إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تنبيه العامة ببيان الخطأ الوارد في منشور (( أمران يشدان انتباه الخاصة والعامة))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تنبيه العامة ببيان الخطأ الوارد في منشور (( أمران يشدان انتباه الخاصة والعامة))

    بسم الله الرحمن الرحيم


    تنبيه العامة
    ببيان الخطأ الوارد في منشور
    (( أمران يشدان انتباه الخاصة والعامة))



    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أما بعد:
    فإن الناظر فيما عليه المسلمون اليوم من البعد عن النهج القويم والصراط المستقيم الذي أمر الله عباده بلزومه والسير عليه في قوله: (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). (الأنعام 153).
    ظهر له وتأكد عنده شدة تحتم الرجوع بالناس إلى حقيقة الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله عز وجل على من آتاه الله العلم والفقه في الدين. إذ من المتقرر عند أهل السنة قاطبة أن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا أريد به وجهه الكريم، صوابا على وفق ما سنه رسوله المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
    قال ابن القيم رحمه الله:
    قال قتادة: كلمتان يسأل عنهما الأولون والآخرون: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ فيسأل عن المعبود وعن العبادة. اهـ
    قال الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله ومتع الأمة بعلمه:
    لأن هذا هو الأمر الأولي والأساس، لأن الصلاة والزكاة والحج وغيرها من العبادات لا تصح إذا لم تبن على أصل العقيدة الصحيحة وهي التوحيد الخالص لله عز وجل. اهـ من شرح القواعد الأربع ص 8 ط مؤسسة الرسالة.
    ومن المسائل العقدية التي ينبغي لأهل السنة أن يعتنوا ببيانها للناس بيانا شافيا تزول معه كل أدران الشك والريب، منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع الحكام وولاة الأمور سواء كانوا أتقياء بررة أم فساقا فجرة، ما لم يكفروا كفرا بواحا يكون للناس من الله فيه برهان.
    وهذا الباب كثرت فيه المخالفات حتى لا تكاد تقابل من المسلمين اليوم على كثرتهم إلا خارجيا، ولو كان يعد من عامة الناس، لا يكاد كلامه في يومه وليلته يخرج عن ذكر مثالب ولاة الأمور، ومحاولة الإطاحة بهم والانقلاب عليهم، بل كثر في هذا الباب الخلط ومجانبة نهج أهل السنة حتى ممن ينسب إلى العلم والسنة، والله المستعان.
    ومما رأيناه كما رآه غيرنا في تقرير هذا الأصل القبيح ومحاولة تشكيك البقية الباقية على النهج القويم، ما كتبه المدعو صالح البكري أصلحه الله تعالى في رسالة بعنوان : ذم الحكام الجائرين الغاشين ومشروعية الإنكار عليهم علنا وغيبتهم وبغضهم والدعاء عليهم والتحذير من الدنو منهم.
    وقد أورد البكري في كتابه هذا من المتشابه من شرع الله ما يدل العقلاء على سوء منهجه وطريقته.
    وقد كفانا شيخنا الشيخ الإمام محمد بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى مؤنة بيان بطلان ما جاء به حيث قال معلقا على عنوان الرسالة: كل جملة طامة لوحدها.
    ولما قيل له: نقرأ عليك شيئا من رسالة البكري قال: يكفي العنوان. وهذا نقله الأخ الفاضل محمود الشنقيطي وفقه الله تعالى عن الشيخ محمد حفظه الله ورعاه وهو منشور بصوت الأخ الشنقيطي وفقه الله.
    ومما يذكر فيشكر ما يقوم به شيخنا الهمام عبد المجيد جمعة حفظه الله تعالى من حث طلاب العلم على تعليم الناس أصول السنة وتدريس الكتب التي ألفت في بيان العقيدة الإسلامية الصحيحة، والمنهج القويم، وزيادة على حث الطلاب على ما تقدم فهو عاكف على تحقيق كتب السنة حريص على إبرازها في أحسن مظهر وأبهى حلة، مساهمة منه في خدمة الإسلام وأهله، فجزاه الله خيرا وبارك فيه وفي عمره، هو وكل قائم لله بحق. آمين.
    ومما يجب التنبيه عليه في باب النهي عن الخروج على ولاة أمر المسلمين، حرمة الخروج عليهم بالقول وتأليب الرعية عليهم وتهييج الغوغاء ضدهم بذكر أخطاءهم علنا وإن دثر ذلك بدثار النصيحة والتنبيه.
    فهو مخالف للهدي النبوي في النصح لولاة الأمور، قال عليه الصلاة والسلام: ((من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به فإن استجاب فذاك وإلا فقد برئ)). رواه الإمام أحمد في مسنده.
    قال الإمام الذهبي في السير:
    وذكر هلال بن أبي حميد ، عن ابن عكيم قال : لا أعين على دم خليفة أبدا بعد عثمان ، فقيل له : يا أبا معبد ! أو أعنت عليه ؟ قال : كنت أعد ذكر مساويه عونا على دمه .
    قال الشيخ الإمام زيد بن هادي المدخلي رحمه الله تعالى:
    فنصيحة السلطان تختلف عن نصيحة بقية الأمة لما له من الأهمية، ولما للنصيحة السرية للسلطان والمناصحة الخاصة من الفائدة ما لا يكون من النصيحة العلانية، فكم من خطأ يرتكبه من يقف على المنبر ويذكر مثالب السلطان ومثالب الدولة، وإن كان واقعا.
    نعم يخطئ كل الخطأ لأنه ما حل مشكلة، ولا استبدل معصية بطاعة، وإنما يثير فتنة ويؤلب ضعفاء العقول والعلم والإيمان على الوالي، فتكون الفوضى وتنتشر الفتنة بين الناس، وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من الالتزام بما دلت عليه النصوص من طاعة ولاة أمور المسلمين وعونهم على الطاعة والصبر عليهم كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك، أي الوالي، وأخذ مالك فاسمع وأطع.
    هذا موقف أهل السنة والجماعة، إذ ليسوا كالخوارج في كل زمان ومكان الذين يخرجون على الوالي بالكلمة السيئة، فتؤثر في قلوب الرعية فيكون موقفهم من الوالي موقفا رهيبا بالبغض وبالكلام في المجالس وبالتخطيط المخيف، والتنظيم السري الذي يقوم به الخائنون والخائنات للانقلاب عليه وأذاه، فتسوء الحال. اهـ من التعليقات اللطيفة على أصول السنة المنيفة ص 114.
    قال الشيخ الإمام أحمد بن يحي النجمي رحمه الله تعالى:
    ثم اعلم أن الخروج ينقسم إلى قسمين:
    الخروج بالقول: وهو ذكر المثالب علنا في المجامع وعلى رؤوس المنابر، لأن ذلك يعد عصيانا لهم، وتمردا عليهم، وإغراء بالخروج عليهم، وزرعا لعدم الثقة فيهم، وتهييجا للناس عليهم وهو أساس للخروج الفعلي وسبب له. اهـ من المورد العذب الزلال. ص 25.
    وقال الشيخ الإمام محمد علي فركوس حفظه الله ووفقه:
    فإنَّ طريقةَ أهلِ السنَّة السلفيِّين في الإنكار على وُلَاةِ الأمرِ ومَوْقِفَهم مِنْ إبداءِ النصيحةِ لهم هي وَسَطٌ بين الخوارجِ والروافض، حيث إنَّ الخوارج والمعتزلة يُجيزون الخروجَ على الحاكم إذا فَعَلَ مُنْكَرًا، بينما الروافضُ يَكْسُون حُكَّامَهم ثوبَ القداسة، ويُنْزِلونهم مرتبةَ العصمة؛ أمَّا سبيـلُ أهلِ السنَّة والجماعة السلفيِّين فوجوبُ الإنكار، لكِنْ بالضوابط الشرعية الواردةِ في السنَّة المطهَّرة التي كان عليها سَلَفُ الأُمَّة.
    فمَنْهَجُ أهلِ السنَّة والجماعة في مُناصَحةِ وُلَاةِ الأمر فيما صَدَرَ منهم مِنْ مُنْكَراتٍ أَنْ يُنـاصِحُوهم بالخطاب وعظًا وتخويفًا مِنْ مَقامِ الله تعالى وبالسرِّ وبالرِّفق لقوله تعالى ـ مُخاطِبًا موسى وهارون عليهما السلام حين أَرْسَلَهما إلى فرعون ـ: ﴿فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ ٤٤﴾ [طه]، هذا إِنْ وصلوا إليهم، أو بالكتابة والوساطة إِنْ تَعَذَّرَ الوصولُ إليهم؛ إذ الأصلُ في وَعْظِهم أَنْ يكون سِرًّا، وإذا طلبوا تقديمَ النصيحةِ أمامهم عَلَنًا وفَتَحوا على أَنْفُسهم بابَ إبداءِ الرأي والانتقادِ وأَذِنوا فيه؛ فيجوزُ نصيحتُهم بالحقِّ مِنْ غيرِ هَتْكٍ للأستار ولا تعييرٍ لمُنافاتِهما للجانب الأخلاقيِّ، ولا خروجٍ ـ بالقول أو الفعل ـ لمُخالَفتِه لمنهج الإسلام في الحكم والسياسة، قال النوويُّ ـ رحمه الله ـ: «وقال جماهيرُ أهلِ السنَّةِ مِنَ الفُقَهاء والمُحدِّثين والمتكلِّمين: لا ينعزل بالفسق والظلمِ وتعطيلِ الحقوق، ولا يُخْلَعُ ولا يجوز الخروجُ عليه بذلك، بل يجب وَعْظُه وتخويفُه للأحاديثِ الواردةِ في ذلك»(٦)، مع تحذيرِ الناسِ مِنْ هذه المُنْكَراتِ والبِدَعِ والمَعاصي عمومًا دون تعيينِ الفاعل أو الإشارةِ إليه أو تخصيصِ بعضِ صفاته التي يُعْرَفُ بها، كالتحذير مِنَ الزِّنا والرِّبا والظلمِ وشُرْبِ الخمر ومُحْدَثات الأمور ونحوِها عمومًا مِنْ غيرِ تعيينٍ، أي: يكفي الإنكارُ على المَعاصي والبِدَعِ والتحذيرُ منها دون تعيينِ فاعِلِها بالسبِّ أو اللعن أو التقبيح؛ فإنه يُفْضي إلى الحرمان مِنَ الخير والعدل، قال بعضُ السلف: «ما سَبَّ قومٌ أميرَهم إلَّا حُرِموا خيرَه»(٧)، وقال آخَرُ: «مَنْ لَعَنَ إمامَه حُرِمَ عَدْلَه»(٨).
    ومعنى ذلك أنَّ أهل السنَّةِ السلفيِّين يُنْكِرون ما يأمر به الإمامُ مِنَ البِدَعِ والمَعاصي ويُحذِّرون الناسَ منها ويأمرونهم بالابتعاد عنها مِنْ غيرِ أَنْ يكون إنكارُهم على وُلَاةِ الأمور في مَجامِعِ الناسِ ومَحافِلِهم، ولا على رؤوسِ المَنابِرِ ومَجالِسِ الوعظ، ولا التشهيرِ بعيوبهم ولا التشنيعِ عليهم في وسائلِ الإعلام بأنواعها المُخْتَلِفةِ: المَرْئيَّةِ والمسموعةِ والمكتوبة، بالكتابة في الصُّحُف والمَجَلَّات أو بالصُّوَرِ الكاريكاتورية ونحوِ ذلك؛ لأنَّ ذلك يُؤدِّي إلى تأليبِ العامَّة، وإثارةِ الرَّعاع، وإيغارٍ لصدور الرعيَّة على وُلَاةِ الأمور وإشعالِ الفتنة، ويُوجِبُ الفُرْقةَ بين الإخوان، وهذه النتائجُ الضارَّةُ يأباها الشرعُ وينهى عنها، و«كُلُّ مَا يُفْضِي إِلَى حَرَامٍ فَهُوَ حَرَامٌ»، و«الوَسَائِلُ لَهَا حُكْمُ المَقَاصِدِ»، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: «إنَّ أوَّلَ نِفاقِ المرءِ طَعْنُه على إمامه»(٩)، وقال أنسُ بنُ مالكٍ رضي الله عنه: «نَهَانَا كُبَرَاؤُنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قَالَ: «لَا تَسُبُّوا أُمَرَاءَكُمْ وَلَا تَغِشُّوهُمْ(١٠) وَلَا تَبْغَضُوهُمْ، وَاتَّقُوا اللهَ وَاصْبِرُوا؛ فَإِنَّ الأَمْرَ قَرِيبٌ»»(١١)، وضِمْنَ هذا المعنى قال ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ: «مذهبُ أهلِ الحديث: تَرْكُ الخروجِ بالقتال على الملوك البُغاةِ والصبرُ على ظُلْمِهم إلى أَنْ يَسْتريحَ بَرٌّ أو يُسْتراحَ مِنْ فاجرٍ»(١٢).
    فكان منهجُ أهلِ السنَّةِ السلفيِّين: جَمْعَ قلوبِ الناسِ على وُلَاتهم، والأمرَ بالصبر على ما يَصْدُرُ عنهم مِنْ ظُلْمٍ للعباد أو استئثارٍ بالمال، والدعاءَ لهم بالصلاح والعافية؛ ففي ذلك لزومُ جماعةِ المسلمين وإمامِهم وعدمُ الشذوذِ عنهم، قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ١٠٥﴾ [آل عمران]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ إِنَّمَآ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ ١٥٩﴾ [الأنعام]، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ»(١٣).
    ولزومُ الإمام والجماعةِ هو حَبْلُ اللهِ الذي أَمَرَ اللهُ بالاعتصام به كما جاء عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه(١٤) في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٢ وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ ١٠٣﴾ [آل عمران]، وفي الحديث:«الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قُلْنَا: «لِمَنْ؟» قَالَ: «للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»(١٥)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا: يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللهُ أَمْرَكُمْ، وَيَسْخَطُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ المَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ»(١٦).
    ويُشْتَرَطُ في الآمرِ بالمعروف والناهي عن المُنْكَرِ: أَنْ يكون على علمٍ بما يأمر به وما ينهى عنه، موضوعًا وزمنًا ومكانًا واستعدادًا، وأَنْ يكون رفيقًا فيما يأمر به وينهى عنه، صابرًا على ما يَلْقاهُ مِنَ الأذى، سواءٌ مِنْ حاكمٍ أو محكومٍ، قال تعالى: ﴿وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ ٣﴾ [العصر]، وقال تعالى ـ حاكيًا قولَ لقمانَ الحكيمِ لابنه وهو يَعِظُه ـ: ﴿يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ﴾ [لقمان: ١٧].
    وأَخْتِمُ بقولِ عمرِو بنِ العاصِ لابنه رضي الله عنهما: «يا بُنَيَّ، احْفَظْ عنِّي ما أُوصِيكَ به: إمامٌ عدلٌ خيرٌ مِنْ مَطَرٍ وَبْلٍ، وأَسَدٌ حَطومٌ خيرٌ مِنْ إمامٍ ظَلومٍ، وإمامٌ ظَلومٌ غَشومٌ خيرٌ مِنْ فتنةٍ تدوم»(١٧).
    والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا. اهـ من كلمة بعنوان في حكم التشهير بالحكام والتشنيع عليهم من موقع الشيخ على الشبكة.
    قال مقيده عفا الله عنه:
    ومن هذا الخروج المشار إليه، ما تشهده كل بلاد الإسلام إلا من رحم الله في هذه الأيام كما نرى ونسمع في هذه الوسائل التي نشط فيها أهل الباطل نشاطا عجيبا، من ذكر قضية قرار غلق المساجد في أول أيام حلول الوباء ـ وباء كورونا ـ على ألسنة خوارج العصر، حيث جعلوا قرارات ولاة الأمر بغلق المساجد ـ ولو بنيت على اجتهاد مزدوج ديني وطبي ـ من البراهين الواضحة على كراهية الحكام لشريعة الله تعالى بما فيها هذه الشعيرة العظيمة ـ الصلاة ـ وأن الوباء ما هو إلا سبب وافق ما في نفوسهم من إرادة تعطيل شرع الله.
    ومع الأسف فقد لقي كلامهم هذا آذانا صاغية وقلوبا مريضة طالما شحنت بذكر شبه الخوارج، فتمكنت منها أيما تمكن وصيرتهم خوارج بالقول لا يحول بينهم وبين الخروج بالسيف إلا أوان أوانه. والله المستعان.
    ومما يعتصر منه القلب أسى أن يشارك القوم بعض من ينتسب للسنة والعلم جهلا منه أو تساهلا في هذا الباب الخطير. والله المستعان
    نشرت قناة السلف الدعوية عبر وسائل التواصل منشورا بعنوان: _ أمران يشدان انتباه الخاصة والعامة _ لصاحبه القائل عن نفسه محب العلم والعلماء.
    فلعلنا نلزم منشوره تعليقا يبين بعض ما جاء فيه، نصيحة للمسمين وبيانا لمنهج السلف الصالحين، والتعليق على كلامه يبدأ بالتعليق على عنوان منشوره.
    وهو قوله: أمران يشدان انتباه الخاصة والعامة.
    يقال جوابا عليه:
    في عنوان منشوره محاولة شد انتباه عامة أهل السنة ممن قل نصيبهم من العلم والفقه، إن كان يريد بالخاصة خاصة أهل السنة وهم العلماء.
    أضف إلى العنوان ما تضمنه المنشور من مخالفة لسبيل أهل السنة وموافقة سبيل أهل الباطل في باب التعامل مع أخطاء ولاة الأمور إن كانت أخطاء بينة فضلا على مسألة فقهية لأهل العلم والسنة فيها قولان على ما يأتي بيانه بإذن الله.
    وقد تضمن كلامه أيضا تأليبا للعامة على ولاة الأمور من جهة، وهذا بين لكل ذي عينين، وتأليبا لولاة الأمور على من نصح للناس وبين لهم ما ينبغي عليهم، بناء على ما استبان له من نصوص الكتاب والسنة وفعل السلف رضي الله عنهم، والنظر في حال الناس وواقعهم، وهذا يراه أهل العلم والبصيرة في الدين. وسيأتي بيانه في موضعه بعون الله تعالى.
    كل هذا تحت اسم مستعار، وهذا بمجموعه يدخل الكاتب في حيز الإتهام، ويوجب سوء الظن به. والله المستعان.
    قال صاحب المنشور أصلحه الله:
    الأول: المعلوم أن الجهات التي قننت جملة من الإجراءات اللازمة للوقاية من الوباء ومنها التباعد، هي الجهات نفسها التي باركت وسمحت ورخصت للتنظيمات الرياضية الجماعية منها والفردية، بممارسة نشاطاتها مع العلم أن ذلك يؤدي حتما إلى التقارب وعدم التباعد.
    يقال جوابا على كلامه هذا:
    أولا: معلوم عند كل من له علم بما عليه بلدنا الطيب الجزائر وغيره من البلدان، من تقسيم المسؤوليات أي مسؤوليات إدارة الدولة، على عدة وزارات، فما تعلق بالصلاة والمساجد فهو تابع لوزارة الشؤون الدينية وما تعلق بالألعاب والرياضة تابع لوزارة الرياضة، ويشارك كلا منهما في المشاورة والتقرير في أيام الوباء ـ وباء كورونا ـ وزارة الصحة والسكان، وقد أسند ولي الأمر عندنا وعند غيرنا بما فيها بلاد الحرمين الأمر إلى من وكله على عمل يقوم به يراعي فيه المصلحة والمفسدة ويتصرف بما يقتضيه المقام على وفق حاجات الناس ومطالبهم، وما فيه حفظهم ومصلحتهم، بل حتى الولاة ورؤساء الدوائر عندنا لهم حقهم من الاجتهاد في هذا الباب، وهذا مشاهد معيش.
    فيحسن بنا في هذا المقام أن نبين أمرا مهما لزوما للعدل وقولا لكلمة الحق انطلاقا من قوله تعالى (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[الأنعام 152].
    أن دور وزارة الصحة في أيام الوباء السهر على الحفاظ على صحة الناس، وإحصاء أعداد المصابين والموتى بسبب هذا الوباء، ومن كتب الله لهم الشفاء على مدار ساعات اليوم والليلة، فجزاهم الله خيرا وبارك فيهم.
    وبناء على معطيات وزارة الصحة تبنى قرارات غيرها من الوزارات من التضييق والفتح، وهذا قد علمه كل الناس قاصيهم ودانيهم. إلا من عاند وكابر.
    فبان أن الجهات المسؤولة عن المساجد غير الجهات المسؤولة عن الرياضة والنقل وغيرها.
    ثانيا: قوله هي الجهات نفسها التي باركت وسمحت ورخصت ....الخ.
    فيه كما يقال دغدغة ولعب بمشاعر الجهال وعوام أهل السنة، فما الداعي لقوله: باركت، وهل هو إلا إشعار بفرح ومسارعة لما ذكره من السماح والترخيص، وهل يدل هذا إلا على حنق الكاتب على من يذكره وينسب الأمر إليه. فتأمل
