إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأيَّامُ الزّاهِيَّةُ الزَّاهِرَةُ في مَصرعِ (الْجَهْلِ ، الطَّيْشِ ، العُجْبِ ، حُبِّ الرّيَاسَةِ ) - محمد مرابط أُنْمُوذَجًا - الحلقة 08

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأيَّامُ الزّاهِيَّةُ الزَّاهِرَةُ في مَصرعِ (الْجَهْلِ ، الطَّيْشِ ، العُجْبِ ، حُبِّ الرّيَاسَةِ ) - محمد مرابط أُنْمُوذَجًا - الحلقة 08

    الأيَّامُ الزّاهِيَّةُ الزَّاهِرَةُ
    في مَصرعِ ( الْجَهْلِ ، الطَّيْشِ ، العُجْبِ بِالنَّفسِ ، حُبِّ الرّيَاسَةِ ) - أَبُو مُعَاذٍ محمد مُرَابِطٌ أُنْمُوذَجًا -
    الْحَلقَةُ الثَّامنَةُ
    ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُـرُفٍ هَـارٍ فَانْـهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَـهَنَّمَ ﴾، قَالَ ابنُ قيِّم الْجَوزِيَّةِ ( ت:751هـ):"إِنَّ عُلُوَّ الْبُنْيَانِ عَلَى قَدْرِ تَوْثِيــق الأَسَاسِ ، وَإحْكَامِهِ ... فَالعَارِفُ هِمّتُهُ تَصْحِيـحُ الأَسَاسِ وَإحْكَامُــهُ ، وَالْجَاهِـلُ يَرْفَعُ فِي الْبِنَاءِ عَنْ غَيْرِ أَسَاسٍ ، فَلَا يَلْبَثُ بُنْيَانُهُ أَن يَسْـقُطَ([1] وَلَا رَيبَ أَنَّ الْجَهْلَ أَصْلُ كُلِّ فَسَادٍ ، وَكُلُّ ضَـرَرٍ يَلْحَقُ العَبْدَ فِي دُنْيَاهُ وَأَخْرَاهُ فَهُوَ نَتِيجَةُ الْجَهْلِ ، وَإلاَّ فَمَعَ الْعِلمِ التَّامِ بَأَنَّ هَذَا الطَّعَامَ - مَثَلاً - مَسْمُومٌ ، مَنْ أكَلهِ قَطَّعَ أَمْعَاءَهُ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، لَا يُقْدِمُ عَلَى أكلِهِ([2])، فَالشَّرُّ بِمَجْمُوعِهِ شَوْكٌ يُجْتَنَى مِنْ شَجَرَةِ الْجَهْل([3]فَاحْمِلْ بُنْيَانَكَ عَلَى قُوَّةِ أَسَاسِ الْإِيـمَانِ ، فَإِذَا تَشَعَّثَ شَيْءٌ مِنْ أَعَالِي الْبِنَاءِ وَسَطْحِهِ كَانَ تَدَارُكُهُ أَسْهَلَ عَلَيْكَ مِنْ خَرَابِ الأَسَاسِ([4] وَأَصْـلُ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ كُلِّهَا الصِّدْقُ ، وَأَضْدَادُهَا مِنَ الرِّيَاء وَالْعُجْبِ .... وَغَيرِهَا أَصْلُهَا الْكَذِبُ([5])
    يَا قَومُ : فَانْتَبِـهُوا لأَنفُسِكم وَخَلّـ ****** ـوا الْجَهلَ وَالدَّعْـوَى بِلَا بُرهُانِ "اهـ([6]).
    وَقَالَ ابن تَيْمِيَّةَ(ت:728هـ):"وَنَحْنُ نَذْكُرُ قَاعِدَةً جَامِعَةً فِي هَذَا الْبَابِ لِسَائِرِ الْأُمّةِ، فَنَقُولُ : لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِنْسَانِ أُصُولٌ كُلِّيَّةٌ تُرَدُّ إلَيْـهَا الْجُزْئِيَّاتُ ؛ لِيَتَكَلَّمَ بِعِلْمِ وَعَدْلٍ، ثُمَّ يَعْرِفُ الْجُزْئِيَّاتِ كَيْفَ وَقَعَتْ؟ وَإِلَّا فَيَبْقَى فِي كَذِبٍ وَجَهْلٍ فِي الْجُزْئِيَّاتِ ، وَجَهْلٍ وَظُلْمٍ فِي الْكُلِّيَّاتِ ، فَيَتَوَلَّدُ فَسَادٌ عَظِيـمٌ ([7]) ، وَإِنَّ التَّنَاقُضَ أَوَّلُ مَقَامَاتِ الْفَسَــادِ([8]وَلَم يُعْرَفُ قَطٌّ فِي بَنِي آدَمَ أنّهُ اشْتَبَهَ صَادِقٌ بِكَاذِبٍ إلاَّ مُدَّةً قَلِيلةً ، ثُمَّ يَظْهْرُ الأَمْرُ "اهـ([9]) أي : أنَّ الوْقتَ جزءٌ مِنَ العَلَاجِ ([10]).
    فَتَحُوا جِرَابَ الْجَهْل مَعَ كَذِبٍ فَخُذْ ****** وَاحْـمِلْ بِلَا كَيْلٍ وَلَا ميزَانِ "اهـ([11])
    وَمِنْ مَظَاهِرِ الكَذِب ، وَصُورِ قَلْبِ الْحَقَيقَةِ : العُجْبُ بالنَّفْسِ ، وَالغُلُوّ فِيــهَا ، فَــ﴿ انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ﴾،أَيْ : بِتَزكيتـهم أَنفُسَهُم ؛ لأَنَّ هَذَا مِنْ أَعْظَـــمِ الاِفْترَاءِ عَلَى اللهِ ، لأَنَّ مَضُمُـونَ تَزْكـيَتِهِم لأَنفُسِهِم الإخْبَارُ بِأَنَّ اللهَ جَعَلَ مَا هُم عَلَيْهِ حَقًّا ، وَمَا عَلَيْهِ الْمُؤمِنُونَ الْمُسْلِمُونَ بَاطَلاً ، وَهَذَا أَعْظَمُ الكَذِبِ وَقَلبُ الْحَقَائِقِ بـِجَعْلِ الْحَـقِّ بِاطِـــلاً ، وَالبَاطِلِ حَـقًّا ،﴿ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا ([12]﴿ فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ﴾، أي: لَا تَمْدَحُوهَا عَلَى سَبِيل الْإِعْجَاب ، أَمَّا عَلَى سَبِيل الِاعْتِرَاف بِالنِّعْمَةِ فَحَسَنٌ([13]وَكَفَى بِالْمَرْءِ جَـهْلًا أَنْ يُعْجَبَ بِعَمَلِهِ([14])
    قالَ ابنُ القَيِّم :"فَإِذَا كَـمُلَ الْبِنَاءُ فَبَيِّضُـهْ بِحُسْنِ الْخُلُقِ ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ ، ثمَّ حُطْهُ بِسُورِ مِنَ الْحَــــذَرِ ، لَا يَقْتَحِمُهُ عَـدُوٌ ، وَلَا تَبْدُو مِنْهُ الْعَــوْرَةُ ، ثُـمَّ ارْخِ السُّتُورَ عَلَى أَبْوَابِهِ ، ثُـمَّ أَقْفِلِ الْبَابَ الْأَعْظَمَ بِـ« السُّكُوتِ عَـمَّا تَخْشى عَاقِبَتَهُ»([15]وَلَوْ أَمْسَكَ عَنِ الْكَلَامِ «مَنْ لَا يَعْلَمُ» لَقَلَّ الْخِلَافُ "اهـ([16])، وللسُّهَيْليِّ(ت: 581هـ) :« لَوْ سَكَتَ الْجَاهِلُ لَقَلَّ الْخِلَافُ»([17]).
    قَالَ الْخَطِيبُ البَغْـدَادِيُّ (ت:463هـ):" قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ:« الْعَالِمُ يَعْرِفُ الْجَــــاهِلَ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ جَاهِلًا ، وَالْجَاهِلُ لَا يَعْرِفُ الْعَالِمَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا»، وَقَدْ قِيلَ : الْمَرْءُ عَدُوُّ مَا جَهِلَ وَجَاءَ هَذَا الْكَلَامُ بِلَفْظٍ آخَرَ ، وَهُوَ : مَنْ جَـهِلَ شَيْئًا عَادَاهُ ... وَهَذَا الْمَعْنَى مَأْخُـوذٌ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ :﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُـحِيطُوا بِعِلْمِهِ ﴾ "اهـ([18])، وَ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ﴾، وَالْحُسْبَانُ هُوَ الظَّنُّ([19])، قَالَ ابن حزم(ت:456هـ):"وَلاَ آفَةَ عَلَى العُلُومِ وَأَهْلِهَا أَضَــرَّ مِنَ الدُّخَلاَءِ فِيـهَا ، وَهُم مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا ، فَإِنَّهم يَجــــهَلُونَ ، وَيَظنُّونَ أَنّـهم يَعلَمُونَ "اهـ([20]وَقَالَ العَلاَّمَـة محيي الدّيـنِ في مَعْرِضِ الذَّبِ عَن العَلّامَةِ فَركُوسٍ :"مَن يَتكلَّمُ فِيهِ وَيَطعَنُ فِيه فَهُوَ أَحَــــدُ اثنَينِ ، إِمَّا أَنَّه جَاهِلٌ عَن مَنْهجِ السَّلَفِ ، وَعَن طَرِيقِ السَّلَفِ فِي الثَّنَاءِ عَلَى عُلَمَاءِ الأُمَّة الْمُبَارَكِينَ ، الّذِيـن يَنْشُرُونَ السنَّةَ ، وَيُحَارِبُونَ البِدعَةَ ، وَيُمَيِّزُونَ للأُمَّةِ طَرِيقَهَا ..."اهـ([21]).
    وَلَقَدِ استنْصَحَ خَدَنُ العَابِطِ شَيْخَهُ يُوسفَ الدَّخِيلَ- قَبلَ وَفَاتِهِ - في العَوْدَةِ لِلبِلاَدِ ، وَفِي ذِهْنِهِ أَنَّ الشَّيْخَ - رَحِمَه الله - سَيَمنَعُهُ مَنعًا ، لَكنَّهُ أَشْـفَقَ عَلَيهِ مُجِيبًا : "مَنْ عِنْدَهُ الشَّيخُ فَرْكُوسُ لاَ يَحْتَاجُ لأَحَدٍ "اهـ([22]فَعَلَّقَ العَابِطُ عَلَى نَصِيحَةِ الدَّخِيلِ مُتَحَسِّرًا :"تَذَكَّرتُ هَذِهِ الوَاقعَةَ ، وَأَنَا أُعَذِّبُ نَاظِرِي بَيْنَ أَسْطُرٍ رَأَيتُـهَا قَدْ دُوِّنَت عَلَى صَـحَائِفِ الْجُبْنِ فِي النَّت ، فَتَذَكَّرتُ سَاعَتَئِذٍ أَنَّ نِعْمَةَ «العُلَمَاءِ» لاَ تَعْرِفُ حَقِيقَتَـهَا إِلاَّ إِذَا تَفَكَّـرَتَ مَلِيًّا فِي نِقْمَةِ «الْجُهَلاَءِ» "اهـ([23]قَالَ ابنُ الوَزِيرِ(ت:840هـ):"رُبَّمَا أَنَّهُم لِجَهْلِهِم بِالعِلمِ وَالعُلَمَاءِ اِعتَقَدُوا فِي أَهْلِ العِلمِ أَنّهُم مِن أَهلْ الْجَهْلِ ، وَآفَةُ التِّبْرِ ضِعْفُ مُنتَقِدِهِ ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ شَيخِ الْمَعَرَّةِ :
    وَالنَّجْمُ تَسْتَصْغِرُ الأبْصَارُ رُؤْيَتَهُ *****وَالذنْبُ لِلطَّرْفِ لاَ لِلنَّجْم في الصِّغَرِ
    وَلَيسَ هَذَا الاِعتِقادُ بِضَائِرٍ لِعُلَمَاءِ الأُمَّةِ ، فَالدُّرُّ دُرٌّ بِرَغمِ مَنْ جَـهْلَهِ "اهـ([24]).
    وَالْجِيمُ وَالْهَاءُ وَاللَّامُ - فِي الْجَهْلِ - أَصْلَانِ ، أَحَدُهُمَا : خِلَافُ الْعِلْمِ ، وَالْآخَرُ : الْخِفَّةُ ، وَخِلَافُ الطُّمَأْنِينَة([25] وَ كُلُّ مَا اسْتَخَفَّكَ فَقَدِ اِسْتَجْهَلَكَ ([26])، وأَصْلُ السَّفَهِ الْخِفَّةُ ، وَالسَّفِيهُ: الْخَفِيفُ العَقْل([27])، وَالسَّفَهُ غَايَةُ الْجَهْلِ، وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ عَدَمِ العِلِم بِمَا يُصْلِحُ مَعَاشَهَ ، وَمعَادَهُ ، وَإرَادتِه بِخِلَافِهِ ([28]). وسَفَّهَ الْجَهْلُ حِلْمَهُ : أَطَاشَهُ ، وَأَخَفَّهُ([29]والطَّيشُ : خِفَّةٌ مَعَهَا خَطَأٌ فِي الْفِعْلِ([30])، أَمَّا اصْطِلَاحًا فَالطّيْشُ مِثْلُ السّفَهِ ، وَهُوَ : سُرْعَةُ الغَضَبِ مِنَ يَسِيرِ الأُمُورِ ، وَالْمُبادرة بِالطَّيْشِ ، وَالإيقَاعُ بِالْمُؤْذِي ، وَالسَّرَفُ فِي العُقُوبَةِ ، وَإظهَارُ الْجزَعِ مِنْ أَدنَى ضَرَرٍ، وَالسَّبُّ الفَاحِشُ ، وَهَذَا الْخُلُقُ مُستَقَبَحٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ ، إلَّا أَنَّهُ مِنَ الْمُلُوكِ وَالرُّؤَسَاءِ أَقْبَحُ([31])، قَاَل الله تَعَالَى :﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَـهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ، وَهَذَا مَدْحٌ لَهُم بِالْحِلْمِ الكَثِيرِ([32])، أي : حُلَمَاءُ لَا يَجْهَلُونَ ، وَإِن جُهِلَ عَلَيْهِم حَلِمُوا([33])، يَتَحَمَّلُونَ مَا يَرِدُ عَلَيـهِمْ مِنْ أَذَى أَهْلِ الْجَهْلِ وَالسَّفَهِ ، فَلَا يَجْهَلُونَ مَعَ مَنْ يَجْهَلُ ، وَلَا يُسَافِهُونَ أَهْلَ السَّفَهِ([34]). قَالَ العَلّامَةُ فَرْكُوسٌ:" أَنْصحُ إخْوَانِي ... أَنْ يترفَّعُوا عَن سَفَاسِفِ الأُمُورِ وَدَنَايَا الأَعْمَالِ ؛ اتِّصَافًا بِصِفَاتِ عِبَاد الرَّحْـمَنِ ، الَّذينِ لَا يَحضُرُونَ الزُّورَ ، وَيَجتَنِبُونَ التَّهْوِيشَ وَاللَّغْوَ ، وَمَجَالسَ السُّوءِ وَالْجِدَالَ بِالبَاطِلِ ، وَأَنْ يَتَنزَّهُوا بِأَنْفُسِهم عَنْ إضَاعَةِ الوَقْتِ والعُمُر فِي الْخَوْضِ فِي كَلَام السُّفَهَاءِ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ ، مِنَ الغِيبَة وَالسَّبِّ وَالقَذْفِ وَالاِستِهْزَاءِ وَالاِستِخْفَافِ وَنَحوِ ذَلِكَ "اهـ([35])، وَقَالَ العَلاَّمَةُ رَبيعٌ :"لاَ يُعرَفُ - الآنَ - أَسْفَهُ مِنَ الْحَدَّادِيّينَ ؛ حَيثُ إِنَّهُم يُعلِنُونَ هَذَا السَّفَهَ مِنْ الطَّعْنِ في العُلَمَاءِ([36]فَلَمَّا نَصَحَ هَؤُلَاءِ العُلمَاءُ فَالِحًا أَسْقَطَهم، وَمَرَّغَ كَرَامَتَهُم فِي التُّرَابِ ، وَسَلَّطَ عَلَيهِم الْجُهَّالِ السُّفَهَاءِ([37])الْجَاهِلُ فَالِحٌ([38] وِحِزْبُهُ الْجَهَلَةُ "اهـ([39])، وَقَالَ نُسْــخَةُ العَلَّامَةِ ربيع([40])عنِ «الصَّعافقةَ»: "والله لاَ نُضَلِّلُهُم، بَلْ هُم عِنْدَنَا مَعْذُورُونَ ؛ لأَنَّهُم جَهَلَةٌ "اهـ([41]).
