إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

« من الناس قوم..!» للشيخ العلامة المفسر المصلح عبد الحميد بن باديس -رحمه الله=

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • « من الناس قوم..!» للشيخ العلامة المفسر المصلح عبد الحميد بن باديس -رحمه الله=

    بسم الله الرحمن الرحيم

    «من الناس قوم..!»



    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
    نكمل على ما كنا قد بدأنا به في مقال سابق من نقل لكلام علماء بلدنا الحبيب، الذين جاهدوا بالقلم أيما جهاد، واليوم مع سلسلة للشيخ العلامة المفسر المصلح عبد الحميد بن باديس الصنهاجي -رحمه الله- بعنوان: «من الناس قوم..!» بيَّن فيها رحمه الله أصناف بعض الناس الذين كانوا يشغبون على الدعوة إلى التوحيد وإلى الدين الخالص، ومن هذه الكلمات نعرف حقا أن سبب هوان المسلمين هم أهل البدع والأهواء، ونعرف أن أوصافهم نفسها لم تتغير، ولعل هذه الكلمات هي من باب قول الشاعر:
    عرفت الشـر لا للشر ولــــــــكن لتـــوقيه :::: ومن لم يعرف الشر من الخير يقع فيه


    قال الشيخ عبد الحميد بن باديس -رحمه الله- في جريدة المنتقد:

    1 - من الناس قوم..! مسلمون! ويعدون أنفسهم علماء ثم هم يرون البدع المنتشرة والحرمات الشرعية المنتهكة، ويرون ويسمعون على متون الصحف مجادلات في مسائل دينية، وعلمية، غير خاف شأن الحق من المبطل فيها، بل ربما سئلوا عن أشياء يرتكبونها مخالفة لما تعرفه العامة وطولبوا بالبيان، أمام هذا كله يقفون جامدين ساكتين حتى كأنهم لا شعور لهم، أو لا حتما عندهم، وحجتهم في هذا الموقف البارد الجامد عند أتباعهم وأذنابهم، إذا كان الكلام ليس معهم تصغير شأن المسائل والمتكلمين عليها، وإذا كان الكلام معهم إنهم أرفع من أن يكتبوا في الصحف!
    هذا حالهم! حتى إذا قيلت كلمة من الاعتراض الحق في نحلة ينتحلونها أو رجل يعتقدونه قاموا لذلك وقعدوا، وزمجروا وأنكروا وتنازلوا للصحف، وكتبوا وحرروا، ولكن ماذا كتبوا ؟ لم وماذا حرروا؟ إنها نحلتهم أعز عندهم من دينهم؟! أم رَجُلُهم أجل عندهم من نبيهم؟! سينكرون هذا بأقوالهم ولكنهم دلوا على كمونة في قلوبهم بما ذكرنا من أعمالهم والدليل الصادق على العقايد هو الأعمال لا مجرد الأقوال.

    2 - من الناس قوم..! أُشرِبُوا التَّمَلُّق حتى جرى في دمهم وعروقهم فهم يأتونه بأفعالهم وأقوالهم في جميع أحوالهم، إذا حيوا وإذا مشوا وإذا خطبوا، وإذا كتبوا لأدنى مناسبة، ولغير مناسبة، فلينتبهوا من حالهم وليعلموا أنهم يزعون الضعف والجبن والذل في غيرهم.

    3 - من الناس قوم..! لا يقرؤون أو يقرؤون ولا يفهمون أو يفهمون ولا يتأملون ثمَّ يسارعون فيغضبون ويصخبون، ويتأثر بهم غيرهم من ضعاف الشخصية تقليدا لهم فتضيع الحقائق بين هذه الضوضاء ويضرب بينهم وبينها بحجاب كثيف.
    يا هؤلاء السادة إذا أردتم الحق والإنصاف فافهموا ثم إذا شئتم فانقموا فإنكم ربما لو فهمتم لما نقمتم.


    4 - من الناس قوم ..! كأنما هم يمتُّون إلى الشيطان بنسب، أو يتصلون به بسبب، يكرهون الوئام والسلام، ويحبون الفرقة والخصام، فإذا هبت ريح خلاف، ومن أمثالهم هبت صيروها إعصارا، وإذا اتقد قبس فتنة ومثلهم أوقد صيروه نارا، خلقوا للفتنة ولها يعملون، ونبغوا في الشر وإياه يريدون. أما من عرفهم من الفطناء وما أقلهم، فهو من كيدهم على خطر مبين، وأما من لم يعرفهم من الجهلاء «وما أكثرهم»، فهو بختلهم([1]) من الهالكين.
    وها هي علامتهم لمن أراد أن يعرفهم فيحذرهم:
    - فينتابون المجالس من غير حاجة.
    - ويفتتحون الكلام في الناس من غير سؤال.
    - ويطنبون في غير مطنب.
    - ويعظمون الصغير من الأقوال والأفعال.
    - ثم إذا مدحوا أطروا وأسرفوا.

    - وإذا ذموا أقذعوا([2])وربما قذفوا.
    وإن شئت علامتهم بكلمات؟ فقيل وقال، وكثرة السؤال.
    وبكلمتين الإقلاق([3]) والنفاق.

