بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله:
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله،وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة،وكل بدعة ضلالة.
بعد الدورة السابقة التي نظمتها إذاعة الإبانة،والتي لقيت قبولا نحمد الله تعالى على ذلك ونسأل الله أن يكون قد نفع بها،ومواضيعها كانت تدور حول تسلية أهل المصائب بعد المرض وهذا الوباء الذي عمَّ البلاد الاسلامية.
وفكر القائمون على هذه الإذاعة التي نسأل الله تعالى أن يبارك فيها وفي القائمين عليها،فكروا في أن يجددوا دورة أخرى تتعلق بأحكام الصيام،واختاروا لذلك عمدة الأحكام من كلام خير الأنام عليه الصلاة والسلام،للحافظ تقي الدين عبد الغني المقدسي المتوفى ستمئة للهجرة.
وكالعادة يوزعون هذه الأحاديث على بعض من يقوم بشرحها،وكُلفت بباب الصوم في السفر وغيره،وحوى هذا الباب أحاديث واخترت الحديث الأول نقف عنده نقرأه ونحاول أن ننقل لكم فوائده طبعا مأخوذة من كلام أهل العلم المنثورة في كتبهم،وقبل ذلك نقدم لهذا الباب مقدمة فنقول:
أن شريعة الاسلام جاءت بالأحكام الميسرة السمحة وهذا تحقيقا لقول الله تعالى:{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}من سورة الحج،وقوله سبحانه وتعالى أيضا:{ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}من سورة البقرة.
وقوله عليه الصلاة و السلام:لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة إني أُرسلت بحنفية سمحة.الحديث رواه أحمد عن أمنا عائشة رضي الله عنها،وهو حديث حسن كما في تحقيق المسند الأرناؤوط وقد أورده الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة.
والسمحة أي هي التي تسهُل على النفوس وليس فيها شيئ من الآثار والأغلال والأثقال: التي كانت في شرائع الأنبياء السابقين وليست كرهبانية النصارى.
ولما كان السفر عادة وغالبا فيه مشقة وصعوبة،وأنه قطعة من العذاب كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه.
لما كان السفر فيه هذه المشقة خُفف فيه، ومن تلك التخفيفات أن الشارع الحكيم رخص في الفطر في نهار رمضان.
نبدأ بقراءة الحديث الأول وهو الحديث التسعون بعد المئة ونصه:
عن عائشة رضي الله عنها أن حمزة بن عمر الأسلمي رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:أأصوم في السفر؟ و-كان كثير الصيام- فقال: إن شئت فصم وإن شئت فأفطر.
أعيد قراءة الحديث: تروي العالمة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن الصحابي الجليل حمزة بن عمر الأسلمي رضي الله عنه،سأل النبي عليه الصلاة والسلام،وهذا بسبب أنه كان يصوم كثيرا كما جاءت هذه الجملة المعترضة كان كثير الصيام،قال للنبي صلى الله عليه وسلم:أأصوم في السفر؟ يعني هل يُشرع لي أن أصوم أم عليا أن أن آخذ بالرخصة فأُفطر؟ فأجابه النبي عليه الصلاة والسلام قائلا: إن شئت فصم وإن شئت فأفطر.
هذا الحديث مع وجازته وأنه حديث مختصر قليل الألفاظ،لكن فيه المعاني الكثيرة والأحكام العديدة.
النقطة الثانية بعد قراءة الحديث نذكر تخريجه:
روى هذا أحمد في مسنده والبخاري ومسلم في الصحيحين،وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة في السنن،يعني رواه أصحاب السنن الأربعة،وكذا رواه ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما وغيرهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنهم جميعا،عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ألفاظ الحديث:
جاء في الترمذي: وكان يسرد الصوم قالت: وكان يسرد الصوم .
وعند مسلم وأبي داوود قال أي الصحابي السائل وهو حمزة رضي الله عنه:إني رجلا أسرد الصوم أفأصوم في السفر؟
وفي رواية للنسائي:إني أجد قوة على الصيام في السفر.
وفي رواية ابن حبان قال له النبي صلى الله عليه وسلم:أنت بالخيار،يعني أنت مخير وفُسرت:إن شئت فصم وإن شئت فأفطر.
رابعا: ترجمة راوي الحديث:
هي عائشة بنت الصديق أبي بكر التيمية أم المؤمنين رضي الله عنها،وهي أم عبد الله كُنيت بابن أختها أسماء المسمى بعبد الله،وهي بنت الامام الصديق الأكبر رضي الله عنه،خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم،أبي بكر عبد الله بن قحافة عثمان بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرة بن كعب.
