إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رحم الله عبدا عرف قدر نفسه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رحم الله عبدا عرف قدر نفسه

    بسم الله الرحمن الرحيم

    رحمَ اللهُ عبداً عرفَ قَدرَ نفسه



    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ[آل عمران: 102]
    ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ للّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]
    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70-71]
    وبَعْدُ: فهذه كلمة شاعت بين العلماء وحَثَّ عليها الفضلاء وتحلّى بها النُّبلاء، "رحمَ اللهُ عبداً عرفَ قَدر نفسه"
    قال الشيخ العلَّامة العثيمين-رحمه الله-: "وأقول إنه على طالب العلم أن يكون متأدّباً بالتواضع وعَدَمِ الإعجاب بالنفس (وأَنْ يَعْرِف قَدْر نفسه)". (مجموع فتاوى ورسائل الشيخ (193/26)
    نصيحةٌ أنصح بها نفسي وإخواني، ولَفْتةٌ أُلفِتُ إليها مَنْ سولت له نفسه: التكلّم في المسائل الكبار والتقَّدم بين يدي علمائنا الأبرار، فإنه من المتقرر أنَّ المسائل النوازل، ومراعاة المصالح والمفاسد والكلام في قضايا الأمة لا يخوض فيها إلَّا أهْلُها: المتضلعون في علوم الشريعة، الراسخون في معرفة أسرارها ومقاصدها، وأنَّ على غيرهم من طلبة العلم وعوام الناس متابعتهم، والصدور عن رأيهم ولزوم غرزهم، والحذر كل الحذر من التقدَّم بين أ يديهم، فإنَّ هذا من الاشتغال بما لا يعني، وقد قال صلّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: "من حُسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه" (أخرجه الترمذي (2317)، وابن ماجه (3976) وحسنه الألباني (2881) صحيح الترغيب عن أبي هريرة رضي الله عنه).
    إنَّ تقدم الصغير بين يدي الكبير سبَبُ الهلاك والإهلاك، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "قد علمت متى يهلك الناس! إذا جاء الفقه من قِبَل الصغير اسْتَعْصى عليه الكبير، وإذا جاء الفقه من قِبَل الكبير تَابعهُ الصغير فاهتديا"، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم، فإن أَخَذوه عن أصاغرهم وشرارهم هلكوا". انظر: (التعالم، ص41-42).
    وقال الشاطبي رحمه الله: "و أما تقديم الأحداث على غيرهم، من قبيل ما تقّدم في كثرة الجهال وقلة العلم، كان ذلك التقديم في رتب العلم أو غيره، لأنّ الحدث أبداً أو في غالب الأمر غِرٌّ لم يتحنَّك ولم يَرتض في صناعته رياضة تبلغه مبالغ الشيوخ الراسخين الأقدام في تلك الصناعة، ولذلك قالوا في المثل:
    وَابنُ اللَّبُونِ، إذا ما لُزّ في قَرَنٍ::::لمْ يستطعْ صولة َالبزلِ القناعيسِ".
    "الاعتصام" 2/95-96، انظر: ("التعالم" ص28).

    ولِبَعضْهم:
    إنَّ الأُمـورَ إذا الأحـداث دَبَّـرهـا::::دُونَ الشُيوخِ تَرى في سيرها الخَللا

    وقال القاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي:
    مَتَى تَصِلُ العِطَاشُ إِلى ارْتِوَاءٍ::::إِذَا اسْتَقَتِ البِحَارُ مِن الرَّكَايَا
    وَمَنْ يُثْنِي الأَصَاغِرَ عَنْ مُرَادٍ::::وَقَدْ جَلَسَ الأَكَابِرُ فِي الزَّوَايَا
    وإِنَّ تَرَفُّعَ الوُضُعَاءِ يَوْمًا::::عَلَى الرُّفَعَاءِ مِنْ إِحْدَى البَلَايَا
    إِذَا اسْتَوَتْ الأَسَافِلُ والأَعَالِي::::فَقَدْ طَابَتْ مُنَادَمَةُ المَنَايَا
    انظر: (التعالم 25/26)