    5 - من الناس قوم ..! هم خفافيش البشر، لا تبصر الخفافيش في ضوء الشمس والقمر، ولا تبصر إلا في الظلام، ولا تطلب قوتها إلا فيه، وكذلك هم لا يبصرون شيئا بنور الحق والعلم ولا يفتحون مداركهم إلا في ظلام الجهل ولا يعيشون إلا على جهل الجاهلين.
    إلا أن الخفافيش بفطرتها السليمة لا تحاول محو الشمس والقمر، وهم بفطرتهم المعكوسة السقيمة يريدون إطفاء نور العلم لكن العلم نور الله ولابد أن يَتِمَّ ولو كره المبطلون.

    6- من الناس قوم..! من الكتاب الغربيين يكتبون عن الريفيين وهم عرب مسلمون، فيتحمسون ويتحمسون ويقذفون بكلمات العرب والمسلمين بدون ميز ولا تخصيص، وينسون أن الجند الذي يموت تحت رايتهم أكثره عرب مسلمون.
    أفما لهؤلاء الكتاب عقول تلطف من حماستهم حتى لا يجرحوا عواطف جنودهم وأقوام جنودهم بجزاف الكلام؟

    7- من الناس قوم..! يهمسون في مجالسهم الخاصة بانتقاد بعض ما يعثرون عليه من الآراء الحرة المنثورة في صفحات الجرائد.
    ونحن نشكر همتهم على اعتنائهم بصحف بلادهم، ونعتقد طهارة ضمائرهم وحسن نيتهم فيما ينتقدون، ولكن طهارة الضمير وحدها لا تغني في الانتقاد شيئا.
    أي صادٍّ لهم عن الصراحة والجهر بما يدور بخلدهم ولدينا من الصحف ما يقبل كل انتقاد ولِيَنشر كل فكر.
    إننا لا نجيب أحدا عما ينكره علينا من نَشرِيَّاتنا ما دام لم يقف خطيبا على منبر الصحافة عارضا رأيه على الفكر العام كما عرض ذلك من قبله من أنكر عليه.
    وهنالك يجمع من الكلام على قدر عفة قلمه ما يحكِّم به سلطان الحق.

    8 - من الناس قوم..! يعرفون الحق ولا يكونون مع أهله استيحاشا من قلتهم، ويعرفون الباطل وينضمون إلى أهله استئناسا بكثرتهم فبئسما اختاروا لأنفسهم من أنس هو وحشة القلوب إن كانت لهم قلوب، ومن كثرة هي عين القِلَّة عند علام الغيوب، فما لهم لا يفرقون؟ أهم لا يعقلون؟

    9 - من الناس قوم ..! يحسبون أنهم على هدى من ربهم وأنهم هم المفلحون ويلمزون كُتَّاب «المنتقد» الداعين إلى صريح الدين المعلنين غير ما مرة بأن من ظهرت له معارضتهم فلينشرها على صفحات الجرائد.
    غير أن أولئك المفلحين.. ما زالو يرجفون في المدينة ولا ندري أبلغوا عدد تسعة؟
    ويؤولون الكلام حسب أهوائهم ويعارضون أمام من لا يفرق بين الحقيقة والوهم.
    إن كان بكم عيب يا كتاب «المنتقد» فهو صراحتكم وشجاعتكم -على قلتكم- كتابة وتحديا، وإن كان لكم فضل يا مفلحون.. فهو الإفراط في الجبن تعلمون أن العامة معكم ثم لا تعارضون من تنقمون منهم بالكتابة على الجرائد، إن في هذا الجبن سر يدركه اللبيب.

    10 - من الناس قوم ..! ابيَضَّت رؤوسهم في جمع المال فكانوا من الأغنياء، ونفخ الشيطان في رؤوسهم فحسبوا أنهم بذلك صاروا من الأثرياء، فهم يعترفون عن كل فقير، ولو كان كريم الأخلاق والأعراف، ويزدرون كل صغير ولو كان من العلماء الحذاق، فالمجالس العالية عندهم هي مجالس الشيب والمال، ولو لم يكن فيها ذو فكر وما سواها فهي سافلة عندهم يترفع عنها أمثالهم من ذوي الجاه والقدر.
    فمن لنا أن يعلم هؤلاء أن الناس يُقَدَّرُون بعلومهم وأعمالهم لا بأسنانهم وأموالهم، وأن ميزان الرجال الفضلاء بالأدب لا بالذهب.

    11 - من الناس قوم..!

    مشائم ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعب إلا ببين غرابها.!؟ ([4])



    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ([1])أي بخداعهم.
    ([2]) أي رموهم بالفحش والذم.
    ([3]) أي الإزعاج.
    ([4]) هذا البيت قاله أبو المهدي كناية عن تشتت الشمل وتفرق هؤلاء المشائيم.

    التعديل الأخير تم بواسطة وسيم قاسيمي; الساعة 2021-02-20, 09:15 PM.
    اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
    وسيم بن أحمد قاسيمي -غفر الله له-

  • #2
    بارك الله فيك أخي أخي وسيم كلمة مناسبة جدا ، وانتقاء في وقته ، الله أسأل أن يوفقك آمين .

    تعليق


    • #3
      حفظك الله أخي وبارك فيك.
      اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
      وسيم بن أحمد قاسيمي -غفر الله له-

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك أخي الحبيب

        تعليق


        • وسيم قاسيمي
          وسيم قاسيمي تم التعليق
          تعديل التعليق
          وفيك بارك الله أخي الحبيب
      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
      يعمل...
      X