    ومما يؤكد ما سبق ذكره قوله بعد: فمن باب أولى أن تلتفت هذه الجهات نفسها للمصلين فتسمح وترخص لهم بإقامة الصلاة بالتراص ....الخ.
    فقوله: تلتفت. فيه نسبة الإعراض إليهم عما تعلق بأمور الشرع وما يتعلق بالآخرة.
    وقوله عن الجهات المسؤولة: فتسمح وترخص. وقد كان في الأول قال عنها: باركت وسمحت ورخصت. فلم يذكر المباركة فيما يتعلق بالصلاة وذكرها فيما يتعلق باللهو واللعب، ليستقر في ذهن القارئ أنهم لا يباركون فيما تعلق بأمور الآخرة. فتنبه
    والواجب عليه وعلى كل مسلم أن يحسن الظن بولاة أمره، سيرا منه على منهج أهل السنة، وتحقيقا لمراد الله ورسوله صلى الله عليه و سلم بدلا من تتبع العثرات وإساءة الظن.
    قال الشيخ الإمام محمد علي فركوس حفظه الله تعالى:
    لذلك كان إحسانُ الظنِّ بولاةِ الأمرِ مُتَحَتِّمًا، ومِنْ لوازمِ طاعتهم: مُتابَعتُهم في الصوم والفطر والتضحية: فيصوم بصيامهم في رمضان، ويفطر بفِطْرهم في شوَّالٍ، ويضحِّي بتضحِيَتِهم في عيد الأضحى؛ ومِنْ لوازمِ طاعتهم ـ أيضًا ـ عَدَمُ إهانتهم، وتركُ سَبِّهم أو لَعْنِهم، والامتناعُ عن التشهير بعيوبهم، سواءٌ في الكتب والمصنَّفات والمجلَّات، أو في الدروس والخُطَب، أو بين العامَّة؛ كما ينبغي تجنُّبُ كُلِّ ما يُسيءُ إليهم مِنْ قريبٍ أو مِنْ بعيدٍ؛ ذلك أنَّ علَّةَ المنع: تَفادي الفوضى، وتركِ السمعِ والطاعة في المعروف، والخوضِ فيما يضرُّ نتيجةَ سبِّهم وإهانتهم؛ الأمرُ الذي يفتح بابَ التأليبِ عليهم، ويجرُّ ذلك إلى الفساد، ولا يعود على الناس إلَّا بالشرِّ المستطير؛ ولهذا قال النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «لَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ»(١١)، و«سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» (١٢)، وبيَّن خُلُقَ المؤمنِ بأنه: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ»(١٣)؛ ولا شكَّ أنَّ الاتِّصاف بهذا الخُلُقِ الذميمِ مع ولاةِ الأمورِ والأئمَّةِ مِنْ علامات الخوارج، وقد جاء على لسانِ رجلٍ منهم قولُه للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «اعْدِلْ»(١٤)، وقال آخَرُ منهم لعثمان رضي الله عنه عندما دَخَلَ عليه ليقتله: «يا نَعْثَلُ»(١٥)؛ وإنما أُمِرْنا أَنْ نَدْعُوَ لهم بالصلاح ونُعينَهم عليه، ولم نُؤمَرْ أَنْ ندعوَ عليهم ـ وإِنْ وَقَعَ منهم الجَوْرُ والظلم ـ كما يفعله فينا مَنْ لم يتَّضِحْ له مذهبُ السلفِ في مُعامَلةِ ولاةِ الأمور؛ ذلك لأنَّ ظُلْمَهم وجَوْرهم على أَنْفُسهم، أمَّا صلاحُهم فلِأَنْفُسهم وللأمَّة كُلِّها: العبادِ والبلاد، وقد جاء عن بعضِ علماءِ السلفِ قولُه: «إذا رأيتَ الرجلَ يدعو على السلطان فاعْلَمْ أنه صاحِبُ هوًى، وإذا رأيتَ الرَّجلَ يدعو للسلطان بالصلاح فاعْلَمْ أنه صاحِبُ سُنَّةٍ ـ إِنْ شاء اللهُ ـ»(١٦).
    هذا، وإذا أُمِرْنا بأَنْ ندعوَ لهم فقَدْ أُمِرْنا ـ أيضًا ـ بنصيحتهم ـ حالَ الاستطاعةِ والإمكان ـ مِنْ غيرِ تعنيفٍ ولا بأسلوبِ الفجاجةِ والغلظةِ وبكلمات السوء والمُنكَر، وإنما يكون نُصْحُهم مَبْنِيًّا على الوعظ والتخويف، تذكيرًا لهم بالله تعالى، وتحذيرًا لهم مِنَ الآخرة، وترغيبًا لهم في الصالحات؛ فإنَّ مُناصَحةَ أئمَّةِ المسلمين مُنافِيَةٌ للغِلِّ والغشِّ، كما أخبر به النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم فيما أخرجه الترمذيُّ وغيرُه مِنْ حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ العَمَلِ للهِ، وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ ـ وفي لفظٍ: طَاعَةُ ذَوِي الأَمْرِ ـ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ؛ فَإِنَّ الدَّعْوَةَ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ»(١٨).
    وقَدْ شَرَحَ الإمامُ ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ في «مفتاح دار السعادة» هذا النصَّ شرحًا دقيقًا قيِّمًا بقوله: «وقولُه: «ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ...» أي: لا يحمل الغِلَّ ولا يبقى فيه مع هذه الثلاثة؛ فإنها تَنْفي الغلَّ والغشَّ ومُفْسِداتِ القلبِ وسَخائِمَه.
    فالمُخْلِصُ لله إخلاصُه يمنع غِلَّ قلبه، ويُخْرِجُه ويزيلُه جملةً؛ لأنه قد انصرفَتْ دواعي قلبه وإرادته إلى مرضاة ربِّه؛ فلم يَبْقَ فيه موضعٌ للغلِّ والغِشِّ كما قال تعالى: ﴿كَذَٰلِكَ لِنَصۡرِفَ عَنۡهُ ٱلسُّوٓءَ وَٱلۡفَحۡشَآءَۚ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِينَ٢٤﴾ [يوسف]، فلمَّا أَخْلَصَ لربِّه صَرَفَ عنه دواعيَ السوءِ والفحشاء؛ فانصرف عنه السوءُ والفحشاءُ؛ ولهذا لَمَّا عَلِمَ إبليسُ أنه لا سبيلَ له على أهلِ الإخلاص استثناهم مِنْ شَرْطَتِه التي اشترطها للغواية والإهلاك، فقال: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ٨٢ إِلَّا عِبَادَكَ مِنۡهُمُ ٱلۡمُخۡلَصِينَ٨٣﴾ [ص]، قال تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٌ إِلَّا مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ٤٢﴾ [الحِجْر]، فالإخلاصُ هو سبيلُ الخلاص، والإسلامُ هو مَرْكَبُ السلامة، والإيمانُ خاتَمُ الأمان.
    وقولُه: «وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ»: هذا ـ أيضًا ـ مُنافٍ للغِلِّ والغشِّ؛ فإنَّ النصيحة لا تُجامِعُ الغِلَّ إذ هي ضدُّه؛ فمَنْ نَصَحَ الأئمَّةَ والأمَّة فقَدْ بَرِئَ مِنَ الغِلِّ.
    وقولُه: «وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ»: هذا ـ أيضًا ـ مِمَّا يُطهِّر القلبَ مِنَ الغِلِّ والغشِّ؛ فإنَّ صاحِبَه ـ لِلُزومه جماعةَ المسلمين ـ يحبُّ لهم ما يحبُّ لنفسه، ويكره لهم ما يكره لها، ويسوؤه ما يسوؤهم، ويسرُّه ما يسرُّهم.
    وهذا بخلافِ مَنِ انحاز عنهم واشتغل بالطعن عليهم والعيبِ والذمِّ لهم، كفعلِ الرافضة والخوارج والمعتزلة وغيرِهم؛ فإنَّ قلوبَهم مُمتلِئةٌ غِلًّا وغِشًّا؛ ولهذا تجد الرافضةَ أَبْعَدَ الناسِ مِنَ الإخلاص، وأَغَشَّهم للأئمَّة والأمَّة، وأشدَّهم بُعْدًا عن جماعة المسلمين.
    فهؤلاء أشدُّ الناس غِلًّا وغِشًّا بشهادةِ رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم والأمَّةِ عليهم، وشهادتِهم على أنفسهم بذلك؛ فإنهم لا يكونون قطُّ إلَّا أعوانًا وظَهرًا على أهل الإسلام، فأيُّ عدوٍّ قام للمسلمين كانوا أعوانَ ذلك العدوِّ وبِطانَتَه.
    وهذا أمرٌ قد شَاهَدَتْهُ الأمَّةُ منهم، ومَنْ لم يُشاهِدْ فقَدْ سَمِع منه ما يُصِمُّ الآذانَ ويُشْجِي القلوبَ.
    وقولُه: «فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ» هذا مِنْ أَحْسَنِ الكلام وأوجزِه وأفخمِه معنًى، شبَّه دعوةَ المسلمين بالسُّور والسِّياجِ المحيطِ بهم، المانعِ مِنْ دخول عدوِّهم عليهم، فتلك الدعوةُ التي هي دعوةُ الإسلام وهُم داخلونها، لَمَّا كانت سُورًا وسِيَاجًا عليهم أَخبرَ أنَّ مَنْ لَزِم جماعةَ المسلمين أحاطَتْ به تلك الدعوةُ التي هي دعوةُ الإسلام كما أحاطَتْ بهم، فالدعوةُ تجمع شَمْلَ الأمَّةِ وتَلُمُّ شَعَثَها وتحيط بها؛ فمَنْ دَخَلَ في جماعتها أحاطَتْ به وشَمِلَتْه»(١٩). اهـ من المنهج القويم في معاملة الحكام من موقع الشيخ على الشبكة.
    قال صاحب المنشور أصلحه الله:
    وترخص لهم بإقامة الصلاة بالتراص لأنها عبادة شرعت بتلك الصفة ـ ولم يثبت غيرها ـ والشأن في ذلك أن المصالح الدينية مقدمة على المصالح الدنيوية، فضلا عن كون الصلاة أعظم شعائر الاسلام بعد التوحيد، والأخرى مرتبطة باللعب والترفيه وهذا أمر واضح بين لا غموض فيه.
    يقال جوابا عليه:
    أولا: تقدمت الإشارة إلى أن المسألة عدها علماؤنا مسألة اجتهادية، لكل صاحب قول حظه من النظر والاجتهاد، فالمصيب له أجران والمخطئ له أجر الاجتهاد وخطؤه معفو عنه كما صح بذلك الخبر عن نبينا صلى الله عليه وسلم.
    وممن قال بصحة الصلاة مع عدم التراص وراعى ما خلص إليه الأطباء في هذا الزمن من وجوب التباعد: اللجنة الدائمة، والشيخ صالح الفوزان والشيخ عبد الرحمن محي الدين والشيخ سليمان الرحيلي والشيخ عبد المجيد جمعة وغيرهم حفظ الله الجميع.
    قال الشيخ الإمام محمد علي فركوس حفظه الله تعالى:
    القول بأنَّ مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيحٍ، كما بيَّن ذلك ابن القيِّم في «إعلام الموقِّعين» أتمَّ البيان، فحاصل ذلك أنه يُفرَّق بين المسائل الاجتهادية والمسائل الخلافية، ففي المسائل الخلافية فإنه يجب الإنكار على المخالف في قولٍ يخالف سنَّةً ثابتةً أو إجماعًا شائعًا، وكذلك يجب الإنكار على العمل المخالف للسنَّة أو الإجماع بحسب درجات إنكار المنكر.
    أمَّا المسائل الاجتهادية فلا يجوز الإنكار فيها على المخالف إلاَّ بعد بيان الحجَّة وإيضاح المحجَّة. اهـ من الكلمة الشهرية خطورة التأصيل قبل التأهيل. من موقع الشيخ على الشبكة.
    وقد من الله علينا بصوتية لفضيلة شيخنا الوالد أزهر سنيقرة حفظه الله تعالى: في بيان كيفية التعامل مع مثل هذه المسائل على وفق ما كان عليه أئمة الإسلام والسنة قديما وحديثا وكلامه موجود والرجوع إليه ممكن سهل والحمد لله.
    فلماذا تطرق هذه المسائل بعد بيان أكابر أهل العلم لها.
    ثانيا: قوله: والشأن في ذلك أن المصالح الدينية مقدمة على المصالح الدنيوية، فضلا عن كون الصلاة أعظم شعائر الاسلام بعد التوحيد، والأخرى مرتبطة باللعب والترفيه وهذا أمر واضح بين لا غموض فيه.
    يقال: لعل هذا من النصيحة لولاة الأمر في بيان ما يصلح وينبغي، فهلا جعلتها على وفق ما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلا يبدها علانية. خاصة في هذا الزمن الذي ترى فيه جل الناس أسبوعيا يخرجون على ولاة أمرهم. والله المستعان.
    قال صاحب المنشور أصلحه الله:
    الثاني: إن استدلال المستدل باحتكاك الناس وتقاربهم في الأسواق مع ترك الاحترازات الوقائية من هذا الوباء دون غلقها من الجهات المعنية وتغاضيهم عن ذلك لعلمهم بحاجة الناس الشديدة لهذه الأماكن في حياتهم ومراعاتهم لمصالحهم الدنيوية، فلعل المراد والقصد من ذلك:
    ـ تنبيه هذه الجهات لكي تلتفت إلى مراعاة حاجة المصلين الشديدة والملحة إلى الصلاة بصفوف متراصة على وفق السنة كما راعت أحوال الناس في الأسواق، وهذا مطلب شرعي لا إشكال فيه.
    ـ تنبيه هذه الجهات أن تراعي مصالح الناس الأخروية والتي هي مقدمة على كل المصالح الدنيوية فضلا عن أن يصدر منهم ما يؤدي إلى غلق المساجد ومنع الصلاة فيها وهذا أمر لا يخفى على أحد.
    يقال جوابا عليه:
    أولا: قوله: إن استدلال المستدل باحتكاك الناس وتقاربهم في الأسواق مع ترك الاحترازات الوقائية من هذا الوباء دون غلقها من الجهات المعنية وتغاضيهم عن ذلك لعلمهم بحاجة الناس الشديدة لهذه الأماكن في حياتهم ومراعاتهم لمصالحهم الدنيوية.
    فيه دليل على سلوك العالم لمنهج أهل السنة في التنبيه بالحكمة، وذلك ببيان العلة الحاملة على المخالطة بين الناس لصعوبة الاحتراز أو تعذره، وأيضا ببيان سبب التغاضي من المسؤولين وهو حاجة الناس الشديدة لهذه الأماكن، وهذا الكلام قد تضمن التنبيه على صعوبة التحكم في فرض الاحترازات المأمور بها في هذا الباب وإذا كان الأمر كذلك والاختلاط حاصل والتقارب واقع فلا عبرة على حد نظرة المنبه ولا داعي والأمر كما علمت إلى الاحتراز في المساجد، وهذه وجهة نظر قد بينها بحكمة ليس فيها توجيه اتهام مبطن ولا تأليب ولا عجلة ولا تجد من الكلام حنقا ولا شيئا.
    بخلاف ما يصنعه صاحب المنشور مما يكون سببا لبغض الرعية للقائمين على شؤون المسلمين مما تقدم ذكره. والله المستعان
    وقد تقدمت الإشارة في أول الكلام إلى مسألة إيقاع الوحشة بين الحاكم والعالم، وها قد آن أوان بيانها.
    فيقال: يظن القارئ لهذا المنشور وما في معناه أن مستند هذا الكلام هو قول الشيخ الفلاني، لتمسح الكاتب به وذكره لبعض أقواله، ومن هاهنا يظن بالعالم ظن السوء. وهذا لا يستقيم ولا ينبغي لأمور منها:
    أولا: أن العالم ليس هو فلان المجهول، وكل مؤاخذ بما يصدر منه من قول أو عمل، قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)[38].
    ثانيا: أن العالم ما نسب إليه نقل عنه عن طريق الرجل والرجلين، ولعل الناقل جعل واسطة في النصيحة بين العالم والحاكم، أو قيل بغرض التنبيه ولفت النظر، أو قاله العالم لبعض طلاب العلم تأييدا لما رجحه وذهب إليه، وهكذا، أما صاحب المنشور فقد كتب ونشر على رؤوس الخلائق فكان كالميزاب الذي يجمع الماء كدرا ويفرقه هدرا، فلا الزلال جمع ولا الأرض نفع. والله المستعان.
    وأما قوله: تنبيه هذه الجهات أن تراعي مصالح الناس الأخروية والتي هي مقدمة على كل المصالح الدنيوية فضلا عن أن يصدر منهم ما يؤدي إلى غلق المساجد ومنع الصلاة فيها وهذا أمر لا يخفى على أحد.
    ففيه نسبة عدم مراعاة حاجات الناس الأخروية وذلك بغلق بيوت الله، وجعل هذا مما لا يخفى على أحد.
    وهذا أمر عجيب من مدعي حب العلم والعلماء كيف يوجه مثل هذه السهام إلى من يزعم حبهم وهم العلماء فضلا عن غيرهم، ولا يعتبر كلامهم ولا يعده شيئا.
    ولا بأس بذكر كلام هيئة كبار العلماء في بيانها المتعلق بغلق المساجد في بلاد الحرمين وهذا نصه:
    أصدرت هيئة كبار العلماء قرارها رقم ( 247 ) في 22 / 7 / 1441 هـ فيما يلي نصه :
    الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد :
    فقد اطلعت هيئة كبار العلماء في دورتها الاستثنائية الخامسة والعشرين المنعقدة بمدينة الرياض يوم الثلاثاء بتاريخ 22 / 7 / 1441هـ على ما يتعلق بجائحة كورونا وسرعة انتشارها وكثرة الوفيات بها واطلعت على التقارير الطبية الموثقة المتعلقة بهذه الجائحة المشمولة بإيضاح معالي وزير الصحة لدى حضوره في هذه الجلسة التي أكدت على خطورتها المتمثلة في سرعة انتقال عدواها بين الناس بما يهدد أرواحهم وما بينه معاليه من أنه ما لم تكن هناك تدابير احترازية شاملة دون استثناء فإن الخطورة ستكون متضاعفة مبيناً أن التجمعات تعتبر السبب الرئيس في انتقال العدوى.
    وقد استعرضت هيئة كبار العلماء النصوص الشرعية الدالة على وجوب حفظ النفس من ذلك قول الله عز وجل : ( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة ) البقرة : 195 ، وقوله سبحانه : ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) النساء : 29 .
    وهاتان الآيتان تدلان على وجوب تجنب الأسباب المفضية إلى هلاك النفس، وقد دلت الأحاديث النبوية على وجوب الاحتراز في حال انتشار الوباء كقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يُورِد ممرض على مصح ) متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم: ( فر من المجذوم كما تفر من الأسد ) أخرجه البخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها ) متفق عليه.
    وقد تقرر في قواعد الشريعة الغراء أنه : " لا ضرر ولا ضرار ". ومن القواعد المتفرعة عنها : " أن الضرر يدفع قدر الإمكان " .
    وبناء على ما تقدم فإنه يسوغ شرعاً إيقاف صلاة الجمعة والجماعة لجميع الفروض في المساجد والاكتفاء برفع الأذان، ويستثنى من ذلك الحرمان الشريفان، وتكون أبواب المساجد مغلقة مؤقتاً، وعندئذ فإن شعيرة الأذان ترفع في المساجد، ويقال في الأذان: صلوا في بيوتكم؛ لحديث بن عباس أنه قال لمؤذنه ذلك ورفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث أخرجه البخاري ومسلم.
    وتصلى الجمعة ظهراً أربع ركعات في البيوت.
    ومن فضل الله تعالى أن من منعه العذر عن صلاة الجمعة والجماعة في المسجد فإن أجره تام لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً ) أخرجه البخاري.
    هذا وتوصي هيئة كبار العلماء الجميع بالتقيد التام بما تصدره الجهات المختصة من الإجراءات الوقائية والاحترازية والتعاون معها في ذلك امتثالاً لقوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة : 2 ، والتقيد بهذه الإجراءات من التعاون على البر والتقوى، كما أنه من الأخذ بالأسباب التي أمرنا الشرع الحنيف بامتثالها بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى.
    كما نوصي الجميع بتقوى الله عز وجل والإلحاح في الدعاء وكثرة الاستغفار، قال الله تعالى: ( وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ) هود : 52 والقوة هنا تشمل : سعة الرزق، وبسط الأمن، وشمول العافية.
    نسأل الله تعالى أن يرفع هذا الوباء عن عباده، وأن يجزي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وحكومتنا الرشيدة خيراً لما يبذلونه من جهود مشكورة، وتدابير وإجراءات ساهمت – بفضل الله عز وجل – في الحد من تأثير هذا الوباء المنتشر عبر العالم.
    كما نسأله سبحانه أن يحفظ الجميع بحفظه : ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) يوسف : 64 وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    فكيف يقول من اطلع على هذا الكلام وغيره لا يخفى على أحد.

