إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الثقلاء التقنيين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الثقلاء التقنيين

    بسم الله الرحمن الرحيم


    الثقلاء التقنيين


    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
    أما بعد:
    فهذا الفضاء التقني يضيق عليك وتختنق الأنفاس ويغتم القلب بمراسلة الثقلاء التقنيين الذين ليس لهم هم إلا القيل والقال وكثرة السؤال فيما لا ينفع والتجوال عبر الشبكة، وهؤلاء يضيعون عليك الوقت ويسرقونه منك ويقتلون الزمان.
    والثقيل هو:
    قال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((بدائع الفوائد)) (2/ 274) : ((منهم من مخالطته حمى الروح وهو الثقيل البغيض العقل الذي لا يحسن أن يتكلم فيفيدك ولا يحسن أن ينصت فيستفيد منك ولا يعرف نفسه فيضعها في منزلتها بل إن تكلم فكلامه كالعصي تنزل على قلوب السامعين مع إعجابه بكلامه وفرحه به فهو يحدث من فيه كلما تحدث ويظن أنه مسك يطيب به المجلس وإن سكت فأثقل من نصف الرحى العظيمة التي لا يطاق حملها ولا جرها على الأرض)) اهـ.
    كان يقال: مجالسة الثقيل عذابٌ وبيل.
    ذكره أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في ((بهجة المجالس وأنس المجالس)).
    وقال معمر: ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث محادثة الإخوان وحك الجرب والوقيعة في الثقلاء وهي أفضل الثلاث.
    ذكره ابن مفلح في ((الآداب الشرعية والمنح المرعية)).
    وأنشد بعضهم:
    ليتني كنت ساعة ملك الموت *** فأفني الثقال حتى يبيدوا


    والثقل على البدن أخف من الثقل على القلب.
    قيل لأبي عمرو الشيباني لأي شيء يكون الثقيل أثقل على الإنسان من الحمل الثقيل؟
    فقال: لأن الثقيل يعقد على القلب، والقلب لا يحتمل ما يحتمل الرأس والبدن من الثقل كان
    ذكره ابن مفلح في ((الآداب الشرعية والمنح المرعية)).
    وقَالَ الْمَأْمُون يَوْمًا لجلسائه: لم صَار الثقيل أثقل على الْقلب من الْحمل الثقيل؟
    فَلم يجب مِنْهُم أحد وَقَالُوا: أَمِير الْمُؤمنِينَ أعلم.
    فَقَالَ: لِأَنَّهُ يجْتَمع على الْحمل الثقيل الرّوح وَالْبدن والثقيل تنفرد بِهِ الرّوح.
    أخرجه ابن المرزبان في ((ذم الثقلاء)).
    بخلاف من كان خفيفًا على القلب وخفيفًا على اللسان.
    قال مساور الوراق: ((إنما تطيب المجالس بخفة الجلساء)) .
    أخرجه الخلال في ((أخبار الثقلاء)).

    وقد ألف في الثقلاء كتب منها:
    1) أخبار الثقلاء لأبي محمد الحسن بن محمد بن الحسن الخلال.
    2) ذم الثقلاء لمحمد بن خلف بن المرزبان.
    3) إتحاف النبلاء بأخبار الثقلاء للسيوطي.

    والثقلاء لا يخلوا منهم زمان، وكان السلف الصالح يحذرون منهم ومن مجالستهم والبعد عنهم.
    قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من آمن الثّقل فَهُوَ ثقيل.
    أخرجه ابن المرزبان في ((ذم الثقلاء)).
    قال ابن المرزبان رحمه الله في ((ذم الثقلاء)): كان يقال: الأنس بالثقيل علامة الثقل؛ لأن كل طير مع شكله.
    وكان أبو هريرة إذا استثقل رجلا، قال: اللهم اغفر لنا وله، وأرحنا منه.
    أخرجه البخاري في ((التاريخ الكبير)).
    وقال عبد الأعلى بن مسهر: كان نقش خاتم أبي: (أبرمت فقم) فكان إذا استثقل جليسه ناوله خاتمه ليقرأ نقشه.
    ذكره أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في ((بهجة المجالس وأنس المجالس)).
    وكان حماد بن سلمة إذا رأى من يستثقله قال: {ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون} [الدخان: 12] .
    ذكره ابن مفلح في ((الآداب الشرعية والمنح المرعية)).
    وقد قيل:
    وثقيل نحن منه *** في عذاب وامتحان
    قد دعونا إذا أتانا *** بدعاء في الدخان

    وقال أبو أسامة: كنا عند الأعمش ،فجاء زائدة بن قدامة، فقال الأعمش حين رآه:
    وما الفيل تحمله ميتّاً *** بأثقل من بعض جلاّسنا

    وعن الشعبي قال: من فاتته ركعتا الفجر فليلعن الثقلاء.
    أخرجه ابن المرزبان في ((ذم الثقلاء)).
    وقيل لأيوب السّخْتِيَانِيّ: لم لم تكْتب عَن طَاوس؟
    قَالَ: أَتَيْته فَأَصَبْته بَين ثقلين لَيْث بن أبي سليم وَعبد الْكَرِيم الجدري فَرَجَعت وَلم أكتب عَنهُ.
    أخرجه ابن المرزبان في ((ذم الثقلاء)).
    وكان يقال: مجالسة الثقيل حمّى الروح.
    ذكره أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في ((بهجة المجالس وأنس المجالس)).
    وجاء زائدة إلى سفيان فقعد فنظر إليه سفيان ثم قال:
    وما الفيل تحمله ميتا *** بأثقل من بعض جلسائنا