يلتقي نسب أبي بكر مع نسب النبي صلى الله عليه وسلم في مُرة بن كعب وهو أيضا ابن لؤي ،القرشية يعني هي من قريش التيمية المكية أم المؤمنين زوجة النبي صلى الله عليه وسلم،أفقه نساء الأمة على الإطلاق هكذا قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء أفقه نساء الأمة على الإطلاق،وأمها هي أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أُذينة الكنانية،ويُلاحظ هنا أن عائشة وأبوها وجدها صحابة،شاركها في ذلك جماعة من الصحابة لكنه قليل،هي وأبوها وأمها وجدها كلهم صحابة ولا يوجد أربعة من الصحابة متوالدون إلا في آل أبي بكر الصديق رضي الله عنهم،وهذه مكرمة لهم لا يوجد ولد وأبوه ثم جده ثم والد جده من الصحابة هكذا متوالدون،لكن يوجد هذا في آل أبي بكر رضي الله عنهم وهم: عبد الله بن أسماء بنت أبي بكر بن أبي قحافة،عبد الله بن أسماء أخت عائشة ووالدها أبو بكر ووالد أبي بكر هو ابن أبي قحافة،هؤلاء أربعة متوالدون من الصحابة،ومن جهة أخرى محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة،هذا محمد والده عبد الرحمن أخ عائشة رضي الله عنها ابن أبي بكر،والده أبو بكر وجده ابن أبي قحافة،أربعة متوالدون لا يوجدون إلا في آل أبي بكر رضي الله عنه.
هاجر بعائشة أبواها أبي بكر وأم رومان وتزوجها نبي الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يهاجر بعد وفاةالصِّدِّيقة خديجة رضي الله عنها،لما توفيت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها،تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم،وذلك قبل الهجرة قيل ببضعة عشرة شهرا وقيل بعامين،وكانت ابنة ست سنين لكن بم يدخل بها،دخل بها في شوال سنة اثنتين عندما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة بدر،وهي ابنة تسع وتوفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهي ابنة ثمانية عشرة سنة فقط،لاحظوا كيف كل هذا العلم الذي جمعته وكل تلك الأحاديث التي حفظتها،وكل تلك المسائل التي علمتها ومات النبي صلى الله عليه وسلم وهي ابنة ثمانية عشرة سنة فقط،اليوم لعل كثيرا من البنات في هذا السن لا يعرفن شيئا.
وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا طيبا مباركا فيه،وعن أبيها روت أيضا كما روت عن عمر ابن الخطاب،وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم،وروت عن سعد وعن حمزة بن عمر الأسلمي الذي تذكر اليوم أو في هذا الحديث سؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم،وروت أيضا عن جذامة بنت وهب رضي الله عنهم جميعا.
مسند عائشة يبلغ ألفين ومئتين وعشرة أحاديث روتها عن النبي صلى الله عليه وسلم،اتفق لها البخاري ومسلم على كم؟ على مئة وأربعة وسبعين حديث اتفق الشيخان عليهما،وانفرد البخاري بأربعة وخمسين حديث،وانفرد مسلم بتسعة وستين.
أما الذين روا عنها من الصحابة عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن قيس الأشعري، وعبد الله بن عامر بن ربيعة وأبو هريرة رضي الله عنهم جميعا،أما التابعين .
فعدد كبير.
توفيت رضي الله عنها سنة سبع وخمسين وقيل ثمان وخمسين قيل سبع وخمسين وقيل ثمان وخمسين للهجرة،لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان،وأمرت أن تُدفن بالبقيع صلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه،ونزل قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام والقاسم بن محمد وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم جميعا.
تجد ترجمتها في سير أعلام النبلاء للذهبي والطبقات الكبرى لابن سعد،والاستيعاب لابن عبد البر والاصابة في تمييز الصحابة لابن حجر وغيرها.
أما حمزة هذا السائل حمزة بن عمر الأسلمي كنيته أبو صالح و يُقال أبو محمد بن عمر بن عويمر بن الحارث بن الأعرج بن سعيد بن رزاح بن عدي بن سهل بن مازن بن سلمان بن الحارث بن أسلم بن أقصى بن حارثة مدني،روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أحاديث،روى له مسلم حديثا واحد من رواية أبي مرواح الغفاري،وقد أخرج ذكره في هذا الحديث يعني ذكره البخاري ومسلم في هذا الحديث،ولكن هذا من مسند عائشة وقد حدث عن أبي بكر الصديق وعن عمر بن الخطاب،وروى عنه ابنه محمد بن حمزة وعائشة أيضا روت عنه الصدِّيقة،وسليمان بن يسار وعروة بن الزبير وغيرهم،مات في ولاية يزيد بن معاوية سنة إحدى وستين وكان ابن إحدى وسبعين سنة رضي الله عنهم.
