسَلِ اللهَ له الوسيلةَ التي هي أعلى درجة في الجنة تنل بذلك شفاعة خاصة.
    • وإذا جلست مجلسًا فإياك أن تقوم منه دون أن تذكر الله وتصلي على نبيه محمد ﷺ، فإنك إنْ فعلتَ ذلك كان المجلس عليك نقصًا وحسرة يوم القيامة، واستحققت بذلك عذاب الله تعالى، إلا أن يغفر لك.
    • وإذا صلَّيت عليه فصلِّ بما ثبت عنه ﷺ من صيغ الصلاة الإبراهيمية.
    • وصلِّ عليه حين تدخل المسجد، وعند الخروج منه، وفي صلاة الجنازة، وفي كل الصلوات بعد التشهد، وقبل الدعاء، وسلم عليه إذا وقفت على قبره، ولا تزد عليه اقتداء بعبد الله بن عمر رضي الله عنهما»[2]. انتهى
    تنبيه:
    يتداول بعض الشباب والعامة حديثا إلى رسول الله في فضل الصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، ويزعمون أنه ثابت عنه ﷺ وهو جزء من حديث طويل وفيه قوله: «ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط مرة ويحبو مرة فجاءته صلاته علي فأخذت بيده فأقامته على الصراط حتى جاز».
    فأقول: لا شك أن منزلة النبي ﷺ عالية وفضل الصلاة عليه عظيم، وقد مر بيان شيء من ذلك من كتاب ربنا وسنة نبينا الصحيحة وفي الصحيح غنية وكفاية، ولله الحمد، أما هذا الحديث الذي استدل به صاحب المقطع ويروج له البعض فهو حديث منكر جدا لا يجوز نسبته إلى النبي ﷺ.
    قال العلامة المحدث الألباني رحمه الله في سلسلة الأحاديث الضعيفة (14/ 1230): «منكر جداً. اضطرب فيه الرواة سنداً ومتناً واتفق الحفاظ المتقدمون ومن سار سيرهم من المتأخرين على استنكاره وتضعيفه. وخالفهم بعض المتأخرين ضاربين بذلك القواعد العلمية التي منها: (أن الحديث لا يتقوى بالطرق الواهية، ولا بالمضطرب إسناداً ومتناً)، مع أوهام متنوعة كثيرة وقعت لبعضهم؛ يستقل بعضهم بها، ويقلدهم آخرون في بعضها..»
    قلت: يقصد العلامة الألباني ببعض المتأخرين الذين قووا الحديث مع أن طرقه واهية، وضعيفة جدا، يقصد الغماريَّ صاحب كتاب «المداوي» الذي سعى جاهدا في تقوية الحديث مُعرِضا عن أقوال الأئمة الحفاظ، المعتمد عليهم في الجرح والتعديل؛ بل ومصرحا برد أقوالهم، وبين العلامة الألباني رحمه الله -بيانا كافيا شافيا بإذن الله- وهاء المتابعات الكثيرة التي تبجح بها هذا الغماري.
    فإن قال قائل: ولكن هذا الحديث قد قال فيه الحافظ أبو موسى المديني: «هذا حديث حسن جداً، رواه عن سعيد بن المسيب وعمر بن ذر جماعة؛ منهم علي بن زيد بن جدعان» ؟!
    فالجواب: أن قوله حسن جدا لا يريد به الحسن بالمفهوم الاصطلاحي قال العلامة الألباني رجمه الله: «هو لا يعني أنه حسن بمجموع طرقه - كما هو المعلوم اصطلاحاً -، وإنما يعني أنه حسن لغة، وهذا استعمال معروف عند بعض الحفاظ؛ ومنهم أبو عمر بن عبد البر، حتى ولو كان من رواية بعض الوضاعين مثل: (تعلموا العلم؛ فإن تعليمه للناس خشية ... ) . قال فيه أبو عمر: " وهو حديث حسن جداً، ولكن ليس له إسناد قوي ".
    وهو مخرج في " الأحاديث الضعيفة " برقم (5293) ، ويؤيده أن (هلالاً أبا جبلة) : نكرة لا يعرف - كما نقله الغماري عن ابن القيم -. على أن الراوي عنه (فرج بن فضالة) : ضعيف، وبهما أعله ابن الجوزي؛ فقال له - بعد أن ساقه من طريقه، وطريق مخلد بن عبد الواحد المتقدم -: "وهذا حديث لا يصح؛ أما الطريق الأول: ففيه هلال أبو جبلة، وهو مجهول، وفيه الفرج بن فضالة: قال ابن حبان: يقلب الأسانيد، ويلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة، لا يحل الاحتجاج به.
    أما الطريق الثاني: ففيه علي ابن زيد: قال أحمد ويحيى: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: يهم ويخطئ؛ فاستحق الترك. وفيه مخلد بن عبد الواحد: قال ابن حبان: منكر الحديث جداً، ينفرد بمناكير لا تشبه أحاديث الثقات» انتهى.
    قلت -أبو معاذ-: فمن قرائن عدم إرادة المعنى الاصطلاحي أنه ذكر من رواة الحديث «علي بن زيد بن جدعان» وحاله ما مر ذِكره من كلام النُّقَّاد فيما نقله العلامة الألباني رحمه الله فأنى له الحسن الاصطلاحي؟! والله أعلم.

    وكتب:
    أبو معاذ طارق بن محمد سرايش
    السبت 16 شعبان 1443 هـ
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ([1]) شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (5/465-476) بتصرف واختصار.
    ([2]) مقدمة تحقيق «فضل الصلاة على النبي ﷺ» للألباني (ص15-17).

    التعديل الأخير تم بواسطة إدارة الإبانة السلفية; الساعة 2022-03-20, 12:38 PM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X