    ثم قال صاحب المنشور أصلحه الله تعالى:
    وهذا التنبيه حقيق بأن يلقى منا جميعا الحمد والثناء والمباركة، والذي يدل على حرقة قائله وتشوقه للصلاة بالصفة المشروعة من التسوية والتراص ورفع التباعد الذي لم يبق معمولا به إلا في المساجد حسب ما نلحظه في الواقع.
    يقال جوابا على كلامه هذا: كيف يلقى مثل هذا الكلام المخلوط بالباطل الظاهر الحمد والثناء والمباركة، إذا بورك هذا الكلام فقل على أصل النهي عن الخروج على ولاة الأمر السلام.
    والله المستعان
    ثم اعلم أرشدني الله وإياك إلى طاعته أن التشوق لأداء الصلاة على صفتها المشروعة لا يحمل صاحبه على معصية الله، والتطاول على أهل العلم والتقدم بين أيديهم وعدم الاعتبار لأقوالهم، وموافقة أهل الباطل بتقرير مذهب الخوارج، الذين قال فيهم نبينا صلى الله عليه وسلم: يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وعملكم مع عملهم ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر في النصل فلا يرى شيئاً وينظر في القدح فلا يرى شيئاً وينظر في الريش فلا يرى شيئاً ويتمارى في الفوق. رواه البخاري.
    ولعلنا نختم بما قاله إمام أهل السنة الإمام أحمد وبينه الشيخ الإمام زيد بن هادي المدخلي رحم الله الجميع في بيان ما يجب على العامة والخاصة تجاه ولاة أمر المسلمين، لعل الكلام يجد إلى القلوب منفذا ومسلكا فيكون سببا للعيش الطيب في الدنيا والفوز برضوان الله في الآخرة :
    قال الإمام أحمد رحمه الله:
    والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة البر والفاجر لا يترك، وقسمة الفيء وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض، ليس لأحد أن يطعن عليهم، ولا ينازعهم.
    قال الشيخ الإمام زيد بن هادي المدخلي رحمه الله تعالى:
    كذلك (ليس لأحد أن يطعن عليهم ـ أي على الولاة ـ ولا ينازعهم) بمعنى يعيبهم ويلمزهم ويشهر بمثالبهم، لأم هذا طريق لا ينتج عنه إلا الفوضى والشر المستطير وليس لأحد أن ينازعهم في ولايتهم ولو كان فاضلا، يعني إذا كان من له البيعة في أعناق الشعب، يوجد من هو أفضل منه، لكن تمت له البيعة أو تغلب على الناس بسلطانه فليس لأحد أن ينقض بيعة المفضول من أجل وجود الفاضل لما يترتب على ذلك من سفك الدماء وانتهاك الأعراض وسلب الأموال.
    وإذا كان الأمر كذلك فإن الواجب على المسلمين أن يحترموا ولاة الأمور لأن الله عز وجل يحفظ بهم المسلمين، وأمنهم وتؤمن بهم السبل وتقام بهم الحدود والشعائر الدينية ويأمن الناس فينطلقون في مقاصدهم ومآربهم في طلب العلم وفي البيع والشراء وفيما يصلح شأن دينهم ودنياهم بوجود الوالي وهذا أمر مشاهد فإن أي إقليم من أقاليم الأرض فقد الوالي لا تجد فيه إلا السلب والنهب والفوضى، وعدم إقامة شعائر الله وهجر المساجد وهجر دور العلم، ولا يشتغل الناس إلا بأنفسهم حملا للسلاح وتحقيقا لصد من يتوقع هجومه عليهم فالحمد لله فإنه إذا وجد الوالي المسلم أمن الناس في ضل ولايته بفضل الله عز وجل عليهم. اهـ من التعليقات اللطيفة على أصول السنة المنيفة ص 118.
    والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
    وكتب: أبو عبد الرحمن عمر مكي التيهرتي غفر الله له ولوالديه وللمسلمين يوم الأحد 16رجب 1442 من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بمنطقة العرشية مقاطعة الرشايقة تيهرت حرسها الله وسائر بلاد المسلمين.
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2021-03-14, 07:04 AM.

  • #2
    جزاك الله خيرا أخي عمر على هذا الرد العلمي المسدد،أسأل الله أن ينفع به، خاصة والأمر يتعلق بأصل من الأصول، زلت فيه أقدام الكثير، عصمنا الله وإياك من الزلل ومضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.

    تعليق


    • #3
      آمين.
      وخيرا جزاكم الله وبارك فيكم ونفع بكم شيخنا الحبيب.
      نسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والسداد، والثبات في الدنيا و الآخرة.

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا أخي أبا عبد الرحمن وبارك فيك

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيكم ونفع بعلمكم وجزاكم خيرا

            تعليق


            • #7
              بسم الله الرحمن الرحيم
              جزاك الله خيرا أخي على نصيحتك للأخ المعني وعلى غيرتك على المنهج ، غير أنني أستسمحك في تعقيب على كلامك بذكر بعض الأمور المتعلقة بالموضوع وأخرى تتعلق بقضية مخالفة ولي الأمر ، منها ما هو موافق لما ذهبت إليه ومنها ما قد يكون مخالفا لرأيك ، فلا تبخل فيه بنصيحتي.
              لا يخفاك أن الإنصاف في كل أمر محمود ومطلوب ، و التقيد بالمنهج الحق وبديننا أولا هو سبيل تحقيق ذلك ، وترك الإنصاف قولا وعملا وتقديرا يوقع في الظلم لا محالة .
              لا أخالفك أن الأصل في نصيحة ولاة الأمور _حكاما وعلماء_ ما أسلفت ذكره في بداية المقال من آثار ، وهو شيئ لا يحتاج إلا إلى تذكير لأن بيانه وتفصيله مما عمّ بيانه في كتب أهل السنة والجماعة ، وخاصة ما يجب على طالب السلامة في وقتنا هذا الذي توفرت فيه الإتصالات وفتحت شبكة المعلومات لكل من هب ودب فوجب الإحتياط أكثر من أي وقت مضى ، سواء فيما يكتب أو لمن يكتب ، وهذا فيمن عرف بالعلم والفهم ، وبغيره أولى ، وهو مما قد زلت فيه كثير من أفهام ذوي الفهوم .والله المستعان .
              قال الشيخ ربيع في رده على أحدهم:
              وقوله: " فإن ظهر لهم صواب خفي عليه بيّنوه له، وأشاروا به عليه"
              والذي يبينه ويشير عليه هم العلماء الكبار النابهون أهل الاستنباط من النصوص ومن الأحداث التي تلم بالأمة، فيقدمون للإمام تنبيههم ومشاورتهم الحكيمة، ولا دخل لعامة الشعب، فإنهم بعيدون عن إدراك المشكلات وحلولها.
              وأن يجتنب السلفي الكتابة بالأسماء المستعارة ويبين نفسه ويعرف بها ليعرفه الناس ويظهر حاله ومنهجه (وأظن أن بعض المشايخ إستثنى منها أمورا ربما لضرورة ، والله أعلم).

              لكن من جهة أخرى أظن أن تعقيبك على منشور الأخ محب العلماء_لا أعرفه_ وعلى قضية مخالفة ولي الأمر قد حملته مالا يحتمل ، وبيانه :
              1 _ منشوره يظهر أنه مجرد تساؤل أو نقاش أو جواب لأحدهم بدافع الغيرة على الدين حول التفريق في السماح بالتجمعات والتجمهر بين الشوارع والمؤسسات عكس المساجد وإلزام الناس بالصلاة بالتباعد التي لم تعهد عند السلف، وهو معنى قوله : أمران يشدان انتباه الخاصة (السلفيون) والعامة ، من المسلمين والمصلين ومن يهمهم هذا الشأن ، وقد يحتمل عامة السلفيين وخاصة السلفيين ، والله أعلم .
              وإن رأيت أنها نصيحة لم يسرّ بها ، أو كما ذكرتَ : " قد تضمن كلامه أيضا تأليبا للعامة على ولاة الأمور من جهة، وهذا بين لكل ذي عينين، وتأليبا لولاة الأمور على من نصح للناس وبين لهم ما ينبغي عليهم، بناء على ما استبان له من نصوص الكتاب والسنة وفعل السلف رضي الله عنهم.." فلا يظهر منها أنها خطاب أو نصيحة موجهة لولي أمر معين أخلّ فيه صاحبه بالأدب والسنة فلا يجب إخراجها مما هي عليه إلى ما لا تحتمل ، قال شيخنا فركوس:
              " وعليه، فليس مِنْ طُرُقِ النصيحةِ تمريرُها على شَبَكاتِ الأنترنت والصُّحُف والمَجَلَّاتِ وغيرِها إذا لم يَأْذَنْ فيها المنصوحُ له، فإِنْ أَذِنَ فإنه يُراعَى الجانبُ الأخلاقيُّ في التعامل بالنصيحة معه؛ تقصُّدًا لتعميمِ فائدةِ النصيحة؛.." ، فزيادة على أنها لا يظهر منها أنها نصيحة خاصة ، ليس فيها ما يخالف الأدب ، بل وصاحبها ختمها بالدعاء لولي الأمر ، وإن كان هو بهذه الورقة وغيره من السلفيين إلتزموا الأدب والسنة وكتبوا في النت كلمات وردودا وبينوا الصواب فهو مما يسمح به ولي الأمر، (بل يسمح بما هوأكثر منه وأخطر وهو حرية الإنتقاد والإعتصام والتظاهر، لكن السلفي لا يطيعه في ذلك ويلتزم هدي السلف ) والله أعلم ، وتبقى حكم وطريقة النصيحة لولي الأمر معروفة لا خلاف فيها .
              وقال الشيخ فركوس : وأخيرًا، أَخْتِمُ هذه الكلمةَ بما ذَكَرَهُ ابنُ دقيق العيد ـ رحمه الله ـ حيث قال: «وأمَّا النصيحةُ لأئمَّةِ المسلمين: فمُعاوَنَتُهم على الحقِّ وطاعتُهم وأَمْرُهم به، وتنبيهُهم وتذكيرُهم برِفْقٍ ولُطْفٍ، وإعلامُهم بما غَفَلوا عنه، وتبليغُهم مِنْ حقوق المسلمين، وتركُ الخروجِ عليهم بالسيف، وتأليفُ قلوبِ الناس لطاعتِهم، والصلاةُ خَلْفَهم، والجهادُ معهم، وأَنْ يَدْعُوَ لهم بالصلاح»
              2_ ثم ذكرت قضية " الجهات التي قننت جملة من الإجراءات اللازمة للوقاية من الوباء ومنها التباعد..." وهنا مربط الفرس ، أي إلزامية التباعد ،
              فقلت : ويشارك كلا منهما في المشاورة والتقرير في أيام الوباء ـ وباء كورونا ـ وزارة الصحة والسكان
              وقلت : بناء على معطيات وزارة الصحة تبنى قرارات غيرها من الوزارات من التضييق والفتح.
              أي أن كل القاطعات تلتزم بتوصيات وزارة الصحة _وفقهم الله تعالى_ لأن الأمر متعلقه واحد بينهم وهو الوباء والعدوى ، لكنك فرقت بين القطاعات مرة أخرى وقلت : فبان أن الجهات المسؤولة عن المساجد غير الجهات المسؤولة عن الرياضة والنقل وغيرها!
              فأجملت حيث يجب التفصيل وفصلت فيما تشترك فيه كل القطاعات كأنك تطلب أعذارا ، والرجاء التوضيح أكثر لأن كل هذا التساؤل عن التباعد في المساجد إنما لما تم فتح المجال في الكثير من الولايات مؤخرا ، ولا نعني التي مازال بها الوباء ، فاكتفت بعضها بالتعقيم والأقنعة الواقية ، وفرض التباعد في الصلاة في حين كان يكفي التعقيم والأقنعة والسجادة والصلاة بصفة عادية كما يجلس الناس في وسائل النقل والبيوت مع بعضهم البعض .
              وهذا الإختلاف في العدوى وحقيقتها قد وقع من الأطباء المختصين أنفسهم ، وهو رأي قد يكون له حظه من النظر عند أهل العلم واجتهادهم في المسألة بما ذكرت أنه مسألة إجتهادية لا إنكار فيها ، وقد يكون في هؤلاء من خوله لولي الأمر فينقله ويعلمه به.
              3_ ومما لا يقبل هو مبالغتك في تفسير كلمات صاحب الورقة ، كقولك : فقوله: تلتفت. فيه نسبة الإعراض إليهم عما تعلق بأمور الشرع وما يتعلق بالآخرة.! وهو لم يصرّح بذاك .
              فهل يصح _على هذا المنوال_ يا أخي أن نقول كمثال أن الدعاء لولي الأمر بالبطانة الصالحة فيه نسبة البطانة السيئة حوله وفساد محيطه ؟
              أو أن نحذر من الشرك والقبور والمزارات التي لا يخفاك حالها في بلادنا ، فيأتي من ينكر بحجة الطعن في الوزارة ، وقس على ذلك العشرات من الأمثلة .
              وكما بين العلماء حرمة الخروج بينوا عدم جواز مدح ولي الأمر ووصفه بما ليس فيه ، و من الإنصاف لا يجب أن يقودنا الخلاف أن يحصر الدين كله في طاعة ولي الأمر وفقط .
              4_ من الأمور المهمة التي يجب أن نعرفها : هل كل مخالفة لولي الأمر هي خروج ومنهج خوارج؟ ليتك تتكرم بالجواب .
              وإليك بعضا من كلام أهل العلم في ذلك ، وليتك تجيب أهو تأصيل لجواز الخروج بمجرد المخالفة ؟
              الشيخ الألباني
              ... أما هذه الكلمة التي تشاع في هذا الزمان وهي مخالفة ولي الأمر هذه مع الأسف كلمة يستغلها كثير من الدعاة الذين يزعمون أنهم من الدعاة إلى الإسلام ، لا يجوز مخالفة ولي الأمر ، أنا أقول معهم لا يجوز للمسلم أن يخالف ولي الأمر لكن ما صبغة ما صفة هذا الولي ، أنتم تعرفون الولاية قسمان ........، أريد أن أبين الحكم الشرعي في من هم أولياء الأمر الذين يجب اطاعتهم هم الذين ينطلقون في حكمهم لأمتهم ولشعبهم على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما كان الخلفاء الراشدون ومن سار سيرهم من بعض الملوك الذين جاءوا من بعدهم ، هؤلاء الحكام الذين يضعون نصيب أعينهم تحكيم الشريعة يجب إطاعتهم ، أما ولي الأمر يحكم بقانون وهذا القانون يتطور ويتغير ما بين عشية وضحاها كما رأيتم آنفا السوق البيضاء انقلبت إلى سوق سوداء والقانون لا يزال هو هو ، فإذا نحن يجب أن نراعي الأحكام الشرعية الأصيلة .
              وقال : ... قد يستشير ولي الأمر من لا دين له من لا فقه عنده و قد يستشير من ينظر إلى المسألة من ناحية معينة...
              وقال : فقصدي هم دائما يقولون هذا رأي ولي الأمر لا يجوز مخالفة ولي الأمر يا أخي مو كل ولي الأمر لا يجوز مخالفته يجب أن يكون أولا مبايعا ثانيا أن يكون عالما إذا لم يكن عالما فعلى الأقل يكون عنده لجنة من أهل العلم لا يتحرك ولا يتقدم إلى عمل شيء إلا برأي شورى ...
              5_ومما جاء في الموضوع قولك عن عموم أهل السنة :
              " في عنوان منشوره محاولة شد انتباه عامة أهل السنة ممن قل نصيبهم من العلم والفقه
              "فيه كما يقال دغدغة ولعب بمشاعر الجهال وعوام أهل السنة .."
              الذي أراه يا أخي أنه لايجب الحط من عوام أهل السنة بهذه الطريقة ،و حتى وإن صدر منهم ما يخالف الهدي السلفي أحيانا فيناصحون ويخاطبون بالحسنى ، وقد يكون فيهم المندس من لا علاقة له بالسنة ، ينبهون على ذلك ولا يكون في تعميم الجهل عليهم والحط من وعيهم .
              وجاء في الموضوع مثله قولك :
              "بخلاف ما يصنعه صاحب المنشور مما يكون سببا لبغض الرعية للقائمين على شؤون المسلمين .."
              يظهر من خلال قولك الرعية عموم أهل البلد غير عوام السلفين ، و هؤلاء في الحقيقة لاينتظرون كلاما وتأصيلا و خطأ من شيخ سلفي أو ناصح من أهل السنة حتى يجعلوه سببا في مخالفة ولي الأمر ، لأن فيهم من يبرر ويستدل على ذلك حتى من القرآن بسبب سوء فهومهم ونواياهم .