    قَالَ ابنُ مَنْظُـــورِ(ت:711هـ):"وَمِنْ أَخْـلاَقِ الْجَاهِلِ عَشْــرَةُ أَخْـلاَقٍ سَيِّئَةٍ : الطًّيْشُ ، وَالسَّفَهُ وَالضَّجَرُ ، وَالعَجَـلَةُ ، وَالغَضَبُ ، وَالْمَلاَمَةُ ، وَالكَذِبُ ، وَبُغْضُ الْخَيْرِ ، وَحُبُّ الشَـرِّ ، وَطَاعَةُ الغَاشِّ "اهـ([42])، وَيُقَابِلُ الطَّيشَ وَالسَّفَاهَةَ : الْحِلمُ، وَالأَنَاةُ([43])، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَشَـجِّ : "إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ : الْحِلْمُ ، وَالْأَنَاةُ "اهـ([44])، وَضِــــدُّهُمَا - عِنْدَ ابنِ القَيِّم - : الطَّيْشُ وَالْعَجَلَةُ ، وَهمَا خُـلُقَانِ مَذْمُومَانِ مُفْسِدَانِ لِلْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ([45]).
    وَمِنْ شِيَمِ الأَحمَقِ :العَجَلَةُ وَالْخِفَّةُ([46])، وَتُكَنَّى العَجَلَةُ أُمُّ النَّدَامَاتِ([47])، وَهي طَلَبُ الشَّيءِ وَتَحَرِّيهِ قَبلَ أَوَانِهِ، وَهُوَ مِن مُقتَضَى الشَّهْوَةِ، فَلِذَلَكِ صَارَتْ مَذْمُومَةً فِي عَامَّةِ القُرآنِ ،﴿خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ([48])؛ أَيْ : عَجُولًا ، وَذَلِكَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ ، كَمَا قِيلَ لِلرَّجُلِ الذَّكِيِّ هُوَ : نَارٌ تَشْتَعِلُ([49]وإنَّمَا خُوطِبَتِ العَرَبُ بِمَا تَعْقِلُ ، وَالعَرَبُ تَقُـولُ لِلَّذي يُكْثِرُ الشَّيءَ خُلِقْتَ مِنْهُ ، كَـمَا تَقُولُ : أَنْتَ مِنْ لَعِبٍ ، وخُلِقْتَ مِنْ لَعِبٍ([50])، وَمَـــا أَنْتَ إِلَّا أَكْلٌ وَنَوْمٌ ، وَمَا هُوَ إِلَّا إِقْبَالٌ وَإِدْبَارٌ ، وَهَذَا الْوَجْــــهُ مُتَأَكِّدٌ بِقَوْلِه تَعَالَى : {وكان الإِنْسَانُ عَـجُولًا}. ([51])، أَيْ : مَطْبُوعًا عَلَى الْعَجَلَةِ ، يُسَارِعُ إِلَى كُلِّ مَا يخْطُرُ بِبَالِهِ ، لَا يَنْظُرُ إِلَى عَاقِبَتِهِ([52]) وَإنْ كَانَتِ الْعَجَلَةُ مِنْ مُقْتَضَى الطَّبْعِ ، إِلَّا أَنَّـها قَابِلةُ العِلَاجِ ، كَسَائِرِ الْمَلكَاتَ الرَّدِيَّةِ([53]).
    وَهَذَا العَابِطُ وَزُمْرَتُهُ - كَـمَا قَالَ شَيْخُنَا -"شَبَابٌ مِنْ ذِوِي العَجَلَةِ "اهـ([54])، وفي مَوضِعٍ وَصَفَهم بِالغِلمَانِ([55])؛ لأَنَّ "لَفْظَ الْغُـلَامِ قَدْ يَتَنَاوَلُ الشَّابَّ الْبَالِغَ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقَالُ ( رَأْيُ الشَّيْخِ خَيْرٌ مِنْ مَشْهَدِ الْغُلَامِ ) ، جَعَلَ الشَّيْخَ نَقِيضًا لِلْغُلَامِ ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُلَامَ هُوَ الشَّابُّ ، وَأَصْــــلُهُ مِنَ الِاغْتِلَامِ ، وَهُوَ شِدَّةُ الشَّبَقِ ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الشَّبَابِ، وَأَمَّا تَنَاوُلُ هَذَا اللَّفْظِ لِلصَّبِيِّ الصَّغِيـرِ فَظَاهِرٌ([56]وَالصَّبِيُّ : الْغُـلَامُ ... صَبَا ، يَصْبُو ، صَبْوَةً ، وَصُبُوًّا ، أَيْ : مَالَ إِلَى الْجَهْلِ وَالْفُتُوَّةِ([57]).
    وَقَالَ تَعَالَى:﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾، أي: بِذَكَرٍ فِي غَايَةِ القُوَّةِ الَّتِي يَنْشَأُ عَنْـهَا الغَلَمَةُ ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا الوَصْفُ رُبًّمَا أَفْهَمَ الطَّيْشَ وَصَفَهُ بِمَا أَبْقَى صَفَاءَهُ ، وَنَفَى كَدَرَهُ ؛ فَقَالَ :﴿حَلِيمٌ([58])، وهُوَّ الَّذِي لَا يَسْتَفِزُّهُ الْغَضَبُ ، وَلَا يَعْبَثُ بِهِ الطَّيْشُ ، وَلَا يَسْتَخِفُّهُ الْجَهْلُ ، أَوْ هَوَى النَّفْسِ، وَمِنْ لَوَازِمِـــــهِ : الصَّبْرُ ، وَالثَّبَاتُ ، وَالصَّفْحُ ، وَالتَّأَنِّي فِي الْأُمُورِ ، وَاتِّقَاءُ الْعَجَــــلَةِ فِي كُلٍّ مِنَ الرَّغَبِ وَالرَّهَبِ([59]).
    وَمظَنَّةُ الشَّيْء مَعْدِنُهُ وَمَأْلَفُه ، وَمَظِنَّةُ الْجَهْل الشَّبَابُ([60])، وَالسِّبَابُ([61])، وَيُقَالُ: الشَّبَابُ مَطِيَّةُ الْجَهْلِ ، وَمَظِنَّةُ الذُّنُوبِ ، وَشُعْبَةُ الْجُنُونِ ([62]قَال ابن قُتيبَةَ(ت:276هـ) :"لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا كَانَ عُلَمَاؤُهُمُ الْمَشَايِخَ ، وَلَمْ يَكُنْ عُلَمَاؤُهُمُ الْأَحْدَاثَ ؛ لِأَنَّ الشَّيْخَ قَدْ زَالَتْ عَنْهُ مَيْعَةُ الشَّبَابِ وَحِدَّتُهُ ، وَعَجَلَتُهُ وَسَفَهُهُ ، وَاسْتَصْحَبَ التَّجْرِبَةَ وَالْخِبْرَةَ ، فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِي عِلْمِهِ الشُّبْهَةُ ، وَلَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْهَوَى ، وَلَا يَمِيلُ بِهِ الطَّمَعُ ، وَلَا يَسْتَزِلَّهُ الشَّيْطَانُ اسْتِزْلَالَ الْحَدَثِ ، وَمَعَ السِّنِّ الْوَقَارُ وَالْجَلَّالَةُ وَالْهَيْبَةُ ، وَالْحَدَثُ قَدْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأُمُورُ ، الَّتِي أُمِنَتْ عَلَى الشَّيْخِ ؛ فَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ، وَأَفْتَى هَلَكَ وَأَهْلَكَ "اهـ([63]قَالَ العَلَّامَةُ عَبدُ الرَّزَّاقِ البَدرُ:" يَكثُرُ الطَّيْشُ فِي الشَّبَابِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّبَابَ مَظِنَّة الْجَهْلِ ، وَمَطِيَّة الذُّنُوبِ ، وَلِهَذَا يُقَالُ طَيْشُ شَبَابٍ ، أَو شَبَابٌ طَائِشٌ ، إمَّا عَلَى سَبِيلِ الاِنتقَادِ ، أَو الاِعتِذَارِ "اهـ([64]). أَوَ نَسَتَبْدِلُ حِكْمَةَ الأَشْيَاخِ بِطَيْشِ الغِلمَانِ ؟! أَوَ نَسْتَعِيضُ بِعلِم الشَّيْخ - العَلَّامَةِ محمَّدٍ فَركوسٍ- بِالشَّرعِ ، وبوَاقِعِ بَلَدِهِ وَأَهْلِ بَلَدِهِ مُدّةً طَوِيلَةً بِقِلَّةِ بِضَاعَتِكِم فِي هَذا الْمَيْدَانِ؟! أَوَ نَتْركُ شَيْخا عَالِمًا عَجَمَتْهُ الْخُطُوبُ ، وَحَنَّكَتْهُ التَّجَارِبُ ، وَوَقَّرتْهُ الأَحْدَاثُ، وَأَدَّبَهُ الزَّمَانُ ، وَرَاضَهُ الْمَلَوَانُ ، وَثَقَّفَهُ الْجَدِيدَانِ إِلَى وَاهِنِ الرَّأيِ ، قَصِيرِ النَّظِرِ؟!([65]) هَيهَاتَ ، هَيهاتَ .
    وَلِبَدِيعِ الزَّمانِ الْهَمَذَانِي(ت:395هـ):"جَــزَى اللهُ الْمَشِيبَ خَيْرًا فَإنَّه أَنَاةٌ ، وَلَا رَدَّ الشَّبَابَ ، فَإنَّهُ هَنَاتٌ ، وَبِئسَ الدَّاءُ الصِّبَا ، وَلَيْسَ دَوَاؤُهُ إِلَّا انقضَـــاؤُهُ ، وَبِئسَ الْمَثَلُ : النَّارُ ، وَلَا العَارُ ، وَنِعمَ الرَّائِضَانِ :اللَّيلُ وَالنَّهَارُ ، وَأَظُنُّ الشَّبَابَ وَالشِّيبَ - لو مُثِّلَا - لَكَانَ الأَوَّلُ كَلَبَا عَقُورًا، وَالآخَـرُ شَيْخًا وَقُورًا، وَلَاشَتَعَلَ الأَوَّلُ نَارًا "اهـ([66])، وقَالَ العَلاَّمَةُ ربيع :"أَلَا قَاتَلَ اللهُ الْجَهْلَ وَالطَّيْشَ ، وَعَافَى الإِسلَامَ وَالْمُسْـلِمينَ مِنْ جَهْلِ الْجَاهِلِينَ ، وَتَقلِيدِ الْمُبْطِلِينَ وَتَهْدِيمِ الطَّائِشِينَ لِلعِلمِ وَأَهْلِهِ "اهـ([67]).
    وَالطّيْشُ - كَـمَا تَقَدَّمَ - هُوَ : سُـرْعَةُ الغَضَبِ مِنَ يَسِيـرِ الأُمُــورِ ، وَالْمُبَادَرَةُ بِالطَّيْشِ ، وَالإيقَاعُ بِالْمُؤْذِي ، وَالسَّرَفُ فِي العُقُوبَةِ ، وَإظهَارُ الْجَزَعِ مِنْ أَدنَى ضَرَرٍ ، وَالسَّبُّ الفَاحِشُ([68])، قَالَ الرَّاغِبُ الأَصْـــفَهَانيُّ(ت:502هـ):" مِنَ النَّاسِ ... مَنْ تَعَوَّدَ الطَّيشَ ، وَالاِنْزِعَاجَ ؛ فَيَحْتَدُّ بِأَدنَى مَا يَطـرُقُهُ ، كَكَلبٍ يَسْـمَعُ صَـوْتًا ، فَيَنْبَـحُ قَبْلَ أَنْ يَعرِفَ مَــا هُوَ ، وَأَسْـرَعُ النَّاسِ غَضَـبًا الصِّبيَانُ وَالنِّسَاءُ "اهـ([69])، مِنْ مثِلِ قَولِ الصَّبيِّ العَابِطِ :" إنِّي أَقُولُ بِلاَ أَدنَى تَرَدُّدٍ : إنَّ هَذَا الْملبِّسَ صَاحبَ الاِعتِرَاضِ وَمَن مَعَهُ هُم سَائِرُونَ عَلَى هَذَا الدَّربِ مُتَشَبِّثُونَ بِحَبائِلِ الْحَدَّادِيَّة "اهـ([70])، وَقَولهِ في مَوْضِعٍ آخَرَ :" جَاهَدتُ نَفسِي ؛ لأكْبَحَ هَيْجَانَ القَلمِ فِي هَذَا الْمَوضِعِ ، وَقَد وُفّقتُ ، وَالْحَمْدُ للهِ ، وَأَرجُو مِن صَـمِيمِ الفُؤَادِ أَلاَّ تُهَيَّجُه مَرَّةً أُخرَى حَمَاقَاتُ الْخَمَّاسِينَ "اهـ([71])، وَقَوْلُهُ :"والله ، مَا تَعَوَّدتُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ فِي الكِتَابَةِ ، وَمَا نَشَأتَ عَلَى هَذَا الأُسْلُوبِ فِي الْخِطَابَة ، وَلكنَّها جَمْرَةٌ في الفُؤَادِ أَرَدتُ إِطفَاءَهَا ، وَنَكْبَةٌ بِالعِبَادِ قَصَدْتُ رَفْعَهَا "اهـ([72]).
    قُلتُ : هِي- إذن - جَـمْرَةٌ تَلتَهِبُ التِـهَابًا ، ونَكْبَةٌ بِالعِبَادِ قَصَدَ الْمَغْرُور رَفعَها ، فَصَدَقَ السَّلْمَانُ (ت:1422هـ)في قَولِهِ: "تَجِدُ هَذَا الْمُتَكَبِّرَ الْمُعْجَبَ بِنَفْسِهِ ... نَارِيَّ الْمِزَاجِ يَلْتهبُ التِهَابًا ، وَيَنْفَجِرُ لِأدْنى كَلِمَةٍ لا تُرْضِيْهِ ، وَلَوْ لَـمْ يَقْصِدَ قَائِلُهَا إلا الْحُسْنَى "اهـ([73]) ، وَكَمْ حَاوَلَ هَذَا العَابِطُ أَنْ يَكُونَ هَادِئًا؟! لَكنَّ الطَّبعَ يَغْلبُ التَطَبُّعَ ، قَالَ الْمَغْلُوبُ عَلَى أَمْرهِ :"إنّي مُذِكِّرٌ نَفْسِي ، وَكُـلَّ مَنْ تَبْلُغهُ رِسَالَتي بـحَقِيقَةِ ( الرُّجُولَةِ السَّلَفِيَّةِ ) ، الَّتِي أَضْحَتْ أَسطُرًا عَلَى صَفَحَاتٍ، وَأَحْرُفًا عَلَى وَرَقَاتٍ ، وَمِنْ شِــــدّةِ غُرْبَةِ تِلْكُم الرُّجُولَةِ الْحقَّةِ : أَنْ أَصْبَحَ يَدَّعِيهَا كُلُّ سَافِلٍ وَنَذْلٍ ، وَهُوَ فِي سُفُولِهِ لَا يَسْتَحِي أَنْ تُكَذِّبَهُ شَوَاهِدُ طَبْعِهِ "اهـ([74]).