تجد ترجمته في الطبقات الكبرى لابن سعد والتاريخ الكبير للبخاري،الجرح والتعديل لبن أبي حاتم والاستيعاب لابن عبد البر وتاريخ دمشق لابن عساكر وغيرها.
خامسا:معنى الحديث وذكر بعض أحكامه
نبدأ بالمعنى الإجمالي للحديث،علم الصحابة رضي الله عنهم أن الشارع الحكيم ما رخص في الفطر في السفر إلا رحمة بهم،الله تعالى رحيم بالخلق لا يكلفهم ما لا يطيقون،فعرف ذلك الصحابة وعلموا أنه من رحمة الله تعالى بهم ومن يعني الاشفاق عليهم.
وكان حمزة بن عمر الأسلمي يحب الخير كثيرا حيث كان كثير الصيام، وعندما قال الراوي:كان كثير الصيام هذا معلوم أصبح معروفا به،وكان عنده جلد وقوة كان يجد قوة على الصيام،حتى قال للنبي صلى الله عليه وسلم:أنا أجد قوة،فسأله عن حكم الصوم في السفر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:أنت بالخيار .
ما هو المراد بالحديث هل صوم رمضان أم صوم تطوع؟ قولان لأهل العلم:
اختلف العلماء ما المقصود بالصوم هنا الذي سأل عنه حمزة رضي الله عنه،هل قصد السؤال عن حكم الصيام صيام رمضان أم صيام تطوع؟ قولان لأهل العلم:
الأول: قيل أن المراد صوم رمضان واستدل من ذهب إلى هذا قال:يوضحه ما أخرجه أبو داوود والحاكم والطبراني في المعجم الكبير،عن حمزة بن محمد بن حمزة الأسلمي وهذا الذي أشرنا إليه منذ قليل،ابنه يروي عنه ابن حمزة يروي عنه، حمزة بن محمد بن حمزة الأسلمي يذكر أن أباه أخبره عن جده قال:قلت يا رسول الله: إني صاحب ظهر أعالجه أسافر عليه وأكريه يعني عنده دابة ويسافر عليه ويكريه،قال وإنه ربما صادفني هذا الشهر ماذا يقصد به؟ قال:يعني رمضان،وأنا أجد القوة وأنا شاب وأجد بأن أصوم يا رسول الله،قال أنا أحيانا أسافر وأركب الدابة وقد يأتيني رمضان وأنا قوي وأنا شاب،لا أشكو ضعفا وأجد قوة هل أصوم؟ قال وهو أهون عليا من أن أؤخره فيكون دينا،وهذا حال الكثير من الناس اليوم بعض الناس قد يستطيع الصيام إذا صام الناس،لكن تقول له صم وحدك يوما يشق عليه،يرى هذا يأكل فيشتهي الطعام ويرى هذا يشرب فيريد أن يشرب معه،لكن إذا رأى الناس جميعا ممسكين عن الطعام والشراب فإنه يشاركهم،لهذا قال:هو أهون عليا من أن أؤخره فيكون دينا أفأصوم يا رسول الله لأجري أم أُفطر ؟ انظر يبحثون عن الأجر الكثير وليس لمجرد المصلحة التي تعود عليه،قال :هل أنا إذا صمت أيكون أجري أعظم أم أنني أُفطر أخذا بالرخصة ؟ قال: أي ذلك شئت يا حمزة.
خيره أيضا قال: أي ذلك شئت يا حمزة،لكن هذا الحديث لا يصح فقد ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف سنن أبي داود وإن كان البعض يرى صحته،لكن الشاهد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خيره،هذا التخيير وارد وقد صح في الحديث السابق وفي غيره.
وردوا على استدلال الفريق الأول للآية وتأولوها بتقدير محذوف فيها،وتعلمون بأن كلام العرب أحيانا يكون فيه حذف،ولا بد من تقدير المحذوف لفهم النص،تقرأ مثلا:{ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} الرعد
ما معنى وظلها دائم؟ مع أنه لم يُذكر لكنه يُفهم من السياق،لهذا فسر العلماء قول الله تعالى:{فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَر} فأفطر يُقدر محذوفا،{فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }،إذا كان الإنسان مريضا ولكن مرضه لم يدفعه إلى درجة أنه يُفطر وصام هل صيامه صحيح؟ نعم، هل عليه القضاء ؟ لا،إلا على رأي هؤلاء، وكذلك من كان مسافرا وصام فإن صيامه صحيح ،إنما الآية تتحدث عن الذي أفطر وإن كانت لم تذكر الإفطار لكن يُفهم من السياق،:{ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَر} فأفطر،{فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }.يعني يقضيه في أيام أُخر.
