إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(((براءة إلى الله الملك العلاَّم ممَّا أثير في بعض وسائل الإعلام من الطَّعن في الصَّحب الكرام))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (((براءة إلى الله الملك العلاَّم ممَّا أثير في بعض وسائل الإعلام من الطَّعن في الصَّحب الكرام))

    بسم الله الرحمن الرحيم


    براءة إلى الله الملك العلاَّم
    ممَّا أثير في بعض وسائل الإعلام من الطَّعن في الصَّحب الكرام
    ــ . ــ

    الحمد لله ربِّ العالمين، ولا عدوان إلا على الظَّالمين، كالرَّافضة والمبتدعة والمشركين، والصَّلاة والسَّلام الأتمَّان الأكملان على سيِّد الخلق أجمعين، وعلى آله وصحبه الغرِّ الميامين، الدَّاعين للتَّوحيد والسُّنَّة والعاملين، والتَّابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

    فقد أرسل إليَّ البارحة أخوان فاضلان مقطعًا صوتيًّا ومرئيًّا، بُثَّ في إحدى القنوات الإذاعية المحليَّة، وقد تضمَّن على قِصره -إذْ لم يتجاوز الأربع دقائق- كلماتٍ قبيحة ساقطة، في حقِّ حديث رسول الله ﷺ، وفي حقِّ أفضل البشر بعد الأنبياء والمرسلين، أصحاب رسول الله ﷺ، ورضي الله عنهم، وعلى رأسهم الخلفاء الأربع، بدْءًا بالطَّعن في الصِّدِّيق الأكبر أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة -رضي الله عنه-، وادَّعاء أنَّهم استغلُّوا الدِّين لأغراض سياسيَّة؛ لأجل الاستلاء على الحكم، وهذا مبنيٌّ على الجهلِ بمكانة وفضل الصَّحابة -رضي الله عنهم-، وجهلٍ بحقيقة ما جَرى في حروب الرِّدَّة، ولا غرابة في ذلك؛ لأنَّ من تكلَّم في غير فنِّه أتَى بالعجائب، كما اشتملت تلك الكلمات النَّابية على الطَّعن في حديث رسول الله ﷺ، أعني في اشتراط كون الإمام قرشيًّا، وهذه المسألة قد وردت فيها أحاديث صحيحة، حكم عليها جماعة من أهل العلم بأنَّها متواترة، وقد ذهب إليها جمهور أهل العلم من أصحاب المذاهب الأربعة بشرْطٍ، ذكره العلاَّمة محمد الأمين الشِّنقيطي في تفسيره (٢٤/١) فقال: "فاشتراط كونه قرشيًّا هو الحقُّ، ولكنَّ النُّصوص الشَّرعيَّة دلَّت على أنَّ ذلك التَّقديم الواجب لهم في الإمامة مشروطٌ بإقامتهم الدِّين، وإطاعتهم لله ورسوله ﷺ، فإنْ خالفُوا أمرَ الله فغيرُهم ممَّن يُطيع الله تعالى وينفِّذ أوامره أولى منهم" انتهى.

    وفي الحقيقة أنَّ مثل ذلكم الكلام السَّاقط والنَّابي لا يحتاج إلى ردٍّ؛ ليس هذا تهوينًا منه ولكن؛ لأنَّ الشَّيء من معدنه لا يُستغرب، ولذا فإنِّي سأكتفي في هذا المقال بتذكير نفسي وإخواني بأمورٍ؛ يجبُ اعتقادُها والعضُّ عليها بالنَّواجذ، وعدم المساومة فيها؛ لأنَّها مسائل متَّفقٌ عليها، فأقول وبالله أستعين:

    أوَّلاً/ أنَّ الواجب على المسلم أن يحذَر من تضعيف الأحاديث بالرَّأي المجرَّد عن قواعد المحدِّثين من أهل العلم الرَّاسخين، فكيف إذا كان الباعثُ عليه موافقة عقيدة رافضيَّة خبيثة، أو نُصرة مذهبٍ باطنيٍّ سَخيف، أو نحو ذلك من الأغراض والعقائد والمذاهب السَّيِّئة.