    فَهَنيِئًا للعَابِطِ بهَذَا السُّفُولِ وَالهُبوطِ ، وَقَدْ كَذَّبَتهُ شَوَاهِـدُ طَبْعِهِ منَ : الكَذَبِ الَفاضـح ، والنَّفخِ الصَّائِح ، وَحسْبُكَ - يَا مُنصِفُ - مَا وَسَمهُ- زَعَمًا - بـ «حِوَار هَادِئِ مَعَ الشَّيْخِ الدّكتُورِ محمَّدٍ عَلِيٍّ فَرْكُوسٍ - وَفَّقَهُ اللهُ -»، بَلْ هُوَ «حِوَارٌ هَازِئٌ» سَاخِرٌ مُتَهَكِّمٍ ، كَقَوْلِهِ :"شَيخَنَا الكَريمَ، الْمُتَأمِّلُ فِي هَذَا الْخِطَابِ يَسْتَشِفُّ مِنهُ شِدَّةً مِن جُمُعَةَ وَجَمَاعَتِهِ -وَأَنتَ مَعَهُم وَفَّقَكَ الله-، وَيَعْتَقِدُ النَّاظِرُ في كَلَامِهِ - لأَوّلِ وَهْلَةٍ - أَنَّ مَفَاتِيحَ التَّمَيُّز وَالوُضُوحِ بِأَيدِيكِم، وَأَنَّ الصَّلَابَةَ فِي السُّنَّةِ ، وَالغَيْرَةَ عَلَى مَنْهَجِ أَهْلِ الْحَدِيثِ هِيَ مِنْ صَـمِيـمِ دَعْوَتِكم([75]وَاحَسْرَتَاهُ - يَا شَيْخُ فَركُوسُ - عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الكَلِمَاتِ النيِّرَاتِ ، وَيَا لَهَفَ قَلِبي عَلَى مِثْلِ هَذَا النُّصْحِ الرَّشِيدِ، بَخٍ ، بَخٍ مَا أَجْمَلَ قَولتَك يَا شَيخُ([76]أكثرتَ - عفا الله عَنْكَ- مِنْ قَوْلِكَ :وَقفتُ وَحْدِي ، وَلَم تَسْتَثِنِ فِي كَلَامِكَ حَتَّى لَزهَرَ و...([77] كَانَت جَمَاهِيرُ السَّلَفِيِّينَ تَعْتَقِدُ فِيكَ أَنَّكَ وَالِدُ الْجَمِيعِ ، لَكِن لِلأَسَفِ فِي اللَّيلَةِ الظَّلمَاءِ افتُقِد الأَبُ ، فَكَم تَمنَّيْنَا ، وَكَـم كَانَ رَائِعًا لَو قُمْتَ فِي هَذِهِ الفِتنَةِ بِوَظِيفَةِ الأَبِ ، الَّذِي تَفْرِضُ عَلَيْهِ مَشَاعِـرُ الأُبوَّةِ الفَصْلَ بَيْنَ أَبنَائِهِ الْمُتَخَاصِـمِين بِمِيزَانِ العَدلِ ، وَالعَجِيبُ أَنَّكَ تُطَالِبُ اليَوْمِ بِبرِّ الأَبنَاءِ ، وَأَنتَ لَمْ تُنْصِفْهُم مَعَ عِلمِكَ بِأَنَّ التَّمِيِيزَ بَينَ الأَبنَاءِ مِنْ أَعْظَمِ أَسبَابِ العُقُوقِ أَقُولُ هَذَا تَـجَوُّزًا ؛ لأَنَّ العُقَلَاءَ كَانُوا شُهَدَاءَ عَلَى بِرِّ الأَبنَاءِ ، وَصَبْرِهِم([78])، حَذَّرتُم مِنْ «مَدْرَسَةِ عُكَاظْ» ... لِمَاذَا لَم تُعْطِ لِنَفْسِكَ وَقْتًا كَافِيًا قَبْلَ أَنْ تُحَذِّرَ ؟ ... لَقَد آذَيتَ عِبَادَ اللهِ ، وَخَدَمْتَ العِلمَانِيِّينَ - وَأَنتَ لَا تَشْعُرُ - خِدْمَةً كَبِيرَةً ، فَعَطَّلتَ مَشرُوعًا سَهَرَ عَلَيْهِ إِخوَانُك "اهـ([79]).
    قَالَ العَلَّامَــةُ ابنُ عُثَيْمَينَ(ت:1421هـ):"بَعضُ الْجَهَلَةِ الَّذِينَ يَأتُونَ إِلَى العَالِمِ الَّذِي رَأَى بِخِــــلاَفِ مَا يَـــرَوْنَ ، يَأتُونَ إِلَيْهِ بِعُنْفٍ وَشِـــدَّةٍ ، وَرُبَّمَا نَفَضُوا أَيدِيـهم فِي وَجْهِ العَـــالِمِ ، وَقَالُوا لَهُ : مَا هَذَا القَولُ الَّذِي أَحْدَثتَهُ ؟! مَا هَذَا القَولُ الْمُنكَـــــرُ ؟! وَأَنتَ لاَ تَخَافُ اللهَ ، وَبَعْدَ التَّأَمُّلِ تَجِدُ العَالِمَ مُوَافِقًا لِلحَدِيثِ ، وَهُمُ الْمُخَالِـــفُونَ لَهُ ، وَغَالِبُ مَا يُؤتَى هَؤلاَء مِنْ إِعْجَابِـهم بِأَنفُسِهِم ، وَظَنِّهُم أَنُّهم هُم أَهلُ السنَّةِ "اهـ([80]) وَقَالَ العَلَّامَةُ رَبيعٌ:"الْحَدَّاديَّةُ يُسَمُّونَ أَنفُسَهَم أَهْلَ السُنَّةِ الْمَحْضَةِ كَذِبًا وَزُوراً([81])، وَأَصبَحَ فَالِـحٌ الْحربيِّ يَدَّعِي أنَّهُ مِن الدُّعَاةِ إِلَى الكِتَابِ وَالسُّنَّة "اهـ([82])، وقَالَ عَطِيَّةٌ سَــالِمٌ(ت:1420هـ):"لاَ نَرَى مُعْجَبًا بِنَفْسِهِ قَطُّ ، إِلاَّ وَيَزْدَرِي الْآخَــرِينَ "اهـ([83] وَقَالَ السَّـلمَانُ (ت:1422هـ):" كَثُرَ في زَمَنِنَا اليَوْمَ أُنَاسٌ يَرَى أَحَدُهم قَدْرَ نَفْسِهِ فَوْقَ مَا تَتَصَّوَرُهُ الأَفْهَامُ، وَيَجْزِمُ كُلَّ الْجَـزْمِ أَنَّهُ رَفِيْعُ الْمَقَامِ ، رِفْعَةُ كُلّ رَفِيـعٍ مَعَهَا تَحْتَ الأَقْـدَامِ ، لَا تَذْكُرُ أَمَامَهُ فَاضِلاً إِلّا ضَحِكَ وَهَزَّ رَأسَهُ ؛ مُتَـهَكِّمَاً سِاخِرَاً بِمَا لَهُ مِنْ مَقَامٍ وقَدِيـمًا قِيلَ :
    وَمَنْ جَـهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ ***** رَأَى غَيْرُهُ مِنْهُ مَا لا يَرَى"اهـ([84])
    قُلتُ : فَتَأَمَّل بَدِيعَ سُخَرِيَّةِ هَذَا العَابط في قَولِهِ :"قَدْ أَطَلَّ عَلَيْنَا مُفَرِّقً الْجَمَاعَـةِ مُحَمَّد بن هَادِي بِبَلِيَّةٍ أُخْرَى ، تُضَافُ إِلى صَحِيفَةِ مَسَاوِئِهِ ، الَّتِي جَنَى بِهَا عَلَى دَعْوَةِ رَبِّ العَالَمِينَ جنِاَيةً عَجَـزَ عَنْـهَا أَسَاطِينُ البِدعَةِ ، وَعُتَاةُ الفِرَقِ([85]نَـمْ قَرِيـرَ العَيْنِ يَا ابنَ هَادِي ، فَفُحُـولُ أَهْلِ السُّنَّةِ قَد عَلِمُوا كَذِبَكَ ، وَفَسَادَكَ ، وَفِتْنَتَكَ ، وَلَنْ يَلتَفِتُوا قَـدرَ أَنْمـلَةٍ إِلَى بُكَائِكَ ، وَإشهَادِكَ وَقَسَمِكِ ، فَارْحَمْ نَفسَكَ ، فَقَدْ أَتَعَبْتَهَا "اهـ([86])
    قُلتُ :قَالَ العَلَّامَةُ ربيع :"مَاذَا سَيَقُولُ الْمُعَلِّمِي فِي فَالِحٍ وَحِزْبِهُ الْحَدَّادِّيِّ، وَهُم يَطْعَنُونَ فِي عُلَمَاءِ السُّنَّةِ وَالتَّوحِيدِ وَالقَامِعِينَ لِلبِدَعِ مِنْ أَمْثَالِ: ... الشَّيْخِ مُحمَّدُ بن هَادِي "اهـ([87])، وقَالَ العَلَّامةُ عُبَيْدٌ :"وَما أكثرَ مَا تسلَّطَ به الشَيْخُ فِالِحٌ - عَفَا اللهُ عَنَّا وَعَنُهُ - بلِسَانِه الَّذِي لَم يَضْبِطْهُ ، ولَمْ يحْفَظْه مِن عِبَارَاتِ التّضْلِيلِ، والتّفْسيق ، والتّبْدِيع ، بَلْ وَالتكْفير ، مُضِيفًا إِلَى تَشْنيعٍ ، وَسُخْريَةٍ وَتَهَكُّـمٍ ؛ طَالتْ تِلْكم - أَعْنِي عِبَارَاتِ السُّخْريَةِ و التَّهَكّم، والتَّشْنيع - عُلمَاء كِبَارًا ؛ مِنهُم مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَذُبُّ عَنِ السُّنّةِ وَيُناصِرُهَا ، وَيُنَاصِـرُ أَهلَهَا ، وَيَدْعُو إِليهَا ، وَمِنهُم مَنْ شَابَتْ لِحَاهُم ، وهمْ أحْياءٌ إلى اليَوْمِ "اهـ([88])
    فَمِنْ عَلامَةِ الْجَهْلِ - كما قَال أَبو الدَّرْدَاءِ رَضِي الله عَنْهِ-: الْعُجْبُ اهـ([89])، وَهُو أَصْلٌ يَتَفَرَّعُ عَنهُ التِّيهُ([90])، وَالزَّهْوُ ، وَالكِبْرُ ، وَالنَّخْوَةُ، وَالتَّعَالِي، وَهَذِه أَسْمَاء وَاقِعَةٌ عَلَى مَعَانٍ مُتَقَارِبَةٍ([91])، وَتَقُولُ الْعَربُ :«أَزهَى مِن طَاوُوسٍ»([92])، وَهُوَ : طَائِرٌ مَعرُوفٌ ، بَدِيعُ الشَّكْلِ ، رَائِقُ الْحُسـنِ ، وَفِي طَبْعِهِ - مَعَ ذَلِكَ- الزَّهوُ وَالْخُيَلاَءُ ، وَالإعْجَابُ بِرِيشِهِ([93]). فَيَبْدُو وَكَأَنَّهُ يُعْجَبُ بِنَفْسِهِ وَبِرِيشِهِ([94])، وَمَعَ حُسْنِهِ يَغتَذِي الْحَيَّاتِ، وَيَأكُلُ السُّمُومَ([95])، وَالنّاسُ لاَ يَتَبَركُونَ بِه ، وَيَكرَهُونَ كَونُهُ فِي دُورِهِـم([96])، وَيُذبَحُ مِن أَجْلِ رِيشِهِ([97])، قَالَ الشَّاعِرُ :
    وَبَالٌ عَلَى الطَّاوُوسِ أَلْوَانُ رِيشِه ***** وَعِلمُ الفَتَى حَقًّا عَلَيهِ وَبَالُ([98])
    مَلْأَى السَّنَابِل تَنْحَنِي بِتَوَاضُعٍ ***** وَالفَارِغَاتُ رُؤُوسُهُنَّ شَوَامِخُ([99])
    فَـ« ثَمَرَةُ الْعُجْبِ الْمَقْتُ» أي :مَنْ أُعْـجِبَ بِنَفْسِهِ مَقَتَهُ النَّاسُ([100])، وَمِنْ تَأَمَّلَ حَالَ هَذَا العَابِطِ لَوَجَـدَهُ يُحَاكِي الطَّاوُوسَ في العُجْبِ ، وَمَعَ حُسْـنِ قُرْبِه - كَـم زَعَمَ - مِن الشُّيُوخِ وَالأَكَابِر يَغتَذِي مِنَ الكَذِبِ عَلَيـهِم ؛ حَيْثُ قَالَ :"أَتَحَدَّاكُـم أَنْ تَأتُونِي بِمَوقْفٍ ، أَوْ قَوْلٍ نَشَرْتُهُ وَتَبَنَّيْتُهُ لَم أَسْتَشِرُ فِيهِ عَالِمًا أَوْ شَيْخًا ، وَلَم أُطْلِعْهُم عَلَيْهِ قَبْلَ نَشْرِهِ "اهـ([101])، وَأتحدَّاهُ أَنْ يُثْبِتَ هَذَا ، يَا حَبَّذَا لَو كَشَفَ عَن الشَّيخِ الَّذِي وَافَقهُ عَلَى قَوْلِهِ :"فَالِحٌ الْحَرْبِيُّ كَانَ عَالِمًا بِاتِّفَاقِ العُلمَاءِ "اهـ([102]).
    قَالَ الرَّاغِبُ(ت:502هـ) :"العُجْبُ : ظَنُّ الإنسَــــانِ فِي نَفْسِهِ استِحْقَاقَ مَنْزِلَةٍ هُوَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لَهَا ، وَلِهَذَا قَالَ أَعْرَابِيٌّ لِرَجُلٍ رَآهُ مُعْجَبًا بِنَفْسِهِ :"يَسُرُّنِي أَنْ أكُونَ عِندَ النَّاسِ مِثْلَكَ عِنْدَ نَفْسِكِ وَأكُونُ فِي نَفْسِي مِثْلْكَ عِنْدَ النَّاسِ "اهـ([103]وَمَنْ تَأَمَّلَ حَالَ الأقزام وَجَدَهم - كَـمَا قَال شَيْخُنَا-فَركُوسٌ :"حَمَلَهُم جهلُهم وَقِلَّةُ زَادِهِمْ عَلَى أَنْ أَنزَلُوا أَنْفُسَهم مَنْزِلةَ أَهلِ الْحَلِّ وَالعَقدِ "اهـ([104])؛ طَمَعًا في الإصْغَاءِ إلَيْهِم ؛ لأَنَّ الإصْغَاءَ إِلَى كَلاَمِ الْمُتَكَلِّمِ يَستَلْزِمُ الإِقْبَالَ عَلَيْهِ ، وَإِجَابَةَ مَطْلَبِهِ([105])، قَالَ السَّلمَانُ(ت:1422هـ):" تَجِدُ هَذَا الْمُتَكَبِّرَ الْمُعْجَبَ بِنَفْسِهِ ... حَرِيصًا عَلَى أَنْ يَكُوْنَ أَمَامَ النَّاسِ وَأَنْ يُصْغُوا إلَى كَلَامِهِ "اهـ([106]فَلا عَـجَبَ أَنْ يَقُولَ العَابطُ :"قَدْ كَتَبتُ قَبْلَ مَا يُقَارِبُ الشَّهْرَ الْحَلقَةَ الأُولَى مِنْ سِلسَلةِ «حِوار هَادِئ مَعَ الشَّيخِ محمَّد عَليِّ فَركُوسٍ - وَفَّقَهُ اللهُ-»، وَقَدْ حَوتْ الْحَلقَةُ إِشْكَالَاتٍ وَأَسئِلَةً طَرَحتُهَا عَلَى الشَّيْخِ ؛ نِيَابَةً عَنِ الكَثِيرِ مِنَ أَهْلِ السُّنَّةِ "اهـ([107]).