              والله أعلم .

              تعليق


              • #8
                بسم الله الرحمن الرحيم

                الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
                فقد اطلعت على ما كتبه الأخ خالد أبو علي تعقيبا على ما كتبته بيانا لما جاء في كلام ـ محب العلم والعلماء ـ في منشوره الموسوم بـ: أمران يشدان انتباه الخاصة والعامة ـ وذلك بعد استشارة بعض علماء السنة، جزاهم الله خيرا وبارك فيهم ونفع الأمة بعلمهم.
                فألفيت تعقيبه كما قال الأول:
                هو الكشوث فلا أصل ولا ورق***ولا نسيم ولا ظل ولا ثمر.




                يدل على قلة علم، وجرأة لا ينبغي أن يتصف بها طالب السلامة في الدنيا والآخرة خاصة والأمر يتعلق بأمور الدين بل بأصل من أصوله وهو: طاعة من ولاه الله عز وجل أمرنا من أمراء وعلماء هذه الأمة الكريمة، ولا يستقيم أمر الناس في دينهم ولا دنياهم إلا بمعرفة قدر العلماء وولاة الأمر، قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: وهو كذلك فسر أولي الأمر في قوله: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ)[النساء 59] بأمراء الحرب من الملوك ونوابهم، وبأهل العلم والدين، الذين يعلمون الناس دينهم، ويأمرونهم بطاعة الله، فإن قوام الدين بالكتاب والحديد كما قال الله تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)[الحديد25]. اهـ من فتوى فيما يفعله الصوفية من صحبة المردان ومؤاخات النسوان.
                قال ابن المبارك:
                من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته. اهـ سير أعلام النبلاء للذهبي 8 / ٤٠٥.
                قال سهل ابن عبد الله التستري رحمه الله تعالى:
                لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفوا بهذين أفسدوا دنياهم وأخراهم. أورده القرطبي في تفسيره.
                ومن تأمل حال كثير من الناس اليوم وجدهم لا يعرفون منزلة العلماء ولا الأمراء، إلا من رحم ربك، والواقع أكبر شاهد، بل يدل عليه ما بين أيدينا، فالأخ خالد كتب ما كتب تحت تعليق الشيخ الوالد أزهر سنيقرة حفظه الله واستأذنني في التعقيب دونه ـ ومن نحن بين يدي علمائنا ـ، وهذه والله بلية ورزية، دخلت على السلفيين من باب تعظيم الحق زعموا، ولو أنهم أرادوا الحق لطلبوه في سيرة من أمرنا بالسير على طريقتهم وقفو آثارهم في قوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[التوبة100]ٌ قال صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه) قال المناوي وذلك بمعرفة حق العلم بأن يعرف حقه بما رفع الله من قدره فإنه قال (يرفع الله الذين آمنوا) ثم قال (والذين أوتوا العلم) فاحترام العلماء ورعاية حقوقهم توفيق وهداية وإهمال ذلك خذلان وعقوق وخسران. اهـ التيسير بشرح الجامع الصغير ج2ص641.
                قال ابن الصلاح رحمه الله تعالى: وكان إبراهيم والشعبي إذا اجتمعا لم يتكلم إبراهيم بشيء.
                وزاد بعضهم: فكره الرواية ببلد فيه من المحدثين من هو أولى منه لسنه أو لغير ذلك. اهـ من علوم الحديث ص 216.
                وهؤلاء الأئمة الأفذاذ كانوا يسكتون عند كبرائهم وهم ومن هم في سعة العلم وكبير الإطلاع، ونحن اليوم نتقدم بين يدي علمائنا بالجهل الفاضح والخلط المبين. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
                قال ابن معين: "إن الذي يحدث بالبلدة وفيها من هو أولى منه بالتحديث فهو أحمق" المصدر السابق.
                فأما قول خالد في تعقيبه:
                لا أخالفك أن الأصل في نصيحة ولاة الأمور _حكاما وعلماء_ ما أسلفت ذكره في بداية المقال من آثار ، وهو شيئ لا يحتاج إلا إلى تذكير لأن بيانه وتفصيله مما عمّ بيانه في كتب أهل السنة والجماعة ، وخاصة ما يجب على طالب السلامة في وقتنا هذا الذي توفرت فيه الإتصالات وفتحت شبكة المعلومات لكل من هب ودب فوجب الإحتياط أكثر من أي وقت مضى ، سواء فيما يكتب أو لمن يكتب ، وهذا فيمن عرف بالعلم والفهم ، وبغيره أولى ، وهو مما قد زلت فيه كثير من أفهام ذوي الفهوم .والله المستعان .
                قال الشيخ ربيع في رده على أحدهم:
                وقوله: " فإن ظهر لهم صواب خفي عليه بيّنوه له، وأشاروا به عليه"
                والذي يبينه ويشير عليه هم العلماء الكبار النابهون أهل الاستنباط من النصوص ومن الأحداث التي تلم بالأمة، فيقدمون للإمام تنبيههم ومشاورتهم الحكيمة، ولا دخل لعامة الشعب، فإنهم بعيدون عن إدراك المشكلات وحلولها. اهـ
                فيقال: في هذا الكلام بيان لأصل من أصول هذه الشريعة الطيبة، قال ابن سيرين رحمه الله تعالى: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.
                وعليه فإن الواجب على المسلم أن يعمل بما علم ويطبق ما يقول، فقد (كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)[الصف 3].
                والواقع أنك لم تعمل بما قررت بل نقضته بقولك: لكن من جهة أخرى أظن أن تعقيبك على منشور الأخ محب العلماء _لا أعرفه_. اهـ
                فإن كنت لا تعرفه، فكيف تدافع عنه وتشهد له بأنه تكلم ـ بدافع الغيرة على الدين ـ، وذلك في قولك: أو جواب لأحدهم بدافع الغيرة على الدين. وهذا من التناقض الظاهر.
                وشهدت لمن ـ لا تعرفه ـ بالسلفية فقلت: وإن كان هو بهذه الورقة وغيره من السلفيين إلتزموا الأدب. وهذه كسابقتها، قال تعالى: (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ)[الزخرف19].
                قال البربهاري رحمه الله تعالى: ولا يحل لرجل مسلم أن يقول: فلان صاحب سنة، حتى يعلم منه أنه قد اجتمعت فيه خصال السنة، لا يقال له: صاحب سنة حتى تجتمع فيه السنة كلها. اهـ شرح السنة.
                فكيف تزكيه وتلتمس له الأعذار وأنت ـ لا تعرفه ـ أم غرك ما يتناقله الناس بأنه معروف ووو.....إلخ؟
                اعلم يا خالد أنه ولو كان معروفا عند بعضهم، وما علمت من كلام كل من كلمني من إخواني طلبة العلم أنه عالم، بل هزالة بعض كتاباته وسوء فهمه، وتكلمه في مسألة بهذا الحجم، يدل على خفة عقله، وسيأتي بيان ذلك في موضعه بإذن الله تعالى.
                وما نحن فيه في مسألة الصلاة مع التباعد عدها العلماء نازلة ولا يتكلم في النوازل إلا العلماء، كما هو معلوم، قال الشيخ العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله: وأما المسائل التي يكون المورد فيها مورد اجتهاد فإن العلم فيها منوط بأهل العلم الراسخين فيه. اهـ اللآلئ البهية ج2ص467.
                فأين محل ـ محب العلم ـ من الإعراب؟.
                ومما يحسن ذكره ما كان بيني وبين بعض إخواني من عقلاء طلبة العلم فيما أحسبه والله حسيبه، على إثر مقال ـ محب الحق ـ وكنت أنكرت كتابته أشد إنكار وقلت: من صار بين دفتي الرحى خرج دقيقا. أي من حشر نفسه من طلاب العلم بين العلماء الكبار في النوازل صار إلى ما لا تحمد عقباه. والله المستعان.
                وأما قوله:
                منشوره يظهر أنه مجرد تساؤل أو نقاش أو جواب لأحدهم. اهـ
                يقال: ما الذي يحملك على هذا الخلط العجيب، في الدفاع على من لا تعرفه؟ ولماذا هذا التهوين المريب؟
                قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42)[المدثر38 42].
                قال ابن كثير رحمه الله تعالى: ( إلا أصحاب اليمين ) فإنهم (في جنات يتساءلون عن المجرمين) أي : يسألون المجرمين وهم في الغرفات وأولئك في الدركات قائلين لهم :
                (ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين). اهـ من تفسير سورة المدثر.
                قال القرطبي رحمه الله:
                (يتساءلون) أي يسألون (عن المجرمين). اهـ من تفسير سورة المدثر.
                فـمحب العلم والعلماء ـ على قولك سائل.
                طيب. يسأل من (خاصة الناس أم عامتهم)؟.
                ثم ليس بين كونه سائلا ومجيبا في كلامك إلا كلمة (النقاش)، فتأمل قولك: تساؤل أو نقاش أو جواب.
                فإذا كان سائلا فالسؤال يوجه للعلماء، قال تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النحل43].
                وإن كان مناقشا ـ تنزلا ـ فليست هذه المسألة من المسائل التي تناقش علنا. قال تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)[النحل 125].
                وإن كان مجيبا، فأين السؤال؟ وأين الجواب؟.
                وعلى سنن السلف نمضي فيقال ـ على فرض أنه جواب ـ: من خوله وقدمه للإجابة؟
                فإن كان كذلك فمن شهد له من أهل العلم بالعلم؟ ومن أذن له منهم بالفتوى في النوازل والملمات؟.
                ومنشوره ليس سؤالا ولا نقاشا ولا جوابا، بل هذا تكلف منك ظاهر.
                اعمد لما تعلو فما لك بالذي *** لا تستطيع من الأمور يدان.




                وأما قوله:
                وإلزام الناس بالصلاة بالتباعد التي لم تعهد عند السلف.
                فيقال: هذه المسألة قرر العلماء أنها نازلة نزلت بأهل الأرض ولم تصب قطرا دون قطر فهي قد عمت بها البلوى، وبينوا أنها مسألة اجتهادية لكل من الفريقين حظه من النظر والاجتهاد، والناس لا ينبغي أن ينكر بعضهم على بعض في مثل هذه المسائل حتى نصير أعداء وكأنها مسألة ولاء وبراء كما هو الواقع اليوم، نسأل الله العافية والسلامة.
                فترى التراشق بالكلام ومن لم يعمل بقول فلان ففي سلفيته دخن، بل حدثني من أثق به من إخواني أن بعضهم قال: الشيخ الفلاني بعد مضي مئة سنة يذكر صبره كما ذكر صبر الإمام أحمد في فتنة القول بخلق القرآن. نسأل الله العافية والسلامة.
                وعليه: فمن صلى من الناس مع التباعد فهو آخذ بقول عالم، وليس ملزما من قبل ولي الأمر.
                ولعلي أذكر قصة يظهر من خلالها للقارئ اللبيب مثال من أمثلة إلزام ولي الأمر للناس بما لا ينبغي شرعا وهو مخالفة بينة، ليست محل اجتهاد ولا يقول بها أحد من أهل السنة، وتأمل فيما يصنعه علماء أهل السنة حيال ذلك.
                أخرج ابن عبد البر في التمهيد: عن عطاء أنه قال: أخر الوليد مرة الجمعة حتى أمسى، فصليت الظهر قبل أن أجلس، ثم صليت العصر وأنا جالس، أضع يدي على ركبتي، وأومئ برأسي. ج8ص60.
                قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى:
                وقد ذكر ابن عبد البر في التمهيد أن بعض ولاة بني أمية كانوا يحبسون الناس في صلاة الجمعة فلا يخرجون إلا قريب العصر. وكان الصحابة في الناس، وكان التابعون وسادة التابعين وعلماء التابعين في الناس، وكان الشرط يقفون على الرؤوس ألا يصلي أحد قبل إتيان الأمير، فكانوا يلقون من ذلك عنتا وشدة، قال ابن عبد البر: فكان بعضهم يصلي إيماء خشية ذهاب الوقت.
                فكانت هذه المسائل في الزمن الأول شديدة في مسائل الصلاة والعبادة، وكان الأمر ما يراه الأمراء في ذلك الزمان، ومع ذلك كانت طريقة أهل السنة واحدة ، لأن النصوص دلت على شيء عام، ونهت عن شيء محدد، فلزموا ذلك ولم يختلفوا فيه مع تغير الأحوال في الأزمنة المختلفة. اهـ اللآلئ البهية ج2ص497.
                فليت شعري أين نحن من أولئك الفقهاء الأبرار.
                وأما قوله:
                وإن رأيت أنها نصيحة لم يسرّ بها ، أو كما ذكرتَ.
                فيقال: رأيت كما رأيت وكما رأى غيرك قول ـ محب العلم ـ:
                إن استدلال المستدل باحتكاك الناس وتقاربهم في الأسواق مع ترك الاحترازات الوقائية من هذا الوباء دون غلقها من الجهات المعنية وتغاضيهم عن ذلك لعلمهم بحاجة الناس الشديدة لهذه الأماكن في حياتهم ومراعاتهم لمصالحهم الدنيوية، فلعل المراد والقصد من ذلك:
                ـ تنبيه هذه الجهات لكي تلتفت إلى مراعاة حاجة المصلين الشديدة والملحة إلى الصلاة بصفوف متراصة على وفق السنة كما راعت أحوال الناس في الأسواق، وهذا مطلب شرعي لا إشكال فيه.
                ـ تنبيه هذه الجهات أن تراعي مصالح الناس الأخروية والتي هي مقدمة على كل المصالح الدنيوية فضلا عن أن يصدر منهم ما يؤدي إلى غلق المساجد ومنع الصلاة فيها وهذا أمر لا يخفى على أحد. اهـ من منشوره
                فهو يصرح بأنه تنبيه من العالم لولاة الأمر، لكن كلام العالم كان في نطاق ضيق فوسعه، وقد تقدم الجواب عنه في التنبيه، لمن رام مراجعته.
                وأنت يا خالد تقول: فلا يظهر منها أنها خطاب أو نصيحة موجهة لولي أمر معين. فلعلك تفرق بين النصيحة والتنبيه في هذا المقام؟.
                تكلم وسدد ما استطعت فإنما***كلامك حي والسكوت جماد
                فإن لم تجد قولا سديدا تقوله***فصمتك من غير السداد سداد.