    ثانيًا/ أنَّ ممَّا يجب على المسلم اعتقاده، إجماع الأمَّة واتِّفاقهم على فضل الصَّحابة -رضي الله عنهم-، وعلوِّ قدرهم، وسموِّ مكانتهم، قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في الإصابة (١٠/١): "اتَّفق أهل السُّنَّة على أنَّ الجميع عدولٌ ولم يُخالف في ذلك إلاَّ شذوذٌ من المبتدعة" انتهى.

    قلتُ: كيف لا يتَّفقون على ذلك، والصَّحابة قومٌ رضي الله عنهم وأرضاهم من فوق سبع سماوات، واختارهم لصحبة نبيِّه ﷺ، وأثنى عليهم في كتابه العزيز قبل وجودهم وبَعدَهُ، فقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[الفتح: ٢٩]، وقد أثنى عليهم رسول الله ﷺ في غير ما حديثٍ مبيِّنًا للأمَّة فضلهم، وعلوَّ كعبهم، لئلا يتطاوَلُوا عليهم، فقال ﷺ ((لا تسبُّوا أصحابي فلوا أنَّ أحدَكم أنفقَ مثلَ أُحُدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفَه)) رواه البخاري (٣٦٧٣) ومسلم (٢٥٤٠).

    ثالثًا/ أنَّ ممَّا يجب على المسلم اعتقاده، أنَّ رسولَ الله ﷺ شدَّد في شأن التَّنقُّص من أصحابه والطَّعن فيهم، فقال ﷺ ((من سبَّ أصحابي فعليه لعنةُ الله والملائكة والنَّاس أجمعين)) وهو مخرَّج في [الصَّحيحة ٢٣٤٠] للألباني؛ لأنَّ الطَّعن فيهم يعني إسقاطَ عدالتهم، وعدم الثِّقة فيما نقلوه إلينا من الكتاب والسُّنَّة، وهذا طعنٌ في دين الإسلام الذي نقلوه للأمَّة، وقد ذكر الخطيب في الكفاية (ص/٤٩) كلامًا عظيمًا عن أبي زرعة الرَّازي -رحمه الله- أنَّه قال: "إذا رأيتَ الرَّجل ينتقصُ أحدًا من أصحاب رسول الله فاعلم أنَّه زنديقٌ؛ وذلك أنَّ رسول الله عندنا حقٌّ، والقرآن حقٌّ، وإنَّما أدَّى إلينا هذا القرآن والسُّنن أصحابُ رسولِ الله ، وإنَّما يُريدون أن يَجْرَحُوا شهودنا؛ ليُبطلوا الكتاب والسُّنَّة، والجرح بهم أوْلَى وهم زنادقة" انتهى. ونقل الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في البداية والنِّهاية (١٣٩/٨) عن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني أنَّه قال: "قال لي أحمد بن حنبل: يا أبا الحسن، إذا رأيتَ رجلاً يذكر أحدًا من الصَّحابة بسوء فاتَّهمه على الإسلام. وقال الفضل بن زياد: سمعتُ أبا عبد الله يُسأل عن رجلٍ تنقَّص معاوية وعمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أيُقال له رافضيٌّ؟ فقال: إنَّه لم يجترئ عليهما إلا وله خَبيئةُ سوءٍ، ما انتقص أحدٌ أحدًا من الصَّحابة إلا وله داخلةُ سُوء" انتهى.

    قلتُ: فما نقولُ نحن فيمن يجترئ على أبي بكر وعمر وعثمان وعلي؛ بل وجميع الصَّحابة -رضي الله عنهم- وعلى مرأى من الجميع دون حياء؟!.

    رابعًا/ أنَّ الواجب على من يشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسولُ الله ﷺ أن يسلَمَ قلبُه ولسانُه اتِّجاه هؤلاء الأخيار، عملاً بقوله تعالى: {والَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}[الحشر: ١٠]، وممَّا يجبُ عليه تبعًا لذلك الكفُّ عمَّا جرى بينهم، أو انتقادُ ما قاموا من سياسة للأمَّة؛ بل الواجب علينا ذكر محاسنهم، وإحسان الظنِّ بهم، بُعدًا عن سبيل الرَّوافض وأذنابهم، قال الإمام أحمد في كتاب السُّنَّة (ص/٧٧-٧٨): "ومن السُّنَّة ذكرُ محاسن أصحاب رسول الله كلِّهم أجمعين، والكفُّ عن الذي جَرَى بينهم، فمن سبَّ أصحاب رسول الله أو واحدًا منهم فهو مبتدعٌ رافضيٌّ، حبُّهم سُنَّة، والدُّعاء لهم قُربةٌ، والاقتداء بهم وسيلةٌ، والأخذُ بآثارهم فضيلةٌ" انتهى.