    قُلْتُ :فَلَابُدّ أَن يُصْغَى إلَى العَابِطِ ؛ لَأَنَّهُ - زَعَمًا - نَائِبٌ عَنِ الكَثيرِ مِنْ أَهلِ السُّنَّةِ، وَأيُّ خَصْلَةٍ تَمَيَّزَ بِهَا حَتَّى يُنَصِّبَ نَفَسَهُ نَائِبًا ، وَوَاجِـهَةً لَهم؟! قَالَ الْمَغْلُوبُ عَلَى أَمرهِ (العَابِطُ) :"يَجْلِسُ أَمامَ حَاسُوبِهِ، فَيُقِيم الْحُرُوبَ ؛ انتِصَـــارًا لِهَذِهِ الدَّعْوَةِ ، وَيَنسَى الْمِسكِينُ أَنَّ الصَّمْتَ هُوَ النُّصْــرَةُ الَّتي فُرِضَتْ عَلَيهِ ... وَصَلَت بِكَ الْجُرأةُ إِلَى كِتَابَةِ بَيَانَاتٍ بِاسْــــمِ السَّلَفِيِّينَ ... فَرَضْتَ نَفْسَكَ وَاجِـهَةً لِلسَّلَفِيِّينَ يحكُمُ عَليهِم مِنْ خَلَالِ مَنشُورَاتِكِ "اهـ([108])
    وَمَتَى اسْتشْعَرَ العَابِطُ أَنَّ الْمُعتَرضَ قَريِنًا ، أَو دُونَه فَرضَ الإصْغَاءِ إِلَيْهِ؛ حَيْثُ قَالَ :"مِنْ أَغْرَبِ مَا سَـمِعتُهُ مِنْ عَجَائِبِ الْخَلقِ أَنَّ أَحَدَهُم قَالَ :لَابُدَّ مِنْ عَرْضِ مَقَالِ مرَابط عَلَى الْمَشَايِخ ، يَا هَذَا ارفُقْ بِنفسِكِ ، وَارْحَـمْهَا ، فَهِيَ تَشكُو ظُلمَكَ ، وَتَئِنُّ مِنْ ثِقَلِ مَا حَمَلتـهَا ، يَا هَذَا : إِنَّ العُقَلاَءَ وَالعُلَمَاءَ قَدِ اتَّفَقُـــوا عَلَى مَضَامِيـنِ مَقَالِي ، فَبِالله عَلَيْكَ ، هَل تَظُنُّـهَا مِنَ الْمَسَائِلِ الْخِــلاَفِيَّةِ الَّتِي تَتَعَارَضُ فِيهَا الفُهُومُ ، وَتَجتَهِدُ فِيهَا الآرَاءُ؟... كَفَاكَ طَيشًا، وَسَفَهًا ... لَقَدْ أَجْمَعَ العُلمَاءُ عَلَى فَرِيضَةِ الْجِهَادِ ، لَكِنَّهُم وَضَعُوا شُرُوطًا لِمَنْ يُرِيدُ إِقَامَتَها ، فَأَنَا- وَاللهِ يَا هَذَا - مَا زِدتُ عَلَى إِخبَارِكِ بِأَنَّكَ لَا تَصلحُ لِهَذِهِ الفَريضَةِ ... يَا هَذَا اكتُب رَدًّا عِلمِيًّا وَاضِحًا بِالْحُجَجِ بَيِّنْ فِيهِ انحرَافَ مَقَالَتِي، وَاتْرُكْ عَنْكَ التَّـهريـــــجَ ... تَشْغِيبُكَ عَلَى الْمَقَالِ هُوَ نَتِيجَةٌ حَتْمِيَّةٌ طَبِيعِيَّةٌ ؛ لأَنَّكَ مَعْنِيٌّ بِهِ ، فَانظُرْ مِنْ حَوَلَكَ ، وَتَمَعَّنْ جَيِّدًا تَجِدُ أَنَّ السَّوَادَ الأَعظَمَ فَهِمَ الْمَغزَى مِنَ الْمَقَالَةِ، وَشَكَرَ صَنِيعَ صَاحِبهَا ، وَ استَجَابَ الكَثِيرُ مِنَ الصَّادِقِينَ لِنِدَاءِ أَخِيهِم ، وَبَدَلَ أَن تَنْضَمَّ إِلَى رَكْبِ الْمُصْلِحِينَ صِرتَ تَصـرُخُ فِي هَوَاءٍ، وَتَركُضُ في خَلَاءِ، يَا هَذَا: لَقَدْ نَصَحَكَ النَّاصِحُونَ ، وَأَقَامَ عَلَيْكَ الْحُجَّةَ الْمُشْفِقُونَ ، وَ بَعْدَ هَذَا لَنْ يَلُومَهُم أَحَدٌ إِذَا هَم حَذَّرُوا مِنْكَ ، وَمِنْ حِسَابِكَ "اهـ([109])
    وَكَذَلِكَ - يَا عابطُ- نَصَحَكُم النَّاصِحُونَ مِنَ الأَشْيَاخِ ، العَالِمُونُ بِالشَّرَعِ وَبِمن انتُقِدُوا([110]) ،﴿وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِـحِينَ ﴾، لَكُم في اللهِ ، النَّاهِينَ لَكُم عَنِ اتِّبَاعِ أَهْوَائِكم ، الصَّادِّينَ لَكُم عن شَهَوَاتِ أَنفُسِكِم([111])، إذ كلامُ النَّاصِـحِ صَعْبٌ مُضادٌّ لشَهْوَةِ الّذِي يُنصَــحُ ، ولذلك تقُولُ العَرَبُ :" أمْـرَ مُبْكِيَاتِكِ ، لاَ أَمْرَ مُضْحِكاتِكِ "([112])؛ حَيْثُ كَانَتْ فَتَاةٌ مِنْ بَنَاتِ العَرَبِ إِذَا زَارَتْ خَالَاتِهَا أَلْهَيْنَها وَأَضْحَكنَهَا ، وَإِذَا زَارَتْ عَمَّاتِهَا أَدَّبْنَـها ، وَأَخَذْنَ عَلَيْـهَا ، فَقَالَتِ لأَبِيهَا : إنَّ خَالاَتِي يُلَطِّفْنَنِي ، وَإنَّ عَمَّاتِي يُبْكِينَنِي ، فَقَالَ أَبُوهَا وَقَدْ عَلِمَ القِصَّةِ :أَمْرَ مُبْكَيَاتِكِ ، أَيْ الزَمِي وَاقْبَلِي أَمْرَ مُبْكَيَاتِكِ([113]).
    وَمِنْ عَلاَمَــةِ الْمُعْجبِ : الإعْراضُ عن النُّصْحِ ، قَالَ السَّـلْمَانُ(ت:1422هـ):" تَجِدُ هَذَا الْمُتَـكَبِّرَ الْمُعْجَبَ بِنَفْسِهِ... ذَا إبَاءٍ وَاسْتِعْصَاءٍ "اهـ([114])، قَال الغَزَّاليُّ(ت:505هـ):"مَا بِهُ العُجْبُ ثَمَانِيَةٌ ... الثَّالِثُ : الْعُجْبُ بِالْعَقْلِ وَالْكِيَاسَةِ ، وَالتَّفَطُّنِ لِدَقَائِقِ الْأُمُورِ مِنْ مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَثَمَرَتُهُ الِاسْتِبْدَادُ بِالرَّأْيِ ، وَتَرْكُ الْمَشُـــورَةِ ، وَاسْتِجْهَالُ النَّاسِ الْمُخَالِفِينَ لَهُ ، وَلِرَأْيِهِ ، وَيَخْـرُجُ إِلَى قِلَّةِ الْإِصْغَاءِ إِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ ؛ إعْرَاضًا عَنْهُم بِالاسْتِغْنَاءِ بِالرَّأَيِ وَالعَقْلِ ، وَاستِحْقَاراً لَهم "اهـ([115])، وَقَالَ الرَّاغِبُ (تَ:502هـ) :" وَالْمُعْجَبُ لِجَهْلِهِ بِنَفْسِهِ يَظُنُّكَ فِي وَعْظِهِ مُغَالِيًا ، فَلَا يَنْتَفِعُ بِمَقَالِكَ وَإيَّاهُ قَصَدَ تَعَالَى بِقَولِهِ :﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا "اهـ([116]).
    وَيَا بَنِي « السِّينِ » نُصْحًا لاَ مِرَاءَ بِهِ **** وَالنُّصْحُ يَسْمَعُهُ ذُو الطَّيشِ أَحْيَانًا([117]) .
    قد سُئِلَ العَلّامَةُ عَبْدُ الرَّحـمَنِ مُحْـيِ الدِّين السُّؤَالَ الآتِي:" شَيْخُـنَا الفَاضِلُ ، هَلِ اطَّلعتُم عَلَى الأَخْطَاءِ الْمَنسُوبَةِ إِلَى الشّيْخِ فَركُوسٍ ؟ فَنَصَحَ قائلاً :" حَتىَّ لَو اطَّلَعَتُ عَلَيـهَا ، أَسأَلُ اللهَ أَنْ يَغفرَ لَنَا وَلَهُ ، يُنصَحُ لَهُ ، وَيُبَيَّنُ لَهُ بِالرِّفْقِ ، وَلَيسَ بِالتَّشنِيعِ "اهـ([118])، وكذَلكَ نَصَحَ العَلّامَــــةُ رَبيعٌ قَائلًا :"أَنْهُوا الْخِلاَفَ ، أَنْهُوا الْخِلاَفَ ، أَنْهُوا الْخِلاَف - بَارَكَ الله فِيكم - بِالْحِكِمَةِ وَالْمَوعِظَة الْحَسَنَةِ "اهـ([119]).
    لَكـنَّ هَيْهَاتَ ، هَيهَاتَ ؛ لأَنَّ فَالِحًا الْحربِيّ وَغِلْمَانَهُ الأَقْزام لَهم فَهْمٌ خَاصٌّ لِتِلك الْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، والْمَصْلَحةِ وَالْمَفْسَدَةِ ، قَالَ أُسَامَةُ سَالِمٌ نَاقِلاً عَنْ فَالِحٍ الْحَرْبيِّ:" الشَّيْخُ رَبِيعٌ لَهُ فَهْمٌ فِي الْمَصَــــالِحِ وَالْمَفَاسِـدِ، وَلَا أَحدَ يُنَازِعُهُ فِي فَهْمِه ، وَلَكِنَّ الَّذِي نَفْهَمُهُ نَحْنُ أَنَّ الْمَصَالِحَ وَالْمَفَاسِدَ تَتَمَاشَى مَعَ الشَّرِيعَةِ "اهـ([120])
    فَلاَ عَجَبَ أن يَسْتَدْرِكَ خَدَنُ العَابِط قَائِلًا :"رَأسُ الفِتنَةُ وَعُمُودُ الشَّرِّ فِي هَذَا الأَمْرِ العَظِيم، وَهُوَ الدّكتُورُ فَركُـــوس ... فَرْكُوسُ الفِتنَةِ الَّذِي يُنْكِرُ أَتْبَاعُهُ الشِّدَّةَ فِي انتِقَادِهِ ، وَلَقَـدْ تَعَاهَدَهُ الْمَشَايِخُ وَطَلَبَةُ العِلم بِالرِّفِقِ وَاللِّينِ طِيلَةَ الفِتنَةِ، فَانْظُر رِسَالةَ مَشَايِخِ الإصْلَاحِ إِلَى فَركُوسٍ ، وَمَا فِيهَا مِنْ رِفْقٍ بِهِ ، وَانظـرْ مَا كَتَبَهُ مرَابطٌ فِي سَلسِلَتِهِ (حِوَارٍ هَادِئٍ مَعَ الدّكتُورِ فَركُوسٍ) ، وَمَا فِيهَا مِنْ أَدَبٍ وَانتِقَاءِ عِبَارَاتٍ التَّلَطُّف، فَهَلْ نَفَعَ مِنْ ذَلِكَ الرِّفْقِ شَيْءٌ مَعَ فَركُوسٍ؟! الآن وَبَعدَ أَن تَمَادَى فِي الظُّلمِ وَالبَغْيِ يَأتِي مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الرَّدَّ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الطَّريقَةِ لَا يَنبَغِي؟! أَلَا فَاعْلَمْ أَنَّ الْحِكمَةِ هِيَ فِي استعمَالِ الرِّفقِ فِي مَوضِعِهِ وَالشِّدَةِ فِي مَوضِعِهَا ، وَقَد آنَ أَوَانُ استعمَال الشِّدةِ مَعَ فَركُوسٍ ...
    فَبَعْدَ أَنِ اشتَدَّ الْخِنَاقُ عَلَى فَركُــــــوسٍ ، وَتَوَالَتْ فَوَاجِعُهُ ( الثَّمَانِيَّةُ ) الفَظِيعَةُ لَجَأَ إِلَى استِعْمَالِ الْمَظْلُومِيَّةِ ، فَقَامَ بِتَمْثِيلِيَّةِ "مَكتَبةِ الهُولُوكُوسْت"، وَخَرَجَ إِلَى الرَّصِيفِ ؛ لِيَجْلِسَ عَلَيْهِ فِي صُورَةٍ تَأنفُ مِنهَا الطَّبَائِعُ السَّلِيـمَةِ ، إذ هيَ مِنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ وَإهَانَةِ العِلمِ ، فَمَا كَانَ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ
    ـ أَدعِيَاءِ الْحكمَةِ ـ إلَّا أَنِ انجَرَفُوا وَرَاءَ عَوَاطِفِهِم ؛ تَبَاكِيًا عَلَى فَركُوسٍ "اهـ([121])
    قُلْتُ : مَا أَغَلظَ هَذَا الكَذِبَ ! وَمَا أَشَرسَ هَذِه الْحَدَّادِيَّةَ! وقَالَ السَّلْمَانُ(ت: 1422هـ) :"وَتَجِدُ هَذَا المُتَكَبِّرُ الْمُعْجَبُ بِنَفْسِهِ شَرِسًا "اهـ([122])، أي : سَاءَ خُلُقُه ، وَاشْتَدَّ خِلاَفُهُ ، شَرِسَتْ نَفسُهُ رَدَّ عَلَيْهِ بِشَرَاسَةٍ :بِسُوء خُلُقٍ ، بِفَظَاظَةٍ ، وَخُشُونَةٍ - شَرِسُ الطَّبعِ - حَيَوَانٌ أَشْرَسُ ([123])، وقَالَ العلاَّمَــةُ رَبيع :" مَا أَبعدَ الْحَدَّادِيَّةَ عَن هَذَا الْمَنْهَجِ ... عَادَوْا أَهْلَ الْحَقِّ وَالسنَّةِ بِشَـرَاسَةٍ تَفُوقُ شَرَاسَةَ الْخَوَارِجِ الْمُحتَرِقِينَ "اهـ([124])، لَكنَّ العَابطَ ابتهَجَ بِـتَهْريجِ خَدَنِهِ ؛ فصَفَّقَ عَليْهِ قَائلاً :" قَد أَوْصَلتَ الرِّسَالَةَ بِطَرِيقَةٍ رَائِعَةٍ ، مُوَفَّقَةٍ مُختَصَرَّةٍ "اهـ([125])
    فَصَار العَابِطُ وشِلَّتُهُ الأَقْزامُ يُقَدِّرُونَ الْمَصْلَحَةَ وَالْمفْسَدَةَ ، وَيتَفَطَّنُونَ لِدَقَائِقِ الْأُمُورِ مِنْ مَصَالِحَ الدَّعوةِ ، بَلْ إنَّ هَذا مَا ابتلوا به مِنْ قَبْلُ؛ قَالَ العابط :"قدْ كُنتُ جَالِسًا مَعَ لَزْهَرَ فِي مَكتَبِ «مَوقِع التَّصْفِيَّةِ» ، وَكَانَ هَذَا قَبْلَ الفِتنَةِ بِسَنَةٍ أَو سَنَتَيْنِ عَلَى الأَكثَرِ، فَقُلتُ لَهُ: يَا شيْخُ الَّذِي أَعتَقِدُ أَنَّ مَصلَحَةَ الدَّعوَةِ في بَلَدِنَا تَقْتَضِي أَن تَضمُّوا مَعَكم آيت عِلجَت فِي «مجمَّع الإصْلَاحِ»، فَهُوَ أَوَلَى مَن جَلْوَاحَ "اهـ([126]
    بَلْ
