إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العزمُ في الدُّعاءِ والنَّهيُ عن تعليقهِ بالمشيئةِ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العزمُ في الدُّعاءِ والنَّهيُ عن تعليقهِ بالمشيئةِ

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


    العزمُ في الدُّعاءِ والنَّهيُ عن تعليقهِ بالمشيئةِ



    الحمد لله ربِّ العالمين؛ ثمَّ الصَّلاة والسَّلام على عَبْده ورسُوله محمَّدٍ الصَّادق الأمين، وعلىٰ آله وصحبه أجمعين، ومَن سلك سبيلهم واتَّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين؛ أمَّا بعد:

    فإنَّ الدُّعاءَ عبادةٌ عظيمةٌ مِن العبادات الَّتي يُتقرَّبُ بها إلىٰ الله -سُبحانهُ وتعالى-، وقد أمر ربُّنا -جلَّ وعلا- عبادَهُ بأن يدعوه فيستجيبَ لهم، قال -عزَّ وجلَّ-: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)[غافر]، ففي هذه الآية الكريمة دلالةٌ صريحةٌ علىٰ أنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- أمرَ عبادَهُ أن يدعُوهُ، وأنَّهُ -سُبحانهُ وتعالى- يستجيبُ دُعاءَهُم، وهو وعدٌ مِنهُ، كما توعَّد الَّذينَ يستكبرونَ عَن عبادَتهِ، أي: دُعائه وتوحيده، بأنَّهم سيدخلونَ جهنَّم داخرينَ، أي: صاغرينَ حقيرينَ؛ ووَعْدُهُ ووَعِيدُهُ -سُبحانهُ وتعالى- كلُّهُ حقٌّ.
    هذا؛ وإنَّ لتحقيق الدُّعاءِ وإجابته أسبابًا عديدةً، منها: العزمُ فيهِ، ويُقابلُ ذلكَ موانعُ تحولُ بينهُ وبينَ تحقُّق المطلوبِ، ومِن ذلك: تعليقهُ بالمشيئةِ. وإنِّي رأيتُ كثيرًا مِن النَّاسِ لا يُراعونَ هذا الأدب في دُعائهِم، فتجدُ الواحدَ مِنهُم إذا دعا اللهَ -سُبحانهُ وتعالى-، أو دُعِيَ لهُ، قالَ: إن شاء الله، بدلَ أن يقولَ: آمين! وكلُّ هذا مُخالفٌ لآدابِ الدُّعاءِ، ومانعٌ مِن موانعِ الإجابةِ كما جاءَ ذلكَ مُبيَّنًا في السُّنَّةِ، ومِن الأحوالِ الْمُؤْسِفَةِ: هو حصولُ هذه المخالفةِ مِن بعضِ المحسوبينَ علىٰ طلبةِ العلمِ، والمتمسِّكينَ بالسُّنن والآثارِ؛ حتَّى انتشرَ ذلكَ في وسائل التَّواصل الاجتماعيِّ، وتبعَهُم علىٰ ذلكَ خلقٌ مِن العامَّةِ، فازدادَ الأمرُ خطورةً، وكانَ سببًا مُوجِبًا للكتابةِ والتَّنبيهِ، قيامًا بواجبِ النَّصيحةِ للمسلمين، وأمرًا بالمعروفِ، ونهيًا عن المنكرِ؛ وهذا أوانُ الشُّروع في المقصُودِ:

    عَن أنسِ بنِ مالكٍ -رضيَ اللهُ عنهُ-، قالَ: قالَ رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ، وَلَا يَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي، فَإِنَّ اللهَ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ)([1])؛ وعَن أبي هريرة -رضيَ اللهُ عنهُ-، قالَ: قالَ رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ، فَإِنَّ اللهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ لَا مُكْرِهَ لَهُ)([2]).

    ففي الحديثين أمرٌ مِن النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بالعزم في الدُّعاءِ، والعزمُ كما قال الخليلُ: «ما عُقِدَ عليه القلبُ مِن أمرٍ أنتَ فاعلُهُ، أي: مُتَيَقِّنُهُ»([3])، فهو: الجِدُّ والقطعُ والصَّريمةُ([4])؛ كما أنَّ فيهما النَّهي عَن تعليقِ الدُّعاءِ بمشيئةِ الله تعالىٰ، والمعنىٰ أنَّه يجزمُ في دعائه ولا يستثني، قال ابنُ بطَّالٍ -رحمهُ اللهُ-: «فيهِ دليلٌ أنَّه ينبغي للمؤمن أَنْ يجتهدَ في الدُّعاءِ، ويكونَ علىٰ رجاءٍ مِن الإجابة، ولا يقنطَ مِن رحمةِ اللهِ؛ لأنَّهُ يدعو كريمًا، فبذلك تواترت الآثار عَن النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-»([5]).

    قولهُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ): فيهِ مشروعيَّةُ الدُّعاءِ، وتقدَّم بيانُ أنَّ اللهَ -سُبحانهُ وتعالى- أمرَ عبادَهُ بالدُّعاءِ، فقالَ: ﱡﭐوَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ الآية [غافر: 60]، والدُّعاءُ هنا يشملُ الأمورَ الدُّنيويَّة والأُخرويَّة، وفي الآيةِ وعدٌ مِن الله -سُبحانهُ وتعالى- بإجابةِ الدُّعاءِ؛ كما أنَّه -عزَّ وجلَّ- يغضبُ إذا تُركَ دُعاؤُه، ويتوعَّدُ مَن يَستكبِرُ عَن عبادَتِه، ويدلُّ علىٰ ذلك قولهُ في آخر الآية: ﱡﭐإِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ الآية [غافر: 60]، وقد قال النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ)([6]).
    بخلافِ المخلوقِ، فإنَّهُ يغضبُ إذا سُئِلَ، ويكرهُ الَّذي يُلحُّ عليه، وفي هذا المعنىٰ قال أحدُ الشُّعراء:
    لَا تَسْأَلَنَّ مِنِ ابْنِ آدَمَ حَاجَةً وَسَلِ الَّذِي أَبْوَابُهُ لَا تُحْجَبُ
    اللهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤَالَهُ وَبُنَيُّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ
    وقولهُ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: (فَلْيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ): أي: فليجزم، ولا يستثني، بل يجتهدُ ويُلحُّ في دعائهِ، ولا يقُلْ: (إِنْ شِئْتَ) كالْمُسْتَثْنِي، ولكن دعاء البائس الفقير، مع رجاءِ الإجابةِ، فإنَّما يدعُو كريمًا قريبًا مُجيبًا، كما قالَ تعالىٰ: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ الآية [البقرة: 186]، فالمقصودُ هو الجزمُ به مِن غيرِ ضعفٍ في الطَّلبِ، ولا تعليقٍ بالمشيئةِ؛ وإن كان مأمورًا في جميع ما يُريدُ فِعلَهُ أَنْ يُعلِّقهُ بمشيئةِ الله تعالىٰ، وذلك في قول الله تعالىٰ: ﱡﭐوَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا (24) [الكهف]، وقيلَ: إنَّ معناهُ هو أَنْ يُحسنَ الظَّنَّ بالله تعالىٰ في الإجابةِ، فقد قال النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (اُدْعُوا اللهَ وأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ)([7])، وقال سفيان بنُ عُيَيْنَة -رحمهُ اللهُ-: «لا تتركوا الدُّعاء، ولا يمنعكم منه ما تعلمون مِن أنفسكم، فقد استجاب الله تعالىٰ لإبليس وهو شرُّ الخلق، قال: قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (37) [الحجر]»([8]). ([9])
    والأمرُ في قوله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (فَلْيَعْزِمْ)؛ إنَّما هو للوجوبِ، خلافًا لمن قالَ: هو للاستحبابِ فقط؛ ذلكَ أنَّ الأمرَ المطلقَ يُحملُ علىٰ الوُجُوبِ كما هوَ مقرَّرٌ عندَ جمهورِ الأصوليِّينَ، وإنَّما يُصرفُ إلىٰ غيرهِ بقرينةٍ([10])، ولا قرينةَ هُنا، فتأمَّلْ!

    قولُهُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (وَلَا يَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي)، وهي روايةُ أنسٍ، وفي روايةِ أبي هريرة: (لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ»، وفي روايةٍ أخرىٰ لهُ: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ)([11])، والرِّوايةُ الأُولىٰ تشملُ الجميعَ، ويدخلُ فيها كلُّ دعوةٍ؛ والمقصودُ: النَّهيُ عَن تعليقِ الدُّعاءِ بالمشيئةِ، وهو محمولٌ علىٰ التَّحريمِ، لا مجرَّد الكراهةِ كما قالهُ بعضهُم، لأنَّ النَّهيَ المطلقَ المجرَّدَ عن القرائن يقتضي التَّحريمَ، ولا يُحملُ علىٰ غيره إلَّا بقرينةٍ([12])، وهو مذهبُ جمهورِ العُلماءِ، ولا قرينةَ تصرفهُ عن ذلك هنا أيضًا؛ ووَجهُهُ أنَّ الَّذي يحتاجُ إلىٰ التَّعليقِ هو ما إذا كان المطلوبُ منهُ يتأتَّى إكراهُه علىٰ الشَّيء، فيُخفَّف الأمرُ عليه، ويُعلمُ بأنَّهُ لا يُطلبُ منهُ ذلك الشَّيءُ إلَّا برِضاهُ، واللهُ -سُبحانهُ وتعالى- مُنَزَّهٌ عَن ذلك([13])، وهو معنىٰ قوله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في آخرِ الحديثِ: (فَإِنَّ اللهَ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ)؛ فلا يتحقَّقُ استعمالُ المشيئةِ إلَّا في حقِّ مَن يتوجَّهُ عليه الإكراهُ([14])، قال ابنُ عبد البرِّ -رحمهُ اللهُ-: «فلا يجوزُ لأحدٍ أن يقولَ: اللَّهمَّ أعطني كذا إن شئتَ، وارحمني إن شئتَ وتجاوَزْ عنِّي، وهَبْ لي مِن الخيرِ إن شئتَ، مِن أمرِ الدِّين والدُّنيا، لنهيِ رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- عَن ذلك، ولأنَّه كلامٌ مستحيلٌ لا وجهَ لهُ، لأنَّه لا يفعلُ إلَّا ما شاءَ، لا شريكَ لهُ»([15])، وقال القسطلَّانيُّ -رحمهُ اللهُ-: «فَلا يشكُّ في القَبول، بَلْ يستيقنُ وقوعَ مطلوبه، ولا يُعلِّق ذلك بمشيئة الله»([16]).
    قال أبو العبَّاس القُرطبيُّ -رحمهُ اللهُ-: «قولُهُ: (لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ): إنَّما نهىٰ الرَّسولُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- عن هذا القول؛ لأنَّهُ يدلُّ علىٰ فُتُور الرَّغبة، وقِلَّة التَّهمُّمِ بالمطلوب. وكأنَّ هذا القولَ يتضمَّنُ: أنَّ هذا المطلوبَ إن حصلَ، وإلَّا استُغنيَ عنهُ، ومَن كان هذا حالهُ لَمْ يُتَحَقَّقْ مِن حالِهِ الافتقارُ والاضطرارُ الَّذي هو روحُ عبادةِ الدُّعاءِ، وكان ذلك دليلًا علىٰ قِلَّة اكتِراثِهِ بذُنُوبِهِ، وبرحمةِ ربِّه، وأيضًا فإنَّهُ لا يكونُ مُوقِنًا بالإجابةِ، وقدْ قالَ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (اُدْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ)([17]).
    ثُمَّ إنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لَمْ يَكتفِ بالنَّهيِ عَن ذلك حتَّىٰ أمرَ بنقيضِهِ، فقالَ: (لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ)، أَيْ: ليجزم في طلبتِه، وليحقِّق رغبتَه ويتيقَّن الإجابة؛ فإنَّه إذا فعل ذلك: دلَّ علىٰ عِلمِه بعَظيمِ قدرِ ما يطلُبُ مِن المغفرة والرَّحمة، وعلىٰ أنَّه مُفتقرٌ لِمَا يطلُبُ، مُضطرٌّ إليهِ، وقدْ وَعَدَ اللهُ المضطرَّ بالإجابةِ بقوله: ﱡﭐأَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ الآية [النَّمل: 62]»([18]).

    وقِيلَ: إنَّ سببَ النَّهيِ، هوَ أنَّ في تعليقِ الدُّعاءِ بالمشيئةِ: صورةَ الاستغناءِ عَن المطلوبِ والمطلوبِ مِنهُ([19])؛ والأوَّلُ أَوْلَىٰ كما قالَ ابنُ حجرٍ -رحمهُ اللهُ-([20])، فقد جاءَ في الحديثِ: (فَإِنَّ اللهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ لَا مُكْرِهَ لَهُ)، وجاءَ في رِوايةٍ أُخرىٰ لأبي هريرةَ: (وَلَكِنْ لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ فَإِنَّ اللهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ)؛ ومعنىٰ قولهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (لِيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ)؛ قالَ محمَّدٌ الإتيوبيُّ -رحمهُ اللهُ-: «أَيْ: يُبالغ في ذلك بتَكرار الدُّعاءِ، والإلحاح فيهِ، ويحتملُ أَنْ يُرادَ بهِ: الأمرُ بطلب الشَّيء العَظيمِ الكثيرِ، ويُؤَيِّدُهُ ما في آخرِ هذه الرِّوايةِ: (فَإِنَّ اللهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ([21]).

    وقولُهُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (فَإِنَّ اللهَ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ)، وفي روايةِ أبي هريرةَ: (لَا مُكْرِهَ لَهُ)، قِيلَ: وهُما بمعنًى([22])، وردَّهُ بدرُ الدِّين العَينيُّ -رحمهُ اللهُ-، فقالَ: «لَيسَ كذلك، بَلِ السِّينُ تدلُّ علىٰ شِدَّة الفعلِ»([23])؛ والمعنىٰ: أنَّ التَّعليقَ يُوهِمُ إِمكانَ إعطائِهِ علىٰ غيرِ المشيئةِ، وليسَ بعد المشيئةِ إلَّا الإكراهُ، واللهُ تعالىٰ يفعلُ ما يَشاءُ مِن غيرِ إكراهِ أحدٍ لهُ علىٰ ذلكَ([24])؛ قال بُرهانُ الدِّينِ الحلبيُّ -رحمهُ اللهُ-: «قولُهُ: (فَإِنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ)، يُفهمُ الإكراهُ مِن قولهِ: (إِن شئتَ فأَعطنِي)؛ لأنَّهُ لَمَّا خيَّرهُ، دلَّ ذلك علىٰ أنَّ لهُ الإكراهَ، واللهُ أعلمُ!»([25]).
    قال أبو العبَّاس القُرطبيُّ -رحمهُ اللهُ-: «وقولُهُ: (فَإِنَّ اللهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ لَا مُكْرِهَ لَهُ)، إظهارٌ لعدمِ فائدةِ تقييدِ الاستغفارِ والرَّحمةِ بالمشيئةِ؛ لأنَّ الله تعالىٰ لا يضطرُّهُ إلىٰ فعل شيءٍ، دعاءٌ، ولا غيرُه، بَلْ يفعلُ ما يُريدُ ويحكُمُ ما يشاءُ، ولذلك قيَّد اللهُ تعالىٰ الإجابةَ بالمشيئةِ في قوله: فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَاءَ الآية [الأنعام: 41]، فلا معنىٰ لاشتراط مشيئتِهِ فيما هذا سبيلُهُ»([26]).

    فتحصَّل مِن مجموعِ ما تقدَّم شرحُهُ وتفسيرُهُ: أنَّ علىٰ الدَّاعِي الجِدَّ في مسألتِهِ، والجزمَ في طلبِهِ، وأَنْ يكونَ مُوقنًا بالإجابةِ، لا يستثني في دُعائِهِ؛ فإنَّما يدعُو كريمًا قريبًا مُجيبًا، لا يضطرُّهُ ولا يُكرهُه أحدٌ، ولا يُعجِزُهُ شيءٌ، سُبحانَهُ لا شريكَ لهُ، وهوَ علىٰ كُلِّ شيءٍ قديرٌ.

    وأمَّا قولُ ابن حجرٍ -رحمهُ اللهُ-: «وحملَ النَّوويُّ النَّهيَ في ذلك علىٰ كراهةِ التَّنزيهِ وهو أَولىٰ، ويُؤيِّدهُ ما سيأتي في حديثِ الاستخارةِ»([27]).
    فإنَّ حملَ النَّهيِ الواردَ في الحديثِ علىٰ كراهة التَّنزيهِ، قد تقدَّم الجوابُ عنهُ عندَ شرحِ الحديثِ، وأنَّ النَّهيَ فيه باقٍ علىٰ أصلهِ الَّذي هو التَّحريمُ ما لم تصرفهُ عنهُ قرينةٌ، ولا قرينةَ هُنا؛ وأمَّا تأييدُهُ لمذهبه بما في حديثِ الاستخارة، وكأنَّهُ يقصدُ قولَ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (اللَّهُمَّ إِنْ كُنتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: في عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ-، فَاقْدُرْهُ لِي؛ وَإِنْ كُنتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: في عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ-، فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ)([28])، فليسَ فيه ما يُؤَيِّدُ حملَ النَّهيِ علىٰ كراهةِ التَّنزيهِ، إذ المرادُ منهُ طلبُ خيرِ الأمرينِ لمن احتاجَ إلىٰ أحدهما، كما قالهُ ابنُ حجرٍ -رحمهُ اللهُ- نفسُهُ([29])، وطلبُ خيرِ الأمرينِ هو مِن بابِ تفويضِ العبدِ أمورَهُ إلىٰ ربِّه -عزَّ وجلَّ-، لأنَّ اللهَ -سُبحانهُ وتعالى- لهُ العلمُ المطلقُ، ولأنَّ العبدَ لا يعلمُ الغيبَ؛ وفي ذلكَ مِن كمال العبوديَّة وغايةِ التَّذلُّلِ إلىٰ الله -سُبحانهُ وتعالى-، ما هو مطلوبٌ مِن العبدِ أَنْ يُحَقِّقَهُ.
    ثُمَّ إِنَّ لفظَ الحديثِ فيه عزمٌ وجِدٌّ في الطَّلبِ مع الإلحاحِ، لأنَّ الدَّاعي يقولُ: (فَاقْدُرْهُ لِي)، ويقولُ: (فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ)، فلا دلالةَ لدُعاءِ الاستخارةِ علىٰ ما اختارهُ النَّوويُّ وابنُ حجرٍ -رحمهُما اللهُ-، فتأمَّلْ!