    خامسًا/ أنَّ الواجب على من يسمع مثلَ ذاك الطَّعن في واحدٍ من أصحاب رسول الله ﷺ، أن لا يسكت على ذلك؛ بل عليه أن يغيِّر ذلك المنكر سيرًا على نهج رسول الله ﷺ القائل: ((من رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعفُ الإيمان)) رواه مسلم (٤٩)، ومن ذلك -أيضًا- رفع شكوى لوليِّ الأمر ضدُّ من يطعن في الدِّين، وفي ثوابت هذا البلد السُّنِّي، ليأخذ الطَّاعن جزاءَه على هذا الصَّنيع القبيح، خاصَّة وأنَّ مثل هذه الطَّوام تلقى في إذاعات محلية يتابعها جميع الأفراد؛ والقلوب ضعيفة والشُّبه خطَّافة، ولا يخفى علينا الضَّعف العلمي في العلوم الشَّرعيَّة، الذي يعاني منه المجتمع.

    وأختم كلمتي هذه بإجابة للإمام مالك -رحمه الله- لما سُئل عمَّن ينتقص الصَّحابة -رضي الله عنهم- وذلك فيما رواه الخلال في السُّنَّة (٤٧٨/٢) عن أبي عروة الزُّبيري -رحمه الله- قال: كنَّا عند مالك -رحمه الله- فذكروا رجلاً ينتقصُ أصحاب رسول الله ﷺ فقرأ مالك هذه الآية: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَه}. حتى بلغَ{يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّار}، فقال مالك -رحمه الله-: "من أصبح من النَّاس في قلبه غيظٌ على أحدٍ من أصحاب رسول الله ﷺ فقد أصابته الآية" انتهى.

    ورحم الله الإمام ابن أبي داود إذْ يقول في حائيته:
    وَقُلْ خَـيْرَ قولٍ في الصَّحَابةِ كُلِّهِـمْ :::: ولا تَــكُ طَعَّاناً تَعِيْـبُ وَتَجْـرَحُ
    فَقَدْ نَطَقَ الوَحْيُ المُبينُ بِفَضْلِهِــمْ :::: وفي الفَتْحِ آيٌ في الصَّحابةِ تَمْدَحُ

    هذا ما عنَّ لي كتابته إبراءً للذِّمة، ونصحًا لأهلنا في الوادي أهل السُّنَّة، وردعًا لأمثال من تسوِّل له نفسه أن يُلحقَ مسبَّة أو تنقصًا لأحدٍ من أصحاب رسول الله ﷺ؛ لأنَّنا نعتقد فيهم ما قاله سلفنا الصَّالح، ولخَّصه الطَّحاويُّ بقوله: نحبُّ أصحاب رسول الله ﷺ، ولا نفرط في حبِّ أحدٍ منهم، ولا نتبرَّأ من أحدٍ منهم، نبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير فحبُّهم دينٌ وإيمانٌ وإحسان، وبغضهم كفرٌ ونفاقٌ وطغيان.

    وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه الطَّيِّبين الطَّاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين، ولا حولَ ولا قوَّة إلا بالله العلي العظيم.

    كتبَهُ أخُوكم ومحبُّكم في الله:
    أبو حذيفة محمد بن سعد طالبي
    في يوم الإربعاء ١٥ محرم ١٤٤٣ هجري،
    الموافق ٢٥ أوت ٢٠٢١ ميلادي.
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2021-08-26, 10:58 AM.

  • #2
    جزى الله خيراً الشيخ أبا حذيفة محمد طالبي

    تعليق


    • #3
      جزاكم الله خيرا

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك

        تعليق

        الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
        يعمل...
        X