                وأما قوله:
                فزيادة على أنها لا يظهر منها أنها نصيحة خاصة ، ليس فيها ما يخالف الأدب ، بل وصاحبها ختمها بالدعاء لولي الأمر. اهـ
                فيقال: بل فيها ما يخالف الشرع الحنيف، وقد تبين لك أن فيها ما يخالف أصلا من أصول السنة سواء علمه محب العلم أو جهله ولو لزم الصمت كغيره من طلاب العلم، وأسدى الأمر إلى أهله لأراح واستراح، ولكنه أبى إلا أن يتكلم فيما لا ينبغي لمثله أن يخوض فيه، وإن تعجب فعجب ما يفعله كثير من طلاب العلم من الدفاع عنه ونشر كلامه، متجاهلين ما درج عليه كل أهل السنة من إنزال الناس منازلهم والحذر من الإفراط في الأمور أو التفريط والله المستعان.
                وأما ختامه لما كتب بالدعاء لولي الأمر فهذا لا يجعل كل ما تقدم في كلامه صوابا، فقد يكون المرء جاهلا جهلا مركبا يحسب الخطأ صوابا، فالعبرة بموافقة الحق أو مخالفته، فدعاؤه لولي الأمر أمر طيب، لا تطيب به مخالفة المنهج الحق. والله أعلم.
                وأما قوله:
                وإن كان هو بهذه الورقة وغيره من السلفيين إلتزموا الأدب والسنة وكتبوا في النت كلمات وردودا وبينوا الصواب فهو مما يسمح به ولي الأمر، (بل يسمح بما هوأكثر منه وأخطر وهو حرية الإنتقاد والإعتصام والتظاهر، لكن السلفي لا يطيعه في ذلك ويلتزم هدي السلف ) والله أعلم.
                فيقال أولا: الذي عليه أهل السنة طاعة ولي الأمر في المعروف، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)[النساء59].
                قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
                فهذه أوامر بطاعة العلماء والأمراء ، ولهذا قال تعالى : ( أطيعوا الله ) أي : اتبعوا كتابه ( وأطيعوا الرسول ) أي : خذوا بسنته ( وأولي الأمر منكم ) أي : فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصية الله ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله ، كما تقدم في الحديث الصحيح : " إنما الطاعة في المعروف " . وقال الإمام أحمد :
                حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة ، عن أبي مراية ، عن عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا طاعة في معصية الله " .
                وقوله : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) قال مجاهد وغير واحد من السلف : أي : إلى كتاب الله وسنة رسوله . اهـ من تفسير سورة النساء.
                قال جامعه عفا الله عنه:
                فإذن ولي الأمر بانتقاده علانية لا يسوغ للعبد معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أمر بمناصحة ولي الأمر سرا فقال: من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ولكن يأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه. رواه ابن أبي عاصم وصححه الألباني رحمه الله.
                وهذا الحديث طبقه الصحابة رضي الله عنهم تطبيقا عمليا كما يأتي بيانه في موضعه بإذن الله.
                قال الشيخ الإمام صالح اللحيدان حفظه الله ورعاه وكان سئل:
                أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ: يقرر بعض الدعاة وطلبة العلم أن الندوات التي يحصل فيها الإنكار العلني على ولي الأمر أو حكومته وبيان أخطائهم جائزة حيث أن ولي الأمر قد أذن فيها وأن المحرم فقط هو المظاهرات والمسيرات، فما توجيه فضيلتكم؟
                فأجاب: لا شك أن هذا عمل غير صالح وإذا كان ولي الأمر يجيز ذلك فقد أخطأ على نفسه وعلى المجتمع بل يجب عليه أن يمنع هذه الأمور .... فإذنه في ذلك إذن فيما لم يرد فيه نص عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من الأمور المستحسنة، ثم إن الانتقاد والتجريح لولي الأمر أو لبعض نوابه، إذا كان هذا التجريح بحق فليرفع له سرا كما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلون، ولما قيل لأسامة بن زيد رضي الله عنه وعن أبيه، قال أتظنون أنني لا أكلم الخليفة. وبين لهم أن ليس كل ما يكلم الخليفة عليه أن يخبر الناس أنه كلمه ونصحه إلى آخره.
                المقصود حصول النفع العام لا إشاعة ما يكره علانية فالتجريح في غير محله، والمسؤول عن الأمة في أي بلد كان عليه أن يحرص على مصالحهم. اهـ من صوتية للشيخ على الشبكة.
                ثانيا: قولك: وإن كان هو بهذه الورقة وغيره من السلفيين إلتزموا الأدب والسنة. ثم قولك بعدها: لكن السلفي لا يطيعه في ذلك ويلتزم هدي السلف. اهـ
                يقال: لعلك لو تأملته ما كتبته، فلو قيل: أن بين القولين حقبة من الزمن لقيل: كان جاهلا وتعلم، أما وهي في سطر واحد فهذا أمر عجيب.
                ما هي السنة التي التزمها هو ومن كتب معه؟ ثم إذا كان هذا من السنة فلماذا لا يطيع السلفي ولي الأمر فيه؟
                واعلم أن نسبة الشيء إلى شرع الله وقول هذا من السنة وليس كذلك أمر خطير، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[الشورى 21]. قال السعدي رحمه الله تعالى: (شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) من الشرك والبدع، وتحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرم الله ونحو ذلك مما اقتضته أهواؤهم. اهـ من تفسير سورة الشورى.
                قال الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله:
                فجعل سبحانه من شرع للناس شيئاً من الدين لم يشرعه الله شريكا له في تشريعه، ومن أطاعه في ذلك فهو مشرك بالله تعالى شرك الطاعة. اهـ من موقع الشيخ
                ونحن ننزهك عن هذا، ولكن كثرة الكلام مذمومة، فتدبر ما تقوله، واحمل نفسك يا أخي على الصمت وقلة الكلام واحرص على الصواب منه.
                أوصيك في نظم الكلام بخمسة***إن كنت للموصي الشفيق مطيعا
                لا تغفلن سبب الكلام ووقته*** والكيف والكم والمكان جميعا.




                وأما قوله:
                وتبقى حكم وطريقة النصيحة لولي الأمر معروفة لا خلاف فيها .
                فيقال: قولك: لا خلاف فيها.
                إطلاق منك لا ينبغي، ثم من أين لك أنها مسألة محل اتفاق بين أهل العلم، ومن سبقك إلى نفي الخلاف؟
                بل المطلع على المسألة يرى فيها اختلافا بين أهل السنة، والسبب في ذلك والله أعلم، هو الاختلاف في الحكم على حديث عياض ابن غنم رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ولكن يأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه. رواه ابن أبي عاصم.
                وقد تقدم أن الحديث صححه الشيخ الألباني رحمه الله، وضعفه الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله، ومن قال بمشروعية النصح العلني ـ الشيخ مقبل رحمه الله ـ اشترط وضوح منهج الناصح خاصة فيما يتعلق بالخروج وأنه معروف بعدم الدعوة للخروج، ونصيحته لولي الأمر إنما هي متعلقة بذلك المنكر فقط ولا يجوز الخروج وهكذا، معتبرا هذا امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكرا فليغيره، وغيرها من الأدلة العامة.
                قال الشيخ العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله معلقا على عياض ابن غنم رضي الله عنه:
                وهذا الحديث إسناده قوي ولم يصب من ضعف إسناده وله شواهد كثيرة ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد، ويؤيده ما جاء في الصحيحين من أنه قيل لأسامة بن زيد: ألا تدخل على عثمان فتكلمه؟ فقال أسامة: إنكم لترون أني لا أكلمه، ألا أسمعكم، إني أكلمه في السر دون أن أفتح بابا لا أكون أول من فتحه. متفق عليه، وهذا موافق لهذا الأصل. اهـ اللآلئ البهية ج2ص482.
                وزيادة على أن الأمر لا ينضبط والناس كما هو معلوم يجهلون أصول السنة خاصة ما يتعلق بباب الإنكار على ولاة الأمر، والمشاهد المعاش أن الناس مع نهي العلماء عن الخروج والسلفيون بحت أصواتهم بنقل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام من يعتد بقوله من أهل السنة، فهم يخرجون بالقول والفعل إلا قليلا منهم، فما ظنك لو فتح باب الانتقاد العلني؟
                هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالناظر فيما كان يفعله الصحابة رضي الله عنهم، حينما ينصحون ولاة أمرهم يعلم أن طريقتهم في ذلك إنما هي السرية وعدم التشهير كما في قصة أسامة ابن زيد رضي الله عنهما مع أمير المؤمنين عثمان ابن عفان رضي الله عنه.
                قال النووي رحمه الله موضحا قصد أسامة رضي الله عنه:
                قوله: أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من افتتحه” يعنى المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ. اهـ المنهاج
                قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: قال سعيد بن جبير : قلت لابن عباس : آمر السلطان بالمعروف وأنهاه عن المنكر ؟ قال : إن خفت أن يقتلك ، فلا ، ثم عدت ، فقال لي مثل ذلك ، ثم عدت ، فقال لي مثل ذلك ، وقال : إن كنت لا بد فاعلا ، ففيما بينك وبينه . جامع العلوم والحكم.
                وعن سعيد بن جمهان قال: أتيت عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصر، فسلمت عليه، قال لي: من أنت؟ فقلت: أنا سعيد بن جمهان، قال: فما فعل والدك؟ قال: قلت: قتلته الأزارقة، قال: لعن الله الأزارقة، لعن الله الأزارقة، حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنهم كلاب النار "، قال: قلت: الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها؟ قال: " بل الخوارج كلها ". قال: قلت: فإن السلطان يظلم الناس، ويفعل بهم، قال: فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة ، ثم قال: " ويحك يا ابن جمهان عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم إن كان السلطان يسمع منك، فأته في بيته، فأخبره بما تعلم، فإن قبل منك، وإلا فدعه، فإنك لست بأعلم منه ". رواه الإمام أحمد في مسنده.
                فتبين للقارئ اللبيب مما تقدم طريقة السلف في النصح للسلطان وأنها تكون سرا فيما بين الناصح وولي الأمر.
                فإن قال قائل: فهذا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنكر على مروان ابن الحكم علانية؟.
                قيل قد أجاب أهل العلم على هذه القصة بما يكفي.
                قال الشيخ العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى:
                وأهل العلم فرقوا في هذا المقام بين النصيحة فيما يقع في الولاية وبين ما يكون منكرا يفعله السلطان بحضرة الناس، وقد ورد كثير من الآثار والأحاديث أنكر فيها الصحابة وأنكر فيها التابعون على ذوي السلطان علنا وكلها بدون استثناء يكون فيها أن المنكر فعل بحضرتهم، ورأوه أو سمعوه سماعا محققا.
                مثال ذلك ما أنكر الرجل على مروان في تقديمه خطبة العيد على الصلاة، فهذا شيء سمع منه فأنكره عليه علنا، فإن السلطان إذا فعل منكرا فإنه ينكر عليه ولو كان بحضرة الناس بشرط أن يؤمن أن يكون ثم فساد أعظم منه مثل مقتله أو فتنة عظيمة أو نحو ذلك. اهـ من اللآلئ البهية ج2ص482.
                وقال الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
                ثم هناك فرقا بين أن يكون الأمير أو الحاكم الذي تريد أن تتكلم عليه بين يديك وبين أن يكون غائبا، لأن جميع الإنكارات الواردة عن السلف إنكارات حاصلة بين يدي الأمير أو الحاكم، وهنا فرق بين كون الأمير حاضرا أو غائبا، الفرق أنه إن كان حاضرا أمكنه أن يدافع عن نفسه، ويبين وجهة نظره، وقد يكون مصيبا ونحن المخطئون، لكن إذا كان غائبا وبدأنا نحن نفصل الثوب عليه على ما نريد هذا هو الذي فيه الخطورة، والذي ورد عن السلف كله في مقابلة الأمير أو الحاكم. اهـ من صوتية للشيخ على الشبكة.
                وسئل الشيخ محمد بازمول حفظه الله:
                شيخنا بارك الله فيكم يورد البعض هذه الشبهة وهو قولهم: أن المنكر إذا كان معلنا فالنصيحة تكون علانية (كما فعل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه) وأن الإعلام في زماننا يحل محل الإنكار العلني الذي قام به الصحابي الجليل أبو سعيد رضي الله عنه؟
                فأجاب حفظه الله: قصة أبي سعيد رضي الله عنه واقعة عين يتطرق إليها الاحتمال: فيحتمل أنه لم يبلغه الحديث، ويحتمل أنه بلغه ونسيه، ويحتمل أنه بلغه واجتهد ورأى أن هذا يفوت، ويحتمل أمورا أخرى لا نحيط بعلمها تتعلق بملابسات الحال التي جعلته يتكلم مع الأمير علانية، على كل حال هذا تصرف صحابي على خلاف لفظ حديث، فهل العبرة بتصرفه أو الأخذ بالحديث؟
                لا شك أن العبرة هي الأخذ بالحديث، وتصرف أبي سعيد رضي الله عنه واقعة عين لا يستدل بها على خلاف الحديث. والله الموفق. اهـ من موقع الشيخ على الشبكة.
                وأما قوله:
                ثم ذكرت قضية " الجهات التي قننت جملة من الإجراءات اللازمة للوقاية من الوباء ومنها التباعد..." وهنا مربط الفرس ، أي إلزامية التباعد ،
                فقلت : ويشارك كلا منهما في المشاورة والتقرير في أيام الوباء ـ وباء كورونا ـ وزارة الصحة والسكان
                وقلت : بناء على معطيات وزارة الصحة تبنى قرارات غيرها من الوزارات من التضييق والفتح.
                أي أن كل القاطعات تلتزم بتوصيات وزارة الصحة _وفقهم الله تعالى_ لأن الأمر متعلقه واحد بينهم وهو الوباء والعدوى ، لكنك فرقت بين القطاعات مرة أخرى وقلت : فبان أن الجهات المسؤولة عن المساجد غير الجهات المسؤولة عن الرياضة والنقل وغيرها!
                فأجملت حيث يجب التفصيل وفصلت فيما تشترك فيه كل القطاعات كأنك تطلب أعذارا ، والرجاء التوضيح أكثر. اهـ
                فيقال باختصار شديد: سؤال: هل وزير الرياضة هو من يأمر وينهى مسؤولي وعمال وزارة الشؤون الدينية؟
                والجواب: طبعا لا، فتبين بهذا وجه التفريق المذكور فيما نقلت. والله أعلم.
                وأما قوله:
                ومما لا يقبل هو مبالغتك في تفسير كلمات صاحب الورقة ، كقولك : فقوله: تلتفت. فيه نسبة الإعراض إليهم عما تعلق بأمور الشرع وما يتعلق بالآخرة.! وهو لم يصرّح بذاك .
                يقال: قال ـ محب العلم ـ عن الجهات المعنية ـ نواب ولي الأمر ـ :المعلوم أن الجهات التي قننت جملة من الإجراءات اللازمة للوقاية من الوباء ومنها التباعد، هي الجهات نفسها التي باركت وسمحت ورخصت للتنظيمات الرياضية الجماعية منها والفردية، بممارسة نشاطاتها مع العلم أن ذلك يؤدي حتما إلى التقارب وعدم التباعد، فمن باب أولى أن تلتفت هذه الجهات نفسها للمصلين فتسمح وترخص لهم بإقامة الصلاة بالتراص لأنها عبادة شرعت بتلك الصفة. اهـ
                فهلا ذكرت لنا تعليلا مقبولا شرعا تبين به سبب إيراد هذه المقارنة وهي:
                ـ أن المسؤولين عن إدارة شؤون الدولة سمحوا ورخصوا ليس هذا فحسب بل باركوا، ومعنى باركوا: احتفوا وفرحوا به وسارعوا إلى زيادته ونماءه، وأما الترخيص فقد يرخص المسؤول وهو كاره لما يرخص له.
                ـ وفي المقابل طلب من المسؤولين الإلتفات إلى ما يتعلق بالصلاة، وهل يطلب الالتفات إلا ممن هو غير مقبل على ما ينبغي له أن يقبل عليه؟.
                فلماذا أورد هذا وهو قادر على التنبيه دون ذكر هذه المقارنة بين ما يتعلق بأمور الدنيا والآخرة.
                ثم قارئ هذا يفهم ماذا؟، أنه مجرد تساؤل أو نقاش. هداكم الله.
                وأما قوله:
                فهل يصح _على هذا المنوال_ يا أخي أن نقول كمثال أن الدعاء لولي الأمر بالبطانة الصالحة فيه نسبة البطانة السيئة حوله وفساد محيطه ؟
                أو أن نحذر من الشرك والقبور والمزارات التي لا يخفاك حالها في بلادنا ، فيأتي من ينكر بحجة الطعن في الوزارة ، وقس على ذلك العشرات من الأمثلة .اهـ
                يقال: من أين استنبطت هذا؟
                إن الدعاء للسلطان بصلاح نفسه وبطانته من علامات أهل السنة، قال البربهاري:
                إذا رأيتَ الرَّجلَ يدعوا على السلطان، فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا رأيتَ الرجلَ يدعو للسلطان فاعلم أنه صاحبُ سُنَّةٍ إن شاء اللهُ تعالى.اهـ من شرح السنة
                وسئل شيخ الاسلام عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عمن يمتنع عن الدعاء لولي الأمر فقال:
                هذا من جهله، وعدم بصيرته؛ لأن الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات، ومن النصيحة لله ولعباده، والنبي ﷺ لما قيل له: إن دوسًا عصت وهم كفار قال: اللهم اهد دوسًا وائت بهم فهداهم الله وأتوه مسلمين، فالمؤمن يدعو للناس بالخير، والسلطان أولى من يدعى له؛ لأن صلاحه صلاح للأمة، فالدعاء له من أهم الدعاء، ومن أهم النصح: أن يوفق للحق وأن يعان عليه، وأن يصلح الله له البطانة، وأن يكفيه الله شر نفسه وشر جلساء السوء، فالدعاء له بالتوفيق والهداية وبصلاح القلب والعمل وصلاح البطانة من أهم المهمات، ومن أفضل القربات، وقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: (لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان)، ويروى ذلك عن الفضيل بن عياض رحمه الله. اهـ من موقع الشيخ على الشبكة
                ثم أين وجدت فيما كتبته بيانا للمنهج الحق، تعطيل أصل من أصول الشريعة وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي نالت هذه الأمة الخيرية به؟، قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم)[آل عمران110].
                ولكن لكل مقام مقال: وإنكار المنكر على مراتب، ولا بد للمرء من الحكمة ولا يتسنى ذلك إلى بالرجوع للشرع، هذا وإنكار المنكر واجب على من يستطيعه قال صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان . رواه مسلم
                قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى:
                وقال ابن مسعود يوشك من عاش منكم أن يري منكرا لا يستطيع له غير أن يعلم الله من قلبه أنه له كاره.
                وفي سنن أبي داود عن العرس بن عميرة عن النبي ﷺ قال إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها كمن غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها.
                فمن شهد الخطيئة فكرهها في قلبه كان كمن لم يشهدها إذا عجز عن إنكارها بلسانه ويده ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها وقدر على إنكارها ولم ينكرها لأن الرضا بالخطايا من أقبح المحرمات ويفوت به إنكار الخطيئة بالقلب وهو فرض على كل مسلم لا يسقط عن أحد في كل حال من الأحوال.
                وخرج ابن أبي الدنيا من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي ﷺ قال من حضر معصية فكرهها فكأنه غاب عنها ومن غاب عنها فأحبها فكأنه حضرها.
                وهذا مثل الذي قبله فتبين بهذا أن الإنكار بالقلب فرض على كل مسلم في كل حال وأما الإنكار باليد واللسان فبحسب القدرة كما في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا فلا يغيروا إلا يوشك الله أن يعمهم بعقابه أخرجه أبو داود بهذا اللفظ.
                وقال: قال شعبة فيه: ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أكثر ممن يعمله.
                وخرج أيضًا من حديث جرير سمعت النبي ﷺ يقول ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون أن يغيروا عليه فلم يغيروا إلا أصابهم الله بعقاب قبل أن يموتوا.
                وخرجه الإمام أحمد ولفظه ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعمله فلم يغيروه إلا عمهم الله بعقاب.
                وخرج أيضًا من حديث عدي بن عمير قال سمعت رسول الله ﷺ يقول إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه فإذا فعلوا ذلك عذب الله العامة والخاصة.
                وخرج أيضًا هو وابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري قال سمعت النبي ﷺ يقول إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول ما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره فإذا لقن الله عبدًا حجته قال: يا رب رجوتك وفرقت من الناس، فأما ما أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي سعيد أيضًا عن النبي ﷺ أنه قال في خطبة ألا لا يمنعن رجلًا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه. وبكي أبو سعيد وقال قد والله رأينا أشياء فهبنا.
                وخرجه الإمام أحمد وزاد فيه فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقال بحق أو يذكر بعظيم.
                وكذلك خرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث أبي سعيد عن النبي ﷺ قال: لا يحقر أحدكم نفسه قالوا يا رسول الله كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: يري أمرا لله عليه فيه مقال ثم لا يقول فيه فيقول الله له: ما منعك أن تقول في كذا وكذا، فيقول: خشيت الناس، فيقول الله: إياي كنت أحق أن تخشى.
                فهذان الحديثان محمولان على أن يكون المانع له من الإنكار مجرد الهيبة دون الخوف المسقط للإنكار قال سعيد بن جبير قلت: لابن عباس آمر السلطان بالمعروف وأنهاه عن المنكر قال إن خفت أن يقتلك فلا، ثم عدت فقال لي مثل ذلك، ثم عدت فقال لي مثل ذلك، وقال إن كنت لابد فاعلا ففيما بينك وبينه.
                وقال طاوس أتى رجل ابن عباس فقال ألا أقوم إلى هذا السلطان فآمره وأنهاه قال لا تكن له فتنة قال: أفرأيت إن أمرني بمعصية الله قال: ذلك الذي تريد فكن حينئذ رجلًا.
                وقد ذكرنا حديث ابن مسعود الذي فيه يخلف من بعدهم خلوف فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن الحديث وهذا يدل على جهاد الأمراء باليد وقد استنكر الإمام أحمد هذا الحديث في رواية أبي داود وقال هو خلاف الأحاديث التي أمر رسول الله ﷺ فيها بالصبر على جور الأئمة.
                وقد يجاب عن ذلك بأن التغيير باليد لا يستلزم القتال وقد نص على ذلك أحمد أيضًا في رواية صالح فقال: التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح فحينئذ جهاد الأمراء باليد أن يزيل بيده ما فعلوه من المنكرات مثل أن يريق خمورهم أو يكسر آلات اللهو التي لهم أو نحو ذلك أو يبطل بيده ما أمروا به من الظلم إن كان له قدرة على ذلك وكل ذلك جائز وليس هو من باب قتالهم ولا من الخروج عليهم الذي ورد النهي عنه فإن هذا أكثر ما يخشى منه أن يقتله الأمراء وحده، وأما الخروج عليهم بالسيف فيخشى منه الفتن التي تؤدي إلى سفك دماء المسلمين نعم إن خشي في الإقدام على الإنكار على الملوك أن يؤذي أهله أو جيرانه لم ينبغ له التعرض لهم حينئذ لما فيه من تعدي الأذى إلى غيره.
                كذلك قال الفضيل بن عياض وغيره ومع هذا متى خاف على نفسه السيف أو السوط أو الحبس أو القيد أو النفي أو أخذ المال أو نحو ذلك من الأذى سقط أمرهم ونهيهم وقد نص الأئمة على ذلك منهم مالك وأحمد وإسحاق وغيرهم قال أحمد لا يتعرض إلى السلطان فإن سيفه مسلول.
                وقال ابن شبرمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كالجهاد يجب على الواحد أن يصابر فيه الاثنين ويحرم عليه الفرار منهما ولا يجب عليه مصابرة أكثر من ذلك. اهـ جامع العلوم والحكم
                وقال شيخ الاسلام عبد العزيز بن باز رحمه الله:
                ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
                أما إنكار المنكر بدون ذكر الفاعل: فينكر الزنا، وينكر الخمر، وينكر الربا من دون ذكر من فعله، فذلك واجب؛ لعموم الأدلة.
                ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر من فعلها لا حاكما ولا غير حاكم.
                ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان: قال بعض الناس لأسامة بن زيد: ألا تكلم عثمان؟ فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه، إلا أسمعكم؟ إني أكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمرًا لا أحب أن أكون أول من افتتحه.
                ولما فتح الخوارج الجهال باب الشر في زمان عثمان وأنكروا على عثمان علنا عظمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان وعلي رضي الله عنهما بأسباب ذلك، وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني، وذكر العيوب علنا، حتى أبغض الكثيرون من الناس ولي أمرهم وقتلوه، وقد روى عياض بن غنم الأشعري، أن رسول الله ﷺ قال: من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه.
                نسأل الله العافية والسلامة لنا ولإخواننا المسلمين من كل شر، إنه سميع مجيب. اهـ من موقع الشيخ على الشبكة
                وقال الشيخ الإمام محمد علي فركوس حفظه الله:
                أمَّا نزعُ اليد عن الطاعة بالخروج عليهم إذا لم نَرَ كفرًا بواحًا عندنا فيه مِنَ الله برهانٌ، مع لزومِ الأخذ بعين الاعتبار قاعدةَ: «دَرْءُ المَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ المَصَالِحِ»، فإنه فضلًا عن كونه يُخالِف النصوصَ الشرعيَّة الكثيرةَ الآمرةَ بالطاعة وعدمِ نزعِ اليد عنهم وإِنْ جاروا، والآمرةَ ـ أيضًا ـ بتغييرِ ما بالأنفس، فإنَّ هذا العمل يجرُّ مَفاسِدَ شتَّى، وهي أعظمُ مِمَّا يحصل مِنْ جَوْرِ ولاة الأمر وظُلْمهم على ما هو ظاهرٌ للعيان، كما أنَّ هذا الطريقَ ـ مِنْ جهةٍ ثالثةٍ ـ ينعكس سلبًا على سيرِ الدعوةِ إلى الله تعالى، معطِّلٌ لسبيلها، ويزيد على الأمَّةِ همومًا أخرى وفِتَنًا وشرورًا ومَصائِبَ تهدم شوكتَها وتُضْعِف قوَّتَها وتخدم أعداءَها، والتاريخ يشهد على هذه الفتنِ قديمًا وحديثًا، «والسعيدُ مَنْ وُعِظ بغيره»، كُلُّ ذلك يرجع إمَّا إلى الغلوِّ والإفراط، أو إلى التقصير والتفريط، كما أَفصحَ عنه ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ بقوله: «ودِينُ الله وسطٌ بين الجافي عنه والغالي فيه، كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالتين، والوسطِ بين طرفين ذميمين، فكما أنَّ الجافيَ عن الأمر مضيِّعٌ له فالغالي فيه مضيِّعٌ له، هذا بتقصيره عن الحدِّ، وهذا بتجاوُزه الحدَّ»(٢٤).
                وليس معنى عدمِ نزعِ اليد عن طاعتهم إقرارَهم على الباطل والرضا عنهم بما هم فيه مِنَ المُنكَر، فالباطلُ يبقى مذمومًا، والمنكر يبقى على صفته بغضِّ النظر عن فاعلِه محكومًا كان أو حاكمًا، لا نرضى عن الأفعال المستقبَحة شرعًا ولا نحبُّها، كما نبغض الصنائعَ المُستبشَعة؛ ذلك لأنَّ «الرِّضَا بِالفِعْلِ كَالفِعْلِ إِثَابَةً وَعِقَابًا، وَإِنْ تَجَرَّدَ عَنِ العَمَلِ وَالقَصْدِ»، ويدلُّ عليه قولُه تعالى في شأن اليهود: ﴿وَقَتۡلَهُمُ ٱلۡأَنۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقّٖ﴾ [آل عمران: ١٨١]، أي: ونكتب قَتْلَهم الأنبياءَ، أي: رضاهم بالقتل، والمرادُ قتلُ أسلافِهم الأنبياءَ، لكِنْ لَمَّا رَضُوا بذلك صحَّتِ الإضافةُ إليهم، وحسَّن رجلٌ عند الإمام الشعبيِّ قَتْلَ عثمانَ بنِ عفَّان رضي الله عنه فقال له الشعبيُّ: «شَرِكتَ في دمه»(٢٥)، فجَعَلَ الرضا بالقتل قتلًا.
                وليس ذلك إلَّا لأنَّ الرِّضا بالمعصية معصيةٌ، ويؤيِّد ذلك قولُه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «إِذَا عُمِلَتِ الخَطِيئَةُ فِي الأَرْضِ كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا ـ وَقَالَ مَرَّةً: أَنْكَرَهَا ـ كَانَ كَمَنْ غَابَ عَنْهَا، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا»(٢٦)، وهذا يدلُّ على أنَّ الراضيَ بالفعل كالفاعل وإِنْ لم تتحرَّك جوارحُه بفعله. اهـ من موقع الشيخ على الشبكة
                وأما قوله:
                وكما بين العلماء حرمة الخروج بينوا عدم جواز مدح ولي الأمر ووصفه بما ليس فيه. اهـ
                يقال: من لزوم العدل أن يذكر المرء بما فيه سواء كان ولي أمر أو عالم، أو طالب علم، أو غيره، وقد تقدم معنا من كلام أهل العلم ما يبين معنى الوسطية والاعتدال.
                وأما قوله:
                و من الإنصاف لا يجب أن يقودنا الخلاف أن يحصر الدين كله في طاعة ولي الأمر وفقط .اهـ
                يقال: تذكر الانصاف وأنت عري عنه، فهل من الإنصاف التهوين من أصول أهل السنة، والتكلم بنفس أهل الباطل، وقد تقدم ما عليه السلف في هذا الباب، واعلم أن طاعة ولي الأمر في المعروف مما عرف به أهل السنة وخالف فيه كل أهل الباطل فكلهم يجتمعون على السيف.
                عن أبي نجيحٍ العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعَظَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودعٍ، فأوصنا، قال: ((أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبدٌ؛ فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعةٍ ضلالةٌ))؛ رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
                فتأمل قوله رضي الله عنه: فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، وتأمل في وصيته صلى الله عليه وسلم، عليكم بتقوى الله عز وجل، وتقوى الله لا تحصل إلا بالعلم به سبحانه وبنبيه وشرعه وهذا لا يكون إلا بطلب العلم، ومجالسة العلماء، وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبدٌ، واذكر ما قاله ابن المبارك رحمه الله تعالى:
                من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته. اهـ سير أعلام النبلاء للذهبي 8 / ٤٠٥.

