إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عَبَرَاتٌ عَلَى نُعُوتِ الرِّجَال

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عَبَرَاتٌ عَلَى نُعُوتِ الرِّجَال

    بسم الله الرحمن الرحيم


    عَبَرَاتٌ عَلَى نُعُوتِ الرِّجَال




    الحمد لله وكفى، وصلّى الله وسلّم على المصطفى ﷺ، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى.
    وبعد:
    ممّا يُذكَر فيُنكر، ويُشاع ولا يؤثر فعلٌ زنيمٌ ابتلي به شباب المسلمين، من ذُكرانِهم -إذا رضوا بهذا وصفا لهم- فإنّي لا أتجاسر أن أنعتهم بالرّجولة وهم لم يرتضوها لأنفسهم، فنزلوا عن مراتبها ورضوا بالدّون وأن يكونوا مع الخوالف. ويُقرنوا برَبّات الحجال ذوات الخدور.
    والمقصود هو شيوع التّحلّي بالقلائد والأساور والخلاخيل في معاشر الشّباب والتّفاخر بذلك، والتّنافس في إظهار الزّينة به وارتداء الفاخر والثّمين منه. فصرتَ تَرى جِيدًا مُقلَّدة وزِندا مُسورّة وأكعبا ترفل في الخلاخيل ولسيت بأكعب الغانيات ولا أزناد الحسناوات؛ ولكنّها قيود وأغلال في رقاب المنخدعين بسراب الحضارة الغربية السّافلة والوضيعة.
    وممّا زاد الطين بلّات -لا بلّة واحدة- وويلات -لا ويلا واحدا- إطالة شعور الجماجم وتمليسها، وتنميق الأظافر ونمص الحواجب، ونتف شعور الصّدور والسواعد والسوق، وترطيب الأبشار بأنواع من الدّهون واستعمال الأصباغ والمكياجات على خدود [الشّوابّ] (بجمع التّكسير قصدا لا سهوا). وظهور أنّ هذه من جملة خصائص النّساء -لا على الإطلاق- لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح عليه عنزان. ومع ذلك ففيه المُقيّد وفيه حتّى المحرّم، مثل النّمص والسّفور وإظهار الزّينة والحليّ. وما كان كذلك في حقّ النّساء فهو أولى في حقّ الرّجال. فصار بذلك غضّ البصر واجبا حتّى عن بعض من ينتسب إلى معاشر الذّكران. والله المستعان.
    فهنيئا لهم قول الحطيئة، وهو أصدق في أمثالهم منه في الزِّبرقان بن بدر حيث قال فيه:
    دع المكارم لا ترحل لبغُيَتها
    واقعد فإنّك أنت الطّاعم الكاسي
    وهذا من أهجى الشّعر وأقذعه وأشدّه وطأة على من قيل فيه -لمن كان له قلب وذرّة من فحولة-
    ومعناه، لمن استعصى عليه فهمه وفحواه: اقعد في البيت تُكسى وتطعم فإنّما أنت امرأة من النّساء، ودع عنك المكارم والمعالي فلست لها بأهل. وأيم اللهِ إنّ الزّبرقان بن بدر لسيّد من سادات بني تميم وأحد وجوهها وفرسانها وشجعانها. ومع ذلك فقد ساءه البيت جدّا حتّى استعدى عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه على قائله، فعاقبه بالسجن، ونهاه عن أعراض النّاس ويقال إنّه اشتراها منه (أعراض الناس).
    فهل ستشتدّ وطأة البيت على هؤلاء، كما اشتدّت وطأته على هذا الرّجل الفحل.
    وإنّي لأرجو... ولا أظنّ.
    وما أصدق قول عمر بن أبي ربيعة:
    كتب القتل والقتال علينا
    وعلى الغانيات جرّ الذّيول
    تقول العرب: "شبّ عمرو عن الطّوق"؛ ومعناه: أنّ المقصود بالمَثل صار رجلًا يعتمد عليه وليس مجرد فتى مدلّل يلبس طوقا في رقبته، وصاحب المثل هو الملكُ جَذيمة الأبرش، الذي كان له ابن أخت اسمه عمرو. وقيل أنّ عَمرًا هذا تاه واختفى وهو صغير ثمّ أعيد إليه وقد أصبح شابًا يافعًا ولا يزال الطّوق في رقبته، فقال الملك هذه المقولة فيه، والتي صارت من بعدها مثلًا على لسان العرب.
    فأصبح اليوم يَشِبُّ به ولا يَشيبُ عنه. ويا ليته كان طوقا في عنقه؛ ولكنه طوق في دينه ومروءته ورجولته.
    وإن لم يختلج في صدرك أشعار العرب وأمثالهم، فلْيصُدّنّك عن هذا، أمرُ ربّك العظيم ونهيُ رسوله الكريم ﷺ.
    قال تعالى: ((أَوَمَن يُنَشَّؤُاْ فِى ٱلْحِلْيَةِ وَهُوَ فِى ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍۢ))[الزخرف ١٨] وعن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسديّ في تفسير هذه الآية أنّهن النّساء والجواري.
    وعن ابنِ عبَّاسٍ رضي اللَّه عَنْهُما قَالَ: "لَعَنَ رسُولُ اللَّه ﷺ المُخَنَّثين مِنَ الرِّجالِ، والمُتَرجِّلاتِ مِن النِّساءِ".
    وفي روايةٍ: "لَعنَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ المُتَشبِّهين مِن الرِّجالِ بِالنساءِ، والمُتَشبِّهَات مِن النِّسَاءِ بِالرِّجالِ" رواه البخاري.
    وعنْ أَبي هُريْرةَ رضي الله عنه قَالَ: "لَعنَ رسُولُ اللَّه ﷺ الرَّجُلَ يلْبسُ لِبْسةَ المرْأةِ، والمرْأةَ تَلْبسُ لِبْسةَ الرَّجُلِ" رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ.
    ((إنّ في ذلك لذكرى لمن كان قلب أو ألقى السّمع وهو شهيد)).

    وبحسبي أنّي قد بلغت.
    واللهَ المسؤول أن ينفع بما سطرته هاهنا.
    وأن يرزقنا الإخلاص والقبول في الأعمال
    ـــ . ـــ

    أبو عاصم السّلمي تبلبالة
    ١٩ ذي الحجّة ١٤٤٢
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2021-08-16, 12:12 PM.

  • #2
    سلمت أناملك أبا عاصم
    وكما يقال: "استنوق الجمل"

    "إن أصبتُ فلا عُجبٌ ولا غَرَرُ
    وإنْ نَقصتُ فإنَّ الناسَ ما كملوا"

    تعليق


    • #3
      سلّمك الله وحفظك ورعاك. بارك الله فيك أخي أسامة.

      تعليق

      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
      يعمل...
      X