إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إرشاد المعلم إلى حسن طرق تعليم النبي صلى الله عليه وسلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إرشاد المعلم إلى حسن طرق تعليم النبي صلى الله عليه وسلم

    إرشاد المعلم إلى حسن طرق تعليم النبي صلى الله عليه وسلم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
    أما بعد، فلا شك أن تبليغ العلم –علم الكتاب والسنة- إلى الناس أمر محمود وعمل صالح له الفضائل العظيمة والفوائد العميمة، فإن تلبيغ العلم من أسمى المطالب الشرعية، التي حث النبي صلى الله عليه وسلم عليها قائلا : "بلغوا عني ولو آية" رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو.
    وبتبليغه تنال الرحمة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "رحم الله امرأ سمع مني حديثا فحفظه، حتى يبلغه غيره" رواه ابن حبان عن زيد بن ثابت بن الضحاك وصححه الإمام الألباني في الصحيحة (403).
    ثم إننا مطالبون بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في شأننا كله فهو الأسوة الحسنة، كما قال الله تعالى {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (21)، ومما يحسن الاقتداء به فيه : حسن تعليمه وحسن بيانه صلوات الله وسلامه عليه.
    فمن خلال مدارسة كتب شرح الأربعين النووية لبعض العلماء كالإمام ابن عثيمين رحمه الله ومحدث المدينة العلامة العباد حفظه الله تعالى وجامع العلوم والحكم لابن رجب رحمه الله، لفت انتباهي مما ذكر من فوائد الأحاديث حسن أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم وتبليغ الدعوة، فاستحسنت جمع ما ذكر من طرق تعليم النبي صلى الله عليه وسلم المذكورة في كتاب الأربعين للنووي رحمه الله تعالى، حتى تكون نبراسا للمعلم ومنهجا للداعي إلى الله تعالى في تبليغ الشريعة الغراء.

    1 _ تنويع الكلام :
    روى البخاري عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه".
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية (ص 20) : "حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم وذلك : بتنويع الكلام وتقسيمه؛ لأنه قال : "إنما الأعمال بالنيات" وهذا للعمل "وإنما لكل امرئ ما نوى" وهذا للمعمول له، هذا أولا.

    2 _ تقسيم الكلام :
    قوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث عمر : "فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه" رواه البخاري.
    وروى الشيخان عن عبد الله، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة".
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية (ص 20) : "والثاني من حسن التعليم : تقسيم الهجرة إلى قسمين : شرعية وغير شرعية، وهذا من حسن التعليم، ولذلك ينبغي للمعلم أن لا يسرد المسائل على الطالب سردا لأن هذا ينسي، بل عليه أن يجعل أصولا، وقواعد وتقييدات؛ لأن ذلك أقرب لثبوت العلم في قلبه، أما أن تسرد عليه المسائل فما أسرع أن ينساها".
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية (ص 190) : "حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يرد كلامه أحيانا بالتقسيم؛ لأن التقسيم يحصر المسائل ويجمعها وهو أسرع حفظا وأبطأ نسيانا.
    فمن فوائد تقسيم الكلام :
    أولا : حصر المسائل وجمعها.
    ثانيا : أن ذلك أقرب لثبوتها في القلب.
    ثالثا : أن ذلك أبطا للنسيان.

    3 _ ضرب الأمثال :
    روى الشيخان –واللفظ لمسلم- عن عن النعمان بن بشير، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : -وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه- "إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه، وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".
    ولمسلم عن شداد بن أوس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته".
    وله أيضا عن أبي ذر، أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال : "أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا : يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال : "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر"
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية (ص 131) : "حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بضرب الأمثال المحسوسة لتتبين بها المعاني المعقولة، وهذه طريقة القرآن الكريم، قال الله تعالى {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} (العنكبوت 43)، فمن حسن التعليم أن المعلم يقرب الأشياء المحسوسة، لقوله "كالراعي يرعى حول الحمى".
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية (ص 211) : "حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم بضرب الأمثال؛ لأن الأمثال تقرب المعاني في قوله "فإذا قتلتم... وإذا ذبحتم".
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية (ص 284) : "حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث ضرب المثل الذي يقتنع به المخاطب، وهذا من حسن التعليم أن تقرب الأمور الحسية بالأمور العقلية".
    قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله في "فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين" (ص 15) : "ضرب العالم الأمثال للتوضيح والبيان".
    وقال أيضا حفظه الله في "فتح القوي المتين" (ص 49) : "ضرب الأمثال لتقرير المعاني المعنوية بتشبيهها بالحسية".
    فمن فوائد ضرب الأمثال :
    أولا : إقناع المخاطب.
    ثانيا : تقريب المعاني، وتوضيحها وبيانها.

    4 _ الإجمال قبل التفصيل :
    روى مسلم عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "الدين النصيحة" قلنا : لمن؟ قال : "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية (ص 144) : "حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يذكر الشيء مجملا ثم يفصله، لقوله : "الدين النصيحة".

    5 _ إضافة ما دعت إليه الحاجة إلى الجواب :
    روى الترمذي عن معاذ بن جبل قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت : يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار؟ قال : "لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت" ثم قال : "ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل من جوف الليل" قال : ثم تلا {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} حتى بلغ {يعملون} ثم قال : "ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه؟" قلت : بلى يا رسول الله قال : "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد" ثم قال : "ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟" قلت : بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه قال : "كف عليك هذا" فقلت : يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال : "ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟" صححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي (2616).
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية (ص 325) : "فضل النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم حيث يأتي بما لم يحتمله السؤال لقوله : "ألا أدلك على أبواب الخير" وهذا من عادته صلى الله عليه وسلم أنه إذا دعت الحاجة إلى ذكر شيء يضاف إلى الجواب أضافه".

    6 _ قياس الأشياء المعنوية بالحسية :
    قال صلى الله عليه وسلم : "والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار" رواه الترمذي عن معاذ صححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي (2616).
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية (ص 328) : "حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم، وما أكثر ما يمر علينا حسن تعليمه صلوات الله وسلامه عليه؛ لأن حسن تعليمه من تمام تبليغه وذلك بقياس الأشياء المعنوية على الأشياء الحسية، كما في قوله : "والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار".

    7 _ ذكر ما يحفز السامع قبل التعليم :
    قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله في "فتح القوي المتين" (ص 90) : "التقديم بين يدي ذكر الأمر المهم بما يحفز النفوس إليه لقوله : "ألا اعلمك كلمات".
    وقال أيضا حفظه الله في "فتح القوي المتين" (ص 163) : "فعل المعلم ما يلفت نظر المتعلم إلى وعي ما يلقى إليه، لقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : "أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي".
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية (ص 228) : "أن ه ينبغي لمن ألقى كلاما ذا أهمية أن يقدم له ما يوجب لفت الانتباه حيث قال : "يا غلام إني أعلمك كلمات".
    كان هذا مما يسر الله تعالى جمعه مما أجاد به علماؤنا رحمهم الله تعالى وحفظ الأحياء منهم، حسن بالمعلم أن يقتدي بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه وتبليغه الدعوة إلى الناس، ففي الاقتداء به الخير والبركة.
    سبحانك الله وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
    والحمد لله رب العالمين.
    كتبه : أبو البراء يوسف صفصاف.
    23 جمادى الأولى 1443
    28 ديسمبر 2021

  • #2
    جزاك الله خيرا وبارك فيك أخي الكريم أبا البراء.

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك.

      تعليق


      • #4
        وفيكم يبارك الله

        تعليق


        • #5
          بارك الله فيك

          تعليق

          الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
          يعمل...
          X