والقضاء إنما يلزم من أفطر لا من صام هذا من جهة الاستدلال بالقرآن،أما من جهة استدلال السنة النبوية الطاهرة،فقد استدل الجمهور على صحة صوم المسافر وانعقاده أولا:
بصوم النبي صلى الله عليه وسلم في السفر،وهل نظن أن النبي صلى الله عليه وسلم يُخالف ما جاء في القرآن الكريم؟ إذا هو كان يصوم في السفر وأقر بعض أصحابه الذين كانوا يصومون في السفر،وهذا دليل صحة الصوم في السفر.
وكذلك لتخييره بين الصوم والإفطار في غير ما حديث يُسأل النبي صلى الله عليه وسلم أأصوم؟ يقول: صم إن شئت أو أفطر إن شئت، ولو كان الصيام لا ينعقد في السفر ما خير السائل،لهذا النبي صلى الله عليه وسلم صام في السفر وأقر من صام في السفر من أصحابه وأيضا خير من سأله ولو كان غير مباح ما خيره.
ويقوي قول الجمهور أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم السالفة التي ذكرناها قال:هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه،لما سأله حمزة بن عمر قال هي رخصة من الله إذا أخدت بها هذا حسن وإذا أردت أن تصوم فلا جناح عليك،وبيانه أن قوله عليه الصلاة والسلام :هي رخصة من الله،يُعطي لوجه الخطاب أن الصوم إلى كل مكلف حاضرا كان أو مسافرا ثم رُخص لأهل الأعذار بسببها،لأن الرخصة حاصلها راجع إلى تخلف الحكم الحزم مع تحقق سببه لأمر خارج عن ذلك السبب،هذا ما أشار إليه الفاكهاني في رياض الأفهام شرح عمدة الأحكام.
النقطة الرابعة ولعلها من أهم هذه المسائل المذكورة هنا هي أي الأمرين أفضل في السفر الفطر أم الصيام ؟أم هما سيان؟
هل من أفطر في السفر هو الأفضل أو من صام كان الأفضل أم أن الأمر لا يختلف بين هذا وذاك،اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال ثلاثة:
القول الأول: إن الصوم أفضل لمن أطاقه لمن قدر عليه،بلا مشقة ظاهرة ولا ضرر فإن تضرر به فالفطر أفضل،إذا القول الأول أن الصوم أفضل لمن أطاقه بلا مشقة ظاهرة ولا ضرر ،فإن تضرر أصبح الفطر بالنسبه له أفضل ما هو دليلهم؟ نصوص من القرآن والسنة أول دليل عموم قوله تعالى:{ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ }البقرة
وإن كان هذه الآية يعني العلماء يعني ما أُثر عن السلف من تفسير ابن عباس وغيرهم،منهم من يقول أنها ناسخة ومنهم من يقول أنها منسوخة في حكم التخيير لأن رمضان لم يُفرض دفعة واحدة، كان على التخيير في بداية أمره لأنه شق على الصحابة فالله تعالى خيرهم بين الصيام وبين الفدية بين الإطعام ،ولكن مع جواز الأمرين قال:{ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ }.
{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ } يعني إذا كنت في بداية أمرك إما أن تفدي تُطعم عن كل يوم مسكين وإما أن تصوم،أي الأمرين كان خيرا؟ هو الصيام.
ومنهم من ذهب إلى أن :{ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ } هذه ناسخة ،إذا العموم أن الصيام أفضل هكذا قال أصحاب القول الأول.
ومن السنة ثبوت الصوم عن النبي صلى الله عليه وسلم في السفر في غير ما حديث،كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر كان يصوم وهو عليه الصلاة والسلام يفعل دائما ما كان أفضل،وإلى هذا الرأي ذهب أنس بن مالك في المشغول عنه عفوا أنا أقصد مالك بن أنس هذا خطأ مني،ذهب إلى ذلك الامام الفقيه مالك بن أنس في المشغول عنه
المصدر: https://www.youtube.com/watch?v=Fh7z11yZBgY
يتبع بإذن الله باقي تفريغي للدرس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله:
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله،وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة،وكل بدعة ضلالة.