    وقيل لسفيان الثوري -رحمه الله- فيمن حدَّث قبل أن يتأهَّل؛ فقال:"إذا كثر الملَّاحون غرقت السفينة" (التعالم:ص6)
    فعلى طالب العلم الموفَّق أن يعرف قدر نفسه وأن لا يتجاوز طوره وأن لا يُقحِم نفسه فيما هو أكبر منه وخاصة مع وجود من هو أفقه وأكبر منه.
    -عن عاصم قال : "كان زِرُّ أكبر من أبي وائل فكانا إذا جَلَسَا جميعاً لم يُحَدِّث أبو وائل مع زِرُّ".
    -وقال سَلمةُ بن كُهيل : "كان إبراهيمُ والشَّعبي إذا اجتمعا لم يتكلَّم إبراهيم بشيء لسِنِّه".
    -وعن عبيد الله بن عمر قال: "كان يحيى بن سعيد يحدّثنا فيَسيحُ (يُسيل) علينا مثل اللؤلؤ، وُيشير عبيد الله بيدْيهِ إحداهما على الأخرى -فإذا طلع ربيعة قطع يحيى حديثه إجلالاً لربيعة وإعظاماً له".
    - وقال أبو عبد الله المعُيطي: "رأيت أبا بكر بن عياش بمكة فأتاه سفيان بن عُيينة، فبرك بين يديه، فجعل أبو بكر يقول له: يا سفيان، كيف أنت؟ وكيف عيال أبيك؟ قال: فجاء رجل يسأل سفيان عن حديث، فقال سفيان: لا تسألني عن حديث ما دام هذا الشيخ قاعدا".
    -وقال الحسن بن عليَّ الخلَّال: "كنا عند مُعتمر بن سليمان يحدثنا، إذ أقبل ابن المبارك فقطع معتمر حديثه. فقيل له: حدِّثنا، فقال: إنّا لا نتكلم عند كُبَرَائنا. [ساق هذه الآثار الخطيب البغدادي في كتابه النفيس: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السَّامع في باب "ذكر أخلاق الراوي وآدابه وما ينبغي له استعماله مع أتباعه واصحابه" وعَنْونَ لها بقوله : من كَرِه التحديث بحضرة من هو أسنُّ أو أعلم منه. انظر: (ص210-211).
    فما أحوجنا إلى التأدب بهذا الأدب العالي، والتخلّقُ بهذا الخُلق الغالي و(رحمَ اللهُ عبداً عرفَ قَدرَ نفسه).
    وأحذر يا طالب العلم -وفقك الله لمرضاته- التظاهر بصورة المشايخ والعلماء فإنَّ «المُتَشبِّعُ بما لم يُعطَ، كَلابِسِ ثَوبَيْ زُورٍ» (أخرجه البخاري(4921) من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ومسلم (2129) عن عائشة رضي الله عنها) عافاني الله وإياكم.
    وتذكيراً لإخواني -الذين يُحسنون الظن بطلبة العلم- و هذا هو الذي ينبغي؛ فَيَصفونهم بأوصاف لا تليق إلاَّ بالعلماء ويُطلقون عليهم ألقابا لا يستحقها إلاَّ الكبراء، أقول لهم: "أنزلوا الناس منازلهم" فطلبة العلم ينبغي محبَّتهم واحترامهم وإعانتهم على ما هُم عليه من طلب العلم ونشره، ومدارستهم ومباحثتهم لكن لا يرفعون فوق منزلتهم التي أنزلهم الله إياها، فلا يُرجع إليهم في النوازل، ولا يُستَفْتون في المسائل، ولا يُرفعون إلى رتبة المشايخ. "نعوذ بالله من أناس تشيخوا قبل أن يشيخوا".[التعالم،ص9].
    قال شيخنا الهُمام أبو عبد المعز محمد علي فركوس رفع الله قدره في الدنيا والآخرة: "فالشيخ هو كُلُّ مَن زادَ على الخمسين، وهو فوق الكهلِ ودون الهَرِمِ الذي فَنِيَتْ قوَّتُه...وفي مَقامِ العلم يُطْلَق هذا اللقبُ على كُلِّ كبيرِ السنِّ المَهيبِ الوَقورِ الذي اكتسب التجربةَ في مُخْتَلَفِ العلوم واستصحب الخبرةَ في مجالاتها، ويتمتَّع غالبًا بقوَّةٍ في رَدِّ الشبهة وتقريرِ الحُجَّة، ويظهر ذلك في إنتاجه العلميِّ والتربويِّ والتوجيهيِّ، بعيدًا عن الهوى واستمالةِ النفس به إلى الطمع بما في أيدي الناس.