    وقولُ ابن حجرٍ -رحمهُ اللهُ- أيضًا: «وقال الدَّاوديُّ: معنىٰ قوله: (لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ): أَنْ يجتهد ويُلحَّ ولا يقلْ إن شئتَ كالمستثني، ولكن دعاء البائس الفقير. قُلتُ -ابنُ حجرٍ-: وكأنَّه أشار بقوله: «كالمستثني»، إلىٰ أنَّه إذا قالها علىٰ سبيل التَّبرُّك لا يُكرهُ، وهوَ جيِّدٌ»([30]).
    وهذا معَ كونهِ لم يظهر لي فيه وجهُ التَّبرُّكِ، إلَّا أنَّهُ مُصادمٌ للحديثِ مِن كُلِّ وجهٍ، لأنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أمرَ بالعزمِ في الدُّعاءِ، ونهىٰ عَن تعليقهِ بالمشيئةِ، سواءٌ كانَ ذلك للاستثناء، أو للتَّبرُّك، أو للإخبارِ كما قالَ بعضُهُم؛ فإنَّ ذلكَ كُلَّهُ مُخالفٌ لأمرِ الرَّسُولِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، وخروجٌ عَن قولهِ -عليه الصَّلاة والسَّلام-، لأنَّ الأمرَ والنَّهيَ الواردانِ في الحديثِ قدْ وقعَا موقعَ الإطلاقِ، فلا سبيلَ لأحدٍ أن يصرفَهُما إلىٰ معنًى آخر بغيرِ دليلٍ مُعتبَرٍ؛ واللهُ -عزَّ وجلَّ- يفعلُ ما يُريدُ، ويحكُمُ ما يشاءُ، فعلىٰ المرءِ أن يمتثلَ أمرَ نبيِّه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، ولا يجوزُ لهُ أَن يُخالِفَهُ لقولِ فُلانٍ وفُلانٍ مِن النَّاسِ؛ لأنَّ هديهُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- خيرُ الهدي وأحسنُهُ، وإنَّما أُمِرْنَا في كتابِ ربِّنا -عزَّ وجلَّ- باتِّباعِ نبيِّنا -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- والتَّمسُّك بسُنَّتِه، وتركِ كُلِّ ما يُخالفُ ذلكَ ويُنابِذُهُ مِن الآراء والاجتهاداتِ؛ فمَن امتثلَ وتمسَّكَ فقد فازَ ونجا وأفلحَ، ومَن خالفَ وتركَ فقد خسرَ وهلكَ.

    هذا؛ وقد يرِدُ علىٰ بعضِ النَاسِ استشكالٌ، فيعترضُ علىٰ ما في هذا الحديثِ بما جاءَ في الحديثِ الَّذي رواهُ ابنُ عبَّاسٍ -رضيَ اللهُ عنهُما-: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- دَخَلَ عَلَىٰ أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ. قالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إِذَا دَخَلَ عَلَىٰ مَرِيضٍ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ: لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ. قالَ: قُلْتَ طَهُورٌ؟!كَلَّا، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ أَوْ تَثُورُ عَلَىٰ شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: فَنَعَمْ إِذًا)([31]).