                وقد تقدم قول سهل التستري رحمه الله:
                لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفوا بهذين أفسدوا دنياهم وأخراهم. أورده القرطبي في تفسيره.
                وقال ابن المبارك رحمه الله تعالى في الأبيات المشهورة:
                إن الجماعة حبل الله فاعتصموا ***منه بالعروة الوثقى لمن دانا
                كم يرفع الله بالسلطان مظلمة ***في ديننا رحمة منه ودنيانا
                لولا الخلافة لم تأمن لنا سبل *** وكان أضعفنا نهبا لأقوانا




                ولا يعرف قدر التمسك بأصول السنة، وضرر مخالفتها إلا من وفقه الله تعالى وأخذ بناصيته لما فيه صلاح دنياه وأخراه.
                ويقال نعم دين الله تعالى هو ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربه، وعلمه أصحابه وسار عليه أئمة الإسلام والسنة جيلا بعد جيل، ولا يكون العبد على الصراط المستقيم حتى يشرح صدره بكل ما جاء في دين الله تعالى ولا يرد منه شيئا، قال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[النساء65].
                قال الإمام بن كثير رحمه الله تعالى:
                وقوله : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة : أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور ، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطنا وظاهرا ; ولهذا قال : ( ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) أي : إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا مما حكمت به ، وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليما كليا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة ، كما ورد في الحديث : " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " .اهـ تفسير سورة النساء
                فالاستهانة بأصل من أصول أهل السنة استهانة بالسنة كلها، وعدم تعظيم أصول هذا المنهج الطيب وتزهيد الناس فيها أمر خطير قد يفضي بصاحبه إلى الخروج من دائرة أهل السنة ويلحق بأهل البدع والأهواء.
                سئل فضيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله تعالى:
                إذا كان هناك إنسان يقول بأنه من أهل السنة والجماعة، وأنه على مذهب السلف لكن يخالف مذهب أهل السنة في أصل من أصولها كالخروج على ولاة الأمر، أو الدعوة إلى الخروج عليهم؟
                فأجاب حفظه الله: ليس من أهل السنة، هذا من الخوارج، هذا من الخوارج ليس من أهل السنة، الذي يحرض على الفتنة وعلى شق عصا الطاعة هذا خارجي، من الخوارج هذا مذهب الخوارج. اهـ من صوتية للشيخ على الشبكة.
                وأما قوله:
                من الأمور المهمة التي يجب أن نعرفها : هل كل مخالفة لولي الأمر هي خروج ومنهج خوارج؟ ليتك تتكرم بالجواب .اهـ
                فيقال:
                تركنا رسول الله على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وترك فينا ما إن تمسكنا بهما لن نضل بعده أبدا كتاب الله وسنته صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النحل43] وقال صلى الله عليه وسلم: ألَا سألوا إذ لم يَعْلَموا؛ فإنَّما شِفاءُ العِيِّ السؤالُ. رواه أبو داود وحسنه الألباني رحمه الله.
                فالناس رجلان في هذا عالم وجاهل، ففرض الله على الجاهل سؤال العالم، وأوجب على العالم جواب الجاهل، فما تيقنت صحته فالحمد لله وما جهلته اسأل عنه من أمرنا الله بسؤالهم.
                وبهذا يتبين لك يسر الشريعة السمحة، وهذا من نعم الله علينا. فالحمد لله الذي جعلنا من أهل السنة.
                وأما قوله:
                وإليك بعضا من كلام أهل العلم في ذلك ، وليتك تجيب أهو تأصيل لجواز الخروج بمجرد المخالفة ؟
                الشيخ الألباني
                ... أما هذه الكلمة التي تشاع في هذا الزمان وهي مخالفة ولي الأمر هذه مع الأسف كلمة يستغلها كثير من الدعاة الذين يزعمون أنهم من الدعاة إلى الإسلام ، لا يجوز مخالفة ولي الأمر ، أنا أقول معهم لا يجوز للمسلم أن يخالف ولي الأمر لكن ما صبغة ما صفة هذا الولي ، أنتم تعرفون الولاية قسمان ........، أريد أن أبين الحكم الشرعي في من هم أولياء الأمر الذين يجب اطاعتهم هم الذين ينطلقون في حكمهم لأمتهم ولشعبهم على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما كان الخلفاء الراشدون ومن سار سيرهم من بعض الملوك الذين جاءوا من بعدهم ، هؤلاء الحكام الذين يضعون نصيب أعينهم تحكيم الشريعة يجب إطاعتهم ، أما ولي الأمر يحكم بقانون وهذا القانون يتطور ويتغير ما بين عشية وضحاها كما رأيتم آنفا السوق البيضاء انقلبت إلى سوق سوداء والقانون لا يزال هو هو ، فإذا نحن يجب أن نراعي الأحكام الشرعية الأصيلة .
                وقال : ... قد يستشير ولي الأمر من لا دين له من لا فقه عنده و قد يستشير من ينظر إلى المسألة من ناحية معينة...
                وقال : فقصدي هم دائما يقولون هذا رأي ولي الأمر لا يجوز مخالفة ولي الأمر يا أخي مو كل ولي الأمر لا يجوز مخالفته يجب أن يكون أولا مبايعا ثانيا أن يكون عالما إذا لم يكن عالما فعلى الأقل يكون عنده لجنة من أهل العلم لا يتحرك ولا يتقدم إلى عمل شيء إلا برأي شورى ... اهـ
                فيقال:
                أولا قولك: وإليك بعضا من كلام أهل العلم في ذلك ، وليتك تجيب أهو تأصيل لجواز الخروج بمجرد المخالفة ؟
                يوهم أنك ستنقل أقولا عدة، وأنت لم تذكر إلا قولا واحدا للشيخ ناصر الدين رحمه الله.
                ثانيا: كلام الشيخ الألباني رحمه الله مبتور، في مواضع النقاط والشيخ يتكلم عن الطريقة الرفاعية وما كان لشيخ الاسلام معهم في قصة دخول النار.
                ثالثا: يفهم من الكلام أن من يحكم بالقوانين الوضعية ليس له حق في الطاعة قولا واحدا بلا تفصيل.
                رابعا: أن هذا من التلبيس على ضعاف العلم، وهو من فعل الحزبيين الذين يتبعون المتشابه، وإن لم تقصده.
                وجوابه:
                أن أهل السنة يفرقون بين من يحكم بغير ما أنزل الله مستحلا أو مساويا غير حكم الله بحكم الله، أو يترك الحكم بما أنزل الله لأنه لا يصلح لهذا الزمن، وبين من يحكم بغير ما أنزل الله لهوى في نفسه مع اعتقاد وجوب الحكم بما أنزل الله، فالأول كافر كفرا أكبر ينقل عن الملة، والثاني كافر كفرا دون كفر.
                وكل أئمة السنة لا يخرج كلامهم على هذا التفصيل، وكلامهم بحمد الله محفوظ مستفيض، والوصول إليه سهل يسير.
                سئل الشيخ المحدث الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى:
                ما نصه: الآن هناك مسألتان
                الأول مسألة تحكيم الشريعة.
                المسألة الأخرى هي أن هذه، مثل مثلا، حكومة مصر أو حكومة الكويت، أو ليبيا أو تونس أ إلى آخره أو سوريا أو غيرها، تنظرون لها من جهة أخرى تجد أنها تحمي الأوثان تحمي الطواغيت، وتقر عبادة غير الله جل وعلا، ولا شك أن من حمى هذا واعتقد صحة ذلك، أنه يدافع عن الذين يدعون غير الله ويستغيثون بغير الله لا شك أنه مثله، فالمستغيث بغير الله مشرك وكذلك من حماه ودافع عنه، وأيد بقاء هذه، لا شك أنه مثله فإذا نظرت لهذه فيكون هناك شرك في الاعتقاد؟
                فأجاب الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:
                أنت بارك الله فيك جاء في كلامك ما أدري قصدته أم هو سبق لسان، وإذا كنت قاصدا له فلا خلاف، قلت: واعتقد ذلك. انتهت المشكلة
                السائل: هذا الواقع.
                الشيخ: لا، الواقع شيء والاعتقاد شيء بارك الله فيك، يعني الآن واقع إنسان مسلم يصلي ويصوم لكنه مدير بنك يرابي، و موظف في البنك يكتب، وو إلى آخره، هل نحكم بأنه كافر مرتد؟.
                السائل: نعوذ بالله.
                الشيخ لماذا: السائل: لا نحكم. الشيخ: لماذا؟، مناط الحكم ما هو، هذا يرتكب كبيرة من الكبائر، طيب والحكم بغير ما أنزل الله هو كذلك، لكن الحكم بغير ما أنزل الله إن اقترن به عقيدة فهو كفر بعينه ـ الردة ـ اهـ .
                إلى أن قال رحمه الله:
                الفعل لا ينبي عما في القلب وما دام أن عندنا أمر لا محيد لنا عنه:
                كفر اعتقادي.
                وكفر عملي.
                فإذا رأينا من إنسان مسلم كفرا عمليا لا نستلزم منه، أنه قد كفر كفرا اعتقاديا إلا إذا أعرب عنه بلسانه، واضح؟ السائل: نعم. الشيخ: طيب
                الشيخ: الآن كنت أحدثك عن المثال الذي ضربته لأولئك القوم ـ جماعة الهجرة والتكفير ـ حاكم يحكم بالشرع مرة حكم بخلاف الشرع، ماذا تقولون؟ قالوا بعد تفكير: ما نكفره، لماذا؟ قالوا لأن هذه مرة واحدة، هذا ما جعل نظاما ليحكم بخلاف إيه؟ بخلاف الشرع.
                قلت لهم حسن: ثاني مرة في قضية ثانية؟ وحتى ما أطيل عليك الشرح ثالثة ورابعة ...إلى آخره متى تقول هذا كفر وارتد عن دينه؟ فكانوا يسكتون. قلنا: إذا يا جماعة المسألة اربطوها بالعقيدة، هذا الذي حكم الحكم الأول، أي القاضي الشرعي فلنقلها الآن صراحة، هذا القاضي الشرعي في عرف الناس في الظاهر قاضي شرعي يحكم بما أنزل الله حكم حكومة ما خالف فيها شريعة الله له حالة من الحالتين في قرارة نفسه: إما أن يستحل هذا الحكم فهو كافر بمرة واحدة، يستحل بقلبه فهو كافر، وإلا إذا لم يستحل ذلك بقلبه فهو فاسق.
                هذه القضية لا تقبل المناقشة بين المسلمين إطلاقا، ثم هذه القضية نفسها تكررت نفس الجواب يأتي، تكررت نفس القضية نفس التفصيل يأتي وهكذا إلى ما لا نهاية، فإذا القضية كلها مربوطة بماذا بالعقيدة، فمن اعتقد بأن حكما ما من أحكام الشريعة الاسلامية لا تصلح لهذا الزمان فهو كافر، أما مجرد حكمه بغير ما أنزل الله أنت تعرف قول المفسرين بخاصة ابن جرير الطبري وابن كثير أن آية (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) إنما نزلت في اليهود، لعلك ذاكر هذا؟ السائل: نعم. وعلى ذلك فمن كان اعتقاده كاعتقاد اليهود أي الذين لا يؤمنون بما جاء في الاسلام فهو كافر كاليهود، أما من كان يعتقد بأن هذا الحكم والله هو لازم يكون ـ لكن الله يلعن الشيطان ـ بالتعبير السوري الله يلعن الشيطان الكرسي هذا ما عم يخلينا أن نحكم ما عم يخلينا إلا نشايع الناس ونسايرهم ووو...إلى آخره، ثم أنا أريد الآن أن أدخل معك في موضوع دقيق جدا: لا يوجد اليوم على وجه الأرض حاكم مسلم لا يخرج عن الاسلام في بعض أحكامه، ألا تقول معي بهذا؟ السائل نعم.
                الشيخ: فماذا نقول؟ هل نقول إذا كانت النسبة بالمئة، عشرة بالمئة خمسة ما يكفر، بالمئة عشرة يكفر؟ أم لا بد من هذا التفصيل؟
                لا بد من هذا التفصيل بدليل أني أنا آنفا مثلا لا يقبل الجدل، قاضي شرعي حكم بحكومة غير إسلامية لما سألناه قال: هذا لا يصلح لهذا الزمان. كفر بحكم واحد بل ولا بحكم بمجرد يقول أن هذا لا يصلح.
                وإنسان آخر دائما يرتشي ويعطي الحق لغير أهله، هذا حكم بغير ما أنزل الله. يا أخي ليش هيك هذا حرام ما بيجوز؟، إيه والله حرام بس الله يتوب علينا، مهما تكرر هذا الفعل، ألست معنا بأن نقول هذا مسلم لكنه فاسق؟، إذن القضية ما هي قضية نسبية، يعني ما نقول زيد من الحكام أكثر أحكامه مخالفة للإسلام فهو مرتد عن دينه، وزيد من الحكام الآخرين أقل أحكامه هي مخالفة للإسلام فهو ليس بمرتد عن دينه، لا المسألة ليس لها علاقة بالكثرة أو القلة، علاقتها بما استقر في القلب سواء قل أو كثر، فمن أنكر صلاحية الحكم بالإسلام ولو في مسألة واحدة فهو كافر، اهـ من صوتية للشيخ على الشبكة بعنوان: الكلام على من يحكم القوانين الوضعية، أنصح كل إخواني أن يستمعوا لما جاء فيها ففيها خير كثير، وبيان من الشيخ رحمه الله دقيق.
                وما نقلته وهو قول الشيخ رحمه الله: فقصدي هم دائما يقولون هذا رأي ولي الأمر لا يجوز مخالفة ولي الأمر يا أخي مو كل ولي الأمر لا يجوز مخالفته يجب أن يكون أولا مبايعا ثانيا أن يكون عالما إذا لم يكن عالما فعلى الأقل يكون عنده لجنة من أهل العلم لا يتحرك ولا يتقدم إلى عمل شيء إلا برأي شورى. اهـ
                فالشيخ بين قصده: وهو ذم من جاوزوا الحد في طاعة من جعلوه ولي أمر، كالصوفية مع شيوخهم، والإخوان مع منظريهم، فهذه بيعات لا تجوز كما بين ذلك غير واحد من أهل العلم، والمعلوم عند أهل السنة أن ما دام الحاكم مسلما برا كان أو فاجرا، صار إليه الحكم وإمامة البلد بأي طريقة من طرق تنصيب ولي الأمر ولو بالغلبة والسيف واستتب له الأمر، ووجب على الرعية أن يعترفوا بإمارته، ويطاع فيما هو لله طاعة، ويعصى و يخالف ولا يطاع فيما هو لله معصية، ويحرم الخروج عليه بالقول والفعل قولا واحدا عند أهل السنة، وها هي كتبهم بين أيدينا مليئة بتقرير هذا الأصل العظيم.
                قال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل:
                والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر، ومن ولي الخلافة واجتمع الناس عليه، ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة، وسمي أمير المؤمنين. اهـ
                قال الشيخ العلامة زيد المدخلي رحمه الله:
                الوالي: هو من اختاره أهل العقل والعلم فرشحوه واليا على الرعية.
                ثانيا: من عهد إليه الوالي الأول ورضيه العقلاء من الناس.
                ثالثا: من تغلب على الناس بسيفه وجنده حتى استتب له الأمر، ولو هجم على وال قبله ولم تتمكن الرعية من صد ذلك الوالي الظالم، حتى تمكن واستتب له الأمر، وذهب الأول وجب على الرعية السمع والطاعة لهذا الوالي الذي جاء جديدا بقوة سيفه وسلطاه، ولا يجوز لهم بعد ذلك الخروج عليه لأنه ظلم الأول بل السمع والطاعة في المعروف، واعتباره واليا شرعيا.
                هذه المواقف التي سلكها أهل السنة والجماعة السلف الصالح، ومشى على أثرهم أتباعهم إلى يوم الدين حيال سلاطين الأرض. اهـ من التعليقات اللطيف على أصول السنة المنيفة ص115.
                إن الـذي يـروي ولــكـنـه *** يـجــهـل ما يروي وما يـكتـب
                كصخرة تنبع أمواهها *** تسـقي الأراضـي وهي لا تشرب