بعد الدورة السابقة التي نظمتها إذاعة الإبانة،والتي لقيت قبولا نحمد الله تعالى على ذلك ونسأل الله أن يكون قد نفع بها،ومواضيعها كانت تدور حول تسلية أهل المصائب بعد المرض وهذا الوباء الذي عمَّ البلاد الاسلامية.
وفكر القائمون على هذه الإذاعة التي نسأل الله تعالى أن يبارك فيها وفي القائمين عليها،فكروا في أن يجددوا دورة أخرى تتعلق بأحكام الصيام،واختاروا لذلك عمدة الأحكام من كلام خير الأنام عليه الصلاة والسلام،للحافظ تقي الدين عبد الغني المقدسي المتوفى ستمئة للهجرة.
وكالعادة يوزعون هذه الأحاديث على بعض من يقوم بشرحها،وكُلفت بباب الصوم في السفر وغيره،وحوى هذا الباب أحاديث واخترت الحديث الأول نقف عنده نقرأه ونحاول أن ننقل لكم فوائده طبعا مأخوذة من كلام أهل العلم المنثورة في كتبهم،وقبل ذلك نقدم لهذا الباب مقدمة فنقول:
أن شريعة الاسلام جاءت بالأحكام الميسرة السمحة وهذا تحقيقا لقول الله تعالى:{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}من سورة الحج،وقوله سبحانه وتعالى أيضا:{ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}من سورة البقرة.
وقوله عليه الصلاة و السلام:لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة إني أُرسلت بحنفية سمحة.الحديث رواه أحمد عن أمنا عائشة رضي الله عنها،وهو حديث حسن كما في تحقيق المسند الأرناؤوط وقد أورده الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة.
والسمحة أي هي التي تسهُل على النفوس وليس فيها شيئ من الآثار والأغلال والأثقال: التي كانت في شرائع الأنبياء السابقين وليست كرهبانية النصارى.
ولما كان السفر عادة وغالبا فيه مشقة وصعوبة،وأنه قطعة من العذاب كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه.
لما كان السفر فيه هذه المشقة خُفف فيه، ومن تلك التخفيفات أن الشارع الحكيم رخص في الفطر في نهار رمضان.
نبدأ بقراءة الحديث الأول وهو الحديث التسعون بعد المئة ونصه:
عن عائشة رضي الله عنها أن حمزة بن عمر الأسلمي رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:أأصوم في السفر؟ و-كان كثير الصيام- فقال: إن شئت فصم وإن شئت فأفطر.
أعيد قراءة الحديث: تروي العالمة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن الصحابي الجليل حمزة بن عمر الأسلمي رضي الله عنه،سأل النبي عليه الصلاة والسلام،وهذا بسبب أنه كان يصوم كثيرا كما جاءت هذه الجملة المعترضة كان كثير الصيام،قال للنبي صلى الله عليه وسلم:أأصوم في السفر؟ يعني هل يُشرع لي أن أصوم أم عليا أن أن آخذ بالرخصة فأُفطر؟ فأجابه النبي عليه الصلاة والسلام قائلا: إن شئت فصم وإن شئت فأفطر.
هذا الحديث مع وجازته وأنه حديث مختصر قليل الألفاظ،لكن فيه المعاني الكثيرة والأحكام العديدة.
النقطة الثانية بعد قراءة الحديث نذكر تخريجه:
روى هذا أحمد في مسنده والبخاري ومسلم في الصحيحين،وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة في السنن،يعني رواه أصحاب السنن الأربعة،وكذا رواه ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما وغيرهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنهم جميعا،عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ألفاظ الحديث:
جاء في الترمذي: وكان يسرد الصوم قالت: وكان يسرد الصوم .
وعند مسلم وأبي داوود قال أي الصحابي السائل وهو حمزة رضي الله عنه:إني رجلا أسرد الصوم أفأصوم في السفر؟
وفي رواية للنسائي:إني أجد قوة على الصيام في السفر.
وفي رواية ابن حبان قال له النبي صلى الله عليه وسلم:أنت بالخيار،يعني أنت مخير وفُسرت:إن شئت فصم وإن شئت فأفطر.
رابعا: ترجمة راوي الحديث:
هي عائشة بنت الصديق أبي بكر التيمية أم المؤمنين رضي الله عنها،وهي أم عبد الله كُنيت بابن أختها أسماء المسمى بعبد الله،وهي بنت الامام الصديق الأكبر رضي الله عنه،خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم،أبي بكر عبد الله بن قحافة عثمان بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرة بن كعب.