    جَاءَنَا هذا العَابِطُ بالواضِحَةِ قَائلا :"بَعْضُ الأَخْطَاءِ كَانَت الْمَفسَـــدَةُ مُتَيَّقَنَةً لَوْ تَكَلَّمَ فِيــهَا الطَّلَبَة ؛ لأَّنَّ الطَّلَبَةَ - فِي عَهْدِ مَا قَبلَ الفِتنَةِ - كَانَ يحْرُمُ عَلَيْــهمُ الكَلاَمُ ، فَمَا فَائِدَةُ تَحذِيرِهم ، أَو كَلاَمِهم فِي مَسأَلَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالدكتُورِ فَركُوسٍ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ؟! وَأَمْرٌ آخَرَ: رُبَّمَا كَانَ الطَّالِبُ يَقِفُ أَحْيَانًا عَلَى الْخَطَأِ ، لَكِنّ لَم يَجدِ الطَّرِيقَةَ الْمُنَاسِبَةَ لِبَيَانِهِ ؛ لِهَذَا بَقَي مَكتُوفَ الأَيدِي، فَالْمَقَامُ صَعْبٌ جِدًّا جِدًّا، وَلاَ يَسْهُلُ إِلاَّ فِي نَظَرِ الْمُتَفَرِّجِ مِنْ بَعِيدٍ "اهـ([127])
    يَا عَابِطُ :إذَا حَرُمُ الكَلَّامُ عَلَى الطَّالبِ ، أَوِ افْتَقَرَ إلَى الطَّرِيقَةِ فَإنَّهُ لاَ يَحْرُمُ عَلَى العَالِمِ ، بَلْ يَجِبُ عَليْهِ ، وَلاَ يَفْتَقِرُ إلى الطَّرِيقَةِ ، بَل طَرِيقَتُهُ في النُّصْحِ أَسْلَمُ وَأَعلَم وَأَحْكمُ ، قَال الفَـوْزَانُ :" وَأُولِي الأَمْرِ هُمُ العُلَمَاءُ والأُمَرَاءُ ، فَالعُلَمَاءُ هم أُلُو الأَمْرِ مِنْ نَاحِيَّةِ أَنَّهُم يُبَلِّغُونَ عَنِ الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - مَا وَرِثُوهُ عَنْ نَبِيِّـهم مُحَمَّدٍ - صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّـمَ - مِنَ العِلمِ ... فَلَيْسُوا مِثْلَ غَيْرِهِـم مِنْ أَفرَادِ النَّاسِ "اهـ([128])

    فَإذن : لِمَاذَا لَم يَسْألِ الأَقزامُ العُلمَاءَ عَنْ أَخْطَاءِ الشَّيخِ فَركُوسٍ ؟!لأَنَّهُ - بكلِّ وُضُــــوحٍ - الزُّهْدُ الْمُبِينُ في نُصْحِ العُلَمَاء مِنْ زمَنِ فِتْنَةِ فَالِحٍ إلَى الآنَ ، وَلَقَد شَهِدَ العَابطُ عَلى قَرْنِهِ وَقَريِنهِ ؛ فَقَالَ قَبْلَ 17 سنةً:" فِي الْحَــــقِيقَةِ أَنَّ الشَّيْخَ رَبِيعًا أَوْصَـى ، وَأَعْطَى لَهُم طَرِيقَةً ، وَهِيَ : أَنَّهم إِذَا رَأَوَا أَخْطَاء مِنْ قِبَلِ هَؤُلَاءِ الطَّلَبَةِ عَلَيهِم أَنْ يَتركُوا هَذَا لأَكْبَرِهِم، وَهُوَ الشَّيخُ عَبْدُ الغَنِيّ ... أَو اكتُبُوا الأَخْطَاءَ ، وَابعثُوهَا لِي ، لَكِنَّ الشَّبَابَ لِلأَسِفِ لَمْ يَرفَعُوا رَأسًا لِكَلَامِ الشَّيْخ رَبِيع "اهـ([129])
    قُلتُ : وَمَنْ شَابَهَ مُحبَّهُ فَمَا ظَلَمَ ، قَالَ العلَّامَةُ رَبيع بن هادي :"قَدَّمُــوا لِفَالِحٍ نَصَائِحَ ... وَنَصَائِحَ لِشَبَكَتِهِ الْمُسَمَّى بـِ "الأثري"، فَمَا كَانَ مِنْ فَالِحٍ الْجَاهِلِ وَشَبَكَتِهِ إِلَّا التَّسْفِيهَ وَالطَّعْنَ فِي هَؤُلَاءِ الأَفَاضِــل([130]وَمِنْ عَـجَائِبِ غُرُورِهِ ، وَتَعَالِيهِ قَوْلُه ... :"وَالْحَامِلُ عَلَى هَذَا الرَّدِّ أَمْرٌ لَا يَسُوغُ السُّكُوتُ فِيهِ بِحـالٍ ؛ لَأَنَّهُ فِي حَقِيقَتِه ، وَنتِيجَتِه هَدْمٌ لِلدِّينِ فِي شخصي ، فَجَمِيعُ مَا افْتَرَاهُ الْمَرُدُودُ عَلَيهِ مُوَجَّــــهٌ إِلَى الطَّعْنِ فِي الدِّيَانَة بِحُجَّةٍ مُـزَوَّرَةِ ، هِيَ أَنَّنِي وَقَعَتُ فِي ضَلَالَاتٍ ، وَيُقَالُ عَنِّي:"... زَنَيْتِ ، سَـرَقَتِ "؛ فَلَوْ سَكَتُّ ، وَلَم أَرُدّ هَـذَا البَاطَلَ ، وَذَلِكَ الضَّلَالَ ، وَالعُدْوَانَ بِبَيَانِ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ إِجـْمَاعُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ كُنْتُ خَائِنًا لِدِينِي وَأُمَّتِي ، وَجَانِيًا عَلَى الإِسْلَامِ وَأَهْلهِ كَاتِمًا لِلحَقِّ ، مُقِرًّا البَاطِلَ ، جَالِبًا عَلَى نَفْسِي الكُفْرَ، وَالضَّلَالَ فِي الدُّنيَا ، وَالهَلَاكَ فِي الآخَرَةِ، وَ اللهُ الْمُستَعَانُ عَلَى مَا يَصِفُونَ "اهـ([131]).
    قلتُ :وَمَنْ شَابَهَ أَبَاهُ فَمَا ظَلَمَ ؛ قَالَ العَابِطُ:" مُعْضِلَةٌ أَلَمَّتْ بِالسَّلَفِيَّةِ تَجعَلُنِي أَتَكَلَّمُ ، وَلاَ أَسكُتُ وَلَنْ أَسْكُتَ بِإذن الله، إنّهُ دَاءُ التَّهُوُّرِ وَالعَجَلَةِ، الَّذِي يَنْتَشِرُ بَيْنَ الشَّبَابَ([132])، تَشَكَّلَتْ عِنْدِي قَنَاعَةٌ لَنْ أَحِيدَ عَنْهَا- بِإذنِ اللهِ- أَنْ بَعْضَ مَنْ يَنْتَسِبُ لِلدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ ، وَرُبَّمَا أَضحَى مِنْ مَعَارِفِنَا يجِبُ التَّحْذِيرُ مِنهُم ، فَدِينُ اللهِ أَحَقُّ بِالْحِفْظِ والصَّوْنِ([133]) اِعلَمُوا أَنَّ شَيَاطِينَ الإنسِ وَالْجِنِّ قَدِ اخْتَرَقُوا صُفُوفَ مَشَايِخِكم ، وَأَوْغَلُوا فِي الإِفسَادِ وَالتَّحْرِيشِ ، فَكُونُوا عَوْنًا لَهُم عَلَيــهِم ، وَاحْذَرُوا التَّخَاذُلَ ، وَالرُّكُونِ إِلَى كِتْمَان الْحَقِّ ، وَقُومُوا لله قَوْمَةَ الصَّادِقِيــنَ ، فَالدّعْـوَةُ السَّلَفِيَّةُ تَتَعَرَّضُ لِأَشْنَعِ الْهَجَمَاتِ ، وَأَفْتَكِهَا حاَوَلْتُ وَاجْتَهْدتُ، صَبَرْتُ وَاصْطَبَرتُ ، لَكِنَّ مَا الْحَيلَةُ ([134]كَتَبتُ ... الْحَلقَةَ الأُولَى مِنْ سِلسَلةِ: «حوار هَادِئ مَعَ الشَّيخِ محمَّد عَليِّ فَركُوسٍ - وَفَّقَهُ اللهُ -»... لَكِن لِلأَسَــفِ لَمْ نَحْـظَ بِجوَابٍ .... أَئِمَّةِ الإِسْلَامِ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى حُرمَةِ كِتْمَانِ العِلمِ ... إِلاَّ مَا تحَقَّقَتِ الْمَصْـلَحَةُ فِي كِتْمَانِهِ ، وَهِي حَالَاتٌ نَادِرَةٌ جِدًّا ... فَأُذَكَّـركَ - وَلَا عَيْبَ فِي التَّذْكِيرِ - بِأَنَّ أَسْئلِتِي يَسْتَحِيلُ أَن تَكُونَ مِن النَّوعِ الَّذي استَثَنَاهُ أَهْلُ العِلمِ فِي مَسْألةِ الكِتْمَانِ؛ لأَنّ الْمَصْلَحَةَ مَنُوطَةٌ بِالرَّدِّ عَلَيـهَا "اهـ ([135])
    قُلتُ :وَمنْ شَابَهَ مُحبَّهُ فَمَا ظَلَمَ ، حَيث رَدَّ العَلَّامَةُ رَبيعٌ عَلى فَالِحْ الْحربي قَائلًا :"وَهَكَذَا يَنَفُخُ فِي نَفسِهِ أَمَامَ الْجُهَّالِ ، وَلَا سِيَّمَا بَعِيدِي الدِّيَارِ الَّذينَ لَا يَعرِفُونَ حَقِيقَتَهُ، ثُمَّ يُهينُ أَمَامَهُم العُلمَاءَ فَيَصِفُهُم بِالكِتْمَانِ أَو الْجَهْلِ ، فَأَيْنَ بَيَانُكَ لِلنَّاسِ ، وَأَيْنَ عِلمُكَ الَّذِي نَشَرتَهُ فِي الدّنيَا أَيُّهَا العَاجِزُ الفَقِيرُ مِنَ العِلمِ وَالبَيَانِ ؟!"اهـ ([136]).
    قُلتُ : وَأَيْنَ بَيَانُ شيوخك - يَا عَابِطُ - عِنْدَمَا سَلَّطَ الشَّيخُ فَركُوسٌ « الأَضْوَاءَ عَلَى أَنَّ مَذْهبَ أَهْلِ السُّنَّة لَا يَنتَسِبُ إِلَيهِ أَهْلُ الأَهوَاءِ»؟ وَأَيْنَ هُم في ذلك اليَوْمِ مِن قَوْلِكم :"الْمَشَايِخُ وَطَلَبَةُ العِلْمِ لَم يَطْعَنُوا فِي الشَّيْـخِ الدُّكتُورِ مُحَـمَّدٍ عَليٍّ فَركُـوسٍ - وَفَّقَه الله - ، فَهُم يَعرِفُونَ مُنذُ القَدِيـم مَنْزِلَتَهُ وَمَكَانَتَهُ "اهـ([137])؟! لَكنَّ الْحَدَّادِيَّةَ لَا يَضُـرُّ عِنْدَهُم الأكَاذِيبُ ، وَالْخِيَانَاتُ ، والفُجُورُ في الْخُصُومَةِ، بَلْ يَرتَفِعُ عِندَهُم مَنْ يَفْعَلُ هَذِهِ الأَفَاعِيلُ ، وَيُوَالُونَ وَيُعَادُونَ مِن أَجْلِه([138])، وَيَنَفُخُونَ فيه بالْمَدْحِ الكَاذِبِ .
    وَكَـم ذُبِحَ هَذَا الطَّاووسُ الْمُرابِطُ - كَمَا سيأتي إن شَاءَ اللهُ - بِالْمَدْحِ والغُلُوِّ كَذِبًا وَزُورًا ؟! قَال ابن حَزمٍ(ت:456هـ):"إِن أُعْجِبْتَ بِمَدْحِ إخوَانِكَ لَك فَفَكِّرْ فِي ذَمِّ أَعْدَائِكَ إيَّاكَ ، فَحِينَئِذٍ ينجَلي عَنْك الْعُجْبُ ، فَإِنْ لَم يَكُن لَكَ عَدُوٌّ ، فَلَا خَيْرَ فِيك ، وَلَا مَنْزِلَةَ أَسْقَطُ مِنْ مِنْزِلَةِ مَنْ لَا عَدُوَّ لَهُ "اهـ([139]) ، وَقَالَ القَاسمي(ت:1332هـ):"الْقَاصِرُ الْعَقْلِ لَا يَعْلَمُ قُصُورَ عَقْلِهِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ مِقْدَارَ عَقْلِهِ مِنْ غَيْرِهِ ، لَا مِنْ نَفْسِهِ ، وَمِنْ أَعْدَائِهِ ، لاَ مِنْ أَصْدِقَائِهِ، فَإِنَّ مَنْ يُدَاهِنُهُ يُثْنِي عَلَيْهِ فَيَزِيدُهُ عُجْبًا ، وَهُوَ لَا يَظُنُّ بِنَفْسِهِ إِلَّا الْخَيْرَ، وَلَا يَفْطَنُ لِجَهْلِ نَفْسِهِ ، فَيَزْدَادُ بِهِ عُجْبًا "اهـ([140]).
    قَالَ الْمَـاوَرْدِيُّ (ت:450هـ ):" وَرُبَّمَا آلَ حُبُّ الْمَدْحِ بِصَاحِبِهِ إلَى أَنْ يَصِيـرَ مَادِحَ نَفْسِهِ ، إمَّـا لِتَوَهُّـمِهِ أَنَّ النَّاسَ قَدْ غَفَـلُوا عَنْ فَضْـلِهِ ، وَأَخَلُّوا بِـحَقِّهِ ، وَإِمَّا لِيَخْـدَعَهُمْ بِتَدْلِيسِ نَفْسِـهِ بِالْمَدْحِ وَالْإِطْــرَاءِ ، فَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ قَوْلَهُ حَقٌّ مُتَّبَعٌ ، وَصِدْقٌ مُسْتَمَعٌ ، وَإِمَّا لِتَلَذُّذِهِ بِسَمَاعِ الثَّنَاءِ وَسُـرُورِ نَفْسِهِ بِالْمَدْحِ وَالْإِطْرَاءِ، مَا يَتَغَنَّى بِنَفْسِهِ طَرَبًا إذَا لَمْ يَسْمَعْ صَوْتًا مُطْرِبًا ، وَلَا غِنَاءً مُمْتِعًا ، وَلِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ فَهُوَ الْجَهْلُ الصَّرِيحُ، وَالنَّقْصُ الْفَضِيحُ ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
    وَمَا شَرَفٌ أَنْ يَمْدَحَ الْمَرْءُ نَفْسَهُ ***** وَلَكِنَّ أَعْـمَالًا تَذُمُّ وَتَمْدَحُ"اهـ([141])
    قَالَ العَلاَّمَةُ رَبيع بن هادي : " كَثُرَ الأَدْعِيَاءُ الآنَ ، وَكَثُرَ الْمُحَاوِلُونَ لإسقَاطِ العُلَمَاءِ فَاسِتَيْقِظُـوا أَيُّـهَا الشَّبَابُ ، وَافْهَمُوا مَغَازِي هَؤُلاَءِ ، وَمَاذَا يُرِيدُون ، فَتَرَى الوَاحِدَ مِنْهُم يَصُولُ وَيَجُولُ ، كَأَنَّهُ هُوَ الوَحِيدُ إِمَامُ الإسلاَمِ ، وَرَائِدُ الأُمَّةِ الإسلاَمِيَّةِ ، وَحَامِلُ لِوَاءِ السَّلَفِيَّةِ كَثُرَ الأَدعِيَاءُ مِن هَذَا اللَّونِ بِدءً ... رَوَّجُوا لأنفُسِهِم ، وَنَفَخُوا فِي أَنفُسِهِم "اهـ([142]).