    والجوابُ عَن هذا مِن ثلاثةِ أوجُهٍ:
    أوَّلُها: أنَّ العُلماءَ قد اختلفوا في تفسير الْمُرَادِ بقولهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في هذا الحديثِ: (لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ)؛ فقالَ بعضهم: هي بمعنىٰ الإخبارِ، علىٰ طريقةِ البِشارةِ المبنيَّة علىٰ حُسن الظَّنِّ، وهو اختيارُ ابن دقيقِ العيدِ -رحمهُ اللهُ-([32])، وقالَ آخرونَ: هي بمعنىٰ الدُّعاءِ، وهو اختيارُ ابن حجرٍ والعينيِّ والقسطلَّانيِّ -رحمهُم اللهُ-([33])؛ والأوَّلُ أولىٰ، لأنَّ نفيَ البأسِ عنهُ، وتطهيرَهُ مِنَ الذُّنُوبِ لا يكونُ إلَّا بمشيئةِ اللهِ تعالىٰ، فناسبَ أَنْ يَقولَ لهُ: (إِنْ شَاءَ اللهُ)؛ ولو كانَ ذلكَ مِن قبيلِ الدُّعاءِ لما علَّقهُ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بالمشيئةِ، لأنَّهُ -عليه الصَّلاة والسَّلام- قد نهىٰ عَن ذلكَ كما تقدَّم في حديثِ البابِ؛ واللهُ أعلم!
    ولا أدرِي كيفَ أيَّدَ ابن حجرٍ مذهبهُ في القول بحملِ النَّهيِ الواردِ في حديثِ البابِ علىٰ كراهة التَّنزيهِ بما في حديثِ الاستخارة -وقد تقدَّم بيانُ بُطلانِ الاستدلال به علىٰ ذلك-، وأعرضَ عَن الاحتجاجِ بقولِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- للأعرابيِّ: (لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ)، وهو يقولُ بأنَّ ذلكَ بمعنىٰ الدُّعاءِ؟! فكانَ الأولىٰ لهُ أَن يستدلَّ بهذا، لما فيه مِن ظهورِ الحُجَّة علىٰ ما يختارهُ مِن مذهبٍ في كِلتَا المسألتينِ.
    والثَّاني: أنَّهُ علىٰ فرضِ حملِ قولهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ)؛ بمعنىٰ الدُّعاءِ، فإنَّهُ لا حُجَّةَ في الاعتراضِ بهِ، ولا يجوزُ ذلكَ؛ لأنَّ ما جاءَ في هذا الحديثِ ونُظرائهِ ممَّا وردَ فيهِ تعليقُ الدُّعاءِ بالمشيئةِ، إنَّما هوَ خاصٌّ بها، لا يتعدَّىٰ الحكمُ فيها إلىٰ غيرها؛ ويبقىٰ الأصلُ في الدُّعاءِ أَنْ يَكونَ بعَزمٍ، ولا يجوزُ تعليقُهُ بالمشيئةِ، وقد تقدَّمَ بيانُ أنَّ الأمرَ والنَّهيَ الواردان في حديثِ البابِ قد وقعَا موقعَ الإطلاقِ، ويُسْتَثْنَىٰ مِن ذلكَ ما وردَ فيهِ تعليقُ الدُّعاءِ بالمشيئةِ؛ واللهُ أعلم!
    والثَّالثُ: أنَّنا نتوقَّفُ في الأمرِ، ولا نعرضُ لهُ بكلامٍ؛ واللهُ -سُبحانهُ وتعالى-، ورسولُهُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أعلمُ بالْمُرادِ مِن ذلكَ!

    فهذا آخرُ ما يسَّرَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- كِتابتَهُ حولَ هذه المسألةِ، وإنَّما حملني علىٰ الكتابةِ فيها ما رأيتُهُ مِن انتشارِ مُخالفةِ أمرِ رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بالعزمِ في الدُّعاءِ، ونهيِه -عليه الصَّلاة والسَّلام- عَن تعليق الدُّعاءِ بالمشيئةِ؛ فأسألُ اللهَ -تباركَ وتعالى- أَن يجعلَ ما كتبتُه مِن العلمِ الَّذي يُنتفعُ بهِ!
    والله الكريم أسألُهُ أَن يُفقِّهنا في ديننا، وأَن يُعلِّمنا ما ينفعُنا، وينفعنا بما يعلِّمنا، ولا يجعل ما علَّمنا وبالًا علينا! إنَّهُ -سُبحانهُ وتعالى- سميعٌ قريبٌ مُجيبٌ.
    آخرُهُ؛ وصلَّىٰ اللهُ علىٰ نبيِّنا محمَّدٍ، وعلىٰ آله وصحبه وسلَّمَ، والحمدُ لله ربِّ العالمين.
    كتبهُ
    أبو محمَّدٍ منصُور بن محمَّدٍ خيرات المحمَّديُّ الجزائريُّ
    غفرَ اللهُ لهُ، ولوالديه، ولمشايخه، وللمسلمينَ
    وكانَ الفراغُ منهُ: ليلةَ الثُّلاثاء، 02 المحرَّم، سنة 1443 للهجرة النَّبويَّة
    ڤديل – وهران – الجزائر
    رُوجعَ وصُحِّحَ: ليلةَ الجُمُعَة، 20 جمادىٰ الأولىٰ، سنة 1443 للهجرة النَّبويَّة