يلتقي نسب أبي بكر مع نسب النبي صلى الله عليه وسلم في مُرة بن كعب وهو أيضا ابن لؤي ،القرشية يعني هي من قريش التيمية المكية أم المؤمنين زوجة النبي صلى الله عليه وسلم،أفقه نساء الأمة على الإطلاق هكذا قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء أفقه نساء الأمة على الإطلاق،وأمها هي أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أُذينة الكنانية،ويُلاحظ هنا أن عائشة وأبوها وجدها صحابة،شاركها في ذلك جماعة من الصحابة لكنه قليل،هي وأبوها وأمها وجدها كلهم صحابة ولا يوجد أربعة من الصحابة متوالدون إلا في آل أبي بكر الصديق رضي الله عنهم،وهذه مكرمة لهم لا يوجد ولد وأبوه ثم جده ثم والد جده من الصحابة هكذا متوالدون،لكن يوجد هذا في آل أبي بكر رضي الله عنهم وهم: عبد الله بن أسماء بنت أبي بكر بن أبي قحافة،عبد الله بن أسماء أخت عائشة ووالدها أبو بكر ووالد أبي بكر هو ابن أبي قحافة،هؤلاء أربعة متوالدون من الصحابة،ومن جهة أخرى محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة،هذا محمد والده عبد الرحمن أخ عائشة رضي الله عنها ابن أبي بكر،والده أبو بكر وجده ابن أبي قحافة،أربعة متوالدون لا يوجدون إلا في آل أبي بكر رضي الله عنه.
هاجر بعائشة أبواها أبي بكر وأم رومان وتزوجها نبي الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يهاجر بعد وفاةالصِّدِّيقة خديجة رضي الله عنها،لما توفيت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها،تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم،وذلك قبل الهجرة قيل ببضعة عشرة شهرا وقيل بعامين،وكانت ابنة ست سنين لكن بم يدخل بها،دخل بها في شوال سنة اثنتين عندما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة بدر،وهي ابنة تسع وتوفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهي ابنة ثمانية عشرة سنة فقط،لاحظوا كيف كل هذا العلم الذي جمعته وكل تلك الأحاديث التي حفظتها،وكل تلك المسائل التي علمتها ومات النبي صلى الله عليه وسلم وهي ابنة ثمانية عشرة سنة فقط،اليوم لعل كثيرا من البنات في هذا السن لا يعرفن شيئا.
وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا طيبا مباركا فيه،وعن أبيها روت أيضا كما روت عن عمر ابن الخطاب،وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم،وروت عن سعد وعن حمزة بن عمر الأسلمي الذي تذكر اليوم أو في هذا الحديث سؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم،وروت أيضا عن جذامة بنت وهب رضي الله عنهم جميعا.
مسند عائشة يبلغ ألفين ومئتين وعشرة أحاديث روتها عن النبي صلى الله عليه وسلم،اتفق لها البخاري ومسلم على كم؟ على مئة وأربعة وسبعين حديث اتفق الشيخان عليهما،وانفرد البخاري بأربعة وخمسين حديث،وانفرد مسلم بتسعة وستين.
أما الذين روا عنها من الصحابة عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن قيس الأشعري، وعبد الله بن عامر بن ربيعة وأبو هريرة رضي الله عنهم جميعا،أما التابعين .
فعدد كبير.
توفيت رضي الله عنها سنة سبع وخمسين وقيل ثمان وخمسين قيل سبع وخمسين وقيل ثمان وخمسين للهجرة،لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان،وأمرت أن تُدفن بالبقيع صلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه،ونزل قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام والقاسم بن محمد وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم جميعا.
تجد ترجمتها في سير أعلام النبلاء للذهبي والطبقات الكبرى لابن سعد،والاستيعاب لابن عبد البر والاصابة في تمييز الصحابة لابن حجر وغيرها.
أما حمزة هذا السائل حمزة بن عمر الأسلمي كنيته أبو صالح و يُقال أبو محمد بن عمر بن عويمر بن الحارث بن الأعرج بن سعيد بن رزاح بن عدي بن سهل بن مازن بن سلمان بن الحارث بن أسلم بن أقصى بن حارثة مدني،روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أحاديث،روى له مسلم حديثا واحد من رواية أبي مرواح الغفاري،وقد أخرج ذكره في هذا الحديث يعني ذكره البخاري ومسلم في هذا الحديث،ولكن هذا من مسند عائشة وقد حدث عن أبي بكر الصديق وعن عمر بن الخطاب،وروى عنه ابنه محمد بن حمزة وعائشة أيضا روت عنه الصدِّيقة،وسليمان بن يسار وعروة بن الزبير وغيرهم،مات في ولاية يزيد بن معاوية سنة إحدى وستين وكان ابن إحدى وسبعين سنة رضي الله عنهم.