    قَالَ الفَايس بُوكيُّ العَابِطُ :" فَمَا الْحِيلَةُ - يَا قَومَنَا - وَقَدْ أَحيَانَا اللهُ فِي مِثلِ هَذَا الزَّمَنِ الَّذِي بَاتَ دُعَاةُ النَّت وَمشَايِخ الفَسْبَكَةِ يَتَوَلَّونَ استِصَلَاحَ الأُمَّةِ، وَتَوْجِيهَ النَّاشِئَةِ ...تَجِدُ هَذَا الصِّنفَ مِنَ الشَّبَابِ يَعْتَلِي مِنَصَّـــةَ التَّحْذير ، وَكَأَنَّهُ إِمامُ الدّنيَا ، قَدْ وُكِّــلَ إِليهِ تَنْبيهُ الأُمَّةِ مِنْ غَفْلَتِهَا ، فَتَرَاهُ يَصِيحُ بِنَبْرَةِ الشَّفَقَةِ ، نَاصِـحًا مُذَكِّــــرا الْمُسلِمِينَ بخطَرِ الشُّبَهِ ، وَضَرَرِ البِدَعِ ، وَالْحَقِيقَةُ تَنْجَلِي عِندمَا تَتَصَفَّحُ دَفْتَرَ سِيرتَهِ ، وَأَوَّلُ مَا يَصدِمُكَ مِقدَارُهُ مِنَ العُمرِ ، وَالتَّحصِيلِ ... هَؤُلَاءِ الشَّبَابُ الطَّائِشُونَ يُخَاطِبُونَ النَّاسَ فِي خَربَشَاتِهم ، وَكَأَنَّهُم شُيُوخُ الإِسْلَام ، وَكَأَنَّ الأُمَّــــــةَ تَنْتظُرُ بِلَهَفٍ وَشَغَفٍ تَوصيَاتِهم وَتَوجيـهَاتِهم "اهـ([143])
    لَكنَّ لَيْسَتِ النَّائِحَةُ الثَّكلَى كَالنَّائِحَةِ الْمُستَأَجَرَةِ ، فَقَدْ نَسَي العَابِطُ مَوعِظَتَهُ حَتْمًا ، وَلَم يَـجدْ لهَا عَزْمًا؛ حَيثُ أَقبَلَ يَجُرُّ ثَوبَ (العُجْبِ) خُيَلاَءَ ، وَكأنَّه طَبِيبٌ جَرَّاحٌ يُرَقِّعُ الأَشْلاَءَ ؛ أوَ يُوَقِّعُ نِيَابَةً عَنِ البَوَازِلِ الأَدِلاَّءِ ، فَقَال :"سَأُحَاوِلُ فِي هَذِهِ العُجَــالَةِ أَنْ أَمُدَّ لِلحَائِرَ - فِي ظُلُمَاتِ الزَّيْغِ - بَعْض حَبَائِلِ النَّجَــــاةِ الْمَنْسُوجَةِ مِنْ نُصُوصِ الشَّرْعِ ، وَآثَارِ السَّلَفِ تُخَلِّصِ الآخِذَ بِهَا - بِإذْنِ الله - مِنْ غَيَاهِبِ الفِتَنْ وَالشُّكُوكِ وَالأَوْهَامِ ، وَتَرْفَعُهُ إِلَى مَرَاتِبِ العَقْلِ وَالفَهْمِ وَالثَّبَاتِ »اهـ([144]).
    يَا مُنصِفُ :"هَلْ رَأَيتَ أَحَدًا أَشَدَّ إِعجَابًا، وَأَكثَرَ زَهْوًا بِنفْسِهِ مِنهُ؟ حَتَّى كَأَنَّهُ نَصَّبَ نَفسَهُ مُجَدِّدًا وَمُخلِّصًا لِهَذِهِ الأُمَّةِ مِنَ الفِتَنِ ... تَأَمَّلْ مَا تَحتَوِيهِ ، العِلاَجُ مِن الفِتَنِ تَكُونُ في عُجَالَةٍ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ بِيَدِه عَصَا موسَى ، فِي حِينٍ أَنَّ الله تَعَالَى ذَمَّ العَجَلَةَ ، وَأَيْضًا حَبَائِلُ النَّجَاةِ بِيَدِهِ ، وَكَأَنَّهُ صَاحِبُ مُوسَى الَّذِي قَالَ : ﴿ يَا قَوم اتَّبِعُونِي أَهدِكم سَبِيلَ الرّشاد، وَمنْ لَم يَتَّبِعْهُ فَالوَيْلُ لَهُ مِنَ الفِتَنِ وَالشُّكُوكِ وَالأَوهَامِ، وَأَيضًا وَثَالِثَةُ الأَثَافِي أَنَّهُ يَرفَعُ مَنِ اتَّبَعَهُ إِلَى مَرَاتِبِ العَقْلِ وَالفَهمِ وَالثَّبَاتِ ، وَ كَأَنَّ النَّاسَ فِي جُنُونٍ ، وَجَهْلٍ ، وَسَفَهٍ ، وَانْحِرَافٍ ، فَأَرَادَ هَذَا الزَّعِيـمُ أَن يُنقِذَهُم مِمَّا هُم فِيهِ ، وَ يُخَلِّصُهُم مِنهُ ، فَهَنِيئًا لِلأُمَّــــةِ الإسلاَمِيَّةِ وَ الدَّعَوِيَّةِ السَّلَفِيَّةِ مِن مُجَدِّدِهَا ، وَمُخَلِّصِهَا مِنَ الفِتَنِ ؟!
    زَعمَ الفَرَزدَقُ أَن سَيقتلُ مِرْبَعًا **** أَبْشِرْ بِطُولِ سَلاَمَــةٍ يَا مِرْبَعُ وَرَأَيتُ نَبلَك يَا فَرَزدَقُ قَصَّرَتْ **** وَرَأَيتُ قَوسَكَ لَيسَ فِيهَا مَنْزَعُ" ([145])
    قَالَ العَلاَمَّةُ رَبِيع :"الَّذِي يُنْقِذُ مِنَ الشًّدَائِدِ وَالضَّلاَلِ إِنَّمَا هُوَ رَبُّ العَالَمَينِ "اهـ([146])، وقَالَ محمُودٌ شَاكِرٌ(ت:1418ه):"أَوَ لَيْسَ مِنَ السَّخَفِ وَمِنَ الغُرُورِ أَيضًا أَنْ يَزْعُمَ امرُؤٌ أَنَّهُ يَمْلِكُ القُدرَةَ عَلَى نَفْعِ أَحَدٍ ، فَضْلًا عَنْ آلاَفِ ؟! "اهـ([147])
    قُلتُ :وَمنْ شَابَهَ مُحبَّهُ فَمَا ظَلَمَ ؛ حَيثُ ردَّ العَلَّامةُ رَبيع عَلَى فَالِحٍ الْحربيِّ قَائلاً:" انْظُر إِلَى هَذَا الْجَهُولِ الْمَغْرُورِ كَيْف يَذْهَبُ بِنَفْسِـهِ بَعِيدًا ، وَيَرْفَعُ نَفْسَهُ إِلَى مَرْتَبَةٍ عَالِيَّةٍ فَوقَ العُلَمَاءِ ، وَسَائِرِ النَّاسِ ، فَمَنْ يُنَاقِشـهُ فَإنَّمَا يَـهْدِمُ الدِّين في شَخْصِه ، وَيَرَى نَفْسْـهِ إِمَامًا لِلأُمَّـةِ ، وَشَيْخَ الإسْلَامِ وَأَهْله([148])، يَا لَهُ مِنْ إِمَامٍ عَلِمَ مَا لَمْ يَعَلَمِ العُلَمَاءُ ، وَيُبَيِّنُ مَا لَمْ يُبَيِّنُوا، وَهَكَذَا يَنفُخُ فِي نَفْسَهِ أَمَامَ الْجُهَّالِ ، ولَا ِسيَّمَا بَعِيدِي الدِّيَار الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ حَقِيقَتَه "اهـ([149])
    قُلتُ : وَهَا هُو العَابِطُ يَنفُخُ فِي نَفْسِهِ أَمَامَ الْجُـــهَّالِ ، ولَا ِسيَّمَا حَدِيثِي العَهْدِ ، الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ حَقِيقَتَه ؛ فَقَالَ :"فِتْنَةُ فَالِحٍ الْحَرْبِيّ لَا يَعْرِفُ ضَرَرَهَا عَلَى الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ إِلَّا مَنْ خَبَرَهَا ، وَقَدْ عِشتُهَا لَحْظَةً بِلَحْظَةَ ، فَوَالله الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرَهُ : إِنّي أَرَى نَفْسَهَا يَسْـرِي فِي صُفُوفِنَا "اهـ([150])
    تَأَمَّلْ - يَا مُنْصِفُ - قَوْلَهُ ( قَدْ عِشْتُهَا لَحْظَةً بِلَحْظَةَ )، وكَأنَّ هَذَا العابطَ سُـجِنَ مَعَ فَالِحٍ الْحَرْبِيّ نِكَايَةً بِهِ ، وَنَسِيَ العابطُ أَنّهُ قَالَ :"بَعْضُ الشَّبَابِ - وأَنَا وَاحِدٌ مِنْهُم - يُحبُّ الشَّيْخَ الْمُجَاهِد فالِح الْحَرْبِيَّ حُبَّا كَبِيرًا "اهـ([151])
    قُلتُ :لَكِنّ هَذَا العَابِطَ يَأَبَى الاِعْترافَ بِذَنْبِهِ ؛ وَالاِنْصرَافَ عَنْ غُروره وَعُجْبِهِ ؛ فَتأَّمَّل هذَا الفَيضَ مِنَ العُجْبِ في قَولِهِ :"كُنْتُ ضِدَّ فَالِحٍ قَبْلَ أَن يَتَكَلَّمَ فِيهِ العُلَمَاءُ ، يَومَ أَنْ كَانَ مِنْ أَعْلاَمِ السُنَّةِ يَومَ أَنْ كَانَ يُوصَفُ بِالنَّاقِدِ البَصِيرِ ، رَفَضْتُ أَحكَامَهُ ، وَعالَجْتُ قَضِيَّتَهُ بِمَا وُفِّقْتُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ ، وَبِمَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ ، قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيهِ الشَّيْخُ رَبِيعٌ "اهـ([152])
    قُلتُ : وَكَذَلِكَ كَان فَالِحٍ يَهْوَى مُخَالفةَ العُلَمَاءِ ؛ قَال العَلَّامَةُ رَبِيع:" تَعَامَى فَالِحٌ عَنْ هَذَا الوَاقِـــعِ الْمُؤْلِـــمِ ، فَيُخَالِفُ أَئِمَّةَ الإسْلامِ في عُمُومِ هَذِهِ النُّصُوصِ وَشُمُولِهَا لِكُلِّ تَقْلِيدٍ مَذْمُومٍ([153])، وَكُلُّ أَصنَافِ أَهْلِ العِلمِ يَتَّبِعُونَ أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ وَيَقْتَدُونَ بِهِمِ ، وَيَرْجِعُونَ إِلَيـهِم فِي جَــــــرْحِ أَهْلِ البِدَعِ وَغَيْرِهِم ؛ حَتَّى جَاءَ فَالِحٌ ، فَأَخْرَجَ أَهْلَ البِدَعِ عَنْ جَرْحِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ([154])، فَأَيُّ احْتِرَامٍ وَتَقْدِيرٍ عِنْدَ هَذَا الأَهْوَجِ الْمُتَهَوِّرِ لِلعُلَمَاءِ السَّابِقِينِ وَقَوَاعِدِهم، فَضْلاً عَنِ العُلَمَاءِ الْمُعَاصِرِينَ الَّذِينَ مَا أَبْقَى أَحَدًا مِنهُم([155])، غُلُوُّ السُّبكِيّ كَانَ فِي أَفضَلِ البَشَرِ مُحمَّدٍ - صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ -... أمَّا فَالِحٌ فَغُلُوُّهُ فِي نَفْسِهِ الْجَاهِلَةِ الظَّالِمَةِ الغَبِيَّةِ ... أكثَرَ مِنَ النَّقْلِ جِدًّا ؛ لِيُوهِمَ النَّاسَ أَنَّ رَبيِعًا خَالَفَ أَهْلَ العِلْمِ الْمَنقُولَ عَنهُم ؛ مَعَ أَنَّ رَبِيعًا هُوَ الْمُوَافِقُ مَائَةٌ فِي الْمَائَةِ لِهَؤُلَاءِ العُلمَاءِ فِي التَّقلِيدِ وَالاتِّبَاعِ وَالاِجتِهَادِ وَغَيرِهَا مِنَ الأُمُورِ العَقَدِيَّةِ وَالْمَنهَجِيَّةِ وَالعِلْمِيَّةِ "اهـ([156])
    لَكِـنَّ العَابِطَ يَأَبَى الاِعْترافَ بِذَنْبِهِ ؛ وَالاِنْصـرَافَ عَنْ عُـجْبِهِ ؛حَيثُ دَافع عن نفسه قَائِلاً:" أمَّا مَا قُلتُهُ ... فِي هَذِهِ الفِقرَةِ ، فَهُوَ لاَ يَخرُجُ عَنِ اتّهَامِي في نِيَّتِي ، وَالتَّشْكِيكُ فِي قَصْدِي "اهـ([157]). قُلتُ :قَالَ العَلَّامةُ رَبِيع :"قَدْ تَقُولُ مَا قَصَدتُ ، وَمَا أَقصْدُ كَذَا، فَنَقُولُ هَذَا الأَمْرُ نَكِلُهُ إِلَى اللهِ وَلَنَا الظَّاهِرُ "اهـ([158])، قَالَ الشَّيخُ جُمُعَةُ :"نَصَّبَ نَفْسَهِ مُجَدِّدًا ، وَمُنَظّرًا، وَمُجْتَهِدًا ، وَمُخَلِّصًا وَهَادِيًا ... وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى صَفَحَاتِ كَلاَمِهِ لِمَنْ عَقِلَ ... قَالَ ابنُ القَيِّم فِي نُونِيتِه :
    وَالنَّاسُ أكثرُهُم فَأَهْلُ ظَوَاهِرُ ***** تَبْدُو لَهُم لَيسُوا بِأَهْلِ مَعَانِ
    فَهُمُ القُشورُ وَبِالقُشُورِ قِوَامُهُم ***** وَاللُّبُ حَظُّ خُلاَصَةِ الإنسَانِ "اهـ([159])
    وَفي قِصَّةِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ جَاءَ عَبدَ الله بن مَسْعُودٍ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْـمَنِ ، إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْـرًا أَنْكَرْتُهُ ... رَأَيْتُ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًـا يَنْتَظِـرُونَ الصَّــلَاةَ فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ ، وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًا ، فَيَقُولُ : كَبِّرُوا مِائَةً، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً ... فَأتَى عَبدُ اللهِ بن مَسعود حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ ، فَقَالَ :"مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟"، قَالُوا :"يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ ، وَالتَّـهْلِيلَ ، وَالتَّسْبِيـحَ"، قَالَ: ... وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّكُـمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ"، قَالُوا :"وَاللَّهِ - يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ - مَـا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ "، قَالَ : " وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ ..."، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ - رَضِي اللهُ عَنْهُ - :" رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ "اهـ([160]).
    وَهَا هُوَ العَابِطُ يَعَتَذِرُ بِحُسنِ قَصْدِهِ ، ثمَّ عَالَجَهُ الزَّمَــــانُ ، فَصَار يُطاعِنُ العَلَّامَتَيْنِ الْمُحَمَّدَيْنِ مَعَ الْحَدَّاديَّةِ الْخَوَارِجِ ، قَالَ العَلَّامَةُ محي الدِّينِ :"صَعَافَقَةُ العَصْرِ هُم خَوَارِجُ العَصْرِ "اهـ([161]).
    لَكِـنَّ هَذَا العَابِطَ يَأَبَى الاِعْترافَ بِذَنْبِهِ ؛ وَالاِنْصرَافَ عَنْ عُجْبِهِ ؛ حيثُ دَافَع عَنْ نَفْسِــه قَائِلاً :"أَنَا قُلتُ :(سَأُحَاوِلُ فِي هَذِهِ العُجَالَةِ أَنْ أَمُدَّ لِلحَائِرِ ... )، فَخِطَابِي كَانَ مُتَّجِهًا أَصَالَةً لِلحَائِرِ ، وَلَيْسَ لِلأُمَّةِ ، وَأكَّدتُ أَنّي ( سَأُحَاوِلُ ) ، وَلَم أَجْزِمْ "اهـ([162]).
    قُلتُ :أَليسَ الْحَائِرُ مِنَ الأُمَّةِ؟! وَهَلِ النَّاجي يَسألُ النَّجَاةَ ؟! فَلَوْ شَكَكَتْ، أَو تَوَهَّمتَ تَحصِيلَ شَيء مَا قُلتَ أَبَدًا (سَأُحَاوِلُ) ؛ لأَنَّ "تَقْوِيَّةَ بَاعِثِ الدِّينِ يَكُونُ بِأُمُورٍ ، مِنْهَا : كَفُّ البَاطِلِ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ ، وَإذَا مَرَّتْ بِهِ الْخَوَاطِـــرُ نَفَاهَا ، وَلَا يُؤْوِيهَا ويُسَاكِنُهَا ، فَإِنَّهَا تَصِيرُ أَمَانِي ، وَهِيَ رُؤُوسُ أَمْـوَالِ الْمَفَالِيسِ ، وَمَتَى سَاكَنَ الْخَوَاطِرَ صَـارَتْ أَمَانِي ، ثُمَّ تَقْوَى ، فَتَصِيـرُ هُمُومًا ، ثُمَّ تَقْوَى، فَتَصِيرُ إرَادَاتٍ، ثُمَّ تَقوَى ، فَتَصِيرُ عَزْمًا يَقْتَرِنُ بِهِ الْمُرَادُ ([163]) ، وَالعَزْمُ: مَا عَقَدَ عَلَيْهِ القَلْبُ أَنَّكَ فَاعِلُهُ ، أَوْ مِنْ أَمْرٍ تَيَقّنْتَهُ([164]وَحَزَم في رَأْيِهِ ، أَو فِي أَمْرِهِ :ضَبَطَهُ وَأَتقَنَهُ ، وَأَظْهَرَ عَزِيـمَتَهُ فِيهِ([165]).