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1] - أخرجهُ البُخاريُّ في صحيحه (ك: الدَّعوات، ب: ليعزم المسألة فإنَّه لا مكره له)، (08/ 74/ح: 6338)؛ ومسلمٌ في صحيحه (ك: الذِّكر والدُّعاء والتَّوبة والاستغفار، ب: العزم بالدُّعاء ولا يقل إن شئت)، (08/ 63 - 64/ح: 2678) واللَّفظ له.
    [2] - أخرجهُ البُخاريُّ في صحيحه (ك: الدَّعوات، ب: ليعزم المسألة فإنَّه لا مكره له)، (08/ 74/ح: 6339)؛ ومسلمٌ في صحيحه (ك: الذِّكر والدُّعاء والتَّوبة والاستغفار، ب: العزم بالدُّعاء ولا يقل إن شئت)، (08/ 64/ح: 2679) واللَّفظ له.
    [3] - مقاييس اللُّغة لابن فارس (668).
    [4] - يُنظرُ: مقاييس اللُّغة لابن فارس (668)؛ لسان العرب لابن منظور (12/ 400)؛ المصباح المنير للفيُّومي (411).
    [5] - شرح صحيح البخاري (10/ 99).
    [6] - أخرجهُ أحمدُ في مسنده (04/ 2028/ح: 9832)؛ وابن ماجه في سننه (ك: الدُّعاء، ب: فضل الدُّعاء)، (548/ح: 3959)؛ والتِّرمذيُّ في جامعه (ك: الدَّعوات، ب: منه)، (02/ 867/ح: 3700) واللَّفظ له، مِن حديثِ أبي هريرةَ -رضيَ اللهُ عنهُ-، وهو حديثٌ حسنٌكما قال الألبانيُّ في السِّلسلة الصَّحيحة (06/ 324/ح: 2654).
    [7] - أخرجهُ التِّرمذيُّ في جامعه (ك: الدَّعوات، ب)، (02/ 894/ح: 3816)، مِن حديثِ أبي هريرةَ -رضيَ اللهُ عنهُ-، وهو حديثٌ حسنٌ كما قال الألبانيُّ في صحيح الجامع (01/ 108/ح: 245).
    [8] - رواهُ البيهقيُّ في شعب الإيمان (02/ 385/رقم: 1107).
    [9] - يُنظرُ: شرح صحيح البخاري لابن بطَّال (10/ 99)؛ شرح صحيح مسلم للنَّووي (14/ 242)؛ فتح الباري لابن حجر (14/ 348).
    [10] - اختلفَ العُلماءُ في صيغة الأمر المطلقة المجرَّدة عن القرائن، هل تقتضي الوجوبَ أو النَّدبَ أو غيرَ ذلكَ؟ والصَّحيحُ منها هو ما ذهبَ إليه الجُمهورُ مِن اقتضائها الوُجوبَ، إلَّا أن تدُلَّ قرينةٌ على غير ذلكَ، فتُحملُ عليهِ.
    وانظُر المسألةَ في المصادر الآتية: المعتمد لأبي الحسين البصري (01/ 57)، العُدَّة لأبي يعلى الفرَّاء (01/ 224)، إحكام الفصول للباجي (01/ 201)، روضة النَّاظر لابن قدامة (02/ 604)، الإحكام للآمدي (02/ 177)، إرشاد الفحول للشَّوكاني (341).
    [11] - أخرجها البُخاريُّ في صحيحه (ك: التَّوحيد، ب: في المشيئة والإرادة)، (09/ 140/ح: 7477).
    [12] - وقد اختلفَ العُلماءُ كذلك في صيغة النَّهي إذا وردت مطلقةً مجرَّدةً عن القرائن، هل تقتضي التَّحريمَ أم الكراهةَ؟ والصَّحيحُ هو قولُ الجمهورِ في أنَّها تقتضي التَّحريمَ، ما لم تَقتَرن به قرينةٌ تصرفُهُ عَن ذلكَ إلى الكراهةِ.
    وانظُر المسألةَ في المصادر الآتية: الرِّسالة للشَّافعي (217)، العُدَّة لأبي يعلى الفرَّاء (02/ 425 - 426)، إحكام الفصول (01/ 234)؛ والإشارة (205) كلاهما للباجي، مفتاح الوصول للشَّريف التِّلمساني (454، 456)، إرشاد الفحول للشَّوكاني (384).
    [13] - يُنظرُ: فتح الباري لابن حجر (14 /348).
    [14] - يُنظرُ: شرح صحيح مسلم للنَّووي (14/ 243).
    [15] - التَّمهيد لما في الموطَّإ مِن المعاني والأسانيد (11/ 654).
    [16] - إرشاد السَّاري لشرح صحيح البخاري (09 /196).
    [17] - تقدَّم تخريجُه في (حاشية: 07).
    [18] - المفهم لما أشكل مِن تلخيص كتاب مسلم (07/ 29).
    [19] - يُنظرُ: شرح صحيح مسلم للنَّووي (14/ 243)؛ فتح الباري لابن حجر (14/ 348).
    [20] - فتح الباري لابن حجر (14/ 348).
    [21] - شرح صحيح مسلم (42/ 45).
    [22] - المصدر نفسُه.
    [23] - عمدة القاري شرح صحيح البخاري (22/ 299).
    [24] - يُنظرُ: التَّوضيح لشرح الجامع الصَّحيح لابن الملقِّن (29/ 253)؛ شرح صحيح مسلم للإتيوبي (42/ 45).
    [25] - التَّلقيح لفهم قارئ الصَّحيح (08/ 74 موسوعة صحيح البخاري).
    [26] - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (07/ 29 - 30).
    [27] - فتح الباري (14/ 348).
    [28] - قِطعةٌ مِن حديثٍ أخرجهُ البُخاريُّ في صحيحه (ك: الدَّعوات، ب: الدُّعاء عند الاستخارة)، (08/ 81/ح: 6382).
    [29] - فتح الباري (14/ 416).
    [30] - فتح الباري (14/ 348).
    [31] - أخرجهُ البُخاريُّ في صحيحه (ك: المرضىٰ، ب: عِيادة الأعراب)، (07/ 117/ح: 5656).
    [32] - شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (02/ 100).
    [33] - فتح الباري (13/ 31)؛ عمدة القاري (16/ 149)؛ إرشاد السَّاري (08/ 348).
    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-01-04, 11:36 AM.