    ذكره علاء الدين مغلطاي رحمه الله في ((إكمال تهذيب الكمال)).
    وسلم ثقيل على إبراهيم بن عبد الله القارئ صاحب هارون، فقال له: يا هذا! قد والله بلغت منى غاية الأذى، أسلفنى سلام شهر وأرحنى منك.
    ذكره أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في ((بهجة المجالس وأنس المجالس)).
    وعن يزيد بن هارون، قال: كان يزيد إذا استثقل رجلًا في مجلسه، يقول:
    فما الفيل في حمله ميتًا *** بأثقل من بعض جلاسنا
    فيا ليته قام من عندنا *** وصار له بعض ميراثنا
    ولو علم المثقل من نفسه *** لخفف عنا ولم يأتنا

    أخرجه السمعاني في ((المنتخب من معجم شيوخ السمعاني)).
    وقال ثقيل لمريض: ما تشتهي؟ قال: أشتهي ألا أراك.
    ذكره أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في ((بهجة المجالس وأنس المجالس)).
    وعن حدثنا الأصمعي، عن ابن أبي طرفة، قال: مجالسة الثقيل حمى الروح.
    أخرجه في الخطيب في ((تاريخ بغداد)).
    وسلم ثقيل على إبراهيم بن عبد الله القاري صاحب هارون فقال له يا هذا: قد والله بلغت منك غاية الأذى أسلفني سلام شهر وأرحني منك.
    ذكره ابن مفلح في ((الآداب الشرعية والمنح المرعية)).
    قال الشاعر:
    أنت يا هذا ثقيل *** وثقيلٌ وثقيل
    أنت في المنظر إنسا *** نٌ وفي الميزان فيل


    ومما يوصى به لكف أذى الثقلاء والسبيل للخلاص من الصاحب الثقيل.
    عَن الشّعبِيّ أَنه قَالَ: إِذا أردْت التَّخَلُّص فِيمَا بَيْنك وَبَين من تستثقله الْعين فحول قفاك إِلَيْهِ
    أخرجه ابن المرزبان في ((ذم الثقلاء)).
    وقيل كنا عند أبي بكر بن عياش يقرأ علينا كتاب مغيرة فغمض عينيه فحركه جمهور وقال له تنام يا أبا بكر فقال لا ولكن مر ثقيل فغمضت عيني
    ذكره الصفدي رحمه الله في ((الوافي بالوفيات)).
    وقال إبراهيم بن أبي يحيى: كنا نقرأ على ابن أبي عتيق فربما غمض عينيه فنسكت فيقول: ما لكم اقرأوا فنقول ظنناك نمت فيقول: لا ولكن مر رجل ثقيل فغمضت عيني.
    ذكره علاء الدين مغلطاي رحمه الله في ((إكمال تهذيب الكمال)).
    والوصية النافعة لكف ثقل الثقلاء التقنيين.
    هجر مواقعهم وترك حسابتهم وقطع وصالهم وإلغاء الصدقة معهم.
    وقيل:
    إذا حلّ الثقيل بدار قوم *** فما للساكنين سوى الرحيل

    وقيل:
    إذا جلس الثقيل إليك يوما *** أتتك عقوبة من كل باب
    فهل لك يا ثقيل إلى خصال *** تنال ببعضها كرم المآب
    إلى مالي فتأخذه جميعا *** أحل لديك من ماء السحاب
    وتنتف لحيتي وتدق أنفي *** وما في في من ضرس وناب
    على أن لا أراك ولا تراني *** مقاطعة إلى يوم الحساب

    عند مراسلتهم لك يستحسن الرد عليهم برد ابن المبارك رحمه الله.
    جاء أحدهم إلى باب عبد الله بن المبارك فاستأذن، فلم يأذن له، فكتب في رقعة:
    هل لذي حاجة إليك سبيل *** لا طويل قعوده بل قليل

    فكتب ابن المبارك على ظهر رقعته:
    أنت يا صاحب الكتاب ثقيل *** وقليل من الثقيل طويل

    أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)).
    وكذلك مما ينفع التجاهل.
    وكان سويد بن عبد العزيز فاضلا وكان يقول: من ثقل عليك بنفسه وغمك في سؤاله فألزمه أذنا صماء وعينا عمياء.
    أخرجه ابن المرزبان في ((ذم الثقلاء)).
    ومما ينفع دعاء الله السلامة منهم.
    قال معمر: كنت جالساً مع سماك بن الفضل في مجلس بصنعاء، فدخل علينا صاحبٌ له ثقيل فلمّا جلس قال لي سماك: يا معمر! تعال حتى ندعو على كل ثقيل بصنعاء.
    ذكره أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في ((بهجة المجالس وأنس المجالس)).
    فاللهم بعد بيننا وبين الثقلاء، وسلمنا منهم، ولا تجعلنا منهم. هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    طرابلس الغرب: ليلة الأحد 5 صفر سنة 1443 هـ
    الموافق لـ: 12 سبتمبر سنة 2021 ف
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2021-09-12, 01:46 PM.

  • #2
    أحسن الله إليك يا أخانا الحبيب الغالي

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيراً

      تعليق


      • #4
        آمين أجمعين أيها الفاضلين.

        تعليق

        الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
        يعمل...
        X