                وأما قوله:
                ومما جاء في الموضوع قولك عن عموم أهل السنة :
                " في عنوان منشوره محاولة شد انتباه عامة أهل السنة ممن قل نصيبهم من العلم والفقه
                "فيه كما يقال دغدغة ولعب بمشاعر الجهال وعوام أهل السنة .."
                الذي أراه يا أخي أنه لا يجب الحط من عوام أهل السنة بهذه الطريقة ،و حتى وإن صدر منهم ما يخالف الهدي السلفي أحيانا فيناصحون ويخاطبون بالحسنى ، وقد يكون فيهم المندس من لا علاقة له بالسنة ، ينبهون على ذلك ولا يكون في تعميم الجهل عليهم والحط من وعيهم .اهـ

                فيقال:
                أولا: قولك: الذي أراه. لا ينبغي لمثلك أن يقول: أرى وعندي لأن هذا للعلماء أهل البصيرة في الدين، قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى:
                يقولون هذا عندنا غير جائز *** ومن أنتمُ حتى يكون لكم عند

                ثانيا: قولك: الذي أراه يا أخي أنه لا يجب الحط من عوام أهل السنة بهذه الطريقة.
                فأنت ترى هذا من الحط من قدر عوام أهل السنة؟
                والذي عليه أهل السنة على خلاف ما تراه، فهذا واقع الناس وما هم عليه، فلجهلهم وبعدهم عن العلم والتحقيق، يروج عليهم الباطل وتروج عليهم البدع. ولذا كثر تحذير السلف من مجالسة أهل البدع والاستماع إلى كلامهم، وما رأينا أحدا من أهل العلم قال بأن هذا تسفيه لعقول العوام وطلاب العلم.
                وأما قوله:
                وجاء في الموضوع مثله قولك :
                "بخلاف ما يصنعه صاحب المنشور مما يكون سببا لبغض الرعية للقائمين على شؤون المسلمين .."
                يظهر من خلال قولك الرعية عموم أهل البلد غير عوام السلفين ، و هؤلاء في الحقيقة لاينتظرون كلاما وتأصيلا و خطأ من شيخ سلفي أو ناصح من أهل السنة حتى يجعلوه سببا في مخالفة ولي الأمر ، لأن فيهم من يبرر ويستدل على ذلك حتى من القرآن بسبب سوء فهومهم ونواياهم .
                فيقال جوابا عليه:
                فليس على قولك من العوام من يعتبر كلام مشايخ السنة، وهذا بالطل من القول، والواقع أكبر شاهد، نحن اليوم نكلم العوام فيسألون عن فتاوى الشيخ فركوس والشيخ عبد المجيد والشيخ لزهر حفظ الله الجميع، ومنهم من يدافع عن المشايخ ويطعن في نحور أهل الباطل من الذين يتنقصون علماء السنة.
                بل أنت قلت في تعقيبك هذا لما كنت تبرر لمن تدافع عنه:
                منشوره يظهر أنه مجرد تساؤل أو نقاش أو جواب لأحدهم بدافع الغيرة على الدين حول التفريق في السماح بالتجمعات والتجمهر بين الشوارع والمؤسسات عكس المساجد وإلزام الناس بالصلاة بالتباعد التي لم تعهد عند السلف، وهو معنى قوله : أمران يشدان انتباه الخاصة (السلفيون) والعامة ، من المسلمين والمصلين ومن يهمهم هذا الشأن ، وقد يحتمل عامة السلفيين وخاصة السلفيين ، والله أعلم .
                وهذا تناقض عجيب. فماذا عسانا نقول. الله المستعان
                ويظهر مما كتبته في تعقيبك هذا أنك بعيد كل البعد عن معرفة العلم وأصول أهل السنة، فلماذا لا ترحم نفسك وإخوانك وتترك الأمر لأهله وتشتغل بطلب العلم والعبادة ففيه خير لك ولإخوانك. وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه. آمين
                وكتب: العبد الفقير إلى عفو ربه الغني أبو عبد الرحمن عمر التيهرتي كان الله له استجابة لمن ولاه الله أمرنا من علماء هذه الأمة الكريمة يوم الأحد الأحد 22 شعبان 1442 هـ الموافق لـ04 أبريل 2021 م بمنطقة العرشية مقاطعة الرشايقة حرسها الله وسائر بلاد المسلمين
                التعديل الأخير تم بواسطة مكي المهداوي; الساعة 2021-04-05, 05:25 AM.

                تعليق


                • #9
                  لقد أجدت وأفدت ونصحت، فبارك الله فيك على هذا التأصيل الماتع والبيان النافع، ونفع بك إخوانك، وأولهم المعقب.
                  وإن كان من تعقيب أو تصويب لما ذكرت مجانبتك الصواب فيما ادعيته بوصفي بالعالم، فما أنا إلا طالب علم حسبه أن يكون ملازمًا لغرز العلماء، سائرا على نهجهم.

                  تعليق


                  • #10
                    ..................................................

                    تعليق


                    • #11
                      جزاكم الله خيرا شيخنا الحبيب ورفع الله قدركم في الدنيا والآخرة

                      تعليق


                      • #12
                        جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ونفع بكم شيخنا الحبيب، وأدامكم ذخرا للإسلام و المسلمين.
                        وبارك الله في إخواني المعلقين جميعا، وثبتنا الله وإياهم ومشايخنا على السنة والهدى إن ربي لقريب مجيب. آمين

                        تعليق


                        • #13
                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          أستسمح شيخنا أزهر، واستسمحك أخي في بيان بعض الأمور مرة أخرى .


                          يؤسفني أخي مكي أنني طلبت نصيحة فرجدت تعييرا وتحميل كلامي مالا يحتمل ، وهذا كله بسبب قلة الإنصاف التي يجب أن تتحلى بها مع إخوانك .
                          ويؤسفني أكثر قولك _والخطاب موجه إليك_ : فالأخ خالد كتب ما كتب تحت تعليق الشيخ الوالد أزهر سنيقرة حفظه الله واستأذنني في التعقيب دونه ـ ومن نحن بين يدي علمائنا ـ ، ووالله قد استغربت هذا الكلام منك كثيرا وماكنت أظنك تفكر في مثله أبدا لأنه ليس له تفسير إلا أن يكون تحريشا ، بل يظهر من خلال الموضوع أنه رأس مالك في الرد وأساسه ، أسأل الله تعالى أن يغفره لك .
                          العلم رحم بين أهله أخي مكي :
                          قال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ، وَإنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطالب الْعِلْمِ رِضًا بِما يَصْنَعُ،... ، وإن هذا المنتدى مما نبتغي به إن شاء الله بعض العلم ورفع الجهل وتحسين الأدب في حضرة شيخنا وتوجيهه جزاه الله خيرا ، فالحمد لله أنّ هذا الأمر تحت نظره لعله يزيدنا نصيحة منه وتوجيها ، ومن عدم إنصافك صورت الشيخ أنه لا يقبل كلام غيره مع كلامه ، ولو كانوا من أبنائه ، ونحن نعرف الشيخ على غير هذه الصورة ، ومن حقي أن أسألك لو كنا في حلقة لشيخنا وأردت تنبيهه لأمروقع فيه ، أو طرح مشكلة عليه للنقاش والإستفادة منه هل كنت لتؤخر بيان ذلك ؟
                          هو الكشوث فلا أصل ولا ورق***ولا نسيم ولا ظل ولا ثمر.
                          والأمر الأكثر أهمية هنا هو قولك : ـ ومن نحن بين يدي علمائنا ـ ، فقد زاد استغرابي كثيرا عندما أخبرني بعض إخواننا الثقات السلفيين _ نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا _ و المعروفين عند شيخنا أزهر والشيخ فركوس أنه ناقشك في الموضوع , وأخبرك أن محب العلم والعلماء إنما هو طالب علم سلفي نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا وإمام مسجد ممن أوقف من الإمامة ، وأن موضوعه هذا إنما كتبه باستشارة شيخ فقيه أصولي ، وقد آثر عدم بيان اسمه لحاجة يعلمها هو ، والأمر فيه سعة ، لكنك لم تأخذ بكلامهم ولم ترفع به رأسا ، فليتك تؤكد هذا الكلام أو تنفيه أخي الكريم ، وحتى نعرف محل قولك : ـ ومن نحن بين يدي علمائنا ـ .
                          وهذا هو جواب قولك : فإن كنت لا تعرفه، فكيف تدافع عنه وتشهد له بأنه تكلم ـ بدافع الغيرة على الدين ـ، وذلك في قولك: أو جواب لأحدهم بدافع الغيرة على الدين. وهذا من التناقض الظاهر.
                          وشهدت لمن ـ لا تعرفه ـ بالسلفية فقلت: وإن كان هو بهذه الورقة وغيره من السلفيين إلتزموا الأدب. وهذه كسابقتها، قال تعالى: (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ)[الزخرف19].
                          فيه كذلك جواب لما استشكلته من قولي : منشوره يظهر أنه مجرد تساؤل أو نقاش أو جواب لأحدهم ...

                          و كيف طاب لك قول : إعلم يا خالد أنه ولو كان معروفا عند بعضهم، وما علمت من كلام كل من كلمني من إخواني طلبة العلم أنه عالم، بل هزالة بعض كتاباته وسوء فهمه، وتكلمه في مسألة بهذا الحجم، يدل على خفة عقله، وسيأتي بيان ذلك في موضعه بإذن الله تعالى.؟ ،
                          كل هذه المجازفة في حق إخوانك ثم تقول :
                          هذه المسألة قرر العلماء أنها نازلة نزلت بأهل الأرض ولم تصب قطرا دون قطر فهي قد عمت بها البلوى، وبينوا أنها مسألة اجتهادية لكل من الفريقين حظه من النظر والاجتهاد، والناس لا ينبغي أن ينكر بعضهم على بعض في مثل هذه المسائل حتى نصير أعداء وكأنها مسألة ولاء وبراء كما هو الواقع اليوم، نسأل الله العافية والسلامة!
                          فترى التراشق بالكلام ومن لم يعمل بقول فلان ففي سلفيته دخن ...!
                          أقول : إنما التراشق هذا الذي تصف به طلبة العلم السلفيين بعدم أُخبرت بحالهم واستقامتهم من هزالة كتاباتهم وسوء فهمهم و
                          قلة العلم وخفة العقل وغير ذلك مما لا يليق .
                          ومن التراشق كلامك الذي جاء تعليقا على قولي : وإلزام الناس بالصلاة بالتباعد التي لم تعهد عند السلف. والله المستعان .
                          اعمد لما تعلو فما لك بالذي *** لا تستطيع من الأمور يدان.
                          ومن نافلة القول أريد تنبيهك أن هذا التهويل منك والحيدة عن الإنصاف هو الدافع لي للكتابة من الأول وحتى الآن ، ووصفك لبعض السلفيين بنقض أصل من أصول السلف ورميهم بمشابهة الخوارج ، وهو أصل الخلاف معك ، و ليس كما تظن أنه محاولة إظهار الحق والغلبة في المسألة الخلافية الواقعة حول صلاة التباعد .
                          و إن قلت من هؤلاء الثقة الذين ذكرتهم ؟، ولعلهم ليسوا ثقة عند غيرك ؟ أقول لك :
                          كلامي هذا لا يختلف عن قولك : وما علمت من كلام كل من كلمني من إخواني طلبة العلم أنه عالم ،
                          وعن قولك : بل حدثني من أثق به من إخواني أن بعضهم قال: الشيخ الفلاني بعد مضي مئة سنة يذكر صبره ... ، فهل تظن أن لك ثقة وليس لغيرك ثقة ؟ أم نرد أخبار الثقات على طريقة الحلبيين والصعافقة ؟ ولو كان الأمر هكذا وجب علينا الرجوع إلى سنوات مضت ونراجع الكثير من مواقفنا في فتنة الصعافقة لأن الكثير من أخبارها في الدفاع عن مشايخنا الأفاضل وبيان الحق الذي معهم إنما هي بنقل الإخوة الأفاضل الثقات ، كبارا وصغارا .
                          تكلم وسدد ما استطعت فإنما***كلامك حي والسكوت جماد
                          فإن لم تجد قولا سديدا تقوله***فصمتك من غير السداد سداد.