  • #2
    جزاك الله خيراً أخي الحبيب منصور وبارك فيك على هذا المقال الطيب النافع.

    "إن أصبتُ فلا عُجبٌ ولا غَرَرُ
    وإنْ نَقصتُ فإنَّ الناسَ ما كملوا"

    تعليق


    • منصور بن محمد خيرات
      منصور بن محمد خيرات تم التعليق
      تعديل التعليق
      آمين، ولك بمثل وزيادة أخي الحبيب المفيد أسامة، ونفع الله بجهودكم الطَّيِّبة.

  • #3
    جزاك الله خيرًا أخي المفيدُ منصور على ما خطت يمينك ،،
    بورك فيك أخي ونفعك الله بما كتبت ،،

    تعليق


    • منصور بن محمد خيرات
      منصور بن محمد خيرات تم التعليق
      تعديل التعليق
      آمين، ولك بمثل وزيادة أخي المفيد أبا حاتم، وبارك الله في جهودكم، ونفع بكم.

  • #4
    جزاك الله خيرا أخي منصور وسدد قلمك.
    هذا مما ينبغي بثُّه بين الناس وتنبيههم عليه كلما اقتضى المقام ذلك، خاصة وأننا نكاد نعايش مثل الأخطاء يوميا بسسب فُشُوِّ الجهل وإعراض كثير من الناس عن طلب العلم وتحصيله.

    تعليق


    • منصور بن محمد خيرات
      منصور بن محمد خيرات تم التعليق
      تعديل التعليق
      آمين، ولك بمثل وزيادة أخي إسماعيل!
      أحسنتَ وصدقتَ؛ وهذا يدخلُ -بلا شكٍّ- في الأمر بالمعروف والنَّهي عَن المنكر، فينبغي علينا أن نحرصَ على مهمَّة القيام به ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا.
      نسألُ اللهَ تعالى العونَ والتَّوفيقَ والسَّدادَ.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X