    وتأسيسًا على هذا المعيار فلا يَليقُ تلقيبُ طالبٍ مبتدئٍ في العلوم أو شابٍّ حديثِ السِّنِّ ﺑ «الشيخ» بالمعنى الاصطلاحيِّ، ولو اكتسب بعضَ العلوم أو تخرَّج مِن جامعةٍ شرعيةٍ أو مركزٍ للعلوم أو زاويةٍ لحفظِ كتاب الله وبعضِ سنن المصطفى صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، أو وُسِم بشهاداتٍ وإجازاتٍ وتزكياتٍ...
    وفي تعليقٍ لابن قتيبة -رحمه الله- على أثَرِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه قولُه: «لا يَزال الناسُ بخيرٍ ما أخذوا العِلْمَ عن أكابرهم وأُمَنائهم وعلمائهم»، قال رحمه الله -شارحًا معنى الأثر-: «لأنَّ الشيخ قد زالت عنه متعةُ الشباب وحِدَّتُه وعجلتُه وسَفَهُه، واستصحب التجربةَ والخبرة؛ فلا يدخل عليه في عِلْمِه الشبهةُ، ولا يَغْلِب عليه الهوى، ولا يَميل به الطمعُ، ولا يستزلُّه الشيطانُ استزلالَ الحدث، فمع السنِّ والوقار والجلالة والهيبة، والحَدَثُ قد تدخل عليه هذه الأمورُ التي أُمِنَتْ على الشيخ، فإذا دَخَلَتْ عليه وأفتى هَلَكَ وأهلك»
    وعليه، فإنَّ تلقيبَ مَن لا يَليق برتبة المشيخة يندرج تحت
    «وضعِ الأشياء في غير موضعها الصحيح» مع فتحِ مَداخِلِ الشيطان في نَفْسِ الطالب المتطلِّع وتُورِّثُه هذه التلقيباتُ مِن أنواع أمراض القلوب ما لا يخفى مِن العُجب والغرور والاكتفاء بالنفس والتكبُّر عند الطلب ونحوِ ذلك مِن آفات العلم، وقد ينعكس الأمرُ سلبًا على سلوكه النفسيِّ والتربويِّ؛ فيؤدِّي إلى التشنيع بالأكابر والتنقُّص منهم والنيلِ مِن مَناصِبِهم". (فتوى في حكم تشييخ الحديث، فتاوى متنوعة ألفاظ في الميزان رقم 1014 ، موقع الشيخ حفظه الله).
    قال الشيخ ابن برجس رحمه الله: «في هذا الزمَان اخْتَلَّ معيارُ كثيرٍ من العامة في تقييم العلمَاء، فجعلوا كُلَّ من وَعَظ موعظة بليغَة، أو ألقى محاضرات هادفة، أو خطب الجمعة مرتجلاً عالماً يُرجع إليه في الإفتاء، ويؤخذ العلم عنه. وهذه رزية مؤلمة، وظاهرة مُزرية، تطاير شررها، وعمَّ ضررها، إذ هي من إسناد العلم إلى غير أهله، وإذا وُسِد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة». [عوائق الطلب، ص28].


    كتبه
    أبو ريحانة ساحي عتو ليلة الإثنين ١ شعبان ١٤٤٢. ببلدة لمطار.
    وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت
    أستغفرك وأتوب إليك.
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2021-03-15, 07:38 AM.

  • #2
    جزاكم الله خيرا وبارك فيكم أخي الحبيب

    تعليق


    • #3
      جزاكم الله خيرا و بارك فيكم و نفع بكم و بهذه الكلمة الطيبة .

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا أخي أبا ريحانة وبارك فيك

        تعليق


        • #5
          بارك الله فيك اخي وجزاك الله خيرا

          تعليق


          • #6
            جزاك الله خيرا ونفع الله بها إخواننا

            تعليق


            • #7
              بورك فيكم ونفع بكم

              تعليق


              • #8
                بارك الله فيك أخي عتو على هذا التنبيه وعلى هذه النصيحة التي أتت في وقتها. أسأل الله أن ينفعنا جميعًا بها، ورحم الله عبدا عرف قدر نفسه ولزم حده ولزم غرز كباره.

                تعليق


                • #9
                  حفظك الله ورعاك وزادك الله حرصا

                  تعليق

                  الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
                  يعمل...
                  X