    لَكِـنَّ العَابِطَ يَأَبَى الاِعْترافَ بِذَنْبِهِ ؛ وَالاِنْصرَافَ عَنْ عُـجْبِهِ ؛حَيثُ قَال :" الكُلُّ يَعْرِفُ ، وَيذكُرُ حَمْلَةَ (وَقفَةِ اعتِبَارِ؛ لتَصْحِيحِ مَسَارِ)، قُلتُ فِيهَا -بِكُلِّ تَأكِيدٍ- أكثَرَ مِمَّا قُلتُهُ فِي (بَلَاسِمِ الْجِرَاحِ ) فَلِمَاذا أَيّدَنِي الشَّيخُ جُمُعَةُ يَومَهَا فِي تِلكَ الْحَمَلةِ ، وَامتَدَحَ كِتَابَاتِي وَقْتَهَا ...؟! "اهـ([166]) قُلتُ : ولِمَاذَا نَافَحَتَ عَن (تَصحِيحَ الْمَسَارِ([167])، بَل مَدَحتَه مَدحًا يُتَرْجِمُ عَنْ نَفْسٍ تَفِيضُ عُـجْبًا بِعمَلِهَا ، فَقُلتَ :"إِنَّ العُقَلاَءَ وَالعُلَمَاءَ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى مضَامِينِ مَقَالِي ، فَبِاللهِ عَلَيكِ، هَل تَظُنُّهَا مِنَ الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ الَّتِي تَتَعَارَضُ فِيهَا الفُهُومُ ؟ وَتَجتَهِدُ فِيهَا الآرَاءُ؟" اهـ([168])؟!، وَكَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَنْ يُعْجَبَ بِعَمَلِهِ([169])، أَمَّا الشَّيخُ جُمعَةُ فَقَد قَالَ:" كُنتُ فِي أَوَّلِ الأَمْرِ أثنِي عَلَى مُرَابِط وَأحْتَرِمهُ وَأُدَافِعُ عَنهُ ، وَأُحْسِنُ الظَنَّ بِهِ ؛ بَل لَعَلَّي كُنْتُ سَبَبًا فِي إِيقَافِ الرُّدُودِ عَلَيْهِ بَعدَ كِتَابَتَهِ لِمَقَالِ « تَصحِيحِ الْمَسَارِ »"اهـ([170])، فَأَيْنَ التأييد ؟!
    لَكِـنَّ العَابِطَ يَأَبَى الاِعْترافَ بِذَنْبِهِ ؛ وَالاِنْصرَافَ عَنْ عُـجْبِهِ ؛حَيثُ قَال :" مَقَالُ (بَلَاسمِ الْجِرَاحِ) نَشَرتُهُ ، وَقَدْ رَاجَعَهُ ثُلَّةٌ مِنْ طَلَبَةِ العِلمِ ، وَقَدْ تَلَقَّاهُ أكثَرَ القُرَّاءِ بِالقَبُولِ ، وَتَعْليِقَاتُهم شَاهِدَةٌ ، وَلاَ غَرَابَةَ مِنْ ذَلِكَ ؛ لأَنَّ قِرَاءَتَهم لِلمَنْشُورِ كَانَت قِرَاءَةً خَالِيَّةً مِنْ كُلِّ تَوَجُّهٍ مُسْبَقٍ "اهـ([171])
    قلتُ : قَولُكَ (خَالِيَّةً مِنْ كُلِّ تَوَجُّهٍ مُسْبَقٍ) يَقْتَضِي الِاطْلَاعَ عَلَى الصُّدُورِ ،"وَإِن أُعْجِبْتَ بِمَدْحِ إخوَانِكَ لَك فَفَكِّـــــرْ فِي ذَمِّ أَعْدَائِكَ إيَّاكَ ، فَحِينَئِذٍ ينجَلي عَنْك الْعُجْبُ "اهـ([172])، لَكِـنَّ العَابِطَ يَأَبَى الاِعْترافَ بِذَنْبِهِ ؛ وَالاِنْصــرَافَ عَنْ عُـجْبِهِ ؛ فَقَالَ :" كَانَتِ النَّجَاةُ مُتَحَقّقَةً فِي تِلكُــــم الْحَبَائِل كَونُهَا: «مَنسُوجَةً مِن نُصُوصِ الشَّرعِ وَآثَارِ السَّلَفِ»، فَهَل تَشُكُّون فِي ذَلِك؟!"اهـ([173])
    قُلتُ : وَإنَّمَا الشَّكُّ في عَقْلِ مَنْ قَالَ (أَمُــدُّ) وَهُوَ مَعْلُولٌ ، إلَّا أن تَكُونَ تلِكَ (الْحَبَائِلُ) نَسَجتْ نَفسَهَا بِنَفْسِهَا ، وَمتَى رأتِ (الْحَائِرَ) اِمتَدَّت إليه مَدًّا ، فأينَ عَقْلُكَ ؟! صدَقَ مَنْ قَالَ :"إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ دَلِيلٌ عَلَى ضُعْفِ عَقْلِهِ "اهـ([174]وَالسَّفِيهُ : الْخَفِيفُ العَقْل([175]وَالْعَاقِل هُوَ مَنْ مَيَّزَ عُيُوبَ نَفسِهِ ، فَغَالَبَـهَا ، وَسَعَى فِي قَمْعِهَا ، وَالأَحمَقُ هُوَ الَّذِي يَجهَلُ عُيُوبَ نَفسِهِ ، إِمَّا لقِلَّة عِلمِهِ وَتَمْيِيزِه ، وَضُعْفِ فِكرَتِهِ ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ أَنَّ عُيُوبَهُ خِصَالٌ ، وَهَذَا أَشَدُّ عَيْبٍ([176]وَأكْثَرُ «مَصَارِعِ العُقُولِ» تَحْتَ بُرُوقِ الْمَطَامِعِ([177]). وَمِنْ أَظهَرِ مَطَامِعِ العَابِطِ وَشلَّتهِ :«نَيْلُ الرِّيَاسَةِ»، وَقد قَالُوا قَديـمًا :"لَا تَرَى الْمُعْجَبَ إِلَّا طَالِبًا لِلرِّئَاسَةِ([178]وَمَنْ تَطْمَحُ بِهِ عِزَّةُ الرِّيَاسَةِ ، وَطاعَةُ الإخْوانِ ، وحُبُّ الشُّهْرةِ ، فَلَيسَ يَرُدُّ عِزَّتَهُ وَلاَ يُثِنِي عِنَانَهُ ، إلاَّ الَّذي خَلقَهُ إن شَاءَ، لأنَّ في رُجُوعِهِ إِقرَارُهُ بِالغَلَطِ، وَاعتِرَافُه بِالِجَهْلِ ، وَتَأْبَى عَلَيهِ الأَنَفَةُ، وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا تَشتُّتِ جَمْعٍ ، وَانقِطَاعُ نِظَامٍ ، وَاختِلاَفُ إِخْــوَانٍ ، عَقَدَتْهُم لَهُ النِّحْلَةُ وَالنُّفُوسُ لاَ تَطِيبُ بِذَلِكَ، إلاَّ مَن عَصَمَهُ الله وَنَجَّاهُ([179])، وقَالَ الَعَلَّامةُ رَبيعٌ :"مِنْ مَنهَجِ فَالِحٍ أَنَّهُ لَا يَعْتَرِفُ بِأَخْطَائِهِ الْجَسِيـمَةِ ، وَيَسْتَحِيلُ عِندَهُ الاِعترَافُ بِأَخْطَائِهِ ، وَإعــــلَانُ تَوْبَتِهِ ، وَرُجُوعِهِ عَنهَا ؛ لأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَشَدِّ العُيُوبِ فِي الْمَنْهَج الْحَدَّادِيُّ "اهـ([180])، وَمَنْ شَابَهَ مُحِبَّهُ فَمَا ظَلَمَ ، قَالَ الشَّوكَانيُّ(ت:1250هـ) :"قَبَحَ اللهُ الْجَهْلَ ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا جَعَلَهُ صَاحِبَهُ شَرْعًا وَدِينًا لَهُ وَلِلمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّهُ طَاغُوتٌ عِنْدَ التَّحْقِيقِ ، وَإِنْ سُتِرَ مِنَ التَّلْبِيسِ بِستِرٍ رَقِيقٍ "اهـ([181])، مِنْ مِثْلِ مَا يَتَصَنَّعَهُ «طَاوُوسُ الصَّعَافِيقِ» ، فَالّلهَ نسألُ التَّوفيقَ ، وَيجَنِّبَنا بُنَيَّاتِ الطَّريقِ ،آمين .

    ( يُتبعُ) إن شَاءَ الله تعَالَى .

    ([1])(الفوائد ص155 ) ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ)
    ([2])( مفتاح دار السعادة 1/88 ) ابن قيم الجوزية (ت : 751هـ )
    ([3]) (مفتاح دار السعادة 1/116 ) ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ)
    ([4])(الفوائد ص155 ) ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ)
    ([5])(الفوائد ص 136 ) ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ)
    ([6]) (نونية ابن القيم ص 280 )
    ([7])( مَجموع الفتاوى 5/83 ) ابنُ تَيْميَّةَ (ت:728هـ) .
    ([8])( مَجموع الفتاوى 6/389 ) ابنُ تَيْميَّةَ (ت:728هـ) .
    ([9])(النبوات 1/557 ) ابن تيمية (ت: 728هـ )
    ([10])انظر (الأيام الزاهية الزاهرة في مطلع الوقت جزء من العلاج ) الحلقة الرابعة ، منتديات الإبانة .
    ([11]) (نونية ابن القيم ص 151 )
    ([12]) (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 182 ) عبد الرحمن السعدي (ت: 1376هـ)
    ([13]) (تفسير الجلالين ص 703 )
    ([14]) (جامع بيان العلم وفضله 1/ 569 ) ابن عبد البر الـمَالكي (ت: 463هـ)
    ([15])(الفوائد ص155 ) ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ)
    ([16])(مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين 1/422 ) ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ)
    ([17])(الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام 6/151 )أبو القاسم السهيلي (المتوفى: 581هـ)
    ([18]) ( الفقيه و المتفقه 2/150 ) الخطيب البغدادي ( ت : 463 هـ ) .
    ([19]) (مفاتيح الغيب 7/68) فخر الدين الرازي (ت: 606هـ) قَال الفوزان :"تفسير الرازي أغلبه مبني على علم الكلام والمنطق والجدال فيه اشياء كثيرة منتقدة عليه ، ولكن لا يمنع أين يكون مع هذا فيه بعض الفوائد ، فطالب العلم المتمكن يقرأ فيه ، ليستفيد فيه مما فيه من الفوائد ، ويتجنب ما فيه من الأخطاء "( مقطع يوتيوب بعنوان يسأل عن تفسير الرازي )
    ([20]) (الأخلاق والسير في مداواة النفوس 1/23 ) ابن حزم (المتوفى: 456هـ)
    ([21]) (نمنقول من مقال (‏ و تتوالى البشائر و لله الحمد ، تزكيات لمشايخنا أسود السنة في الجزائر) منتديات التصفية والتربية .
    ([22]) (هذا ما قاله فقيد أهل السنة يوسف الدخيل- رحمه الله - في الشيخ فركوس ) محمد مرابط ، منتديات التصفية والتربية .
    ([23]) في عام 1433 ه / 2012 م - ( هذا ما قاله فقيد أهل السنة يوسف الدخيل .. ) لأبي معاذ محمد مرابط
    ([24])( العواصم والقواصـم 2/130 ) ابن الوزير ( ت : 840هـ)
    ([25])( معجم مقاييس اللغة 1/490 ) ابن فارس (ت: 395هـ)
    ([26])(المحكم والمحيط الأعظم 4/221 ) ابن سيده [ت: 458هـ]
    ([27])(تهذيب اللغة ) أبو منصور الأزهري ، (المتوفى: 370هـ)
    ([28])(بدائع الفوائد 4/131 ) ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
    ([29])( المحكم والمحيط الأعظم 4/166 ) ابن سيده [ت: 458هـ]
    ([30]) (الفروق اللغوية 204 ) أبو هلال الحسن العسكري (ت: نحو 395هـ)
    ([31])(تهذيب الأخلاق ص29 ) الجاحظ (المتوفى: 255هـ) ،( نضرة النعيم 10 /4868 ) عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد
    ([32]) (تيسير اللطيف المنان ص63 ) عبد الرحمن آل سعدي (ت: 1376هـ)
    ([33]) (الدر المنثور 6/ 274 ) عبد الرحمن السيوطي (ت: 911هـ)
    ([34]) (فتح القدير 4/ 99 ) محمد الشوكاني (ت: 1250هـ)
    ([35])(نصيحة وتوجيه إلى منتدى التصفية والتربية) ، أما الآن فيسمى منتديات الابانة .
    ([36]) (كشف أكاذيب وتحريفات وخيانات فوزي البحريني ص 50 ) العلامة د/ ربيع بن هادي .
    ([37]) (النهج الثابت الرشيد ... ص 41 ) العلامة د/ ربيع بن هادي .
    ([38])(كشف أكاذيب وتحريفات وخيانات فوزي البحريني ص 64 ) العلامة د/ ربيع بن هادي ..
    ([39])(رد الصارم المصقول ... (نقد لفالح الحربي) ص 28 )العلامة د/ ربيع بن هادي .
    ([40])وصَفَ به الشَّيخُ الدّكتُور محمَّد رَبيعٍ الشيخ محمد بن هادي ، فقَال:" نَعتَبرِهُ نُسْخَةً مِن الشّيخِ رَبِيـعٍ ، أَنا وَلَدُ الشَّيْخِ رَبيعٍ ، لَكنّ الشَّيْخَ محَمَّدًا أَشبَهَ بِه مِنِّي فيِ سُلُوكهِ ، وَمَنْهَجِهِ ، وَعِلمِهِ - وَفَّقَهُ الله - أَقُولُها حَقيقةً جِـهَارا نَـهَارًا " اهـ، صوتية بعنوان "جديد ثناء الشيخ محمد بن ربيع المدخلي على الشيخ محمد بن هادي " اصدار قناة نصرة الأئمة الأخيار .
    ([41]) ( صوتية ) كلمة موجهة لطلاب العلم بمدينة رداس التونسية
    ([42]) (مختصـر تاريخ دمشق لابن عساكر 26 /397 ) ابن منظور (ت: 711هـ)
    ([43])( شرح وصايا لقمان الحكيم لابنه ص 19 ) العلامة د. / ربيع بن هادي .
    ([44])( صحيح مسلم رقم 15 )
    ([45]) (زاد المعاد 3/532 ) ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ )
    ([46])(روضة العقلاء ص121 ) ابن حبان (ت: 354هـ)
    ([47])(روضة العقلاء ص216 ) ابن حبان (ت: 354هـ)
    ([48])(المفردات في غريب القرآن ص548 ) الراغب الأصفهانى (ت: 502هـ)
    ([49])(مفاتيح الغيب 22/145 ) فَخر الدين الرازي (ت: 606هـ)
    ([50])(معاني القرآن وإعرابه 3/392 ) أبو إسحاق الزَّجاج (المتوفى: 311هـ)
    ([51])(مفاتيح الغيب 22/145 ) فَخر الدين الرازي (ت: 606هـ)
    ([52])(فتحُ البيان 7/361 ) أبو الطيب محمد صديق خان (المتوفى: 1307هـ)
    ([53])(غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني ) أحمد الكوراني الشافعيّ ثم الحنفي (المتوفى: 893هـ)
    ([54]) (نصيحة وتوجيه إلى منتدى التصفية والتربية ) للعلامة د. محمد علي فركوس .
    ([55]) (المآخذ على البيان الأخير لرجال مجلة الإصلاح ـ أصلحهم الله ـ ) العلامة د/ محمد علي فركوس ،أرشيف منتديات الإبانة .