تجد ترجمته في الطبقات الكبرى لابن سعد والتاريخ الكبير للبخاري،الجرح والتعديل لبن أبي حاتم والاستيعاب لابن عبد البر وتاريخ دمشق لابن عساكر وغيرها.
خامسا:معنى الحديث وذكر بعض أحكامه
نبدأ بالمعنى الإجمالي للحديث،علم الصحابة رضي الله عنهم أن الشارع الحكيم ما رخص في الفطر في السفر إلا رحمة بهم،الله تعالى رحيم بالخلق لا يكلفهم ما لا يطيقون،فعرف ذلك الصحابة وعلموا أنه من رحمة الله تعالى بهم ومن يعني الاشفاق عليهم.
وكان حمزة بن عمر الأسلمي يحب الخير كثيرا حيث كان كثير الصيام، وعندما قال الراوي:كان كثير الصيام هذا معلوم أصبح معروفا به،وكان عنده جلد وقوة كان يجد قوة على الصيام،حتى قال للنبي صلى الله عليه وسلم:أنا أجد قوة،فسأله عن حكم الصوم في السفر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:أنت بالخيار .
ما هو المراد بالحديث هل صوم رمضان أم صوم تطوع؟ قولان لأهل العلم:
اختلف العلماء ما المقصود بالصوم هنا الذي سأل عنه حمزة رضي الله عنه،هل قصد السؤال عن حكم الصيام صيام رمضان أم صيام تطوع؟ قولان لأهل العلم:
الأول: قيل أن المراد صوم رمضان واستدل من ذهب إلى هذا قال:يوضحه ما أخرجه أبو داوود والحاكم والطبراني في المعجم الكبير،عن حمزة بن محمد بن حمزة الأسلمي وهذا الذي أشرنا إليه منذ قليل،ابنه يروي عنه ابن حمزة يروي عنه، حمزة بن محمد بن حمزة الأسلمي يذكر أن أباه أخبره عن جده قال:قلت يا رسول الله: إني صاحب ظهر أعالجه أسافر عليه وأكريه يعني عنده دابة ويسافر عليه ويكريه،قال وإنه ربما صادفني هذا الشهر ماذا يقصد به؟ قال:يعني رمضان،وأنا أجد القوة وأنا شاب وأجد بأن أصوم يا رسول الله،قال أنا أحيانا أسافر وأركب الدابة وقد يأتيني رمضان وأنا قوي وأنا شاب،لا أشكو ضعفا وأجد قوة هل أصوم؟ قال وهو أهون عليا من أن أؤخره فيكون دينا،وهذا حال الكثير من الناس اليوم بعض الناس قد يستطيع الصيام إذا صام الناس،لكن تقول له صم وحدك يوما يشق عليه،يرى هذا يأكل فيشتهي الطعام ويرى هذا يشرب فيريد أن يشرب معه،لكن إذا رأى الناس جميعا ممسكين عن الطعام والشراب فإنه يشاركهم،لهذا قال:هو أهون عليا من أن أؤخره فيكون دينا أفأصوم يا رسول الله لأجري أم أُفطر ؟ انظر يبحثون عن الأجر الكثير وليس لمجرد المصلحة التي تعود عليه،قال :هل أنا إذا صمت أيكون أجري أعظم أم أنني أُفطر أخذا بالرخصة ؟ قال: أي ذلك شئت يا حمزة.
خيره أيضا قال: أي ذلك شئت يا حمزة،لكن هذا الحديث لا يصح فقد ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف سنن أبي داود وإن كان البعض يرى صحته،لكن الشاهد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خيره،هذا التخيير وارد وقد صح في الحديث السابق وفي غيره.
وردوا على استدلال الفريق الأول للآية وتأولوها بتقدير محذوف فيها،وتعلمون بأن كلام العرب أحيانا يكون فيه حذف،ولا بد من تقدير المحذوف لفهم النص،تقرأ مثلا:{ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} الرعد
ما معنى وظلها دائم؟ مع أنه لم يُذكر لكنه يُفهم من السياق،لهذا فسر العلماء قول الله تعالى:{فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَر} فأفطر يُقدر محذوفا،{فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }،إذا كان الإنسان مريضا ولكن مرضه لم يدفعه إلى درجة أنه يُفطر وصام هل صيامه صحيح؟ نعم، هل عليه القضاء ؟ لا،إلا على رأي هؤلاء، وكذلك من كان مسافرا وصام فإن صيامه صحيح ،إنما الآية تتحدث عن الذي أفطر وإن كانت لم تذكر الإفطار لكن يُفهم من السياق،:{ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَر} فأفطر،{فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }.يعني يقضيه في أيام أُخر.