                          قال الشيخ أزهر حفظه الله :
                          ...وفرق بين طعن الطاعنين وبين رد المتعلمين الطالب يرد على غيره وقد يكون أعلم منه وهذا لا غضاضة فيه اذا كان الرد بأدب فهذا نرحب به نحن ونفرح به حتى في مثل هذه القضايا نحبذ لو أن يكون الرد بينه وبين أخيه قبل ان يخرج للعلن، لأن الناس في الكثير من الأحيان لا يحسنون التصرف وليس لديهم الموقف الشرعي في مثل هذه القضايا وربما البعض منهم حتى لا يفرق بين مسألة و مسالة مثل ما رأينا مؤخراً من بعض اخواننا عدم التفريق بين مخالفة أمر الحاكم وبين الخروج عن الحاكم. فارادوا تهويل موقف المخالفين لهم ونسبوا اليهم ما لم يقولوه ولم يعتقدوه، وأن هذا خروج عن الحاكم، ومن قال بهذا قال انما هذا مخالفةٌ لأمر الحاكم. في مسألة ( الصلاة بالتباعد). (لعلله يفيدك أخي )
                          فـإن كنْتَ تَبْغي العِزّ فابْغِ تَوَسّطاً . فـعندَ الـتّناهي يَـقْصُرُ المُتطاوِل



                          بيان تناقض وطلب توضيح :
                          عندما قلتُ أنا : لا أخالفك أن الأصل في نصيحة ولاة الأمور حكاما وعلماء ما أسلفت ذكره في بداية المقال من آثار (أقصد النصيحة سرّا)
                          قلتَ معلقا على كلامي : فيقال: في هذا الكلام بيان لأصل من أصول هذه الشريعة الطيبة،
                          وقلتَ غير مرة أنه أصل من الأصول ، وهو كذلك .
                          ثم لما ذكرت لك أنها طريقة معروفة لا خلاف فيها ، علقت َ على كلامي قائلا :
                          إطلاق منك لا ينبغي، ثم من أين لك أنها مسألة محل اتفاق بين أهل العلم، ومن سبقك إلى نفي الخلاف؟
                          بل المطلع على المسألة يرى فيها اختلافا بين أهل السنة،...
                          فكيف يستقيم عندك أنها أصل من أصول أهل السنة والجماعة كما أسلفت في نقولاتك ثم تناقض نفسك وتقول أنه إطلاق لا ينبغي وأنها ليست محل اتفاق بين أهل العلم ؟ فمتى اختلف السلف في الأصول المتعلقة بالعقيدة ، أو ما جعل تحته من أمور أخرى كأصل طاعة ولاة الأمور ( العلماء من جهة الدين والولاة من جهة السياسة ) وما تعلق به من مسائل ؟، أم أنك لا تفرق بين الإختلاف في الأصل والإستثناء من الأصل مع بقاء الأصل بلا خلاف عليه ؟
                          كان الأولى أن تقول كما قال شيخنا الألباني أن القاعدة في هذا هي النصح سرا وأن النصح العلني مجرد استثناء .
                          قال الشيخ عبيد الجابري حفظه الله جوابا على سؤال ضمن شرحه للنواقض الاسلام (هل اختلف السلف في أصول العقيدة أم في فروعها؟) :
                          كلاّ وألف كلاّ، ذكر هذا شيخُ الإسلام ابن تيميّة وغيرُه؛ لم يختلِفوا في أُصول الدِّين، وأعظم أُصول الدِّين العقيدة؛ لم يختلِفوا فيها، وإنّما الاختلاف كان في فُروع تتنازعها الأدِلّة.
                          فمِن أمثلة العقيدة الفرعيّة: في الإسراء والمِعراج اتّفق أئمّة أهل السُّنّة وشاركهم بعض الطّوائف مِن المُبتدِعة أنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّم وقع الإسراء له بجسدِه وبروحه، وأنّه عُرِجَ به يقظةً لا منامًا، هذا الأصل مُتّفق عليه.
                          فالإسراء بالكتاب والسُّنّة والإجماع، والمِعراج بالسُّنّة الصّحيحة والإجماع؛ إذًا ما الّذي اختلفوا فيه؟
                          اختلَفوا هل رأى النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم ربَّهُ تلك اللّيلة أو لا؟...
                          الثّاني أيضًا مِن فُروع العقيدة العرش والقلم: أجمع أهلُ المِلّة مِن أئمّة أهلِ السُّنة ووافقهم غيرُهم مِن الطّوائف الضّالة والمُبتدِعة أنّهما -أعني العرش والقلم- أوّل المخلوقات، وأنّهما لم يسبِقهُما شيء، يعني مِن المخلوقات؛ إذًا فيما اختلَفوا؟...
                          وعلى كُلٍّ مثل هذا كما ذكرتُ لكم في أوّل الدّرس أنّه لا يُثرِّبُ فيه أحد الفريقَيْن على الآخر؛ لأنّ الكُلَّ عندهُ ما يُسوِّغ مذهبه مِن الدّليل، أمّا أصل العقيدة فلم يختلِفْ فيه الصّحابة رضي اللهُ عنهم ولا أئمّة الهُدى مِن بعدهم، ولكن جاء مُشوِّشة لعّابة مُتفلسفة قعّدوا هذه القواعد ومنها أنّ أهلَ السُّنّة اختلَفوا في العقيدة، ومِنهم مَن يقول إنّ أهلَ العلم اختلَفوا في العقيدة وكذبوا، نعم. _إنتهى كلام الشيخ_

                          وربما قيده بعضهم ببعض الأفراد من أهل العلم والفضل أو ببعض الأزمنة التي يكثر فيها العلم وتنشر السنة ويقل الجهل وتؤمن عواقب الإنكار العلني . والله أعلم .
                          ومع هذا يا عمر تضع نقولات واضحة في ذلك منها قول الشيخ محمد بازمول :
                          قصة أبي سعيد رضي الله عنه واقعة عين يتطرق إليها الاحتمال: فيحتمل أنه لم يبلغه الحديث، ويحتمل أنه بلغه ونسيه، ويحتمل أنه بلغه واجتهد ورأى أن هذا يفوت، ويحتمل أمورا أخرى لا نحيط بعلمها تتعلق بملابسات الحال التي جعلته يتكلم مع الأمير علانية، على كل حال هذا تصرف صحابي على خلاف لفظ حديث، فهل العبرة بتصرفه أو الأخذ بالحديث؟
                          لا شك أن العبرة هي الأخذ بالحديث، وتصرف أبي سعيد رضي الله عنه واقعة عين لا يستدل بها على خلاف الحديث .
                          ومما سبق يتبين أنك وصفت السلف بما لا يليق ، وقد يكون قدح في علمهم ومنهجهم رحمهم الله فراجع نفسك وعلمك
                          إن الـذي يـروي ولــكـنـه *** يـجــهـل ما يروي وما يـكتـب
                          كصخرة تنبع أمواهها *** تسـقي الأراضـي وهي لا تشرب

                          ومن الأمور التي ظهر فيها عدم الإنصاف جليا قولك معلقا على كلامي :
                          يوهم أنك ستنقل أقوالا عدة، وأنت لم تذكر إلا قولا واحدا للشيخ ناصر الدين رحمه الله...
                          ثانيا: كلام الشيخ الألباني رحمه الله مبتور، في مواضع النقاط والشيخ يتكلم عن الطريقة الرفاعية وما كان لشيخ الاسلام معهم في قصة دخول النار.
                          فرغم قولي أنقل " بعضا " من كلام أهل العلم أي أقتصر على القليل ومنه القول الواحد أو القولين واختصارا قصد تنبيهك وإفادتك فقط ، و طالب الحق يكفيه دليل ، و لأنني أفضل عدم الإطالة في النقولات عادة _والتي أراك تعتمدها كثيرا ولا أدري لماذا _ خاصة إذا كان المخاطب من السلفيين ( كما يظهر)، ثم تزيد على ذلك تجنيا أن تقول كلام الشيخ مبتور وهذا لأنك لا تفرق بين البتر والإقتصار عل محل الشاهد ، هداك الله للصواب.
                          وكل ما جاء بعده من خلط إنما هو بسبببه هذا الحيف وعدم الإنصاف مع إخوانك ، بل قل أغلب ما في ردك تجاوزته بسب هذا الأمر ، وجل النقولات في غير محلها وبتحليلك أنت وتعليقك في حين تطالب غيرك بترك الأمر للعلماء .

                          وقولي : من الإنصاف لا يجب أن يقودنا الخلاف أن يحصر الدين كله في طاعة ولي الأمر وفقط ..
                          إنما هو فيما يتعلق بمسائل الشرع خصوصا ، أي ليس كما يظن بعضهم أن مادام الأمر بقرار ولي الأمر فهو مطاع في ذلك يريدون طاعة مطلقة أو كأن الطاعة ليست بالمعروف أي في طاعة الله ، لكنك من فرط تسرعك وتحاملك غير المفهوم في حق إخوانك رحت تقول : فهل من الإنصاف التهوين من أصول أهل السنة، والتكلم بنفس أهل الباطل، وقد تقدم ما عليه السلف في هذا الباب، واعلم أن طاعة ولي الأمر في المعروف مما عرف به أهل السنة وخالف فيه كل أهل الباطل فكلهم يجتمعون على السيف.... ، وقد ذكرني كلامك هذا بأحدهم أراد الجدال في الموضوع حتى خلص النقاش معه أن العلماء ليسوا في مرتبة ولاة الأمر وأن هذا القول إنما هو تأصيل باطل .هكذايقول.
                          قال الشيخ الألباني رحمه الله في شرحه وتعليقه على الطحاوية:
                          73 - ونتبع السنة والجماعة ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة (3)
                          _________
                          (3) قلت: يعني الشذوذ عن السنة ومخالفة الجماعة الذين هم السلف كما علمت. وليس من الشذوذ في شيء أن يختار المسلم قولا من أقوال الخلاف لدليل بدا له ولو كان الجمهور على خلافه خلافا لمن وهم فإنه ليس في الكتاب ولا في السنة دليل على أن كل ما عليه الجمهور أصح مما عليه مخالفوهم عند فقدان الدليل نعم إذا اتفق المسلمون على شيء دون خلاف يعرف بينهم فمن الواجب اتباعه لقوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) [النساء: 115] وأما عند الاختلاف فالواجب الرجوع إلى الكتاب والسنة فمن تبين له الحق اتبعه ومن لا استفتى قلبه سواء وافق الجمهور أو خالفهم وما أعتقد أن أحدا يستطيع أن يكون جمهوريا في كل ما لم يتبين له الحق بل إنه تارة هكذا وتارة هكذا حسب اطمئنان نفسه وانشراح صدره وصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذ قال: " استفت قلبك وإن أفتاك المفتون " .
                          وأهم ما في الأمر كله أن الحديث عن التباعد وصلاة التباعد الذي حملته على أنه إنتقاد علني ونصيحة علنية لولي الأمر وأمور أخرى لا تستطيع ولو بقليل من الإنصاف أن تحمله على أنه سؤال عن حكم شرعي يهمنا ، وكأن الشرع أو ولي الأمر يمنعان السؤال عن أحكام الدين إذا تعلق الأمر بشيئ لولي الأمر فيه علاقة .
                          ولا تهمنا الإجراءات ونوعها إذا ولي الأمر أجراها بقدر ما يهمنا حكم شرع فيها ، وحتى ولو فتح ولي الأمروفقه الله كل شيئ وأباحه واستثنى المساجد فليست طريقة السلفيين _والحمد لله _ في إصلاح الأمور ونصح ولاة الأمور بخافية على من عرفهم ، إلا من توهم ما توهم .

                          ومن أغرب ما قرأته في سطورك قولك : أولا: قولك: الذي أراه. لا ينبغي لمثلك أن يقول: أرى وعندي لأن هذا للعلماء أهل البصيرة في الدين،...
                          فهل يكون في نظرك أن الأخ لا يستطيع أن يقول لأخيه مثلا : أرى في علاقتك معي و في كلامك معي وفي تصرفك هذا مثلا كذا وكذا ، هذا والله من أعجب العجاب ، " وأرى ويظهر لي " أن هذا التحامل فقط لمجرد أنني رددت عليك طلبا للنصح والفائدة لعلي أجد عندك زيادة فهم ، لكن للأسف كأنك لست ممن يُرد عليه ....
                          نعم لا ينبغي لمثلي أن يقول أرى وعندي في مسائل الشرع والخلاف والنوازل ،وهذا والحمد لله لم ولن أقوله ، وإنما هو مما حملك على فهمه قلة إنصافك وتسرعك ومجازفتك .
                          ومن تناقضاتك العجيبة تعليقك على قولي :
                          لا يجب الحط من عوام أهل السنة بهذه الطريقة
                          فقلتَ : والذي عليه أهل السنة على خلاف ما تراه، فهذا واقع الناس وما هم عليه، فلجهلهم وبعدهم عن العلم والتحقيق، يروج عليهم الباطل وتروج عليهم البدع. ولذا كثر تحذير السلف من مجالسة أهل البدع والاستماع إلى كلامهم...
                          وقولي : يظهر من خلال قولك الرعية عموم أهل البلد غير عوام السلفين ، و هؤلاء في الحقيقة لاينتظرون كلاما وتأصيلا و خطأ من شيخ سلفي أو ناصح من أهل السنة حتى يجعلوه سببا في مخالفة ولي الأمر
                          فقلت َ : والواقع أكبر شاهد، نحن اليوم نكلم العوام فيسألون عن فتاوى الشيخ فركوس والشيخ عبد المجيد والشيخ لزهر حفظ الله الجميع، ومنهم من يدافع عن المشايخ ويطعن في نحور أهل الباطل من الذين يتنقصون علماء السنة.
                          مع أنني كنت في الأول أقصد الدفاع عن كل من انتسب والتزم المنهج السلفي وحملك على الإنصاف معهم ،
                          وفي الثاني أقصد أن الرعية الذين ذكرتهم عموم أهل البلد غير عوام السلفين الذين يثورون عادة على الحاكم ويخرجون في المظاهرات ، وفيهم حقا الكثير من العقلاء ثبتهم الله ، وهو لا يختلف عن قولك في أول موضوعك ( تنبيه العامة) : خاصة في هذا الزمن الذي ترى فيه جل الناس أسبوعيا يخرجون على ولاة أمرهم. والله المستعان.
                          فلما أردت التشنيع على محب العلم قلت جل الناس يخرجون أسبوعيا على ولاة أمرهم ...
                          ولما أردت التشنيع علي أنا ومخالفتي قلت نحن اليوم نكلم العوام فيسألون عن فتاوى الشيخ فركوس ...
                          فوقعت في شر أعمالك
                          سبحان الله العظيم ، إنما يدل هذا التناقض على قلة إنصافك ، وتعمدك مخالفة غيرك وكيل التهم لهم جزافا .

                          وهذا يؤكده قولك كذلك : فيه كما يقال دغدغة ولعب بمشاعر الجهال وعوام أهل السنة ، يعني أنك تفرق بين عموم الرعية والجهال الذين يجهلون منهج السلف وبين عموم السلفيين
                          فكيف تقول في عموم الناس و الرعية وترفع شأنهم : نحن اليوم نكلم العوام فيسألون عن فتاوى الشيخ فركوس والشيخ عبد المجيد والشيخ لزهر حفظ الله الجميع، ومنهم من يدافع عن المشايخ ويطعن في نحور أهل الباطل
                          وتقول في عوام السلفيين وتحط من شأنهم : الذي عليه أهل السنة على خلاف ما تراه، فهذا واقع الناس وما هم عليه، فلجهلهم وبعدهم عن العلم والتحقيق، يروج عليهم الباطل وتروج عليهم البدع. ولذا كثر تحذير السلف من مجالسة أهل البدع والاستماع إلى كلامهم...
                          هذا والله عجيب جدا ، فاتق الله فيما تكتب وكن منصفا عاقلا عارفا قدر نفسه ، و لا يكن همك الرد من أجل الرد والكتابة من أجل الكتابة .

                          تنبيه واستدراك :
                          أستدرك وأصحح في ردي الأول قولي : فهل يصح _على هذا المنوال_ يا أخي أن نقول كمثال أن الدعاء لولي الأمر بالبطانة الصالحة فيه نسبة البطانة السيئة حوله وفساد محيطه ؟ وهذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة، إلا كانت له بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، فالمعصوم من عصم الله تعالى ". [رواه البخاري] ، ومنه فإنه لكل أحد بطانتان ، فلم أوفق في اختيار الكلمات المناسبة فط ، و كنت أقصد : هل يصح أن نقول كمثال أن الدعاء لولي الأمر بالبطانة الصالحة أن يكون سيقة للبطانة الفاسدة يأتمر بأوامرها ويتحرك بها . فأستغفر الله على ذلك .
                          والله أعلم
                          هذا باختصار شديد وهو آخر عهدي بموضوعك أخي مكي وفقك الله للإنصاف .
                          « اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه »
                          "اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرفُ عنا سيئها إلا أنت"
                          والحمد لله رب العالمين
                          التعديل الأخير تم بواسطة خالد أبو علي; الساعة 2021-04-09, 08:14 PM.

                          تعليق


                          • #14
                            لقد أحسنت الخاتمة أخي خالد بهذا الدعاء العظيم، وما أفاده أخوك مكي لم يخرج فيه عن الإنصاف فيما بدا لي والله أعلم، بل لقد أحسن في الرد وأجاد.

                            تعليق


                            • #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة أزهر سنيقرة مشاهدة المشاركة
                              لقد أحسنت الخاتمة أخي خالد بهذا الدعاء العظيم، وما أفاده أخوك مكي لم يخرج فيه عن الإنصاف فيما بدا لي والله أعلم، بل لقد أحسن في الرد وأجاد.
                              أحسن الله إليك شيخنا الكريم ، وأعتذر إن كان في الرد إشغال لكم عن الأنفع ، ومنكم نستفيد إن شاء الله .
                              أسأل الله أن يؤلف بين قلوبنا وأن يحمعنا على اتباع الحق لا على غيره .

                              تعليق

                              الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
                              يعمل...
                              X