    ([56]) (مفاتيح الغيب 21/486) فخر الدين الرازي (ت: 606هـ) قَال العلامة صالح بن فوزان الفوزان :"تفسير الرازي أغلبه مبني على علم الكلام والمنطق والجدال فيه اشياء كثيرة منتقدة عليه ، ولكن لا يمنع أين يكون مع هذا فيه بعض الفوائد ، فطالب العلم المتمكن يقرأ فيه ، ليستفيد فيه مما فيه من الفوائد ، ويتجنب ما فيه من الأخطاء "( مقطع يوتيوب بعنوان يسأل عن تفسير الرازي )
    ([57])(مختار الصحاح 1/173 ) الرازي (ت: 666هـ)
    ([58])(نظم الدرر16/231 ) إبراهيم البقاعي (ت: 885هـ)
    ([59]) (تفسير المنار11/49) محمد رشيد رضا (ت: 1354هـ)
    ([60])( تفسير غريب ما في الصحيحين 1/ 374 ) محمد بن فتوح (ت: 488هـ)
    ([61])( شمس العلوم 7/4219 ) نشوان الـحميرى(ت: 573 هـ)
    ([62])(اللطائف والظرائف ص 253 ) أبو منصور الثعالبي (ت: 429هـ)
    ([63])(الفقيه و المتفقه 2/156 ) أبو بكر الخطيب البغدادي (ت: 463هـ)
    ([64])( الموقع الرسمي العلامة الشيخ عبد الرزاق البدر )
    ([65]) (ركوب المغمّضة والمعمّة ) الشيخ د / صالِح الكشبور ، أرشيف ( منتديات الإبانة )
    ([66])(اللطائف ص 257 ) الثعالبي (ت: 429هـ)، تنبيه : ورد في ( اللطائف : بئس الدار ، والصحيح بئس الداء انظر ( يتيمة الدهر 4/327 ) ) ، ووردت : الرائضان بدل الراكضان .
    ([67]) (أئمة الجرح والتعديل هم حماة الدين ص30) العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([68])(تهذيب الأخلاق ص29 ) الجاحظ (المتوفى: 255هـ) ،( نضرة النعيم 10 /4868 ) عدد من المختصين بإشراف الشيخ/ صالح بن عبد الله بن حميد
    ([69]) (الذريعة إلى مكارم الشريعة 1/243 ) الراغب الأصفهاني (ت : 502هـ)
    ([70]) (معونة المحتاج على فضح أهل اللجاج ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية ) .
    ([71])(زجرُ الوسواس وتأديبُ الخمّاس الحلقة 02 ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([72]) (المُدهِش من خَبَرِ إبراهيم بويران ص3 )محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([73]) ( موارد الظمآنِ 4/82 ) عبد العزيز السلمان (المتوفى: 1422هـ)
    ([74]) (هل يجوز التنازل عن الواجبات مراعاة للمصالح والمفاسد ... ص10 ) العلامة د/ ربيع بن هادي .
    ([75]) (حوار هادئ مع الشيخ الدكتور محمد علي فركوس –وفقه الله- 01 ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([76]) (حوار هادئ مع الشيخ الدكتور محمد علي فركوس –وفقه الله- 02 ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([77]) (حوار هادئ مع الشيخ الدكتور محمد علي فركوس –وفقه الله- 03 ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([78]) (حوار هادئ مع الشيخ الدكتور محمد علي فركوس –وفقه الله- 04 ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([79]) (حوار هادئ مع الشيخ الدكتور محمد علي فركوس –وفقه الله- 05 ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([80]) (شرح الأربعين النووية ص 120) العثيمين (ت: 1421هـ)
    ([81])(كلمة في التوحيد... وتعليق على بعض أعمال الحدادية الجديدة ص 13 ) العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([82]) (هل يجوز التنازل عن الواجبات ... ص 4 ) العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([83]) ( أضواء البيان 9/165 ).محمد الأمين الشنقيطي (ت: 1393هـ)
    ([84]) ( موارد الظمآنِ 4/82 ) عبد العزيز السلمان (ت: 1422هـ)
    ([85]) ( ما أحلى صماتك يا ابن هادي ص 3 ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([86]) ( ما أحلى صماتك يا ابن هادي ص 8 ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([87]) ( براءة الأمناء ص 26 ) العلامة ربيع بن هادي
    ([88])(نصيحة إلَى فالِحٍ الحربيّ وكتّاب شبكةِ الأثري ) منتديات الآجري
    ([89]) (جامع بيان العلم وفضله 1/569 ) ابن عبد البر (ت: 463هـ)
    ([90]) التِّيهُ : قَرِيبٌ مِنَ العُجْبِ ، لَكِنَّ الْمُعْجَبَ يُصَدِّقُ نَفْسَهُ فيـمَا يَظُنُّ بِها وَهْمًا ، وَالتَايِهُ يُصَدِّقُهَا قَطْعًا كَأَنَّهُ مُتَحَيِّرٌ فِي تِيهٍ ( الذريعة إلى مكارم الشريعة 1/218 ) الراغب الأصفهانى (المتوفى: 502هـ)
    ([91]) (الأخلاق والسير في مداواة النفوس ص 75 ) ابن حزم الظاهري (ت : 456هـ )
    ([92]) ( مجمع الأمثال 1/ 327 ) أبو الفضل الميداني (المتوفى: 518هـ)
    ([93])(زهر الأكم في الأمثال والحكم 2/124 ) اليوسي (المتوفى: 1102هـ)
    ([94])( المعجم الوسيط 2/ 570 )
    ([95])(ربيع الأبرار ونصوص الأخيار1/272 ) جار الله الزمخشري (ت :583 هـ)
    ([96])(مباهج الفكر ومناهج العبر ص 91 ) للمعروف بالوطواط (المتوفى: 718هـ)
    ([97])(التمثيل والمحاضرة ص 128 ) أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
    ([98])( مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي 7/314 ) أحمد نجيب
    ([99])قيل إنه لشاعر مصري قبطي يدعى عبد الله جرجس (ت: 1273 هـ )
    ([100]) ( مجمع الأمثال 1/ 154 ) أبو الفضل الميداني (المتوفى: 518هـ)
    ([101])( التويتر) في :23/01/2021 م .
    ([102]) تغريدة في (06 فبراير 2018 م )
    ([103]) (الذريعة إلى مكارم الشريعة 1/217 ) الراغب الأصفهانى (المتوفى: 502هـ)
    ([104]) (نصيحة وتوجيه إلى منتدى التصفية والتربية ) العلامة د. محمد علي فركوس ، أرشيف منتديات الإبانة .
    ([105]) ( التحرير والتنوير 2/312 ) محمد الطاهر عاشور التونسي (ت: 1393هـ)
    ([106]) ( موارد الظمآنِ 4/82 ) عبد العزيز السلمان (المتوفى: 1422هـ)
    ([107]) (حِوار هَادِئ مَعَ الشَّيخِ محمَّد عَليِّ فَركُوسٍ - وَفَّقَهُ اللهُ- ) الحلقة 02 ./ محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([108]) ( تصحيح المسار ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية) في 13 شوال 1438 .
    ([109]) (وقفة اعتبار لتصحيح المسار! - يا هذا أشفق على نفسك! ص 3 ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية) .
    ([110]) (ركوب المغمّضة والْمعمّة ) الشيخ الدكتور صالح الكشبور أرشيف الإبانة
    ([111]) (جامع البيان في تأويل القرآن 12/547 ) أبو جعفر الطبري (ت: 310هـ)
    ([112]) (الجواهر الحسان في تفسير القرآن 3/152 ) أبو زيد عبد الرحمن الثعالبي (ت: 875هـ)
    ([113]) (مجمع الأمثال ) أبو الفضل الميداني (ت: 518هـ)
    ([114]) ( موارد الظمآنِ 4/82 ) عبد العزيز السلمان (ت: 1422هـ)
    ([115]) (إحياء علوم الدين 3/375 596) أبو حامد الغزالي الطوسي (ت: 505هـ)
    ([116]) (الذريعة إلى مكارم الشريعة 1/218 ) الراغب الأصفهانى (ت: 502هـ)
    ([117]) قاله الشاعر محمد البِزِم ، (ذكريات) الكاتب الطنطاوي (ت: 1420هـ).
    ([118]) منقول من مقال (‏ و تتوالى البشائر و لله الحمد ، تزكيات لمشايخنا أسود السنة في الجزائر) منتديات التصفية والتربية
    ([119]) ( طليعة النقد العلمي ) منتديات (التصفية والتربية )
    ([120]) (سماحة الشريعة الإسلامية وملحق به حكم التنازل عن الواجبات ص 15) العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([121])(هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاس : حَولَ التَّحذِيرِ مِن فركُوس وَفِتنَتِه أبو حـاتم البُلَيْـدِي 07 ربيع الآخر 1441) منتديات (التصفية والتربية)
    ([122]) ( موارد الظمآنِ 4/82 ) عبد العزيز السلمان (ت: 1422هـ)
    ([123]) (معجم اللغة العربية المعاصرة 2/ 1185 ) د أحمد عبد الحميد عمر (ت: 1424هـ) بمساعدة فريق عمل
    ([124]) (كشف أكاذيب وتحريفات وخيانات فوزي البحريني ص 159 ) د . العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([125])تنبيه : هذَا التعليق وقع على ما ورد في مقال أبي حاتم (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاس .. ) منتديات (التصفية والتربية)
    ([126])(القطعة النّادرة من أيّام آيت علجت الغابرة) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([127]) انظر تعليقَ الْمُرَابِــط على مقال : ( لِمَاذا لَـم تظهر أَخطاء الدكتور فركُوس قبل الفتنة ؟! ) منتديات (التصفية والتربية )
    ([128]) صوتية مفرغة (واجبنا تجاه ولاة الأمر والعلماء ) الموقع الرسمي صالح الفوزان
    ([129]) صوتية ( جاءتكم الواضحة الدقيقة 16 ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([130])(رد الصارم المصقول ص 6 ) العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([131]) (النهج الثابت الرشيد في إبطال دَعَاوَى فالح ص 8) العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([132]) (التنكيل بما كَتبَه مُريد لزهر (بويران ) من الأباطيل الحلقة 01 ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([133]) (التنكيل بما كَتبَه مُريد لزهر (بويران ) من الأباطيل الحلقة 01 ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([134]) (رسالة إلى خالد حمودة ، ومن كان على شاكلته ) للشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة .
    ([135]) (حِوار هَادِئ مَعَ الشَّيخِ محمَّد عَليِّ فَركُوسٍ - وَفَّقَهُ اللهُ- ) الحلقة 02 ./ محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([136]) (هل يجوز التنازل عن الواجبات مراعاة للمصالح والمفاسد وعند الحاجات والضرورات ص10) العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([137]) بيان ( إحقاق الحق ) بواسطة .
    ([138]) (كشف أكاذيب وتحريفات وخيانات فوزي البحريني ص 103 ) العلامة د/ ربيع بن هادي .
    ([139])(الأخلاق والسير في مداواة النفوس ) أبو محمد علي بن حزم القرطبي الظاهري (المتوفى: 456هـ)
    ([140]) ( موعظة المؤمنين ص 255 ) جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ)
    ([141]) (أدب الدنيا والدين ص241 ) أبو الحسن الماوردي (ت: 450هـ)
    ([142])( كلمة توجيهيه وتحذير من الأدعياء ) للعلامة د. / ربيع بن هادي ت
    ([143])(معونة المحتاج على فضح أهل اللجاج ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([144])« بَلاَسِـمِ الْجِرَاحِ» محمد مرابط بواسطة مقال ( رسالة إلى حمودة ومن كان على شاكلته ) للشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة
    ([145]) (رسالة إلى خالد حمودة ومن كان على شاكلته ) الشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة
    ([146]) (مناقشة فالح في قضية التقليد ص 2 في الهامش ) العلامة د / ربيع بن هادي
    ([147]) (جمهرة المقالات ص 599 ) محمُودٌ شَاكِرٌ(ت:1418هـ)
    ([148]) (النهج الثابت الرشيد في إبطال دَعَاوَى فالح ص 9) العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([149]) (هل يجوز التنازل عن الواجبات مراعاة للمصالح والمفاسد ... ص10 ) العلامة ربيع بن هادي
    ([150]) في 10/01/2016 .
    ([151])( رسالة خطية كتبها مرابط منشورة في النت )
    ([152]) صوتية بعنوان (جاءتكم الواضحة )محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([153]) (النهج الثابت الرشيد في إبطال دَعَاوَى فالح ص 16) العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([154]) (أهل البدع يدخلون في جرح أئمة الحديث ص 14)العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([155]) (هل يجوز التنازل عن الواجبات مراعاة للمصالح والمفاسد ص 9 )العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([156])( النهج الثابت الرشيد في إبطال دَعَاوَى فالِح ... الحلقة الأولى ص 5 ) العلامة د/ ربيع بن هادي .
    ([157])( التوضيحات لما انتقده الشيخ جمعة من المنشورات ) محمد مرابط
    ([158]) (تنبيه أبي الحسن إلى القول بالتي هي أحسن ص23) العلامة د / ربيع بن هادي
    ([159])( الجواب عن الجواب وردع الطَّاعن العَيَّاب 03 ) الشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة ، أرشيف منتديات الإبانة
    ([160]) ( مسند الدارمي المعروف بـ (سنن الدارمي) رقم 210 ) أبو محمد عبد الله الدارمي (ت: 255هـ)
    ([161]) ( رسالة واتساب)
    ([162])( التوضيحات لما انتقده الشيخ جمعة من المنشورات ) محمد مرابط
    ([163])(عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين 1/59 ) ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
    ([164])(العين 1/363 ) الْخليل الفراهيدي (ت: 170هـ)
    ([165])(معجم اللغة العربية المعاصرة 1/486 )
    ([166])( التوضيحات لما انتقده الشيخ جمعة من المنشورات ) محمد مرابط
    ([167])انظر (مَعُونَةِ الْمُحتَاجِ ، على فضح أهل اللجاج ) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([168]) ( يا هذا أشفق على نفسك! ) ( ص3 من تعليقه على مقاله وقفة اعتبار )محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية )
    ([169]) (جامع بيان العلم وفضله 1/ 569 ) ابن عبد البر الـمَالكي (ت: 463هـ)
    ([170])(الجواب عن الجواب وردع الطَّاعن العَيَّاب 01 ) الشيخ د/ عبد المجيد جمعة .
    ([171])( التوضيحات لما انتقده الشيخ جمعة من المنشورات ) محمد مرابط
    ([172])(الأخلاق والسير في مداواة النفوس ) أبو محمد علي بن حزم القرطبي الظاهري (ت: 456هـ)
    ([173])(التنكيل بما كَتبَه مُريد لزهر (بويران) من الأباطيل) محمد مرابط ، منتديات (التصفية والتربية ).
    ([174]) (جامع بيان العلم وفضله 1/ 569 ) ابن عبد البر الـمَالكي (ت: 463هـ)
    ([175])(تهذيب اللغة ) أبو منصور الأزهري (ت: 370هـ)
    ([176])(الأخلاق والسير في مداواة النفوس ص67 ) ابن حزم(ت: 456هـ)
    ([177]) (مجمع الأمثال 2/162 ) أبو الفضل الميداني (ت: 518هـ)
    ([178]) (جامع بيان العلم وفضله 1/ 569 ) ابن عبد البر الـمَالكي (ت: 463هـ)
    ([179])( الاختلاف في اللَّفظ والرد على الجهمية ص: 20 ) ابن قتيبة (ت:276هـ)
    ([180])(النهج الثابت الرشيد في إبطال دَعَاوَى فالح ص 41 ) العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([181]) (القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد ص99 ) محمد الشوكاني اليمني (ت: 1250هـ)
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2021-06-24, 11:32 AM.

  • #2
    جزاك الله خيرا أخي الفاضل أبو خليل وبارك فيك

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا أخي أبا خليل
      وفي مثله قال ابن سحمان - رحمه الله - :
      " المُتعَالمُونَ الجهال فكثير منهم - خصوصا من لم يتخرج على العلماء منهم - وإن دعوا الناس إلى الحق فإنّما يدعون إلى أنفسهم ليصرفوا وجوه الناس إليهم ؛طلبا للجاه والشرف والترؤس على الناس فإذا سُئِلُوا أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا! "

      ​​​منهاج أهل الحق والاتباع (صـ٢٤)

      تعليق


      • #4
        جزاكما الله خير الجزاء ، وجعل ذلك في ميزان الحسنات آمين .

        تعليق

        الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
        يعمل...
        X