والقضاء إنما يلزم من أفطر لا من صام هذا من جهة الاستدلال بالقرآن،أما من جهة استدلال السنة النبوية الطاهرة،فقد استدل الجمهور على صحة صوم المسافر وانعقاده أولا:
بصوم النبي صلى الله عليه وسلم في السفر،وهل نظن أن النبي صلى الله عليه وسلم يُخالف ما جاء في القرآن الكريم؟ إذا هو كان يصوم في السفر وأقر بعض أصحابه الذين كانوا يصومون في السفر،وهذا دليل صحة الصوم في السفر.
وكذلك لتخييره بين الصوم والإفطار في غير ما حديث يُسأل النبي صلى الله عليه وسلم أأصوم؟ يقول: صم إن شئت أو أفطر إن شئت، ولو كان الصيام لا ينعقد في السفر ما خير السائل،لهذا النبي صلى الله عليه وسلم صام في السفر وأقر من صام في السفر من أصحابه وأيضا خير من سأله ولو كان غير مباح ما خيره.
ويقوي قول الجمهور أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم السالفة التي ذكرناها قال:هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه،لما سأله حمزة بن عمر قال هي رخصة من الله إذا أخدت بها هذا حسن وإذا أردت أن تصوم فلا جناح عليك،وبيانه أن قوله عليه الصلاة والسلام :هي رخصة من الله،يُعطي لوجه الخطاب أن الصوم إلى كل مكلف حاضرا كان أو مسافرا ثم رُخص لأهل الأعذار بسببها،لأن الرخصة حاصلها راجع إلى تخلف الحكم الحزم مع تحقق سببه لأمر خارج عن ذلك السبب،هذا ما أشار إليه الفاكهاني في رياض الأفهام شرح عمدة الأحكام.
النقطة الرابعة ولعلها من أهم هذه المسائل المذكورة هنا هي أي الأمرين أفضل في السفر الفطر أم الصيام ؟أم هما سيان؟
هل من أفطر في السفر هو الأفضل أو من صام كان الأفضل أم أن الأمر لا يختلف بين هذا وذاك،اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال ثلاثة:
القول الأول: إن الصوم أفضل لمن أطاقه لمن قدر عليه،بلا مشقة ظاهرة ولا ضرر فإن تضرر به فالفطر أفضل،إذا القول الأول أن الصوم أفضل لمن أطاقه بلا مشقة ظاهرة ولا ضرر ،فإن تضرر أصبح الفطر بالنسبه له أفضل ما هو دليلهم؟ نصوص من القرآن والسنة أول دليل عموم قوله تعالى:{ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ }البقرة
وإن كان هذه الآية يعني العلماء يعني ما أُثر عن السلف من تفسير ابن عباس وغيرهم،منهم من يقول أنها ناسخة ومنهم من يقول أنها منسوخة في حكم التخيير لأن رمضان لم يُفرض دفعة واحدة، كان على التخيير في بداية أمره لأنه شق على الصحابة فالله تعالى خيرهم بين الصيام وبين الفدية بين الإطعام ،ولكن مع جواز الأمرين قال:{ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ }.
{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ } يعني إذا كنت في بداية أمرك إما أن تفدي تُطعم عن كل يوم مسكين وإما أن تصوم،أي الأمرين كان خيرا؟ هو الصيام.
ومنهم من ذهب إلى أن :{ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ } هذه ناسخة ،إذا العموم أن الصيام أفضل هكذا قال أصحاب القول الأول.
ومن السنة ثبوت الصوم عن النبي صلى الله عليه وسلم في السفر في غير ما حديث،كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر كان يصوم وهو عليه الصلاة والسلام يفعل دائما ما كان أفضل،وإلى هذا الرأي ذهب أنس بن مالك في المشغول عنه عفوا أنا أقصد مالك بن أنس هذا خطأ مني،ذهب إلى ذلك الامام الفقيه مالك بن أنس في المشغول عنه
المصدر: https://www.youtube.com/watch?v=Fh7z11yZBgY
يتبع بإذن الله باقي تفريغي للدرس
تعليق